لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ فِي عُمُرِ الوَرْدِ حِينَ لَقْنَتَهُ أُمُّهُ وَ الغُمَيْصَاءُ (۱) الشَّهَادَتَيْنِ ، وَأَتْرَعَتْ فُؤَادَهُ الغَضَّ بِحُبِّ نَبِيِّ الإِسْلَامِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى السَّلَامِ . وَلَا غَرْوَ ، .. وَكَمْ تَمَنَّى الغُلَامُ الصَّغِيرُ أَنْ يَمْضِي إِلَى نَبِيِّهِ فِي مَكَّةَ ، وَيَهْنَأُ بِلُقْيَاهُ . *** فَغَمَرَتِ (۲) البَهْجَةُ كُلَّ بَيْتٍ ، وَمَلَاتِ الفَرْحَةُ كُلَّ قَلْبٍ . وَتَعَلَّقَتِ العُيُونُ وَالقُلُوبُ بِالطَّرِيقِ المَيْمُونِ (۳) الَّذِي يَحْمِلُ خُطَا النبي ﷺ وَصَاحِبِهِ إِلَى ( يَثْرِبَ ) . وَأَخَذَ الفِتْيَانُ يُشِيعُونَ مَعَ إِشْرَاقَةِ كُلِّ صَبَاحٍ : فَكَانَ يَسْعَى إِلَيْهِ أَنَسٌ مَعَ السَّاعِينَ مِنَ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ ؛ لَكِنَّهُ لَا يَرَى شَيْئًا فَيَعُودُ كَثِيباً مَحْزُوناً . *** وَفِي ذَاتِ صَبَاحٍ شَدِيٌّ (1) الْأَنْدَاءِ، نَضِيرِ الرُّوَاءِ، يَثْرِبَ ) : إِنَّ مُحَمَّداً وَصَاحِبَهُ غَدَوا قَرِيبَيْنِ مِنَ المَدِينَةِ . فَطَفِقَ الرِّجَالُ يَتَّجِهُونَ نَحْوَ الطَّرِيقِ المَيْمُونِ الَّذِي يَحْمِلُ إِلَيْهِمْ نَبِيَّ الهُدَى وَالخَيْرِ . وَمَضَوْا يَتَسَابَقُونَ إِلَيْهِ جَمَاعَاتٍ جَمَاعَاتٍ ، الفتية . .. *** أَقْبَلَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مَعَ صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ ، وَمَضَيَا بَيْنَ أَظْهُرِ الجُمُوعِ الزَّاخِرَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالوِلْدَانِ . أَمَّا النِّسْوَةُ المُخَدَّرَاتُ (۳)، وَجَعَلْنَ يَتَرَاءَيْنَ (٤) الرَّسُولَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَيَقُلْنَ : أَيُّهُمْ هُوَ ؟! . أَيُّهُمْ هُوَ ؟! . فَكَانَ ذَلِكَ اليَوْمُ يَوْماً مَشْهُوداً . ظَلَّ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ يَذْكُرُهُ حَتَّى نَيْفَ عَلَى المِائَةِ مِنْ عُمُرِهِ . حَتَّى جَاءَتْهُ ( الغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ ، أُمَّ أَنَسٍ ، وَكَانَ مَعَهَا غُلَامُهَا الصَّغِيرُ، وَذُوْابَتَاهُ تَنُوسَانِ (۱) عَلَى جَبِينِهِ . ثُمَّ حَيْتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ . لَمْ يَبْقَ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَقَدْ أَنْحَفَكَ بِتُحْفَةٍ ، وَإِنِّي لَا أَجِدُ مَا أُنْحِفُكَ بِهِ غَيْرَ ابْنِي هَذَا . فَخُذْهُ ، فَلْيَخْدِمْكَ مَا شِئْتَ . فَهَشُ النَّبِيِّ ﷺ لِلْفَتَى الصَّغِيرِ وَبَشَّ(۲)، وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ ، وَمَسَّ ذُوابَتَهُ (۳) بِأَنَامِلِهِ النَّدِيَّةِ ، وَضَمَّهُ إِلَى أَهْلِهِ . كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ أَوْ أُنَيْسٌ ) - كَمَا كَانُوا يُنَادُونَهُ تَدْلِيلاً - فِي العَاشِرَةِ مِنْ عُمُرِهِ يَوْمَ سَعِدَ بِخِدْمَةِ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ . الأَعْلَى (٤). نَهَلَ (٥) فِيهَا مِنْ هَدْيهِ مَا زَكَّى بِهِ نَفْسَهُ ، وَوَعَى مِنْ حَدِيثِهِ مَا مَلَأَ بِهِ صَدْرَهُ ، وَأَخْبَارِهِ وَأَسْرَارِهِ وَشَمَائِلِهِ (۱) مَا لَمْ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ سِوَاهُ . *** وَقَدْ لَقِيَ أَنَسُ بْن مَالِكِ مِنْ كَرِيمٍ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. وَذَاقَ مِنْ نَبِيلِ شَمَائِلِهِ ، وَجَلِيلِ خَصَائِلِهِ مَا تَغْبِطُهُ عَلَيْهِ الدُّنْيَا . وَعَلَى وَصْفِهَا أَقْوَى . .. وَأَرْحَبِهِمْ (۳) صَدْراً ، وَأَوْفَرِهِمْ حَنَانًا . وَيَأْخُذُ بِثَوْبِي . فَالْتَفَتْ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَبْتَسِمُ وَيَقُولُ : يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ ؟ ) . إِنِّي ذَاهِبٌ الْآنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ : لِمَ صَنَعَتَهُ . وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ : لِمَ تَرَكْتَهُ ؟!


وَكَانَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ إِذَا نَادَىٰ أَنساً صَغَرَهُ (۱) تَحَبُّباً وَتَدْلِيلاً ؛ وَأُخْرَى يَا بُنَيَّ . مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لَهُ : ( يَا بُنَيَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشْ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ . يَا بُنَيَّ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي ، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الجَنَّةِ . .. يَا


  1. .. وَأَحْيَا فِيهَا القُلُوبَ بِمَا بَنَّهُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (٤) مِنْ هَذِي النَّبِيِّ ﷺ ، وَقَدْ غَدًا أَنَسٌ عَلَى طُولِ هَذَا العُمُرِ المَدِيدِ مَرْجِعاً لِلْمُسْلِمِينَ ، وَيُعَوِّلُونَ (١) عَلَيْهِ كُلَّمَا اسْتَغْلَقَ (۲) عَلَى أَفْهَامِهِمْ حُكْمٌ . مِنْ ذَلِكَ ، أَنْ بَعْضَ المُمَارِينَ فِي الدِّينِ جَعَلُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي ثُبُوتِ حَوْضِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ القِيَامَةِ ، فَسَأَلُوهُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ أَعِيشَ حَتَّى أَرَى أَمْثَالَكُمْ يَتَمَارَوْنَ (۳) فِي الحَوْضِ ، النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . *** وَلَقَدْ ظَلَّ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ يَعِيشُ مَعَ ذِكْرَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مَا امْتَدَّتْ بِهِ الحَيَاةُ . .. سَخِيَّ الدَّمْعَةِ عَلَى يَوْمِ فِرَاقِهِ ، .. حَرِيصاً عَلَى مُتَابَعَتِهِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ ، وَيَكْرَهُ مَا كَرِهَ ، وَكَانَ أَكْثَرَ مَا يَذْكُرُهُ مِنْ أَيَّامِهِ يَوْمَانِ : يَوْمُ لِقَائِهِ مَعَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَإِذَا خَطَرَ لَهُ الْيَوْمُ الثَّانِي انْتَحَبَ وَبَكَى ، وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ مِنَ النَّاسِ . وَكَثِيراً مَا كَانَ يَقُولُ : لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا ، وَرَأَيْتُهُ يَوْمَ قُبِضَ مِنَّا ، فَلَمْ أَرَ يَوْمَيْنِ يُشْبِهَانِهِمَا .


النص الأصلي

كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ فِي عُمُرِ الوَرْدِ حِينَ لَقْنَتَهُ أُمُّهُ وَ الغُمَيْصَاءُ (۱) الشَّهَادَتَيْنِ ، وَأَتْرَعَتْ فُؤَادَهُ الغَضَّ بِحُبِّ نَبِيِّ الإِسْلَامِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ


أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى السَّلَامِ ...


فَشُغِفَ أَنَسٌ بِهِ حُبًّا عَلَى السَّمَاعِ .


وَلَا غَرْوَ ، فَالأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ العَيْنِ أَحْيَاناً . ...


وَكَمْ تَمَنَّى الغُلَامُ الصَّغِيرُ أَنْ يَمْضِي إِلَى نَبِيِّهِ فِي مَكَّةَ ، أَوْ يَفِدَ الرَّسُولُ الأَعْظَمُ الله عَلَيْهِمْ فِي ( يَثْرِبَ ) لِيَسْعَدَ بِرُؤْيَاهُ ، وَيَهْنَأُ بِلُقْيَاهُ .




