لخّصلي

كان يضج بالحياة قبيل منتصف القرن الماضي الذي يشكل الزمن التاريخي الذي وقعت فيه الاحداث والراوي يقدم لقطة عامة للحي في لحظة يزدحم فيها بالناس والسيارات والدواب، هذا العظيم كان في ماضيه من السوقة وسفلة الناس" ويسترجع الراوي ماضي سيد حمدان، فيضيق ذرعاً بزوجته عيشة التي وصفها ذات يوم بأنها امرأة مدبرة. شكسة فيتزوج امراة اخرى (هناء) الفتاة الشامية الشقراء ذات العيون الزرق، إذ يهدي إليه رسام تركي (ضياء الدين بك ) لوحة فنية يعلقها على الجدار خلف مكتبه في مستودعه الكبير، لا مكان لها في قلبه الذي انطفات فيه عواطف الغرام. فهو يستطيع أن يتذوق جمال الفن ما دام منهمكاً في جمع المال ملتصقاً بما يجري في الواقع الخارجي، يستطع أن يحس بجمالها هي الأخرى. ليدع القارئ أن يتوقع ما يمكن أن يفعله سيد حمدان جراء هذا الصراع الذي اثارته في نفسه نصيحة ذلك الرسام. ويتوافق مع هذا الطابع تلك الفواصل الزمنية التي تظهر في جمل مثل: "كيف حدث ذلك؟" و "كرت الأيام" "وسحبت الأيام عليه ذيل نسيانها الطويل". فكشف الأول عن شخصية سيد حمدان المحبة للمال حتى ولو جاء نتيجة للحرب، أما لغة السرد والوصف فكانت تجمع بين البساطة والقوة مع استخدام التراكيب العامية في بعض الأحيان، لها دائماً في البيت مع أولادها القذرين صياح وزعيق لا ينقطعان أبداً، وكان سيد حمدان لا يكاد يعود من عمله بعد العشاء حتى تتلقاه دائماً بوجه مربد، وعلى الرغم من أن المكان كان له اهتمام بكل تفصيلاته في مقدمة القصة إلا أنه تراجع قبل نهايتها امام الصراع الذي نشب في نفس شخصية سيد حمدان، وإذا كانت هذه الفكرة الرئيسة في القصة فهنالك أفكار غيرها قالتها أحداثها ومواقفها تبرز من خلالها إدانة القاص المجموعة من الظواهر السلبية منها استغلال مصائب الحرب في سبيل الإثراء، الاقلام عن طريق التزلف والتملق لذوي الجاه والثراء

يستخدم راوي قصة "سر في صورة" لمحمود سيف الدين الإيراني ضمير المخاطب في تقديم المكان الذي تجري فيه الأحداث، وهو مكان واقعي يشير إلى حي الأشرفية من أحياء مدينة عمان، كان يضج بالحياة قبيل منتصف القرن الماضي الذي يشكل الزمن التاريخي الذي وقعت فيه الاحداث والراوي يقدم لقطة عامة للحي في لحظة يزدحم فيها بالناس والسيارات والدواب، ثم يركز اللقطة كما يحدث في السينما على مستودع كبير للغلال يبدو معلماً مهماً من معالم هذا الحي، لصاحبه التاجر سيد حمدان

ولا يترك الراوي للقارئ أن يتعرف إلى سيد حمدان الشخصية الرئيسة في القصة، من خلال الاحداث ووجهات نظر الشخصيات الثانوية، وبخاصة زوجته عيشة والفنان ضياء الدين بك بل إنه يتحدث عنه مباشرة، ويصفه بسوء الخلق ويفرض رأيه هذا على القارئ باستخدامه ضمير المخاطب، يقول: "قد لا يخطر لك أن

هذا العظيم كان في ماضيه من السوقة وسفلة الناس" ويسترجع الراوي ماضي سيد حمدان، وكيف أصبح تاجراً معروفاً بعد أن كان

رجلاً بسيطاً لا يملك سوى دكان صغير في حي الاشرفية، ويفصح الحوار الذي دار بينه وبين زوجته عيشة انه اغتنى في وقت الحرب العالمية الثانية؛ إذ ازدادت حركة التجارة في الحي لهذا فهو يرحب بالحرب، ولا يبالي بما يسفك فيها من دماء ما دامت تفتح له الكنوز.

ثم يحس سيد حمدان بغناه، وبأهميته في دنيا المال والأعمال؛ فيضيق ذرعاً بزوجته عيشة التي وصفها ذات يوم بأنها امرأة مدبرة. إنه الآن يراها نكدة ذميمة، شكسة فيتزوج امراة اخرى (هناء) الفتاة الشامية الشقراء ذات العيون الزرق، والبشرة البيضاء.

