لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

والى هذا العهد تجب اضافة قوم من العرب أطلق المستشرقون عليهم لفظة ( الصفويين ) ،
نسبة إلى أرض ( الصفاة ) .
وهم أعراب ورعاة كانوا يتنقلون من مكان إلى آخر طلباً للماء والكلأ .
وقد دونوا خواطرهم أحياناً على الأحجار،
وتركوها في مواضعها ،
ومنها استطعنا الإلمام بعض الشيء بأحوالهم وأخبارهم .
وقوم تنتشر الكتابة بينهم على هذا النحو ،
لا يمكن أن نتصورهم أعراباً على النحو المفهوم من الأعرابية ،
واذا سألتني عن سبب اختيار المستشرقين لهذه التسمية واطلاقها على أصحاب هذه الكتابات ،
فإني أقول لك : أنهم أخذوها من اسم أرض بركانية عرفت بالصفا وبالصفاة : تغطي قشرتها الخارجية حتى اليوم صخور سود تقول لك انها خرجت الى هذا المكان من باطن الأرض،
وان براكين ثائرة مزمجرة غاضبة كانت قد قذفت بها الى ظهر الأرض فاستقرت في أمكنتها هذه ،
ومن يدري ؟ فلعلها أصابت أقواماً كانت تعيش في هذه المواضع أو مارة بها فأهلكتها .
قديمة تعود الى ما قبل الاسلام ،
بدليل انها وردت في نص يوناني على هذه الصورة : (Sarathene) وورود اسم إله عرف بـ ( زيوس الصفوي ) (Zeus Bafathenos) .
أما ( الصفوية ) ،
فتسمية ليست بتسمية عربية قديمة ،
وليست علماً على قوم معينين أو على قبيلة معينة ،
وانما هي تسمية حديثة أطلقها المستشرقون على قبائل عديدة كانت تنتقل من مكان الى مكان طلباً للماء والكلأ ،
لرعي ماشيتها التي تكون ثروتها ورأس مالها ،
تراها يوماً في أرض التبسط ،
ويوماً آخر في بلاد الشام حيث كان الرومان ثم البيزنطيون يسيطرون.
فنحن في هذا الموضع لسنا أمام مملكة أو حكومة مدينة ،
بل أمام قبائل عديدة حرفتها الرعي والغزو وكفى.
ومن نسميهم بالصفويين إذن ليسوا بقبيلة واحدة ولا يجنس معين ،
وإنما هم قبائل متنقلة ،
كانت تنتقل في هذه الأرضين الواسعة ،
في أزمنة مختلفة متباينة .
ويعود الفضل الى الكتابات التي عثر الباحثون عليها في اعطائنا فكرة عن تلك القبائل المتنقلة ،
وقد جمعت الكتابات الصفوية من أرضين واسعة ،
تمتد من (حماه ) في سورية الى نهر الفرات في العراق في الشرق ،
والى فلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية فأعالي الحجاز،
وكلها كتابات شخصية في موضوعات متعددة ،
ليس بينها وثائق تتعرض للمسائل العامة مثل القوانين والحروب بين الدول بتفصيل وتبسط ،
ذلك لأن الكتابات الصفوية هي كما قلت كتابات أفراد كتبوها تعبيراً عن أمور شخصية لا غير ،
ومثل هذه الكتابات لا تتعرض لما يبحث عنه المؤرخ الا بقدر ،
وهو قدر لا يقدم في الغالب للمؤرخ ما يبحث عنه ،
وكذلك الاعداد التالية لهذه المجلة التي تصدرها مديرية الآثار في المملكة الأردنية الهاشمية .
في مثل الدراسات اللغوية والدينية وتطور الخطوط ودراسة أسماء الأشخاص والقبائل وما شاكل ذلك .
وانتشار هذه الكتابات وتناثرها في أرضين صحراوية ،
أمر يلفت النظر ويدعو الى العجب من أمر الأعراب في ذلك العهد الذين كانوا يقرأون ويكتبون مع انهم أبناء بادية ،
وقد عاشوا قبل الإسلام بزمان طويل ،
ثم إن خطها يلفت اليه النظر أيضاً ،
فهو خط عربي ،
ولد من الأم التي نسلت الخط العربي الجنوبي ،
وهو قريب من الخط الثمودي والخط اللحياني ،
ويعني هذا أن العرب كانوا يكتبون قبل الميلاد بخط أود أن أسميه بالقلم العربي الأول ،
أو القلم العربي القديم منه تفرعت الأقلام العربية المتنوعة فيما بعد ،
فوجد ما نسميه بالقلم المسند وبالأقلام العربية الشمالية ،
وذلك لظروف كثيرة لا مجال للكلام عليها في هذا المكان .
وهو يدل على أن الصفويين وأمثالهم من الأعراب لم يتأثروا بالثقافة الإرمية مع قربهم منها واتصالهم بها ،
وطغيانها على الثقافات الأخرى في العراق وفي بلاد الشام ،
فيقوا مخلصين لقلمهم القديم ،
فكتبوا به ،
( أهل المدر ) المقيمين في مدن العراق والشام وقراهما .
وكتبوا بلهجاتهم أيضاً ولم يكتبوا بلغة بني إرم كما فعل غيرهم من العرب الحضر .
وقد رأى ( دوسو ) (Dussaud) أن الصفويين كانوا يحاكون الجنود الرومان واليونان في تسجيلهم خواطرهم وذكرياتهم على الحجارة ،
فقد وجد الباحثون أحجاراً دون عليها أولئك الجنود في أثناء أدائهم واجباتهم العسكرية في بلاد الشام وعلى الطريق الرومانية ذكرياتهم وخواطرهم ونزولهم في تلك الأمكنة.
ولكن وجود كتابات صفوية عديدة من القرن الأول قبل الميلاد يثبت ان الصفويين كانوا يدونون خواطرهم بهذا الأسلوب ،
وذلك قبل شروع أولئك الجنود الرومان واليونان في تدوين خواطرهم على هذا الأسلوب ،
وانهم كانوا يدونون خواطرهم هذه على الأحجار وبهذا الشكل لأن هذه الحجارة كانت هي ورق كتابة أهل البادية ،
ويرجع علماء الصفويات عمر أقدم الكتابات الصفوية إلى القرن الأول قبل الميلاد.
أما آخر ما عثر عليه من كتابات،
فيرجع الى القرن الثالث بعد الميلاد ،
على رأيهم أيضاً .
فما عثر عليه من الكتابات الصفوية ،
وقد أرخت بعض هذه الكتابات بحوادث محلية عرفت عند أصحابها ،
الا انها مجهولة لدينا ،
لذلك لم تستطع الاستفادة منها في تكوين رأي في زمن كتابتها فقد أرخ بعضها بسنة وفاة قريب لصاحب الكتابة ،
أو بوقت نزوله في المكان الذي كتب به الكتابة ،
أو بوقت هربه من الرومان أو بعد كذا من الأيام أو من السنين من رؤية قريب له أو وفاته ،
ومثل هذه الحوادث،
لا تفيد المتأخرين شيئاً ،
ولا تساعدهم في تثبيت زمن تدوينها بوجه صحيح مضبوط .
وأرخ بعضها بحوادث أعم ،
الا أنها ذكرت بأسلوب فوت علينا معرفة زمان وقوع الحادث بوجه مضبوط ،
فقد أرخت كتابة منها بـ ( سنت نزز اليهد ) ،
أي ( سنة الخصام مع اليهود ) .
وهي سنة كان يعرفها صاحب الكتابة وأصحابه .
أما نحن فلا تعلم من أمرها شيئاً،
فقد خاصم العرب اليهود كثيراً في تاريخهم .
فأية خصومة من تلك الخصومات قصد صاحب الكتابة .
فإذا كان قد قصد ثورة العرب أهل اللجاة (Trachonitis) على ( هيرود الكبير ( الملك المكابي ،
فهذه الثورة يجب أن تكون قد وقعت فيما بين السنة ( ۲۳ ق.
م.
( والسنة ( ١٤ ق.
م.
) .
أما اذا كان صاحب النص قد قصد خصاماً آخر ،
من نصه هذا ،
لما قلناه من تعدد الخصومات بين العرب واليهود .
وأرخت كتابة أخرى بزمن تمرد صاحب الكتابة على الروم ،
وذلك سنة مجيء ( الميديين ) الفرس الى ( بصرى ) ،
( ومرد على رم سنت أني همذى بصرى وقصد بـ ( همذى ) ( الماذوبين ) ،
أي الميديين من الفرس.
ولما كانت الأخبار لم تشر إلى اكتساح الفرس لـ ( بصرى ) قبل سنة ( ٦١٤ م ) ،
ظن من عالج هذه الكتابة أن صاحبها قصد استيلاء الفرس عليها في ذلك الزمن ،
أي في الستين الأولى من سني مبعث الرسول ،
حيث غلبت الفرس على الروم كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم .
غير أن هذا الفريق عاد فأبدل رأيه ،
لأنه وجد أن هذا الرأي لا ينسجم مع نوع الكتابة والأبحاث الاثارية التي دلت على ان الكتابة يجب أن تكون أقدم عهداً من سنة ( ٦١٤ م ) ،
ورأى لذلك أن استيلاء الفرس على ( بصرى) يجب أن يكون قبل ذلك بكثير ،
وقد يكون وقع في القرن الأول قبل الميلاد ،
غير أننا لا نملك نصوصاً تأريخية تشير إلى وصول الفرس الى هذا المكان ،
واستيلائهم عليه في ذلك الزمن .
وهكذا نجد أن الملك الكتابة المؤرخة قد أو جدت لنا مشكلة ،
