لخّصلي

تعتبر حالات الفساد المالي والإداري بالإضافة إلى غياب أخلاقيات المهنة من أهم أسباب مما تسبب بعواقب لا يمكن إصلاح آثارها، والتي تبين فيما بعد أن العيب ليس فحدوث حالات الإفلاس والتعثر المالي الناتج عن سوء الإدارة وإساءة استخدام السلطة دفع الجمهور العام إلى الضغط على المشرعين لاتخاذ الإج ا رءات الكفيلة لحماية مصالحهم، حدث وللحد من التلاعبات الخطيرة التي إن لم يتم السيطرة عليها بشكل مبكر فستؤدي دون أدنى Sarbanes-Oxley Act of, 2002 يلزم المؤسسات المدرجة بالأسواق المالية الأمريكية بالتقيد به وتطبيق جميع بنوده كدعامة ) والتدقيق بشكل خاص. وكذا أما بالنسبة للتدقيق وخصوصا بعد إضافة إلى انتشار هذه الآثار وعدوى الأزمات المالية لتشمل دولاً أخرى نامية كنتيجة للانفتاح الاقتصادي %، وأكدت تقارير مختلفة لصندوق النقد الدولي أن أكثر من 50 % من تلك الأزمات حدثت في ممّا يؤكد الحاجة إلى إعادة النظر تعتبر المؤسسة كنظام مفتوح فهي في احتكاك دائم ومستمر مع البيئة الخارجية مما ينعكس بين هذه العوامل ما يلي: -1-2-2 ظهور ظاهرة العولمة الاقتصادية رؤوس الأموال، فمتطلبات الم ؤسسات الاستثمارية العالمية تستدعى مستوى عالٍ من الحوكمة عند الحديث عن الفساد المالي والإداري في المؤسسات يجب علينا أن نلاحظ أن آثار هذا محاضرات ندوة في المالية وحوكمة المؤسسات أو على حساب القواعد أو الأع ا رف أو اللّوائح القائمة. للمساءلة الهيكل الاجتماعي، 3- - التوجه نحو الخوصصة 2- 2 أصبحت ظاهرة الخوصصة وتوسيع قواعد الملكية ظاهرة عالمية، في جميع أنحاء العالم، الوطني، حيث يتم خوصصة مؤسسات القطاع العام المملوكة للدولة لتحويلها من ملكية عامة إلى وكأحد العناصر الأساسية لبرنامج الإصلاح سلامة أوضاع المؤسسات العامة محل التخصيص كما أن نجاح عملية الخوصصة يتطلب إتباع أسلوب سليم في ذلك مدعم بإصلاحات سياسية واقتصادية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الشفافية ويمكن القول أن الأحداث التي شهدها العالم خلال العقدين الأخيرين من أزمات مالية مبادئها تحديد أهميتها وأهدافها بالإضافة إلى آلياتها وهذا ما سيتم

المحاضرة الثانية: أسباب تطور مفهوم حوكمة المؤسسات
-1 الفضائح المالية
تعتبر حالات الفساد المالي والإداري بالإضافة إلى غياب أخلاقيات المهنة من أهم أسباب
انهيار كبريات المؤسسات في العالم، كما أن الخلل في الأنظمة المالية التي أدت إلى حدوث أزمات
في أسواق المال من أهم الفضائح المالية التي شهدها العالم والتي أثّرت على تطور مفهوم الحوكمة،
ويمكن إب ا رزها فيما يلي:
1- - الانهيا ا رت المؤسسية 1- 2
للطاقة، وشركة (Enron) شهد العالم العديد من الانهيا ا رت كانهيار شركة
(Worldcom) لتدقيق الحسابات، وحصلت اختلاسات كبيرة في شركة (ArthurAnderson)
الأوروبية للأغذية والتي كان لها وما ي ا زل الأثر البالغ على (Parmalate) للاتصالات وشركة
اقتصاديات الدول التي تنتمي لها تلك المؤسسات.
وقد أوعز البعض تلك الانهيا ا رت إلى ضعف السياسات المحاسبية، والتي تمكن
المتلاعبين الذين تسببوا بالانهيا ا رت استغلالها، مما تسبب بعواقب لا يمكن إصلاح آثارها،
وبالتالي انعكست على الاقتصاد العالمي بشكل سلبي، والتي تبين فيما بعد أن العيب ليس
أن معايير (Enron) بمعايير المحاسبة، ولكن في سلوكيات مطبقيها. فما جاء في قضية شركة
المحاسبة كانت تنص على آليات معينة يجب إتباعها عند إنشاء شركة ذات أهداف محددة، إلا
أن إدارة الشركة لم تتقيد بها، حيث تواطأ مدقق الحسابات الممثل في شركة
مع إدارة الشركة بعدم التقرير عن ذلك وفي الحالتين اتبعت الإدارة (ArthurAnderson)
ومدققها الأسلوب اللاأخلاقي.
