لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

وهو المدخل للحياة العامة عبر سوق العمل أو التعليم ما بعد الثانوي. وجميع المشكلات الأخرى التي يواجهها أي مجتمع في غالبها الأعم مردها إما تدني مستوى التعليم العام أو قصور جوانبه. وبالتالي مفتاح حل هذه المشكلات والتغلب عليها هو النهوض بالتعليم عبر عناصره الثلاثة: المعلم والمنهج والمدرسة. ورغم أن تقرير الدراسة ركز على عرض المؤشرات التعليمية المختلفة - ولم يقف كثيراً أمام مؤشرات التحصيل ومدلولاتها وأثرها ووسائل علاجها بشكل علمي لائق - إلا أنه ينبهنا إلى مخاطر الأزمة الصامتة التي تعصف بالتعليم العام بمراحله المختلفة: من مرحلة رياض الأطفال إلى نهاية المرحلة الثانوية. وتعد الكويت من أوائل دول الخليج العربية التي استثمرت بسخاء في التعليم. 7 في المائة من الإنفاق العام أو ما يعادل 6. 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويضم التعليم العام 1029 مدرسة من عامة وخاصة تخدم أكثر من 540 ألف طالب من الجنسين، ويتراوح متوسط كلفة الطالب في مراحل التعليم العام الأربع 4, إذا ووفق جميع المعايير الدولية تمتلك الكويت كامل المقومات لأداء جيد في التعليم العام. إلا أن تقرير دراسة مؤشرات التعليم العام يكشف عكس ذلك. ورغم أن التقرير ركز على عرض المؤشرات التعليمية المختلفة لم يقف كثيراً أمام مؤشرات التحصيل ومدلولاتها وأثرها ووسائل علاجها بشكل علمي لائق إلا أنه ينبه إلى مخاطر الأزمة الصامتة التي تعصف بالتعليم العام بمراحله المختلفة: من مرحلة رياض الأطفال إلى نهاية المرحلة الثانوية. الواقع المحزن للتعليم العام في الكويت
مشكلات التعليم في الكويت والتي كشف عنها التقرير قد لا تختلف كثيراً عن مشكلات هذا القطاع المهم في بقية دول المنطقة نظراً لتشابه الظروف. وما هي المؤشرات التي كشفها التقرير؟ يشير التقرير إلى الشواهد التالية:
ومتوسط راتب المدرس الكويتي السنوي (11, 500 دينار كويتي أو 39, 000 دولار) من أعلى المستويات العالمية وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار عدد ساعات التدريس الرسمية أو الفعلية. 7 في المائة للذكور و5. كما يبين أن معدل إتمام المرحلة الثانوية للذكور الكويتيين تقريباً
وتتعزز هذه الظواهر السلبية مع السنوات، 5 في المائة) الأخرى وعشرة أضعاف دول وسط وشرق أوروبا (1. وتراوح هذا التدني، بسبب الغياب وغيره، 4- رغم الإنفاق الهائل وارتفاع نسبة المدرسين إلى الطلبة مقارنة بالدولة الأخرى إلا أن الشواهد تشير إلى ضعف التحصيل التعليمي. وهو ما عكسته نتائج مؤشرات دراسة الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية عام 1998 التي بينت أن مستوى التحصيل في جميع المراحل متدن ولا يتناسب مع كلفة الطالب وعبء التدريس المنخفض للمدرس. وأن التحصيل يعكس التركيز على مهارات التذكر على حساب مهارات التفكير. وتعكس نتائج الرياضيات تراجع قدرات التحليل المنطقي واستيعاب المفاهيم المجردة عند الطلبة، وربما تدلل نتائج الكيمياء على مهارة الحفظ التي تعززها المدارس مقارنة بالتفكير. تنامي مكانة التعليم الخاص حتى وصل عدد مدارسه إلى أكثر من الثلث (37 في المائة) وهو يشكل حوالي 42 في المائة من المدارس الثانوية. والرسوب والتسرب، واختلال المناهج، وانخفاض الإنفاق الاستثماري على التعليم مقارنة بالإنفاق الجاري، وغياب أدوات القياس والتقييم الدوري لأداء النظام التربوي في الكويت. ثم ينتهي ببعض التوصيات العامة. ورغم تقديرنا بأن كنز المعلومات والبيانات في التقرير لم يحظ بالتحليل الكافي، إلا أنه أول محاولة جادة ومنهجية لتشخيص واقع التعليم العام في البلاد من خلال مؤشرات دولية متعارف عليها مما سيُسهل المقارنة والمتابعة. ووقف دون تحليل أسباب المشكلة. ومن ثم جاءت التوصيات وكأنها مبتورة، ولا توازي حجم المشكلة. أين تكمن المشكلة؟ ولماذا جاءت النتائج على هذا النحو؟
