لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

لأن المعلومات التي تتضمنها تزيد في علمنا بالجغرافيا التاريخية المتعلقة بالبلدان التي تناولتها هذه المؤلفات، وبالتالي تنمي بصورة غير مباشرة معلوماتنا عن تاريخ تلك البلدان؛ بل هي كلمات الباحث الغربي مارتن بلسنر. والجغرافيا كعلم بدأ قبل الإسلام، بل هي للمفكر الفرنسي الكبير جوستاف لوبون. ولعله يمكننا رسم مسيرة إبداعات وإنجازات المسلمين في علم الجغرافيا من خلال ثلاث مراحل: تصحيح الأغلاط السابقة عليهم. وبهذا التصور يمكن القول إن مسيرة الإبداع قد بدأت بإثباتهم كروية الأرض؛ فقد كان الإغريق يعتقدون أن الأرض قرص دائري مسطح تحيط به مياه المحيطات مـن كـل جانب، والذي يُعتبر أبا الجغرافيا الإغريقية، يرسم خرائطه على أساس القرص المستدير، م) أتى بأول نظرية عن كروية الأرض إلا أنه لم يلق التأييد الكافي ممن جاء بعده، بل إن الدولة الرومانية رفضت هذه الفكرة، ». وبلغ الأمر ذروته حين تبنت الكنيسة وآباؤها الأوائل، وعلى رأسهم لكتانشيوس هذه النظرية بشدة، وقالوا بأن الأرض مسطحة، عملت على إحياء نظرية كروية الأرض وتبنتها، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٢) . كما أن هناك آيات تتحدث عن دوران هذه الكرة حول نفسها بما يُحدث الليل والنهار، فيقول تعالى: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) (۳). كما كتب ابن رستة (٧) (ت ٢٩٠ هـ / ٩٠٣م): «إن الله ل وضع الفلك مستديرا كاستدارة الكرة، جدير أيضًا أن نقول إن عالم الدين الإسلامي لم يقف في صف العامة، فينقل ابن حزم مثلاً إجماع أئمة المسلمين على كروية الأرض فيقول: «قالوا: إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية والعامة تقول غير ذلك، وجوابنا وبالله تعالى التوفيق : إن أحدا من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم الله لم ينكروا تكوير الأرض، ليتبين لك: من أخذ ممن؟! وإذا ما قد أثبت المسلمون كروية الأرض، فإنه ينسب إلى الخليفة العباسي المأمون ت ۲۱۸ هـ / ۸۳۳م ) أنه أوَّل مَنْ قام بمحاولة لقياس أبعاد الكرة الأرضية، فريق برئاسة سند بن علي (١)، وفريق بقيادة علي بـن عيسى الأسطر لابي (٢) (ويقال: إن رئاسة أحد الفريقين كانت لبني موسى بن شاكر) واتفق معهما أن يذهبا إلى بقعتين مختلفتين على الدائرة العظمى من محيط الأرض شرقا وغربا، ويحكي ابن خلكان (۳) أن كل فريق اختار بقعة واسعة مسطحة، ثم قاس الزاوية بين الوتر وبين النجم القطبي والأرض، ثم سار شمالاً إلى مكان زادت فيه تلك الزاوية، وقاس كل فريق المسافة بين الوتدين، وكانوا يقيسون المسافات على الأرض بحبال يشدونها على الأوتاد (٤). وعلى قياس المأمون هذا فإن محيط الأرض يبلغ ٢٠, ومن خلال مقارنة هذه القيمة مع القيمة التي قيست بواسطة الأقمار الصناعية في العصر الحديث، يتضح أن نسبة الخطأ في قياسات فريق المأمون لم تتجاوز (۳) !! وهو أمر جدير بالتقدير (٥). وكان كتاب جغرافيا بطليموس من الكتب الأساسية التي اعتمد عليها المسلمون في إرساء قواعد علمهم، وهو يكاد يكون الكتاب الوحيد الذي تناولوه في هذا الموضع من تراث السابقين مع كتاب مارينوس الصوري (١) الأقل أهمية (٢). وجعل المحيط الهندي والهادي بحيرة، كانت مواضع المدن الكثيرة التي عينها بطليموس تعيينـا جغرافيا غير مطابقة للحقيقة تماما، وبلغ مقدار غلطه في تعيين طول البحر المتوسط وحده أربعمائة فرسخ. ويكفي أن نقابل بين الأمكنة التي عينها الأغارقة والأمكنة التي عينها العرب؛ ليظهر