لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

بالخطيئة كما رأينا ،
انفصل الإنسان عن الله وغدا مهشماً طريحاً غير قادر أن ينهض نفسه من الهوة التي سقط فيها .
بإمكانه أن يرتفع إلى الله ولذلك فقد شاء الله في محبته أن ينحدر بنفسه إلى الإنسان ليعيد الشركة بين الإنسان وبينه .
إن الله أحب الإنسان و حباً جنونياً : على حد تعبير اللاهوتي نقولا كاباسيلاس ،
حتى أنه وهو الكائن الأبدي ،
الخالق ،
ذو السعادة المطلقة ،
لم يترك وشأنه ذاك الإنسان الذي رفضه إختيارياً بل انحدر إليه ساعياً في طلبه ،
كما سعى الراعي الذي تكلم عنه الرب يسوع وراء الخروف الضال ،
بالتجسد أخذ الله على نفسه طبيعتنا البشرية المنحطة ،
الساقطة ،
وضمها إلى لاهوته ،
تسري فيها الحياة الإلهية وتجددها .
وتشددها وكأنها تعيد تكوينها من جديد .
إن الإنسان عندما يفسد دمه أو ينزف منه بغزارة يحتاج إلى دم جديد ينقل إلى جسمه المريض فيجري في شرايينه ويعيد إليهم الصحة والحياة .
هكذا داوى الله بالتجسد هذا النزيف الروحي المريع الذي هو الخطيئة الأصلية .
بالتجسد بث الله حياته في الإنسان المريض ،
الجريح ،
بالتجسد اتحد الله ذاته بالإنسان لكي تسري في الإنسان حياة الله ،
لقد رأينا ان الإنسان سقط لكونه أراد أن يجعل نفسه إلها دون الله ،
بالاستغناء عن الله .
لقد كان يتوق الى التأله ولكنه ضل الطريق إذ اعتقد أن التأله يتم بانتفاخ الأنا.
لقد كان في تصميم الله أن يتأله الإنسان ،
فإنه لم يخلق الإنسان ليكون له عبداً بل شريكاً في حياته الإلهية .
ولكن هذا التأله لم يكن ممكناً بمعزل عن الله بل كان مشروطاً باتحاد الإنسان بالله،
لأن من الله ومن الله وحده يستمد الإنسان كل موهبة وقوة وحياة .
خارج الله ليس سوى العدم والفراغ والموت،
ولكن الإنسان استمع إلى خداع الشرير فطمع بالتأله دون الله ،
فلم يبلغ مأربه بل انحط من مستواه الإنساني الأصيل عندما أراد أن يتشامخ فوقه وأخضع طبيعته للموت .
لقد كانت وعود الشيطان كاذبة ( لقد قال عنه يسوع أنه « كذوب وأبو الكذب ) في يوحنا ٨ : ٤٤ ) عندما أعلن للإنسان أنه بمخالفة الله يصير إلها.
تلك الوعود البراقة كانت وهما وخداعاً ولكن ما لم يستطع الإنسان أن يحققه عندما تشامخ حققه له الله عندما نزل إليه.
(( اليوم ينكشف السر الذي قبل الدهور وابن الله يصير ابن البشر لكي أنه باتخاذه الأدنى يهبني الأفضل .
لقد خاب آدم قديما فلم يصر إلها كما كان قد اشتهى .
هكذا اتخذ الله غير المحدود طبيعتنا المحدودة ،
والكامل الخالد طبيعتنا الضعيفة المائتة .
إن مجرد اتخاذه طبيعتنا المخلوقة وهو الخالق تنازل منه ،
ولكنه ذهب في التنازل الحبي إلى حد اتخاذ طبيعتنا في الحالة التعيسة التي آلت إليها بسبب سقطتها .
هكذا بتنازله داوى تشامخ وانحداره إلينا رفعنا إليه،
ولكن ماذا يعني قولنا أن الإنسان : تأله ،
بالتجسد ؟ هذا لا يعني أننا أصبحنا آلهة بالطبيعة ،
فأننا لا زلنا مخلوقات .
ولكن التأله يعني أن حياة الله قد أعطيت لنا فصرنا مشاركين له في محبته ،
في مجده ،
في قوته ،
في فرحه ،
في حكمته ،
في قداسته ،
في خلوده .
لم نبلغ جوهر الله لأنه دائما متعال لا يمكن الوصول إليه ،
ولكن القوى الالهية اعطيت لنا وأصبحت في متناولنا .
هذا ما أوضحه بنوع خاص القديس غريغوريوس بالاماس وثبته المجامع الأرثوذكسية ،
بهذا المعنى ينبغي أن نفهم كلمة الرسول بطرس : « لقد صرتم شركاء الطبيعة الإلهية .
(۲) بطرس ١ : ٤).
التجسد إذا مبادرة محبة مجانية من الله نحو الإنسان الذي ابتعد عنه ورفضه باختياره :
(( بهذا ظهرت محبة الله فيما بيننا : بأن الله أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لنحيا به .
على هذا تقوم المحبة : لا اننا نحن أحببنا الله بل هو نفسه أحبنا وأرسل ابنه كفارة عن خطايانا)) : ( يوحنا ٤ : ٩ و ١٠ ) .
ولكن محبة الله لا تفرض فرضاً ،
ولذا كان على الإنسان أن يتقبل مبادرة الحب الإلهي هذه .
من أجل ذلك اهتم الله بمحبة أبوية ان يهيء البشر تدريجياً إلى استقبال التجسد وكان عمله شبيهاً بعمل المربي الحكيم الذي يهيئ للطفل الظروف المؤاتية كي يرقى مراحل النمو الواحدة تلو الأخرى حتى يصل إلى البلوغ .
وقد ظهرت هذه التربية الإلهية الحرية الإنسان خاصة في الشعب الإسرائيلي الذي بقي وحده بين الشعوب أميناً لله رغم خطاياه الكثيرة فقيه خاصة هيأ الله البشر إلى استقبال التجسد حتى إذا تم يحمل أفراد من هذا الشعب بشارته إلى العالم أجمع .
وهو مجموعة شرائع أعطيت الى الشعب الإسرائيلي بوحي من الله .
وقد قال عنه الرسول بولس : « فالناموس إذا كان مؤديا يرشدنا إلى المسيح ،
( غلاطية ٣ : ٢٤ ) .
والمؤدب كان عند اليونان عبداً موكولا إليه أن يصحب الأولاد المؤتمن عليها ويسهر عليهم ويلقنهم مبادئ المعرفة ليتمكنوا فيما بعد من استماع دروس يلقيها معلم شهير .
تلك كانت وظيفة الناموس بالنسبة إلى اليهود .
الوصايا العشر مثلاً كانت غايتها تهذيب أخلاق الناس كي يعدوا للدخول في ملكوت المحبة ،
أما الذبائح التي كان يفرضها الناموس للتكفير عن الخطايا فقد كانت رمزاً يشير إلى الذبيحة الحقيقية الواحدة وهي موت يسوع المسيح على الصليب .
