لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (49%)

فكل إعلام لا بد أن تكون له غاية أو هدف محدد يسعى للوصول إليه، لذلك تتخذ معظم الدول من وسائل الإعلام وسيلة لتحقيق أهدافها التي تسعى إليها، فالإعلام يؤسس لتلبية احتياجات وتحقيق أهداف وطموحات محددة للمجتمع الذي يصدر عنه، غير أن ذلك يكون من خلال إحساس القائمين على الصحف بأهمية تناوله وفق تحديد الأهداف وترتيب الأولويات في ضوء الموازنة بين الإمكانات والواجبات وتتحدد على أساسها عملية النشر من عدمه، وأن تكون متجانسة مع القيم الفكرية والاجتماعية لمجتمع الصحيفة. وهناك من يُرجع فشل الاتصال إلى عدم القدرة على ربط المادة التي يقدمها بالأهداف، أو لسوء فهم الفرد نفسه لتلك الأهداف، لأن الاتصال يهدف في النهاية إلى تحقيق التأثير في الآخرين تعريف الأهداف: ويذكر سعيد الصيني أن "الأهداف. هي الخطة التي تحدد المسؤوليات والواجبات وتختلف عن الوظائف في أن الأهداف والواجبات تمثلها الرغبة التي نرسمها لعمل محدد، عرف سعيد الصيني الوظيفة " بأنها الانعكاسات الظاهرة الملموسة في "() الواقع للأهداف التي قد تكون كامنة في الذهن أو تكون معلنة. أما الوظيفة عند سيد ساداتي فهي "ما يلقى على أجهزة الإعلام من مهام وواجبات ومسؤوليات تشكل في مجموعها نظاماً إعلامياً متكاملاً له منطلقاته وأهدافه وتوجهاته ووسائله، أو مراقبة البيئة وربط الاستجابة بها ونقل الثقافة من جيل إلى جيل فالهدف جهد ذهني لا يمكن إدراكه إلا لصاحب الهدف نفسه، إذ إن الوظيفة رصد لما تقدمه وسائل الإعلام في الواقع، فهي آليات وميكانيكيات لتحقيق الأهداف. إضافة إلى ذلك فإن معد التحقيق الصحفي عندما يختار موضوعاً أو يعرض مشكلة أو قضية ما، في جانب منه، إلى سياسة الصحيفة، هل هي مصادر بشرية أم وثائقية؟ لا توجد - حسب اطلاع المؤلف على الدراسات الإعلامية أهداف محددة للإعلام عامة وللصحف أو للتحقيق الصحفي بشكل خاص، أن للتحقيق أهدافاً متعددة لخصتها مؤسسة (Thomson) فيما يلي في حين يرى فاروق أبو زيد أن أهداف التحقيق الصحفي تتمثل في الآتي: ١ - إقناع القارئ بأهمية وخطورة القضية أو المشكلة المطروحة. ويذكر جمال عبدالعظيم ثلاثة أهداف للتحقيق الصحفي تتلخص في الآتي : أو التنبيه على ممارسات معينة. ويكون ذلك من خلال عرض التحقيق الصحفي لأوضاع سلبية والمطالبة باتخاذ قرارات أو تبني مواقف عملية محددة بشأن قضية أو مشكلة ما، فالتحقيق لا يكتفي بالكشف أو التنبيه فقط، وإنما يطالب باتخاذ موقف تجاه ما يطرح في متنه. فالتحقيق يهدف هنا إلى تأييد موقف أو رأي أو قرار أو رفضه ومهاجمته، والمطالبة باتخاذ قرارات ومواقف عكس ما اتخذته السلطة السياسية، وترى أسماء حافظ أن هدف التحقيق الصحفي العام هو تحقيق المصلحة العامة، وأن تحقيق هذا الهدف مرتبط بتجاوب الرأي العام مع ما ينتهي إليه التحقيق من نتائج وحلول ، وهي الإعلام والإخبار والشرح والتفسير والتعليق والتثقيف والتوعية والتعليم والتسلية ، والترفيه وتقديم الفكر الراقي، وتوثيق الروابط الاجتماعية، وإذا