لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (0%)

وقد اشتهر زياد بن أبيه بأنه كان يقطع للرجل قطعة من الأرض ثم يمهله مدة عامين،


النص الأصلي

مآثر العرب والمسلمين في ميدان الفلاحة والري وحرث الأرض ومكافحة الآفات
من المسلَّم به أن الحضارة دائمة التنقل، وهي مشاع بين الناس لا يحتفظ بها إلا الأقوى والأجدر، فإذا ما أصابه الوهن أو انتابه الضعف ولت سراعًا، ومن هنا كان للعرب والمسلمين الأوائل جهدهم وفضلهم في الدفع بعجلة الحضارة إلى الأمام، وقد شهد المنصفون من الغربيين لعلماء العرب والمسلمين بما قدموه من إنجازات أسهمت في رقي المدنية وتقدم الحضارة بعد أن كان الأوروبيون أو كثير منهم ينسبون اكتشافات العرب والمسلمين أو يدعونها لأنفسهم كذبًا وزورًا، غير أن الحقيقة كالشمس لا يمكن حجبها أو إخفاؤها، فعرف الحق لذويه وعاد الفضل لأهله، وحديث اليوم عن فضل العرب ومآثرهم في مجال الزراعة وحرث الأرض ومكافحة الآفات، ودورهم في رقي الحضارة الإنسانية التي قامت في البداية على أكتاف الزراعة والمزارعين قبل أن تقوم على أكتاف الصناعة والصانعين.
العرب هم أمة أقدم من اسمها الذي تعرف به اليوم؛ لأنها على أرجح الأقوال أرومة الجنس السامي التي تفرع منها الكلدانيون والآشوريون والكنعانيون والعراقيون وسائر الأمم السامية التي سكنت بين النهرين وفلسطين وما يحيط بفلسطين من بادية وحاضرة، وقد تتصل بها الأمة الحبشية بصلة النسب القديم مع اختلاط بين السامية والحامية.
ويرى الباحثون أن أسلاف العرب كانوا يتمتعون بحضارة أصيلة، ويقطنون الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية، ولكن بسبب تزايد عدد السكان وتعرض تلك المنطقة لتغيرات مناخية سيئة اضطر سكان الجنوب إلى الخروج من بلادهم على شكل موجات متعاقبة، فاتجه بعضهم شرقًا إلى بلاد الرافدين، ومنهم من توجه شمالًا، وبقي في وسط الجزيرة قبائل حافظت على كيانها واستقلالها وحرمتها ولغتها.
ومن البدهي أن عرب وسط الجزيرة لم يهتموا بالزراعة وكانوا يحصلون على المنتجات الزراعية التي يحتاجونها عن طريق التجارة وتبادل السلع، كما كانت شجرة النخيل أثمن النباتات لديهم لأنها تنمو في الواحات المبعثرة بين كثبان الرمل، فتعطيهم أطيب الثمر بأدنى جهد وأقل ماء، أما القاطنون في أطراف الجزيرة- وخاصة في الحجاز واليمن والعراق وبلاد الشام- فكانوا على جانب كبير من الخبرة في شؤون الزراعة والعناية بالأشجار المثمرة واستخراج المياه، لذلك لم تزل بقاع اليمامة إلى ما بعد الإسلام مشهورة بالمراعي الواسعة، والعيون والأمطار الغزيرة والمروج المعشبة التي تخلفت مما هو أخصب منها وأعمر بالإنسان والحيوان في أقدم الزمان، وقد لاحظ الرحالة الألماني شوينفرت أن القمح والشعير وجدا في حالتهما الآبدة في اليمن وبلاد العرب القديمة قبل أن تستأنس في مصر والعراق، وقد اكتشفت في أرض اليمن كتابات بالخط المسند، تعتبر قوانين صدرت عن الحكومات اليمنية قبل الإسلام نظمت بموجبها العلاقات الزراعية بين المزارعين الذين يعملون في الأرض التي تمتلكها الدولة وتقوم بتأجيرها لمن يريد استثمارها من القبائل والأفراد، كما نظمت حقوق السقي والاستفادة من الماء.
ولما جاء الإسلام حث دستوره (القرآن الكريم) المسلمين على الزراعة وحرث الأرض والتصرف فيما تنبته الأرض من زروع وأشجار وثمار وأزهار قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ. يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (النمل: 10-11)، {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذلك لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (الرعد: 3-4)، {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34)} (يس: 33 -34)، فالذين يتفكرون في النباتات وحرثها وزراعتها ويتعمقون في بحثها وفحصها يصلون إلى أسرار وآيات تشهد بعظمة مبدع الكون، والإسلام دين الجهد والجهاد والعقل والتدبر، وقد أفرد القرآن الكريم الكثير من مفردات علم النبات والزراعة ووسائلها، فمثلا أورد حقيقة على جانب كبير من الأهمية العلمية حينما قرر القرآن في سورة الحجر الآية 22 قوله تعالى:{وأرسلنا الرياح لواقح}، وهذا ما اكتشفه علماء النبات بعد ذلك بقرون طويلة عندما قالوا إن الرياح وسيلة من وسائل التلقيح في النباتات.
وفي السنة النبوية الشريفة نجد أن هناك الكثير من الأحاديث التي تحث على الزراعة وفلاحة الأرض منها: عن أنس بن مالك "رضي الله عنه" قال: قال رسول "صلى الله عليه وسلم" : «ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة»، يقول الإمام الشنقيطي: قال العيني: وفي الحديث أن الغرس والزرع واتخاذ الصنائع مباح وغير قادح في الزهد، وفيه أيضًا الحض للمسلم على عمارة الأرض لنفسه ولمن يأتي بعده، وفي الحديث أيضًا أن الزراعة والغرس من أفضل المكاسب، إذن العمل بالزراعة عبادة إلى جانب أنها كسب شريف.