وقد كانت حوادث تاريخ الشعب اليهودي ترمز إلى حوادث الخلاص وتعد الشعب الاقتبال التجسد .
فيوسف الذي باعه أخوته حسداً وصار كما قال الكتاب عنه و مخلص العالم ،
أثناء المجاعة التي حصلت ،
كان رمزاً للمسيح الذي أسلم حسداً من اليهود أخوته بالجسد إلى الرومانيين لكي يميتوه فصار بالمعنى الكامل ومخلص العالم مطعما الناس ليس خبزاً مادياً كما فعل يوسف بل الخبز السماوي الذي هو جده .
كذلك خلاص الشعب الإسرائيلي من عبودية فرعون على يد .
موسى ودخوله في أرض الميعاد على يد يشوع الذي هو اسم يسوع بالذات ومعناه الله يخلص ،
كذلك أرسل الله أنبياءه إلى شعبه على مر الأجيال وتهيئته لاستقبال التجسد .
والنبي كما يدل إسمه كانت مهمته أن ينبيء بإرادة الله أي أن يعلنها بقوة داعيا البشر إلى تقويم ما اعوج من سيرتهم والى الرجوع الى الله ،
أ- لأنهم كانوا يحركون الضمائر النائمة المتحجرة ويقولون جهراً للناس أن تتميم الشريعة في الظاهر لا يهم ،
إنما المهم تغيير القلب وإعطائه لله ،
وهكذا كانوا يمهدون طريق الله الآتي إلى العالم .
ب - لأنهم كانوا يشيرون ،
بإلهام إلهي ،
إلى تجسد ابن الله وإلى أعمال الخلاص التي سوف يقوم بها في أرضنا .
هكذا تحدث النبي أشعياء الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد عن البيت الذي يولد منها المسيح ،
فقال إنه سيكون من نسل داود : « ويخرج قضيب من جذع يسى ( وهو أبو داود ) وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب ) ( أشعياء ۱۱ : ۱ و ۲ ) .
وأعلن النبي نفسه أنه يولد من عذراء : و هوذا العذراء تحبل وتلد إبناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا ،
(أشعياء ٧ : ١٤ ) .
وتنبأ النبي ميخا الذي عاش هو أيضاً في القرن الثامن قبل الميلاد عن مكان ولادة المخلص فقال: « وأنت يا بيت لحم أفران أنك صغيرة في ألوف يهوذا ولكن منك سوف يخرج لي من يكون متسلطاً على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل .
وتحدث النبي اشعياء عن رسالة المخلص: (روح الرب علي لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأجبر المنكسري القلوب لأنادي يعتق للمسبيين وبتخلية للمأسورين لأنادي بسنة الرب المقبولة وبيوم انتقام لإلهنا لأعزي جميع النائحين) : ( أشعياء ٦١ : ١ و ٢ ) .
كذلك أعلن أشعياء عن الآلام التي سوف يتحملها المخلص من أجل خطايا الناس : : جرح لأجل معاصينا وسحق لأجل آثامنا .
تأديب سلامنا عليه و بجراحه شفينا .
كلنا ضللنا كالغنم ،
كل واحد مال إلى طريقة ،
فألقى الرب عليه إثم كلنا ) ( أشعياء ٥٣ : ٥-٧).
دور العذراء مريم في التجسد
قلنا أن الله صمم في محبته أن ينحدر إلى الإنسان ليخلصه .
إلا أنه - وهو يحترم حرية الإنسان - كان منتظراً أن يريد الإنسان خلاصه ،
أن يشاء إقتبال الإله المنحدر إليه .
ولذا فقد هيا الله الإنسانية تدريجياً إلى إقتبال الخلاص .
وقد أدت هذه التهيئة إلى العذراء مريم .
فمريم هي زهرة العهد القديم وثمرة عناية الله بشعبه وتربيته له على مر الأجيال .
ففي مريم بلغت قداسة العهد القديم ذروتها في الإيمان والتواضع والطاعة لله .
لذلك في شخص مريم استطاعت البشرية ان تقول : نعم ،
الله وان تتقبله مخلصاً لها ،
هذا ما تم عندما أجابت مريم الملاك : و ها أنا أمة للرب فليكن لي حسب قولك : ( لوقا ۱ : ۳۸ ) .
عندئذ تم تجسد ابن الله لأن البشرية و سمحت و له بشخص مريم أن يأتي إليها ويخلصها .
لذلك كتب اللاهوتي الأرثوذكي نقولا كيا سيلاس : .
إن التجسد لم يكن فعل الآب وقدرته وروحه فحسب ،
ولكنه أيضاً فعل إرادة العذراء وإيمانها .
فبدون قبول الكلية النقاوة ،
بدون مساهمة إيمانها ،
هكذا كانت مريم ذلك و الباب المتجه نحو المشارق ،
الذي تحدث عنه النبي حزقيال والذي عبر به الرب ( حزقيال ٤٤ : ١ - ٣ ) .
وكما تنشد الكنيسة و هي وحدها أدخلت المسيح وحده الى المسكونة الخلاص نفوسنا » ( خدمة عيد ميلاد السيدة ) .
ففي مريم تم أولاً الإتحاد بين الله والإنسان ،
إذ أن ابن الله اتحد ذاته بجسد اتخذه من جسد مريم : و بمولدك اتحد كلمة الله بالبشر وطبيعة جنسنا المقصاة أقرنتها مع السماويين .
وتدعو الكنيسة العذراء : والدة الاله ،
لأنها ولدت الآله المتجسد .
وبذلك تردد ما قالته اليصابات بوحي الروح القدس عندما زارتها نسيبتها العذراء مريم إذ : امتلات اليصابات من الروح القدس فصاحت بصوت جهير وقالت .
من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلى ؟ » ( لوقا ١ : ٤١ - ٤٣ ) .
وتعتقد الكنيسة ان منزلة العذراء تفوق منزلة الملائكة إذ قد أهلت إن تحمل في ذاتها إبن الله المتجسد فتصير هكذا هيكلاً حياً للإله الذي لا تجسر طعمات الملائكة ان تنظر إليه .
لذلك تخاطبها منشدة : « يا من هي أكرم من الشاروبيم وأرفع مجداً بغير قياس من السارافيم ،
وأيضاً : : لأنه صنع مستودعك عرشاً وجعل بطنك أرحب من السماوات ،
( قداس باسيليوس ) .
وهكذا فتكريم الكنيسة الأرثوذكسية للعذراء مريم يعود خاصة للدور الذي لعبته في التجسد .
هو إسم ،
والدة الآله ،
ولذلك أيضاً عند عندما تمدحها تمدح بنوع خاص ذلك الدور الذي شاء الله ان يسنده إليها في مقاصده : ( إفرحي يا من ولدت مرشد الضالين ،
