لخّصلي

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. التي ذكرها النبي –صلى الله عليه وسلم- وحثَّنا عليها. هذه السورة العظيمة التي نقرأها كل يوم سبع عشرة مرَّة، فكيف بمن يحافظ على السُّنَن فإنه يحصل على فضل عظيم، عن أبي سعيد بن المعَلَّى –رضي الله عنه- قال: «كنتُ أصلِّي في فدعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- » أي ناداه النبي يقول أبو سعيد: «فلم أجبه » يعني كنت مشغولً «فقلت: يا رسول الله » أي بعد انتهاء الصلاة ذهب إلى النبي وقال: «يا رسول الله، النبي -صلى الله عليه وسلم-: ألم يقل الله: سمحٱسۡتَجِيبُواْ لَِِّ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَكُمۡ لِمَا يُۡيِيكُمۡسجى ]الأنفال: 24 [؟ 30 وقفة نتزود منها لمسيرتنا في حياتنا ثم قال له النبي -صلى الله عليه وسلم: لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد. يقول أبو سعيد: ثم أخذ فلما أراد أن يخرج قلتُ له: ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: سمحٱلَۡمۡدُ لَِِّ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَسجى]الفاتحة: 2[، وكذلك جاء في فضلها عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: «بينا جبريل قاعد عند النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع نقيضًا من فوقه » أي فقال جبريل: هذا بابٌ من السماء فسلَّم وقال: أبشر بنورين أوتيتَهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، فيا ترى ما هي العطايا التي سنحصل عليها عند قراءتنا لسورة هذا ما سنعرفه عند قراءتنا لحديث رسولنا صلى الله عليه وسلم كما جاء عند مسلم في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: «قسمتُ الصلاة وقفات تدبرية إيمانية لأجزاء القرآن الكريم بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: سمحٱلَۡمۡدُ لَِِّ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَسجى]الفاتحة: »]2 أي نسبَ الحمد ُۡ سمحلَُ ٱلَۡمۡدُ فِ ٱل «فإذا قال العبد: سمحٱلۡمَۡدُ لَِّ رَبِّ ٱلعَۡلٰمَِينَسجى]الفاتحة: 2[ قال الله تعالى: وإذا قال أي العبد: سمحٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِسجى]الفاتحة: 3[ قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي » نعم، تُثني على الله بأسمائه الحسنى، سۡمَآءُ ٱلُۡسۡنَٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاسجى]الأعراف: 180 [. ثم يقول الله سبحانه وتعالى: «وإذا قال أي العبد: سمحمَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِسجى]الفاتحة: 4[ قال الله: مجَّدني عبدي »، فله سبحانه المجد والكبرياء فهو الذي يملك يوم الدِّين، سمحلِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلَۡوۡمَ لَِِّ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِسجى]غافر: 16 [. «فإذا قال العبد: سمحإِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نسَۡتَعِينُسجى]الفاتحة: 5[ قال الله: هذا ولعبدي ما سأل » وهذا من كمال العبودية لله سبحانه سمحإِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نسَۡتَعِينُسجى ]الفاتحة: 5[، إلا لك يا أرحم الراحمين. 30 وقفة نتزود منها لمسيرتنا في حياتنا «فإذا قال العبد: سمحإِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نسَۡتَعِينُسجى]الفاتحة: 5[ قال الله: هذا فإذا قال: سمحٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦ نعۡمَتَۡ علَيَهۡمِ غيَۡ ٱلمۡغَضُۡوبِ علَيَهۡمِ ولََ ٱلضَّآليِّنَسجى]الفاتحة: 7، في هذا الحديث المبارك يستجيب الله لنا بأن يعطينا سؤلنا، وأفضل ما نسأله في هذه الآيات: سؤال الله الهداية؛ المستقيم ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾]النساء: 69 [، وأن يجنِّبنا طرق الغواية، المغضوب عليهم والضالين من الذين علِموا فلم يعملوا، فيحذِّرنا الله سبحانه وتعالى من صنفين: لكن لم يعملوا. والصنف الثاني: الضالين، وليس لديهم أي علم. وأما أهل الإيمان وأهل الصراط المستقيم فإنهم يعلمون، ليدبروا آياته. 12 نختم بهذه الفائدة: يُّهَا ٱلنَّاسُ الأول، وهذا في الآية رقم واحد وعشرين، وأما أول نداء للمؤمنين خاصة يُّهَا ٱلَِّينَ ءَامَنُواْ لَ تَقُولُواْ رَٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا لِ ٞ مسجى]البقرة: 104 [، وَٱسۡمَعُوۗاْ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أ وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك وأنعِم على

تدبرات الجزء ) 1(
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
وعلى آله وصحبه أجمعين.
