لخّصلي

مقدمة تعبر الدولة عن فكرة السلطة الفعلية والمحمية والمنظمة، وذلك منذ عهد المدنية اليونانية والإمبراطورية الرومانية، والتي استعملت بمعناها الحديث بداية من القرن 16، ارتباطا بمعاهدة وستفاليا، وتعبر الدولة أيضا عن شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي الذي يكفل لرعاياها الحماية من الأخطار الخارجية والداخلية، وتحقيقا لهذا الغرض فهي تملك القوة المسلحة والكثير من وسائل الإكراء والقمع، وتركز أدبيات علم الاجتماع السياسي كثيرا على ثنائية الدولة والقوة المادية للإكراء. فيعبر عالم الاجتماع "اهرنج على ذلك يكون انعدام القوة المادية هو الخطيئة الكبرى التي لا غفران لها ولا صفح بشأنها من جانب الجماعة الإنسانية التي لا تقر هذا النقص. لذلك يعتبر وجود الدولة دون الإكراه شيئا متناقضا تماما، فالدولة تعبر عن الحكم الأعلى في الصراع الدائم بين جميع القوى الاجتماعية، ولا تخضع لأي سلطة أخرى سواء من الواجهة المادية أو 12 الدينية، كالتنظيمات النقابية أو الطوائف الدينية أو الجماعات المهنية والسياسية، فالدولة شركة اجتماعية يقبل بها رعاياها بشكل عام حرصا على تسوية منازعاتهم. في هذه الورقة ستحاول مناقشة إشكالية الدولة المغاربية في المنوال السياسي عربيا سوسيولوجيا. وشمال إفريقيا جغرافيا، وذلك من خلال سير أفكار الارتباط والتقاطع والتباعد في المضامين السوسيوثقافية والسوسيوسياسية لفكرة الدولة، فيطرح التساؤل التالي: ما هي امتدادات الدولة المغاربية الثقافية والسوسيولوجية والسياسية؟

1. الدولة المغاربية في المنوال السياسي العربي يشغل موضوع الدولة القطرية في المغرب العربي أهمية بالغة، لأنه يرتبط بمجموع الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين والسياسيين، فدولة الاستقلال لا تزال محل تساؤلات جوهرية حول قضايا المؤسسات والأنساق والنخب وطبيعة الأجهزة وقضايا الشرعية، ويتضح أن مسار بناء الدولة قد اختلف بين منشئها في العالم الإسلامي والغربي، فالتراث الإسلامي المتعلق بالدولة استخدم فكرة الاستيراد والتوفيق بين المتناقضات لكل الناذج البيزنطية والفارسية والساسانية، لكن المكشوف في العجز البنيوي للبناء الدولاتي السليم في العالم العربي هو جملة من الظروف الداخلية والخارجية. ويمثل فيها الإصلاح المفروض من الخارج وجه الملامح الأساسية لذلك، فهل استيراد نموذج للإصلاحوالبناء الخاص بالدولة هو مسار سليم أم أنه ساهم بشكل جاد في توسيع الهوة بين المعاصرة والحداثة مقابل النكوص الذي تشهده الدولة العربية . تعتبر مجتمعات المغرب العربي نموذجا مثاليا كمختبر المقاربة مشروع الحداثة لدى الدولة العربية حديثة الاستقلال التي تبنت مشروع الحداثة، مقابل رهان جاد له ممثلا في ممانعة بالنة أو مبطنة هي القبلية والعروضية والبنى التقليدية للأنساق الاجتماعية، فالدولة في بلاد المغرب كانت مغرقة في كما لم يتجاوز المواطن في العالم العربي منطق الرعية ولم تكتمل صفة المواطنة الديه، لأن المواطنة هي سلسلة من العلاقات التعاقدية بين الفرد والدولة، السياق التاريخي لنشأة الدولة في الفضاء المغاربي يطرح " محمد نجيب" فرضيات لتشريح بنية المجتمعات العربية عموما والمغاربية بشكل خاص عبر فرضية القطيعة والتواصل التي تحكم المتناقضات والجدليات والثنائيات بشكل ملفت على كل المستويات، أما مغاربيا فقد أحدث عهد الاستعمار ثم الدولة الوطنية كرا سوسيولوجيا للبنية القبلية والبناء الاجتماعي التقليدي، وانتشار قيم المواطنة وسيادة العلاقات المدنية وتحول الوعي من خلال التعليم. رغم الخصوصيات التاريخية التي تحملها الأقاليم المختلفة في العالم العربي كالجزيرة العربية ووادي النيل والمشرق العربي، لكنها مجتمعة داخل نسق تاريخي واجتماعي وحضاري متجانس تقريبا، لكون الاختلافات الفرعية المجتمعية أثرت على نشأة الدولة سواء دولة ما قبل الاختراق الاستعماري أو الدولة القطرية الحديثة المتطورة مع الاستقلال. فجيء الأتراك أزال الدولة القبلية لصالح الدولة المخزنية التي فيها جيش نظامي وبيروقراطية الإدارة الشأن العام، ومثل مشروع الدولة القطرية بعد الاستقلال حجم التباين والتفاوت في المسار المؤسسي لدول المغرب العربي، أي من الدولة القائمة على العصبية القبلية إلى دولة تمارس سلطتها وفق التعريف القانوني اعتمادا على جيش وبيروقراطية منفصلين تماما عن المجتمع، ولا يتأتى الحديث عن الدولة في المغرب العربي إلا وفق ثلاث مستويات أصيلة الارتباط بهذا البناء السوسيوتاريخي والمتمثلة في: ويقدم علم اجتماع التاريخ مقاربات تحاول الإجابة على مدى ثقل التقاليد السياسية للمغرب القديم على الهياكل السياسية المعاصرة من حيث مجال النفوذ والقوة والضعف بالنسبة للحكم المركزي، كما إن دراسات مدخل الانتقال إلى الحكم الديمقراطي تقدم صورة عن شكل الدولة العربية كوعاء حضاري جامع والدولة المغاربية كنموذج إقليمي للدراسة، ثانيا: من الاستقلال حتى استقرار أنظمة الاستبداد العربية من دون انقلابات عسكرية وبداية السبعينات التي شهدت أزمة الدولة العربية، وعطفا على مأزق الدولة العربية والمغاربية تطرحالباحثة أشواق عباش العلاقة بين الشرعية التي تعني سيادة القبول العام في محيط المحكومين بأهلية الحاكم، ومدى علاقة ذلك باستيراد النموذج الجاهز للدولة بكل تفاصيله السياسية والاقتصاديوالاجتماعية، لأن الشرعية على المستوى الخارجي تحكم بصفة منتظمة علاقات النظام السياسي، فيها فضلت دول أخرى التخلي عن الشرعية القومية لصالح شرعيات أخرى جامعة لها وهي الفكرة الدينية التي تنسجم مع المشاريع الغربية، قدور العامل الاستعماري مهم في فهم الخصوصية التاريخية للمغرب العربي عن المشرق العربي بما يفسره من طبيعة المشروع التوسعي القائم على التفكيك وإعادة البناء، وهو ما يتطلب حسب " الهرماسي تقديم اطار نظري يحدد بشكل جدي العلاقة بين الدولة والقبائل وبدأت بالفعل مسألة الانقسام وظهور الدولة في المغرب العربي حسب " كليفورد غير تر" Clifford geerts" في كون تشكل المغرب الأقصى مثلا كأمة واعتماد الإسلام كدين قومي في القرن الـ 11 شكل ظاهرة جديدة بالنسبة للقبلية، لذا فإن التفسير الخلدوني لبناء الدولة في المغرب مرتهن بالعصبية التي تدلل لديه على النزعة إلى الالتحام والانقسام فيبدو التصور ببناء مركز