إفرحي يا من ولدت منقذ المأسورين ،
( خدمة المديح ) .
وللسبب عينه لا تمثل الأيقونات الأرثوذكسية أبدأ العذراء وحدها بل تمثلها دوما.
ما حاملة إبنها وإنها .
فمجد والدة الإله مستمد من ذاك الذي شاء أن يولد منها،
من ذلك الذي أعطته للعالم.
متخفية وراء إبنها والتعليم الوحيد الذي نقله إلينا الإنجيل عن لسان العذراء إنما هو وصيتها للبشر بأن يطيعوا إبنها: مهما أمركم به فافعلوه» (يوحنا (٥٢).
وتعتقد الكنيسة أن العذراء بما أنها صارت أما للإله المتجسد ،
فقد أصبحت أيضاً أماً لكل الذين صار ذاك الإله أخاً لهم بالتجسد : ه لا يستحي أن يدعوهم أخوة .
إذن إذ قد اشترك الأبناء في الدم واللحم اشترك هو كذلك فيهما ،
( عبرانيين ٢ : ١١ و ١٤ ) ،
وبنوع خاص اما للذين أصبحوا بإيمانهم تلامذة أحياء له .
فعندما كان يسوع على الصليب خاطب مريم قائلاً لها عن التلميذ الحبيب : : هوذا إبنك .
ثم خاطب يوحنا قائلا : « هوذا أمك ) ( يوحنا ١٩ : ٢٦ و ٢٧ ) .
فهذه العبارات يصح إطلاقها على كل تلميذ حبيب ليسوع أي كل مؤمن به .
لذلك فلوالدة الاله نحونا حنان الأم ولهفتها .
في عرس قانا الجليل تحسست مريم الحاجة أهل البيت وضمت شعورها بهذه الحاجة إلى شعور إبنها قائلة له : « ليس عندهم خمر ،
قلباها الرب وصنع من أجلها معجزته الأولى مع أن ساعته لم تكن قد أنت بعد ( يوحنا ٢ : ٣ و ٤ ) .
هكذا تتحسس مريم الحاجاتنا وشفاعتها هي أن تضم حنوها علينا الى حتو إبنها .
وهذه الشفاعة قوية كما يظهر من حادثة عرس قانا الجليل.
وكما تنشد الكنيسة : ( ليس أحد يسارع محاضراً إليك ويمضي خازياً من قبلك أيتها البتول النقية أم الإله ) ( قانون الباراكليسي ) .
ولكن النعمة التي تطلبها لنا العذراء بنوع خاص هي أن يتصور إبنها فينا حتى نحمله نحن في كياننا كما حملته هي ونتحد به كما اتحدت به هي .
إن الإله المتجسد سمي يسوع المسيح .
أما ه يسوع ،
فهي كلمة عبرانية معناها و الله يخلص .
وقد أطلق هذا الإسم على ابن الله المتجسد نظراً للمهمة الخلاصية التي أتى ليقوم بها .
لذلك قال الملاك المريم عندما بشرها : و ها أنت تحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع ) ( لوقا ۱ - ۳۱) ،
والملاك الذي ظهر ليوسف قال له متكلما عن العذراء : و ستلد إبناً فتسميه يسوع لأنه هو الذي يخلص شعبه من خطاياه : ( متى 1 : ۲۱).
أما كلمة و المسيح ،
فتعني الممسوح .
وقد كان الأنبياء والملوك والكهنة في العهد القديم يمسحون بزيت مقدس ينالون بواسطته نعمة لاتمام رسالتهم ،
ولذلك كانوا يدعون مسحاء الرب .
ولكن هؤلاء لم يكونوا سوى صورة ورمز ليسوع الذي هو وحده مسيح الرب بالمعنى الكامل أي أنه مسح ليس بزيت ولكن بملء مواهب الروح القدس الذي الله الكاملة،
وكاهنا قدم نبياً أنبأ : بحقيقة حل على إنسانيته فجعل منه الذبيحة الوحيدة المقبولة عن خطايا البشر ألا،
وهي ذبيحة ذاته،
وملكاً يملك إلى الأبد على البشرية المؤمنة به .
وتعتقد الكنيسة الأرثوذكسية أن للمسيح طبيعتين : إلهية وإنسانية،
متحدثين في شخص واحد ،
شخص إبن الله المتجسد ،
وأن هذا الاتحاد قائم بدون إنقسام أو إنفصال أو تحول أو إختلاط ،
أي أن كلا من هاتين الطبيعتين تحتفظ بصفاتها الخاصة ،
فلا تفقد الطبيعة الإلهية صفاتها الإلهية ولا تفقد الطبيعة الإنسانية صفاتها الانسانية (بدون تحول أو إختلاط ولكنهما متحدثان في شخص واحد ( بدون انقسام أو انفصال).
وإذا أردنا صورة توضح هذا المعتقد،
فلنأخذ الحديد المحمي بالنار،
النار والحديد إذ هما مجتمعان في قطعة الحديد المحمى.
وبعبارة أخرى تعتقد الكنيسة أن يسوع المسيح إله تام وإنسان تام ،
إله حقيقي وإنسان حقيقي ،
ولكنه شخص واحد لأن إبن الله ضم الطبيعة الإنسانية الى لاهوته وجعلها وهذا اللاهوت شخصاً واحداً ،
شخص الإله المتجسد .
وقد كان هذا التدبير الإلهي ضرورياً للخلاص ،
لأنه لو كان المسيح إلها فقط ولو كانت إنسانيته مجرد وهم وخيال فكيف كان دخل اللاهوت الى صميم البشرية ليقدسها ؟ ولو كان المسيح إنساناً فقط فكيف يكون جسراً به تنقل إلى الإنسانية الحياة الإلهية نفسها ؟ ولو كان اللاهوت والناسوت في المسيح منفصلين فكيف يتم بين الله والإنسان ذلك الإتحاد الصميمي الذي به تتجدد الإنسانية وتتأله ؟ هذا الاعتقاد القويم في شخص المسيح شرط أساسي إذا لندرك الخلاص الذي منحنا الرب إياه .
كما أنه حجر زاوية في حياتنا الروحية ،
لأنه إذا كان اللاهوت قد اتحد بالناسوت في شخص المسيح دون أن يبطل هذا الناسوت ،
فذلك يعني انه يمكننا أن نتحد بالله ونتاله دون أن تذوب إنسانيتنا وتمحى .
وهكذا يمكننا أن .
فقد ظهرت في القرن الخامس بدعة نادى بها نسطوريوس علمت أن المسيح شخصين أحدهما إلهي والآخر إنساني غير ملازمين بالضرورة أحدهما للآخر .
وقالت بأن المسيح عندما ولد كان إنساناً محضاً ثم سكنت فيه الألوهية كما في هيكل ولازمنه الى حين صلبه ،
حينئذ فارقته فلم يكن على الصليب سوى إنسان يتألم .
ولذلك كان أتباع هذه البدعة يسمون العذراء مريم ،
والدة المسيح ،
وليس ،
والدة الإله .
ولكن هذه البدعة النسطورية التي تشق شخص المسيح الواحد،
