لخّصلي

بدأ اهتمام الأنثروبولوجيا بالبحر الأبيض المتوسط بمؤتمر بورغفار تنشتاين عام 1959، متناولاً قيم المجتمع المتوسطي كالشرف والعار. لكنّ تطور هذا المجال في الستينيات تأثر بالفجوة الاقتصادية والسياسية بين ضفتيه، فانضمّت أنثروبولوجيا الشمال إلى الحظيرة الأوروبية، بينما انخرطت الجنوبية في دراسات العالم العربي والإسلامي. أدى سوء فهم "أنثروبولوجيا البحر المتوسط" إلى نقاش حول اعتبار الحوض "منطقة ثقافية"، متسائلاً إن كان التركيز على الوحدة التاريخية أم التنوع. بعد ثلاثين عاماً من مؤتمر بورغفار، أعيد تقييم الموضوعات الأساسية كالشرف والعار والأسرة، مع مراعاة مساهمات المدارس التي ركزت على التقنيات والرموز الدينية والتقاليد الشفوية. وسّعت الدراسات آفاقها لتشمل عمليات التجسيد الثقافي وتوتر الهوية، مع اختلاف تصوّر البحر كحدود أو جسر. في فرنسا، ظهرت ثلاث مراحل: مرحلة الخمسينيات والستينيات، وثمانينيات القرن الماضي مع تركيزها على المرأة، وأخيراً مرحلة ما بعد 1989 مع الحروب الأهلية والهجرة. تخلت أنثروبولوجيا البحر الأبيض المتوسط عن النظرة الجمالية للتقاليد الريفية متبنيةً مقاربةً تاريخيةً تحاول تحديد علامات الوحدة المتوسطية المعاد اكتشافها.

ظهور البحر الأبيض المتوسط وعالم البحر الأبيض المتوسط في الأفق الأنثروبولوجي حديثا عام 1959 ، في بور غفار تنشتاين في النمسا ، اجتمع المؤتمر الأول المخصص لهذا المجال من الدراسة ، بمبادرة من جوليان بيت ريفرز 2 تلاه ، في عام 1961 ، اجتماع في أثينا ، نظمه جون بيريستياني ، وأسفرت هذه المؤتمرات التأسيسية عن نشر مقالات في الأنثروبولوجيا الاجتماعية في البحر الأبيض المتوسط ، حول الشرف والعار قيم المجتمع المتوسطي.

