لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (100%)

بعد ثماني عشرة سنة من الحرب والمقاومة كان الفرنسيون قد احتلوا الساحل ومعظم المدن الداخلية باستثناء منطقة زواوة والمناطق الواقعة جنوب الأطلس الصحراوي، ولكن المقاومة لم تتوقف فشهدت الجزائر بين 1848 م - 1881 م عدة انتفاضات شعبية مسلحة بقيادة زعماء الطرق الصوفية والزوايا والأشراف في أغلب الأحيان، وكانت الانتفاضات في الواقع تداعيات وامتدادات لمقاومة الأمير، وكانت مقاومات محدود ة في المكان والزمان والعمق، وفي زمن غابت فيه جميع التدخلات الأجنبية والمساعدات الخارجية للجزائريين ، أولا/ انتفاضة الزعاطشة: الزعاطشة واحة من واحات الزيبان المتصلة بجبال الأوراس جنوب غرب مدينة بسكرة على بعد 35 كلم، وقد سقطت المدينة تحت الاحتلال الفرنسي بقيادة الدوق دومال سنة 1844 م، إثر انتصاره على قائد المقاومة في المنطقة محمد الحاج الصغير العقبي . زعيم هذه الانتفاضة هو الشيخ بوزيان، ابن المنطقة وأحد رجال الدين فيها، وأحد اتباع الأمير عبد القادر. وهذه الخلفيات هي التي أهلت بوزيان لاستغلال نقمة الأهالي على الفرنسيين وممثليهم (أولاد بن قانة) لفرضهم ثقيلة على النخيل والحيوانات، إضافة إلى انتشار النشاط التنصيري. وكانت المنطقة مستعدة لدعوة بوزيان للجهاد فالس لطة الفرنسية ماتزال ضعيفة هناك، والولاء السياسي مايزال موزعا بين عدة أطراف كانت تتنازع المنطقة، وهي الحاج أحمد باي والأمير والفرنسيون وأعوانهم، فنادى الشيخ بوزيان حلفاءه من رجال الدين في أولاد جلال وطولقة وخنقة سيدي ناجي وبرج ابن عزوز ، كما وجه الشيخ دعوة الجهاد إلى زوايا الأوراس، وانضم اليهم الشيخ موسى الدرقاوي الذي كان استقر بجبال مسد بعد خلافه مع الأمير. نجح بوزيان في هجوماته الخاطفة ضد قوافل الجيش الفرنسي في طولقة ولشبانة ومعركة سيدي مزاري، حيث خرجت الثورة من الزعاطشة لتشمل الحضنة و الأوراس والصحراء الشرقية. مما دفع فرنسا إلى تعزيز قواتها في المنطقة بقيادة الجنرال هيربيون - بعد استهانة الفرنسيين في البداية واعتمادهم على حاميتهم في بسكرة وبعض الفرق من باتنة وقسنطينة - . واستعد الفرنسيون استعدادا خاصا ابتداء من الخر ي ف(أكتوبر 1849 م) عندما لطف الجو وجاءت النجدات من مختلف الجهات، ووصلت المدافع لضرب التحصينات والجرافات وآلات قطع النخيل وشق الطرق إلى معاقل الثوار. ونصب الفرنسيون الحصار على المنطقة عموما والواحة خصوصا ومنعوا وصول الموؤونة والأسلحة إليها، ونظرا لعدم تكافؤ القوتين ( 1 9 ألف جندي ثورات الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي
فرنسي، 6 آلاف مقاتل جزائري)، بعد معارك عنيفة، ارتكبت فيها جرائم بشعة كحرق آلاف أشجار النخيل وشنق 1500 مجاهدا أمام الملإ على رأسهم الشيخ بوزيان الذي علقت رأسه على أبواب مدينة بسكرة لعدة أيام . أو بلاد جرجرة)، ثورة الشريف بوبغلة التي تولت بعد استشهاده لالا فاطمة نسومر قيادتها. دامت الانتفاضة أربع سنوات، وكان مسرح العمليات لها جبال وقرى زواوة بما في ذلك مدينة بجاية التي كانت في معظم الأحيان هي الهدف، حيث أخذ الفرنسيون يستقرون إداريا واستيطانيا، وقادها في هذه المرحلة الأولى الشريف بوبغلة (محمد الأمجد بن عبد الملك) القادم من الغرب، أين كان في جيش الأمير عبد القادر بنواحي الشلف ، حيث دخل المنطقة على ظهر بغلة فارهة متقلدا لباس الأشراف، ولذلك لقبه الناس (الشريف بوبغلة). وجد بوبغلة في قبائل زواوة استجابة ومساعدة قوية جعلته يعلن الجهاد ضد ال ف رنسي ين في نواحي أقبو وعزازقة