لخّصلي

هَلْ تَمْلِكونَ شَغَفًا بِمِهْنَةٍ دونَ سِواها؟ هلْ تَحْلُمونَ بِتَحْقيقِها عِنْدَما تَكْبرونَ؟ أَمْ تَعْتَقِدونَ بأَنَّ الأَحْلامَ لا تَتَحَقَّقُ كُلُّها؟   وُلِدَ "حُسامٌ" في حَيٍّ فَقيرٍ مِنْ أَحْياءِ ضَواحي المَدينَةِ؛ حتّى اليومَ، لَقَدْ كانَتِ اللُّعْبَةُ مَجْموعَةَ مُكَعَّباتٍ. كَمْ مَبْنًى بَناهُ "حُسامٌ" بِتِلْكَ المُكَعَّباتِ، في مُخَيِّلَتِهِ، يُصَمِّمُ أَشْكالًا أَكْثَرَ دِقَّةً وَرَوْعَةً…   لَمْ يَنْسَ "حُسامٌ" تَشْجيعَ أُمِّهِ وَأَبيهِ لَهُ حينَ كانَ عَلى مَقاعِدِ الدِّراسَةِ، بالرّغمِ مِنْ جَهْلِهِمْ وَفَقْرِهِمْ، طيلَةَ فَتْرَةِ دِراسَتِهِ. بالرَّغْمِ مِنْ مُرورِ الأَعْوامِ، صَوْتُ جارَتِهِ. كانَ يَبْلُغُ مِنَ العُمْرِ عَشْرَ سَنَواتٍ عِنْدَما قالَ لَها: "أُريدُ أَنْ أُصْبِحَ مُهَنْدِسًا"؛ هُوَ لا يَنْسى قَهْقَهَتَها وَسُخْريَتَها وادِّعاءَها أنَّ الفُقَراءَ لا يَصِلونَ إلى مِهَنٍ كهذِهِ، باعْتِبارِها حكْرًا عَلى الأَغْنياءِ.   أنهى "حسام" دروسَهُ الثّانويّةَ بدرجةِ ممتازٍ، خاطَبَهُ والِدُهُ قائِلًا: "يا بُنَيَّ، مُكْلِفَةٌ. هذِهِ التَّكاليفُ سَتَحْرُمُ إَخْوَتَكَ الصِّغارَ مِنْ عيشَةٍ كَريمَةٍ؛ سَأَتَّكِلُ عَلى اللهِ، ثُمَّ عَلى نَفْسي، كانَ مُصَمِّمًا عَلى النَّجاحِ، يَتَّكِئُ على مَكْتَبِهِ،

هَلْ تَمْلِكونَ شَغَفًا بِمِهْنَةٍ دونَ سِواها؟ هلْ تَحْلُمونَ بِتَحْقيقِها عِنْدَما تَكْبرونَ؟ أَمْ تَعْتَقِدونَ بأَنَّ الأَحْلامَ لا تَتَحَقَّقُ كُلُّها؟

  وُلِدَ "حُسامٌ" في حَيٍّ فَقيرٍ مِنْ أَحْياءِ ضَواحي المَدينَةِ؛ تَرَعْرَعَ في فَقْرٍ لَمْ يَمْنَعْهُ يَوْمًا مِنَ الحُلُمِ بِغَدٍ جَميلٍ.

  "حُسامٌ" لا يزالُ، حتّى اليومَ، يَحْتَفِظُ بِلُعْبَتِهِ الأولى الَّتي قَدَّمَتْها لَهُ إِدارَةُ المَدْرَسَةِ عِنْدَما كانَ صَغيرًا؛ لَقَدْ كانَتِ اللُّعْبَةُ مَجْموعَةَ مُكَعَّباتٍ... كَمْ مَبْنًى بَناهُ "حُسامٌ" بِتِلْكَ المُكَعَّباتِ، ثُمَّ حَطَّمَهُ وَأَعادَ بِناءَ الأَجْمَلِ مِنْهُ، لكِنَّهُ كانَ دائِمًا، في مُخَيِّلَتِهِ، يُصَمِّمُ أَشْكالًا أَكْثَرَ دِقَّةً وَرَوْعَةً…