اضطروا إلى لقد كان الصفويون محكم نزولهم في أطراف بلاد الشام على اتصال بالروم بل الخضوع لحكمهم والاعتراف بسيادتهم عليهم والتوغل شمالاً وجنوباً في بلاد الشام بحثاً عن الماء والكلأ وعن القوت ،
كما اضطروا إلى مراجعة قرى بلاد الشام ومدنها للامتيار والبيع ما عندهم من فائض من منتوج أيديهم ومن حاصل حيواناتهم.
وهذا مما يدفعهم إلى التخاصم أحياناً مع موظفي الأمن الروم وحراس الحدود ورجال الجباية و ( الكمارك ) ،
في شأن أمور الأمن ،
أو أخذ حقوق الحكومة منهم ،
فيقبض الروم على من يقاوم منهم،
أو يتهرب من الأداء،
أو يقتل ،
أو يقوم بأعمال مخالفة ،
فيلقونه في السجن أو يقتلونه ،
ولهذا تجد بعض الكتابات وقد سجلت حين هرب صاحبها من سجن الروم ،
وعاد الى حريته.
وهربه من الروم واستنشاقه نسيم الحرية ،
معناه اللجوء الى البادية والاحتماء بها حيث يصعب على الجنود الروم الوصول اليها للقبض عليهم والاقتصاص منهم .
وطالما قرأنا في الكتابات أن أصحابها ( نجوا من الروم ) أو فروا من الروم،
أو تمردوا على الروم وأمثال ذلك من تعابير .
وقد قصدوا بالروم بلاد الشام التي كانت في أيدي الرومان ،
ثم انتقلت الى الروم،
وهم اليونان البيزنطيون .
ولما كانت بلاد الشام تحت حكم المذكورين ،
( الروم ) ( وبلاد الروم )
ويظهر من هذه النصوص أن شأن الصفويين بالروم لم يكن يختلف حسن شأن سائر العرب بهم وبأمثالهم من الدول الأجنبية مثل الفرس ،
فهم مضطرون بحكم وضعهم إلى التسليم السلطان الدول الأجنبية ما داموا ضعفاء لا يستطيعون مقاومة الأعاجم ،
فإذا تغيرت الأحوال ،
وظهرت مواضع ضعف في الأجنبي ،
اهتبل الأعراب الفرص ،
فانقلبوا عليه حتى يرضيهم أو يظهر قوته ،
وهكذا كان الصفويون ينتهزون الفرص ،
فمتى وجدوا لغرة في سلطان الروم وموضع ضعف في حراسة حدودهم ،
هاجموهم منها حتى ينالوا ما يبتغون من مغنم ،
ينقلب الحادث عليهم بالطبع ،
لسوء تقدير في الموقف ،
وهذا ما يحدث في كل غزو أو حرب ،
وهو شيء طبيعي فقد ينتصر المحارب فيربح ،
فيخسر كل شيء ويلاحظ من الكتابات الصفوية أن أصحابها كانوا يتزعون نزعة شديدة الى تخليد أنفسهم وابقاء آثارهم وذكرياتهم بكل الطرق الممكنة ،
فأرخوا بكل حادث كان معروفاً عندهم ،
حتى تحادث ولادة ماشينهم ،
أو مقتل أحدهم ،
أو فرض غرامة مالية على أحدهم ،
أو سفر أحد منهم وبأمثال ذلك من حوادث صغيرة تافهة ،
ولكنها مع ذلك مع ذلك وعلى الرغم مما يبدو عليها من سذاجة تدل على وجود نزعة قوية لديهم لتأريخ كل ما يقع عندهم وتدوينه ،
ليطلع عليه غيرهم ممن يمر بالأماكن التي نزلوا بها .
وللطابع الشخصي الذي تحمله الكتابات الصفوية ،
من الوجهة السياسية والعسكرية ،
فلم تعثر فيها على اسم ملك ،
أجنبي ،
ولم نعثر فيها على موضوع سياسي يشير الى الحالة السياسية التي كانت في العراق أو في بلاد الشام أو في جزيرة العرب في تلك الأيام ،
ولم نتمكن أيضاً من الخروج منها بأية فكرة عن نوع الحكم الذي كان يعيش فيه الصفويون : أكانوا في حكم ملوك ،
على شاكلة عرب الغساسنة ؟ أم كانوا قبائل متنقلة خاضعة السلطان الروم ،
حين تكون في بلاد الشام ،
وحرة طليقة حين ترد البادية ؟ وقد وردت في الكتابات الصفوية أسماء قبائل ،
و ( تر ) ،
و ( هجدل ) ( هكدل ) ،
و ( جر ) ( کر ) و ( حزن ) و ( حضی ) ،
و ( حولت ) ( حوالة ) ،
و ( دمصی ) و ( مسلم ) ،
و ( صبح ) ،
و ( صف ) ،
و (عبد) ،
و ( عود ) ،
و (غر ) ،
و ( فرث ) ،
( وقمر ) ،
و ( محرب ) ،
و ( همضر ) ،
و (املکت .
ومن القبائل الصفوية : ( اشلل ) ،
و (بكس) ،
و (جعبر) ،
و (جوا)،
و ( حمد ) ،
و ( حرم ) ،
و ( حظی ) (حضی) ،
و (هي) ،
و (زد) ( زيد ) ،
و ( زهر ) ،
و ( عدل ) ،
و (عمرت) (عمرة) ،
و (فضج) ،
و ( مسكت ) ( ماسكة ) ،
و ( معصى ) ( معيص ) ،
( تمارة ) ( نميرة ) ،
و ( هذر ) ( هذير ) ( هذار ) ،
وترد لفظة ( ال ) قبل اسم القبيلة في كثير من الكتابات الصفوية ،
فيها معنى (آل) عندنا ،
مثل : ( ال تم ) ،
أي ( آل تيم ) ،
و (ال عوذ) بمعنى ( آل عوذ ) و ( ال ادم ) ( آل آدم ) ،
و ( ال حد) (آل حد).
وهي بمعنى ان المذكور أو المذكورين من القبيلة المسماة،
أو من العشيرة المذكورة ،
وورود ( ال ) بهذا المعنى في النصوص الصفوية يدل على ان لغة هذه القبائل
وهي قبائل عربية شمالية تشارك لغة القرآن الكريم في هذه الخاصية
وقبيلة (عود) ورد اسمها في عدد من الكتابات الصفوية .
وقد ورد في احداها ان حرباً كانت قد نشبت بينها وبين قبيلة أخرى ،
اسمها ( وعل ) أو ( وبل ) أو ( وائل ) .
وقد عثر على اسم قبيلة ( نعمن ) ،
أي (نعمان ) في بعض الكتابات الصفوية التي عثر عليها في ( وادي حوران ( بالعراق .
ويرد ( نعمان ) اسماً لأشخاص ،
ومنهم بعض ملوك الحيرة .
وقد ورد اسم قبيلة في احدى الكتابات التي عثر عليها في العراق ،
وهي قبيلة ( ال صح ) ،
أي ( آل صح ) ،
أو ( آل صالح ) ،
أو ( آل صبح)،
أو (الصالح) .
وما زال اسم ( الصائح ) معروفاً في العراق ،
فقد يكون له صلة بهذه التسمية القديمة .
وقد أفادتنا هذه الكتابات من الناحية الجغرافية ،
اذ قدمت الينا أسماء مواضع عديدة لا يزال بعضها يسمى بالأسماء الواردة في تلك الكتابات .
) الخارطات ) .
ومن المواضع التي ورد اسمها في الكتابات الصفوية ،
موضع (رحبت) ،
وهو ( الرحبة ) .
وقد ورد في نص سجله رجل اسمه ( حنن بن معتق ) ،
( حنان ابن العائق ) ،
أو ( حنين بن العائق ) ،
أو ( خنن بن العائق ) ،
وذكر انه ) بن ال - رحبت ) ،
أي ( من الرحبة ) ،
أو ( من آل رحبة ) ،
وانه كتب كتابته هذه في السنة التي دار فيها قتال مع قبيلة ( ال حمد ) ( الحمد ) أو ( آل حمد ( .
وقد ذهب بعض الباحثين الى أن ( الرحبة ) هو اسم موضع موضي ( الحمد ) هو اسم موضع كذلك ،
وان الذين نزلوا في هذين المكانين وفي أمكنة أخرى نسبوا أنفسهم اليها فقالوا : ( آل رحبة ) و ( آل حمد ) ،
وذلك على نحو ما نجده في عربيتنا من ذكر ( آل ) في الانتساب،
وان هذا معناه ان أولئك الأعراب الذين نزلوا في الموضعين انتسبوا الى المكانين ،
فاستعملوا لذلك لفظة ( ال ) ،
أي ( آل ) ،
قبل الموضع ،
فظهر الاسم ( ال رجبت ) ال رجبة ) وكأنه اسم قبيلة ) .
ولهذا المظهر من التسميات والانتساب شأن كبير في موضوع دراسة أنساب القبائل ،
إذ فيه برهان ودليل على أن الاقامة في موضع تكون سبباً للانتساب اليه ثم لتحويل ذلك النسب الى اسم جد ،
وأن ما يرويه أهل الأخبار في هذا الباب مثل انتساب الغساسنة الى ( غسان ) ،
وأن ( غسان ) اسم موضع ماء نزلوا عليه ،
فدعوا به ،
يجب أن ينظر اليه نظرة اعتبار ،
لا رفض وازدراء .
وفي أسماء القبائل العربية المدونة في كتاب الأنساب والأدب ،
الجاهلية أمثلة عديدة من هذا القبيل
ومن الأماكن التي ورد ذكرها في النصوص الصفوية : ( بصرى ) وقد ذكرت على هذه الصورة ( بصر ) ،
و ( هنمرت ) : ( النمرت ) ،
أي ( المارة ) .
و ( حجر ) موضع قد يراد به ( الحجر ( المعروف في عربيتنا ،
(Hegin) و (Hegree) عند اليونان واللاتين ،
وورد اسم مدينة ( تيا ) أي ( تياء ) في الكتابات الصفوية كذلك ،
كالذي ورد في نص دوله رجل اسمه ( خل - ال بن شيب ) أي ( خليل - ايل ابن شبيب ) ،
وقد تذكر فيه رجلاً اسمه ( أبرش ) ،
وهو من أهل (تياء).