مخالفة لتعليم الكتاب المقدس .
فقد حيث اليصابات مريم الحبلى بيسوع قائلة لها : « من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي ؟،
وهذا الكلام الموحى به من الروح القدس ( لأن اليصابات قالته وهي ممتلئة من الروح القدس ) يعني أن مريم مزمعة أن تلد ليس مجرد إنسان بل الرب نفسه .
كذلك المسيح المتألم والمهان على الصليب لم يزل حتى في تلك اللحظات أيضاً إلها ،
كما يتضح من قول الرسول بولس : : لو عرفوا لما صلبوا رب المجد ) ( ۱) كورنثوس ۲ : ۸) : فالمصلوب هو إذا بالوقت نفسه رب المجد .
كذلك تحدث الرسول نفسه عن « كنيسة الله التي اقتناها بدمه : ( أعمال ۲۰ : ۲۸ ) : فالدم الذي سفك على الصليب لم يكن مجرد دم إنسان إنما كان دم الله نفسه .
وقد اجتمع المجمع الثالث المسكوني في أفسس سنة ٤٣١ لدحض هذه البدعة ،
وكرد فعل للبدعة السابقة ،
ظهرت في القرن الخامس أيضاً بدعة معاكسة نادى بها أفتيشيس (او) أوطيخا) تقول بأن الطبيعة الإلهية في المسيح قد ابتلعت الطبيعة الإنسانية ولذا فالمسيح ليس فقط شخصاً واحداً ،
كما تقول الأرثوذكسية ،
بل طبيعة واحدة أيضاً وهي الطبيعة الإلهية التي ذابت فيها الطبيعة الإنسانية.
ولذا دعيت هذه البدعة ه بدعة الطبيعة الواحدة .
وقد حكم عليها المجمع الرابع المسكوني المنعقد في خلقيدون سنة ٤٥١ ،
وأثبت ان يسوع ليس فقط إلهاً تاماً ولكنه أيضاً إنسان تام ،
إنسان بالحقيقة وليس بالمظهر والخيال.
القول بالطبيعتين الذي حدده المجمع المسكوني الرابع لم تأخذ به الكنائس الشرقية القديمة (السريان الأقباط الأحباش،
الأرمن.
أن هذه الكنائس ترفض عبارة الطبيعتين ولكنها تكفر بأن اوطيخا القائل بذوبان الطبيعة الإنسانية بالطبيعة الإلهية.
فيكون الاختلاف فيما بيننا وبينها إختلافاً لفظياً لا يمس جوهر العقيدة .
وهذا ما يتضح جلياً في الإنجيل كله إذ نرى فيه يسوع قد ولد كإنسان ونما وترعرع وكان يجوع ويعطش ويفرح ويتألم ويبكي وقد مات و دفن كإنسان .
وكما كان يتكلم كإله قائلاً : ( أنا والأب واحد .
(يوحنا ۱۰ : ۳۰ ) ،
كان يتكلم أحياناً كإنسان قائلاً : و أنتي منطلق الى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ) ( يوحنا ۲۰ : ۱۷) .
وفي الظرف نفسه كان يتصرف كإله وإنسان مظهراً بذلك أن الطبيعتين الإلهية والإنسانية قائمتان كلاهما في شخصه الواحد ،
فمثلاً كإنسان تعب وعطش وطلب من السامرية ان تسقيه ماء كاله كشف لها خفايا حياتها .
كإنسان بكي على لعازر وسأل أين وضعوه وكاله أقامه من بين الأموات .
ولذا كتب يوحنا : « والكلمة صار جسداً ،
( يوحنا (١ : (١٤) ،
وورد في الرسالة الى العبرانيين،
إذ اشترك البنون في اللحم والدم اشترك هو أيضاً فيهما .
) عبرانيين ٢ : ١٤ ) .
ولما استفحل الخلاف بين الأرثوذكس وأتباع الطبيعة الواحدة ،
أراد البعض ،
بضغط من الإمبراطور ،
أن يوفقوا بين وجهتي النظر ،
فاستعاضوا عن عبارة و طبيعة واحدة ،
بعبارة ،
مشيئة واحدة ،
قائلين أن في المسيح طبيعتين ولكن المشيئة الإنسانية فيه ذابت في المشيئة الإلهية .
ولكن المجمع السادس المسكوني المنعقد سنة ٦٨٠ في القسطنطينية دحض هذه البدعة الجديدة مثبتاً أن للمسيح إرادة إنسانية تتميز عن الإرادة الإلهية .
فالإرادة الإلهية في المسيح هي إرادة الأب عينها : و أنا والأب واحده ( يوحنا ۱۰ : (۳۰) .
أما الإرادة الإنسانية فيه فقائمة بذاتها ولكن المسيح بحريته أخضعها طيلة حياته وحتى الموت ،
موت الصليب ،
لإرادة الآب .
هذا ما يتضح في قول الرب : ( لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الأب الذي أرسلني : ( يوحنا ٥ : ٣٠ ) .
فللمسيح إذا كإنسان مشيئة متميزة عن مشيئة الآب ولكنه بحريته يرفض أن يدعها تختلف عن مشيئة الآب .
وهذا ما يظهر أيضاً عندما صلى في بستان الجسمانية : و يا أبتاه إن شئت أن تعبر عني هذه الكأس ،
قائلاً : ،
ولكن لتكن مشيئتك وليس مشيئتي : ( منى ٢٦ : ٣٩ ) ) وهنا أخضع إرادته الإنسانية خضوعاً كاملاً للمشيئة الإنهية ) .
ولكون الإرادة الإنسانية في المسيح متميزة عن الإرادة الإلهية لذلك كان من الممكن أن تجرب بالإستقلال عن الإرادة الإلهية وبالفعل جرب المسيح لكي يصبح شبيها لنا بكل شيء حتى بتجاربنا .
وقد روى لنا الإنجيل تجربتين حدثنا له إحداهما هي تجربته في البرية بعد صيامه ( منی ١٤ - ۱۱ ) والثانية تجربته برفض الآلام ( متى ٢٦ : (۳۹) .
ولا بد أن يسوع من بتجارب أخرى طيلة حياته ولكنه كان دائماً باختياره يخضع إرادته الإنسانية لإرادة الآب وهكذا لم يرتكب خطيئة مع أنه شابهنا بكل شي.
لذا استطاع أن يتحدى أعداءه سائلاً إياهم بجرأة لا يقوى إنسان عليها : « من منكم يوبخني على خطيئة ؟ ( يوحنا ٨ : ٣٦ ).
لذلك أيضاً استطاع ان يقول لتلاميذه قبل آلامه : و لأن رئيس هذا العالم بأني ) أي الشيطان ) وليس له في شيء .
( يوحنا ١٤ : ٣٠) .
وبهذا المعنى أيضاً كتب عنه الرسول بطرس : ( إنه لم يعمل خطيئة ولا وجد في فمه غش ) (۱) بطرس ۲ : ۲۲).
هكذا شاء الإله المتجسد أن يتخذ إرادة بشرية تامة لكي يجدد من الداخل إرادتنا الإنسانية المفسدة وشاء أن يمر بتجاربنا كي يعطينا قوة التغلب على التجارب .