لنا مقدار التقدم الذي تم على يد العرب (٥) . وذلك لكي يستدل المسلمون على الساعات المتساوية في بقاع الأرض المختلفة للصلاة، أي نقل الخطوط والخرائط من الكرة إلى سطح مسطح وبالعكس، وبهذا سهل الخرائط الجغرافية (١). رسم وفي الوقت الذي كان العالم لا يتخيل فيه أن الأرض كرة لم يكن هناك من يناقش مسألة دوران الكرة حول نفسها، وهم علي بن عمر الكاتبي (٢) ، وقطب الدين الشيرازي من الأندلس، فقد كان هؤلاء الثلاثة أول من أشار في التاريخ الإنساني إلى احتمال دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل يوم وليلة، وعن هؤلاء العلماء يقول سارتون: «إن أبحاث هؤلاء العلماء الثلاثة في القرن الثالث عشر لم تذهب سدى، ذلك الذي يقول فيه ديورانت «موسوعة جغرافية ضخمة جمع فيها كل المعلومات الجغرافية المعروفة في العصور الوسطى. هذا إلى ما أثبته فيها من أبعاد المدن بعضها عن بعض، وحياة مشهوري أهلها وأعمالهم، يقول جوستاف لوبون: « وكتب العرب التي انتهت إلينا في علم الجغرافيا مهمة إلى الغاية، وبالنسبة إلى الاكتشافات البحرية : فكان من أهمها اكتشاف أمريكا، والذي يُعزى إلى كريستوفر كولومبوس (۳) سنة (١٤٩٢م)؛ فمنذ أعلن المسلمون كروية الأرض، بدأت الإشارات تظهر في كتبهم إلى أنه لا بد من وجود جزر معمورة في الوجه الآخر من الكرة الأرضية لم تكتشف بعد، وقد بنيت هذه النظرية على أنه ليس من المعقول أن يكون أحد سطحي الكرة يابسة بالكامل بينما يغطي الماء الجانب الآخر؛ وقد كان البيروني أول من أشار إلى هذه الحقيقة وبَشَّر بها في كتبه، ويعضد ذلك ما ذكره العالم المؤرّخ اللغوي الأب أنستاس الكرملي (٦) من أن المسلمين قد وصلوا أمريكا من لشبونة قبل كولومبوس بفضل معرفتهم لتيار الخليج الحار٠ اكتشاف القارة السادسة في القطب الجنوبي: وإن أعجب ما في خرائط محيي الدين الريس أنها عَادَتْ لِتَشغل العلماء بعد عصر رحلات الفضاء وتصوير الأرض من الأقمار الصناعية؛ وأن بها أخطاء في الرسم حسب أحدث معلوماتهم عن الشاطئ الأمريكي، ولكنهم فوجئوا بعد ظهور أول صورة مأخوذة من القمر الصناعي لهذه المناطق أن خرائط محيي الدين الريس أدق من كل ما عرفوه وتصوروه! وأنها تطابق تماما صور القمر الصناعي، وعلى أثر ذلك عكف فريق من العلماء في وكالة الفضاء الأمريكية على إعادة دراسة الخرائط مقطعيا بعد تكبيرها عدة مرات، وهي أن محيي الدين الريس قد وضع في خرائطه القارة السادسة في القطب الجنوبي والمسماة Antarctica قبل اكتشافها بأكثر من قرنين، ويحكي الكاتب إريك فون دانيكن في كتابه (Chariots of the gods) أن خرائط محيي الدين الريس سلمت إلى الدكتور ماليري آرلنجتون أستاذ الخرائط الجغرافية في الجامعات الأمريكية، الذي قرر بعد فحص دقيق أنها تحتوي على كل الحقائق الجغرافية حول أمريكا، فطلب الاستعانة بجغرافيي الأسطول الأمريكي، وكأنما أُخِذَت من الفضاء الخارجي (۱)! وفي سنة (١٩٥٧م) عكف فريق من علماء الجغرافيا بالمراصد الكبرى والبحرية الأمريكية على مزيد من دراسة خرائط الريس، حتى بالنسبة للمناطق التي لم يُستكمل اكتشافها في عصرنا الحاضر؛ فالجبال على قارة القطب الجنوبي لم تكتشف حتى عام (۱۹۵۲م) ، بحيث إن اكتشاف وجودها على الخرائط الحديثة كان باستعمال أجهزة صدى الصوت . جهاز السبر بالصدى والجدير بالذكر هنا أيضًا هو اهتمام وكالة الفضاء الأمريكية بمواصلة دراسة هذه الخرائط ؛ حيث اتضح أنها تشبه تماما الصور المأخوذة للكرة الأرضية من مركبة فضائية أثناء مرورها فوق منطقة القارة القطبية الجنوبية،