الملاحظ من أرقام الدراسة أن ظاهرة الرسوب المرتفعة متواترة خلال جميع سنوات النقل الدراسية (المتوسط والثانوي) وإن تجلت بشكل لافت في امتحانات الثانوية العامة حيث نسبة النجاح للكويتيين حوالي 43 في المائة بين الذكور و72 في المائة بين الإناث (2002/2003). وقد يكون مردها الإهمال من الطلبة وأولياء الأمور وهي مشكلة مجتمعية. إلا أنها بالتأكيد مرتبطة بضعف مستوى المدرس التعليمي وغياب حماسه للوظيفة وانشغاله عنها كما تشير الإحصائيات، مسألة التسرب من التعليم العام في أحد جوانبها مرتبطة بظاهرة الرسوب وخاصة بين الذكور. فالطالب الذي يشعر بالفشل الدراسي لا يجد حافزاً على المواصلة. وتبين الإحصاءات عام 2002/2003 أن معدل إتمام التعليم العام بين الذكور منخفض مقارنة بالإناث، وخاصة في المرحلة الثانوية حيث تنخفض النسبة إلى 43 ذكراً لكل 72 أنثى مقارنة بالمرحلة المتوسطة حيث النسبة متساوية 90 ذكراً لكل 9072 أنثى. وتعزز بيانات الالتحاق الظاهري هذه الظاهرة. فالصف الأول ابتدائي يبدأ بتساوي الجنسين حتى نهاية المرحلة المتوسطة ثم ينحرف بارتفاع نسبة الإناث إلى الذكور بدءاً من المرحلة الثانوية 97 أنثى لكل 84 ذكراً في عام 2003/2004 ويستمر حتى المرحلة الجامعية. وتفشي ظاهرة التسرب بعد المرحلة المتوسطة مباشرة يعود لكونها نهاية مرحلة التعليم الإلزامي وما يتبعها من هروب الطلبة الذكور إلى سوق العمل. ولا مبرر لبقاء مرحلة التعليم الإلزامي عند الحد المقنن من دون رفع سقفها إلى ما بعد السنة الثانية ثانوي أو الثانوية العامة. فما قيمة تعليم متواضع لسوق العمل في بلد ينشد الازدهار الاقتصادي، عدد ساعات السنة الدراسية الرسمي المتدني مقارنة بالمعايير الدولية – وما يأكل منها من إجازات رسمية وطقوس شهر رمضان وغياب كبير – يقلص من فرصة التحصيل عند الطلبة. وهو ما يفسر تفشي الدروس الخصوصية. هناك تضخم كبير في الدرجات المدرسية، وتتجلى هذه الظواهر السلبية بشكل فاضح في مدارس نظام المقررات حيث بينت تجارب جامعة الكويت وطلبة البعثات الهوة بين تقديرات الطلبة وقدراتهم الفعلية مما يقود إلى الفشل عند أول اختبارات حقيقية وما يواكبه من هدم ثقة الطلبة بأنفسهم وتخريب مستقبلهم. وأكبر دليل على عجز نظام التعليم العام هو هروب الكويتيين منه إلى المدارس الخاصة، حيث ارتفعت نسبتهم فيها من 3 في المائة إلى 23 في المائة رغم التوسع الكبير الذي شهده التعليم الخاص خلال 13 عاماً حيث أصبح يشكل 37 في المائة من عدد المدارس و 31 في المائة من عدد الطلبة في الكويت. وما توفره على الخزانة العامة من مصاريف، إلا أنها تواجه حرباً خفية بدلاً من التشجيع والتحفيز، وهي ظاهرة مزمنة ومتكررة في جميع المراحل: من أولى مراحل التعليم العام وحتى الدراسات العليا. ونسب الرسوب والتسرب من التعليم للذكور ضعف نسب الإناث. وفي بعض الكليات (مثل التربية) تشكل الإناث 80 في المائة من طلبة الكلية. قد يعتري الفخر البعض بهذا الإنجاز للمرأة الكويتية، إلا أن الهوة الكبيرة بين الجنسين في التعليم غير مقبولة بأي شكل من الأشكال. وكليتا التربية في جامعة الكويت والهيئة لا تقومان بهذه المهمة. فالقدرات المعرفية لمدرس الرياضيات من خريجي كلية التربية مثلاً تقل بكثير عن نظرائهم من تخصص الرياضيات. والشيء ذاته ينطبق على بقية التخصصات. وهو ما انتبهت إليه الدراسة في إحدى توصياتها. 5 مليون دينار كويتي في السنة لمدرسي جميع مراحل التعليم العام في أي من السنوات 2001-2004. كما يفضل اقتصار اختيار المدرسين على خريجي التخصصات الدقيقة، مع تدريب أو دبلوم في أساليب التعليم. فتصبح كلية التربية مسؤولة فقط عن طرح مقررات وبرامج في التأهيل التربوي، ولا صلة لها بالتأهيل التخصصي، وهو النهج الحديث لكليات التربية في العالم. وتوصي الدراسة بتشجيع القطاع الخاص للدخول في مجال التعليم العام، كما ذكرنا سالفاً فإن الدراسة مدخل مشكور للكشف عن التشوهات التي اعترت النظام التعليمي والإهمال الذي لحق به خلال السنوات الطويلة الماضية. وخبرة الكويت مع تقارير اللجان غير مشجعة. إنها كما نراها أزمة حقيقية صامتة لا تقل في خطورتها عن حريق آبار النفط. وستأتي على مستقبل الكويت إن لم يلتفت إليها المسؤولون، وعلى أعلى المستويات. ويستدعي إيكال مهمة مراجعة الوضع التعليمي واقتراح وسائل العلاج والتطوير المطلوبة إلى خبراء دوليين بدعم من فرق محلية. فالمسألة لا تحتمل التجريب وضعف الخبرات.