سياسي امراً مستحيلا على أرضية منقسمة اجتماعيا ومتغايرة ثقافيا لكنه وبشكل يثير التساؤل، لكن عمل ابن خلدون حول بناء الدولة في المغرب يستعمل بشكل مكثف مصطلح العصبية للتعبير عن صعوبة بناء مركز سياسي في مجتمع انقسامي، فيؤدي حسبه الالتحام في المساعدة على بناء الدولة، في المقابل تؤدي الانقسامية إلى عرقلة البناء أو إلى زوال الدولة القائمة، فالدين لدى ابن خلدون هو عامل إضافي في تركيز الملك واستقراره كعامل توحيد القبائل في إطار شامل هو الأمة، كما يقدم ابن خلدون إسهاما آخر في العلاقة المرتبطة بنشوء الدولة في المغرب، ويقدم ملاحظات متعلقة يكون بنية الدولة التيتقسم بعدم الاستقرار مرتبطة بالتحولات على مستويات النخب ليس بالشكل الذي وصفه "ماركس" ولا "باريتو " ولكن على طبقة قاعدة القبائل، فاجتهد العقل المغاربي في الإجابة على إشكالية جماعية تتلخص في أربعة مسائل : مسألة الذات مسألة التاريخ، ودائما داخل تحقيب تاريخي يمكن الانطلاق في تعريف مأسسة الدولة العربية بربطها مع الارتباك الذي عاشته السلطة بدءا بنشوء إمارة الأناضول عام 1073م. ثم نشوء السلالة العثمانية سنة 1299م من قبل عثمان ابن ارطغرل، لكن الدولة العربية أو بناء الدولة في العالم العربي قد مر بعديد المراحل التاريخية التوحيدة والتقسيمية وسنستند في هذا التقسيم إلى طرح فالح عبد الجبار بالشكل ويبرر وصفها بالزراعية إطلاقا من كونها وليدة بيئات ما قبل قومية متشظية التنظيم الاجتماعي وتعتمد على تنظيمات تحت دولية من شاكلة القبيلة والأسرة الممتدة وعصبيات المدن، يطرح الباحث "جمال زهران أزمة الدولة في العالم العربي يطرح أسئلة تتعلق باستعصاء التغيير والتحول الديمقراطي، لاشك في أن المؤسسات وسيادة القانون هي السبات المادية لإطلاق صفة الدولة على كل كيان اجتماعي، فبقدر ما حاول العالم العربي بناء نموذج للدولة الحديثة بعد حقبة الاستعمار الدافع واحد هو تلبية حاجيات الشعوب المختلفة في التطور والتحديث، لذلك تطرح قضية الإصلاح دائما مسألة ذات جدوى ويطرح التساؤل الدائم حينما تكون بصدد تحليل التأزم في البناء العربي إلى هامش الإصلاح لصالح النظام السياسي أوالدولة لذلك تحلل أشواق عباس ذلك في طرحها فكرة أن الأزمة البنيوية للدولة العربية مرتبطة يمكونين أساسيين هما الضعف الذاتي المترتب على عدم تكامل الدولة واندماجها ضمن ذاتها أولا وبعدها في محيطها الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى كون الإصلاح ارتبط بشكل مباشر بتأثيرات سقوط دولة سلطانية كبرى هي الخلافة العثمانية، والتي تأتي تشريحا تاريخيا لدراسة مسار بناء الدولة العربية وتساؤلاتحول أي المقاربات اعتمدت في ذلك، وهل كانت عملية البناء من الأسفل من خلال الاعتماد على المقاربة الاقتصادية والثقافية قياسا بتجارب أوروبا الغربية وأمريكا، المؤسسة الدولة العربية كان خارج الخصوصيات واعتمد على ظواهر مرضية في المجتمع، التتداخل الأزمات البنيوية الجوهرية في البناءات العربية تبعا لنماذج الدول العربية المنجزة وأوجهها ( الدولة التسلطية، دولة ما بعد الاستعمار، من خلال ضعف البناء المؤسساتي وهشاشة