ولم يكن الصفويون كما يبدو بوضوح من كتاباتهم ومن صور الحيوانات التي نقشوها على الأحجار أعراباً ممعنين في الأعرابية على نحو عرب البوادي البعيدين في البادية ،
حيث يقضون حياتهم فيها ،
فلا يختلطون بالخضر ،
ولا يمتزجون بالحضارة،
وإنما كانوا أشياء أعراب وأشياء حضر،
وربما كان تعبير ( رعاة ) غير تعبير ممكن اطلاقه عليهم ليميزهم عن غيرهم.
فقد كان الصفويون أصحاب ماشية ،
لهم ابل ،
يعيشون عليها،
ويتاجرن بها ،
ولهم خيل يركبونها،
والخيل كما هو معروف لا تستطيع الحياة في البوادي القاحلة العميقة والرمال القليلة المياه .
ولهم المعز والقلم والحمير والبقر،
وهي من الحيوانات التي تحتاج الى رعي ومراعي.
ولذلك يجب أن : يكون أصحابها من طبقة الرعاة،
وقد كانت حياتهم حياة رعي،
تجدهم في الشتاء في مكان،
ثم تجدهم في الصيف في مواضع أخرى قريبة من الجبال حيث يكون الجو لطيفاً والمياه كثيرة،
ليكون في استطاعتهم الابتعاد من حر الحرار ومن تموم الأرض القاحلة في الصيف،
ان في بعض هذه الكتابات تعبيراً عميقاً عن ذكاء القطري يعبر عن طراز حياة الصفويين ،
فكتابة مثل : ( ورعى همز وولد شهر ) ،
ومعناها : ( ورعت المعز وولدت الشياه ) ،
أو ( ورعى بقر هنخل ) ،
أي ( ورعت البقر في هذا الوادي ) ،
أو ( وقف على قير فلان وحزن ) ،
هي تعابير،
وان بدت ساذجة مقتضية لا يكتبها حضري ،
غير انها تمثل في الواقع ذكاء فطرياً عميقاً ،
ونوعاً من التعبير عن حسن أهل البادية أو أهل الرعي ،
وهو حس مرهف فيه بساطة وفيه اقتضاب لبنا من وحي الصحراء البسيطة الممتدة إلى ما وراء البصر على نمط واحد ،
وشكل لا تغيير فيه ولا تبديل وكتابات يكتبها أناس يحيون بعيدين عن حضارة المدن ،
ويعيشون بين أشعة الشمس وضوء القمر في بيوت وبر أو شعر معز لا تلي ولا تنفع الا بمقدار،
لا يمكن أن تكون الا على هذا التحو من البساطة ،
ولكنها بساطة ذكي يحاول بذكائه التعبير عن حياته تلك .
وتجد هذا الذكاء القطري في الصور المرسومة للحيوانات ،
فقد أراد مصوروها أن يعبروا عن غرائزهم الفنية بصورة محسومة ترى ،
فرسموا صور حيوانات ألقوها ورأوها ،
بصورة بدائية،
ولكنها معبرة أخاذة،
ورسموا بعض المناظر المؤثرة في حياتهم مثل الخروج الصيد ومعارك الصيد ،
فترى على بعض الأحجار فارساً وقد حمل ربحاً طويلاً،
وترى مشاة وقد عملوا أقواماً وتروساً صغيرة مستديرة الوقاية أجسامهم من السهام أو من الحيوان ،
وترى رجالا يطاردون غزالاً أو ماناً ،
وترى أناساً فرساناً ومشاء يطاردون أسداً " ،
وترى غير ذلك من صور بدائية من هذا القبيل ،
مهما قيل فيها،
فإنها صور رائعة لا يمكن أن يحفرها فنان بأحسن من هذا الحفر ،
وهو في مثل هذا المحيط ،
الحفر غير هذه الآلات .
والصور المنقوشة على الأحجار التي ترينا الصفوي وقد ركب حصانه معتقلاً ربحاً طويلاً ،
هي صورة المحارب الفارس عند الصفويين ،
وهي في الواقع صورة الفرسان الأعراب ،
سلاحهم الرئيسي الرماح ،
يطعنون بها خصمهم ،
وما زاله البدو في بعض البوادي من جزيرة العرب محملون ذلك السلاح التقليدي القديم ،
محاربون به خصومهم في المعارك القبلية البدائية.
وأما المحارب الماشي ،
فإنه يحارب بالقوس وبيده الترس كما يظهر من بعض الصور ،
وهو لا بد أن يكون قد استعان بأسلحة أخرى بالطبع ،
إن الصور التي تمثل الناس ،
وهم يطاردون الغزلان أو بقر الوحش أو الأسد أو الحمار الوحشي،
هي صور مفيدة جداً تتحدث عن وجود تلك الحيوانات في تلك الأماكن وفي تلك الأوقات،
وعن طرقهم في صيدها.
وقد كانت الحوم بعض تلك الحيونات طعاماً شهياً لمن يصطادها ولأنهم وجماعتهم ،
إلاه ها جبل ) ( إله الجبل ) ،
وهي تسمية تدل على أن عبدته كانوا من سكان جبل أو أرض مرتفعة ،
ولهذا نعتوا إلههم بـ ( الله الجبل ) أو أن عبدته هؤلاء قد أخذوه من أناس كانوا قد خلقوا المهم من ارتفاع أرضهم ،
وصار إنها من آلة الصفويين،
وهو يقابل الإله المسمى بـ ( الأجبل ) (Mlagabal) وهو كناية عن الشمس،
وكان يعبد في ( حمص ) (Krmesa) فإن لفظة (Elngabal) تعني ( إله الجبل ) .
وقد رمز اليه بـ ( حجر أسود ) وعباد الحجر الأسود كانت معروفة عند الجاهليين.
ولا ندري من حل في محل الصفويين فأخذ مواطنهم ،
ولم اختفت كتاباتهم بعد عهدهم هذا ؟ هل كان الذين أخذوا مكانهم أميين لا يقرأون ولا يكتبون فكانت أيامهم مما بكما ؟ الذين أخلوا مكانهم هم أعراب مثلهم ،
كانوا أقوى منهم ،
لذلك تغلبوا عليهم على وفق سنة البادية .
هذا جواب لا شك فيه.
ولكننا لا تستطيع تحديد هوية أولئك الأعراب وتعيين أسماء قبائلهم ،
كما أننا لا تستطيع التحدث عن سبب سكوتهم وعدم ترك آثار كتابية لهم تتحدث عن أيامهم وعن قبورهم وأصدقائهم وما شاكل ذلك من أمور إلى زمن مجيء الاسلام.
إن الغساسنة : هم آخر م آخر من نعرف أنهم كانوا في هذه الأرضين وفيما جاورها وكذلك قبائل عربية أخرى مثل لحم وكلب،
وبين أسماء الأشخاص المدونة في النصوص الصفوية أسماء تشبه أسماء أهل مكة
والعرب الشماليين شبهاً كبيراً ،
ويحملنا هذا على تصور أن ثقافة الصفويين عربية شمالية .
ونجد هذا التشابه في أمور ثقافية أخرى ،
سأتحدث عنها في الأماكن المناسبة.
ومن الأسماء الواردة في النصوص الصفوية : ( قصير ) ،
أي (قصي) ،
وقد ورد اسم ( قصير بن كلبو ) ،
وكان من رجال الدين.
وورد ( قصير بن روحو ) أي ( قصي بن روح ) .
و ( قصير بن الذينت ) ،
أي ( قصي بن أذينة ) .
ويرى بعض المستشرقين ان الصفويين هم مثل سائر القبائل العربية الشمالية هاجروا من جزيرة العرب الى الشمال ،
فسكنوا في منطقة (الصفاة) ،
غير انهم لم يكونوا قد اندمجوا في أثناء تدوينهم كتاباتهم بالثقافة السامية الشمالية كما اندمج غيرهم مثل النبط ،
بل كانوا لا يزالون محافظين على صلاتهم بالجزيرة ولا سيما بالعربية الجنوبية منها موطنهم القديم،
وتعبر عن هذه الصلة بعض الخصائص اللغوية التي ترجع على رأيهم إلى أصل عربي جنوبي ،
غير انهم تأثروا بالطبع بمن اختلطوا بهم وبمن تجاوروا معهم من الساميين الشماليين أو العرب الشماليين،
ويظهر أثر هذا الاختلاط على رأيهم أيضاً في الأسماء والكلمات والتعابير الخاصة التي نقرأها في هذه النصوص".
قلت : إن كلمة ( الصفويون ( لا تعني شعباً معيناً أو قبيلة معينة ،
وإنما هي اصطلاح أوجده ( هاليفي ( ليطلق على الكتابات التي عثر عليها في مواضع متعددة من ( اللجاة ) و ( حوران ( ومواضع أخرى ،
لذلك يجب ألا يفهم أننا نقصد أناساً تركوا لنا كتابات متشابهة كتبت يقلم واحد ،
ليظهر أنهم كانوا بين البداوة والحضارة فلاحين ورعاة لهم قرى ومزارع،
وربما كانت لهم تجارات أيضاً ،
غير أننا لا نعرف من أمرهم شيئاً كثيراً .
فقد يكونون اذن من قبيلة واحدة ،
وقد يكونون جملة قبائل ،
وقد تكون لهم ( امارة ) لا نعرف من أمرها شيئاً ،
وربما لا يكون لهم ذلك.
وربما كانوا أتباعاً للسلطة القائمة في بلاد الشام تتحكم فيهم بنفسها أو بواسطة أمراء أو سادات قبائل .
وقد يكون الصفويون أناساً وصلت أسماؤهم الينا ،
وكتب المؤرخون عنهم ،
ولكننا لا نعرف أنهم هم الذين تبحث عنهم ،
لأننا أمام اصطلاح جديد ميهم،
ظهر كما قلنا في القرن التاسع عشر،
ليست له حدود واضحة ولا معالم مرسومة فلا ندري نحن في الواقع ما نريد ،
قد يكون هؤلاء أسلاف غساسنة الشام ،
وقد يكونون غيرهم .