النص الأصلي

مستوى التحصيل التعليمي كما تعكسه مؤشرات أدائه المختلفة هو المقياس الأول والأهم لمدى جاهزية أي مجتمع للمستقبل. وأهمية التعليم العام بمراحله الأربع، من رياض الأطفال إلى نهاية المرحلة الثانوية، تعود إلى أنه يؤسس شخصية الفرد ومواطنته ويكتشف ويبني قدراته الذهنية ومهاراته التعليمية. وهو المدخل للحياة العامة عبر سوق العمل أو التعليم ما بعد الثانوي. ومدى نجاح أو إخفاق نظام التعليم في هذه المراحل المهمة له إسقاطاته على جميع المراحل اللاحقة. وجميع المشكلات الأخرى التي يواجهها أي مجتمع في غالبها الأعم مردها إما تدني مستوى التعليم العام أو قصور جوانبه. وبالتالي مفتاح حل هذه المشكلات والتغلب عليها هو النهوض بالتعليم عبر عناصره الثلاثة: المعلم والمنهج والمدرسة.


ومن هنا تأتي الأهمية البالغة لتقرير دراسة وزارة التربية (بدعم فني من البنك الدولي) عن مؤشرات التعليم في الكويت الصادرة في نوفمبر 2004. ورغم أن تقرير الدراسة ركز على عرض المؤشرات التعليمية المختلفة - ولم يقف كثيراً أمام مؤشرات التحصيل ومدلولاتها وأثرها ووسائل علاجها بشكل علمي لائق - إلا أنه ينبهنا إلى مخاطر الأزمة الصامتة التي تعصف بالتعليم العام بمراحله المختلفة: من مرحلة رياض الأطفال إلى نهاية المرحلة الثانوية.