الدولة الصالح النظام السياسي وضعف الرابطة الاجتماعية بين الدولة والمجتمع، فالوعي الجمعي العربي بحسب عبد الإله بلقزيز لم يشيد بفكرة الرسوخ لفكرة الدولة، ويتم تعويض ضمور فكرة الدولة في المخيال الجمعي العربي بتضخم فكرة السلطة، وهو ما يعطي صورة اختزالية للدولة الحديثة في الوعي العربي بشكل يبتعد عن ضغوط عامل الزمن في الضغط على التكون التاجز للدولة ورسوخها في المجتمع والوعي، بل يطرحافتراضا صريحا يقول أن الدولة التي تقام في نطاق مجتمعي سكاني، وشهد في الوقت ذاتها تمازجا بين نظم سياسية شرعية من دون شرعية الدولة التي افتقدت للسيادة مثلا على جزء من أراضيها، ويقفز الباحث نفسه على الطروحات النظرية عبر الاستدلال بثنائية الجذب والنبد" من خلال الاستناد إلى قاعدة مناقضة تفترض أن قاعدة شرعية أي نظام سياسي هي شرعية الدولة التي تقوم في الفكر السياسي على أساسين متلازمين هما تمثيل الأمة وسلطة الشعب، ويربطها الماركسيون بطبقية الدولة العربية فيما يفسرها الإسلاميون بغياب المقدس الدولة هي وريثته الشرعي. بشكل يهدف إلى تغيير موقف العرب من الغرب لتحل الثورة النقطية وتراكم الفوائض المالية محل الثورة القومية بشكل أدى إلى سحب أهم مصادر شرعية الأنظمة السياسية المتمثل في الصراع العربي الإسرائيلي لذلك اتجهت الى البحث عن شرعيات جديدة ممثلة في الفكرة الدينية التي خدمت بشكل مباشر قيام إسرائيل على طروحات دينية، نتيجة لنكوص عامل الشرعية وتشوهاته نتيجة لعدم الحسم في قضية الإصلاح ومساراتها، لذلك يتحول الصراع في العالم العربي إلى صراع ديني ديني بين الدولة اليهودية والإسلام السياسي، فتأكل شرعية الدولة العربية كذلك يرتبط بقراءات أخرى خارج السياق السياسي إلى السياق المجتمعي، فشخص عبد الله العروي إشكالية الدولة في الوطن العربي على كونها إشكالية إيديولوجية تتعلق بالطوباويات التقليدية ممثلة في الخلافة، فإنها تنزاح إلى معجم سياسي جديد يعرفها بالدولة الهشة أو الدولة ذات الأداء الضعيف أو الدولة المعرضة للانهيار. 3. الدولة الأمة في الفضاء المغاربي ليس من قبيل الناشر عند الحديث عن بناء الدولة في العالم العربي أو الفضاء المغاربي الحديث عن بناءات الدولة الأمة بتعريفيا السوسيوسياسي، لكن ألت كلها إلى انقلابات عسكرية والى تركز للاستبداد أو إلى حروب أهلية مثل حالة لبنان.

مقدمة

تعبر الدولة عن فكرة السلطة الفعلية والمحمية والمنظمة، وذلك منذ عهد المدنية اليونانية والإمبراطورية الرومانية، والتي استعملت بمعناها الحديث بداية من القرن 16، ارتباطا بمعاهدة وستفاليا، وتعبر الدولة أيضا عن شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي الذي يكفل لرعاياها الحماية من الأخطار الخارجية والداخلية، وتحقيقا لهذا الغرض فهي تملك القوة المسلحة والكثير من وسائل الإكراء والقمع، وتركز أدبيات علم الاجتماع السياسي كثيرا على ثنائية الدولة والقوة المادية للإكراء. فيعبر عالم الاجتماع "اهرنج على ذلك يكون انعدام القوة المادية هو الخطيئة الكبرى التي لا غفران لها ولا صفح بشأنها من جانب الجماعة الإنسانية التي لا تقر هذا النقص.