وبجاية ، بني منداس)، وبذلك وجد أقارب له هنا وهناك لدعم صفوفه والالتجاء إليهم عند محاصرتهم من طرف أعدائه، كما تقرب من أهل العلم والدين كالزاو ية الرحمانية، فبعد استكمال جميع الاستعدادات، قام يوم 10 مارس 1851 م بالهجوم على عزيب بن علي بن شريف وهو صاحب زاوية شلاطة قرب آقبو، مما أدى إلى حالة من القلق والارتباك في صفوف القوات الفرنسية في سور الغزلان وبني منصور، "كامو"، مما مكنها من إجبار الشريف بوبغلة على نقل مقاومته إلى بجاية، إلا أن استسلام مؤيديه بسبب الضغط الفرنسي وقيام الجنرال "راندون" الحاكم العام قيادة القوات الفرنس ية في بلاد القبائل في جوان 1852 م، ساهم في القضاء على مقاومة الشريف بوبغلة الذي أصيب بجروح بليغ ة في إحدى المعارك يوم 26 سبتمبر 1854 م في – تامزلت – وتم إلقاء القبض عليه، ثم أعدم ونقلت رأسه إلى برج بوعريريج و علق ت على أبواب المدينة في جانفي 1855 م. وعند وفاة الشريف بوبغلة، تولت قيادة الثورة لالا فاطمة نسومر، وخاضت عدة معارك ضد القوات الفرنسية، ونتيجة للهجمات المتواصلة وتعاظم شأنها، تخوفت السلطات الاستعمارية من ازدياد خطرها، ف جهزت لها جيشا قوامه 45 ألف رجل يقوده الجنرال"راندون"(ترقى إلى هذه الرتبة في 19 / 03 / 1856 م)، اتجه صوب قرية "أيث تسورغ" أين يتمركز الثوار الذين كان عددهم يقدر بـــ 700 رجل وعدد من النساء، والتقى الفريقان بتاريخ 11 / 7 / 1857 م بدوار "اليتن"، ورغم مقاومة
الثوار الشديدة إلا أن الكفة رجحت لصالح الفرنسيين نتيجة عدم تكافؤ القوى، وطرحت المفاوضات التي قادها عن الجانب الفرنسي الجنرال "راندون" وعن الجانب الجزائري سي الطاهر شقيق لالا فاطمة نسومر، وتظاهر راندون بقبول شروطها المتضمنة انتشار القوات الفرنسية خارج القرى والتجمعات السكانية، إلا أنه بمجرد خروجه من المعسكر أمر بإلقاء القبض على الوفد الجزائري، ولم يكتف بذلك، بل أرسل النقيب "فوشو" إلى ملجأ فاطمة نسومر وأسرها هي وعدد من النسوة، وتم نهب حلي النساء و 50 بندقية وأكثر من 150 مجلدا من الكتب العلمية والدينية. وقد أبعدت لالا فاطمة نسومر إلى زاوية بني سليمان قرب تابلاط تحت مراقبة الباشاغا الطاهر بن محي الدين، وبقيت هناك ست سنوات إلى أن توفيت في سبتمبر 1863 م عن عمر يناهز 33 سنة. ثالثا/ مقاومة الشريف محمد بن عبد الله في ورقلة: قاد هذه المقاومة شريف ورقلة إبراهيم بن أبي فارس، الذي كان أحد جنود الأمير عبد القادر، ولما خالف عنه بعد 1839 م، أعطاه الفرنسيون وظيفة في تلمسان، فل يلب حاجاتهم ولم يطمئنوا إليه، فنصحوه بالحج للتخلص منه، وانفق الرجلان بعد تفكير وتشاور على مشروع خلاصته عودتهما إلى المغرب العربي بمساعدة السلطات العثمانية، السنوسي يظل في ليبيا، وأما ابرا هيم فيدخل الجزائر عن طريق ليبيا، ويعلن الجهاد ضد الفرنسيين من ورقلة. وبعد اتصالات لتسهيل مروره من طرابلس غلى ليببيا، ومع الساخطين على الفرنسيين من ؟اهالي ورقلة في حدود 1850 م، أعلن الجهاد باسم شريف ورقلة، وشملت انتفاضته مساحة شاسعة من الصحراء، واستغرقت حوالي عقد من الزمن( 1850 - 1860 )، وكانت تعنف أو تضعف حسب الامكانيات وضغوط العدو، وقدى أدى الاصدام بين شريف ورقلة والفرنسيين إلى نصب الحماية على وادي ميزاب سنة 1853 م وإلى احتلال وادي ريغ ووادي سوف سنة 1854 م، كما أن جنوب غرب تونس(منطقة الجريد) لم تبعد عن مسرح النزاع أيضا، اذ كلما أحس شريف ورقلة بضغط العدوعليه لجأ إلى الجريد للتداوي والراحة والتموين. ولكن العامل الجغرافي وقلة المساعدات من السلطات العث مانية، وقدرة الفرنسيين على منع وصول الانتفاضة الى المدن الشمالية ، كل ذلك ساهم في محاصرة الانتفاضة ثم اعتقال الشريف ال ذي سجن في عنابة إلى وفاته حوالي 1861 م. رابعا/ انتفاضة أولاد سيدي الشيخ: حدثت انتفاضة أولاد سيدي الشيخ خلال عقد الستينيات بالجنوب الغربي بسبب سياسة المكاتب العربية التعسفية تجاه السكان، الذي أرهقوا بالضرائب والغرامات والمصادرة، إضافة إلى محاولة