نظرنا إلى أهداف التحقيق المذكورة آنفاً مثل التسلية والإمتاع والشرح والتحليل نجد أن بعضها يصنف من قبل العديد من الدراسات الإعلامية على أنها وظائف وليست أهدافاً، كما أن الإقناع يصنف أحياناً ضمن الأهداف، ونخلص من ذلك إلى أنه لا يوجد في الدراسات الإعلامية تحديد دقيق لأهداف الصحافة، ٣- النقد والتقويم. :أولاً: الشرح والتحليل يعد الشرح والتحليل في المجال الصحفي على جانب كبير من الأهمية في التعرف على خلفيات القضايا والموضوعات، كما أن له دوراً كبيراً في التأثير وتكوين الآراء حولها، وذلك لمقدرة هذا الفن على إشباع حاجات القراء في معرفة الإجابة عن تساؤلاتهم المختلفة. ومع أن الصحافة تعيش اليوم تحدياً كبيراً مع التلفزيون والوسائط الإلكترونية لعجزها عن مجاراة هذه الوسائل في مجال نقل الأحداث حال وقوعها، إلا أن الصحف نجحت بشكل ملحوظ، في استخدام شكل مهم يغطي الأحداث عبر الشرح والتفسير وتوضيح الحقائق من خلال تحقيق صحفي مفصل يرضي فضول القارئ الذي سمع أو شاهد الحدث. وعلى ضوء ماسبق يرى محمود أدهم أن ما وراء الخبر وما يمكن أن يطلق عليه تعزيز الخبر وشرحه وتفسيره بعد نشره وتأكيد ذلك النشر يتجه ويرتبط ارتباطاً قوياً بفنين تحريريين قبل ارتباطهما بغيرهما وهما فن التحقيق الصحفي وفن المقال الصحفي، ولكن التحقيق يقف في المقدمة من اهتمام الصحافة بما وراء الخبر لأن للتحقيق من الخصائص التحريرية ومن المادة المعلوماتية والواقعية المهمة وكذا من مادة الرأي المتجمعة، بالإضافة إلى طرقه الفنية ومن الصور المصاحبة له ما يجعله محل اهتمام العدد الأكبر من القراء، بعد أن تكون الإذاعة أو التلفاز قد قدمت الخبر نفسه وبذلك يكون اعتماد الصحيفة عليه أكثر من اعتماد غيرها من وسائل النشر، وعلى ذلك فإنه بالرغم من أهمية المعلومات وأنها تعتبر الركيزة التي يقوم على أساسها الأفراد بصياغة قراراتهم ومواقفهم، فالصحف لابد أن تقوم بتحليل الأحداث والمشكلات وتفسير الأنباء والكشف عن أبعادها الاجتماعية والاقتصادية ودلالاتها السياسية، إذ إن كثيراً من القضايا والأخبار والأحداث لا يمكن فهمها دون معرفة خلفياتها وتطوراتها. وفي هذا الصدد يرى منير حجاب " أن قارئ اليوم أصبح غارقاً في بحر متلاطم من المعلومات، لذلك فإن وسائل الإعلام تحتاج إلى أن توسع من دائرة اهتمامها بالرأي والتعليق والتفسير، وأن تربط بين القطع المتناثرة من الأخبار والمعلومات وتضعها في إطار منطقي مفهوم يساعد الفرد على تكوين الرأي الصائب واتخاذ الموقف المناسب في عالم تتصارع فيه التيارات والاتجاهات، أما محمد البادي فيرى أن للشرح والتحليل جوانب سلبية على القراء تتمثل في زيادة التماثل أو التطابق بين أفراد المجتمع وأنها تقلل من فرص إحداث التغيير الاجتماعي، وأنها قد تضعف من قدرة الأفراد على النقد وبالتالي زيادة شعورهم السلبي بالاعتماد على الغير وما يراه الدكتور البادي من تأثير الشرح والتفسير) على قراء التحقيق الصحفي ومن ثَمَّ سلبيتهما من خلال تقليلهما لفرص إحداث التغيير الاجتماعي وإضعاف