لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (95%)

ولكن الأوضاع السياسية سرعان ما تبدلت وغدت معظم أقاليم بلاد فارس تحت سيطرة كيانات سياسية تركية جديدة كالغزنويين والسلاجقة والخوارزمية. إن هؤلاء الترك الذين لم يكن لهم حظ كبير في الحضارة تبنوا سياسة رعاية وتطوير اللغة الفارسية بحيث غدت اللغة الثانية في العالم الإسلامي خلال هذه الفترة. وفي هذه الفترة أيضاً دخلت العديد من الكلمات والمصطلحات العربية إلى الفارسية. خاصة وأن الترك شجعوا استخدام الفارسية مثلهم مثل أمراء الإمارات الفارسية السابقة. ورغم أنه لم يعرف عن الترك تشجيعهم لمؤرخين من الفرس لكتابة التاريخ الفارسي بل اكتفوا بتاريخ البلعمي وما يمثله من شمولية إسلامية، فإنهم سمحوا للفردوسي بكتابة (الشاهنامة) التي أصبحت دستور الحياة والمرشد المهم لفئات الدهاقين والنبلاء الفرس الذين كانوا لا يزالون يحيون حياتهم متمسكين بتقاليدهم وعاداتهم الساسانية. بل أن السلاجقة البدو في إيران اندمجوا في المجتمع الإيراني، ولكن ذلك لا يعني انتصار اللغة الفارسية في بلاد فارس على اللغة العربية، فقد ظلت الثقافة في فارس بعد ذلك أكثر من ثلاثة قرون ثنائية اللغة، وكانت الكتب تؤلف بالفارسية والعربية على السواء. كما وأن فئة من الترك لم يكونوا قانعين بكل ما كتبه الفردوسي في (الشاهنامة خاصة في تمجيده الزرادشتية وماضي إيران الساساني لأنهم دخلوا الإسلام لأسباب عقائدية صرفة، ولهذا لم يستسيغوا انتشار آراء أو وجهات نظر معارضة للإسلام أو منافية له. ولقد مرت فترة انتقالية كتب فيها المؤرخون الفرس باللغتين العربية والفارسية رغم ظهور كتب تاريخية فارسية خالصة لا تعتمد على مراجع عربية ولا تعرفها. وقد حدث ذلك قبل أواسط القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي (1). وبعد هذه الفترة الانتقالية يأتي الحكم المغولي لبلاد فارس فيحدث تغييراً مهماً في الكتابة التاريخية هناك حيث تختفي اللغة العربية تماماً كلغة لكتابة التاريخ. كما شجعت هذه المرحلة على ظهور كبار المؤرخين الفرس أمثال علاء الدين الجويني (ت ٦٨١هـ / ۱۲۸۲م) صاحب تاريخ جهانكشاي" ورشيد الدين فضل الله (ت ۷۱۸هـ / ۱۳۱۸م) مؤلف "جامع التواريخ". ولا بد لنا أن يشير بأن قيمة المؤلفات التاريخية الفارسية قبل الفترة المغولية ليست كبيرة فباستثناء البيهقي (ت ٤٧١ هـ / ١٠٧٧م) الذي كتب تاريخه المعروف في ثلاثين جزءاً. ويشير شاكر مصطفى " أن مجمل الأعمال التاريخية السابقة له والتالية لم تؤد إلا إلى نتائج هزيلة وإلى مؤلفات يغلب عليها الطابع الأدبي وجمع النوادر "(1). أما تاريخ الفرس القديم ( قبل الإسلام) فإنه باعتراف المؤرخين الفرس أنفسهم مشكوك فيه ورواياته موضوعة وأسطورية، حيث يقول حمزة الأصفهاني: "تواريخهم كلها مدخولة غير صحيحة". ويشكك موسى الكسروي بكتاب (خداي نامة) وهو تاريخ ملوك الفرس الذي كان مصدراً لأغلب ما كتب عن تاريخ الفرس القديم، مما يدل على كثرة الوضع والانتحال فيه (٢). ويبرز فيها غلبة الطابع الفارسي على غيره ويبدو وكأنه في معزل عن التجربة العالمية. أما المصادر الفارسية في الفترة المغولية فإذا استثنينا الجويني ورشيد الدين فإن ما تبقى من كتب لا تضيف في غالبيتها معلومات جديدة أو مهمة إلى ما تقدمه لنا المصادر العربية عن الفترة الزمنية نفسها، كما وأن هذه المصادر مختصرة في معلوماتها وتؤكد بصورة خاصة على تاريخ إيران وتفصل فيه مما يضفي عليها صبغة فارسية محلية. كما وتعتمد هذه المصادر على لغة فارسية مكتوبة بأسلوب فيه الكثير من التكلف والتفخيم والمليء بالمحسنات البديعية حتى ليصعب على الفرس أنفسهم فهمه دون استعمال قاموس لغوي. ولعل هذا ينطبق على كتاب ( تجربة الأمصار وتزجية الأعصار) للشيرازي المعروف بوصاف الحضرة. إن استعمال لغة ثانية غير العربية في التأليف كان بحد ذاته تطوراً أحدث انفصاماً فكرياً وثقافياً . كان له نتائجه في اتساع التدهور الثقافي والفكري في الأقاليم التي خضعت للسيطرة المغولية والإيلخانية. وبقدر ما يتعلق الأمر بالكتابة التاريخية فإننا لا نجد سوى مؤرخاً واحداً أو اثنين في العراق مثلاً بمستوى المؤرخين المعاصرين الذين ظهروا في بلاد الشام ومصر في القرنين الثامن والتاسع الهجريين. هذا بالإضافة إلى تأثر هذه المؤلفات منهجا وأسلوباً بالمؤثرات الفارسية في الكتابة. لقد اتخذ هذا الأسلوب في السرد التاريخي مثلاً يحتذى به من قبل المؤرخين الذين جاءوا بعد وصاف الحضرة فاهتموا بالأسلوب وبلاغته أكثر من اهتمامهم بالحقيقة التاريخية، بل ربما كان ذلك على حساب الحقيقة التاريخية. وقد استمر هذا النهج لقرون عديدة قبل أن تتخلص منه الكتابة التاريخية الفارسية. ولكن الأهم من هذا وذاك خلال الفترة المغولية هو - وكما أشرنا - ضياع اللغة العربية كلغة ثقافة وتأليف في المشرق وخاصة إيران بعد أن كانت هذه اللغة قد تمكنت وانتشرت على الصعيد الثقافي والعلمي خلال القرون الستة الأولى من تاريخ الإسلام. أما بعد الهجمة المغولية الشرسة فقد انتهت اللغة العربية كلغة تأليف وإدارة وثقافة عامة رغم أن بعض الكتب الفقهية والدينية استمرت تكتب بلغة القرآن العربية.