وتعد الكويت من أوائل دول الخليج العربية التي استثمرت بسخاء في التعليم. فإجمالي الإنفاق على التعليم بمراحله المختلفة بلغ 2,600 مليون دولار وفق أرقام 2003/2004 أي ما يشكل 13.7 في المائة من الإنفاق العام أو ما يعادل 6.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويضم التعليم العام 1029 مدرسة من عامة وخاصة تخدم أكثر من 540 ألف طالب من الجنسين، ويتراوح متوسط كلفة الطالب في مراحل التعليم العام الأربع 4,700 دولار، ويوظف التعليم العام أكثر من 30,000 مدرس من الجنسين، ويقوم على خدمته أكثر من 18,000 موظف في مستويات الإدارة المختلفة.


إذا ووفق جميع المعايير الدولية تمتلك الكويت كامل المقومات لأداء جيد في التعليم العام. إلا أن تقرير دراسة مؤشرات التعليم العام يكشف عكس ذلك. ورغم أن التقرير ركز على عرض المؤشرات التعليمية المختلفة لم يقف كثيراً أمام مؤشرات التحصيل ومدلولاتها وأثرها ووسائل علاجها بشكل علمي لائق إلا أنه ينبه إلى مخاطر الأزمة الصامتة التي تعصف بالتعليم العام بمراحله المختلفة: من مرحلة رياض الأطفال إلى نهاية المرحلة الثانوية.


الواقع المحزن للتعليم العام في الكويت


مشكلات التعليم في الكويت والتي كشف عنها التقرير قد لا تختلف كثيراً عن مشكلات هذا القطاع المهم في بقية دول المنطقة نظراً لتشابه الظروف. وما هي المؤشرات التي كشفها التقرير؟ يشير التقرير إلى الشواهد التالية:


1- رغم الإنفاق الكبير على التعليم بمختلف مراحله (6.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) إلا أن الرواتب والأجور تلتهم ميزانية وزارة التربية (حوالي 93 في المائة من 523 مليون دينار كويتي أو 1780 مليون دولار عام 2003/2004) مما لا يبقي إلا اليسير جداً للاحتياجات الأخرى مثل السلع والأجهزة والصيانة والخدمات. ومتوسط راتب المدرس الكويتي السنوي (11,500 دينار كويتي أو 39,000 دولار) من أعلى المستويات العالمية وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار عدد ساعات التدريس الرسمية أو الفعلية.


2- تدني تحصيل الطلبة الكويتيين من الذكور مقارنة بالإناث في جميع مراحل التعليم وجميع المواد. وإلى ارتفاع نسب رسوب الطلبة الكويتيين في المرحلة الثانوية إلى الخمس، وخاصة بين الذكور (21.3 في المائة) مقارنة بالإناث (15.6 في المائة) في عام 2002/2003، وإلى ارتفاع معدلات التسرب من المرحلة الثانوية (13.7 في المائة للذكور و5.6 في المائة للإناث)، كما يبين أن معدل إتمام المرحلة الثانوية للذكور الكويتيين تقريباً
نصف معدل الإناث (43 في المائة للذكور و72 للإناث)، وتتعزز هذه الظواهر السلبية مع السنوات، وتضع الكويت في موقع متخلف عن الدول الأخرى. فمتوسط نسب الرسوب بين الطلبة الكويتيين من الجنسين (14.1 في المائة) مقاربة لدول جنوب الصحراء الإفريقية (15.6 في المائة)، وهي تقريباً ضعف معدلات الدول العربية (8.5 في المائة) الأخرى وعشرة أضعاف دول وسط وشرق أوروبا (1.4 في المائة).


3- تفشي ظاهرة تدني عدد ساعات التدريس الفعلية السنوية في المدارس الحكومية مقارنة بالعدد الرسمي المقرر. وتراوح هذا التدني، بسبب الغياب وغيره، بين 112 ساعة في المرحلة الابتدائية إلى 235 ساعة في المرحلة المتوسطة، بمعدل حوالي 192 ساعة للمراحل الأربع 2003/2004. والجدير بالذكر أن عدد أيام التدريس السنوية في الكويت (160 يوماً) أقل كثيراً عن المعدل العالمي (200 يوم).