النص الأصلي

والى هذا العهد تجب اضافة قوم من العرب أطلق المستشرقون عليهم لفظة ( الصفويين ) ، نسبة إلى أرض ( الصفاة ) . وهم أعراب ورعاة كانوا يتنقلون من مكان إلى آخر طلباً للماء والكلأ . وقد دونوا خواطرهم أحياناً على الأحجار، وتركوها في مواضعها ، ومنها استطعنا الإلمام بعض الشيء بأحوالهم وأخبارهم . وقوم تنتشر الكتابة بينهم على هذا النحو ، لا يمكن أن نتصورهم أعراباً على النحو المفهوم من الأعرابية ، بل لا بد أن تتصور انهم كانوا على شيء من الثقافة والإدراك


واذا سألتني عن سبب اختيار المستشرقين لهذه التسمية واطلاقها على أصحاب هذه الكتابات ، فإني أقول لك : أنهم أخذوها من اسم أرض بركانية عرفت بالصفا وبالصفاة : تغطي قشرتها الخارجية حتى اليوم صخور سود تقول لك انها خرجت الى هذا المكان من باطن الأرض، وان براكين ثائرة مزمجرة غاضبة كانت قد قذفت بها الى ظهر الأرض فاستقرت في أمكنتها هذه ، ومن يدري ؟ فلعلها أصابت أقواماً كانت تعيش في هذه المواضع أو مارة بها فأهلكتها . وهي تسمية
قديمة تعود الى ما قبل الاسلام ، بدليل انها وردت في نص يوناني على هذه الصورة : (Sarathene) وورود اسم إله عرف بـ ( زيوس الصفوي ) (Zeus Bafathenos) . أي نسبة إلى هذه الأرض


أما ( الصفوية ) ، فتسمية ليست بتسمية عربية قديمة ، وليست علماً على قوم معينين أو على قبيلة معينة ، وانما هي تسمية حديثة أطلقها المستشرقون على قبائل عديدة كانت تنتقل من مكان الى مكان طلباً للماء والكلأ ، لرعي ماشيتها التي تكون ثروتها ورأس مالها ، تراها يوماً في أرض التبسط ، ويوماً آخر في بلاد الشام حيث كان الرومان ثم البيزنطيون يسيطرون. فنحن في هذا الموضع لسنا أمام مملكة أو حكومة مدينة ، بل أمام قبائل عديدة حرفتها الرعي والغزو وكفى.


