لخّصلي

التزمت العديد من الشركات والمؤسسات خلال السنوات القلیلة الماضیة بتطبیق استراتیجیات «التحول الرقمي»، وتستھدف ھذه الاستراتیجیات إحداث تغییرات نوعیّة في الكثیر من عملیات الشركات عبر تطبیق طرق عم ٍل قائمة على تأمین المزيد من الإمكانات التحلیلیة والتعاونیة؛ بھدف بلورة فھم متعمق حول متطلبات العملاء وخدمتھم بالشكل الأمثل، وتحقیق مزايا تنافسیة مستدامة. وعبر تطبیق تلك الاستراتیجیات، سیتسنّى للشركات في الشرق الأوسط الارتقاء بتجارب العملاء، وتعزيز مستويات الربحیة. ففي غمرة الثورة التكنولوجیّة التي نعیشھا الیوم، ثمة إمكانیة للحد بشكل كبیر من أوجه القصور وانعدام الكفاءة عبر كامل حلقات سلسلة التوريد، ولنأخذ قطاع التجارة الإلكترونیة مثالاً على ذلك، فمن خلال تحسین كفاءة عملیات سلسلة التوريد بما يتخطّى مؤسسات التجزئة التقلیدية وتجار الجملة والمصنّعین، ستتمكن ھذه الجھات بشكل جماعي من تحقیق ربحیّة أكبر من عملھم بشكل منفرد. ولا شك أن تعزيز سلسلة التوريد في جمیع نقاط الاتصال سیتیح للشركات خفض التكالیف الإجمالیة، واغتنام مزي ٍد من الفرص المجزية، فضلاً عن تسجیل زيادة كبیرة في معدلات رضا العملاء. ولكن كیف سیتحقق ذلك؟ في الواقع، يجب أن تتمثل الخطوة الأولى عند معاينة ھیكلیّة التكالیف لدى أي شركة في تقییم حجم الإنفاق مع الموردين من الأطراف الثالثة؛ خصوصاً وأ ّن الإنفاق على مورّدي المواد والسلع والخدمات من أطراف ثالثة يستأثر بنسبة 60 ٪من تكالیف الشركات عموماً. في المقابل، فإن الموردين يتعاملون مع جھات توريد خاصة بھم، وھذا بالضبط حال سلسلة التوريد، بما يعني بشكل أساسي أن كل شيء نمتلكه أو قد تشتريه يتأثر بإدارة المشتريات وإدارة سلسلة التوريد. يساعد التحوّل الرقمي أقسام المشتريات أكثر من أي وق ٍت مضى على تأدية دورٍ فع ٍ ال في تحسین الأعمال التجارية وسلسلة التوريد لدى الشركات، فضلاً عن تحقیق وفورات ملموسة في التكالیف. وبحسب دراسة أصدرتھا مجموعة «ھاكیت»، فإن التحول الرقمي يقلل من تكالیف الاستعانة بالمصادر الاستراتیجیة، كما يخ ّفض دورات الأعمال التجارية بنسبة 30 ،٪فضلاً عن تقلیل الأخطاء أثناء جمع البیانات، الأمر الذي يؤدي إلى تحقیق وفورات كبیرة في التكالیف. من جھة ثانیة، تتیح أتمتة النظم لمديري فئات المنتجات والسلع خفض الإنفاق بشكل كبیر في مجالات محددة، وتحديد فرصٍ جديدة لتحقیق الوفورات؛ إضافة إلى مساعدة الشركات على تحديد مصادر إضافیة للقیمة، (على سبیل المثال عن طريق الموردين ُترجم بنھاية المطاف إلى توفیر قیمة مضافة للعملاء الجھات الخارجیة والأطراف الثالثة) مع الاحتفاظ بالقیمة داخل الشركة - وھذا ي في جمیع أنحاء منطقة الشرق الأوسط. وانطلاقاً من ذلك، فإن تحسین منظومة سلسلة التوريد عبر الاستعانة بأحدث تقنیات المشتريات الاستراتیجیة، سیتیح للمستھلكین جني الكثیر من المنافع، بدءاً من مرحلة التصنیع والمعالجة والتجھیز، وصولاً إلى تسلیم المنتجات؛ وھو ما سیثمر بنھاية المطاف عن تقديم منتجات وسلع عالیة الجودة وضمان فترات تسلیم سريعة قدر الإمكان. ويكتسب ذلك أھمیة كبیرة، خصوصاً مع استمرار تزايد الطلب على السلع الاستھلاكیة عن طريق المنصات الرقمیة والإلكترونیة التي ترسخ مفھوم «تلبیة متطلبات العملاء بسرعة وبشكل فوري ومن مكان واحد»، والذي يمثل سلسلة توريد قائمة بالدرجة الأولى على الطلب. وتسھم التكنولوجیا المتق ّدمة في تعزيز الإنتاجیة على مستوى سلسلة التوريد، مع العلم أن الإنتاجیة تندرج في صمیم أي نموٍ اقتصادي، وھذا يعني أن التقنیات الحديثة تمكن الشركات من القیام بالكثیر من الأمور والأنشطة بتكالیف منخفضة وبزم ٍن أقل. وإذا كانت التكنولوجیا المتقدمة ھي صمیم الإنتاجیة، فإن أقسام المشتريات تمثل دافعاً أساسیاً ومحورياً لھا، حیث تتعامل مع الأمور المتعلقة بالاستحواذ على الأصول، وإدارة سلسلة التوريد لتلبیة احتیاجات الشركات. ونتیجة لذلك، نشھد الكثیر من الابتكارات الجديدة على صعید تقنیات المشتريات التي تسھم في إثراء القیمة ضمن ك ٍل من القطاعین العام والخاص، حیث تساعد ھذه الابتكارات الرقمیة بشكل خاص على ترسیخ مستويات الشفافیة والإنتاجیة، وتعزيز التنافسیّة الصحیّة. وتشھد منطقة الشرق الأوسط جھوداً واسعة النطاق على مستوى الابتكار والتطوير في قطاع الأعمال، وھو ما يتجلى بوضوح من خلال الاستعانة بأحدث التقنیات الرقمیة. وتتیح أدوات المشتريات الاستراتیجیة فرصة قیّمة للشركات من أجل تبسیط عملیاتھا ّسة لتحقیق ذلك. وزيادة الكفاءة التي تضیف قیم ًة عالیة لأعمالھا؛ وتمثل الأتمتة ضرورة رقمیة وحاجة ما وتأتي الابتكارات الرقمیّة في أشكا ٍل ونطاقات متنوعة؛ ولا شك أن الابتكارات الفريدة التي تعزز الربحیة والإيرادات، تماماً مثل تلك التي تزيد من إنتاجیة كامل حلقات سلسلة التوريد، ستتمتع بتأثیر أكبر من حیث المساھمة الإيجابیة في نمو الاقتصاد، فالشركات التي تنتھج أسالیب تفكیر مستقبلیة وتركز على الاستثمارات الاستراتیجیة في تكنولوجیا المعلومات لديھا فرص أكبر للنجاح في تعزيز آفاق أعمالھا على نحو كبیر، عبر السعي لتحقیق رضا العملاء وجعلھم أكثر سعادة بكلفة مناسبة.