قدرتهم على النقد غير الدقيق، نظرا لما يتوافر لهذا الشكل التحريري من إمكانات لا تتحقق لسواه، سواء من خلال حيوية الموضوع الذي يغطيه، الأمر الذي يسمح باجتذاب العديد من المشاركين الذين يتولون شرح أبعاد القضية وتوضيحها أو المشكلة المطروحة وعرض كافة وجهات النظر ووصف القضية أو المشكلة أو الحدث من كافة جوانبه وهو ما يجعل الجمهور يرى الحقيقة من جميع زواياها، فشرح القضية بدقة واكتمال يمكن على الأقل، ثانيا: التنبيه: كما أنها تحيط الجمهور علما بما يحدث من وقائع وأحداث، وقد أصبح الإنسان في عصرنا الحاضر أكثر اهتماماً بهذا الجانب، إما لدرء أخطاء أو لتجنب حوادث أو لجلب منفعة . وتقوم الصحف من خلال التحقيق الصحفي بنشر وتحليل المعلومات والآراء التي يحتاجها القراء وتوظيفها لبلورة ما يجري في المجتمع من مشكلات وفهمها وإدراكها على مختلف المستويات الشخصية والاجتماعية وهو ما يساعد المتلقي على تحديد استجابته وموقفه من القضايا المعروضة في متن التحقيق والتصرف إزاءها عن علم ومعرفة. وعلى ذلك تسعى الصحف - من خلال التحقيق الصحفي- إلى تنبيه المسؤولين والجمهور إلى الأوضاع السلبية أو الأخطار التي تواجه المجتمع، فهو يمثل عونا لها في تسليط الضوء على أي شكل فاسد أو خطر يمكن أن يحدث. وعليه فإن مصلحة المجتمع من أهم الأمور التي لابد أن يراعيها معد التحقيق وأن يعمل على تحقيقها، وهي تتمثل في الحفاظ على الدين وحمايته، وعلى النفس والعقل والعرض والمال؛ فمن خلال تركيز التحقيق الصحفي على قضايا معينة، ثالثاً: النقد والتقويم: يعد التحقيق الصحفي من أهم الوسائل الصحفية المؤهلة لممارسة النقد في ظل تفاعل الصحافة مع قضايا وهموم ومشكلات المجتمع، فالصحف من خلال طرحها لعدد من القضايا والمشكلات تسهم إلى حد كبير، فيصبح قوة كبيرة في بناء المجتمع وتطويره والنهوض به في مختلف المجالات، فكل مجتمع ولاسيما المجتمع النامي يحتاج إلى تعبئة جهوده الوطنية من أجل التنمية، وكشف أشكال الفساد والمحاباة والمحسوبية وعدم الكفاءة والفشل في إدارة المشاريع وتنفيذها، فالنقد وطرح الحلول الناجحة الذي يقوم به التحقيق الصحفي وظيفة أساسية لتقدم المجتمع ورقيه. وهي عملية أصبحت وسائل الإعلام الجماهيرية وفي مقدمتها الصحافة وبخاصة في الآونة الأخيرة، من خلال الأشكال التحريرية التي تقدمها، ومن ضمنها التحقيق الصحفي كما تذكر بعض الدراسات لها دور مهم في وقاية المجتمعات من الانحراف وشروره بما تملكه من إمكانات متعددة إذا أحسن استخدامها فبمقدورها أن تؤثر إيجابيا في هذا المجال، وأن تقدم وجهات النظر المختلفة بعكس ما يراه البعض من أن مهمة الصحافة الأساسية هي تقديم الأخبار وتحليل الأحداث وشرحها وتفسيرها، فالصحيفة الجيدة تكرس أفضل جهودها لتحقيق هذه الغاية. وعلى ضوء ذلك، فالصحيفة التي تفشل في تحقيق أو أداء هذا الدور يمكن أن تحدث آثاراً سيئة في المجتمع من جانبين : الجانب الأول هو الشعور بالإحباط النفسي في الوجدان العام للمجتمع، أما الجانب الثاني فهو دفع القراء إلى الإعراض وعدم التجاوب