لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

أخذ علم النفس المعاصر مدَّة طويلة من الزمن حتى نال الاعتراف العلمي والشعبي -أيضًا- بعد تحوُّله من النظريَّة إلى الممارسة العمليَّة. ويستطيع المهتمُّ بهذا المجال الكشف عن أسبقيَّة التطبيقات العمليَّة لعلم النفس لدى العلماء العرب المسلمين؛ إذ عالج هؤلاء العلماء كثيرًا من الحالات منذ قرونٍ مضت بأساليب تعدُّ من نتاج علم النفس المعاصر. ومن أهمِّ علماء النفس المسلمين الذين عالجوا بعمقٍ شديدٍ موضوعات تخصُّ علم النفس والطب النفسي العالم ابن سينا. على الرغم من متابعة ابن سينا أرسطو في بعض جوانب معالجاته للنفس من حيث تعريفها بأنَّها «كمال أوَّل لجسم طبيعي آلي»، أو تقسيمه قوى النفس أو وظائفها إلى: نفس نباتيَّة أو حيوانيَّة، وتقسيمه القوى النفسانيَّة المدركة وغيرها من الموضوعات التي تخصُّ النفس الإنسانيَّة، إلَّا أنَّنا نجد له تميُّزًا من فكر أرسطو الفلسفي والنفسي في كلِّ الموضوعات السابقة بشكلٍ أو بآخر، خصوصًا تلك التي نحا فيها منحًى علميًّا تجريبيًّا في معالجاته النفس، وتوظيفه بعض الحقائق والمناهج العلميَّة في العلاج النفسي؛ كما استطاع ابن سينا قياس الانفعال على أساس قياس التغيُّرات الفسيولوجيَّة التي تحدث مصاحبةً للانفعال قبل علماء الفسيولوجيا المحدثين، والطريقة العلميَّة نفسها التي يتبعها المعالجون النفسانيُّون المعاصرون. كما وصل ابن سينا في دراسته الأحلام إلى كثيرٍ من الحقائق التي سبق بها العلماء المحدثين، لذلك فليس غريبًا أن يُعَدَّ ابن سينا طبيبًا نفسانيًّا من الطراز الأوَّل، اتَّخذ ابن سينا التحليل النفسي أسلوبًا جديدًا من أساليب العلاج الطبي، وتدلُّ أساليبه في ذلك على أنَّه كان على درجةٍ كبيرةٍ من الخبرة بعلم النفس، وقد ربط في فلسفته -خصوصًا في كتابه (القانون)- بين الطبِّ وعلم النفس، ويذهب النفسيُّون في عصرنا هذا إلى أنَّ الغرض من التحليل النفسي هو الوصول إلى ما يتكوَّن في العقل الباطن، ثم العمل على إخراج هذه المكوِّنات إلى العقل الظاهر، والحكمة في ذلك تخفيف الضغط على النفس، وبذلك يُمكن أن يتخلَّص المريض من أمراضه العقليَّة أو النفسيَّة. ومن المعروف الآن أنَّ فرويد يذهب إلى أنَّ العقل الباطن يتكوَّن من مجموعةٍ من الرغبات الشخصيَّة المكبوتة المودعة في أعماق النفس منذ الطفولة، والتحليل النفسي بهذا المعنى الذي يشرحه فرويد لم يكن غريبًا على ابن سينا؛ حتى اشتهر في عصره بقدرته العظيمة على معالجة المرضى بطريقة التحليل النفسي؛ لذلك امتنع عن الطعام والشراب مع بني الإنسان، ويذهب إلى الإقامة بحظائرها، فقال ابن سينا: كلَّا، فقال المريض: وماذا أفعل حتى أصير كذلك؟ فقال ابن سينا: تأكل وتشرب كما يأكل الناس ويشربون. فقال المريض: أوتذبحني بعد ذلك؟ قال ابن سينا: نعم، ثم أخذ الرجل على نفسه عهدًا وميثاقًا ليفعلنَّ ذلك، وأخذ يأكل ويشرب كما يفعل الناس، ثم زار ابن سينا بعد ذلك، فلمَّا رآه سليم الجسم والعقل قال له مداعبًا: ما بال البقرة قد سمنت؟ قال: نعم، وعرف بعض الحقائق النفسيَّة والمرضيَّة عن طريق التحليل النفسي، وكان ابن سينا يرى أنَّ للعوامل النفسيَّة والعقليَّة؛ ولهذا لجأ إلى الأساليب النفسيَّة في معالجته لمرضاه». وإذا أردنا أن نتبيَّن تلك الظواهر النفسيَّة التي عالجها ابن سينا، وتوصَّل فيها إلى حقائق وقوانين تشبه تلك التي وصل إليها علماء النفس المحدثون، ومن ذاق الحلاوة الشديدة لا يحسُّ بعدها بالضعيفة». ويصف ابن سينا في هذه العبارات ظاهرة سيكولوجيَّة تناولتها الدراسات الفسيولوجيَّة والسيكولوجيَّة الحديثة، وهي ضعف الحساسيَّة باستمرار التنبُّه الحسِّي، يقول ابن سينا: «القوى الداركة يعرض لها من إدامة العمل أن تكلَّ؛