النص الأصلي

غاية التجسد:


بالخطيئة كما رأينا ، انفصل الإنسان عن الله وغدا مهشماً طريحاً غير قادر أن ينهض نفسه من الهوة التي سقط فيها . لم يكن
بإمكانه أن يرتفع إلى الله ولذلك فقد شاء الله في محبته أن ينحدر بنفسه إلى الإنسان ليعيد الشركة بين الإنسان وبينه . إن الله أحب الإنسان و حباً جنونياً : على حد تعبير اللاهوتي نقولا كاباسيلاس ، حتى أنه وهو الكائن الأبدي ، الخالق ، ذو السعادة المطلقة ، لم يترك وشأنه ذاك الإنسان الذي رفضه إختيارياً بل انحدر إليه ساعياً في طلبه ، كما سعى الراعي الذي تكلم عنه الرب يسوع وراء الخروف الضال ، غير مكتف بالملائكة كما لم يكتف ذلك الراعي بالتسعة والتسعين خروفاً التي لم تضل
.


بالتجسد أخذ الله على نفسه طبيعتنا البشرية المنحطة ، الساقطة ، وضمها إلى لاهوته ، تسري فيها الحياة الإلهية وتجددها . وتشددها وكأنها تعيد تكوينها من جديد . إن الإنسان عندما يفسد دمه أو ينزف منه بغزارة يحتاج إلى دم جديد ينقل إلى جسمه المريض فيجري في شرايينه ويعيد إليهم الصحة والحياة . هكذا داوى الله بالتجسد هذا النزيف الروحي المريع الذي هو الخطيئة الأصلية . بالتجسد بث الله حياته في الإنسان المريض ، الجريح ، ليعيد إليه القوة التي خارت والجمال الذي تشوه وذبل


بالتجسد اتحد الله ذاته بالإنسان لكي تسري في الإنسان حياة الله ، وهكذا يتأله الإنسان على حد تعبير آباء الكنيسة الذين رددوا منذ القديس إيريناوس أسقف ليون في القرن الثاني للميلاد : و لقد صار الإله إنساناً ليستطيع الإنسان أن يصير إلها


لقد رأينا ان الإنسان سقط لكونه أراد أن يجعل نفسه إلها دون الله ، بالاستغناء عن الله . لقد كان يتوق الى التأله ولكنه ضل الطريق إذ اعتقد أن التأله يتم بانتفاخ الأنا. لقد كان في تصميم الله أن يتأله الإنسان ، فإنه لم يخلق الإنسان ليكون له عبداً بل شريكاً في حياته الإلهية . ولكن هذا التأله لم يكن ممكناً بمعزل عن الله بل كان مشروطاً باتحاد الإنسان بالله، لأن من الله ومن الله وحده يستمد الإنسان كل موهبة وقوة وحياة . خارج الله ليس سوى العدم والفراغ والموت، ولكن الإنسان استمع إلى خداع الشرير فطمع بالتأله دون الله ، فلم يبلغ مأربه بل انحط من مستواه الإنساني الأصيل عندما أراد أن يتشامخ فوقه وأخضع طبيعته للموت . لقد كانت وعود الشيطان كاذبة ( لقد قال عنه يسوع أنه « كذوب وأبو الكذب ) في يوحنا ٨ : ٤٤ ) عندما أعلن للإنسان أنه بمخالفة الله يصير إلها. تلك الوعود البراقة كانت وهما وخداعاً ولكن ما لم يستطع الإنسان أن يحققه عندما تشامخ حققه له الله عندما نزل إليه. لذلك تنشد الكنيسة في خدمة سحر البشارة:


(( اليوم ينكشف السر الذي قبل الدهور وابن الله يصير ابن البشر لكي أنه باتخاذه الأدنى يهبني الأفضل . لقد خاب آدم قديما فلم يصر إلها كما كان قد اشتهى . فصار الإله إنساناً لكي يصير آدم إلهاً ))


هكذا اتخذ الله غير المحدود طبيعتنا المحدودة ، والكامل الخالد طبيعتنا الضعيفة المائتة . إن مجرد اتخاذه طبيعتنا المخلوقة وهو الخالق تنازل منه ، ولكنه ذهب في التنازل الحبي إلى حد اتخاذ طبيعتنا في الحالة التعيسة التي آلت إليها بسبب سقطتها . هكذا بتنازله داوى تشامخ وانحداره إلينا رفعنا إليه، ولكن ماذا يعني قولنا أن الإنسان : تأله ، بالتجسد ؟ هذا لا يعني أننا أصبحنا آلهة بالطبيعة ، فأننا لا زلنا مخلوقات . ولكن التأله يعني أن حياة الله قد أعطيت لنا فصرنا مشاركين له في محبته ، في مجده ، في قوته ، في فرحه ، في حكمته ، في قداسته ، في خلوده . لم نبلغ جوهر الله لأنه دائما متعال لا يمكن الوصول إليه ، ولكن القوى الالهية اعطيت لنا وأصبحت في متناولنا . هذا ما أوضحه بنوع خاص القديس غريغوريوس بالاماس وثبته المجامع الأرثوذكسية ، بهذا المعنى ينبغي أن نفهم كلمة الرسول بطرس : « لقد صرتم شركاء الطبيعة الإلهية . (۲) بطرس ١ : ٤).


تهيئة التجسد


التجسد إذا مبادرة محبة مجانية من الله نحو الإنسان الذي ابتعد عنه ورفضه باختياره :
(( بهذا ظهرت محبة الله فيما بيننا : بأن الله أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لنحيا به . على هذا تقوم المحبة : لا اننا نحن أحببنا الله بل هو نفسه أحبنا وأرسل ابنه كفارة عن خطايانا)) : ( يوحنا ٤ : ٩ و ١٠ ) .


ولكن محبة الله لا تفرض فرضاً ، ولذا كان على الإنسان أن يتقبل مبادرة الحب الإلهي هذه . من أجل ذلك اهتم الله بمحبة أبوية ان يهيء البشر تدريجياً إلى استقبال التجسد وكان عمله شبيهاً بعمل المربي الحكيم الذي يهيئ للطفل الظروف المؤاتية كي يرقى مراحل النمو الواحدة تلو الأخرى حتى يصل إلى البلوغ . وقد ظهرت هذه التربية الإلهية الحرية الإنسان خاصة في الشعب الإسرائيلي الذي بقي وحده بين الشعوب أميناً لله رغم خطاياه الكثيرة فقيه خاصة هيأ الله البشر إلى استقبال التجسد حتى إذا تم يحمل أفراد من هذا الشعب بشارته إلى العالم أجمع . وقد اتخذت هذه التهيئة وجوها مختلفة منها :


الناموس


وهو مجموعة شرائع أعطيت الى الشعب الإسرائيلي بوحي من الله . وقد قال عنه الرسول بولس : « فالناموس إذا كان مؤديا يرشدنا إلى المسيح ، ( غلاطية ٣ : ٢٤ ) . والمؤدب كان عند اليونان عبداً موكولا إليه أن يصحب الأولاد المؤتمن عليها ويسهر عليهم ويلقنهم مبادئ المعرفة ليتمكنوا فيما بعد من استماع دروس يلقيها معلم شهير . تلك كانت وظيفة الناموس بالنسبة إلى اليهود . الوصايا العشر مثلاً كانت غايتها تهذيب أخلاق الناس كي يعدوا للدخول في ملكوت المحبة ، أما الذبائح التي كان يفرضها الناموس للتكفير عن الخطايا فقد كانت رمزاً يشير إلى الذبيحة الحقيقية الواحدة وهي موت يسوع المسيح على الصليب .


الحوادث التاريخية


وقد كانت حوادث تاريخ الشعب اليهودي ترمز إلى حوادث الخلاص وتعد الشعب الاقتبال التجسد . فيوسف الذي باعه أخوته حسداً وصار كما قال الكتاب عنه و مخلص العالم ، أثناء المجاعة التي حصلت ، كان رمزاً للمسيح الذي أسلم حسداً من اليهود أخوته بالجسد إلى الرومانيين لكي يميتوه فصار بالمعنى الكامل ومخلص العالم مطعما الناس ليس خبزاً مادياً كما فعل يوسف بل الخبز السماوي الذي هو جده . كذلك خلاص الشعب الإسرائيلي من عبودية فرعون على يد . موسى ودخوله في أرض الميعاد على يد يشوع الذي هو اسم يسوع بالذات ومعناه الله يخلص ، كان رمزاً لخلاص المؤمنين من عبودية الشيطان يتجسد المسيح وموته ودخولهم إلى ملكوت الله


الأنبياء


كذلك أرسل الله أنبياءه إلى شعبه على مر الأجيال وتهيئته لاستقبال التجسد . والنبي كما يدل إسمه كانت مهمته أن ينبيء بإرادة الله أي أن يعلنها بقوة داعيا البشر إلى تقويم ما اعوج من سيرتهم والى الرجوع الى الله ، هؤلاء الأنبياء أعدوا الشعب اليهودي لاستقبال التجسد :


أ- لأنهم كانوا يحركون الضمائر النائمة المتحجرة ويقولون جهراً للناس أن تتميم الشريعة في الظاهر لا يهم ، إنما المهم تغيير القلب وإعطائه لله ، وهكذا كانوا يمهدون طريق الله الآتي إلى العالم .


