لخّصلي

يعتبر حزب الاستقلال المغربي من أهم الأحزاب السياسية في المغرب منذ أكثر من أربعين عاما مضت، ومنذ بداية الأربعينيات احتل الحزب المساحة الرئيسية في الخريطة السياسية المغربية، وهو بذلك يمثل الوعاء السياسي الأساسي للحركة الوطنية المغربية بجناحيها السياسي و المسلح، والتي نشطت على قاعدة مناهضة الوجود الأجنبي في المغرب. وتعود أصول زعامة حزب الاستقلال المغربي إلى أبناء البرجوازية المدينية عموما ، وكانت مبادرتهم الأولى للدخول في الساحة السياسية في تشكيل كتلة العمل الوطني" أوائل الثلاثينيات التي رفعت شعار إلغاء الحكم الأجنبي في البلاد وتحقيق السيادة الوطنية للشعب، ولكن النجاحات لم تحالف أنشطة كتلة العمل الوطني بسبب موقف السلطات الأجنبية المحتلة من جهة و موقف السلطان المغربي الذي لم يرضى على مواقف كتلة العمل الوطني التي كانت تحاول مواجهة الاحتلال من جهة الأخرى. 2 وفي عام 1944م قامت رموز بارزة من الحركة الوطنية المغربية بالمطالبة بالاستقلال قبل إجراء أي إصلاح، والتي كرستها وثيقة الاستقلال الصادرة في 11 جانفي 1944م، فمنذ صدور الوثيقة فكرت السلطات الفرنسية أن تقنع الوطنيين المغاربة بالتراجع عن فكرة الاستقلال وحذف الكلمة من الوثيقة، والتلويح بالمقابل بالإصلاحات 3 وقد دخلت فرنسا فعلا في مفاوضات مع الحزب، وكان وفد الحزب يتكون من أحمد بلافريج، عمر بن عبد الجليل، محمد اليزيدي، أحمد الحمياني، أحمد مكوار، وذلك من أجل تبني إستراتيجية جديدة وهي الانتقال من الحكم المباشر إلى السيادة المشتركة. وفي يوم 18 جانفي تلقى الملك رسالة من الأمين العام أحمد بلافريج بمناسبة المفاوضات الجارية بين الوزراء المغاربة وممثلي حزب الاستقلال أنه لا سبيل إلى أي إصلاح مادامت السيادة مشتركة بين المغرب وفرنسا، وأنه ليس في نية الحزب أن يطلب إقرارا عاجلا لنظام مغربي مما كل النظام البلدان الغربية الكبرى بل يطلب إقرارا عاجلا " لنظام ينمو تدريجيا و يمتد إلى جميع فروع الدولة وخلال مؤتمر جانفي 1944 أعلن الحزب مبادئه 1 المطالبة بالاستقلال المغرب ووحدة أراضيه والسعي لانضمامه إلى هيئة الأمم المتحدة. 2 توثيق الروابط مع الدول العالم عامة، ومع الدول العربية و الإسلامية خاصة .. 3 أما فيما يتعلق بنظام الحكم فإنه أعلن ولائه للأسرة الحاكمة، وإن كان قد طالب في برنامجه بضرورة تطبيق نظام الملكية الدستورية ، وبمنح الحريات الديمقراطية لأفراد الشعب . 3 كما ذكر المقيم العام غابرييل بيو" في خطابه الذي أجراه يوم 26 نوفمبر 1944م أنه سيجري مجموعة من الإصلاحات، لكن حزب الاستقلال رفض إجراء أي إصلاح داخل نظام الحماية في مذكرة صادرة عنه بتاريخ 1 ديسمبر 1944م. 4 وعليه قام الحزب بحملة واسعة بتوسيع قاعدته النضالية سنة 1945م، على الرغم من الوضع الصعب الذي كان يواجهه الحزب، فقد انتشرت الحملة عموما في مختلف أنحاء المغرب، وتبعا لذلك بلغ عدد المنخرطين في الحزب من آلاف 10 نسمة سنة 1947م إلى 100 ألف سنة 1951-1950، ويعود الفضل في هذا التوسع إلى العمل التنظيمي الذي قام به مناضلون شباب ينتمون الى البروليتاريا بالمدن، بالأخص داخل الأحياء الشعبية والأحياء القصديرية. 