لخّصلي

موضوعات الكتب
مجموعات هنداوي
السالسل واألعمال الكاملة
األساطير اليونانية والرومانية
الباب الحادي عشر
مغامرات هرقل
مولد هرقل وحياته المبكرة
ما من بط ل في العصور القديمة نال من الشهرة ما نال هرقل
) هيراكليس اإلغريقي ( ، هو ابن جوبيتر وألكميني الطيبية . وقد
دأبت جونو على عداء أبناء جوبيتر من زوجاته األخريات، ولكن
عداوتها لهرقل فاقت كل حد؛ إذ كانت متأصلة وتتصف بالقسوة
القاتلة . وقد رتبت األمور قبل مولد هرقل لكي تمنعه حكم مملكة،
وبينما هو في مهده، أرسلت ثعبانين ليخنقاه، ولكن الولد هرقل كان
ًّا قوة خارقة، فما كان منه إل أن أمسكهما في يديه وخنقهما .
ًّا جد
قوي
تلقى هرقل في شبابه تعلي ًما في جميع فنون الرجال، وتدرب على
نه أمفتريوس ملك طيبة ابن أيدي خيرة ِّمي
معل بالد اإلغريق، فلقَّ
لقَّ دروسًا ألكايوس، ١ وحفيد برسيوس، والذي اشتهر بأنه والده، نه
في فن قيادة العربات . وعلمه أوتوليكوس بن ميركوري المصارعة،
وعلمه الملك يوريتوس الرماية، وعلمه كاستور الذي هو أحد أبناء
جوبيتر كيفية الصمود في القتال العنيف . ولقنه لينوس بن أيولو
ربه رادامانثوس، الذي
دروسًا في الغناء والعزف على القيثارة، ود َّ
بسبب أخالقه الحميدة، صار فيما بعد أحد قضاة العالم السفلى، دربه
على الحكمة والفضيلة، ولكن هرقل في شبابه ورجولته، كان يفتقر
إلى ضبط النفس، ففي إحدى سورات غضب مفاجئة قتل معلمه
لينوس .
نفى أمفتريون هرقل؛ بسبب جريمة قتل معلمه، إلى الريف، حيث
جعله يرعى الماشية . فنما وترعرع في الخالء، واطرد نمو قوته
يو ًما بعد يوم . وفي ذلك الوقت بدأ يقوم بأعمال مدهشة تنم عن فرط
طوي ًال يفتك القوة والجرأة، فقتل األسد الثيسبي، الذي ظل وقتًا
بقطعان األغنام في الجهات المجاورة . ومنذ ذلك الحين، أخذ هرقل
يرتدي جلد هذا األسد، وجعله لباسه العادي . وكان يحمل هراوة
ضخمة قطعها بنفسه من شجرة قريب ة من منطقة نيميا .
زواج هرقل وجنونه
حكى أنه رأى
ُ
قضى هرقل حياته كلها في خدمة زمالئه البشر . وي
حل ًما في حياته المبكرة : رأى سيدتين تقفان في مفترق الطريق .
قالت إحدى السيدتين لهرقل : » أنا السرور، وعندي لك عدة هدايا .
أهبك سهولة العيش والترف والثروة، واألصدقاء الشكورين،
والبيت السعيد، واألولد الذي يخلدون اسمك ويتذكرونك . لن تحتاج
إطالقً فتعا ل إلى شيء، ولن تقاسي أية مشقات، ولن تعرف الحزن ا،
معي .«
وقالت األخرى : » أنا الواجب، اخترني تكن المشقة دائ ًما في
ركابك، وستكون الراحة غريبة عليك، وكثي ًرا ما ستعاني األلم،
ويمزق الحزن قلبك . ومع ذلك فسيتذكرك البشر بالشكر، وعرفان
الجميل . ستكون بطل شعبك وسيخلدون اسمك إلى األبد، فتعال
معي .«
ُطلق
لم يتردد هرقل في حلمه، بل سار في طريق الواجب، وأحيانًا ي
على الواجب اسم » اختيار هرقل« .
تحقق كل ما وعدته به الواجب .
فلما رجع هرقل من منفاه راعيًا، ساعد أخاه غير الشقيق إيفكليس
وأباه بالتبني أمفتريون في حرب شناها لتحرير مدينتهما . ورغم أن
ُزم هزيمة نكراء أمفتريوس تل
قُ في هذه الحرب، إل أن العدو ه
بفضل بسالة هرقل، فنال مكافأته يد األميرة ميجارا، فعاش وقتًا ما
سعيدًا معها ومع أولده منها .