النص الأصلي

أخذ علم النفس المعاصر مدَّة طويلة من الزمن حتى نال الاعتراف العلمي والشعبي -أيضًا- بعد تحوُّله من النظريَّة إلى الممارسة العمليَّة. ويستطيع المهتمُّ بهذا المجال الكشف عن أسبقيَّة التطبيقات العمليَّة لعلم النفس لدى العلماء العرب المسلمين؛ إذ عالج هؤلاء العلماء كثيرًا من الحالات منذ قرونٍ مضت بأساليب تعدُّ من نتاج علم النفس المعاصر. ومن أهمِّ علماء النفس المسلمين الذين عالجوا بعمقٍ شديدٍ موضوعات تخصُّ علم النفس والطب النفسي العالم ابن سينا.


على الرغم من متابعة ابن سينا أرسطو في بعض جوانب معالجاته للنفس من حيث تعريفها بأنَّها «كمال أوَّل لجسم طبيعي آلي»، أو تقسيمه قوى النفس أو وظائفها إلى: نفس نباتيَّة أو حيوانيَّة، وناطقة. وتقسيمه وظائف العقل إلى: عقل عملي، وآخر نظري، وتقسيمه القوى النفسانيَّة المدركة وغيرها من الموضوعات التي تخصُّ النفس الإنسانيَّة، إلَّا أنَّنا نجد له تميُّزًا من فكر أرسطو الفلسفي والنفسي في كلِّ الموضوعات السابقة بشكلٍ أو بآخر، ويزداد هذا التميُّز في بعض الموضوعات، خصوصًا تلك التي نحا فيها منحًى علميًّا تجريبيًّا في معالجاته النفس، وتناوله قواها ووظائفها وخصائصها، وتوظيفه بعض الحقائق والمناهج العلميَّة في العلاج النفسي؛ فقد استطاع بحدَّة ذكائه، ودقَّة ملاحظته، أن يصل إلى معرفة طبيعة عمليَّة الارتباط الشرطي Conditioning قبل أن يكتشفها بافلوف الفسيولوجي الروسي في العصر الحديث نتيجة البحوث التجريبيَّة التي قام بها، وهو تفسير لم يصل إليه علماء النفس المحدثين إلَّا في أوائل القرن العشرين.


كما استطاع ابن سينا قياس الانفعال على أساس قياس التغيُّرات الفسيولوجيَّة التي تحدث مصاحبةً للانفعال قبل علماء الفسيولوجيا المحدثين، وهو ما سنتبيَّنه في علاجه أحد مرضاه من (حالة عشق) شديد، وهو الأساس العلمي نفسه الذي يُستخدم في جهاز كشف الكذب، والطريقة العلميَّة نفسها التي يتبعها المعالجون النفسانيُّون المعاصرون.


كما وصل ابن سينا في دراسته الأحلام إلى كثيرٍ من الحقائق التي سبق بها العلماء المحدثين، خصوصًا دور الأحلام في إشباع الدوافع والرغبات التي سيقول بها سيجموند فرويد في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي؛ لذلك فليس غريبًا أن يُعَدَّ ابن سينا طبيبًا نفسانيًّا من الطراز الأوَّل، لا يقلُّ في براعته واشتهاره عن براعته في فروع الطب الأخرى، من العلاجي أو الوقائي أو الصيدلي.


