لخّصلي

يميز البيئة في بداية الالفية الثالثة اتجاهان بارزان الاول هو الخطر الذي يتهدد نظام البيئة بفعل الاختلال العظيم في الانتاجية وفي المواد والخدمات و الثاني هو التغير المتسارع الذي يشهده العالم حيث الإدارة البيئية قاصرة عن مواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وما تحققه التكنولوجيا الحديثة و السياسات الجديدة من مكاسب بيئية يتجاوزها النمو السكاني ومشاريع التنمية . ان القضايا البيئية التي قد تصبح اولويات في القرن الواحد والعشرين يمكن تصنيفها في ثلاث فئات هي :الأحداث غير المنتظرة والاكتشافات العلمية والتحولات المفاجئة للقضايا القديمة القضايا الحالية المعروفة التي كانت الاستجابة لها كافية. ويبدو انا المشاكل البيئية في القرن المقبل ستنشأ من تفاقم المشاكل الحالية التي تلقى الآن عناية سياسية وافية. يتفق معظم العلماء على ان القضيتين الاكثر إلحاحا في القرن الواحد والعشرين ستوكونان تغير المناخ وكمية الموارد المائية ونوعيتها. يليها زوال الغابات والتصحر والمشاكل الناشئة عن سوء التوجه والادارة على المستويين الوطني والعالمي. وتحظى باهتمام ملحوظ قضيتان اجتماعيتان هما النمو السكاني وتغير القيم الاجتماعية كما يركز علماء كثيرون على اهمية العلاقات المتداخلة بين تغير المناخ والمشاكل البيئية الاخرى. التركيز على العلاقات المتداخلة ليس مفاجئا فقد تبين تكرارا ان السياسات المتخذة افراديا لاتسفر دائما عن النتائج المبتغاة فبينما تسعى جاهدة الى حل مشكلة معينة تتفاقم مشاكل افرادية اخرى ومن امثلة ذلك ضرورة التخطيط المتكامل لاستخدامات الاراضي والمياه لضمان الأمن الغذائي والمائي. وبما ان السياسات البيئية الحالية لاتؤدي الى مستقبل دائم سواءا اكان على المستوى الاقليمي ام على المستوى العالمي فلا بد من وضع سياسات بديلة من لانها اذا نفذت على الفور وتمت متابعتها بفاعلية ان تضع العالم على مسار اكثر ديمومة. هناك حاجة واضحة ال سياسات متكاملة ففي امريكا اللاتينية مثلا تم وضع تصور واسع يجمع بين القطاعات لتحقيق تنمية مستمرة للغابات وفي اوروبا وآسيا الوسطى وضعت استراتيجيات مشتركة لمعالجة التحمض وتلوث الهواء في المدن وتغير المناخ يمكن أن تؤدي الى استغلال امثل لفرص التوفير في الطاقة والتحول الى المقود النظيف. على الرغم من النجاحات الكثيرة التي تحققت في بعض القضايا البيئية يبدو ان الوقت يمضي سريعا من غير ان تتخذ مبادرات سياسية كبرى للتحول الى نظام دائم. وثمة حالات طارئة ملحة على اصعدة كثيرة فيبدو من المستبعد مثلا ان تكون دورة المياه العالمية قادرة على تلبية الاحتياجات في العقود المقبلة وقد ادى تدهور الاراضي الى التقليل من خصوبة التربة وبلغ دمار الغابات الاستوائية حدا تتعذر معه المعالجة وستتعاقب اجيال كثيرة قبل تعويض الغابات المفقودة واختفت انواع نباتية وحيوانية كثيرة او حكم عليها بالانقراض بسبب بطء استجابة البيئة وصانعي السياسة على حد سواء وقد فات زمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الذي كان كوكبنا يزخر به يوما وتاخد مشاكل تلوث الهواء ابعادا مفجعة في كثير من المدن الكبرى وربما فات اوان منع تسخين جو الارض نتيجة ازدياد انبعاث الغازات الدفيئة. لايمكن حل المسائل البيئية الا بالعمل التعاوني بين الاطراف المعنيين جميعا أفرادا ومنظمات اهلية وصناعات وادارات محلية وحكومات ومنظمات دولية ومادام هذا العمل التعاوني الهادف غائبا فسيبقى عالم القرن الواحد والعشرين متخبطا في دوامة بيئية لاقرار لها