النص الأصلي

ما زالت مؤلفات المسلمين في الجغرافيا تحتل مكانًا مهما حتى يومنا هذا؛ لأن المعلومات التي تتضمنها تزيد في علمنا بالجغرافيا التاريخية المتعلقة بالبلدان التي تناولتها هذه المؤلفات، وبالتالي تنمي بصورة غير مباشرة معلوماتنا عن تاريخ تلك البلدان؛ فتراث الإسلام في هذا الميدان له أهمية خاصة» (۱). هذه ليست كلماتنا، بل هي كلمات الباحث الغربي مارتن بلسنر. والجغرافيا كعلم بدأ قبل الإسلام، ولكن كان من نتائج ريادات العرب ومعارفهم الفلكية أن اتفق لعلم الجغرافيا تقدم مُهِم ، ولا غَرْوَ فالعرب الذين اتخذوا في البداية علــم اليونان ولا سيما بطليموس ، أدلاء لهم في علم الجغرافيا - لم يلبثوا أن فاقوا أساتذتهم فيه (۲) على حسب عادتهم» (٢) . وتلك أيضًا ليست كلماتنا، بل هي للمفكر الفرنسي الكبير جوستاف لوبون. ولعله يمكننا رسم مسيرة إبداعات وإنجازات المسلمين في علم الجغرافيا من خلال ثلاث مراحل: تصحيح الأغلاط السابقة عليهم. - الوصف المتميز للمعالم والبلدان. إضافاتهم واكتشافاتهم. وبهذا التصور يمكن القول إن مسيرة الإبداع قد بدأت بإثباتهم كروية الأرض؛ فقد كان الإغريق يعتقدون أن الأرض قرص دائري مسطح تحيط به مياه المحيطات مـن كـل جانب، وها هو هكتاتيوس ( سنة ٥٠٠ ق . م ) ، والذي يُعتبر أبا الجغرافيا الإغريقية، يرسم خرائطه على أساس القرص المستدير، وبالرغم من أن أفلاطون (سنة ٣٤٨ ق. م) أتى بأول نظرية عن كروية الأرض إلا أنه لم يلق التأييد الكافي ممن جاء بعده، بل إن الدولة الرومانية رفضت هذه الفكرة، وكتب كوزماس (COSMAS) أبو الجغرافيا الرومانية في (سنة ٥٤٧م): «إن العالم يشبه العجلة، وإن مياه المحيط حوله من كل الجهات...». وبلغ الأمر ذروته حين تبنت الكنيسة وآباؤها الأوائل، وعلى رأسهم لكتانشيوس هذه النظرية بشدة، وقالوا بأن الأرض مسطحة، وأن الجانب الآخر غير مأهول؛ وإلا سقط الناس في الفضاء (۱) !! ولما جاءت الحضارة الإسلامية، عملت على إحياء نظرية كروية الأرض وتبنتها، وربما كان من أهم أسباب ذلك أن القرآن أشار بصور مختلفة إلى كروية الأرض، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٢) . والدحية في اللغة هي الكرة، كما أن هناك آيات تتحدث عن دوران هذه الكرة حول نفسها بما يُحدث الليل والنهار، فيقول تعالى: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) (۳). . يقول ابن خرداذبه (٤) (ت) ۲۷۲ هـ / ٨٨٥م) مثلاً: «إن الأرض مُدَوَّرَةٌ كدوران الكرة، موضوعة كالمحة (٥) . في جوف البيضة» (٦). كما كتب ابن رستة (٧) (ت ٢٩٠ هـ / ٩٠٣م): «إن الله ل وضع الفلك مستديرا كاستدارة الكرة، أجوف دوارًا، والأرض مستديرة أيضًا ومصمتة في جوف الفلك» (۸) . جدير أيضًا أن نقول إن عالم الدين الإسلامي لم يقف في صف العامة، بل وجد في الإسلام ما يؤكد الحقيقة العلمية ويعارض منكريها؛ فينقل ابن حزم مثلاً إجماع أئمة المسلمين على