النص الأصلي

ولكن الأوضاع السياسية سرعان ما تبدلت وغدت معظم أقاليم بلاد فارس تحت سيطرة كيانات سياسية تركية جديدة كالغزنويين والسلاجقة والخوارزمية. إن هؤلاء الترك الذين لم يكن لهم حظ كبير في الحضارة تبنوا سياسة رعاية وتطوير اللغة الفارسية بحيث غدت اللغة الثانية في العالم الإسلامي خلال هذه الفترة. وفي هذه الفترة أيضاً دخلت العديد من الكلمات والمصطلحات العربية إلى الفارسية. خاصة وأن الترك شجعوا استخدام الفارسية مثلهم مثل أمراء الإمارات الفارسية السابقة.
ورغم أنه لم يعرف عن الترك تشجيعهم لمؤرخين من الفرس لكتابة التاريخ الفارسي بل اكتفوا بتاريخ البلعمي وما يمثله من شمولية إسلامية، فإنهم سمحوا للفردوسي بكتابة (الشاهنامة) التي أصبحت دستور الحياة والمرشد المهم لفئات الدهاقين والنبلاء الفرس الذين كانوا لا يزالون يحيون حياتهم متمسكين بتقاليدهم وعاداتهم الساسانية. بل أن السلاجقة البدو في إيران اندمجوا في المجتمع الإيراني، وتبنوا تقاليده.