4- رغم الإنفاق الهائل وارتفاع نسبة المدرسين إلى الطلبة مقارنة بالدولة الأخرى إلا أن الشواهد تشير إلى ضعف التحصيل التعليمي. فالكويت في مؤخرة الدول في الاختبارات العالمية في الرياضيات والعلوم (39 من 41) ومهارات القراءة (33 من 35). وهو ما عكسته نتائج مؤشرات دراسة الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية عام 1998 التي بينت أن مستوى التحصيل في جميع المراحل متدن ولا يتناسب مع كلفة الطالب وعبء التدريس المنخفض للمدرس. وأن هذا التحصيل أدناه في العلوم والرياضيات، وأن التحصيل يعكس التركيز على مهارات التذكر على حساب مهارات التفكير.


5- وتعزز نتائج اختبارات القدرات الأكاديمية في جامعة الكويت لخريجي الثانوية هذه الاستنتاجات. فقد بينت النتائج عام 2003 أن نسب الرسوب تتراوح بين 57 في المائة لطلبة المقررات و39 في المائة لنظام الفصلين مقارنة بـ 22 في المائة لطلبة المدارس الخاصة. وأعلى نسبة رسوب في الرياضيات (67 في المائة) والإنجليزي (63 في المائة) وأدناها في الكيمياء (16 في المائة). وتعكس نتائج الرياضيات تراجع قدرات التحليل المنطقي واستيعاب المفاهيم المجردة عند الطلبة، بينما تشير نتائج الإنجليزية إلى ضعف قدرات المتابعة والتوظيف والربط. وربما تدلل نتائج الكيمياء على مهارة الحفظ التي تعززها المدارس مقارنة بالتفكير.


تنامي مكانة التعليم الخاص حتى وصل عدد مدارسه إلى أكثر من الثلث (37 في المائة) وهو يشكل حوالي 42 في المائة من المدارس الثانوية. ويقابل ذلك تزايد إقبال الكويتيين على التعليم الخاص حيث ارتفعت نسبتهم في المدارس الخاصة من حوالي 3 في المائة عام 89/90 إلى حوالي 23 في المائة عام 2002/2003.


مجمل مشكلات التعليم


ويلخص التقرير مشكلات التعليم العام في دولة الكويت في ستة مجالات: قلة المعرفة وتدني مستوى المهارات، والرسوب والتسرب، واختلال المناهج، وانشغال المدرس عن مهنة التعليم، وانخفاض الإنفاق الاستثماري على التعليم مقارنة بالإنفاق الجاري، وغياب أدوات القياس والتقييم الدوري لأداء النظام التربوي في الكويت. ثم ينتهي ببعض التوصيات العامة.


ورغم تقديرنا بأن كنز المعلومات والبيانات في التقرير لم يحظ بالتحليل الكافي، إلا أنه أول محاولة جادة ومنهجية لتشخيص واقع التعليم العام في البلاد من خلال مؤشرات دولية متعارف عليها مما سيُسهل المقارنة والمتابعة. وسيوفر قاعدة مرجعية مهمة للبيانات التي يمكن تحديثها وتتبعها عبر السنوات المقبلة.


المخاطر التي تعتري نظام التعليم


سنحاول فيما يلي تحليل ما جاء به التقرير وما هو المطلوب لترجمته. المحزن في هذه الاستنتاجات أنه بعد مرور قرن تقريباً على التعليم النظامي - ورغم الإنفاق الكبير على التعليم سواء كنسبة من إجمالي الإنفاق العام (13.7 في المائة) أو من الناتج المحلي الإجمالي (6.3 في المائة) وفق أرقام 2003/2004 – إلا أن الأداء العام مخيب.