كروية الأرض فيقول: «قالوا: إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية والعامة تقول غير ذلك، وجوابنا وبالله تعالى التوفيق : إن أحدا من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم الله لم ينكروا تكوير الأرض، ولا يُحفظ لأحد منهم في (١٥٤٣ م) بأعوام وفيات علماء المسلمين الذين سبق ذكرهم؛ ليتبين لك: من أخذ ممن؟! وإذا ما قد أثبت المسلمون كروية الأرض، فإنه ينسب إلى الخليفة العباسي المأمون ت ۲۱۸ هـ / ۸۳۳م ) أنه أوَّل مَنْ قام بمحاولة لقياس أبعاد الكرة الأرضية، حيث جاء بفريقين من علماء الفلك والجغرافيا، فريق برئاسة سند بن علي (١)، وفريق بقيادة علي بـن عيسى الأسطر لابي (٢) (ويقال: إن رئاسة أحد الفريقين كانت لبني موسى بن شاكر) واتفق معهما أن يذهبا إلى بقعتين مختلفتين على الدائرة العظمى من محيط الأرض شرقا وغربا، ثم يقيسا مقدار درجة واحدة من خطوط الطول (التي تبلغ ٣٦٠ خط طول). ويحكي ابن خلكان (۳) أن كل فريق اختار بقعة واسعة مسطحة، وركز في مكان منها وتدا، واتخذ النجم القطبي نقطة ثابتة، ثم قاس الزاوية بين الوتر وبين النجم القطبي والأرض، ثم سار شمالاً إلى مكان زادت فيه تلك الزاوية، وقاس كل فريق المسافة بين الوتدين، وكانوا يقيسون المسافات على الأرض بحبال يشدونها على الأوتاد (٤). والعجيب أن النتائج جاءت دقيقة وقريبة مما توصل إليه العلم المعاصر؛ فقد أخذ المأمون متوسط قياس الفريقين، فوجده ٥٦,٦٦ ميلاً تقريبا، والذي توصل إليه العلم المعاصر هو ٥٦,٩٣ ميلاً، وعلى قياس المأمون هذا فإن محيط الأرض يبلغ ٢٠,٤٠٠ ميل، أي حوالي : ٤١,٢٤٨ كم ، ومن خلال مقارنة هذه القيمة مع القيمة التي قيست بواسطة الأقمار الصناعية في العصر الحديث، وهي ٤٠,۰۷۰ كم، يتضح أن نسبة الخطأ في قياسات فريق المأمون لم تتجاوز (۳) !! وهو أمر جدير بالتقدير (٥). وكان كتاب جغرافيا بطليموس من الكتب الأساسية التي اعتمد عليها المسلمون في إرساء قواعد علمهم، وهو يكاد يكون الكتاب الوحيد الذي تناولوه في هذا الموضع من تراث السابقين مع كتاب مارينوس الصوري (١) الأقل أهمية (٢). وصحح المسلمون ما وقع بطليموس فيه من الأخطاء عند تحديد الأطوال والأعراض، ومن هذه الأخطاء أنه بالغ كثيرًا في تحديد طول البحر المتوسط، وبالغ في تحديد امتداد الجزء المعمور من الأرض المعروف له، وجعل المحيط الهندي والهادي بحيرة، وذلك عندما وصل جنوبي آسيا بجنوبي إفريقيا، وبالغ في تحديد حجم جزيرة سيلان، وأخطأ في تحديد وضع بحر قزوين والخليج العربي خطأ فاحشا، وقد صحح المسلمون كل هذه الأخطاء وغيرها، ثم خَلَّفوا للعالم جغرافيتهم الوصفية التي اشترك في إعطائها صورتها الأخيرة جمهرة من العلماء والرحالة طوال خمسة قرون على الأقل، فتركوا بذلك أثرًا نَسِيجَ وَحده (۳) - من آثار العصور الوسطى (٤). كانت مواضع المدن الكثيرة التي عينها بطليموس تعيينـا جغرافيا غير مطابقة