ولكن ذلك لا يعني انتصار اللغة الفارسية في بلاد فارس على اللغة العربية، فقد ظلت الثقافة في فارس بعد ذلك أكثر من ثلاثة قرون ثنائية اللغة، وكانت الكتب تؤلف بالفارسية والعربية على السواء. كما وأن فئة من الترك لم يكونوا قانعين بكل ما كتبه الفردوسي في (الشاهنامة خاصة في تمجيده الزرادشتية وماضي إيران الساساني لأنهم دخلوا الإسلام لأسباب عقائدية صرفة، ولهذا لم يستسيغوا انتشار آراء أو وجهات نظر معارضة للإسلام أو منافية له.
ولقد مرت فترة انتقالية كتب فيها المؤرخون الفرس باللغتين العربية والفارسية رغم ظهور كتب تاريخية فارسية خالصة لا تعتمد على مراجع عربية ولا تعرفها. وقد حدث ذلك قبل أواسط القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي (1).
وبعد هذه الفترة الانتقالية يأتي الحكم المغولي لبلاد فارس فيحدث تغييراً مهماً في الكتابة التاريخية هناك حيث تختفي اللغة العربية تماماً كلغة لكتابة التاريخ. كما شجعت هذه المرحلة على ظهور كبار المؤرخين الفرس أمثال علاء الدين الجويني (ت ٦٨١هـ / ۱۲۸۲م) صاحب تاريخ جهانكشاي" ورشيد الدين فضل الله (ت ۷۱۸هـ / ۱۳۱۸م) مؤلف "جامع التواريخ".
ولا بد لنا أن يشير بأن قيمة المؤلفات التاريخية الفارسية قبل الفترة المغولية ليست كبيرة فباستثناء البيهقي (ت ٤٧١ هـ / ١٠٧٧م) الذي كتب تاريخه المعروف في ثلاثين جزءاً. ويشير شاكر مصطفى " أن مجمل الأعمال التاريخية السابقة له والتالية لم تؤد إلا إلى نتائج هزيلة وإلى مؤلفات يغلب عليها الطابع الأدبي وجمع النوادر "(1).
أما تاريخ الفرس القديم ( قبل الإسلام) فإنه باعتراف المؤرخين الفرس أنفسهم مشكوك فيه ورواياته موضوعة وأسطورية، حيث يقول حمزة الأصفهاني: "تواريخهم كلها مدخولة غير صحيحة". ويشكك موسى الكسروي بكتاب (خداي نامة) وهو تاريخ ملوك الفرس الذي كان مصدراً لأغلب ما كتب عن تاريخ الفرس القديم، ويؤكد أنه "لم يظفر في هذا الكتاب بنسختين متفقتين". مم . مما يدل على كثرة الوضع والانتحال فيه (٢). ويبرز فيها غلبة الطابع الفارسي على غيره ويبدو وكأنه في معزل عن التجربة العالمية.
أما المصادر الفارسية في الفترة المغولية فإذا استثنينا الجويني ورشيد الدين فإن ما تبقى من كتب لا تضيف في غالبيتها معلومات جديدة أو مهمة إلى ما تقدمه لنا المصادر العربية عن الفترة الزمنية نفسها، كما وأن هذه المصادر مختصرة في معلوماتها وتؤكد بصورة خاصة على تاريخ إيران وتفصل فيه مما يضفي عليها صبغة فارسية محلية. كما وتعتمد هذه المصادر على لغة فارسية مكتوبة بأسلوب فيه الكثير من التكلف والتفخيم والمليء بالمحسنات البديعية حتى ليصعب على الفرس أنفسهم فهمه دون استعمال قاموس لغوي. ولعل هذا ينطبق على كتاب ( تجربة الأمصار وتزجية الأعصار) للشيرازي المعروف بوصاف الحضرة.


