لخّصلي

سابعا : علم الكيمياء :

وهو العلم الذي أطلق عليه العرب اسم علم الصنعة". وقد اهتم به العرب اهتماما واسعا نتيجة الاعتقاد الذي كان سائدا عند العلماء في ذلك العصر بإمكانية تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة كالذهب والفضة. هذا فضلاً عن أن ازدهار الطب في الدولة العربية الإسلامية دفع معه علم الكيمياء إلى الازدهار، ولا سيما أن عددًا من الأطباء، كالرازي والزهراوي، أخذوا يستخدمون المواد الكيميائية

في العلاج الطبي (62).

وكان أول من اشتغل بالكيمياء من المسلمين، هو خالد بن يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان (ت 85هـ)، حيث ترجم له أحد الرهبان، ويدعى استيفن الاسكندراني، عددًا من الكتب المتعلقة بالكيمياء من الإغريقية إلى العربية (63). ولكن خليطاً من الخرافات والأوهام والرموز حتى ذلك الوقت الكيمياء كانت

والمعلومات النظرية (64).

في الواقع لم تصبح الكيمياء علما مستقلاً له قواعده إلا على يد جابر بن

حیان (ت 195هـ)، والذي يقول عنه ابن خلدون (65) بأنه "إمام علم الكيمياء، حتى أنهم يقولون عن الكيمياء بأنها علم جابر". وكان جابر قد ولد في الكوفة، ثم ذهب إلى بغداد، حيث حظي بمكانة رفيعة في عهد الرشيد، واتصل بالبرامكة. وكان أستاذه في الكيمياء جعفر الصادق الذي يرد اسمه كثيرًا في مؤلفات جابر نفسه. كما أفاد جابر كثيرًا مما ترجم من الإغريقية إلى العربية في ميدان الكيمياء (66).

ولعل من أهم إنجازات جابر بن حيان في ميدان الكيمياء (67):

-1 وضع جابر القواعد العلمية لعلم الكيمياء، كما وضع منهجه القائم على التجربة والمشاهدة والقياس؛ أي أنه كان أول من أدخل التجربة العملية

في منهج البحث العلمي.

-183-

-2 نجح جابر في تحضير العديد من مركبات الأحماض التي لم تكن معروفة قبل ذلك مثل تحضير ماء الفضة حامض النيتريك، وزيت

-3 نجح جابر في القيام ببعض العمليات التي لا تزال تستعمل في عصرنا

-4 نجح جابر في استخدام ثاني أكسد المنغنيز في صناعة الزجاج، وفي فصل الذهب عن الفضة بواسطة الأحماض.

-5

-6 كان جابر بن حيان أول من بحث في السموم، حيث ألف كتابا بعنوان "السموم ودفع مضارها (71).

الزاج (حامض الكبريتيك)، وماء الذهب، والراسب الأحمر (أكسيد

الزئبق)، ونترات الفضة (حجر جهنم)، وكربونات الصوديوم، وملح البارود ( كربونات البوتاسيوم ) ، والزاج الأخضر ( كبريتات الحديد ) (68) ، وغيرها.

هذا مثل: التقطير، والتكليس، والتبلور، والترشيح، والتصعيد

والتذويب (69).

أفادت تجارب جابر وبحوثه في ازدهار الكيمياء التطبيقية، حيث تمكن العلماء المسلمون من استخدام الكيمياء في بعض الصناعات؛ مثل صناعة العطور، والصابون، والورق، والأصبغة، ودباغة الجلود (70)

وغيرها.

وعلى الرغم من ظهور عدد كبير من علماء الكيمياء بعد جابر بن حيان إلا

أن الأخير يُعد المؤسس الحقيقي لمدرسة الكيمياء العربية الإسلامية، بل يجمع المؤرخون بأنه كان أكبر شخصية في تاريخ الكيمياء على الصعيد العالمي آنذاك، ويقول ريسلر إن اسم جابر بالنسبة إلى الكيمياء شبيه باسم أبقراط بالنسبة إلى . )72( الطب