اتَّخذ ابن سينا التحليل النفسي أسلوبًا جديدًا من أساليب العلاج الطبي، ومارسه ممارسة ناجحة أكسبته شهرةً واسعةً في عصره، وتدلُّ أساليبه في ذلك على أنَّه كان على درجةٍ كبيرةٍ من الخبرة بعلم النفس، وقد ربط في فلسفته -خصوصًا في كتابه (القانون)- بين الطبِّ وعلم النفس، فاستغلَّ علم النفس، وهو جزء من الفلسفة آنذاك، في التطبيب، ويذهب النفسيُّون في عصرنا هذا إلى أنَّ الغرض من التحليل النفسي هو الوصول إلى ما يتكوَّن في العقل الباطن، ثم العمل على إخراج هذه المكوِّنات إلى العقل الظاهر، والحكمة في ذلك تخفيف الضغط على النفس، وبذلك يُمكن أن يتخلَّص المريض من أمراضه العقليَّة أو النفسيَّة.


ومن المعروف الآن أنَّ فرويد يذهب إلى أنَّ العقل الباطن يتكوَّن من مجموعةٍ من الرغبات الشخصيَّة المكبوتة المودعة في أعماق النفس منذ الطفولة، ثم أُرْغِمت على الانتقال من الناحية الشعوريَّة إلى الناحية اللاشعوريَّة؛ فلم تجد لها مأوًى إذ ذاك إلَّا في حظيرة العقل الباطن.


أمَّا السبب في هذا الانتقال، فيرجع إلى أنَّ هذه الرغبات المكبوتة، وتلك الذكريات، لا تلائم الحياة الاجتماعيَّة، ولا تتَّفق مع آداب المجتمع وتقاليده.


والتحليل النفسي بهذا المعنى الذي يشرحه فرويد لم يكن غريبًا على ابن سينا؛ فقد كان على علمٍ به؛ إذ اتَّخذه طريقة من طرائق العلاج، حتى اشتهر في عصره بقدرته العظيمة على معالجة المرضى بطريقة التحليل النفسي؛ فقد أُصيب في يومٍ ما رجلٌ بمرض (المالينخوليا)، واستبدَّ به المرض إلى درجةٍ جعلته يعتقد أنَّه أصبح بقرة؛ لذلك امتنع عن الطعام والشراب مع بني الإنسان، ونتيجةً لذلك أخذ الرجل يُقلِّد الأبقار، فيخور مثلها، ويذهب إلى الإقامة بحظائرها، ويتناول الأكل معها.


استمرَّ الرجل على هذا النحو زمنًا حتى ضعفت قواه، وهزل جسمه، وشحب لونه، فعرضه ذووه على الأطباء، لكنَّهم عجزوا عن علاجه. وكان ابن سينا آنئذٍ قد طار صيته في الآفاق، وعُرِف بتطبيب مرضى العقول، فلمَّا عُرِض عليه هذا الرجل، وفحص عن حاله، قال له: ما بالك أيُّها الرجل؟ وما الذي حلَّ بك؟ فقال المريض: ليس بي شيءٌ إلَّا أنَّني أصبحتُ بقرةً تخور، آكل ما تأكل، وأفعل ما تفعل، فقال ابن سينا: إذا كنت حقًّا كذلك، وأنت بقرةٌ بالفعل، فإنِّي سأذبحك، فقال المريض: افعل ما تشاء؛ فإنِّي بقرة.


فأمر ابن سينا بتقييد المريض بحبلٍ متين، وألقاه على الأرض، وأحضر سكِّينًا حادًّا، ثم تقدَّم إلى المريض، وأراد أن يهوي بالسكين على رقبته، لكنَّه عندما قرَّب السكين من نحره قال: ما بال هذه البقرة هزيلة ضعيفة، إنَّها لا تصلح للذبح. فقال المريض: إنَّها تصلح للذبح فاذبح. فقال ابن سينا: كلَّا، لا نذبحها حتى تمتلئ شحمًا ولحمًا. فقال المريض: وماذا أفعل حتى أصير كذلك؟ فقال ابن سينا: تأكل وتشرب كما يأكل الناس ويشربون. فقال المريض: أوتذبحني بعد ذلك؟ قال ابن سينا: نعم، ثم أخذ الرجل على نفسه عهدًا وميثاقًا ليفعلنَّ ذلك، وأخذ يأكل ويشرب كما يفعل الناس، فعادت إليه صحَّته، وقوي جسمه، وبذلك ارتدَّ إليه عقله، وزايله المرض، وشفي تمامًا. ثم زار ابن سينا بعد ذلك، فلمَّا رآه سليم الجسم والعقل قال له مداعبًا: ما بال البقرة قد سمنت؟ قال: نعم، وقد أصبحت عاقلة.