ب - لأنهم كانوا يشيرون ، بإلهام إلهي ، إلى تجسد ابن الله وإلى أعمال الخلاص التي سوف يقوم بها في أرضنا . هكذا تحدث النبي أشعياء الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد عن البيت الذي يولد منها المسيح ، فقال إنه سيكون من نسل داود : « ويخرج قضيب من جذع يسى ( وهو أبو داود ) وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب ) ( أشعياء ۱۱ : ۱ و ۲ ) .


وأعلن النبي نفسه أنه يولد من عذراء : و هوذا العذراء تحبل وتلد إبناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا ، (أشعياء ٧ : ١٤ ) .


وتنبأ النبي ميخا الذي عاش هو أيضاً في القرن الثامن قبل الميلاد عن مكان ولادة المخلص فقال: « وأنت يا بيت لحم أفران أنك صغيرة في ألوف يهوذا ولكن منك سوف يخرج لي من يكون متسلطاً على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل . ( ميخاه : ٦ )


وتحدث النبي اشعياء عن رسالة المخلص: (روح الرب علي لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأجبر المنكسري القلوب لأنادي يعتق للمسبيين وبتخلية للمأسورين لأنادي بسنة الرب المقبولة وبيوم انتقام لإلهنا لأعزي جميع النائحين) : ( أشعياء ٦١ : ١ و ٢ ) .


كذلك أعلن أشعياء عن الآلام التي سوف يتحملها المخلص من أجل خطايا الناس : : جرح لأجل معاصينا وسحق لأجل آثامنا . تأديب سلامنا عليه و بجراحه شفينا . كلنا ضللنا كالغنم ، كل واحد مال إلى طريقة ، فألقى الرب عليه إثم كلنا ) ( أشعياء ٥٣ : ٥-٧).


دور العذراء مريم في التجسد


قلنا أن الله صمم في محبته أن ينحدر إلى الإنسان ليخلصه . إلا أنه - وهو يحترم حرية الإنسان - كان منتظراً أن يريد الإنسان خلاصه ، أن يشاء إقتبال الإله المنحدر إليه . ولذا فقد هيا الله الإنسانية تدريجياً إلى إقتبال الخلاص . وقد أدت هذه التهيئة إلى العذراء مريم . فمريم هي زهرة العهد القديم وثمرة عناية الله بشعبه وتربيته له على مر الأجيال . ففي مريم بلغت قداسة العهد القديم ذروتها في الإيمان والتواضع والطاعة لله . لذلك في شخص مريم استطاعت البشرية ان تقول : نعم ، الله وان تتقبله مخلصاً لها ، هذا ما تم عندما أجابت مريم الملاك : و ها أنا أمة للرب فليكن لي حسب قولك : ( لوقا ۱ : ۳۸ ) . عندئذ تم تجسد ابن الله لأن البشرية و سمحت و له بشخص مريم أن يأتي إليها ويخلصها . لذلك كتب اللاهوتي الأرثوذكي نقولا كيا سيلاس : . إن التجسد لم يكن فعل الآب وقدرته وروحه فحسب ، ولكنه أيضاً فعل إرادة العذراء وإيمانها . فبدون قبول الكلية النقاوة ، بدون مساهمة إيمانها ، لكان تحقيق هذا المقصد متعذرا


هكذا كانت مريم ذلك و الباب المتجه نحو المشارق ، الذي تحدث عنه النبي حزقيال والذي عبر به الرب ( حزقيال ٤٤ : ١ - ٣ ) . وكما تنشد الكنيسة و هي وحدها أدخلت المسيح وحده الى المسكونة الخلاص نفوسنا » ( خدمة عيد ميلاد السيدة ) . ففي مريم تم أولاً الإتحاد بين الله والإنسان ، إذ أن ابن الله اتحد ذاته بجسد اتخذه من جسد مريم : و بمولدك اتحد كلمة الله بالبشر وطبيعة جنسنا المقصاة أقرنتها مع السماويين ..


وتدعو الكنيسة العذراء : والدة الاله ، لأنها ولدت الآله المتجسد . وبذلك تردد ما قالته اليصابات بوحي الروح القدس عندما زارتها نسيبتها العذراء مريم إذ : امتلات اليصابات من الروح القدس فصاحت بصوت جهير وقالت .... من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلى ؟ » ( لوقا ١ : ٤١ - ٤٣ ) . وتعتقد الكنيسة ان منزلة العذراء تفوق منزلة الملائكة إذ قد أهلت إن تحمل في ذاتها إبن الله المتجسد فتصير هكذا هيكلاً حياً للإله الذي لا تجسر طعمات الملائكة ان تنظر إليه .. لذلك تخاطبها منشدة : « يا من هي أكرم من الشاروبيم وأرفع مجداً بغير قياس من السارافيم ، وأيضاً : : لأنه صنع مستودعك عرشاً وجعل بطنك أرحب من السماوات ، ( قداس باسيليوس ) .


وهكذا فتكريم الكنيسة الأرثوذكسية للعذراء مريم يعود خاصة للدور الذي لعبته في التجسد .. لذا فالاسم الذي تطلقه عليها باستمرار


هو إسم ، والدة الآله ، ولذلك أيضاً عند عندما تمدحها تمدح بنوع خاص ذلك الدور الذي شاء الله ان يسنده إليها في مقاصده : ( إفرحي يا من ولدت مرشد الضالين ، إفرحي يا من ولدت منقذ المأسورين ، ( خدمة المديح ) . وللسبب عينه لا تمثل الأيقونات الأرثوذكسية أبدأ العذراء وحدها بل تمثلها دوما. ما حاملة إبنها وإنها . فمجد والدة الإله مستمد من ذاك الذي شاء أن يولد منها، من ذلك الذي أعطته للعالم. والعذراء نفسها في حياتها الأرضية لم تشأ أن تبرز شخصيتها بل كانت دائماً


متخفية وراء إبنها والتعليم الوحيد الذي نقله إلينا الإنجيل عن لسان العذراء إنما هو وصيتها للبشر بأن يطيعوا إبنها: مهما أمركم به فافعلوه» (يوحنا (٥٢).


وتعتقد الكنيسة أن العذراء بما أنها صارت أما للإله المتجسد ، فقد أصبحت أيضاً أماً لكل الذين صار ذاك الإله أخاً لهم بالتجسد : ه لا يستحي أن يدعوهم أخوة .. إذن إذ قد اشترك الأبناء في الدم واللحم اشترك هو كذلك فيهما ، ( عبرانيين ٢ : ١١ و ١٤ ) ، وبنوع خاص اما للذين أصبحوا بإيمانهم تلامذة أحياء له . فعندما كان يسوع على الصليب خاطب مريم قائلاً لها عن التلميذ الحبيب : : هوذا إبنك . ثم خاطب يوحنا قائلا : « هوذا أمك ) ( يوحنا ١٩ : ٢٦ و ٢٧ ) . فهذه العبارات يصح إطلاقها على كل تلميذ حبيب ليسوع أي كل مؤمن به . لذلك فلوالدة الاله نحونا حنان الأم ولهفتها . في عرس قانا الجليل تحسست مريم الحاجة أهل البيت وضمت شعورها بهذه الحاجة إلى شعور إبنها قائلة له : « ليس عندهم خمر ، قلباها الرب وصنع من أجلها معجزته الأولى مع أن ساعته لم تكن قد أنت بعد ( يوحنا ٢ : ٣ و ٤ ) . هكذا تتحسس مريم الحاجاتنا وشفاعتها هي أن تضم حنوها علينا الى حتو إبنها . وهذه الشفاعة قوية كما يظهر من حادثة عرس قانا الجليل. وكما تنشد الكنيسة : ( ليس أحد يسارع محاضراً إليك ويمضي خازياً من قبلك أيتها البتول النقية أم الإله ) ( قانون الباراكليسي ) . ولكن النعمة التي تطلبها لنا العذراء بنوع خاص هي أن يتصور إبنها فينا حتى نحمله نحن في كياننا كما حملته هي ونتحد به كما اتحدت به هي .


