لخّصلي

ويقول عن نفسه: «لذلك نصلي كل حين لأجلكم. أما طلب خلاص الآخرين، فما معنى هذه الصلاة التي تطلب تدخل الله في خلاص الآخرين، فالخلاص أمر شخصي، فكيف تؤثر فيها رغبتي التقية ما دام بيننا البحر كله؟ والآلام المقدمة من أجل خلاص العالم، ما لم يُصبح خلاص الناس ثمرة حقيقية ونتيجة واقعية لبطولتهم إن مسألة فاعلية الصلاة موضوع لاهوتي وليس نفسي . والمساهمة في خلاص الآخرين لا تحدث إلا عن طريق القداسة الشخصية فالتفكير أولاً في دور الصلاة من أجل الخلاص الشخصي ، الصلاة والخلاص الشخصي : أنتم المنتظرين تجلي ربنا يسوع المسيح . وكل مسيحي باتحاده مع المسيح في صلاته الفدائية يمكنه أن ينعم بنفس الاستجابة ، إذ يجعل الإنسان يعمل لخلاص نفسه . وهكذا يُشارك الإنسان في العمل الخلاصي ، وتتحقق رغبته وتُستجاب عندما نُصلّي لأنه يُصبح » محبة » لا في ذاته ، بل هذا التمجيد يتضمن أيضاً خلاص البشرية كلها . وهو اتحاد كلي مع الله ونموذج لكل صلاة مسيحية ، وواظبوا على الدعاء لجميع الإخوة القديسين ، مصدر فاعلية الصلاة : شركتنا مع الله والآخرين ولكنها تحتوي على بعض الشروط : يلزم أن يثبت الرسول في المسيح ثبوت الأغصان في الكرمة ، وكلما ينمو هذا الخلاص ، ويجعل خلاص الواحد هو خلاص الذين يحبهم (١٢). فصار سبب خلاص . (١) كور ١٥ : ٤٥) ، ولأنه أعطى ذاته وبذلها صار هو السيد الذي له سلطان أن يخضع تحته كل شيء ( فيلبي ٣ : ٢٠ ) ، فإنهم يشتركون مع المسيح في موته الخلاصي . ولما بلغ الكمال صار مصدر خلاص أبدي لجميع الذين يطيعونه » ( عب ٥: ٨ - ٩ ) . لا يمكن أن يدعي الفعالية وحده ، وصلاة الكنيسة تستطيع أن تأتي بثمار حسب شمولية نعمة المسيح هذه، إنها تجعلنا نشترك في هذه النعمة التي بها يسوع المسيح ابن الله صعد إلى الآب وحقق في ذاته خلاص العالم .

وكلمهم بمثل عن وجوب المداومة على الصلاة من غير ملل» (لو ۱:۱۸). ويقول عن نفسه: «لذلك نصلي كل حين لأجلكم. كلمات قد نميل إلى وصفها بأنها مغالاة تقوية، يستحيل علينا أن نصلي كل حين! فلا يتعدى الموضوع أن يكون تشجيعاً على الصلاة المتكررة التي لا تعرف اليأس. وهذه الدعوة للصلاة الدائمة لن تلبيها إلا بعد الموت! بولس الرسول مراراً هي صلاة الطلب، وبولس لضرورة القيام بمثل هذه الفريضة. صلوا لأجلنا حتى ينتشر كلام الرب بسرعة، فإن كانت ضرورة الصلاة بلا انقطاع صعبة القبول، لا سيما أنه طلب متعلق بخلاص الآخرين. غالباً ما ينظر إلى صلاة الطلب نظرة أقل لأنها صلاة نفعية. أما طلب خلاص الآخرين، ۱) کشفت عدة استبيانات عن قلة أهمية صلاة الطلب عند المعاصرين وخاصة عند الشباب، فما معنى هذه الصلاة التي تطلب تدخل الله في خلاص الآخرين، فالخلاص أمر شخصي، إن علم النفس الديني الذي يجعل مراراً من صلاة الطلب موضوعاً لتحليله، يؤكد ما لهذه الصلاة من تأثير طيب على من يصلي، لأنه لا يستطيع أن يُدرك إلا التأثير النفسي على من يُصلّي، فما فائدة الصلاة من أجل الآخرين؟ ومع ذلك فإن الكنيسة لا تزال تُصلّي بثبات ورجاء وطيد من أجل خلاص العالم، وكثير من المسيحيين الأتقياء تملأهم الرغبة الملحة في خلاص الآخرين، فكيف تؤثر فيها رغبتي التقية ما دام بيننا البحر كله؟ والآلام المقدمة من أجل خلاص العالم، ما لم يُصبح خلاص الناس ثمرة حقيقية ونتيجة واقعية لبطولتهم إن مسألة فاعلية الصلاة موضوع لاهوتي وليس نفسي . ويمكن تقديم المشكلة على هذا النحو : « هل يستطيع الإنسان أن ينال من الله ما يطلبه في الصلاة ؟ » وفي هذه الحالة فإن كلمة الله وحدها ، ( مرسوم في نشاط الكنيسة الرسولي ، وهل تستطيع أن تنال من الله ما تطلبه ؟ ولأي سبب تناله ؟ ولإدراك معنى الشفاعة الرسولية يلزمنا أن تبحث عن القوانين التي تنظم فاعلية كل صلاة . فيما يتعلق بصلب المشكلة ، أي مدى فاعلية كل منها فالقداسة الشخصية لا تخلو من أبعاد رسولية . والمساهمة في خلاص الآخرين لا تحدث إلا عن طريق القداسة الشخصية فالتفكير أولاً في دور الصلاة من أجل الخلاص الشخصي ، الصلاة والخلاص الشخصي : أنتم المنتظرين تجلي ربنا يسوع المسيح . ويُحرك فيها الرجاء « المسيح فيكم وهو رجاء المجد ، هي علامة للخلاص المعطى لها في الزمان الحاضر، إن فاعلية الصلاة ليست سحرية (4)، ومع ذلك فإن الوعد باستجابتها مطلق . ( . سلم يسوع نفسه لقدرة الآب " وفي أيامه البشرية قرب تضرعات وتوسلات بصراخ شديد ودموع إلى القادر أن يُخلّصه من الموت فأستجيب له . عب ٥ : (٧) . استجاب الله للصلاة ، وكل مسيحي باتحاده مع المسيح في صلاته الفدائية يمكنه أن ينعم بنفس الاستجابة ، من يُصلي يوافق على قبول عطية الله : ورباط باطني . مشركة في عمل الله : يسعى الإنسان بقوة الصلاة ، رغبة الإنسان هي إذا تلبية النداء الإلهي الذي يتردد في قلبه على الإنسان المسيحي أن يشترك في قوة الله الخلاقة والخلاصية . الذي يبدو جلياً في ضعف المسيح أي في موته ، وفي قوته العجيبة أي في قيامته إن استجابة الصلاة هي النعمة العاملة التي يرتفع الإنسان إليها . إذ يجعل الإنسان يعمل لخلاص نفسه . وهكذا يُشارك الإنسان في العمل الخلاصي ، يتحقق الخلاص في الصلاة : وهو يُحب القريب عندما يريد له الخير ، عندما يقرر أن يتخلص من كبريائه . ويمكن أن نرى الأمر من وجهة نظر أخرى ، إن العداوة التي يتكلم عنها بولس الرسول ، (1) ، وتخلق المودة مع الله . وإن سقط فإنه لا يغلق نفسه كلية تجاه الله . وإما مغلق « ولا يستطيع الإنسان أن يكون في نفس الوقت منفتحاً على الله بالصلاة ومنغلقاً عليه بالخطيئة . كير كجارد . ويقول القديس أغسطينوس : إننا نسمع كلمة الله من خلال الرغبة الروحية التي توقدها فينا . وتظهر كلمة الله هذه من خلال قبولنا لها . . ( يو ١٤ : ۱۳ و ۱۵ : ١٦ و ١٦ : ٢٣ - ٢٦ ) . ويُعبر يوحنا الرسول عن هذا بكل براعة إذ يقول « إذا كنا نعرف أنه يستجيب لنا في كل ما نطلبه منه ، وهذا المعيار قد نسيء استعماله أحياناً ، ولكن لنا الحق في استعماله ، وهي الصلاة الكلية التي هي ملء قبول الله . ، وتتحقق رغبته وتُستجاب عندما نُصلّي لأنه يُصبح » محبة » لا في ذاته ، من هنا يبدو سطحياً أن نصنف الصلاة ، إن مقاييس الصلاة ليست في أنواعها، ولكنها في قلب الإنسان الذي عليه أن يرتفع إلى أرقى درجة في نقاوة الرغبة . صلاة يسوع المثالية: وهكذا تمجد الله في المسيح أولاً وتحقق الخلاص ، بصلاة فيها قبل المسيح إرادة الآب الخلاصية . مر ٧ :٣٤). ولكنه كان ارتفاع الشخص كله ، كان صلاة جوهرية فيها انفتح الإنسان يسوع تماماً على الله ، متجه كلياً إليه ، وهذه الصلاة هي ملء البنوة . يُقدم الإنسان نفسه إلى الله عندما يدع الله يستولي عليه ، وتجد الصلاة استجابتها في داخلها ، ولقد ارتفع بالصلاة إلى قبول إرادة الآب وفي هذه الصلاة ، وهذا القبول ، بل هذا التمجيد يتضمن أيضاً خلاص البشرية كلها . وهو اتحاد كلي مع الله ونموذج لكل صلاة مسيحية ، الا يجدر بنا القول إن الصلاة لها فعالية في خلاص الآخرين ، من حيث إننا مع المسيح وعن طريق الصلاة ندخل في شركة واتحاد مع الله ؟ وعندما يناشد المسيحيين بأن يصلوا معه ، وواظبوا على الدعاء لجميع الإخوة القديسين ، حتى إذا فتحت فمي للكلام منحني الله ما أعلن به بجرأة سرّ البشارة » ( أف ٦ : ٨ ) . وهذا الارشاد يصل إلى غايته في قول الرسول بولس : « أسأل قبل كل شيء أن تقيموا الدعاء والصلاة والابتهال والحمد من أجل جميع الناس . فهذا حسن ومقبول عند الله مخلصنا الذي يريد أن يُخلّص جميع الناس ويبلغوا إلى معرفة الحق » ( ا تيمو ٢: 1-8. . ليات ملكوتك . عندما تكون حارة ، بل من أجل الشعب كله . وخاصة الضال ، ويوجد نوع من فاعلية الصلاة يقبله العقل دون عناء ، إن ذكرى صداقة مسيحية يمكنها أن تكون لغير المؤمن سبباً يقربه من محبة الله التي تجذبه من خلال هذه الصداقة إن قناعتهم هي كلام الله، إذا ثبتم في وثبت كلامي فيكم ، بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا فتثمروا ، والصلاة لها قوة أن ترد له الحياة أياً كانت خطيئته ، مصدر فاعلية الصلاة : شركتنا مع الله والآخرين ولكنها تحتوي على بعض الشروط : يلزم أن يثبت الرسول في المسيح ثبوت الأغصان في الكرمة ، لأن مثل هذه الخطيئة تحرمه من التأثير المحيي الصلاة أخيه. هكذا بلا شك تتمتع بوحدة أوثق قوانين النعمة وهي قوانين الحب الشاملة ذات البساطة النقية للغاية . إن الصلاتي فاعلية بالنسبة لي ، ومحبة الله التي تريد خلاص الجميع يمكنها عن طريقي أن تملأ العالم وتتفجر فيه . إنه يجاهد في صلاته طوال الليل ، الإنسان المصلي في جهاده ، كل إنسان