لَمْ يَمْضِ عَلَى ذَلِكَ طَوِيلُ وَقْتٍ حَتَّى سَرَى فِي ( يَثْرِبَ ) المَحْظُوظَةِ المَغْبُوطَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَصَاحِبَهُ الصِّدِّيقَ فِي طَرِيقِهِمَا إِلَيْهَا ... فَغَمَرَتِ (۲) البَهْجَةُ كُلَّ بَيْتٍ ، وَمَلَاتِ الفَرْحَةُ كُلَّ قَلْبٍ ...


وَتَعَلَّقَتِ العُيُونُ وَالقُلُوبُ بِالطَّرِيقِ المَيْمُونِ (۳) الَّذِي يَحْمِلُ خُطَا


النبي ﷺ وَصَاحِبِهِ إِلَى ( يَثْرِبَ ) .
وَأَخَذَ الفِتْيَانُ يُشِيعُونَ مَعَ إِشْرَاقَةِ كُلِّ صَبَاحٍ :


أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ جَاءَ ....


فَكَانَ يَسْعَى إِلَيْهِ أَنَسٌ مَعَ السَّاعِينَ مِنَ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ ؛ لَكِنَّهُ لَا يَرَى شَيْئًا فَيَعُودُ كَثِيباً مَحْزُوناً .




وَفِي ذَاتِ صَبَاحٍ شَدِيٌّ (1) الْأَنْدَاءِ، نَضِيرِ الرُّوَاءِ، هَتَفَ رِجَالٌ فِي


( يَثْرِبَ ) : إِنَّ مُحَمَّداً وَصَاحِبَهُ غَدَوا قَرِيبَيْنِ مِنَ المَدِينَةِ . فَطَفِقَ الرِّجَالُ يَتَّجِهُونَ نَحْوَ الطَّرِيقِ المَيْمُونِ الَّذِي يَحْمِلُ إِلَيْهِمْ نَبِيَّ الهُدَى وَالخَيْرِ ...


وَمَضَوْا يَتَسَابَقُونَ إِلَيْهِ جَمَاعَاتٍ جَمَاعَاتٍ ، تَتَخَلَّلُهُمْ أَسْرَابٌ(۲) مِنْ صِغَارِ الفِتْيَانِ تُزَغْرِدُ عَلَى وُجُوهِهِمْ فَرْحَةٌ تَغْمُرُ قُلُوبَهُمُ الصَّغِيرَةَ ، وَتُتْرِعُ أَفْئِدَتَهُمُ


الفتية . ...


وَكَانَ فِي طَلِيعَةِ هَؤُلَاءِ الصَّبْيَةِ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ الْأَنْصَارِيُّ .




أَقْبَلَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مَعَ صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ ، وَمَضَيَا بَيْنَ أَظْهُرِ الجُمُوعِ الزَّاخِرَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالوِلْدَانِ ...


... أَمَّا النِّسْوَةُ المُخَدَّرَاتُ (۳)، وَالصَّبَايَا الصَّغِيرَاتُ فَقَدْ عَلَوْنَ سُطُوحَ


المَنَازِلِ ، وَجَعَلْنَ يَتَرَاءَيْنَ (٤) الرَّسُولَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَيَقُلْنَ :


أَيُّهُمْ هُوَ ؟! ... أَيُّهُمْ هُوَ ؟! .


فَكَانَ ذَلِكَ اليَوْمُ يَوْماً مَشْهُوداً ....


ظَلَّ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ يَذْكُرُهُ حَتَّى نَيْفَ عَلَى المِائَةِ مِنْ عُمُرِهِ .




مَا كَادَ الرَّسُولُ الكَرِيمُ الله يَسْتَقِرُ بِالمَدِينَةِ ؛ حَتَّى جَاءَتْهُ ( الغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ ، أُمَّ أَنَسٍ ، وَكَانَ مَعَهَا غُلَامُهَا الصَّغِيرُ، وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهَا ،


وَذُوْابَتَاهُ تَنُوسَانِ (۱) عَلَى جَبِينِهِ ...


ثُمَّ حَيْتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ... لَمْ يَبْقَ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَقَدْ أَنْحَفَكَ بِتُحْفَةٍ ، وَإِنِّي لَا أَجِدُ مَا أُنْحِفُكَ بِهِ غَيْرَ ابْنِي هَذَا ....


فَخُذْهُ ، فَلْيَخْدِمْكَ مَا شِئْتَ ...