شخص يسوع المسيح


إن الإله المتجسد سمي يسوع المسيح . أما ه يسوع ، فهي كلمة عبرانية معناها و الله يخلص ... وقد أطلق هذا الإسم على ابن الله المتجسد نظراً للمهمة الخلاصية التي أتى ليقوم بها . لذلك قال الملاك المريم عندما بشرها : و ها أنت تحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع ) ( لوقا ۱ - ۳۱) ، والملاك الذي ظهر ليوسف قال له متكلما عن العذراء : و ستلد إبناً فتسميه يسوع لأنه هو الذي يخلص شعبه من خطاياه : ( متى 1 : ۲۱). أما كلمة و المسيح ، فتعني الممسوح . وقد كان الأنبياء والملوك والكهنة في العهد القديم يمسحون بزيت مقدس ينالون بواسطته نعمة لاتمام رسالتهم ، ولذلك كانوا يدعون مسحاء الرب . ولكن هؤلاء لم يكونوا سوى صورة ورمز ليسوع الذي هو وحده مسيح الرب بالمعنى الكامل أي أنه مسح ليس بزيت ولكن بملء مواهب الروح القدس الذي الله الكاملة، وكاهنا قدم نبياً أنبأ : بحقيقة حل على إنسانيته فجعل منه الذبيحة الوحيدة المقبولة عن خطايا البشر ألا، وهي ذبيحة ذاته، وملكاً يملك إلى الأبد على البشرية المؤمنة به .


وتعتقد الكنيسة الأرثوذكسية أن للمسيح طبيعتين : إلهية وإنسانية، متحدثين في شخص واحد ، شخص إبن الله المتجسد ، وأن هذا الاتحاد قائم بدون إنقسام أو إنفصال أو تحول أو إختلاط ، أي أن كلا من هاتين الطبيعتين تحتفظ بصفاتها الخاصة ، فلا تفقد الطبيعة الإلهية صفاتها الإلهية ولا تفقد الطبيعة الإنسانية صفاتها الانسانية (بدون تحول أو إختلاط ولكنهما متحدثان في شخص واحد ( بدون انقسام أو انفصال). وإذا أردنا صورة توضح هذا المعتقد، فلنأخذ الحديد المحمي بالنار، فالحديد لم يزل حديداً والنار ناراً ولكن ليس هناك إنفصال بين


النار والحديد إذ هما مجتمعان في قطعة الحديد المحمى.


وبعبارة أخرى تعتقد الكنيسة أن يسوع المسيح إله تام وإنسان تام ، إله حقيقي وإنسان حقيقي ، ولكنه شخص واحد لأن إبن الله ضم الطبيعة الإنسانية الى لاهوته وجعلها وهذا اللاهوت شخصاً واحداً ، شخص الإله المتجسد . وقد كان هذا التدبير الإلهي ضرورياً للخلاص ، لأنه لو كان المسيح إلها فقط ولو كانت إنسانيته مجرد وهم وخيال فكيف كان دخل اللاهوت الى صميم البشرية ليقدسها ؟ ولو كان المسيح إنساناً فقط فكيف يكون جسراً به تنقل إلى الإنسانية الحياة الإلهية نفسها ؟ ولو كان اللاهوت والناسوت في المسيح منفصلين فكيف يتم بين الله والإنسان ذلك الإتحاد الصميمي الذي به تتجدد الإنسانية وتتأله ؟ هذا الاعتقاد القويم في شخص المسيح شرط أساسي إذا لندرك الخلاص الذي منحنا الرب إياه . كما أنه حجر زاوية في حياتنا الروحية ، لأنه إذا كان اللاهوت قد اتحد بالناسوت في شخص المسيح دون أن يبطل هذا الناسوت ، فذلك يعني انه يمكننا أن نتحد بالله ونتاله دون أن تذوب إنسانيتنا وتمحى . وهكذا يمكننا أن . نفهم أهمية الجهاد الذي جاهدته الكنيسة لتحفظ عبر الأجيال الاعتقاد القويم في شخص المسيح ضد كل البدع التي حاولت ان تشوه هذا الاعتقاد


المسيح شخص واحد


فقد ظهرت في القرن الخامس بدعة نادى بها نسطوريوس علمت أن المسيح شخصين أحدهما إلهي والآخر إنساني غير ملازمين بالضرورة أحدهما للآخر . وقالت بأن المسيح عندما ولد كان إنساناً محضاً ثم سكنت فيه الألوهية كما في هيكل ولازمنه الى حين صلبه ، حينئذ فارقته فلم يكن على الصليب سوى إنسان يتألم . ولذلك كان أتباع هذه البدعة يسمون العذراء مريم ، والدة المسيح ، وليس ، والدة الإله .. ولكن هذه البدعة النسطورية التي تشق شخص المسيح الواحد، مخالفة لتعليم الكتاب المقدس . فقد حيث اليصابات مريم الحبلى بيسوع قائلة لها : « من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي ؟، وهذا الكلام الموحى به من الروح القدس ( لأن اليصابات قالته وهي ممتلئة من الروح القدس ) يعني أن مريم مزمعة أن تلد ليس مجرد إنسان بل الرب نفسه . كذلك المسيح المتألم والمهان على الصليب لم يزل حتى في تلك اللحظات أيضاً إلها ، كما يتضح من قول الرسول بولس : : لو عرفوا لما صلبوا رب المجد ) ( ۱) كورنثوس ۲ : ۸) : فالمصلوب هو إذا بالوقت نفسه رب المجد . كذلك تحدث الرسول نفسه عن « كنيسة الله التي اقتناها بدمه : ( أعمال ۲۰ : ۲۸ ) : فالدم الذي سفك على الصليب لم يكن مجرد دم إنسان إنما كان دم الله نفسه . وقد اجتمع المجمع الثالث المسكوني في أفسس سنة ٤٣١ لدحض هذه البدعة ، فأثبت أن المسيح شخص واحد غير متجزيء


في طبيعتين


وكرد فعل للبدعة السابقة ، ظهرت في القرن الخامس أيضاً بدعة معاكسة نادى بها أفتيشيس (او) أوطيخا) تقول بأن الطبيعة الإلهية في المسيح قد ابتلعت الطبيعة الإنسانية ولذا فالمسيح ليس فقط شخصاً واحداً ، كما تقول الأرثوذكسية ، بل طبيعة واحدة أيضاً وهي الطبيعة الإلهية التي ذابت فيها الطبيعة الإنسانية.. ولذا دعيت هذه البدعة ه بدعة الطبيعة الواحدة ... وقد حكم عليها المجمع الرابع المسكوني المنعقد في خلقيدون سنة ٤٥١ ، وأثبت ان يسوع ليس فقط إلهاً تاماً ولكنه أيضاً إنسان تام ، إنسان بالحقيقة وليس بالمظهر والخيال.