لذلك يعتبر وجود الدولة دون الإكراه شيئا متناقضا تماما، فالدولة تعبر عن الحكم الأعلى في الصراع الدائم بين جميع القوى الاجتماعية، ولا تخضع لأي سلطة أخرى سواء من الواجهة المادية أو

12

الدينية، كالتنظيمات النقابية أو الطوائف الدينية أو الجماعات المهنية والسياسية، فالدولة شركة اجتماعية يقبل بها رعاياها بشكل عام حرصا على تسوية منازعاتهم.

في هذه الورقة ستحاول مناقشة إشكالية الدولة المغاربية في المنوال السياسي عربيا سوسيولوجيا. وشمال إفريقيا جغرافيا، وذلك من خلال سير أفكار الارتباط والتقاطع والتباعد في المضامين السوسيوثقافية والسوسيوسياسية لفكرة الدولة، فيطرح التساؤل التالي:

ما هي امتدادات الدولة المغاربية الثقافية والسوسيولوجية والسياسية؟

1. الدولة المغاربية في المنوال السياسي العربي

يشغل موضوع الدولة القطرية في المغرب العربي أهمية بالغة، لأنه يرتبط بمجموع الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين والسياسيين، فدولة الاستقلال لا تزال محل تساؤلات جوهرية حول قضايا المؤسسات والأنساق والنخب وطبيعة الأجهزة وقضايا الشرعية، ويتضح أن مسار بناء الدولة قد اختلف بين منشئها في العالم الإسلامي والغربي، فالتراث الإسلامي المتعلق بالدولة استخدم فكرة الاستيراد والتوفيق بين المتناقضات لكل الناذج البيزنطية والفارسية والساسانية، لكن المكشوف في العجز البنيوي للبناء الدولاتي السليم في العالم العربي هو جملة من الظروف الداخلية والخارجية. ويمثل فيها الإصلاح المفروض من الخارج وجه الملامح الأساسية لذلك، فهل استيراد نموذج للإصلاحوالبناء الخاص بالدولة هو مسار سليم أم أنه ساهم بشكل جاد في توسيع الهوة بين المعاصرة والحداثة مقابل النكوص الذي تشهده الدولة العربية .

تعتبر مجتمعات المغرب العربي نموذجا مثاليا كمختبر المقاربة مشروع الحداثة لدى الدولة العربية حديثة الاستقلال التي تبنت مشروع الحداثة، مقابل رهان جاد له ممثلا في ممانعة بالنة أو مبطنة هي القبلية والعروضية والبنى التقليدية للأنساق الاجتماعية، فالدولة في بلاد المغرب كانت مغرقة في كما لم يتجاوز المواطن في العالم العربي منطق الرعية ولم تكتمل صفة المواطنة الديه، لأن المواطنة هي سلسلة من العلاقات التعاقدية بين الفرد والدولة، السياق التاريخي لنشأة الدولة في الفضاء المغاربي يطرح " محمد نجيب" فرضيات لتشريح بنية المجتمعات العربية عموما والمغاربية بشكل خاص عبر فرضية القطيعة والتواصل التي تحكم المتناقضات والجدليات والثنائيات بشكل ملفت على كل المستويات، أما مغاربيا فقد أحدث عهد الاستعمار ثم الدولة الوطنية كرا سوسيولوجيا للبنية القبلية والبناء الاجتماعي التقليدي، وانتشار قيم المواطنة وسيادة العلاقات المدنية وتحول الوعي من خلال التعليم. رغم الخصوصيات التاريخية التي تحملها الأقاليم المختلفة في العالم العربي كالجزيرة العربية ووادي النيل والمشرق العربي، لكنها مجتمعة داخل نسق تاريخي واجتماعي وحضاري متجانس