لخّصلي

أولاً : مفهوم الأمن ومجالاته :
الأمن ضد الخوف، وهو اطمئنان القلب، وسكون النفس والأمن بمفهومه الشامل يتضمن توفير الاطمئنان النفسي للمجتمع في كل المجالات
التي يحتاج إليها ويخشى من ندرتها أو اختلال الوضع فيها، كالأمن الفكري والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والصحي والغذائي، والوظيفي، وغيرها من المجالات المهمة التي لا بد من إشراف السلطة عليها، والتخطيط المستمر لها، والرقابة المباشرة عليها. ومن الضروري عناية الدولة سلطة ومجتمعا بتوفير الأساسيات في المفهوم الشامل للأمن، وكلما كانت الدولة ذا قدرة أكبر كلما ازدادت مسئوليتها في هذه الجوانب المهمة للحياة الإنسانية.
أما الأمن بمفهومه الخاص ؛ فيتناول اطمئنان الإنسان أو المجتمع في الدولة لعدم اعتداء الآخرين عليه بغير حق داخلياً أو خارجياً، فهو يتضمن مجالين مهمين : المجال الأول : الأمن الداخلي، أي أمن الإنسان من الاعتداء عليه داخل الدولة التي يعيش فيها، سواء كان مواطنا أو مقيما.
وتحقيقه يتمثل في : الحماية من المجرمين الذين ينتهكون الحرمات، ويعتدون على الأنفس والأعراض والأموال، ويكون ذلك باتخاذ التدابير اللازمة لمنعهم من الجريمة وإيقاع العقوبة عليهم حال ارتكابها.
المجال الثاني : الأمن الخارجي، ويكون بأمن الدولة من اعتداء يقع عليها. وتحقيقه يتمثل في : حماية الدولة من الأعداء الذين يتسلطون عليها من الخارج
ياً : أبرز أسباب تحقيق الأمن.

• لزوم الجماعة: من الأسباب الرئيسة لأمن البلد، أن يكون أفراد شعبه مجتمعين متعاونين غير متفرقين، فالاجتماع قوة وعزة، وبه يتحقق أمنهم واستقرارهم، ومن الحكم الظاهرة في وجود ولي أمر للمسلمين ؛ أن يكونوا جماعة واحدة متعاونة متآلفة، فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب، ولذا جاءت النصوص الشرعية تأمر بالاجتماع وتحذر من الفرقة، والخروج عن الجماعة، ففي الحديث عن النبي أنه قال : (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات، إلا مات ميتة
  جاهلية)
  ولقد جاء القرآن الكريم بالتحذير من حال المشركين الذين تفرقوا وأصبحوا شيعاً وأحزاباً، قال تعالى : ( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الذِينَ فَرِّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾
  فدلت الآية على أن الفُرقة والتحزب ليست من صفات المؤمنين والاختلاف والافتراق في الآية يراد به الاختلاف في أمور الدين ) ، وكذلك
  الافتراق إلى جماعات سياسية متناحرة حيث نهى الله تعالى عن مطلق التنازع، وجعله سبباً لضعف المسلمين وذهاب شوكتهم، قال تعالى : ( ولا تَنزَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ (الأنفال : ٤٦).
  والمنزلة الحاكم وأهميته في وحدة الكلمة ؛ ذهب أهل السنة إلى القول
  بوجوب تعيينه ولزوم بيعته وحُرمة الخروج عليه ما لم يصل به الحال إلى الكفر البواح ) ، فعن عبد الله بن عمر ـ ا قال : سمعت رسول الله يقول : (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات
  وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية) (۱).


• إعداد القوة من العوامل الرئيسة في تحقيق الأمن وجود القوة الرادعة التي تتصدى لمن يسعى للإخلال بالأمن، ولذا فإن الله أمر عباده المؤمنين بإعداد القوة لمواجهة أعدائهم ، فقال سبحانه : ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوٌّ اللَّهِ وَعَدُوِّكُمْ ﴾ (الأنفال : ٦٠) ، ومن المعلوم أن الأعداء في الخارج هم أشدُّ مصادر الخوف وعدم الأمن، وقد يكون مصدر الخوف على الرعية من العدو الداخلي كالمفسدين والمنافقين الذين يتربصون بالمجتمع من داخله، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَفِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (النساء : ١٤١) (٢).
  فإذا استعدت الدولة بالقوة لمواجهة أعدائها من الخارج، واستعدت بالقوة واجهة أعدائها من الداخل ؛ تحقق لها الأمن بإذن الله تعالى.
  ثالثاً : مقصد «حفظ الأمن» في النظام الأساسي للحكم
  سبق ذكر بعض المواد التي تتضمن حفظ الأمن ضمن المقصد السابق، ومن مواد النظام الأساسي للحكم في السعودية، والتي جاءت في النظام متعلقة بتحقيق هذا المقصد أيضا ما يلي : - المادة (٣٦) : توفّر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه ، إلا بموجب أحكام النظام. المادة (۳۷) : للمساكن حرمتها، ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها، ولا تفتيشها ، إلا في الحالات التي يبينها النظام.
  المادة (۳۸) : العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي، أو نص نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي.
  المادة (۳۹) : تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير ؛ بالكلمة الطيبة، وبأنظمة الدولة، وتسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتها، ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة أو الانقسام، أو يمس بأمن الدولة وعلاقاتها العامة، أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه وتبين الأنظمة كيفية ذلك.