  لَمْ يَنْسَ "حُسامٌ" تَشْجيعَ أُمِّهِ وَأَبيهِ لَهُ حينَ كانَ عَلى مَقاعِدِ الدِّراسَةِ، بالرّغمِ مِنْ جَهْلِهِمْ وَفَقْرِهِمْ، فَهُمْ لَمْ يَسْتَطيعوا مُساعَدَتَهُ في دُروسِهِ إلّا في سِنين تَعْليمِهِ الأُولى، لكِنَّ هذا الواقِعَ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ أنْ يَتَبَوَّأَ المَراكِزَ الأولى وَمِنْ أَنْ يَتَفَوَّقَ عَلى زُمَلائِهِ، طيلَةَ فَتْرَةِ دِراسَتِهِ.

  لا يَغيبُ عَنْ ذاكِرَةِ "حُسامٍ"، بالرَّغْمِ مِنْ مُرورِ الأَعْوامِ، صَوْتُ جارَتِهِ. كانَ يَبْلُغُ مِنَ العُمْرِ عَشْرَ سَنَواتٍ عِنْدَما قالَ لَها: "أُريدُ أَنْ أُصْبِحَ مُهَنْدِسًا"؛ هُوَ لا يَنْسى قَهْقَهَتَها وَسُخْريَتَها وادِّعاءَها أنَّ الفُقَراءَ لا يَصِلونَ إلى مِهَنٍ كهذِهِ، باعْتِبارِها حكْرًا عَلى الأَغْنياءِ.

  أنهى "حسام" دروسَهُ الثّانويّةَ بدرجةِ ممتازٍ، وَحينَ تَوَجَّبَ عَلَيْهِ دُخولُ الجامِعَةِ، خاطَبَهُ والِدُهُ قائِلًا:

"يا بُنَيَّ، اليومَ صِرْتَ مُتَعَلِّمًا، وَقَدْ بَذَلْتُ قُصارى جهدي لِكَيْ تَبْلُغَ هذهِ المرحلةَ... أنا لا أَسْتَطيعُ تَأْمينَ تَكاليفِ جامِعَتِكَ، فاخْتِصاصُ الهَنْدَسَةِ، ومُسْتَلْزَماتُ هذا الاخْتِصاص، مُكْلِفَةٌ. هذِهِ التَّكاليفُ سَتَحْرُمُ إَخْوَتَكَ الصِّغارَ مِنْ عيشَةٍ كَريمَةٍ؛ أَنا لا أُمانِعُ أَنْ تُكْمِلَ تَعَلُّمَكَ، لكِنْ ألا تَخْتارُ اخْتِصاصًا أَقَلَّ كلْفَةً؟

  هَزَّ الشّابُّ المُجْتَهِدُ رَأْسَهُ، وَأَجابَ: "لا تَقْلَقْ يا أبي... سَأَتَّكِلُ عَلى اللهِ، ثُمَّ عَلى نَفْسي، وسَأَتَدَبَّرُ أَمْري، أمّا أنْتَ فاهْتَمَّ بِإِخْوَتي".

  عَمِلَ "حُسامٌ" نادِلًا في مَطْعَمٍ في المَدينَةِ لَيْلًا، وطالِبًا مُجْتَهِدًا في الجامِعَةِ نَهارًا؛ كانَ مُصَمِّمًا عَلى النَّجاحِ، قَليلًا ما كانَ يَعْرِفُ نومًا أو راحةً...

يَتَّكِئُ على مَكْتَبِهِ، يَذْكُرُ تَعَبَهُ فَرِحًا؛ هُوَ اليَوْمَ مُهَنْدِسٌ لا يَتَعَهَّدُ إلّا أَنْجَحَ المَشاريعِ وأَكْبَرها في البِلادِ.

  لَقَدْ صَبَرَ "حسامٌ" وَناضَلَ، وعَمِلَ عَلى تَحْقيقِ مُبْتَغاه؛ فلا الفَقْرُ، ولا الجَهْلُ، ولا آراءُ الآخَرينَ، شَكَّلَتْ حاجِزًا في وَجْهِ طُموحِه!