والآيات التي معنا في هذا الجزء هي آيات سورة الفاتحة.
سورة الفاتحة هي الشافية، والكافية، وهي أمُّ القرآن، والسبع المثاني
التي ذكرها النبي –صلى الله عليه وسلم- وحثَّنا عليها.
هذه السورة العظيمة التي نقرأها كل يوم سبع عشرة مرَّة، هذا
فقط في الصلوات الخمس المفروضة، فكيف بمن يحافظ على السُّنَن
الرواتب، وقيام الليل، وصلاة الضحى، وغيرها من النوافل المباركات؟!
فإنه يحصل على فضل عظيم، وأجر جزيل من الله الكريم.
عن أبي سعيد بن المعَلَّى –رضي الله عنه- قال: «كنتُ أصلِّي في
المسجد، فدعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- » أي ناداه النبي
-صلى الله عليه وسلم-، يقول أبو سعيد: «فلم أجبه » يعني كنت مشغولً
في الصلاة، «فقلت: يا رسول الله » أي بعد انتهاء الصلاة ذهب إلى النبي
–صلى الله عليه وسلم-، وقال: «يا رسول الله، إني كنتُ أصلِّي. فقال له
النبي -صلى الله عليه وسلم-: ألم يقل الله: سمحٱسۡتَجِيبُواْ لَِِّ وَلِلرَّسُولِ إِذَا
دَعَكُمۡ لِمَا يُۡيِيكُمۡسجى ]الأنفال: 24 [؟
ليدبروا آياته.. 30 وقفة نتزود منها لمسيرتنا في حياتنا
9
ثم قال له النبي -صلى الله عليه وسلم: لأعلمنك سورة هي أعظم
السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد. يقول أبو سعيد: ثم أخذ
نبينا -صلى الله عليه وسلم- بيدي، فلما أراد أن يخرج قلتُ له: ألم
تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن؟ فقال النبي -صلى الله
عليه وسلم-: سمحٱلَۡمۡدُ لَِِّ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَسجى]الفاتحة: 2[، هي السبع المثاني،
والقرآن العظيم الذي أوتيتُه ». ]رواه البخاري[.
وكذلك جاء في فضلها عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: «بينا
جبريل قاعد عند النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع نقيضًا من فوقه » أي
سمع صوتًا فوق رأسه، «فرفع رأسه، فقال جبريل: هذا بابٌ من السماء
فُتِح اليوم، لم يُفتَح قط إلا اليوم، فنزل منه مَلَك، فقال: هذا مَلَك نزل
إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلَّم وقال: أبشر بنورين أوتيتَهما لم
يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف
منهما إلا أُعطيتَه ». ]رواه مسلم[.
فيا ترى ما هي العطايا التي سنحصل عليها عند قراءتنا لسورة
الفاتحة؟
هذا ما سنعرفه عند قراءتنا لحديث رسولنا صلى الله عليه وسلم كما
جاء عند مسلم في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: «قسمتُ الصلاة
ليدبروا آياته.. وقفات تدبرية إيمانية لأجزاء القرآن الكريم
10
بيني وبين عبدي نصفين، نصفها لي ونصفهما لعبدي، ولعبدي ما سأل،
فإذا قال العبد: سمحٱلَۡمۡدُ لَِِّ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَسجى]الفاتحة: »]2 أي نسبَ الحمد
والثناء والشكر لله وحده، وكلُّ الحمد لله سبحانه وتعالى، قال سبحانه
ولَٰ وَٱلۡأٓخِرَةِسجى]القصص: 70 [.
ُۡ سمحلَُ ٱلَۡمۡدُ فِ ٱل
«فإذا قال العبد: سمحٱلۡمَۡدُ لَِّ رَبِّ ٱلعَۡلٰمَِينَسجى]الفاتحة: 2[ قال الله تعالى:
حمدني عبدي. وإذا قال أي العبد: سمحٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِسجى]الفاتحة: 3[ قال الله
تعالى: أثنى عليَّ عبدي » نعم، تُثني على الله بأسمائه الحسنى، وصفاته
سۡمَآءُ ٱلُۡسۡنَٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاسجى]الأعراف: 180 [.