2 13 أكتوبر 1945م ضد كما وجه الحزب احتجاجا إلى الملك والسلطات الفرنسية بتاريخ اشتراك الفرنسيين بالمغرب في انتخابات الجمعية الوطنية التأسيسية إذ جدد محمد اليزيزي احتجاج الحزب يوم 10 ماي 1946م.3 وفي 13 أكتوبر 1946 صوت الشعب الفرنسي على دستور الجمهورية الرابعة، وانتخب بلوم ليون" رئيسا للجمهورية حيث أمر بعزل غابرييل بيو" وتعويضه بـ "إيريك لابون" الذي قدم مخططا بإجراء بعض الإصلاحات الإقتصادية، وبعد وصوله بثمانية أيام سلمه محمد اليزيدي الذي تزعم الحزب بعد نفي أحمد بلافريج" مذكرة تضمنت بوجه الخصوص غياب الحريات العامة ومصير الزعماء الوطنيين المنفيين أو المعتقلين بين ( 1937-1944م)، و فعلا تمت تلبية هذا النداء و أول خطوة قام بها المقيم كان إطلاق سراح علال الفاسي الذي كان منفيا في الغابون منذ تسع سنوات. 5 و بتاريخ 24 جويلية 1946م قدم أحمد بلافريج" احتجاجا للملك ضد مخططات فرنسا التي من طبيعتها تقوية أسس لسياسة استعمارية أظهرت عبر الزمن فشلها، وطالب باسم الحزب إلغاء نظام الحماية وتشكيل حكومة مغربية برئاسة الملك لتشرع في إجراء مفاوضات مع الحكومة الفرنسية قصد إبرام اتفاقية جديدة تضمن السيادة المغربية. ويضيف علال الفاسي أن حزب الاستقلال أقام أول اجتماع بعد عودته من المنفى و بعد دراسته الإصلاحات تقرر ما يلي: 1 كتابة مذكرة للملك يع لن فيها معارضة الحزب للبرنامج السياسي للمقيم، ويرفض شكل الإصلاحات التي عرضها خصوصا نظام اللامركزية و المجالس المختلطة متمسكا بفكرة الجنوب الوطني و الكتلة في عدم إعطاء الفرنسيين أي حق من حقوق المواطنين المغاربة. 2 كتابة بيان بهذا المعنى يوزع على الشعب. 3 كتابة مذكرة للملك تبين فيها خطر البرنامج الاقتصادي على البلاد، وتطلب من جلالته عدم المصادقة على أي تشريع يتعلق باغتصاب التراث المغربي أو جانب منه. 4 توجيه نداء من الحزب للممولين المغاربة يطلب منهم رفض التعاون الاقتصادي الذي يطلبه المقيم العام وعدم الاشتراك في الشركات التي يؤسسها بتوجيه استعماري. 5 تأسيس لجنة الاقتراع و التوجيه الاقتصادي التي تعمل على ابتكار المؤسسات المغربية وإرشادها و توجيهها لمقاومة مؤسسات الإقامة العامة للجنة التنفيذية للحرب. 6 إعلان الحزب استعداده لتوجيه الأمة نحو التضحية الكبرى إذا حاولت الإقامة العامة تطبق برنامجها بقوة. 3 وخلال اجتماع باريس الذي ضم ممثلي القوى الموقعة على عقد الجزيرة الخضراء لمناقشة النظام الدولي لطنجة، ونشر الحزب مذكرة حول المسألة طالب فيها بإرجاع السيادة المغربية على المدينة، كما طالب بإدراج المسألة المغربية في دورة سبتمبر 1948م للأم المتحدة. وأيضا قامت قيادة الحزب الاستقلال بتحرير مذكرة إلى السلطان بن يوسف - محمد الخامس في مارس عام 1952م، لتقديمها إلى الحكومة الفرنسية تطالبها بـ: تصفية الجو السياسي. ضمان الحريات العامة والخاصة، ومن ضمنها الحريات النقابية. تأسيس حكومة مؤقتة للتفاوض مع الحكومة الفرنسية.