القول بالطبيعتين الذي حدده المجمع المسكوني الرابع لم تأخذ به الكنائس الشرقية القديمة (السريان الأقباط الأحباش، الأرمن. أن هذه الكنائس ترفض عبارة الطبيعتين ولكنها تكفر بأن اوطيخا القائل بذوبان الطبيعة الإنسانية بالطبيعة الإلهية. فيكون الاختلاف فيما بيننا وبينها إختلافاً لفظياً لا يمس جوهر العقيدة .


وهذا ما يتضح جلياً في الإنجيل كله إذ نرى فيه يسوع قد ولد كإنسان ونما وترعرع وكان يجوع ويعطش ويفرح ويتألم ويبكي وقد مات و دفن كإنسان . وكما كان يتكلم كإله قائلاً : ( أنا والأب واحد . (يوحنا ۱۰ : ۳۰ ) ، كان يتكلم أحياناً كإنسان قائلاً : و أنتي منطلق الى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ) ( يوحنا ۲۰ : ۱۷) . وفي الظرف نفسه كان يتصرف كإله وإنسان مظهراً بذلك أن الطبيعتين الإلهية والإنسانية قائمتان كلاهما في شخصه الواحد ، فمثلاً كإنسان تعب وعطش وطلب من السامرية ان تسقيه ماء كاله كشف لها خفايا حياتها . كإنسان بكي على لعازر وسأل أين وضعوه وكاله أقامه من بين الأموات . ولذا كتب يوحنا : « والكلمة صار جسداً ، ( يوحنا (١ : (١٤) ، وورد في الرسالة الى العبرانيين، إذ اشترك البنون في اللحم والدم اشترك هو أيضاً فيهما . ) عبرانيين ٢ : ١٤ ) .


بمشيئتين


ولما استفحل الخلاف بين الأرثوذكس وأتباع الطبيعة الواحدة ، أراد البعض ، بضغط من الإمبراطور ، أن يوفقوا بين وجهتي النظر ، فاستعاضوا عن عبارة و طبيعة واحدة ، بعبارة ، مشيئة واحدة ، قائلين أن في المسيح طبيعتين ولكن المشيئة الإنسانية فيه ذابت في المشيئة الإلهية . ولكن المجمع السادس المسكوني المنعقد سنة ٦٨٠ في القسطنطينية دحض هذه البدعة الجديدة مثبتاً أن للمسيح إرادة إنسانية تتميز عن الإرادة الإلهية . فالإرادة الإلهية في المسيح هي إرادة الأب عينها : و أنا والأب واحده ( يوحنا ۱۰ : (۳۰) . أما الإرادة الإنسانية فيه فقائمة بذاتها ولكن المسيح بحريته أخضعها طيلة حياته وحتى الموت ، موت الصليب ، لإرادة الآب . هذا ما يتضح في قول الرب : ( لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الأب الذي أرسلني : ( يوحنا ٥ : ٣٠ ) . فللمسيح إذا كإنسان مشيئة متميزة عن مشيئة الآب ولكنه بحريته يرفض أن يدعها تختلف عن مشيئة الآب . وهذا ما يظهر أيضاً عندما صلى في بستان الجسمانية : و يا أبتاه إن شئت أن تعبر عني هذه الكأس ، ( متى ٢٦ : ۳۹ ) ( وهنا ظهرت مشيئته الإنسانية بأن يعفى من الألام ) ولكنه أردف


قائلاً : ، ولكن لتكن مشيئتك وليس مشيئتي : ( منى ٢٦ : ٣٩ ) ) وهنا أخضع إرادته الإنسانية خضوعاً كاملاً للمشيئة الإنهية ) .


ولكون الإرادة الإنسانية في المسيح متميزة عن الإرادة الإلهية لذلك كان من الممكن أن تجرب بالإستقلال عن الإرادة الإلهية وبالفعل جرب المسيح لكي يصبح شبيها لنا بكل شيء حتى بتجاربنا .


وقد روى لنا الإنجيل تجربتين حدثنا له إحداهما هي تجربته في البرية بعد صيامه ( منی ١٤ - ۱۱ ) والثانية تجربته برفض الآلام ( متى ٢٦ : (۳۹) . ولا بد أن يسوع من بتجارب أخرى طيلة حياته ولكنه كان دائماً باختياره يخضع إرادته الإنسانية لإرادة الآب وهكذا لم يرتكب خطيئة مع أنه شابهنا بكل شي... لذا استطاع أن يتحدى أعداءه سائلاً إياهم بجرأة لا يقوى إنسان عليها : « من منكم يوبخني على خطيئة ؟ ( يوحنا ٨ : ٣٦ ). لذلك أيضاً استطاع ان يقول لتلاميذه قبل آلامه : و لأن رئيس هذا العالم بأني ) أي الشيطان ) وليس له في شيء . ( يوحنا ١٤ : ٣٠) . وبهذا المعنى أيضاً كتب عنه الرسول بطرس : ( إنه لم يعمل خطيئة ولا وجد في فمه غش ) (۱) بطرس ۲ : ۲۲).
هكذا شاء الإله المتجسد أن يتخذ إرادة بشرية تامة لكي يجدد من الداخل إرادتنا الإنسانية المفسدة وشاء أن يمر بتجاربنا كي يعطينا قوة التغلب على التجارب .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

1) Integration ...

1) Integration of stem cell sources with organ-on-chip systems enhances preliminary drug screening b...

عزيزي/تي قتيبه،...

عزيزي/تي قتيبه، تم حجز موعد في عيادة العلاج الطبيعي ب 01/01/2024 10:00AM الرجاء الحضور قبل الموعد بـ...

اهم ثلاث نقاط ل...

اهم ثلاث نقاط لتكون شابا ناجحا : 1. تحمل المسؤولية الكاملة عن حياتك كن مسؤولًا عن مكان وجودك في ...

جغرافيتها تطورت...

جغرافيتها تطورت الحضارة العربية الإسلامية خلال العصور التي درج المؤرخين الأوروبيين على تسميتها بالعص...

في تشرين الثاني...

في تشرين الثاني / نوفمبر 1968 بعث القنصل العام الأمريكي في الظهران بالمملكة العربية السعودية لي دينز...

المصادر البشرية...

المصادر البشرية تُعدّ أكبر مساهمة في تلوث الهواء في وقتنا الحاضر هي التي تأتي عن طريق تأثير الإنسان،...

يضم الكتاب السا...

يضم الكتاب السادس (4) في سلسة الشهادات التاريخية عينة جديدة من المناضلين والثوار أكثر عناصرها من رجا...

It means the di...

It means the distribution of the population in a specific geographical area, according to the differ...

وبعد ثماني سنوا...

وبعد ثماني سنوات عينه يوزف الثاني مؤلفاً موسيقياً للبلاط، وفي 1788 رئيساً لفرقة المنشدين. في هذه الو...

ذات فائدة كبيرة...

ذات فائدة كبيرة في تنظيم حركات الصم وضعاف السمع، وفي تحقيق المزيد من السيطرة على أعضاء جسمهم والتحكم...

وبالرغم من غيوم...

وبالرغم من غيوم السماء كان منظرا جميلا من اسراب البط البري الذي يحلق على صفحة السماء وتقلبات الطقس م...

*طرق الحد من تل...

*طرق الحد من تلوث المحيطات بالبلاستيك:* ١- نقلل من استخدام البلاستيك الذي يستخدم مرة واحدة. ٢- نعيد ...