لخّصلي

أصبحت أكبر واحة في المملكة، والتي استضافت مستوطنات بشرية منذ عصور النيوليتيك، آخر موقع في المملكة يتم منحه تصنيف موقع التراث العالمي من قبل اليونسكو الأسبوع الماضي بعد تقديم حجة قوية. تأتي قرار إدراج الموقع كدفعة مرحب بها للسلطات السعودية التي وضعت السياحة في مقدمة خططها لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط. تشمل رؤية السعودية 2030 الهدف من مضاعفة عدد المواقع الأثرية في المملكة المسجلة لدى اليونسكو. يجعل الإعلان واحة الأحساء في المنطقة الشرقية من البلاد خامس موقع يفوز بتصنيف موقع التراث العالمي في المملكة. قال الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (SCTH): "عملت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع الفرق المتخصصة الدولية وشركائها في المملكة على تقديم الملف بطريقة متميزة تلبي جميع الشروط المطلوبة. "تولي الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني اهتمامًا كبيرًا للأحساء، ويتجلى ذلك من خلال ترميم وإعادة تأهيل عدد من المواقع والمباني التراثية، وتطوير متحف الأحساء الإقليمي، والمسوحات والاكتشافات الأثرية، بالإضافة إلى المشاريع والبرامج السياحية." بالنسبة له، يأتي الاعتراف الدولي بأهمية هذا الموقع من خلال اتفاق أعضاء اليونسكو الممثلين عن 22 دولة كاعتراف دولي بمكانة المملكة الثقافية والطبيعية البارزة.تم الإعلان عن قائمة الموقع في 29 يونيو خلال اجتماعات الدورة الثانية والأربعين للجنة التراث العالمي في العاصمة البحرينية المنامة. تشمل واحة الأحساء موقع جواثا الأثري، بما في ذلك جامع جواثا الذي يعود تاريخه إلى الدولة القرمطية في القرن التاسع، وقصر الحزم. يمكن رؤية المقابر في عدة أجزاء من الواحة تعود إلى الحضارات القديمة. تحصل الأحساء على اسمها من طبيعة أرضها؛ في اللغة العربية، الأحساء هو كلمة جمع من "الحِصّة"، والتي تشير إلى الرمال المتراكمة مع قاعدة صلبة أسفلها. عندما يمطر، تمنع الرمال الشمس من تجفيف الماء. هناك حوالي 60 إلى 70 ينبوعًا من المياه العذبة حول الواحة، بمعدل تدفق مياه مقدر بحوالي 150,000 جالون في الدقيقة. تختلف عمق الينابيع ما بين 500 إلى 600 قدم. ظهرت ينابيع المياه العذبة الطبيعية في الواحات في المنطقة منذ آلاف السنين. منذ العصور ما قبل التاريخ، دعمت المنطقة المستوطنات البشرية والزراعة، وخاصة زراعة نخيل التمر. بالإضافة إلى ينابيع المياه العذبة، تحتوي الواحة أيضًا على ينابيع مياه دافئة وساخنة، والتي يمكن أن تصل إلى 90 درجة فهرنهايت. يعتبر عين نجم أهم ينبوع مياه ساخنة في الأحساء، حيث تشتهر بمياهها الكبريتية الساخنة. استوطنت المنطقة منذ العصور ما قبل التاريخ بسبب أراضيها الخصبة ووفرة المياه. تظهر المواقع الأثرية في الأحساء والقلاع التاريخية المتبقية والمساجد والآبار والقنوات وغيرها من أنظمة إدارة المياه آثار استمرار استيطان الإنسان في منطقة الخليج منذ العصر النيوليتي حتى الآن. تؤهل الموقعة الجغرافية الاستراتيجية للأحساء للعب دور أساسي في تاريخ المنطقة، فقد كانت لها ارتباطات مع الحضارات القديمة العظيمة في سوريا ومصر وبلاد ما بين النهرين. بعد أن شهدت الأحساء اكتشافات كميات هالبترول الهائلة بالقرب من الدمام في الثلاثينات من القرن الماضي، تبعت ذلك تحديثاً سريعاً للمنطقة. في أوائل الستينات، كانت حقول النفط في الأحساء تنتج مليون برميل يوميًا.كانت ولا تزال تُعتبر ميناءً بريًا يربط المملكة بدول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة وعُمان، حيث يمر قوافل الحجاج من هذه البلدان عبر هذا الميناء للوصول إلى الأراضي المقدسة في مكة. اليوم، تمتد واحة الأحساء على مساحة 160 كيلومترًا مربعًا، على بُعد حوالي 60 كيلومترًا من ساحل الخليج العربي. تُعتبر محافظة الأحساء أخضر وأكثر أراضي الشرقية خصوبة في المملكة. وهي مشهورة بنخيلها، التي تنتج أكثر من 100 ألف طن من التمور كل عام، مما يجعلها أكبر واحة نخيل في العالم. تشتهر المحافظة بتمر الخلاص - المعروف في المملكة العربية السعودية باسم الخلاص - والذي يتم اختياره بانتظام في استطلاعات الرأي كأفضل تمر في العالم. وعادة ما يتم تناولها مع القهوة العربية في جميع أنحاء المملكة. تم ترشيح الواحة وإدراجها في قائمة التراث العالمي لليونسكو للنظر فيها لتلبية ثلاثة من معايير اليونسكو العشرة: 1. شهادة فريدة أو على الأقل استثنائية على تقليد ثقافي أو حضارة حية أو اندثرت. 2. مثال متميز على نوع من المباني أو التجمعات المعمارية أو التكنولوجية أو المشهد الطبيعي الذي يوضح مراحل هامة في تاريخ الإنسان. 3. مثال متميز على التوطن البشري التقليدي أو استخدام الأراضي أو البحر الذي يمثل ثقافة (أو ثقافات) أو تفاعل الإنسان مع البيئة، خاصة عندما يصبح معرضًا للضعف تحت تأثير التغيير اللاعكس. المصدر: بقلم ربى عبيد ورشيد حسن