ِّط ق رؤية هرقل في
ُ
أطلت جونو من أوليمبوس إلى األرض، فلم ت
سعادة ورغد عيش، فأرسلت إليه جنونًا جعله يقتل أولده وهو في
غمرة جنونه، كما قتل اثنين من أولد أخيه إفكليس . غير أن مينيرفا
عميقً أنقذه من اقترا ِّف جرائم أشفقت عليه، فأرسلت إليه نو ًما ا
معافً . فحزن ا أخرى . فلما استيقظ من نومه، كان سليم العقل ى
حزنً ُ
رط منه . ا
عميقً على ما ف
أعمال هرقل الستة األولى
عرف هرقل أن مجرد الحزن ل يكفي، فسعى إلى تطهير نفسه
بطر ق أخرى . فاستشار الحكماء والكهنة ووحي اآللهة . وأخي ًرا
فرض على نفسه حك ًما قاسيًا، أن يخدم ابن عمه الملك يوريسثيوس،
وينفذ أوامره مهما تكن، وذلك لمدة اثني عشر شه ًرا. وفي تلك
األثناء أوحت جونو إلى يوريسثيوس بعدة أعما ل يفرضها على
سبب له معاناة وإهانة بالغتين .
ُ
هرقل، فت
• العمل األول : أمر يوريسثيوس هرقل بأن يقتل
و األهلين، وقتل أسد نيميا، ذلك الوحش الكاسر الضخم الذي ع
َّ
ر
الناس والماشية، ولم تفلح في القضاء عليه أية هجمات قام بها
ُكان منطقة نيميا . كما أمر بأن يحضر إليه ذلك األسد مقتو ًل،
س
ُث في كافة أرجائها، حتى
فانطلق هرقل إلى تلك المنطقة، وأخذ يبح
مفزع. ووجد هرقل أن
وجد ذلك الضرغام، فن ِّشب بينهما قتال ُ
سهامه وهراوته الضخمة ليست كافية لقتل هذا األسد . فألقى البطل
قوسه وعصاه جانبًا، وهجم على الوحش بيديه القويتين فخنقه حتى
مات، فحمله على كتفيه، وذهب به إلى يوريسثيوس كما طلب،
فارتعد هذا األخير فرائ ص وأعضا ًء؛ لرؤية ذلك الوحش الغضنفر .
• العمل الثاني : أمر هرقل بأن يقتل الهيدرا، أو
أفعوان ليرنا . فلما التقى به من كثب وجد له تسعة رءوس، فإذا ما
ض رب بعصاه رأسًا منها فأطاح به، نب ت مكانه على الفور رأسان
آخران جديدان . أما الرأس األوسط فكان خالدًا، قاوم كافة الجهود
التي بذلها هرقل لقطعه، فالح لهرقل أن جهوده كله تذهب أدراج
الرياح، ولكنه لم يعدم حيلة، فاستعان بابن أخيه أيولوس الذي
ص ِّحب ه في هذه المرة . فربط األفعوان إلى شجرة ضخمة، وأوقد
نا ًرا تحت رءوسه القابلة للفناء، فالتهمت النار الرءوس الجديدة
نم وِّ حتى أتت عليها جميعًا، ولم يبق لألفعوان سوى بمجرد ها،
الرأس التاسع الخالد، فدفنه هرقل تحت صخرة عاتية . وانتفع بدم
ممها.
َّ
ذلك األفعوان بأن غمس فيه سهامه فس
• العمل الثالث : القبض على الوعل األركادي،
ذلك الحيوان العجيب البالغ السرعة، ذي القرون الذهبية واألظالف
البرنزية . خرج إليه هرقل يبحث عنه حتى وجده، فظل يطاردُه مدة
عام كامل دون جدوى؛ بسبب سرعته العظيمة . وأخي ًرا وبعد أل ي
وبذا قبض عليه استطاع هرقل أن يجرح ذلك الوعل جر ًحا ا،
بسيطً
وحمله على كتف ي ه، وذهب به إلى يوريسثيوس .