إذلال مركز أولاد سيدي الشخ أداريا بنزع لقب الخليفة وتعويضه بمنصب الباشاغا، وإهان ة أحد جنود ا لصبايحية التابعين للجيش الفرنسي لأحد أبناء أولاد سيدي الشيخ الفضيل بضربه بالعصا أمام الملأ. مما دفع قادة أولاد سيدي الشيخ يعلنون الثورة، بعد جمع الأسلحة والاتصال بكافة القبائل المجاورة، التي امتدت إلى خارج منطقتهم، وشملت مناطق تخضع لطرق صو فية أخرى كالتجانية والدرقاوية، وبرزت فيها عدة زعامات أمثال سي سليمان بن حمزة وبوعزوز وولد العربي وسي قدور ولد حمزة وسي لزرق وسي معمر بن الشيخ بن الطيب، وتوسعت في كامل الجنوب الغربي في البيض وتيارت وسعيدة وغليزان وجبال عمور وعين ماضي. استمرت انتفاضة أولا د الشيخ إلى سنة 1880 م، وكانت أهم معاركهم ضد الجيش الفرنسي معركة غار سيدي الشيخ في فيفري 1865 م ومعركة حاسي بن عتاب في 16 مارس 1866 م ومعركة غار القيفور في أفريل 1866 م. خامسا/انتفاضة المقراني والحداد 1871 م: ومن الانتفاضات تلك التي قادها الحاج محمد المقراني عسكريا والشيخ محمد الحداد روحيا وتسمى ثورة 1871 م، موقعها هو المنطقة الواقعة بين منطقة الزواوة وقسنطينة والحضنة، وهي منطقة أهلة بالسكان وف يها مدن عديدة ومستوطنات كثيرة، حدثت بسبب توسع عملية الاستيطان ومصادرة أراضي الجزائريين ، ومنح الجنسية الفرنسية ليهود ا لجزائر بفعل قانون كريميوفي 24 أكتوبر 1870 ، وتحقيق للمستوطنين الفرنسيين مطالبهم المتعلقة بالاندماج والتمثيل النيابي واستغلال الجزائريين في المزارع والمشاريع الفرنسية الاستعمارية دون تدخل سلطات باريس نتيجة تحول النظام من ع س كري إلى مدني بعد قيام الجمهورية الث الثة، وسياسة ضرب وتحطيم نفوذ الأسر والعائلات الجزائرية ذات السمعة والمكانة، مثلما حدث مع عائلة أولاد سيدي الشيخ وعائلة المقراني، يضاف إلى ذلك كله المجاعات والأوبئة والأ مراض وتعاقب سنوات الجفاف وهجمات الجراد خاصة بين سنوات 1886 - 1869 م . كانت البوادر الأولى للثورة بداية من شهر جانفي وانطلقت الثورة رسميا في 16 مارس 1871 م و امتدت وعمت تقريبا نصف البلاد من القل وعنابة وسوق أهراس شرقا إلى شرشال غربا ومن البحر المتوسط شمالا إلى أعماق الصحراء جنوبا وكانت جرجرة والحضنة والتيطري وحوض الصومام ووادي الساحل والوادي الكبي ر من أهم الميادين التي جرت بها أكبر المعارك والأحداث ( حسب تقديرات الفرنسيين قدرت المعارك بحوالي 340 معركة واشتباك)، والتي وجدت آذانا صاغية وقلوبا تنبض بحب الدين والأرض.
للقضاء عليها استعمل الفرنسيون طريقة بيجو القديمة (الأرض المحروقة) فطاردوا السكان ودمروا القرى واتلفوا المحاصيل وفرضوا ضرائب ثقيلة سموها ضرائب حرب، وأقاموا المحاكم الزجرية الخاصة، وصادروا أراضي الثائرين. ومن أهم نتائج هذه الثورة: - استشهاد زعيم الثورة العسكري . - فرض غرامات مالية باهضة - مصادرة 611 ألف و 130 هكتار من أراضي الثوار. - مصادرة أملاك المقراني وأفراد عائلته وتجريدهم من كل ممتلكاتهم بعد عملية إحصاء دقيقة استغرقت عامين وأربعة أشهر، ومصادرة أملاك الشيخ الحداد وأفراد عائلته، رغم فقرها، وذلك من أجل تحطيم العائلتين ماديا ومعنويا.