عن أنس بن مالك "رضي الله عنه" قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" : «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها». وعن أبي هريرة "رضي الله عنه" قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" : «من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك أرضه».
وعلى نهج القرآن وهدي الرسول "صلى الله عليه وسلم" سار المسلمون فتركوا لنا آثارًا كانت الشرارة الأولى في بناء حضارة العالم، من ذلك ما روي من أن يزيد بن مسيلمة كان يغرس في أرضه، فقال له عمر "رضي الله عنه" : «أصبت، استغن عن الناس يكن أصون لدينك وأكرم لك عليهم». وروي عن عمر بن عبدالعزيز "رضي الله عنه" انه قال: « زارعوا على الأرض بنصفها، بثلثها، بربعها.. إلى عشرها ولا تدعوا الأرض خرابًا».
وكان لانتشار الإسلام أن ساد الوفاق بين القبائل العربية وأخذ بعضها يستقر إلى جوار القرى والمدن، وأصبحت الحاجة ملحة لتوافر كميات من المواد الغذائية في تلك المجتمعات، لذلك قام الرسول "صلى الله عليه وسلم" بحض الناس على الزراعة فقال: «التمسوا الرزق في خبايا الأرض»، كما بشر الزارعين بأجر جزيل عند الله.
وقد عمل كثير من الصحابة في الزراعة، واشتهرت المدينة المنورة بمزارعها وبساتينها، وأقطع النبي "صلى الله عليه وسلم" رجالًا من أصحابه الأراضي الواسعة ليعمروها ويزرعوها ويستثمروها، ومن هؤلاء: أبوبكر الصديق "رضي الله عنه" ، وعمر بن الخطاب "رضي الله عنه" الذي أُعطي أرضًا نفيسة بخيبر، ومنهم ربيعة الأسلمي، وأعطى أبوبكر "رضي الله عنه" في خلافته أرضًا زراعية لطلحة بن عبيدالله، وأرضًا أخرى لعيينة بن حصن، وأرضًا ثالثة للزبير بن العوام.
وتوسع عمر في توزيع الأراضي ليقوم الناس بإحيائها وزراعتها واستثمارها، فأعطى سعد بن أبي وقاص وعبدالله بن مسعود والزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب وأسامة بن زيد- رضي الله عنهم- وآخرين.. وكذلك فعل من بعده من الخلفاء (عثمان وعلي).
وكان الناس يزرعون أراضيهم بأنفسهم وأهليهم، أو يؤجرونها للزراعة والغراسة، أو يعطونها للزراع بالربع والثلث، قال موسى بن طلحة: رأيت سعدًا وابن مسعود وجبر بن عتيك يعطون أرضهم بالثلث والربع، وكانت بعض المزارع والبساتين تحمل في السنة مرتين، وكان يزرع فيها أنواع الحبوب وأصناف الثمار المعروفة وقتذاك، ويذهب بها إلى سوق المدينة المنورة، وأسواق الأماكن المجاورة.
وفي العصر الأموي ولما استتب الأمر لبني أميه أٌمر الولاة بمسح الأرض الزراعية لجباية الخراج والزكاة، وقاموا بشق الترع وإصلاح المجاري وتشجيع الزراعيين على إحياء الأرض البور، وقد اشتهر زياد بن أبيه بأنه كان يقطع للرجل قطعة من الأرض ثم يمهله مدة عامين، فإذا أصلحها واستثمرها أصبحت ملكًا له وإلا استردها منه، وقد ازدادت في زمن الأمويين زراعة أنواع الحبوب والقطن وقصب السكر، كما ازداد غرس الأشجار المثمرة كالكرمة والزيتون والنخيل، وفي العصر الأموي أيضا بدأ إنشاء الحدائق والبساتين، فشيد الخليفة هشام بن عبدالملك سد طريقة وبجواره عدد من البساتين المثمرة، وفي العصر الأموي كذلك أقام الحجاج بن يوسف الثقفي الترع والجسور وأنشأ القنوات واستصلح الأراضي البور وزاد من الرقعة الزراعية في دولة بني أمية.
وفي العصر العباسي، ولازدهار ورخاء الحياة ظهرت الزراعة البستانية لتزيين القصور، وحينما بنى المعتصم مدينة سامراء لم يفته كما يقول اليعقوبي العناية بإنشاء الحدائق الغناء والبساتين، يقول المستشرق رامبو: لم يكن في عصر العباسيين أهم من مهنة الفلاحة، فقد أظهر العرب بمهارتهم مزايا فواكه الفرس وأزهار إقليم زندران، وقد أغنوا العلم- ولاسيما علم النباتات-بمسائل جديدة كثيرة.
لقد أصبح العرب في العصر العباسي أول العارفين بالزراعة وأحسن العمال، وأصبحت الزراعة التي أخذوها من أساليب بابل والشام ومصر علمًا حقيقيًّا للعرب أخذوا نظرياتها من الكتب ثم وسعوها بتدفقاتهم وتجاربهم وكانوا يطبقونها بمهارة، ولا تستنكف أعلى الطبقات عن العمل بأيديهم في زراعة الأرض، وكان غيرهم يحقرها ويعدها عملًا مهنيًّا، وقد روى دوزي أن ابن الخطيب لم يكتسب من غير الفلاحة مالًا، وقد أقام من أعمال العمران ما يحسده عليه أعظم طواغيت الزمان.
وفي العصر العباسي أيضًا كان هناك اهتمام بالفلاحة العلمية التجريبية، فلم يعتمدوا فقط على النظريات الزراعية بل تابعوا العملية العلمية الزراعية من أولها إلى آخرها بدءا بالحرث وإعداد الأرض والعناية بالزروع ثم الحصاد والتخزين ومعالجة الآفات والأمراض، ثم تصنيع المزروعات، وبرع العرب في تخير الأرض ثم استنباط المياه لأنها أساس العمل الزراعي.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

