لخّصلي

الخطرُ يَكْمُنُ في استهلاكِ هذهِ الهدايا المجّانيّةِ الّتي تَلَقّاها الإنسانُ بشكلٍ عشوائيٍّ، وفي الوقتِ نفسِهِ يحتاجُ الإنسانُ إلى استهلاكِها لاستمرارِ حياتِهِ وتطويرِها؟ الجوابُ بسيطٌ وواضحٌ: "فرزُ النّفاياتِ وإعادةُ التّدوير". الموادّ الغذائيّة)، أيْ إلى إعادةِ تصنيعِ بعضِ المنتجاتِ كمعلّباتِ الألومنيوم منْ خلالِ نفاياتِ الألومنيوم، ثانيًا، خامسًا، إنَّ إنشاءَ معاملِ إعادةِ التَّدويرِ يُؤَمِّنُ العديدَ منْ فرصِ العمل، وبالتّالي هُوَ عنصرٌ فعّالٌ في مكافحةِ آفةِ البطالةِ الّتي يُعانيها العديدُ منَ الدّول. ومجالاتُ إعادةِ التَّدويرِ متعدّدة، وتحسينَ الصِّحَّةِ العامَّة، إعادةُ التّدويرِ كنزٌ مليءٌ بالفوائد، وبعضَ الانتماءِ والمسؤوليّةِ والخططِ الإداريّة،

الأرضُ كوكبٌ يَحْوي الملايينَ لا بلِ الملياراتِ منَ البشر. الكوكبُ الوحيد، حتّى الآن، الّذي يُؤَمِّنُ مصادرَ الحياةِ وإمكانيّاتِها مِنْ ماءٍ ومواردَ طبيعيّة. لا حياةَ خارجَ الأرضِ حتّى هذهِ اللّحظة. هذا العددُ الهائلُ منَ البشر، والَّذي يَزْدادُ معَ تقدّمِ السَّنوات، يَسْتَلْزِمُ استهلاكَ كمّيّاتٍ كبيرةٍ منَ الموارد؛ أَمُتَجَدِّدَةً كانَتْ أمْ غيرَ مُتَجَدِّدَة؛ وَمِنْها الماء، الذّهب، الغازُ الطَّبيعيّ، الفحمُ الحجريّ، الأشجار، والعديدُ منَ الموادِّ الأخرى. الخطرُ يَكْمُنُ في استهلاكِ هذهِ الهدايا المجّانيّةِ الّتي تَلَقّاها الإنسانُ بشكلٍ عشوائيٍّ، غيرِ اقتصاديٍّ وغيرِ ترشيديّ.

الأمرُ يُشْبِهُ شخصًا مُنِحَ قطعةَ حلوى عملاقةً ليَقِفَ عليْها، والفراغُ يُحيطُ بِها، فَباتَ يَأْكُلُ بنفسِهِ منْ هذهِ القطعة، مُسْتَلِذًّا بطعمِها وَمَجّانيّتِها، منْ دونِ أنْ يَتَصَرَّفَ بحكمة، حتّى وَجَدَ نفسَهُ يَقْضِمُ اللّقمةَ الأخيرة، فخَسِرَ سندَه، ووَقَعَ في الفراغِ خاسرًا حياتَه. أينَ يَكْمُنُ حلُّ هذهِ المعضلةِ البيئيّة، بحيثُ يَجِبُ المحافظةُ على الموارد، وفي الوقتِ نفسِهِ يحتاجُ الإنسانُ إلى استهلاكِها لاستمرارِ حياتِهِ وتطويرِها؟ الجوابُ بسيطٌ وواضحٌ: "فرزُ النّفاياتِ وإعادةُ التّدوير".



كيفَ هوَ المشهدُ منْ دونِ إعادةِ التَّدوير؟ بِبَساطَة، الإنسانُ يَسْتَخْرِجُ الموادَّ الخام، يَنْقُلُها إلى مراكزِ الصِّناعة، يُنْتِجُ حاجيّاتِ المجتمعِ منْ أوراق، أكياس، معلّبات، وأمورٍ أخرى. يَشْتَري المستهلكُ هذهِ المنتجات، يَسْتَخْدِمُها ويَرميها في سلّةِ النّفايات. يَجمَعُ عمّالُ النّظافةِ النّفاياتِ ليَتمَّ نقلُها إلى مكبّاتٍ محدّدة؛ إضافةً إلى نفاياتٍ في الأنهارِ أوِ البحارِ ناتجةٍ عنْ غيابِ حسِّ المسؤوليّةِ لدى الدّولةِ والمواطنين. أربعةُ أسطرٍ مُدَجَّجة بالمشاكلِ والخسارة: استنفادُ الموادِّ الخام، تكلفةُ النَّقل، ازديادُ التّلوّثِ جرّاءَ الآليّاتِ المستخدمةِ في عمليّةِ النَّقل، ازديادُ مساحةِ المكبّاتِ نتيجةَ ازديادِ كمّيّاتِ النّفايات، كلُّ ذلكَ على حسابِ المساحاتِ الخضراء، إضافةً إلى تلوّثِ مصادرِ المياهِ كالأنهارِ والبحار. إنّهُ الموتُ البطيء.