فَهَشُ النَّبِيِّ ﷺ لِلْفَتَى الصَّغِيرِ وَبَشَّ(۲)، وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ ، وَمَسَّ ذُوابَتَهُ (۳) بِأَنَامِلِهِ النَّدِيَّةِ ، وَضَمَّهُ إِلَى أَهْلِهِ .






كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ أَوْ أُنَيْسٌ ) - كَمَا كَانُوا يُنَادُونَهُ تَدْلِيلاً - فِي العَاشِرَةِ مِنْ عُمُرِهِ يَوْمَ سَعِدَ بِخِدْمَةِ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ .


وَظَلَّ يَعِيشُ فِي كَنَفِهِ وَرِعَايَتِهِ إِلَى أَنْ لَحِقَ النَّبِيُّ الكَرِيمُ ﷺ بِالرَّفِيقِ


الأَعْلَى (٤).


فَكَانَتْ مُدَّةُ صُحْبَتِهِ لَهُ عَشْرَ سَنَوَاتٍ كَامِلَاتٍ ، نَهَلَ (٥) فِيهَا مِنْ هَدْيهِ


مَا زَكَّى بِهِ نَفْسَهُ ، وَوَعَى مِنْ حَدِيثِهِ مَا مَلَأَ بِهِ صَدْرَهُ ، وَعَرَفَ مِنْ أَحْوَالِهِ


وَأَخْبَارِهِ وَأَسْرَارِهِ وَشَمَائِلِهِ (۱) مَا لَمْ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ سِوَاهُ .




وَقَدْ لَقِيَ أَنَسُ بْن مَالِكِ مِنْ كَرِيمٍ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. مَا لَمْ يَظْفَرْ بِهِ وَلَدٌ مِنْ وَالِدٍ ....


وَذَاقَ مِنْ نَبِيلِ شَمَائِلِهِ ، وَجَلِيلِ خَصَائِلِهِ مَا تَغْبِطُهُ عَلَيْهِ الدُّنْيَا . فَلْتَتْرُكُ لِأَنَسِ الحَدِيثَ عَنْ بَعْضِ الصُّوَرِ الوَضَّاءَةِ مِنْ هَذِهِ المُعَامَلَةِ الكَرِيمَةِ الَّتِي لَقِيَهَا فِي رِحَابِ النَّبِيِّ السَّمْحِ (۲) الكَرِيمِ ﷺ ، فَهُوَ بِهَا أَدْرَى ،


وَعَلَى وَصْفِهَا أَقْوَى . ...


قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ :


.. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقاً ،


وَأَرْحَبِهِمْ (۳) صَدْراً ، وَأَوْفَرِهِمْ حَنَانًا ....


فَقَدْ أَرْسَلَنِي يَوْماً لِحَاجَةٍ فَخَرَجْتُ ، وَقَصَدْتُ صِبْيَانَا يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ لأَلْعَبَ مَعَهُمْ وَلَمْ أَذْهَبْ إِلَى مَا أَمَرَنِي بِهِ ، فَلَمَّا صِرْتُ (٤) إِلَيْهِمْ شَعَرْتُ بِإِنْسَانِ


يَقِفُ خَلْفِي ، وَيَأْخُذُ بِثَوْبِي ...


فَالْتَفَتْ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَبْتَسِمُ وَيَقُولُ :


( يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ ؟ ) .


فَارْتَبَكْتُ وَقُلْتُ : نَعَمْ ....


إِنِّي ذَاهِبٌ الْآنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ....


وَاللَّهِ لَقَد خَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنَينَ ، فَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ : لِمَ صَنَعَتَهُ ...


وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ : لِمَ تَرَكْتَهُ ؟!




وَكَانَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ إِذَا نَادَىٰ أَنساً صَغَرَهُ (۱) تَحَبُّباً


وَتَدْلِيلاً ؛ فَتَارَةً يُنَادِيهِ يَا أُنَيْسُ ، وَأُخْرَى يَا بُنَيَّ .


وَكَانَ يُغْدِقُ عَلَيْهِ مِنْ نَصَائِحِهِ وَمَوَاعِظِهِ مَا مَلَا قَلْبَهُ وَمَلَكَ لُبَّهُ .


مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لَهُ : ( يَا بُنَيَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشْ لِأَحَدٍ


فَافْعَلْ ...


يَا بُنَيَّ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي ، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي . وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الجَنَّةِ ... ... يَا


بُنَيَّ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ ) .




عَاشَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَيْفا (۲) وَثَمَانِينَ عَاماً ؛ مَلَأَ خِلَالَهَا الصُّدُورَ عِلْمًا مِنْ عِلْمِ الرَّسُولِ الأَعْظَمِ ، 6.


وَأَتْرَعَ (۳) فِيهَا العُقُولَ فِقْهَا مِنْ فِقْهِ النُّبُوَّةِ . ...


وَأَحْيَا فِيهَا القُلُوبَ بِمَا بَنَّهُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (٤) مِنْ هَذِي النَّبِيِّ ﷺ ، وَمَا أَذَاعَهُ فِي النَّاسِ مِنْ شَرِيفِ أَقْوَالِ الرَّسُولِ الأَعْظَمِ اللهِ وَجَلِيل أَفْعَالِهِ .


وَقَدْ غَدًا أَنَسٌ عَلَى طُولِ هَذَا العُمُرِ المَدِيدِ مَرْجِعاً لِلْمُسْلِمِينَ ، يَفْزَعُونَ إِلَيْهِ كُلَّمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ ، وَيُعَوِّلُونَ (١) عَلَيْهِ كُلَّمَا اسْتَغْلَقَ (۲) عَلَى أَفْهَامِهِمْ حُكْمٌ .


مِنْ ذَلِكَ ، أَنْ بَعْضَ المُمَارِينَ فِي الدِّينِ جَعَلُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي ثُبُوتِ حَوْضِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ القِيَامَةِ ، فَسَأَلُوهُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ :


مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ أَعِيشَ حَتَّى أَرَى أَمْثَالَكُمْ يَتَمَارَوْنَ (۳) فِي الحَوْضِ ، لَقَدْ تَرَكْتُ عَجَائِزَ خَلْفِي مَا تُصَلِّي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا سَأَلَتِ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَهَا مِنْ حَوْضِ


النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .




وَلَقَدْ ظَلَّ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ يَعِيشُ مَعَ ذِكْرَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ


عَلَيْهِ مَا امْتَدَّتْ بِهِ الحَيَاةُ . ... فَكَانَ شَدِيدَ البَهْجَةِ بِيَوْمِ لِقَائِهِ ، سَخِيَّ الدَّمْعَةِ عَلَى يَوْمِ فِرَاقِهِ ، كَثِيرَ


التَّرْدِيدِ لِكَلامِه ... ...


حَرِيصاً عَلَى مُتَابَعَتِهِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ ، يُحِبُّ مَا أَحَبُّ ، وَيَكْرَهُ مَا كَرِهَ ،


وَكَانَ أَكْثَرَ مَا يَذْكُرُهُ مِنْ أَيَّامِهِ يَوْمَانِ :


يَوْمُ لِقَائِهِ مَعَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَيَوْمُ مُفَارَقَتِهِ لَهُ آخِرَ مَرَّةٍ . فَإِذَا ذَكَرَ اليَوْمَ الْأَوَّلَ سَعِدَ بِهِ وَانْتَشَى (٤)، وَإِذَا خَطَرَ لَهُ الْيَوْمُ الثَّانِي انْتَحَبَ


وَبَكَى ، وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ مِنَ النَّاسِ .


وَكَثِيراً مَا كَانَ يَقُولُ : لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا ، وَرَأَيْتُهُ يَوْمَ قُبِضَ مِنَّا ، فَلَمْ أَرَ يَوْمَيْنِ يُشْبِهَانِهِمَا .


فَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ المَدِينَةَ أَضَاءَ فِيهَا كُلَّ شَيْءٍ ... وَفِي اليَوْمِ الَّذِي أَوْشَكَ فِيهِ أَنْ يَمْضِيَ إِلَى جِوَارِ رَبِّهِ أَظْلَمَ فِيهَا كُلُّ


شَيْءٍ ...


وَكَانَ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَيْهِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ حِينَ كُشِفَتِ السَّتَارَةُ عَنْ حُجْرَتِهِ ، فَرَأَيْتُ وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفِ ، وَكَانَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ وُقُوفاً خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَقَدْ كَادُوا أَنْ يَضْطَرِبُوا ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ أَنِ اثْبُتُوا . ثُمَّ تُوُفِّيَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ ، فَمَا نَظَرْنَا مَنْظَراً كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْ وَجْهِهِ - - حِينَ وَارَيْنَاهُ تُرَابَهُ .




وَلَقَدْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ ...


وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ لَهُ :


اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالاً وَوَلَداً ، وَبَارِكْ لَهُ ) ...


وَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ دُعَاءَ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَكَانَ أَنَسٌ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ مَالاً ، وَأَوْفَرَهُمْ ذُرِّيَّةً ؛ حَتَّى إِنَّهُ رَأَى مِنْ أَوْلَادِهِ وَحَفَدَتِهِ مَا يَزِيدُ


على المائة .


وَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِي عُمُرِهِ حَتَّى عَاشَ قَرْنَا كَامِلاً ....


وَفَوْقَهُ ثَلَاثُ سَنَوَاتٍ .


وَكَانَ أَنَسٌ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ شَدِيدَ الرَّجَاءِ لِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ لَهُ يَوْمَ


القِيَامَةِ ؛ فَكَثِيراً مَا كَانَ يَقُولُ :


إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي يَوْمِ القِيَامَةِ فَأَقُولَ لَهُ :


يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا خُوَيْدِمُكَ أُنَيْسٌ .




وَلَمَّا مَرِضَ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ مَرَضَ المَوْتِ قَالَ لِأَهْلِهِ :


لقُنُونِي : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ .


ثُمَّ ظَلَّ يَقُولُهَا حَتَّى مَاتَ . وَقَدْ أَوْصَى بِعُصَيَّةٍ صَغِيرَةٍ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِأَنْ تُدْفَنَ مَعَهُ ،


فَوُضِعَتْ بَيْنَ جَنْبِهِ وَقَمِيصِهِ .




هَنِيئًا لِأَنَسِ بْنِ مَالِكِ الأَنْصَارِيِّ عَلَى مَا أَسْبَغَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ . فَقَدْ عَاشَ فِي كَنَفِ (۱) الرَّسُولِ الأَعْظَمِ هِ عَشْرَ سَنَوَاتٍ كَامِلَاتٍ وَكَانَ ثَالِثَ اثْنَيْنِ فِي رِوَايَةِ حَدِيثِهِ هُمَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ...


وَجَزَاهُ اللَّهُ هُوَ وَأُمَّهُ الغُمَيْصَاءَ عَنِ الإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرَ الجَزَاءِ (*) .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

لقد حقق القسم إ...

لقد حقق القسم إنجازات متعددة تعكس دوره المحوري في مواجهة تحديات التغيرات المناخية في القطاع الزراعي....

1. قوة عمليات ا...

1. قوة عمليات الاندماج والاستحواذ المالية في المشهد الديناميكي للأعمال الحديثة، ظهرت عمليات الاندماج...

اﻷول: اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ...

اﻷول: اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﺗﻤﮭﯿﺪﯾﺔ ﻣﻘﺪﻣﮫ ﺳﻨﻀﻊ اﻟﻤﺒﺤﺚ ھﺬا ﻓﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻣﻦ واﻟﺘﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ذﻟﺒﻌﺾ ھﺎﻌﻠﻮم ﻔﺎت ...

الوصول إلى المح...

الوصول إلى المحتوى والموارد التعليمية: تشكل منصات وسائل التواصل الاجتماعي بوابة للدخول إلى المحتوى ...

ـ أعداد التقاري...

ـ أعداد التقارير الخاصه بالمبيعات و المصاريف والتخفيضات و تسجيل الايرادات و المشتريات لنقاط البيع...

وهي من أهم مستح...

وهي من أهم مستحدثات تقنيات التعليم التي واكبت التعليم الإلكتروني ، والتعليم عن والوسائط المتعدد Mult...

كشفت مصادر أمني...

كشفت مصادر أمنية مطلعة، اليوم الخميس، عن قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية بتشديد الإجراءات الأمنية والر...

أولاً، حول إشعي...

أولاً، حول إشعياء ٧:١٤: تقول الآية: > "ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا، وتدعو اسمه عمانوئيل" (إشعياء...

يفهم الجبائي ال...

يفهم الجبائي النظم بأنّه: الطريقة العامة للكتابة في جنس من الأجناس الأدبية كالشعر والخطابة مثلاً، فط...

أعلن جماعة الحو...

أعلن جماعة الحوثي في اليمن، اليوم الخميس، عن استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع...

اهتم عدد كبير م...

اهتم عدد كبير من المفكرين والباحثين في الشرق والغرب بالدعوة إلى إثراء علم الاجتماع وميادينه، واستخدا...

وبهذا يمكن القو...

وبهذا يمكن القول في هذه المقدمة إن مصطلح "الخطاب" يعدُّ مصطلحًا ذا جذور عميقة في الدراسات الأدبية، ح...