تقريبا، لكون الاختلافات الفرعية المجتمعية أثرت على نشأة الدولة سواء دولة ما قبل الاختراق الاستعماري أو الدولة القطرية الحديثة المتطورة مع الاستقلال. فجيء الأتراك أزال الدولة القبلية لصالح الدولة المخزنية التي فيها جيش نظامي وبيروقراطية الإدارة الشأن العام، ومثل مشروع الدولة القطرية بعد الاستقلال حجم التباين والتفاوت في المسار المؤسسي لدول المغرب العربي، أي من الدولة القائمة على العصبية القبلية إلى دولة تمارس سلطتها وفق التعريف القانوني اعتمادا على جيش وبيروقراطية منفصلين تماما عن المجتمع، ولا يتأتى الحديث عن الدولة في المغرب العربي إلا وفق ثلاث مستويات أصيلة الارتباط بهذا البناء السوسيوتاريخي والمتمثلة في: ويقدم علم اجتماع التاريخ مقاربات تحاول الإجابة على مدى ثقل التقاليد السياسية للمغرب القديم على الهياكل السياسية المعاصرة من حيث مجال النفوذ والقوة والضعف بالنسبة للحكم المركزي، كما إن دراسات مدخل الانتقال إلى الحكم الديمقراطي تقدم صورة عن شكل الدولة العربية كوعاء حضاري جامع والدولة المغاربية كنموذج إقليمي للدراسة، ثانيا: من الاستقلال حتى استقرار أنظمة الاستبداد العربية من دون انقلابات عسكرية وبداية السبعينات التي شهدت أزمة الدولة العربية، وعطفا على مأزق الدولة العربية والمغاربية تطرحالباحثة أشواق عباش العلاقة بين الشرعية التي تعني سيادة القبول العام في محيط المحكومين بأهلية الحاكم، ومدى علاقة ذلك باستيراد النموذج الجاهز للدولة بكل تفاصيله السياسية والاقتصاديوالاجتماعية، لأن الشرعية على المستوى الخارجي تحكم بصفة منتظمة علاقات النظام السياسي، فيها فضلت دول أخرى التخلي عن الشرعية القومية لصالح شرعيات أخرى جامعة لها وهي الفكرة الدينية التي تنسجم مع المشاريع الغربية، قدور العامل الاستعماري مهم في فهم الخصوصية التاريخية للمغرب العربي عن المشرق العربي بما يفسره من طبيعة المشروع التوسعي القائم على التفكيك وإعادة البناء، وهو ما يتطلب حسب " الهرماسي تقديم اطار نظري يحدد بشكل جدي العلاقة بين الدولة والقبائل وبدأت بالفعل مسألة الانقسام وظهور الدولة في المغرب العربي حسب " كليفورد غير تر" Clifford geerts" في كون تشكل المغرب الأقصى مثلا كأمة واعتماد الإسلام كدين قومي في القرن الـ 11 شكل ظاهرة جديدة بالنسبة للقبلية، لذا فإن التفسير الخلدوني لبناء الدولة في المغرب مرتهن بالعصبية التي تدلل لديه على النزعة إلى الالتحام والانقسام فيبدو التصور ببناء مركز سياسي امراً مستحيلا على أرضية منقسمة اجتماعيا ومتغايرة ثقافيا لكنه وبشكل يثير التساؤل، لكن عمل ابن خلدون حول بناء الدولة في المغرب يستعمل بشكل مكثف مصطلح العصبية للتعبير عن صعوبة بناء مركز سياسي في مجتمع انقسامي، فيؤدي حسبه الالتحام في المساعدة على بناء الدولة، في المقابل تؤدي الانقسامية إلى عرقلة البناء أو إلى زوال الدولة القائمة، فالدين لدى ابن خلدون هو عامل إضافي في تركيز الملك واستقراره