للحقيقة تماما، وبلغ مقدار غلطه في تعيين طول البحر المتوسط وحده أربعمائة فرسخ. ويكفي أن نقابل بين الأمكنة التي عينها الأغارقة والأمكنة التي عينها العرب؛ ليظهر لنا مقدار التقدم الذي تم على يد العرب (٥) . ويُعد المسلمون أول من وضع خطوط الطول وخطوط العرض على خريطة الكرة الأرضية، وقد وضعها العالم أبو علي المراكشي (ت ٦٦٠ هـ / ١٢٦٢م)؛ وذلك لكي يستدل المسلمون على الساعات المتساوية في بقاع الأرض المختلفة للصلاة، كما وضع البيروني قاعدة حسابية لتسطيح الكرة؛ أي نقل الخطوط والخرائط من الكرة إلى سطح مسطح وبالعكس، وبهذا سهل الخرائط الجغرافية (١). رسم وفي الوقت الذي كان العالم لا يتخيل فيه أن الأرض كرة لم يكن هناك من يناقش مسألة دوران الكرة حول نفسها، ولكن ثلاثة من علماء المسلمين كانوا أول من ناقش فكرة دوران الأرض في القرن الثالث عشر الميلادي السابع الهجري)، وهم علي بن عمر الكاتبي (٢) ، (۲) ، وقطب الدين الشيرازي من الأندلس، وأبو الفرج علي من سوريا، فقد كان هؤلاء الثلاثة أول من أشار في التاريخ الإنساني إلى احتمال دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل يوم وليلة، وعن هؤلاء العلماء يقول سارتون: «إن أبحاث هؤلاء العلماء الثلاثة في القرن الثالث عشر لم تذهب سدى، بل كانت أحد العوامل التي أثرت في أبحاث كوبرنيكس في نظريته التي أعلنها سنة (١٥٤٣م)) (٣). لقد وضع علماء الحضارة الإسلامية في علم الجغرافية موسوعات جغرافية حقيقية، منها مثلاً كتاب ياقوت الحموي (معجم البلدان) ، ذلك الذي يقول فيه ديورانت «موسوعة جغرافية ضخمة جمع فيها كل المعلومات الجغرافية المعروفة في العصور الوسطى. ولم يكد يترك شيئًا من هذه المعلومات إلا أدخله في هذه الموسوعة؛ من فلك، وطبيعة، وعلوم آثار، والجغرافية البشرية، والتاريخ، هذا إلى ما أثبته فيها من أبعاد المدن بعضها عن بعض، وأهميتها، وحياة مشهوري أهلها وأعمالهم، ولسنا نعلم أن أحدًا أحب الأرض كما أحبها هذا العالم العظيم) (٤) . يقول جوستاف لوبون: « وكتب العرب التي انتهت إلينا في علم الجغرافيا مهمة إلى الغاية، وكان بعضها أساسا لدراسة هذا العلم في أوربا قرونا كثيرة ) . وبالنسبة إلى الاكتشافات البحرية : فكان من أهمها اكتشاف أمريكا، والذي يُعزى إلى كريستوفر كولومبوس (۳) سنة (١٤٩٢م)؛ فمنذ أعلن المسلمون كروية الأرض، وأثبتوا ذلك بالبراهين الفلكية والحسابية، بدأت الإشارات تظهر في كتبهم إلى أنه لا بد من وجود جزر معمورة في الوجه الآخر من الكرة الأرضية لم تكتشف بعد، وقد بنيت هذه النظرية على أنه ليس من المعقول أن يكون أحد سطحي الكرة يابسة بالكامل بينما يغطي الماء الجانب الآخر؛ لأنَّ هذا سيؤدي إلى اختلال توازن الأرض وانتظام دورانها (٤). وقد كان البيروني أول من أشار إلى هذه الحقيقة وبَشَّر بها في كتبه، وبناءً على هذه النظرية ابتدأت مغامرات الكشف الجغرافي التي جاء