ومن نسميهم بالصفويين إذن ليسوا بقبيلة واحدة ولا يجنس معين ، وإنما هم قبائل متنقلة ، كانت تنتقل في هذه الأرضين الواسعة ، في أزمنة مختلفة متباينة . ويعود الفضل الى الكتابات التي عثر الباحثون عليها في اعطائنا فكرة عن تلك القبائل المتنقلة ، وفي حصولنا على أسماء بعض تلك القبائل التي كان ينتسب اليها


أصحاب تلك الكتابات
وقد جمعت الكتابات الصفوية من أرضين واسعة ، تمتد من (حماه ) في سورية الى نهر الفرات في العراق في الشرق ، والى فلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية فأعالي الحجاز، وكلها كتابات شخصية في موضوعات متعددة ، ليس بينها وثائق تتعرض للمسائل العامة مثل القوانين والحروب بين الدول بتفصيل وتبسط ، ذلك لأن الكتابات الصفوية هي كما قلت كتابات أفراد كتبوها تعبيراً عن أمور شخصية لا غير ، ومثل هذه الكتابات لا تتعرض لما يبحث عنه المؤرخ الا بقدر ، وهو قدر لا يقدم في الغالب للمؤرخ ما يبحث عنه ، ولهذا انحصرت فوائدها في مسائل


وكذلك الاعداد التالية لهذه المجلة التي تصدرها مديرية الآثار في المملكة الأردنية الهاشمية .
في مثل الدراسات اللغوية والدينية وتطور الخطوط ودراسة أسماء الأشخاص والقبائل وما شاكل ذلك .


وانتشار هذه الكتابات وتناثرها في أرضين صحراوية ، أمر يلفت النظر ويدعو الى العجب من أمر الأعراب في ذلك العهد الذين كانوا يقرأون ويكتبون مع انهم أبناء بادية ، وقد عاشوا قبل الإسلام بزمان طويل ، ثم إن خطها يلفت اليه النظر أيضاً ، فهو خط عربي ، ولد من الأم التي نسلت الخط العربي الجنوبي ، وهو قريب من الخط الثمودي والخط اللحياني ، ويعني هذا أن العرب كانوا يكتبون قبل الميلاد بخط أود أن أسميه بالقلم العربي الأول ، أو القلم العربي القديم منه تفرعت الأقلام العربية المتنوعة فيما بعد ، فوجد ما نسميه بالقلم المسند وبالأقلام العربية الشمالية ، وذلك لظروف كثيرة لا مجال للكلام عليها في هذا المكان . وهو يدل على أن الصفويين وأمثالهم من الأعراب لم يتأثروا بالثقافة الإرمية مع قربهم منها واتصالهم بها ، وطغيانها على الثقافات الأخرى في العراق وفي بلاد الشام ، فيقوا مخلصين لقلمهم القديم ، فكتبوا به ، ولم يستعملوا قلم بني إرم كما فعل


( أهل المدر ) المقيمين في مدن العراق والشام وقراهما . وكتبوا بلهجاتهم أيضاً ولم يكتبوا بلغة بني إرم كما فعل غيرهم من العرب الحضر .
وقد رأى ( دوسو ) (Dussaud) أن الصفويين كانوا يحاكون الجنود الرومان واليونان في تسجيلهم خواطرهم وذكرياتهم على الحجارة ، فقد وجد الباحثون أحجاراً دون عليها أولئك الجنود في أثناء أدائهم واجباتهم العسكرية في بلاد الشام وعلى الطريق الرومانية ذكرياتهم وخواطرهم ونزولهم في تلك الأمكنة. ولكن وجود كتابات صفوية عديدة من القرن الأول قبل الميلاد يثبت ان الصفويين كانوا يدونون خواطرهم بهذا الأسلوب ، وذلك قبل شروع أولئك الجنود الرومان واليونان في تدوين خواطرهم على هذا الأسلوب ، وانهم كانوا يدونون خواطرهم هذه على الأحجار وبهذا الشكل لأن هذه الحجارة كانت هي ورق كتابة أهل البادية ، فكتبوا عليها كما يكتب أهل الحضر على الرق والخشب والورق وغيرها من وسائل


الكتابة )


ويرجع علماء الصفويات عمر أقدم الكتابات الصفوية إلى القرن الأول قبل الميلاد.


أما آخر ما عثر عليه من كتابات، فيرجع الى القرن الثالث بعد الميلاد ، على رأيهم أيضاً . فما عثر عليه من الكتابات الصفوية ، هو من عهد تبلغ مدته زهاء


أربعة قرون .


وقد أرخت بعض هذه الكتابات بحوادث محلية عرفت عند أصحابها ، الا انها مجهولة لدينا ، لذلك لم تستطع الاستفادة منها في تكوين رأي في زمن كتابتها فقد أرخ بعضها بسنة وفاة قريب لصاحب الكتابة ، أو بوقت نزوله في المكان الذي كتب به الكتابة ، أو بوقت هربه من الرومان أو بعد كذا من الأيام أو من السنين من رؤية قريب له أو وفاته ، ومثل هذه الحوادث، لا تفيد المتأخرين شيئاً ، ولا تساعدهم في تثبيت زمن تدوينها بوجه صحيح مضبوط . وأرخ بعضها بحوادث أعم ، الا أنها ذكرت بأسلوب فوت علينا معرفة زمان وقوع الحادث بوجه مضبوط ، فقد أرخت كتابة منها بـ ( سنت نزز اليهد ) ، أي ( سنة الخصام مع اليهود ) . وهي سنة كان يعرفها صاحب الكتابة وأصحابه . أما نحن فلا تعلم من أمرها شيئاً، فقد خاصم العرب اليهود كثيراً في تاريخهم . فأية خصومة من تلك الخصومات قصد صاحب الكتابة . فإذا كان قد قصد ثورة العرب أهل اللجاة (Trachonitis) على ( هيرود الكبير ( الملك المكابي ، فهذه الثورة يجب أن تكون قد وقعت فيما بين السنة ( ۲۳ ق. م. ( والسنة ( ١٤ ق. م. ) . أما اذا كان صاحب النص قد قصد خصاماً آخر ، فإننا لا تستطيع التكهن عنه


من نصه هذا ، لما قلناه من تعدد الخصومات بين العرب واليهود .


وأرخت كتابة أخرى بزمن تمرد صاحب الكتابة على الروم ، وذلك سنة مجيء ( الميديين ) الفرس الى ( بصرى ) ، ( ومرد على رم سنت أني همذى بصرى وقصد بـ ( همذى ) ( الماذوبين ) ، أي الميديين من الفرس. ولما كانت الأخبار لم تشر إلى اكتساح الفرس لـ ( بصرى ) قبل سنة ( ٦١٤ م ) ، ظن من عالج هذه الكتابة أن صاحبها قصد استيلاء الفرس عليها في ذلك الزمن ، أي في الستين الأولى من سني مبعث الرسول ، حيث غلبت الفرس على الروم كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم . غير أن هذا الفريق عاد فأبدل رأيه ، لأنه وجد أن هذا الرأي لا ينسجم مع نوع الكتابة والأبحاث الاثارية التي دلت على ان الكتابة يجب أن تكون أقدم عهداً من سنة ( ٦١٤ م ) ، ورأى لذلك أن استيلاء الفرس على ( بصرى) يجب أن يكون قبل ذلك بكثير ، وقد يكون وقع في القرن الأول قبل الميلاد ، غير أننا لا نملك نصوصاً تأريخية تشير إلى وصول الفرس الى هذا المكان ، واستيلائهم عليه في ذلك الزمن . وهكذا نجد أن الملك الكتابة المؤرخة قد أو جدت لنا مشكلة ، لم نتمكن من حلتها بسبب الغموض الوارد فيها عن سنة استيلاء الفرس على بصرى