َۡ المباركة، سمحوَلَِِّ ٱل
ثم يقول الله سبحانه وتعالى: «وإذا قال أي العبد: سمحمَٰلِكِ يَوۡمِ
ٱلدِّينِسجى]الفاتحة: 4[ قال الله: مجَّدني عبدي »، فله سبحانه المجد والكبرياء
والعَظَمَة، فهو الذي يملك يوم الدِّين، يوم الحساب، سمحلِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلَۡوۡمَ لَِِّ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِسجى]غافر: 16 [.
«فإذا قال العبد: سمحإِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نسَۡتَعِينُسجى]الفاتحة: 5[ قال الله: هذا
بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل » وهذا من كمال العبودية لله سبحانه
بأن لا تنسب العبادة إلا له، ولا تستعين إلا به، فهي أتت على سبيل
الحصر، سمحإِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نسَۡتَعِينُسجى ]الفاتحة: 5[، فلا نعبد إلا أنت يا ربنا،
ويا خالقنا، ولا نستعين إلا بك، ولا نتوكل إلا عليك، ولا نفوِّض أمرنا
إلا لك يا أرحم الراحمين.
ليدبروا آياته.. 30 وقفة نتزود منها لمسيرتنا في حياتنا
11
«فإذا قال العبد: سمحإِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نسَۡتَعِينُسجى]الفاتحة: 5[ قال الله: هذا
بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: سمحٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦
نعۡمَتَۡ علَيَهۡمِ غيَۡ ٱلمۡغَضُۡوبِ علَيَهۡمِ ولََ ٱلضَّآليِّنَسجى]الفاتحة: 7،6 [
َ
صِرطََٰ ٱلَّيِنَ أ
قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل ».] رواه مسلم[.
في هذا الحديث المبارك يستجيب الله لنا بأن يعطينا سؤلنا،
وأفضل ما نسأله في هذه الآيات: سؤال الله الهداية؛ أن يهدينا الصراط
المستقيم ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ
وَالصَّالِحِينَ﴾]النساء: 69 [، وأن يجنِّبنا طرق الغواية، وسبل الشيطان من
المغضوب عليهم والضالين من الذين علِموا فلم يعملوا، أو عمِلوا على
جهالة.
فيحذِّرنا الله سبحانه وتعالى من صنفين:
الصنف الأول: هم المغضوب عليهم، عرفوا الحق، واكتسبوا
العلم، لكن لم يعملوا.
والصنف الثاني: الضالين، عملوا على جهالة، وليس لديهم أي علم.
فهذين الصنفين حذَّرنا الله من أن نكون منهما، وأما أهل الإيمان
وأهل الصراط المستقيم فإنهم يعلمون، ثم يعملون على وِفق كتاب الله،
وسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم.
ليدبروا آياته.. وقفات تدبرية إيمانية لأجزاء القرآن الكريم
12
وبعد أن بيَّنَّا تدبرات سورة الفاتحة؛ نختم بهذه الفائدة:
إنّ أول نداء في القرآن الكريم على ترتيبه الذي عليه الآن هو في الجزء
يُّهَا ٱلنَّاسُ
َ
الأول، أول نداء للناس في قول الله -سبحانه وتعالى-: سمحيَٰٓأ
ٱعۡبُدُوا رَبَّكُمُ ٱلَِّي خَلَقَكُمۡ وَٱلَِّينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَسجى]البقرة:
21 [، وهذا في الآية رقم واحد وعشرين، وأما أول نداء للمؤمنين خاصة
فكان في قوله تعالى كذلك في الجزء الأول في الآية رقم مائة وأربعة قول
يُّهَا ٱلَِّينَ ءَامَنُواْ لَ تَقُولُواْ رَٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا
َ
الله سبحانه وتعالى سمحيَٰٓأ
لِ ٞ مسجى]البقرة: 104 [، فكان النداء الرباني للناس
َ
وَٱسۡمَعُوۗاْ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أ
وللمؤمنين خاصة في الجزء الأول، حتى يتلقوا هذا النداء تلقي المستمع
من أجل التنفيذ والامتثال.
جعلني الله وإياكم ممن يتدبروا كتاب الله تعالى، ويعملوا به آناء
الليل وأطراف النهار.
والحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك وأنعِم على
عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.