• العمل الرابع : صيد الخنزير اإلريمانثي، طلب
ًّا. وكان هذا
يوريسثيوس من هرقل أن يحضر له ذلك الحيوان حي
الخنزير بالغ الشراسة، عا ث في تلك المنطقة الريفية تحطي ًما
وتدمي ًرا، وأتى على اليابس واألخضر . فطارده هرقل وسط الثلوج
العميقة المتراكمة على الجبل الذي يعيش فيه هذا الخنزير، وظل
ه، وأخي ًرا أمسكه في شبكته الضخمة، وحمله
ُ
يطارده وهو يراوغ
إلى سيده يوريسثيوس .
• العمل الخامس : تنظيف حظائر أوجياس ملك
إليس . كان لهذا الملك قطي ع يتكون من ثالثة آلف ثور، ظلت
حظائرها ل تنظف لمدة عدة سنوات، حتى تراكمت فيها األقذار إلى
درج ة ل تطاق . فلما كلف هرقل بتنظيفها، سد نهري ألفيوس
َّان مياههما في تلك الحظائر . فأخذت المياه
وبينيوس، وجعلهما يصب
المتدفقة تجرف األقدار أمامها شيئًا فشيئًا، حتى نظفتها تما ًما،
وعندئذ أعاد هرقل النهرين إلى مج ري ي هما األصليين مرةً أخرى .
• العمل السادس : قتل الطيور الستمفالية، تلك
الطيور التي كانت تحت الرعاية الخاصة لإلله مارس، كانت مخالب
وأجنحة ومناقير هذه الطيور من البرنز . فإذا ما هاجمت عد ًوا أو
فريسة استخدمت ريشها سها ًما، وكانت ج ِّشعة تفضل لحوم البشر
على كل ما عداها من األطعمة . وكانت تعيش في بحيرة قرب منطقة
ستمفالوس في أركاديا، فأمر يوريسثيوس هرقل بأن يطرد تلك
ود ت الطيور من مأواها ويقتلها . فطلب هرقل مساعدة مينيرفا، ه
فز َّ
بمصلصلة عظمى أزعج صوتها تلك الطيور، فانطلقت من مجاثمها
تطير من جو السماء . وعندئذ أخذ هرقل يصوب إليها سهامه حتى
قتلها جميعًا.
أعمال هرقل الستة األخيرة
• العمل السابع : القبض على الثور الكريتي
الجميل، الذي أهداه نبتيون إلى مينوس ملك كريت، وصار فيما بعدُ
بالغ الضراوة . فأمر هرقل بالقبض عليه، ففعل وحمله على كتفيه
القويتين، حتى دخل به على يوريسثيوس، فتركه في قصره .
• العمل الثامن : القبض على أفراس ديوميديس،
ُط ِّعم خيوله لحوم البشر . فاستعان
ذلك الملك القاسي الذي كان ي
هرقل ببعض أصدقائه، وأمسك بتلك الخيول، وسار بها مرتح ًال إلى
وطنه . فطاردهم ديوميديس وأتباعه، فن ِّشبت بينهم معركة انتصر
فيها هرقل، وسقط ديوميديس صريعًا. فألقى هرقل بجثته إلى
خيوله، فما أن التهمت لحم سيدها، حتى رجعت أليفة ترفض أكل
لحم اإلنسان .
• العمل التاسع : كان هذا العمل بالغ الصعوبة
،
بح ق وهو الحصول على زنار هيبوليتي ملكة األمازونات، أولئك
َّ سن مدينة خاصة بهن في آسيا
النسوة المحاربات اللواتي أس
الصغرى . وكانت هيبوليتي قد أهداها مارس زنا ًرا غاية في
الجمال . فتلهفت أدميتا ابنة يوريسثيوس إلى امتالك هذا الزنار
الفريد . ت
فحث أباها على أن يأمر هرقل بإحضاره، وبعد عدة َّ
مغامرات، وصل هرقل أخي ًرا إلى مملكة األمازونات، فاستقبلته
هيبوليتي بالترحاب، ووعدته بأن تهدي إليه ذلك الزنار، ولكن
جونو اتخذت صورة إحدى األمازونات، وأدخلت في روع تابعات
هيبوليتي أن هرقل سيأخذ ملكتهن أسيرة، فهاجمهن هرقل الذي ظن
هناك خيانة من هيبوليتي، فقتلها وأخذ الزنار، وقفل راجعًا إلى
وطنه، حيث قدم الزنار إلى يوريسثيوس .