النص الأصلي

بعد ثماني عشرة سنة من الحرب والمقاومة كان الفرنسيون قد احتلوا الساحل ومعظم المدن الداخلية باستثناء منطقة زواوة والمناطق الواقعة جنوب الأطلس الصحراوي، ولكن المقاومة لم تتوقف فشهدت الجزائر بين 1848 م - 1881 م عدة انتفاضات شعبية مسلحة بقيادة زعماء الطرق الصوفية والزوايا والأشراف في أغلب الأحيان، وكانت الانتفاضات في الواقع تداعيات وامتدادات لمقاومة الأمير، سيما تلك التي حدثت خلال الخمسينيات والستينيات ، وكانت مقاومات محدود ة في المكان والزمان والعمق، وفي زمن غابت فيه جميع التدخلات الأجنبية والمساعدات الخارجية للجزائريين ، وفيما يلي أبرز هذه الانتفاضات. أولا/ انتفاضة الزعاطشة: الزعاطشة واحة من واحات الزيبان المتصلة بجبال الأوراس جنوب غرب مدينة بسكرة على بعد 35 كلم، وقد سقطت المدينة تحت الاحتلال الفرنسي بقيادة الدوق دومال سنة 1844 م، إثر انتصاره على قائد المقاومة في المنطقة محمد الحاج الصغير العقبي . زعيم هذه الانتفاضة هو الشيخ بوزيان، ابن المنطقة وأحد رجال الدين فيها، وأحد اتباع الأمير عبد القادر. وهذه الخلفيات هي التي أهلت بوزيان لاستغلال نقمة الأهالي على الفرنسيين وممثليهم (أولاد بن قانة) لفرضهم ثقيلة على النخيل والحيوانات، إضافة إلى انتشار النشاط التنصيري. وكانت المنطقة مستعدة لدعوة بوزيان للجهاد فالس لطة الفرنسية ماتزال ضعيفة هناك، والولاء السياسي مايزال موزعا بين عدة أطراف كانت تتنازع المنطقة، وهي الحاج أحمد باي والأمير والفرنسيون وأعوانهم، فنادى الشيخ بوزيان حلفاءه من رجال الدين في أولاد جلال وطولقة وخنقة سيدي ناجي وبرج ابن عزوز ، كما وجه الشيخ دعوة الجهاد إلى زوايا الأوراس، وبوسعادة والحضنة، وانضم اليهم الشيخ موسى الدرقاوي الذي كان استقر بجبال مسد بعد خلافه مع الأمير. نجح بوزيان في هجوماته الخاطفة ضد قوافل الجيش الفرنسي في طولقة ولشبانة ومعركة سيدي مزاري، حيث خرجت الثورة من الزعاطشة لتشمل الحضنة و الأوراس والصحراء الشرقية. مما دفع فرنسا إلى تعزيز قواتها في المنطقة بقيادة الجنرال هيربيون - بعد استهانة الفرنسيين في البداية واعتمادهم على حاميتهم في بسكرة وبعض الفرق من باتنة وقسنطينة - . واستعد الفرنسيون استعدادا خاصا ابتداء من الخر ي ف(أكتوبر 1849 م) عندما لطف الجو وجاءت النجدات من مختلف الجهات، ووصلت المدافع لضرب التحصينات والجرافات وآلات قطع النخيل وشق الطرق إلى معاقل الثوار. ونصب الفرنسيون الحصار على المنطقة عموما والواحة خصوصا ومنعوا وصول الموؤونة والأسلحة إليها، ونظرا لعدم تكافؤ القوتين ( 1 9 ألف جندي ثورات الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي

فرنسي، 6 آلاف مقاتل جزائري)، وبعد استخدام سلاح المدفعية ولطول الحصار سيطرت فرنسا على الواحة يوم 26 نوفمبر 1849 م، بعد معارك عنيفة، ارتكبت فيها جرائم بشعة كحرق آلاف أشجار النخيل وشنق 1500 مجاهدا أمام الملإ على رأسهم الشيخ بوزيان الذي علقت رأسه على أبواب مدينة بسكرة لعدة أيام . ثانيا/ ثورة بوبغلة ولالا فاطمة نسومر( 1851 - 1857 ) : من أهم الثورات التي وقعت في منطقة الزواوة( أو بلاد القبائل، أو بلاد جرجرة)، ثورة الشريف بوبغلة التي تولت بعد استشهاده لالا فاطمة نسومر قيادتها. دامت الانتفاضة أربع سنوات، وكان مسرح العمليات لها جبال وقرى زواوة بما في ذلك مدينة بجاية التي كانت في معظم الأحيان هي الهدف، حيث أخذ الفرنسيون يستقرون إداريا واستيطانيا، وقادها في هذه المرحلة الأولى الشريف بوبغلة (محمد الأمجد بن عبد الملك) القادم من الغرب، أين كان في جيش الأمير عبد القادر بنواحي الشلف ، حيث دخل المنطقة على ظهر بغلة فارهة متقلدا لباس الأشراف، ولذلك لقبه الناس (الشريف بوبغلة). وجد بوبغلة في قبائل زواوة استجابة ومساعدة قوية جعلته يعلن الجهاد ضد ال ف رنسي ين في نواحي أقبو وعزازقة وبجاية ، كما ص اهر بعض القبائل المتنفذة ( قبيلة مليكش، بني عباس، بني منداس)، وبذلك وجد أقارب له هنا وهناك لدعم صفوفه والالتجاء إليهم عند محاصرتهم من طرف أعدائه، كما تقرب من أهل العلم والدين كالزاو ية الرحمانية، ومن قادتها عندئذ أ سرة فاطمة نسومر. فبعد استكمال جميع الاستعدادات، قام يوم 10 مارس 1851 م بالهجوم على عزيب بن علي بن شريف وهو صاحب زاوية شلاطة قرب آقبو، مما أدى إلى حالة من القلق والارتباك في صفوف القوات الفرنسية في سور الغزلان وبني منصور، ونظرا لخطورة حركته عززت القوات الفرنسية تواجدها بالمنط قة بجيوش إضافية بقيادة عدة ضباط وجنرالات "دوريل"،" بلانجيني"،"بوبريطر" ،"دي ونجي"، "بوسكي"، "كامو"، مما مكنها من إجبار الشريف بوبغلة على نقل مقاومته إلى بجاية، إلا أن استسلام مؤيديه بسبب الضغط الفرنسي وقيام الجنرال "راندون" الحاكم العام قيادة القوات الفرنس ية في بلاد القبائل في جوان 1852 م، ساهم في القضاء على مقاومة الشريف بوبغلة الذي أصيب بجروح بليغ ة في إحدى المعارك يوم 26 سبتمبر 1854 م في – تامزلت – وتم إلقاء القبض عليه، ثم أعدم ونقلت رأسه إلى برج بوعريريج و علق ت على أبواب المدينة في جانفي 1855 م. وعند وفاة الشريف بوبغلة، تولت قيادة الثورة لالا فاطمة نسومر، وخاضت عدة معارك ضد القوات الفرنسية، ونتيجة للهجمات المتواصلة وتعاظم شأنها، تخوفت السلطات الاستعمارية من ازدياد خطرها، ف جهزت لها جيشا قوامه 45 ألف رجل يقوده الجنرال"راندون"(ترقى إلى هذه الرتبة في 19 / 03 / 1856 م)، اتجه صوب قرية "أيث تسورغ" أين يتمركز الثوار الذين كان عددهم يقدر بـــ 700 رجل وعدد من النساء، والتقى الفريقان بتاريخ 11 / 7 / 1857 م بدوار "اليتن"، ورغم مقاومة