واكتفى التقرير بتشخيص الأعراض الواضحة فقط، ووقف دون تحليل أسباب المشكلة. وهي كثيرة ومتشعبة وتستحق جهد المختصين. ومن ثم جاءت التوصيات وكأنها مبتورة، ولا توازي حجم المشكلة. أين تكمن المشكلة؟ ولماذا جاءت النتائج على هذا النحو؟


الملاحظ من أرقام الدراسة أن ظاهرة الرسوب المرتفعة متواترة خلال جميع سنوات النقل الدراسية (المتوسط والثانوي) وإن تجلت بشكل لافت في امتحانات الثانوية العامة حيث نسبة النجاح للكويتيين حوالي 43 في المائة بين الذكور و72 في المائة بين الإناث (2002/2003). وقد يكون مردها الإهمال من الطلبة وأولياء الأمور وهي مشكلة مجتمعية. إلا أنها بالتأكيد مرتبطة بضعف مستوى المدرس التعليمي وغياب حماسه للوظيفة وانشغاله عنها كما تشير الإحصائيات، وتفاقمها البيئة المتواضعة للمدرسة – من مبان وخدمات - التي لا تحمس الطالب على الانتماء.


مسألة التسرب من التعليم العام في أحد جوانبها مرتبطة بظاهرة الرسوب وخاصة بين الذكور. فالطالب الذي يشعر بالفشل الدراسي لا يجد حافزاً على المواصلة. وتبين الإحصاءات عام 2002/2003 أن معدل إتمام التعليم العام بين الذكور منخفض مقارنة بالإناث، وخاصة في المرحلة الثانوية حيث تنخفض النسبة إلى 43 ذكراً لكل 72 أنثى مقارنة بالمرحلة المتوسطة حيث النسبة متساوية 90 ذكراً لكل 9072 أنثى. وتعزز بيانات الالتحاق الظاهري هذه الظاهرة. فالصف الأول ابتدائي يبدأ بتساوي الجنسين حتى نهاية المرحلة المتوسطة ثم ينحرف بارتفاع نسبة الإناث إلى الذكور بدءاً من المرحلة الثانوية 97 أنثى لكل 84 ذكراً في عام 2003/2004 ويستمر حتى المرحلة الجامعية.


وتفشي ظاهرة التسرب بعد المرحلة المتوسطة مباشرة يعود لكونها نهاية مرحلة التعليم الإلزامي وما يتبعها من هروب الطلبة الذكور إلى سوق العمل. ولا مبرر لبقاء مرحلة التعليم الإلزامي عند الحد المقنن من دون رفع سقفها إلى ما بعد السنة الثانية ثانوي أو الثانوية العامة. فما قيمة تعليم متواضع لسوق العمل في بلد ينشد الازدهار الاقتصادي، ويسهم في تشجيع الظاهرة قبول طلبات العمل من قبل ديوان الخدمة المدنية لمن أكمل المتوسطة. وتبين الإحصائيات أن 50 في المائة من المسجلين كباحثين عن عمل هم من حملة الشهادة المتوسطة.


عدد ساعات السنة الدراسية الرسمي المتدني مقارنة بالمعايير الدولية – وما يأكل منها من إجازات رسمية وطقوس شهر رمضان وغياب كبير – يقلص من فرصة التحصيل عند الطلبة. فالعملية التعليمية تتطلب اتصالاً وتواصلاً مكثفين بين الطالب والمدرس ليس لمواجهة أعباء المنهج فقط بل للتمرن عليه والتنوع في تطبيقاته. وفي ظل عدد الساعات المعمول به تتحول العملية التعليمية إلى سباق لحفظ وتحفيظ المنهج من دون استيعابه، وهذا ما يدلل عليه عجز الطلبة في جوانب التفكر والتحليل والربط والتوظيف للمعارف الذي تشهد عليه اختبارات القدرات في الجامعة وغيرها. وهو ما يفسر تفشي الدروس الخصوصية.


هناك تضخم كبير في الدرجات المدرسية، يضاعف أثره السلبي عجز المدرس أمام ضغوط الطلبة وأولياء أمورهم. وهي ظاهرة صارخة يعرفها كل المشتغلين في التدريس، وتجاهلها تقرير الدراسة. وتتجلى هذه الظواهر السلبية بشكل فاضح في مدارس نظام المقررات حيث بينت تجارب جامعة الكويت وطلبة البعثات الهوة بين تقديرات الطلبة وقدراتهم الفعلية مما يقود إلى الفشل عند أول اختبارات حقيقية وما يواكبه من هدم ثقة الطلبة بأنفسهم وتخريب مستقبلهم.