اضطروا إلى لقد كان الصفويون محكم نزولهم في أطراف بلاد الشام على اتصال بالروم بل الخضوع لحكمهم والاعتراف بسيادتهم عليهم والتوغل شمالاً وجنوباً في بلاد الشام بحثاً عن الماء والكلأ وعن القوت ، كما اضطروا إلى مراجعة قرى بلاد الشام ومدنها للامتيار والبيع ما عندهم من فائض من منتوج أيديهم ومن حاصل حيواناتهم. وهذا مما يدفعهم إلى التخاصم أحياناً مع موظفي الأمن الروم وحراس الحدود ورجال الجباية و ( الكمارك ) ، في شأن أمور الأمن ، أو أخذ حقوق الحكومة منهم ، فيقبض الروم على من يقاوم منهم، أو يتهرب من الأداء، أو يقتل ، أو يقوم بأعمال مخالفة ، فيلقونه في السجن أو يقتلونه ، ولهذا تجد بعض الكتابات وقد سجلت حين هرب صاحبها من سجن الروم ، وعاد الى حريته. وهربه من الروم واستنشاقه نسيم الحرية ، معناه اللجوء الى البادية والاحتماء بها حيث يصعب على الجنود الروم الوصول اليها للقبض عليهم والاقتصاص منهم . والبادية حصن أمين الأعراب


وطالما قرأنا في الكتابات أن أصحابها ( نجوا من الروم ) أو فروا من الروم، أو تمردوا على الروم وأمثال ذلك من تعابير . وقد قصدوا بالروم بلاد الشام التي كانت في أيدي الرومان ، ثم انتقلت الى الروم، وهم اليونان البيزنطيون . ولما كانت بلاد الشام تحت حكم المذكورين ، عبروا عنها بـ ( رم ) ( روم ) أي


( الروم ) ( وبلاد الروم )


ويظهر من هذه النصوص أن شأن الصفويين بالروم لم يكن يختلف حسن شأن سائر العرب بهم وبأمثالهم من الدول الأجنبية مثل الفرس ، فهم مضطرون بحكم وضعهم إلى التسليم السلطان الدول الأجنبية ما داموا ضعفاء لا يستطيعون مقاومة الأعاجم ، فإذا تغيرت الأحوال ، وظهرت مواضع ضعف في الأجنبي ، اهتبل الأعراب الفرص ، فانقلبوا عليه حتى يرضيهم أو يظهر قوته ، وهكذا كان الصفويون ينتهزون الفرص ، فمتى وجدوا لغرة في سلطان الروم وموضع ضعف في حراسة حدودهم ، هاجموهم منها حتى ينالوا ما يبتغون من مغنم ، وقد


ينقلب الحادث عليهم بالطبع ، لسوء تقدير في الموقف ، وهذا ما يحدث في كل غزو أو حرب ، وهو شيء طبيعي فقد ينتصر المحارب فيربح ، وقد ينتحر
فيخسر كل شيء ويلاحظ من الكتابات الصفوية أن أصحابها كانوا يتزعون نزعة شديدة الى تخليد أنفسهم وابقاء آثارهم وذكرياتهم بكل الطرق الممكنة ، فأرخوا بكل حادث كان معروفاً عندهم ، حتى تحادث ولادة ماشينهم ، أو مقتل أحدهم ، أو فرض غرامة مالية على أحدهم ، أو سفر أحد منهم وبأمثال ذلك من حوادث صغيرة تافهة ، ولكنها مع ذلك مع ذلك وعلى الرغم مما يبدو عليها من سذاجة تدل على وجود نزعة قوية لديهم لتأريخ كل ما يقع عندهم وتدوينه ، ليطلع عليه غيرهم ممن يمر بالأماكن التي نزلوا بها . هذا وما زال الأعراب وأهل القرى عندنا يسجلون حوادثهم على النحو المذكور من تسجيل التواريخ


وللطابع الشخصي الذي تحمله الكتابات الصفوية ، لم نتمكن من الاستفادة منها


من الوجهة السياسية والعسكرية ، فلم تعثر فيها على اسم ملك ، لا عربي ولا


أجنبي ، ولم نعثر فيها على موضوع سياسي يشير الى الحالة السياسية التي كانت في العراق أو في بلاد الشام أو في جزيرة العرب في تلك الأيام ، ولم نتمكن أيضاً من الخروج منها بأية فكرة عن نوع الحكم الذي كان يعيش فيه الصفويون : أكانوا في حكم ملوك ، على شاكلة عرب الغساسنة ؟ أم كانوا قبائل متنقلة خاضعة السلطان الروم ، حين تكون في بلاد الشام ، وحرة طليقة حين ترد البادية ؟ وقد وردت في الكتابات الصفوية أسماء قبائل ، منها : ( بدن ) و ( بعر )
و ( تر ) ، و ( هجدل ) ( هكدل ) ، و ( جر ) ( کر ) و ( حزن ) و ( حضی ) ، و ( حولت ) ( حوالة ) ، و ( دمصی ) و ( مسلم ) ،


و ( صبح ) ، و ( صف ) ، و (عبد) ، و ( عود ) ، و (غر ) ،


و ( فرث ) ، ( وقمر ) ، و ( محرب ) ، و ( همضر ) ، و (املکت .


ومن القبائل الصفوية : ( اشلل ) ، و (بكس) ، و (جعبر) ، و (جوا)،


و ( حمد ) ، و ( حرم ) ، و ( حظی ) (حضی) ، و (هي) ، و (زد) ( زيد ) ، و ( زهر ) ، و ( عدل ) ، و (عمرت) (عمرة) ، و (فضج) ،


و ( مسكت ) ( ماسكة ) ، و ( معصى ) ( معيص ) ، و ( نمرت ) (نمرة)


( تمارة ) ( نميرة ) ، و ( هذر ) ( هذير ) ( هذار ) ، و (نسمن ) أي


(نسمان) ، و ( حمد ) ( حماد ) ( حميد )


وترد لفظة ( ال ) قبل اسم القبيلة في كثير من الكتابات الصفوية ، وتؤدي


فيها معنى (آل) عندنا ، مثل : ( ال تم ) ، أي ( آل تيم ) ، و (ال عوذ) بمعنى ( آل عوذ ) و ( ال ادم ) ( آل آدم ) ، و ( ال حد) (آل حد). وهي بمعنى ان المذكور أو المذكورين من القبيلة المسماة، أو من العشيرة المذكورة ،


أو من البيت المسمى


وورود ( ال ) بهذا المعنى في النصوص الصفوية يدل على ان لغة هذه القبائل


وهي قبائل عربية شمالية تشارك لغة القرآن الكريم في هذه الخاصية


وقبيلة (عود) ورد اسمها في عدد من الكتابات الصفوية . وقد ورد في احداها ان حرباً كانت قد نشبت بينها وبين قبيلة أخرى ، اسمها ( وعل ) أو ( وبل ) أو ( وائل ) . وقد يكون لاسم هذه القبيلة صلة باسم الإله ( جد عوذ
وقد عثر على اسم قبيلة ( نعمن ) ، أي (نعمان ) في بعض الكتابات الصفوية التي عثر عليها في ( وادي حوران ( بالعراق . ويرد ( نعمان ) اسماً لأشخاص ،


ومنهم بعض ملوك الحيرة . وقد ورد اسم قبيلة في احدى الكتابات التي عثر عليها في العراق ، وهي قبيلة ( ال صح ) ، أي ( آل صح ) ، أو ( آل صالح ) ، أو ( آل صبح)، أو (الصالح) . وما زال اسم ( الصائح ) معروفاً في العراق ، وهو اسم عشيرة


فقد يكون له صلة بهذه التسمية القديمة . وقد أفادتنا هذه الكتابات من الناحية الجغرافية ، اذ قدمت الينا أسماء مواضع عديدة لا يزال بعضها يسمى بالأسماء الواردة في تلك الكتابات . وقد يمكن في المستقبل دراسة الأسماء الأخرى لتثبيت مواضعها وتعيينها على مصورات الأرض


) الخارطات ) .