• العمل العاشر : القبض على ثيران جيريون،
ذلك العمالق ذي الثالثة الرءوس، والذي يعيش في جزيرة إروثيا
الصغيرة وغير المعروفة جيدًا . كان جيريوس هذا

ضخم الجسم
عظيم القوة ومسل ًحا بأسلحة قوية . ويساعده في حراسة قطعان
ماشيته الكبيرة عمال ق آخر اسمه يوروتيون، وكلب ذو رأسين . ظل
را بعدة بالد منها
هرقل مدة طويلة يبحث عن جزيرة إروثيا، ما ًّ
حدود أوروبا، ولكي يضع عالمة تبين مدى تقدمه . وضع جبلين
شاهقين كأعمدة أطلق عليهما األقدمون اسم » أعمدة هرقل«،
وأطلق عليهما المحدثون اسم » جبل طارق« . ولما ضايقت حرارة
تلك المنطقة هرقل، أطلق بع ض سهامه نحو الشمس . عجب
ُ
فأ إله
ًّا؛ ليبحث
الشمس بجرأته، وأعطاه قاربًا من الذهب يقود نفسه تلقائي
به عن جزيرة إروثيا . فلما وصل إليها قتل جيريوس ويوروتيون
والكلب، وشحن الثيران في قاربه ال ِّس حري، وعاد به إلى شاطئ
بالد اإلغريق، حيث أعاد القارب ثانية إلى الشمس .
• العمل الحادي عشر : إحضار تفاح
الهسبيريديات الذهبي . لم يعرف هرقل موضع التفاح الذهبي
ُثمر ذلك التفاح يحرسها
س، ولكنه كان يعلم أن الشجرة التي ت
َّ
المقد
ر من هناك، كما أن
َّ
سمح ألي فرد بأن يم
ُ
تنين دائم اليقظة، فال ي
لديه مناعة ضد الجروح . وزيادة على هذا، كان يعرف أن أطلس،
ذلك التيتان الذي يحمل السماء فوق كتف ي ه، يقيم بالقرب من الحديقة
التي بها ذلك التفاح، وأن بنات أطلس الهسبيربديات، يرقصن
باستمرار حول تلك الشجرة التي تثمر ذلك التفاح العجيب . وبعد
تجوالت طويلة، عثر هرقل على أطلس، فرجاه أن يذهب معه،
ويقطف له بع ًضا من ذلك التفاح . فوافق أطلس على أن يأتيه بالتفاح
ه ببغيته . فقبل هرقل وحمل إن حمل ثقل السماء
ُ
بد ًل منه، ريثما يجيئ
السماء، وانصرف أطلس وعاد بعد فترة قصيرة ، ومعه عدة تفاحات
ذهبية، ولكنه رفض أن يحمل ثانية حمله القديم؛ إذ ابتهج بحريته .
ه إلى األبد . قال أطلس
َّ
وكان راضيًا تمام الرضا بأن يحل هرقل محل
مقهقهًا: » سآخذ التفاح إلى يوريسثيوس بد ًل منك، وأخبره بأنك ل
تستطيع إحضاره له بنفسك .« 
 تظاهر هرقل برضاء عن فكرة
أطلس، وقال : » ولكن حمل السماء ليس موضوعًا على كتفي
بطريق ة مريحة .« قال هذا، وهو يتململ ويحرك الحمل بعدم
ارتياح، ثم مضى يقول : » أمسك السماء لحظة واحدة فحسب، ريثما
أضع جلد األسد كوسادة فوق ظهري .« 
 لم يشتبه أطلس في وجود
رت على كتفيه، حتى خطف
خدعة، فحمل السماء ثانية . وما إن استق َّ
هرقل التفاح الذهبي من يديه، وودعه مبتس ًما.
• العمل الثاني عشر : واألخير من األعمال التي
كُلف بها هرقل، لم يكن أقل مشقة من أي عم ل سابق . كُلف هرقل
بإحضار الكلب كربيروس من العالم السفلي . وهنا أي ًضا اضطر
هرقل إلى طلب مساعدة اآللهة . فصحبه في رحلته المخيفة إلى
مملكة هاديس ك ل من مينيرفا وميركوري . فرحب بلوتو بطلبه أن
يأخذ كربيروس معه إلى العالم العلوي، على شرط أل يستخدم أية
أسلحة ضد كلبه ذي الرءوس الثالثة، والذي يحرس العالم السفلي .
