لخّصلي

في بداية العشرينات لم تكن قطر قد دخلت حلبة الصراع حول الامتيازات النفطية، ذلك الصراع الذي أشعلته الشركات الأمريكية على ما سوف يتضح عندما نجح مهندس مناجم نيوزيلندي في أعقاب الحرب العالمية الأولى في التأكيد على وجود كميات ضخمة محتملة من النفط في الجزيرة العربية، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد نزلت الي مجال النفط في المنطقة بواسطة شركاتها الكبرى وقد نجحت في عام 1928 في أن تصبح شريكا مع شركتي النفط التركية وشركة النفط العراقية، وهكذا بدأت تحركات الشركات الأمريكية تجني الامتيازات في البحرين والإحساء ثم الكويت، بعد أن استطاع هولمز أن يفوز بامتيازاتها ولم تكن قطر بطبيعة الحال خارج هذه الامتيازات خاصة وأن حكامها مرتبط مع الحكومة البريطانية بمعاهدة تمنعه من منح أية امتيازات دون موافقتها( ).
بعد انعقاد مؤتمر العقير عام 1922 وقد ذكر فيه قطر لأول مرة وبعد معاهدة عام 1916 ، نبه المقيم السياسي البريطاني السير يرسى كوكس كلا من عبد العزيز بن سعود ، وكان يستعدان للتفاوض بشأن الامتياز الذي سيمنحه ابن سعود لهولمز وشركته الشرقية وخشي كوكس من أن يمتد ذلك إلى شبه جزيرة قطر ولذلك نبه إلى أن قطر مرتبطة بمعاهدة مع بريطانيا من ثم لا يشمل أرضيها أي امتيازات غير بريطانية، وزاد الموقف خطورة عندما بلغت المقيم السياسي البريطاني أنباء تؤكد على قيام شركة سوكال الأمريكية باستخدام مكاتبها في السعودية والبحرين في إرسال مبعوثين الي عدد من الحكام وتغريهم بامتيازات كثيرة صار يرتاب المقيم بشكل خاص في تحركات هولمز وشركته الشرقية.
وعلى أثر التطورات السابقة بدأت الشركة الأنجلو فارسية في اتخاذ خطوات ايجابية للحصول على امتيازات التنقيب في قطر ومن ثم توجه ممثلها ما يلز إلى قطر وبرفقته مغامر بريطاني حيث أجرى الرجلان مفاوضات مع الشيخ عبد الله.
وبدا واضحاً أن السياسة البريطانية وراء محاولة استغلال النفط القطري فما لبث الشركة أن أرسلت وثائق الاتفاقية الي المقيم السياسي البريطاني الذي صدق عليها وأرسلها بدوره إلى حكومة بلاده ليحصل على موافقتها الرسمية وليبلغها للشركة، في 17 ديسمبر 1932 أبلغ المقيم السياسي الشيخ عبد الله بأن فريقا من الجيولوجيين التابعين للشركة وقام الشيخ بالترحيب بهم وقدم لهم كافة المساعدات والتسهيلات المطلوبة واستعد للدخول في مفاوضات مع الشركة وحل كافة المشكلات التي يمكن أن يتعرضوا لها، ومع الضغوط الكثيرة أصبح الشيخ عبد الله على أتم الاستعداد للارتباط بالشركة الأنجلو فارسية بعقد امتياز طويل الأمد، وعند ذلك بدأت السلطات البريطانية في دراسة بعض المسائل المتعلقة بالمستقبل( ).
قامت الشركة الأنجلو فارسية بمناقشة كافة النقاط الخاصة بمسودة الامتياز الأولية التي وضعت في أكتوبر 1934 بعد انتهاء المفاوضات مع الشيخ عبد الله، ثم عقد اجتماع بين ممثلين الشركة بين ممثلين الحكومة الهندية البريطانية وتم فيها مناقشة العديد من المطالب التي عرضها الشيخ عبد الله مثل رغبته في الحصول على عوائد نقدا والعمل على اعتماد الخريطة التي تشمل الامتياز والتي وضعتها الشركة ورسم الشيخ حدودها الجنوبية بنفسه، وقد بدا الأمر واضحا واستقرت الأمور أن الشركة بسبيلها للحصول على امتياز نفط قطر، في 1935 بعد انتهاء المفاوضات النهائية التي عقدت بين ممثل الشركة وبين الشيخ وتم إضافة شروطاً جديدة وأعلنت الشركة إنها ستظفر قريبا بالتوقيع على الامتياز، وفيما يختص بالحماية البريطانية الكاملة على قطر فقد أصرت الحكومة البريطانية على شرط أساسي قبل منحها وهو أن يكون معظم الموظفين الذين سوف يعملون في الشركة لتنفيذ عقد الامتياز من الرعايا البريطانيين وإن لم يكونوا كلهم أو من رعايا شيخ قطر مفسرة ذلك بعدم وجود كوادر إدارية لأن الموظفين البريطانيين سيكونون أسهل قيادة واستجابة لتعليمات السلطات المحلية البريطانية مما سيقلل من حدوث احتكاكات بينهم وبين الأهالي