ومن المواضع التي ورد اسمها في الكتابات الصفوية ، موضع (رحبت) ، وهو ( الرحبة ) . وقد ورد في نص سجله رجل اسمه ( حنن بن معتق ) ، ( حنان ابن العائق ) ، أو ( حنين بن العائق ) ، أو ( خنن بن العائق ) ، وذكر انه ) بن ال - رحبت ) ، أي ( من الرحبة ) ، أو ( من آل رحبة ) ، وانه كتب كتابته هذه في السنة التي دار فيها قتال مع قبيلة ( ال حمد ) ( الحمد ) أو ( آل حمد ( . وقد ذهب بعض الباحثين الى أن ( الرحبة ) هو اسم موضع موضي ( الحمد ) هو اسم موضع كذلك ، وان الذين نزلوا في هذين المكانين وفي أمكنة أخرى نسبوا أنفسهم اليها فقالوا : ( آل رحبة ) و ( آل حمد ) ، وذلك على نحو ما نجده في عربيتنا من ذكر ( آل ) في الانتساب، وان هذا معناه ان أولئك الأعراب الذين نزلوا في الموضعين انتسبوا الى المكانين ، فاستعملوا لذلك لفظة ( ال ) ، أي ( آل ) ، قبل الموضع ، فظهر الاسم ( ال رجبت ) ال رجبة ) وكأنه اسم قبيلة ) . كما ان
ولهذا المظهر من التسميات والانتساب شأن كبير في موضوع دراسة أنساب القبائل ، إذ فيه برهان ودليل على أن الاقامة في موضع تكون سبباً للانتساب اليه ثم لتحويل ذلك النسب الى اسم جد ، وأن ما يرويه أهل الأخبار في هذا الباب مثل انتساب الغساسنة الى ( غسان ) ، وأن ( غسان ) اسم موضع ماء نزلوا عليه ، فدعوا به ، يجب أن ينظر اليه نظرة اعتبار ، لا رفض وازدراء . وفي أسماء القبائل العربية المدونة في كتاب الأنساب والأدب ، أو الواردة في الكتابات
الجاهلية أمثلة عديدة من هذا القبيل
ومن الأماكن التي ورد ذكرها في النصوص الصفوية : ( بصرى ) وقد ذكرت على هذه الصورة ( بصر ) ، و ( هنمرت ) : ( النمرت ) ، أي ( المارة ) . و ( هتبكي ) أي ( الشبكي ) و ( حجر )


و ( حجر ) موضع قد يراد به ( الحجر ( المعروف في عربيتنا ، وهو


(Hegin) و (Hegree) عند اليونان واللاتين ، و ( حجرا ) و ( حجرو )


عند النبط


وورد اسم مدينة ( تيا ) أي ( تياء ) في الكتابات الصفوية كذلك ، كالذي ورد في نص دوله رجل اسمه ( خل - ال بن شيب ) أي ( خليل - ايل ابن شبيب ) ، وقد تذكر فيه رجلاً اسمه ( أبرش ) ، وهو من أهل (تياء). ولم يكن الصفويون كما يبدو بوضوح من كتاباتهم ومن صور الحيوانات التي نقشوها على الأحجار أعراباً ممعنين في الأعرابية على نحو عرب البوادي البعيدين في البادية ، حيث يقضون حياتهم فيها ، فلا يختلطون بالخضر ، ولا يمتزجون بالحضارة، وإنما كانوا أشياء أعراب وأشياء حضر، وربما كان تعبير ( رعاة ) غير تعبير ممكن اطلاقه عليهم ليميزهم عن غيرهم. فقد كان الصفويون أصحاب ماشية ، لهم ابل ، يعيشون عليها، ويتاجرن بها ، ولهم خيل يركبونها، والخيل كما هو معروف لا تستطيع الحياة في البوادي القاحلة العميقة والرمال القليلة المياه .
ولهم المعز والقلم والحمير والبقر، وهي من الحيوانات التي تحتاج الى رعي ومراعي. ولذلك يجب أن : يكون أصحابها من طبقة الرعاة، وقد كانت حياتهم حياة رعي، تجدهم في الشتاء في مكان، ثم تجدهم في الصيف في مواضع أخرى قريبة من الجبال حيث يكون الجو لطيفاً والمياه كثيرة، ليكون في استطاعتهم الابتعاد من حر الحرار ومن تموم الأرض القاحلة في الصيف، ولتستمتع ماشيتهم نجو لطيف فيه ما يقربها من خضرة نضرة ومن ماء عذب زلال


ان في بعض هذه الكتابات تعبيراً عميقاً عن ذكاء القطري يعبر عن طراز حياة الصفويين ، فكتابة مثل : ( ورعى همز وولد شهر ) ، ومعناها : ( ورعت المعز وولدت الشياه ) ، أو ( ورعى بقر هنخل ) ، أي ( ورعت البقر في هذا الوادي ) ، أو ( وقف على قير فلان وحزن ) ، هي تعابير، وان بدت ساذجة مقتضية لا يكتبها حضري ، غير انها تمثل في الواقع ذكاء فطرياً عميقاً ، ونوعاً من التعبير عن حسن أهل البادية أو أهل الرعي ، وهو حس مرهف فيه بساطة وفيه اقتضاب لبنا من وحي الصحراء البسيطة الممتدة إلى ما وراء البصر على نمط واحد ، وشكل لا تغيير فيه ولا تبديل وكتابات يكتبها أناس يحيون بعيدين عن حضارة المدن ، ويعيشون بين أشعة الشمس وضوء القمر في بيوت وبر أو شعر معز لا تلي ولا تنفع الا بمقدار، لا يمكن أن تكون الا على هذا التحو من البساطة ، ولكنها بساطة ذكي يحاول بذكائه التعبير عن حياته تلك .


وتجد هذا الذكاء القطري في الصور المرسومة للحيوانات ، فقد أراد مصوروها أن يعبروا عن غرائزهم الفنية بصورة محسومة ترى ، فرسموا صور حيوانات ألقوها ورأوها ، بصورة بدائية، ولكنها معبرة أخاذة، ورسموا بعض المناظر المؤثرة في حياتهم مثل الخروج الصيد ومعارك الصيد ، فترى على بعض الأحجار فارساً وقد حمل ربحاً طويلاً، وترى مشاة وقد عملوا أقواماً وتروساً صغيرة مستديرة الوقاية أجسامهم من السهام أو من الحيوان ، وترى رجالا يطاردون غزالاً أو ماناً ، وترى أناساً فرساناً ومشاء يطاردون أسداً " ، وترى غير ذلك من صور بدائية من هذا القبيل ، مهما قيل فيها، فإنها صور رائعة لا يمكن أن يحفرها فنان بأحسن من هذا الحفر ، وهو في مثل هذا المحيط ، وليست لديه من آلات


الحفر غير هذه الآلات . والصور المنقوشة على الأحجار التي ترينا الصفوي وقد ركب حصانه معتقلاً ربحاً طويلاً ، هي صورة المحارب الفارس عند الصفويين ، وهي في الواقع صورة الفرسان الأعراب ، سلاحهم الرئيسي الرماح ، يطعنون بها خصمهم ، وما زاله البدو في بعض البوادي من جزيرة العرب محملون ذلك السلاح التقليدي القديم ، محاربون به خصومهم في المعارك القبلية البدائية. وأما المحارب الماشي ، فإنه يحارب بالقوس وبيده الترس كما يظهر من بعض الصور ، وهو لا بد أن يكون قد استعان بأسلحة أخرى بالطبع ، مثل السيوف والفؤوس والحجارة وكل ما تقع يده عليه مما يصلح أن يكون مادة للقتال والعراك