أمّا معَ إعادةِ التَّدوير، فكيفَ يَكونُ المشهدُ؟



أوّلًا، بعدَ فرزِ النّفاياتِ (الورق، البلاستيك، الزّجاج، الألومنيوم، الموادّ الغذائيّة)، تُؤَدّي إعادةُ التّدويرِ إلى ما يُسَمّى بالحلقةِ المغلقة، أيْ إلى إعادةِ تصنيعِ بعضِ المنتجاتِ كمعلّباتِ الألومنيوم منْ خلالِ نفاياتِ الألومنيوم، ممّا يُؤَدّي إلى التّخفيفِ منْ كمّيّاتِ الموادِّ الخامِ المستخرجة، والاستفادةِ منْ هذهِ المواردِ الطَّبيعيّةِ لوقتٍ أطول.



ثانيًا، يُؤَدّي التَّخفيفُ منْ كمّيّاتِ الموادِّ المستخدمةِ إلى تراجعِ الكلفةِ المادّيّةِ للاستخراج، وإلى انحسارِ كمّيّةِ الطّاقةِ المستخدمة، إنْ في عمليّةِ الاستخراج، أو في عمليّةِ النَّقلِ إلى مراكزِ الصّناعة، وكلُّ ذلكَ يَصبُّ في مصلحةِ الحدِّ منَ التَّلوّثِ البيئيِّ والاحتباسِ الحراريِّ النّاتجِ منِ انبعاثِ الغازاتِ المضرّةِ السّامّة.



ثالثًا، يُؤَدّي الحدُّ منَ النّفاياتِ إلى الحدِّ منَ المَكبّات، وبالتّالي إلى الحفاظِ على مساحاتٍ خضراءَ شاسعةٍ نظيفة، إضافةً إلى أنهارٍ وبحارٍ نظيفة، ليَنْعَكِسَ كلُّ ذلكَ إيجابًا على صحّةِ الإنسانِ بدلًا منْ أنْ يَكونَ عنصرًا مضرًّا بصحّتِهِ ومسبّبًا للأمراض.



رابعًا، الحفاظُ على المساحاتِ الخضراءِ النَّظيفةِ والمواردِ المائيَّةِ النَّظيفةِ يَدْعَمُ القطاعَ السِّياحيَّ في البلاد، وهوَ قطاعٌ أساسيٌّ لكلِّ دولةٍ في تحريكِ عجلتِها الاقتصاديّةِ وتحقيقِ نموِّها المرجوّ، كما أنَّ القطاعَ السّياحيَّ يَدْعَمُ اختلاطَ الحضاراتِ فتَنْمو الثّقافةُ ويتَعَزَّزُ التّفاعلُ بينَ الشّعوبِ.



خامسًا، إنَّ إنشاءَ معاملِ إعادةِ التَّدويرِ يُؤَمِّنُ العديدَ منْ فرصِ العمل، وبالتّالي هُوَ عنصرٌ فعّالٌ في مكافحةِ آفةِ البطالةِ الّتي يُعانيها العديدُ منَ الدّول. ومجالاتُ إعادةِ التَّدويرِ متعدّدة، حيثُ يُمْكِنُ تدويرُ الموادِّ المطّاطيّةِ لإعادةِ خلطِها معَ إِسْفلتِ الشّوارع؛ وتدويرُ العلبِ الخاصَّةِ بالمشروباتِ الغازيَّةِ واستخدامُها منْ جديدٍ في عمليّاتِ صناعةِ ألواحِ الألومنيوم؛ وتدويرُ الأوراقِ القديمةِ لصنعِ الأكياسِ الورقيّة؛ وتدويرُ المخلّفاتِ الغذائيّةِ لصنعِ الأسمدةِ العضويّةِ الخاصَّةِ بالأراضي الزّراعيّة؛ وتدويرُ الزّيوتِ المستخدمةِ في المنازلِ لاستخراِج الزّيوتِ والموادِّ الخاصَّةِ بالتَّشحيمِ للسّيّاراتِ والماكيناتِ وغيرِها.



كلُّ ما قيلَ يُمْكِنُ اختصارُهُ بكلمةِ الرَّئيسِ الأميركيِّ السّابقِ "بيل كلينتون" حينَ قال: "إذا أَرَدْتُمْ محاربةَ التَّغَيُّرِ المناخيّ، وتحسينَ الصِّحَّةِ العامَّة، وإيجادَ فرصِ عملٍ للفقراءِ وخلقَ مناخٍ مناسبٍ للرّوّاد، فإنَّ أفضلَ الطُّرقِ للوصولِ هوَ إغلاقُ مكبّاتِ النّفايات". نعم، إعادةُ التّدويرِ كنزٌ مليءٌ بالفوائد، يَتَطَلَّبُ فقطْ بعضَ التَّعاونِ بينَ الدَّولةِ والمواطنينَ، وبعضَ الانتماءِ والمسؤوليّةِ والخططِ الإداريّة، وعلى الرَّغمِ منْ ذلكَ فهوَ غائبٌ في العديدِ منَ الدّول. لذا، لا بُدَّ منْ دقِّ ناقوسِ الخطرِ منْ خلالِ أَشْهَرِ مقولاتِ الزَّعيمِ الهنديِّ الأحمرِ "سياتل": "عندَ اقتلاعِ آخرِ شجرة، وتسمُّمِ آخرِ نهر، ونُفوقِ آخرِ سمكة، سَنَكْتَشِفُ أنّنا لا نَسْتَطيعُ أنْ نَأكُلَ المال."