وأكبر دليل على عجز نظام التعليم العام هو هروب الكويتيين منه إلى المدارس الخاصة، حيث ارتفعت نسبتهم فيها من 3 في المائة إلى 23 في المائة رغم التوسع الكبير الذي شهده التعليم الخاص خلال 13 عاماً حيث أصبح يشكل 37 في المائة من عدد المدارس و 31 في المائة من عدد الطلبة في الكويت. ورغم الخدمة الكبيرة والدور التعليمي المميز الذي تلعبه الكثير من المدارس الخاصة، وما توفره على الخزانة العامة من مصاريف، إلا أنها تواجه حرباً خفية بدلاً من التشجيع والتحفيز، وفي تناقض مع التوجه العالمي نحو خصخصة التعليم. والمدارس الخاصة محشورة في أزقة مناطق سكنية غير نموذجية ومكتظة وكأنها منبوذة بينما خريجوها تتلقفهم أفضل الجامعات العالمية.


واضح من البيانات والمؤشرات المختلفة أن أداء الذكور الكويتيين في التعليم أقل مرتبة من أداء الإناث وبفارق خطير. وهي ظاهرة مزمنة ومتكررة في جميع المراحل: من أولى مراحل التعليم العام وحتى الدراسات العليا. ونسب الرسوب والتسرب من التعليم للذكور ضعف نسب الإناث. وهو ما انعكس على أعداد الطلبة في التعليم الجامعي وخريجيه حيث نصيب الطالبات ضعف نصيب الطلبة. وفي بعض الكليات (مثل التربية) تشكل الإناث 80 في المائة من طلبة الكلية. والطالبات دائماً في مقدمة المتفوقين. قد يعتري الفخر البعض بهذا الإنجاز للمرأة الكويتية، إلا أن الهوة الكبيرة بين الجنسين في التعليم غير مقبولة بأي شكل من الأشكال. وهي دليل قاطع على اختلال خطير في النظام التعليمي، الأمر الذي سيأتي بتبعاته مع مرور الوقت على قدرة الكويت التنافسية في الاقتصاد فضلاً عن المشكلات الاجتماعية.
سابعاً: تكمن المشكلة بشكل أساسي في تأهيل المدرسين وقدراتهم المعرفية ونظرتهم إلى واجباتهم الوظيفية. وكليتا التربية في جامعة الكويت والهيئة لا تقومان بهذه المهمة. فالقبول بهما متضخم (أكبر كليتين إطلاقاً فعدد طلبتهما 2900 في الجامعة و4300 في الهيئة). ومستويات الطلبة متواضعة وبرامجهما تقليدية لا تتحدى الطالب. فالقدرات المعرفية لمدرس الرياضيات من خريجي كلية التربية مثلاً تقل بكثير عن نظرائهم من تخصص الرياضيات. والشيء ذاته ينطبق على بقية التخصصات. وهو ما انتبهت إليه الدراسة في إحدى توصياتها. ويعزز هذا القصور إهمال جانب تدريب المدرسين خلال الخدمة في ميزانية التعليم. فالمرصود للتدريب لم يتجاوز 1.5 مليون دينار كويتي في السنة لمدرسي جميع مراحل التعليم العام في أي من السنوات 2001-2004. كما يفضل اقتصار اختيار المدرسين على خريجي التخصصات الدقيقة، مع تدريب أو دبلوم في أساليب التعليم. فتصبح كلية التربية مسؤولة فقط عن طرح مقررات وبرامج في التأهيل التربوي، ولا صلة لها بالتأهيل التخصصي، وهو النهج الحديث لكليات التربية في العالم.


وتوصي الدراسة بتشجيع القطاع الخاص للدخول في مجال التعليم العام، وتحفيز أولياء الأمور على اختيار المدارس المناسبة عبر الدعم المالي، والأخذ بأسلوب المدارس التعاقدية حيث يتم تلزيم إدارة المدارس للقطاع الخاص عبر حزمة من الحوافز ووفق قواعد ضبط الجودة والعدالة. وقد أخذت دولة قطر بهذا النهج مؤخراً حين خصخصت المدارس الحكومية وأحالت إدارتها إلى القطاع الخاص.