إن الصور التي تمثل الناس ، وهم يطاردون الغزلان أو بقر الوحش أو الأسد أو الحمار الوحشي، هي صور مفيدة جداً تتحدث عن وجود تلك الحيوانات في تلك الأماكن وفي تلك الأوقات، وعن طرقهم في صيدها. وقد كانت الحوم بعض تلك الحيونات طعاماً شهياً لمن يصطادها ولأنهم وجماعتهم ، كما أن لوجود صورة الحصان شأناً في اظهار أن الصفويين وغيرهم كانوا يعرفون الخيل في تلك


الأزمنة، وأن الحصان العربي كان موجوداً يومئذ وفي جملة ما عثر عليه من أسماء آلة الصفويين اسم الله عرف بـ (الله هجيل)


إلاه ها جبل ) ( إله الجبل ) ، وهي تسمية تدل على أن عبدته كانوا من سكان جبل أو أرض مرتفعة ، ولهذا نعتوا إلههم بـ ( الله الجبل ) أو أن عبدته هؤلاء قد أخذوه من أناس كانوا قد خلقوا المهم من ارتفاع أرضهم ، وصار إنها من آلة الصفويين، وهو يقابل الإله المسمى بـ ( الأجبل ) (Mlagabal) وهو كناية عن الشمس، وكان يعبد في ( حمص ) (Krmesa) فإن لفظة (Elngabal) تعني ( إله الجبل ) . وقد رمز اليه بـ ( حجر أسود ) وعباد الحجر الأسود كانت معروفة عند الجاهليين. وقد كان أهل مكة يقدمون الحجر الأسود في


مكة ويتقربون اليه
ولا ندري من حل في محل الصفويين فأخذ مواطنهم ، ولم اختفت كتاباتهم بعد عهدهم هذا ؟ هل كان الذين أخذوا مكانهم أميين لا يقرأون ولا يكتبون فكانت أيامهم مما بكما ؟ الذين أخلوا مكانهم هم أعراب مثلهم ، كانوا أقوى منهم ، لذلك تغلبوا عليهم على وفق سنة البادية . هذا جواب لا شك فيه. ولكننا لا تستطيع تحديد هوية أولئك الأعراب وتعيين أسماء قبائلهم ، كما أننا لا تستطيع التحدث عن سبب سكوتهم وعدم ترك آثار كتابية لهم تتحدث عن أيامهم وعن قبورهم وأصدقائهم وما شاكل ذلك من أمور إلى زمن مجيء الاسلام. إن الغساسنة : هم آخر م آخر من نعرف أنهم كانوا في هذه الأرضين وفيما جاورها وكذلك قبائل عربية أخرى مثل لحم وكلب، ولكننا لا نعرف أنهم تركوا كتابات


تتحدث عنهم


وبين أسماء الأشخاص المدونة في النصوص الصفوية أسماء تشبه أسماء أهل مكة


والعرب الشماليين شبهاً كبيراً ، ويحملنا هذا على تصور أن ثقافة الصفويين عربية شمالية . ونجد هذا التشابه في أمور ثقافية أخرى ، سأتحدث عنها في الأماكن المناسبة.


ومن الأسماء الواردة في النصوص الصفوية : ( قصير ) ، أي (قصي) ، وقد ورد اسم ( قصير بن كلبو ) ، أي ( قصي بن كلاب ) في أحد النصوص


وكان من رجال الدين. وورد ( قصير بن روحو ) أي ( قصي بن روح ) . و ( قصير بن الذينت ) ، أي ( قصي بن أذينة ) .
ويرى بعض المستشرقين ان الصفويين هم مثل سائر القبائل العربية الشمالية هاجروا من جزيرة العرب الى الشمال ، فسكنوا في منطقة (الصفاة) ، غير انهم لم يكونوا قد اندمجوا في أثناء تدوينهم كتاباتهم بالثقافة السامية الشمالية كما اندمج غيرهم مثل النبط ، بل كانوا لا يزالون محافظين على صلاتهم بالجزيرة ولا سيما بالعربية الجنوبية منها موطنهم القديم، وتعبر عن هذه الصلة بعض الخصائص اللغوية التي ترجع على رأيهم إلى أصل عربي جنوبي ، غير انهم تأثروا بالطبع بمن اختلطوا بهم وبمن تجاوروا معهم من الساميين الشماليين أو العرب الشماليين، ويظهر أثر هذا الاختلاط على رأيهم أيضاً في الأسماء والكلمات والتعابير الخاصة التي نقرأها في هذه النصوص".


قلت : إن كلمة ( الصفويون ( لا تعني شعباً معيناً أو قبيلة معينة ، وإنما هي اصطلاح أوجده ( هاليفي ( ليطلق على الكتابات التي عثر عليها في مواضع متعددة من ( اللجاة ) و ( حوران ( ومواضع أخرى ، لذلك يجب ألا يفهم أننا نقصد أناساً تركوا لنا كتابات متشابهة كتبت يقلم واحد ، ليظهر أنهم كانوا بين البداوة والحضارة فلاحين ورعاة لهم قرى ومزارع، وربما كانت لهم تجارات أيضاً ، غير أننا لا نعرف من أمرهم شيئاً كثيراً . فقد يكونون اذن من قبيلة واحدة ، وقد يكونون جملة قبائل ، وقد تكون لهم ( امارة ) لا نعرف من أمرها شيئاً ، وربما لا يكون لهم ذلك. وربما كانوا أتباعاً للسلطة القائمة في بلاد الشام تتحكم فيهم بنفسها أو بواسطة أمراء أو سادات قبائل .


وقد يكون الصفويون أناساً وصلت أسماؤهم الينا ، وكتب المؤرخون عنهم ، ولكننا لا نعرف أنهم هم الذين تبحث عنهم ، لأننا أمام اصطلاح جديد ميهم، ظهر كما قلنا في القرن التاسع عشر، ليست له حدود واضحة ولا معالم مرسومة فلا ندري نحن في الواقع ما نريد ، قد يكون هؤلاء أسلاف غساسنة الشام ، وقد يكونون غيرهم .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

وبويع عثمان وحد...

وبويع عثمان وحدثت الفتنة الأولى، وثارت عليه الأمصار وقتل، واجتمع في الثورة عليه تذمر القبائل من سلطا...

الفكر الإداري ه...

الفكر الإداري هو العملية الفكرية والمفاهيمية التي تستخدم في تحليل وتطوير النظم الإدارية وتنظيمها، وت...

ماهية بطاقات ال...

ماهية بطاقات الائتمان : تعتبر بطاقات الائتمان من البطاقات الواسعة الانتشار في العالم على مستوى البن...

مع اكتشاف النفط...

مع اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي عام 1962، طلبت الحكومة البريطانية تقـديـم مخططات لبناء مدينة «أبو ظب...

ًم قـد عرفـت يف...

ًم قـد عرفـت يف اليـوم اخلامس بفضـل اخلروف وكما هـو احلـال دائ ً شـيئ ً ا جديـدا عن األمير الصغري. ...

بعدما أن يكون ا...

بعدما أن يكون العميل عايش الحدث الصدمي يحدث نوع من التغير في بنيته، فتتغير عاداته اليومية، تصرفاته م...

ما هو دور الأخل...

ما هو دور الأخلاقيات في صناعة الترجمة؟ اً في عالم الاتصالات العالمية دائم التطور، تلعب صناعة الترجمة...

Memos: A memora...

Memos: A memorandum or memo means to remember, and means literally “a thing to be remembered”. Howe...

يشير إلى صورة ش...

يشير إلى صورة شيء مألوف عندما يسمى أمامه ينطق كلمة واحدة ليعبر من خلالها عن جملة ينخرط في كلام غير...

عندما نخوض في ن...

عندما نخوض في نقاش حول عقوبة الإعدام، ندخل إلى عالم معقد يتخلله تشابك للقيم الأخلاقية والقوانين والس...

وجدت الحيوانات ...

وجدت الحيوانات في هذا الكلام شيئًا غريبًا وطريفًا، فانطلقت تضحك وتقهقه بشدة. وحين رأت البيضة دُهِشَت...

وصلت ماريال وآن...

وصلت ماريال وآن لبيت السيدة سبنسر الكبير وسألت ماريال عن خطأ اإلتيان بفتاة وقد طلبت صبي قالت لها سبن...