تتصاعد أحداث القصة، ويتحرك واقعها المستقر في اليوم الذي يتزوج فيه سید حمدان للمرة الثانية؛ إذ يهدي إليه رسام تركي (ضياء الدين بك ) لوحة فنية يعلقها على الجدار خلف مكتبه في مستودعه الكبير، إنه يحتار في أمر هذه اللوحة

ويجدها مثل زوجته الجديدة هناء كلتاهما جميلة وفاتنة لكن أياً منهما ليست في موضعها؛ فاللوحة لا تنسجم مع أصناف البضائع التي يمتلئ بها مستودعه، وهناء

لا مكان لها في قلبه الذي انطفات فيه عواطف الغرام.

ويأتي الحوار بين سيد حمدان وذلك الفنان صاحب اللوحة ليفضح حقيقته؛ فهو يستطيع أن يتذوق جمال الفن ما دام منهمكاً في جمع المال ملتصقاً بما يجري في الواقع الخارجي، هكذا ينبعث الصراع في نفسه عندما يطلب منه الفنان أن يتخلص من اللوحة، وهو في هذه الحالة كأنما يطلب منه أن يتخلى عن زوجته هناء، التي لم

لا

يستطع أن يحس بجمالها هي الأخرى.

وينجح القاص في ترك نهاية قصته مفتوحة، ليدع القارئ أن يتوقع ما يمكن أن يفعله سيد حمدان جراء هذا الصراع الذي اثارته في نفسه نصيحة ذلك الرسام.

هكذا رأينا أن قصة "سر" في صورة" ترصد التغير في المكان الذي يؤدي إليه التغير في حياة سيد حمدان الشخصية الرئيسة، وتتخذ أحداثها طابع الحكايةمن خلال الفترة الزمنية الطويلة التي استغرقتها الأحداث؛ فهي تبدأ قبل الحرب العالمية الثانية ببضع سنين. ويتوافق مع هذا الطابع تلك الفواصل الزمنية التي تظهر في جمل مثل: "كيف حدث ذلك؟" و "كرت الأيام" "وسحبت الأيام عليه ذيل نسيانها الطويل".

وقد استخدمت القصة الحوار في موضعين، بين سيد حمد ان وزوجته من ناحية وبين سيد حمدان والفنان من ناحية أخرى، وبدا في كليهما متوافقاً مع ثقافة الشخصية ومشاعرها وأحوالها، فكشف الأول عن شخصية سيد حمدان المحبة للمال حتى ولو جاء نتيجة للحرب، وأبان الثاني الفقر الروحي الذي ولده المال في نفسه.

أما لغة السرد والوصف فكانت تجمع بين البساطة والقوة مع استخدام التراكيب العامية في بعض الأحيان، مثلما نقرأ عن الشخصية الثانوية (عيشة)، وعلاقة

سيد حمدان بها: "امرأة، شكسة، نكدة، لها دائماً في البيت مع أولادها القذرين صياح وزعيق لا ينقطعان أبداً، وكان سيد حمدان لا يكاد يعود من عمله بعد العشاء حتى تتلقاه دائماً بوجه مربد، وأسارير متجهمة".

ففي الجزء الأول من هذا النص تتجلى البساطة باستخدام تراكيب تقترب من اللغة العامية، وفي الجزء الثاني تبدو القوة باستخدام تعابير بليغة والفاظ قديمة.

وعلى الرغم من أن المكان كان له اهتمام بكل تفصيلاته في مقدمة القصة إلا أنه تراجع قبل نهايتها امام الصراع الذي نشب في نفس شخصية سيد حمدان، بعد لقائه بالرسام ضياء الدين بك، ذلك الصراع الذي بعث الحياة في السرد، وخلق التوتر لدى القارئ، وجعله يتشوق لمتابعة الأحداث، كما ساعد على إظهار الدلالات الخفية للنص، التي بنيت على فكرة رئيسة في أن من لا يقدر الجمال في الفن لا يقدره في المرأة، وأن الغنى المادي لا يعادل الغنى الروحي، فلن تتحقق السعادة بالمال وحده بل ربما يكون المال مصدر الشقاء الإنساني. وإذا كانت هذه الفكرة الرئيسة في القصة فهنالك أفكار غيرها قالتها أحداثها ومواقفها تبرز من خلالها إدانة القاص المجموعة من الظواهر السلبية منها استغلال مصائب الحرب في سبيل الإثراء، والتنكر للمرأة واعتبارها سلعة مثل غيرها من السلع، وارتزاق ذوي

الاقلام عن طريق التزلف والتملق لذوي الجاه والثراء