كعامل توحيد القبائل في إطار شامل هو الأمة، كما يقدم ابن خلدون إسهاما آخر في العلاقة المرتبطة بنشوء الدولة في المغرب، ويقدم ملاحظات متعلقة يكون بنية الدولة التيتقسم بعدم الاستقرار مرتبطة بالتحولات على مستويات النخب ليس بالشكل الذي وصفه "ماركس" ولا "باريتو " ولكن على طبقة قاعدة القبائل، فاجتهد العقل المغاربي في الإجابة على إشكالية جماعية تتلخص في أربعة مسائل : مسألة الذات مسألة التاريخ، ودائما داخل تحقيب تاريخي يمكن الانطلاق في تعريف مأسسة الدولة العربية بربطها مع الارتباك الذي عاشته السلطة بدءا بنشوء إمارة الأناضول عام 1073م. ثم نشوء السلالة العثمانية سنة 1299م من قبل عثمان ابن ارطغرل، لكن الدولة العربية أو بناء الدولة في العالم العربي قد مر بعديد المراحل التاريخية التوحيدة والتقسيمية وسنستند في هذا التقسيم إلى طرح فالح عبد الجبار بالشكل ويبرر وصفها بالزراعية إطلاقا من كونها وليدة بيئات ما قبل قومية متشظية التنظيم الاجتماعي وتعتمد على تنظيمات تحت دولية من شاكلة القبيلة والأسرة الممتدة وعصبيات المدن، يطرح الباحث "جمال زهران أزمة الدولة في العالم العربي يطرح أسئلة تتعلق باستعصاء التغيير والتحول الديمقراطي، لاشك في أن المؤسسات وسيادة القانون هي السبات المادية لإطلاق صفة الدولة على كل كيان اجتماعي، فبقدر ما حاول العالم العربي بناء نموذج للدولة الحديثة بعد حقبة الاستعمار الدافع واحد هو تلبية حاجيات الشعوب المختلفة في التطور والتحديث، لذلك تطرح قضية الإصلاح دائما مسألة ذات جدوى ويطرح التساؤل الدائم حينما تكون بصدد تحليل التأزم في البناء العربي إلى هامش الإصلاح لصالح النظام السياسي أوالدولة لذلك تحلل أشواق عباس ذلك في طرحها فكرة أن الأزمة البنيوية للدولة العربية مرتبطة يمكونين أساسيين هما الضعف الذاتي المترتب على عدم تكامل الدولة واندماجها ضمن ذاتها أولا وبعدها في محيطها الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى كون الإصلاح ارتبط بشكل مباشر بتأثيرات سقوط دولة سلطانية كبرى هي الخلافة العثمانية، والتي تأتي تشريحا تاريخيا لدراسة مسار بناء الدولة العربية وتساؤلاتحول أي المقاربات اعتمدت في ذلك، وهل كانت عملية البناء من الأسفل من خلال الاعتماد على المقاربة الاقتصادية والثقافية قياسا بتجارب أوروبا الغربية وأمريكا، المؤسسة الدولة العربية كان خارج الخصوصيات واعتمد على ظواهر مرضية في المجتمع، التتداخل الأزمات البنيوية الجوهرية في البناءات العربية تبعا لنماذج الدول العربية المنجزة وأوجهها ( الدولة التسلطية، دولة ما بعد الاستعمار، من خلال ضعف البناء المؤسساتي وهشاشة الدولة الصالح النظام السياسي وضعف الرابطة الاجتماعية بين الدولة والمجتمع، فالوعي الجمعي العربي بحسب عبد الإله بلقزيز لم يشيد بفكرة الرسوخ لفكرة الدولة، ويتم تعويض ضمور فكرة الدولة في المخيال الجمعي العربي بتضخم فكرة السلطة، وهو ما يعطي صورة اختزالية للدولة الحديثة في الوعي