فحدوث حالات الإفلاس والتعثر المالي الناتج عن سوء الإدارة وإساءة استخدام السلطة
دفع الجمهور العام إلى الضغط على المشرعين لاتخاذ الإج ا رءات الكفيلة لحماية مصالحهم،
وتحاول دول عدة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية تشريع وإصدار قوانين وسياسات
محاضرات ندوة في المالية وحوكمة المؤسسات
3
محاسبية جديدة للسيطرة على إدارة المؤسسات بشكل أكبر من السابق، لضمان عدم تك ا رر ما
حدث وللحد من التلاعبات الخطيرة التي إن لم يتم السيطرة عليها بشكل مبكر فستؤدي دون أدنى
شك إلى انهيار اقتصاديات الدول المتقدمة.
(Sarbanes-Oxley Act of, وهذا ما أدى بالحكومة الأمريكية إلى إصدار قانون
2002 يلزم المؤسسات المدرجة بالأسواق المالية الأمريكية بالتقيد به وتطبيق جميع بنوده كدعامة )
لحوكمة المؤسسات والذي أحدث تغي ا رت جوهرية على بيئة الأعمال بشكل عام وبيئة مهنة المحاسبة
والتدقيق بشكل خاص.
ولقد أثر التشريع الجديد الصادر في الولايات المتحدة الأمريكية على جودة الإبلاغ المالي،
وهذا فيما يخص إدارة الحسابات حيث يتم التركيز على استخدام معايير المحاسبة بحذافيرها، وكذا
إرغام المؤسسة على توظيف أشخاص ذو خبرة عالية بمعايير المحاسبة وإل ا زم المدققين الخارجيين
بمقابلة لجنة التدقيق وتقديم تقاريرهم إليها، وكذا تعاونهم مع قسم التدقيق الداخلي. أما بالنسبة للتدقيق
الداخلي فقد نص على ضرورة استقلاليته ويجب أن يقوم بعمليات تحليل المخاطر قبل الإقدام على
وضع أي خطة تدقيق، والاقتناع بأن تقرير المدقق الداخلي سيكون له الأثر الرئيسي في إنجاح
الشركة. أما بالنسبة للجان التدقيق والتي اعتبرها عنص ا رً رئيسيا في عمل المؤسسة، وخصوصا بعد
تركيزها على توظيف أعضائها من ذوي أصحاب السمعة النزيهة والخب ا رت العالية.
-2-1-2 الأزمات المالية
شكّل تك ا رر الأزمات المالية خلال التسعينات ظاهرة مثي رة للقلق والاهتمام، ويرجع ذلك إلى
أن آثارها السلبية كانت حادّ ة وخطيرة، هددت الاستق ا رر الاقتصادي والسياسي للدول المعنية، إضافة
إلى انتشار هذه الآثار وعدوى الأزمات المالية لتشمل دولاً أخرى نامية كنتيجة للانفتاح الاقتصادي
والمالي الذي تشهده هذه الدول ولاندماجها في المنظمة العالمية للتجارة، وتشير تقارير صندوق النقد
1999 تعرض أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الصندوق - الد ولي إلى أنه خلال الفترة 1980
لأزمات مالية واضط ا ربات مصرفية حادة، كما أن وتيرة تلك الأزمات تكررت وتلاحقت عالمياً،
فشملت دول شرق آسيا وروسيا والب ا رزيل والأرجنتين والمكسيك وبقية دول أمريكا اللاتينية، وا زدت
محاضرات ندوة في المالية وحوكمة المؤسسات
4
حدة الأض ا رر الناجمة عنها، حيث قدرت خسائر اليابان مثلا في الأزمة الآسيوية الأخيرة بحوالي
%10 من ناتجها المحلي الإجمالي، في حين قدرت خسائر الولايات المتحدة الأمريكية بحوالي 03
%، وأكدت تقارير مختلفة لصندوق النقد الدولي أن أكثر من 50 % من تلك الأزمات حدثت في
الدول النامية وفي الدول ذات الأسواق الناشئة على الخصوص، ممّا يؤكد الحاجة إلى إعادة النظر
في النظام الاقتصادي والمالي بالإضافة إلى تحسين مستوى الإدارة والرقابة على المؤسسات التي
تعمل في تلك الدول.