ناقوس الخطر: ماذا بعد الدراسة؟


كما ذكرنا سالفاً فإن الدراسة مدخل مشكور للكشف عن التشوهات التي اعترت النظام التعليمي والإهمال الذي لحق به خلال السنوات الطويلة الماضية. لكن الموضوع أخطر من أن يترك للجنة من المختصين المحليين مع كل التقدير لجهودهم. وخبرة الكويت مع تقارير اللجان غير مشجعة. فمصيرها دائماً ينتهي بانتهاء التقرير. فالقضية أكبر وأخطر من تقرير لجنة. إنها كما نراها أزمة حقيقية صامتة لا تقل في خطورتها عن حريق آبار النفط. وستأتي على مستقبل الكويت إن لم يلتفت إليها المسؤولون، وعلى أعلى المستويات.


ويستدعي إيكال مهمة مراجعة الوضع التعليمي واقتراح وسائل العلاج والتطوير المطلوبة إلى خبراء دوليين بدعم من فرق محلية. فالمسألة لا تحتمل التجريب وضعف الخبرات. وعلينا أن ننفق بسخاء على مثل هذه الدراسة. ولكي تؤتي الدراسة ثمارها يجب أن يتولى الإشراف عليها مجلس متخصص ذو صلاحيات تنفيذية واسعة لتطبيق ما جاء بها من حلول وتوصيات، وأن يحظى هذا المجلس برعاية خاصة من أمير البلاد.


ويجب ألا تضيرنا الاستعانة بالخبرات الدولية في تقييم نظم التعليم تحت أي ذريعة، فمثلما نستعين بالخبرات الدولية في تصميم الطرق والجسور والمصانع، ونلجأ إلى الخبرات الدولية لتلقي العلاج، فالأولى أن ننشد الخبرات أينما كانت وبأي ثمن في تقييم وتطوير أعز ما نملك ألا وهو بناء عقول الأبناء وضمان مستقبل الوطن


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

مفهوم التربية و...

مفهوم التربية وأهدافها يتلخص مفهوم التربية عند المثاليين في أنه مجهود بشري للوصول إلى كمال العقل وال...

تعد دراسة السكا...

تعد دراسة السكان المصريين جزًءا لا يتجزأ من تحليل رؤية مصر التنموية لعام 2030.المصريون هم ورثة وصناع...

? 1. Global To...

? 1. Global Tours offers a vacation anywhere in the world. It offers different kinds of vacations. ...

١ - رومانيا : ...

١ - رومانيا : في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تبتعد عن خطر المواجهة، وكانها تضعف من تلاحم حلف الأطلسي...

بعد وفاة الميرز...

بعد وفاة الميرزا الشيرازي بدأ نجم الحوزة العلمية في سامراء بالأفول سنة 1896؛ واتجهت الأنظار مرةً أخ...

العمل التطوعي ف...

العمل التطوعي في بعض الدول : بالرغم من كثرة عدد المنظمات التطوعية في المملكة ، وضخامة المشروعات الا...

1. يبذل المحاضر...

1. يبذل المحاضر جهداً كبيراً في تحديد الأهداف والمحتوى التعليمي واختيار الأنشطة والإجراءات والوسائل ...

At the beginnin...

At the beginning of the story, Mrs. Mallard is overcome with grief with the loss of her husband. Th...

SCENE 1 : Two b...

SCENE 1 : Two brothers are sitting in their living room . ( MOM smiles as she reminisces . She retur...

الإطار النظري ل...

الإطار النظري للبحث الفصل الأول المبحث الأول: المناطق السياحية في بيشة أهم المناطق السياحية في ب...

فاعلية استخدام ...

فاعلية استخدام صفحات المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي في الترويج للعلامات التجارية دراسة تطبيقية...

الخطوات السبع ن...

الخطوات السبع نحو الكمال الأنثوي: ذكرت سابقاً أن فطرة كل امرأة هي الكمال الذي يظهر بشكل الأنوثة الم...