الثوار الشديدة إلا أن الكفة رجحت لصالح الفرنسيين نتيجة عدم تكافؤ القوى، وطرحت المفاوضات التي قادها عن الجانب الفرنسي الجنرال "راندون" وعن الجانب الجزائري سي الطاهر شقيق لالا فاطمة نسومر، وتظاهر راندون بقبول شروطها المتضمنة انتشار القوات الفرنسية خارج القرى والتجمعات السكانية، وعدم دفع الضرائب وعدم متابعة ومعاقبة قادة الثورة والالتزام بحماية الممتلكات وا لأشخاص ، إلا أنه بمجرد خروجه من المعسكر أمر بإلقاء القبض على الوفد الجزائري، ولم يكتف بذلك، بل أرسل النقيب "فوشو" إلى ملجأ فاطمة نسومر وأسرها هي وعدد من النسوة، وتم نهب حلي النساء و 50 بندقية وأكثر من 150 مجلدا من الكتب العلمية والدينية. وقد أبعدت لالا فاطمة نسومر إلى زاوية بني سليمان قرب تابلاط تحت مراقبة الباشاغا الطاهر بن محي الدين، وبقيت هناك ست سنوات إلى أن توفيت في سبتمبر 1863 م عن عمر يناهز 33 سنة. ثالثا/ مقاومة الشريف محمد بن عبد الله في ورقلة: قاد هذه المقاومة شريف ورقلة إبراهيم بن أبي فارس، الذي كان أحد جنود الأمير عبد القادر، ولما خالف عنه بعد 1839 م، أعطاه الفرنسيون وظيفة في تلمسان، فل يلب حاجاتهم ولم يطمئنوا إليه، فنصحوه بالحج للتخلص منه، وفي الحجاز التقى بمؤسس الطريقة السنوسية الشيخ محمد بن علي السنوسي بمكة المكرمة، وانفق الرجلان بعد تفكير وتشاور على مشروع خلاصته عودتهما إلى المغرب العربي بمساعدة السلطات العثمانية، السنوسي يظل في ليبيا، وأما ابرا هيم فيدخل الجزائر عن طريق ليبيا، ويعلن الجهاد ضد الفرنسيين من ورقلة. وبعد اتصالات لتسهيل مروره من طرابلس غلى ليببيا، ومع الساخطين على الفرنسيين من ؟اهالي ورقلة في حدود 1850 م، أعلن الجهاد باسم شريف ورقلة، وشملت انتفاضته مساحة شاسعة من الصحراء، واستغرقت حوالي عقد من الزمن( 1850 - 1860 )، وكانت تعنف أو تضعف حسب الامكانيات وضغوط العدو، وقدى أدى الاصدام بين شريف ورقلة والفرنسيين إلى نصب الحماية على وادي ميزاب سنة 1853 م وإلى احتلال وادي ريغ ووادي سوف سنة 1854 م، كما أن جنوب غرب تونس(منطقة الجريد) لم تبعد عن مسرح النزاع أيضا، اذ كلما أحس شريف ورقلة بضغط العدوعليه لجأ إلى الجريد للتداوي والراحة والتموين. ولكن العامل الجغرافي وقلة المساعدات من السلطات العث مانية، وقدرة الفرنسيين على منع وصول الانتفاضة الى المدن الشمالية ، كل ذلك ساهم في محاصرة الانتفاضة ثم اعتقال الشريف ال ذي سجن في عنابة إلى وفاته حوالي 1861 م. رابعا/ انتفاضة أولاد سيدي الشيخ: حدثت انتفاضة أولاد سيدي الشيخ خلال عقد الستينيات بالجنوب الغربي بسبب سياسة المكاتب العربية التعسفية تجاه السكان، الذي أرهقوا بالضرائب والغرامات والمصادرة، إضافة إلى محاولة