-2-2 التغي ا رت في البيئة النظامية للمؤسسات
تعتبر المؤسسة كنظام مفتوح فهي في احتكاك دائم ومستمر مع البيئة الخارجية مما ينعكس
على تركيبتها وطرقة عملها والتي تؤدي إلى البحث في طرق وأساليب تسيرها والرقابه عليها. ومن
بين هذه العوامل ما يلي:
-1-2-2 ظهور ظاهرة العولمة الاقتصادية
ما شهده العالم من تحرير لاقتصاديات السوق وما تبعه من تحرير للأسواق المالية الذي
ترتب عليه ت ا زيد انفصال رؤوس الأموال والتوسع في حجم المؤسسات وانفصال الملكية عن الإدارة،
كل ذلك أدى إلى ضرورة الاستعانة بآليات جديدة للرقابة من خلال إطار تنظيمي يضمن حماية
رؤوس الأموال، فمتطلبات الم ؤسسات الاستثمارية العالمية تستدعى مستوى عالٍ من الحوكمة
حتى تقبل توجيه استثما ا رتها وما يتبعها من إج ا رءات تستند على عدة مبادئ تعمل على إدارة
المؤسسات وم ا رقبتها بما يضمن حقوق أصحاب المصالح وتوطيد العلاقة بين المؤسسة وأصحابها
للحفاظ على حقوق المساهمين وتعظيم الربحية.
-2-2-2 انتشار الفساد المالي والإداري
عند الحديث عن الفساد المالي والإداري في المؤسسات يجب علينا أن نلاحظ أن آثار هذا
الفساد لا تقتصر على المؤسسات وحدها بل تتعداها لتصل إلى سمعة الدولة العاملة فيها هذه
المؤسسات، فالفساد يعني سوء استعمال أو سوء استخدام المنصب أو السلطة للحصول على أو
محاضرات ندوة في المالية وحوكمة المؤسسات
5
إعطاء ميزة من أجل تحقيق مكسب مادي أو قوة أو نفوذ على حساب الآخرين، أو على حساب
القواعد أو الأع ا رف أو اللّوائح القائمة. إن جوهر الفساد يتمثل في أمرين هما العلاقة بين السلطة
والثروة وتحوّل المجتمع ومدى درجة تقبله للفساد، كما أنه هناك مجموعة من الأمور يمكن أن يعود
ظهور الفساد إليها، أهمها غياب الشفافية، ضعف السلطة القضائية وسيادة القانون، عدم القابلية
للمساءلة الهيكل الاجتماعي، الافتقار إلى الحوكمة، القوانين والحواجز ال ا زئدة عن الحد، التحديات
السياسية لمحاربة الفساد
3- - التوجه نحو الخوصصة 2- 2
أصبحت ظاهرة الخوصصة وتوسيع قواعد الملكية ظاهرة عالمية، تقوم بها العديد من الدول
في جميع أنحاء العالم، وبخاصة الدول التي يمثل فيها القطاع العام القطاع الرئيسي للاقتصاد
الوطني، حيث يتم خوصصة مؤسسات القطاع العام المملوكة للدولة لتحويلها من ملكية عامة إلى
ملكية خاصة تساعد على توسيع قاعدة الملكية، وكأحد العناصر الأساسية لبرنامج الإصلاح
الاقتصادي والاعتماد على آليات السوق. فالتوجه نحو الخوصصة استدعى وضع معايير تكفل
سلامة أوضاع المؤسسات العامة محل التخصيص كما أن نجاح عملية الخوصصة يتطلب إتباع
أسلوب سليم في ذلك مدعم بإصلاحات سياسية واقتصادية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الشفافية
والمساءلة وهذا ما يستوجب وجود نظام للحوكمة في هذه المؤسسات يعمل على الحفاظ على حقوق
أصحاب المصالح .
ويمكن القول أن الأحداث التي شهدها العالم خلال العقدين الأخيرين من أزمات مالية
وانهيا ا رت مؤسسة بالإضافة إلى حالات الفساد المالي والإداري وإج ا رءات الخوصصة أدت إلى زيادة
الاهتمام بموضوع الحوكمة، مبادئها تحديد أهميتها وأهدافها بالإضافة إلى آلياتها وهذا ما سيتم
د ا رسته في الجزء الموالي من الد ا رسة.