ذكرها في مخطوطات كبار الجغرافيين المسلمين ومنهم المسعودي ) في كتابه (مروج الذهب، والإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق)، (0) وأنا. ويعضد ذلك ما ذكره العالم المؤرّخ اللغوي الأب أنستاس الكرملي (٦) من أن المسلمين قد وصلوا أمريكا من لشبونة قبل كولومبوس بفضل معرفتهم لتيار الخليج الحار٠ اكتشاف القارة السادسة في القطب الجنوبي: وإن أعجب ما في خرائط محيي الدين الريس أنها عَادَتْ لِتَشغل العلماء بعد عصر رحلات الفضاء وتصوير الأرض من الأقمار الصناعية؛ فقد كان الاعتقاد الأول لدى علماء الخرائط في أمريكا وأوربا في القرن العشرين أن الخرائط غير دقيقة، وأن بها أخطاء في الرسم حسب أحدث معلوماتهم عن الشاطئ الأمريكي، ولكنهم فوجئوا بعد ظهور أول صورة مأخوذة من القمر الصناعي لهذه المناطق أن خرائط محيي الدين الريس أدق من كل ما عرفوه وتصوروه! وأنها تطابق تماما صور القمر الصناعي، وأن معلوماتهم هي التي كانت خاطئة، وعلى أثر ذلك عكف فريق من العلماء في وكالة الفضاء الأمريكية على إعادة دراسة الخرائط مقطعيا بعد تكبيرها عدة مرات، فكانت المفاجأة الثانية، وهي أن محيي الدين الريس قد وضع في خرائطه القارة السادسة في القطب الجنوبي والمسماة Antarctica قبل اكتشافها بأكثر من قرنين، كما أنه وصف جبالها ووديانها التي لم تكتشف حتى سنة (١٩٥٢م). ويحكي الكاتب إريك فون دانيكن في كتابه (Chariots of the gods) أن خرائط محيي الدين الريس سلمت إلى الدكتور ماليري آرلنجتون أستاذ الخرائط الجغرافية في الجامعات الأمريكية، الذي قرر بعد فحص دقيق أنها تحتوي على كل الحقائق الجغرافية حول أمريكا، ولكنه شك في وجود خطأ أو عدم دقة في بعض الأماكن، فطلب الاستعانة بجغرافيي الأسطول الأمريكي، الذين أظهرت دراساتهم أن خرائط بيري ريس قد نقلت الطبوغرافيا الداخلية للقارات (أي التضاريس ) بدقة مذهلة؛ فتظهر فيها الجبال والأنهار والسهول، وكأنما أُخِذَت من الفضاء الخارجي (۱)! وفي سنة (١٩٥٧م) عكف فريق من علماء الجغرافيا بالمراصد الكبرى والبحرية الأمريكية على مزيد من دراسة خرائط الريس، وبعد دراسات على أجهزة متطورة وجدوا أن صوره عن القارة السادسة Antarctica صحيحة ودقيقة بدرجة مذهلة، حتى بالنسبة للمناطق التي لم يُستكمل اكتشافها في عصرنا الحاضر؛ فالجبال على قارة القطب الجنوبي لم تكتشف حتى عام (۱۹۵۲م) ، فهي دائما مغطاة بطبقة سميكة من الثلوج؛ بحيث إن اكتشاف وجودها على الخرائط الحديثة كان باستعمال أجهزة صدى الصوت .جهاز السبر بالصدى والجدير بالذكر هنا أيضًا هو اهتمام وكالة الفضاء الأمريكية بمواصلة دراسة هذه الخرائط ؛ حيث اتضح أنها تشبه تماما الصور المأخوذة للكرة الأرضية من مركبة فضائية أثناء مرورها فوق منطقة القارة القطبية الجنوبية، وهي صور تغطي مسافة (خمسة آلاف ميل)، فوجدوا تشابها مذهلاً بين صور القمر الصناعي وبين خريطة بيري ريس