في عمق كيانه يتمتع بالصلاح ، 11)اليعمل الله الخير لأحد بمفرده، هي إذا تخلق الشركة والجماعة عن طريق كل مؤمن حسب فاعلية تقديسها في هذا المؤمن ، كما أنها تخلق الكنيسة جمعاء في المسيحالذي فيه ملء النعمة إذا الخلاص الممنوح للإنسان ليس إطلاقاً مجرد خلاصاً فردياً لهذا الإنسان ، وكلما ينمو هذا الخلاص ، وتُستجاب صلاة الإنسان عندما يدخل في حياة الشركة ، وتصبح حياته كلها مشاركة وعطاء الذات ، ويجعل خلاص الواحد هو خلاص الذين يحبهم (١٢). إن كان هناك وحدة في المحبة مع شخص آخر . وبهذا المعنى يمكننا أن نرجو لغيرنا الحياة الأبدية بقدر اتحادنا به في المحبة . فصار سبب خلاص . وهذه الصلاة مرتبطة بصلاة أخرى يطلب فيها اندماجه في مجد أبيه ، والرسالة إلى العبرانيين توضح بشكل لا مثيل له هذا الطابع الشخصي للصلاة الخلاصية ) عب ٧:٥ - ٩ ) ، يسوع نفسه يتوق للخلاص الذي يأتي من أبيه ، ۱۳) يمكن أن نفسر يوحنا ۱۷ : ۱ - ۲ بالطريقة التالية : يا أبت مجدني عندك ، وبما أني لن أستطيع أن أتمم هذه الرسالة إلا في شركة كاملة معك . كان آدم الأخير روحاً محيباً ، (١) كور ١٥ : ٤٥) ، ولأنه أعطى ذاته وبذلها صار هو السيد الذي له سلطان أن يخضع تحته كل شيء ( فيلبي ٣ : ٢٠ ) ، ولقد أعطي له الكمال الذي يفيض علينا جميعاً ( كول ٢ : ٩ ) . استجاب الله إذاً لصلاة المسيح الخلاصية ، فإنهم يشتركون مع المسيح في موته الخلاصي . ولما بلغ الكمال صار مصدر خلاص أبدي لجميع الذين يطيعونه » ( عب ٥: ٨ - ٩ ) . اجذبني وراءك فنجري ( نش ١ : ٤ ) : هنا كما في الصلاة من أجل الخلاص الشخصي ، يستجيب الله عندما يجعل من يُصلّي سبباً للخلاص بكيانه وعمله . وفي صلاتها من أجل البشر تستجاب الكنيسة بنعم الأمومة ، إحدى مسيحيات عصرنا ، وكان روح الله يرشدها ، ونعمة الخلاص لكل البشر التي تطلبها ، لا يمكن أن يدعي الفعالية وحده ، وصلاة الكنيسة تستطيع أن تأتي بثمار حسب شمولية نعمة المسيح هذه، أنتم ملح الأرض . يلزم الصلاة كل حين : إن الصلاة نعمة بنوية نابعة من سرّ موت وقيامة المسيح، إنها تجعلنا نشترك في هذه النعمة التي بها يسوع المسيح ابن الله صعد إلى الآب وحقق في ذاته خلاص العالم . ولقد شدد المجمع الفاتيكاني الثاني على ضرورة تلبية مطالب الكتاب المقدس إذ يقول : على المسيحي أن يُصلّي دون انقطاع ، ( دستور في الليتورجيا، والصلاة لجميع الناس لا يعني تكرار الفاظ تضرع أو تفكير بلا انقطاع في احتياجات جميع الناس لنعرضها أمام الله بل الرسالة فعل حياة ، إذا يلزم الصلاة كل حين في رغبة لا تنقطع . وكم من الساعات نقضيها في رغبة صامتة ، كم من الساعات في الليل والنهار يضع الإنسان نفسه فيها أمام نور المسيح ( ٢ كور ٣ : (۱۸) ، كم من هذه الساعات تلزمنا كي نتعلم كيف نقبل حب الله الفدائي في كل كياننا وأعمالنا ومقابلاتنا ؟