When Anna then ...

When Anna then began to talk about their luxurious life in Petersburg and her husband expected a new...

number of diffe...

number of different values. To group a set of observations, we select a suitable set of contiguous...

ما هو التعليم ا...

ما هو التعليم المتمايز ؟ مثلما يتمتع كل شخص ببصمة إصبع فريدة ، يتمتع كل طالب بأسلوب تعليمي فردي. من ...

مفهوم التربية و...

مفهوم التربية وأهدافها يتلخص مفهوم التربية عند المثاليين في أنه مجهود بشري للوصول إلى كمال العقل وال...

في أواخر القرن ...

في أواخر القرن التاسع عشر، شهدت مصر نهضة علمية غير مسبوقة ولكن لفترة وجيزة. ويعاني الكثير من المصريي...

? 1. Global To...

? 1. Global Tours offers a vacation anywhere in the world. It offers different kinds of vacations. ...

١ - رومانيا : ...

١ - رومانيا : في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تبتعد عن خطر المواجهة، وكانها تضعف من تلاحم حلف الأطلسي...

بعد وفاة الميرز...

بعد وفاة الميرزا الشيرازي بدأ نجم الحوزة العلمية في سامراء بالأفول سنة 1896؛ واتجهت الأنظار مرةً أخ...

العمل التطوعي ف...

العمل التطوعي في بعض الدول : بالرغم من كثرة عدد المنظمات التطوعية في المملكة ، وضخامة المشروعات الا...

1. يبذل المحاضر...

1. يبذل المحاضر جهداً كبيراً في تحديد الأهداف والمحتوى التعليمي واختيار الأنشطة والإجراءات والوسائل ...

At the beginnin...

At the beginning of the story, Mrs. Mallard is overcome with grief with the loss of her husband. Th...

SCENE 1 : Two b...

SCENE 1 : Two brothers are sitting in their living room . ( MOM smiles as she reminisces . She retur...