العربي بشكل يبتعد عن ضغوط عامل الزمن في الضغط على التكون التاجز للدولة ورسوخها في المجتمع والوعي، بل يطرحافتراضا صريحا يقول أن الدولة التي تقام في نطاق مجتمعي سكاني، وشهد في الوقت ذاتها تمازجا بين نظم سياسية شرعية من دون شرعية الدولة التي افتقدت للسيادة مثلا على جزء من أراضيها، ويقفز الباحث نفسه على الطروحات النظرية عبر الاستدلال بثنائية الجذب والنبد" من خلال الاستناد إلى قاعدة مناقضة تفترض أن قاعدة شرعية أي نظام سياسي هي شرعية الدولة التي تقوم في الفكر السياسي على أساسين متلازمين هما تمثيل الأمة وسلطة الشعب، ويربطها الماركسيون بطبقية الدولة العربية فيما يفسرها الإسلاميون بغياب المقدس الدولة هي وريثته الشرعي. بشكل يهدف إلى تغيير موقف العرب من الغرب لتحل الثورة النقطية وتراكم الفوائض المالية محل الثورة القومية بشكل أدى إلى سحب أهم مصادر شرعية الأنظمة السياسية المتمثل في الصراع العربي الإسرائيلي لذلك اتجهت الى البحث عن شرعيات جديدة ممثلة في الفكرة الدينية التي خدمت بشكل مباشر قيام إسرائيل على طروحات دينية، نتيجة لنكوص عامل الشرعية وتشوهاته نتيجة لعدم الحسم في قضية الإصلاح ومساراتها، وهو ما يؤكده عبد الإله بلقزيز حول موضوع الشرعية المنقوصة للدولة العربية التي يراها الإسلام السياسي منقوصة الشرعية في ماهيتها العقدية أو المقدسة، لذلك يتحول الصراع في العالم العربي إلى صراع ديني ديني بين الدولة اليهودية والإسلام السياسي، فتأكل شرعية الدولة العربية كذلك يرتبط بقراءات أخرى خارج السياق السياسي إلى السياق المجتمعي، فشخص عبد الله العروي إشكالية الدولة في الوطن العربي على كونها إشكالية إيديولوجية تتعلق بالطوباويات التقليدية ممثلة في الخلافة، فإنها تنزاح إلى معجم سياسي جديد يعرفها بالدولة الهشة أو الدولة ذات الأداء الضعيف أو الدولة المعرضة للانهيار. 3. الدولة الأمة في الفضاء المغاربي ليس من قبيل الناشر عند الحديث عن بناء الدولة في العالم العربي أو الفضاء المغاربي الحديث عن بناءات الدولة الأمة بتعريفيا السوسيوسياسي، لكن ألت كلها إلى انقلابات عسكرية والى تركز للاستبداد أو إلى حروب أهلية مثل حالة لبنان. النخب المغاربية في سياق سوسيولوجي عربي يندرج تعريف النخب المغاربية في سياق سوسيولوجي عربي جامع، مقابل نخب تحديثية طرحت نفسها كبديل وأكثر ارتباطا باهتمامات الجماهير حملت مشروع التأسيس وبناء السلطة من حيث كونها حتمية تاريخية خاصة بعد الاستقلال. فطغيان قاعدة الجلب أو التزكية المرتكزة على الولاء هي سمة خاصة في التخب المغاربية تكون الانتخابات فيها شكلا استفتائيا مقننا. فالخلاصة إن التحول الجيلي مهد لتركيبة جديدة في آليات العمل علي الجزائر أتاح فشل العقيد الزبيري سنة 1968 في الانقلاب على الرئيس هواري بومدين أتاح له أبعاد الأنصار الأوائل للمجاهدين والتحام فئة جديدة من التكنوقراطيين. وذلك لارتباطها بجملة من الشروط والظروف الموضوعية أهمها عامل الاستعمار،