إذلال مركز أولاد سيدي الشخ أداريا بنزع لقب الخليفة وتعويضه بمنصب الباشاغا، وإهان ة أحد جنود ا لصبايحية التابعين للجيش الفرنسي لأحد أبناء أولاد سيدي الشيخ الفضيل بضربه بالعصا أمام الملأ. مما دفع قادة أولاد سيدي الشيخ يعلنون الثورة، بعد جمع الأسلحة والاتصال بكافة القبائل المجاورة، التي امتدت إلى خارج منطقتهم، وشملت مناطق تخضع لطرق صو فية أخرى كالتجانية والدرقاوية، وبرزت فيها عدة زعامات أمثال سي سليمان بن حمزة وبوعزوز وولد العربي وسي قدور ولد حمزة وسي لزرق وسي معمر بن الشيخ بن الطيب، وتوسعت في كامل الجنوب الغربي في البيض وتيارت وسعيدة وغليزان وجبال عمور وعين ماضي. استمرت انتفاضة أولا د الشيخ إلى سنة 1880 م، وكانت أهم معاركهم ضد الجيش الفرنسي معركة غار سيدي الشيخ في فيفري 1865 م ومعركة حاسي بن عتاب في 16 مارس 1866 م ومعركة غار القيفور في أفريل 1866 م. خامسا/انتفاضة المقراني والحداد 1871 م: ومن الانتفاضات تلك التي قادها الحاج محمد المقراني عسكريا والشيخ محمد الحداد روحيا وتسمى ثورة 1871 م، موقعها هو المنطقة الواقعة بين منطقة الزواوة وقسنطينة والحضنة، وهي منطقة أهلة بالسكان وف يها مدن عديدة ومستوطنات كثيرة، حدثت بسبب توسع عملية الاستيطان ومصادرة أراضي الجزائريين ، ومنح الجنسية الفرنسية ليهود ا لجزائر بفعل قانون كريميوفي 24 أكتوبر 1870 ، وتحقيق للمستوطنين الفرنسيين مطالبهم المتعلقة بالاندماج والتمثيل النيابي واستغلال الجزائريين في المزارع والمشاريع الفرنسية الاستعمارية دون تدخل سلطات باريس نتيجة تحول النظام من ع س كري إلى مدني بعد قيام الجمهورية الث الثة، وسياسة ضرب وتحطيم نفوذ الأسر والعائلات الجزائرية ذات السمعة والمكانة، مثلما حدث مع عائلة أولاد سيدي الشيخ وعائلة المقراني، يضاف إلى ذلك كله المجاعات والأوبئة والأ مراض وتعاقب سنوات الجفاف وهجمات الجراد خاصة بين سنوات 1886 - 1869 م . كانت البوادر الأولى للثورة بداية من شهر جانفي وانطلقت الثورة رسميا في 16 مارس 1871 م و امتدت وعمت تقريبا نصف البلاد من القل وعنابة وسوق أهراس شرقا إلى شرشال غربا ومن البحر المتوسط شمالا إلى أعماق الصحراء جنوبا وكانت جرجرة والحضنة والتيطري وحوض الصومام ووادي الساحل والوادي الكبي ر من أهم الميادين التي جرت بها أكبر المعارك والأحداث ( حسب تقديرات الفرنسيين قدرت المعارك بحوالي 340 معركة واشتباك)، انضم إلى هذه الثورة حوالي نصف مليون في البداية على إثر دعوة الجهاد التي أطلقها الشيخ الحداد في الأسواق ، والتي وجدت آذانا صاغية وقلوبا تنبض بحب الدين والأرض.