إن استعمال لغة ثانية غير العربية في التأليف كان بحد ذاته تطوراً أحدث انفصاماً فكرياً وثقافياً ... كان له نتائجه في اتساع التدهور الثقافي والفكري في الأقاليم التي خضعت للسيطرة المغولية والإيلخانية. وبقدر ما يتعلق الأمر بالكتابة التاريخية فإننا لا نجد سوى مؤرخاً واحداً أو اثنين في العراق مثلاً بمستوى المؤرخين المعاصرين الذين ظهروا في بلاد الشام ومصر في القرنين الثامن والتاسع الهجريين. هذا بالإضافة إلى تأثر هذه المؤلفات منهجا وأسلوباً بالمؤثرات الفارسية في الكتابة.
لقد اتخذ هذا الأسلوب في السرد التاريخي مثلاً يحتذى به من قبل المؤرخين الذين جاءوا بعد وصاف الحضرة فاهتموا بالأسلوب وبلاغته أكثر من اهتمامهم بالحقيقة التاريخية، بل ربما كان ذلك على حساب الحقيقة التاريخية. وقد استمر هذا النهج لقرون عديدة قبل أن تتخلص منه الكتابة التاريخية الفارسية. ولكن الأهم من هذا وذاك خلال الفترة المغولية هو - وكما أشرنا - ضياع اللغة العربية كلغة ثقافة وتأليف في المشرق وخاصة إيران بعد أن كانت هذه اللغة قد تمكنت وانتشرت على الصعيد الثقافي والعلمي خلال القرون الستة الأولى من تاريخ الإسلام. أما بعد الهجمة المغولية الشرسة فقد انتهت اللغة العربية كلغة تأليف وإدارة وثقافة عامة رغم أن بعض الكتب الفقهية والدينية استمرت تكتب بلغة القرآن العربية.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

أولاً: تعريف ال...

أولاً: تعريف المعلومات 1. من الناحية اللغوية: أصل الكلمة "معلومات" مشتقة من مادة (علم)، وهي تدل على...

1- يسرد الكاتب ...

1- يسرد الكاتب الفرنسي جيلبير سينويه فكرة إنشاء العاصمة أبوظبي، وكيف تحوَلت بسرعة شديد من قرية للصّي...

مقبرة باب الساه...

مقبرة باب الساهرة أو مقبرة الساهرة هي إحدى أشهر مقابر المسلمين في القدس، وكان يُطلق عليها سابقًا مقب...

الاعتذاريات الص...

الاعتذاريات الصهيونية: والسمات الخاصة بالجيب الصهيوني ليست أمرا مـتـصـلا بـجـذوره أو بخصائصه ا􏰀وضوعي...

شكلت التحولات ا...

شكلت التحولات العميقة التي عرفتها دول العالم الرأسمالي خلال القرن 19م في إطار الثورة الصناعية عاملا ...

إن إصالح العدال...

إن إصالح العدالة و عصرنتها ال يمكن فصلهما عن بعضهما وهما متالزمان هذا الترابط الشديد بين اإلصالح وا...

المقدمة أطلق ال...

المقدمة أطلق المغرب إصلاحًا عميقًا لإدارته يتمحور حول أهداف طموحة، تُجسّد من خلال "برنامج دعم إصلاح ...

إدارة مراكز الت...

إدارة مراكز التجميل اعداد:ابرار العتيبي أنظمة وإجراءات العمل :ا3هداف التعرف على مضمون ضوابط-1 .العمل...

. احتوت على قص...

. احتوت على قصص سبعة من الرسل أرسلوا إلى أقوامهم وأمروهم بالعبادة لله وحده، مالهم من إله غيره، ثم ك...

إذن يمكن اعتبار...

إذن يمكن اعتبار مواقع التواصل الاجتماعي أنها مجموعة من التقنيات والوسائل والأدوات التي أصدرتها التكن...

مفهوم المنهج وأ...

مفهوم المنهج وأهميته (2) مناور التكث عند علماء الاسلام (3) من اسهامات علماء الإسلام في تطور العلوم -...

This issue affe...

This issue affects young Kuwaitis too, not just older adults. Hypertension and diabetes often go unn...