لذلك يقول قدري حافظ طوقان في كتابه (تراث العرب العلمي في الرياضيَّات والفلك): «درس ابن سينا الاضطرابات العصبيَّة، وعرف بعض الحقائق النفسيَّة والمرضيَّة عن طريق التحليل النفسي، وكان ابن سينا يرى أنَّ للعوامل النفسيَّة والعقليَّة؛ كالحزن والخوف والقلق والفرح وغيرها، تأثيرًا كبيرًا على أعضاء الجسم ووظائفه؛ ولهذا لجأ إلى الأساليب النفسيَّة في معالجته لمرضاه».


وإذا أردنا أن نتبيَّن تلك الظواهر النفسيَّة التي عالجها ابن سينا، وتوصَّل فيها إلى حقائق وقوانين تشبه تلك التي وصل إليها علماء النفس المحدثون، فسنجد أنَّه عرف التكيُّف، وظاهرة الحجب؛ فهو يذهب إلى أنَّ المحسوس الخارجي -أي: المؤثِّر الحسي- الشديد أو المتكرِّر يُحدِث في أعضاء الحواس الخارجيَّة أثرًا يستمرُّ بعض الوقت ويصعب معه أن تحسَّ بشيءٍ آخر، يقول ابن سينا: «المحسوسات الشاقَّة والمتكرِّرة تُضعِف الحس، وربَّما أفسدته؛ كالضوء للبصر، والرعد الشديد للسمع، ولا يقوى الحسُّ عند إدراك القويِّ على إدراك الضعيف؛ فإنَّ المبصر ضوءًا عظيمًا لا يبصر معه ولا عقبه نورًا ضعيفًا، والسامع صوتًا عظيمًا لا يسمع معه ولا عقبه صوتًا ضعيفًا، ومن ذاق الحلاوة الشديدة لا يحسُّ بعدها بالضعيفة». ويصف ابن سينا في هذه العبارات ظاهرة سيكولوجيَّة تناولتها الدراسات الفسيولوجيَّة والسيكولوجيَّة الحديثة، وهي ظاهرة (الحجب Masking)، ويُلاحَظ أنَّ أرسطو أشار أيضًا -دون توسُّع- إلى هذه الظاهرة.


وأشار ابن سينا -أيضًا- إلى ظاهرة (التكيُّف الحسِّي Sensory Adabtion)، وهي ضعف الحساسيَّة باستمرار التنبُّه الحسِّي، يقول ابن سينا: «القوى الداركة يعرض لها من إدامة العمل أن تكلَّ؛ لأجل أنَّ الآلات تكملها إدامة الحركة».


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

ولقد درج المعلم...

ولقد درج المعلمون منذ القدم على استخدام رواية القصة في تعليم الأطفال وإكسابهم القيم معتمدين على الأس...

[الملك باليمن] ...

[الملك باليمن] من أقدم الشعوب التي عرفت باليمن من العرب العاربة قوم سبأ، وقد عثر على ذكرهم في حفريا...

صحيح, هناك العد...

صحيح, هناك العديد من القوى الخارجية والداخلية التي يمكن أن تؤثر على التغيير التنظيمي. إليك بعض الأمث...

So this video w...

So this video we're going to look at IBD which is inflammatory bowel disease. Um, a chronic inflamm...

استفدت كثيرًا م...

استفدت كثيرًا من خلال هذا الأسبوع وأضاف لي الكثير حقيقةً، ومن التحديات التي كانت تواجهني في ممارسة ا...

الطرفة: الحديث ...

الطرفة: الحديث المستحسن النادر وغالباً ما تأتي الطرفة سهلة مضحة وتصف موقفاً قصيراً بأسلوب دعابي مرح ...

There is no bet...

There is no better feeling than leaving work behind and going on holiday, whether it's to the sea, t...

Une enquête est...

Une enquête est une activité organisée et méthodique de collecte de données sur des caractéristiques...

تطور المسرح الع...

تطور المسرح العربي في فترة ما بعد النهضة العربية شهد تنوعًا وتطورًا كبيرًا. ظهرت عدة مدارس واتجاهات ...

وعلى اية حال فإ...

وعلى اية حال فإن هناك جملة خصائص أو مقاييس تبين لنا بنية المدينة City Structure ، وقد حددها خوردن ح...

هدفت هذه الدراس...

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على مقومات البيئة المادية الجاذبة لطفل الروضة، ولتحقيق ذلك استخدمت الباح...

المنتجات في الأ...

المنتجات في الأسواق الأجنبية، نذكر تتعدد العوامل المحددة لنجاح سونى منها: الاقتصادية، التكنولوجية، ا...