للقضاء عليها استعمل الفرنسيون طريقة بيجو القديمة (الأرض المحروقة) فطاردوا السكان ودمروا القرى واتلفوا المحاصيل وفرضوا ضرائب ثقيلة سموها ضرائب حرب، وأقاموا المحاكم الزجرية الخاصة، وصادروا أراضي الثائرين. ومن أهم نتائج هذه الثورة: - استشهاد زعيم الثورة العسكري . - ا صدار أحكام جماعية على حوالي 6000 شخص بالإعدام والسجن. - فرض غرامات مالية باهضة - مصادرة 611 ألف و 130 هكتار من أراضي الثوار. - مصادرة أملاك المقراني وأفراد عائلته وتجريدهم من كل ممتلكاتهم بعد عملية إحصاء دقيقة استغرقت عامين وأربعة أشهر، ومصادرة أملاك الشيخ الحداد وأفراد عائلته، رغم فقرها، وذلك من أجل تحطيم العائلتين ماديا ومعنويا. وعقبت هذه الثورة انتفاضات أخرى مثل ثورة واحة العامري 1876 م، وثورة الأوراس 1879 م في القرن التاسع عشر، وثورة عين التركي 1901 م، وثورة عين بسام 190 م في مطلع القرن العشرين.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

أولا : التعريف ...

أولا : التعريف بالمصطلح " قبل أن نتناول المصطلحين الواردين في عنوان البحث أعني كلمتي " الغزل " و " ا...

تعد التكنولوجيا...

تعد التكنولوجيا والابتكار في مجال التعليم من أهم المحاور التي تشكلت حولها النقاشات الحديثة في العصر ...

تتكاثر الإسفنجي...

تتكاثر الإسفنجيات جنسيا ولاجنسيا. يحدث التكاثر اللاجنسي بعملية التبرعم وذلك عندما ينمو برعم على جانب...

يعد الذكاء االص...

يعد الذكاء االصطناعي Ai أحد فروع علم الحاسوب، وإحدى الركائز األساسية التي تقوم عليها صناعة التكنولوج...

Meat and rice ...

Meat and rice Each country in the world has a different cuisine. One of the best dishes in my cou...

انحطاط الغرب بع...

انحطاط الغرب بعيون أبنائه! ................... الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. ...

Handling Extrem...

Handling Extreme Market Events: 1. Diversification: The AI model is a combination of the assets, ind...

Mesures pour év...

Mesures pour éviter ou réduire les effets négatifs sur l'environnement Prise en compte des préoccupa...

Understanding t...

Understanding the impact of the internet on college students requires a comprehensive review of lite...

The light house...

The light house 'Pharos' Location: it was built by Ptolemy I and completed by his son Ptolemy II, o...

Overall, while ...

Overall, while square shapes may experience higher heat gain and potentially less efficient airflow,...

دور التوعية الأ...

دور التوعية الأمنية: 1. تثقيف المستخدمين: نشر الوعي حول مخاطر الأمن السيبراني: - شرح أنواع الت...