فناضل هرقل مع الكلب بقوته المجردة فحسب، وأخي ًرا تمكن من
إخضاعه، وحمله إلى يوريسثيوس؛ لكي يفحصه فحسب، ثم أعاده
ثانية إلى المناطق السفلى . ً
حياة هرقل األخيرة
روى عدة حكايات أخرى عن هرقل الذي أصبح البطل القومي
ُ
ت
لبالد اإلغريق . عاد إليه الجنون مرة أخرى، فقتل صديقه إفيتوس .
ولكي يكفر عن هذه الجريمة، فرض على نفسه أن يخدم عبدًا لمدة
ثالث سنوات، فوضع نفسه في هذه المرة تحت إمرة امرأة هي
حكى عنها أنها لكي تظهر سيطرتها على هرقل،
ُ
الملكة أومفالي . وي
أمرته بارتداء ثياب النساء، ويغزل الصوف، بينما لبست هي جلد
األسد .
عندما ربط بروميثيوس بالسالسل إلى صخرة في القوقاز، وجد
تعزية واحدة أدخلت السرور على نفسه، وهي أن واحدًا من نسل
جوف نفسه سيأتي ويخلصه من قيوده . وهذه الحادثة التي قررتها
تحقَّ في الوقت المناسب، عندما أبصره هرقل أثناء قيامه األقدار قت
إشفاقً على هذا التيتان الذي قاسى بإحدى رحالته، فامتألت نفسه ا
مم على قتل الطائر
َّ
مثل هذا العذاب؛ بسبب خدمته للبشر . وص
بلحم بروميثيوس . فنفذ ما أراده، وخلص الجارح الذي كان ى
َّ
يتغذ
واهب النار البشر من سالسله . وفي رحل ة أخرى التحم هرقل مع
أنتايوس أحد أولد نبتيون؛ إذ تحداه في القتال، فوجد هرقل أنه في
كل مرة يطرح خصمه أر ًضا، ينهض هذا وقد تضاعف ت قوته بعد
التصال باألم األرض . وعلى ذلك رفعه هرقل في الهواء، وظل
ُقه حتى أخضعه .
يخن
تزوج هرقل ديانيرا ابنة أوينيوس، وشقيقة ملياجر، تلك التي جاءه
الموت عن طريقها . فذات مرة وصل هرقل وديانيرا إلى مخاضة
نهر، حيث كان القنطور نيسوس ينقل الناس خاللها نظير أجر .
وكان بوسع هرقل نفسه أن يعبر ذلك المجرى بغير عناء، أما
ديانيرا فجعل نيسوس يحملها فوق ظهره ليعبر بها النهر . وكانت
ديانيرا ذات جما ل بارع، فلما أبصرها نيسوس بد ًل من أن يحملها
إلى الضفة األخرى للنهر، استدار بها واتجه نحو المغارة التي كان
يعيش فيها، فأمسك هرقل قوسه، وهو واقف على الضفة األخرى .
وأطلق منها سه ًما اخترق قلب نيسوس، وبينما هذا األخير يلفظ آخر
أنفاسه، همس إلى ديانيرا، وأخبرها بأن دمه تعويذة سحرية للحب،
تساعدها على الحتفاظ بحب زوجها لها .
ججت نار الغيرة
صدقت ديانيرا نيسوس بغباء . وذات مرة عندما تأ َّ
في فؤادها؛ إذ لحظت اهتمام هرقل بفتاة أسيرة، فغمست ثوبًا
سيلبسه هرقل في دم نيسوس الذي كانت تحتفظ به لوقت الحاجة .
ما قات ًال. فلما ارتدى البطل ذلك
ًّ
غير أن ذلك الدم كان في الحقيقة س
الثوب، امتد شره إلى لحمه؛ إذ التصق الثوب بجسمه، وظل يذيب
وعبث حاول هرقل أن ينزع ً لحمه مسببًا له آل ًما مبرحة قاتلة . ا
الثوب عن جسده، فص ِّعد إلى جبل وجمع كومة من األخشاب، ورقد
فوقها لتكون كومته الجنائزية . ثم أمر بإشعال النار فيها، إل أن
جوبيتر تدخل في اللحظة األخيرة . فخطفه إلى أوليمبوس، حيث
تصالح مع جونو، فأعطته ابنتها هيبي ليتزوجها .
١ لقب هرقل أحيانًا باللقب ألكيديس، أي أحد أفراد أسرة الكايوس .