ولكن في مطلع الستينيات فقط تبلور مثل هذا المشروع الجماعي المقارن و بسبب اتساع الفجوة الاقتصادية والسياسية بين الضفتين الشمالية والجنوبية ، أدى هذا الوضع إلى تكيفات وتحولات علمية، لقد انضمت انثروبولوجيا بلدان شمال البحر الأبيض المتوسط إلى الحظيرة الأوروبية ، التي تعززت في حركة العودة هذه بالخطاب السياسي المحيط و المشجع على الانكماش ، اما الشواطئ الجنوبية والشرقية قد انخرطت في دراسات حول العالم العربي الإسلامي والشرق الأوسط. باختصار، أعيد تشكيل الجزء الكبير من هذا المجال في فضاءات سابقة و انحصر الفضاء المتوسطي . من الواضح أن سوء فهم عبارة "أنثروبولوجيا البحر المتوسط" يلقي بثقله على الساحة الفكرية مما يثير نقاشا حادا حول مسألة إقامة حوض البحر الأبيض المتوسط في "منطقة ثقافية" يتم التدقيق في انتظاماتها عبر المكان والزمان قد يحمل وجهة نظر جوهرية جذرية أن النقاد نما إلى درجة الكاريكاتير. هل هي على العكس من ذلك، مسألة ملاحظة تقلبات التاريخ الموحدة والمثيرة للانقسام واعتبار البحر الأبيض المتوسط من زوايا متباينة. أنثروبولوجيا البحر الأبيض المتوسط ، التي تشهد على الاختلافات بين المدارس الوطنية وحتى المدارس الإقليمية ، وبين المواقف المنهجية وأيضا بين طرق تصور الحاضر والمستقبل مثل هذه الصراعات الحية والتي لا نهاية لها. بعد ندوة بورجفار تنشتاين وبعد حوالي ثلاثين عامًا من الاجتماع الذي عقد في عام 1966 في ايكس إن بروفانس لعشرات الأنثروبولوجيا الإنجليزية والأمريكية المتخصصين في عالم البحر الأبيض المتوسط ، من المفيد تقييم المسار المتبع تتم إعادة النظر في الموضوعات التأسيسية ومفاهيم الحفاظ على الأنثروبولوجيا المتوسطية الشرف والعار ، والتواصل الاجتماعي ، والأسرة ، والزبائنية ، وما إلى ذلك في ضوء الأسئلة والتطورات والعمل الأخير. ومع ذلك ، فإن هذه الحالة لن تكون كافية إذا لم تأخذ في الاعتبار المساهمات الموضوعية المحددة للمدارس التي طهرت المجالات التي غالبا ما تجاهلتها الأنثروبولوجيا الاجتماعية البريطانية العمل على التقنيات والأنظمة الرمزية وأشكال التدين ، لقد تطورت الألعاب والتقاليد الشفوية والموسيقية والطهي ، وما إلى ذلك ، على هامش دراسات البحر الأبيض المتوسط السائدة الحالية ، والتي وسعت آفاقها إلى حد كبير أفاقها أخيرًا ، فإن عمليات التجسيد الثقافي وتوتر الهوية ، هذه الصور الرمزية الأخيرة يتعلق الأمر بـ "وحدة مكونة من التنوع. ويختلف هذا التصور أيضا وفقا لما إذا كان يتم التركيز على أحد المصطلحات أو المصطلحات الأخرى في التعريف يعمل البحر أحيانا كحدود، وأحيانًا على العكس من ذلك كحلقة وصل أو جسر بين القارات والعوالم - "المناطق الثقافية". - مختلف. في السنوات الأخيرة ، كانت أنثروبولوجيا البحر الأبيض المتوسط موضوعا البرامج واسعة في فرنسا ، تمييز ثلاث فترات يظهر فيها البحر الأبيض المتوسط في الأنثروبولوجيا الفرنسية - الفترة الرائدة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ، والتي تتوافق مع إلى ذلك من تدريبي وإلى الإثنولوجيا من نهاية الفترة الاستعمارية : - بداية الثمانينيات حيث سيطر التفكير حول المرأة : - وأخيراً: الفترة بعد عام 1989 ، التي تميزت بالحروب الأهلية لبنان ، البلقان) ، وضع "عملية سلام وفتح حدود أوروبا الشرقية التسعينيات الصراعات والمصالحة البحر الأبيض المتوسط في زمن الاتحاد الأوروبي يظهر البحر الأبيض المتوسط مرة أخرى في البحث الأنثروبولوجي الفرنسي كإطار للمقارنة بما في ذلك الساحل الجنوبي في التسعينيات. هذه الفترة الثالثة ، التي لا تزال مفتوحة ، ناتجة لقد ظهر البحر الأبيض المتوسط ، وهو مجال متميز للدراسات الحالية ، من أخبار الشرق الأدنى ، والمسائل الاجتماعية والسياسية ، والعنف الحضري والمصالحات ، والهجرة والتبادلات لقد أصبح مجالا مؤسسيًا. تم تنظيمها وتمويلها وإنتاجها من قبل أوروبا. في خمسين عاما من البحث حول فترة الاستعمار إلى عصر العولمة وأوروبا ، مروراً بفترة القومية والبناءات الوطنية ، وأسس ووجهات نظر الأنثرو - انعكست الأيديولوجية الفرنسية حول البحر الأبيض المتوسط ، ولن تسعى الأنثروبولوجيا بعد الآن إلى الحصول على سمات البحر الأبيض المتوسط الأسطوري في سكان الجبال ، في المناطق النائية النائية ، مع الاحتفاظ بالتقاليد الشفوية ، والثقافة الشعبية الزراعية المتجانسة ، الموروثة من العصور القديمة عن طريق تجنب المدن ، أماكن الثقافة الحضرية ، المتعلمين ، منتج التنوع ، الملوثة بعناية من خلال الحداثة والأيديولوجيات السياسية) لم يعد يأخذ الدولة أو الدول كقوة مسؤولة ، الفاعل الرئيسي في التحديث الذي يجب أن يحقق المساواة بين الجنسين ويعارض السلطة الأبوية ، تقليد البحر الأبيض المتوسط تتخلى أنثروبولوجيا البحر الأبيض المتوسط في هذه اللحظة الثالثة ، المشغولة في الأخبار ، عن النظرة الجمالية والحساسة ، والإشارة إلى البحر الأبيض المتوسط الأسطوري الذي يحرك الأدب والشعر ، ويتبنى مقاربة غير متزامنة . الحاضر المرصود والمحلل هو جزء من التاريخ الذي تتم إعادة قراءته أحيانا بالحنين إلى الماضي ، وأحيانا الطوعية. تحاول تحديد

العلامات والمجالات والحقول التي تعزز وحدة البحر الأبيض المتوسط المعاد اكتشافها ، والتي

تدون دائما - وبالتالي تصادف الأدبية - بطريقة معقدة (متناقضة) الحياة.