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Future Research...

Future Research The use of mechanochemistry in carbohydrate chemistry is currently a field in whic...

تم ابتكار خط ال...

تم ابتكار خط الرقعة العربي في الدولة العثمانية عام 1863 م، ويتميز بوضوح القراءة وسرعة الكتابة وقلة ا...

The strategy us...

The strategy used in this study depends on serially interrogating sensors to study NBE stability thr...

من ناحية أخرى، ...

من ناحية أخرى، يقوم المهندسون المعماريون الخارجيون بحل المشكلات الهيكلية في تصميمات المباني باستخدام...

القيم: هي مجموع...

القيم: هي مجموعة المعتقدات والمبادىء التي يحملها الفرد أو الجماعة أو المجتمع وتوجه سلوكه ويحدد من خ...

السلام عليكم ا...

السلام عليكم الله إجازيكم بخير أعيدو نشر هذه المعلومات مرفوقة بهذا الفيديو هذه المرأة تنحدر من دو...

توصل الإغريق ال...

توصل الإغريق القدماء إلى بعض النظريات في مجال الضوء، وفتحت آفاق دراسة، لكنها كانت في الأغلب نظرية، و...

الموارد المائية...

الموارد المائية في العالم العربي: إن قضية المياه في العالم العربي ليست مجرد مشكلة نقص كمي في عرض الم...

Usually, a lot ...

Usually, a lot of activity occurs on the servers of the facilities and this means that a large amoun...

أولاً : أنواع ا...

أولاً : أنواع التفتيش البيئي (۱) التفتيش الدوري: يتم تنفيذه وفقاً للخطط السنوية للتفتيش البيئي بهدف ...

King Lear : Lea...

King Lear : Lear's basic flaw at the beginning of the play is that he values appearances above reali...

الثواب (المكافأ...

الثواب (المكافأة): يشجع الإسلام على استخدام الثواب كطريقة فعّالة في تعزيز السلوك الإيجابي للأطفال. ي...