واللامبالاة ثم البحث بعد ذلك عن مصادر صحفية بديلة تحقق لهم هذا الدور، إن تحديد الأخطاء ومعالجتها بدلاً من السكوت عنها، أمر بالغ الأهمية في الحياة الاجتماعية، وأن يكون النقد المقدم عبر التحقيقات الصحفية بناءً وبعيداً عن الاعتبارات الشخصية والذاتية وبأسلوب حكيم يبني ولا يهدم. وهو من الأهداف التي يجب أن تهتم بها الصحف من خلال التحقيقات الصحفية، والصحف بذلك تلعب دوراً مسانداً للحكومة في تأدية دورها على أكمل وجه، كما أنها تلعب دوراً أساسياً للدفاع عن مصالح الناس. وعليه فإن قيام التحقيق الصحفي بهذا الهدف يؤدي إلى توفير الحقائق اللازمة والهادفة من أجل توضيح مختلف وجهات النظر حول القضايا المطروحة في متن التحقيق وتوفير الأدلة اللازمة والمطلوبة لدعم الاهتمام والمشاركة الشعبية على نحو أفضل بالنسبة لكل الأمور التي تهم المجتمع محليا وقومياً. فواجب الصحف تجاه القراء هو إطلاعهم على الأمور المهمة التي تمس حياتهم ومصالحهم وأن تكون بمثابة الرقيب على الممارسات الخاطئة، فالمشكلات التي تعترض المجتمع تتطلب مواجهة حاسمة من قبل مؤسسات المجتمع ومن ضمنها الصحافة التي ينبغي عليها أن تتعرض لها بالحوار والرأي والمناقشة والعرض والتحليل لتوفر إحساساً لفئات المجتمع بها، مما يعني أن هذا سيؤدي إلى مواقف إيجابية يكون لها تأثيرها في توجيه سلوك الناس وتحويل توجهاتهم وسلوكهم نحو البحث عن حلول لهذه المشكلات. رابعاً: النهوض الثقافي: فالتعريف بالتراث وبالآداب والفنون والمعارض جميعها معطيات ثقافية تجد الصحف نفسها ملزمة بتقديمها لجمهورها، أو لخدمة توجهات هذا الجمهور والاحتفاظ به باعتبار أن الثقافة حاجة يسعى إليها الناس ويرتبطون بمن يقدمها لهم. حيث يتم بذلك المحافظة على الإرث الثقافي والحضاري للمجتمع، والتحقيق الصحفي بهذا يعد من أقدر أشكال التحرير الصحفي على طرح القضايا الثقافية من جميع جوانبها. وتثبيت القيم والمبادئ والاتجاهات، وتطبيع الناس على عادات وتقاليد المجتمع، مما يهيئ الفرد للتعامل مع الناس والتكيف مع البيئة. ويعمل التحقيق الصحفي من خلال هذا الهدف على التعبير عن الثقافة السائدة في المجتمع والكشف عن الثقافات الفرعية والثقافات النامية ودعم القيم الشائعة والمتمثلة في قيم التواصل الاجتماعي وما يرتبط بها من عادات وعلاقات اجتماعية بين مختلف فئات المجتمع، وكذلك قيم التواصل الفكري عن طريق اللغة والكلمة وعادات المثقفين والمتعلمين في التواصل مع بعضهم ومع غيرهم، وإضافة لما سبق يعمل التثقيف من خلال التحقيق على نقل التراث الثقافي من جيل إلى آخر، خامساً: التسلية والترفيه تعد التسلية والترفيه من الأهداف ذات الأهمية في وسائل الإعلام ومنها بطبيعة الحال الصحافة بما في ذلك التحقيق الصحفي؛ خصوصاً في ظل تعقد الحياة والضغوط الكبيرة التي يعيشها الإنسان، من خلال ذلك على الابتعاد بالإنسان عن هذه الضغوط، من خلال تقديم جوانب مسلية وممتعة في الحياة، بعيداً عن اهتماماته الأخرى، أو المتعلقة بنجوم المجتمع.


النص الأصلي

الفصل الرابع
أهداف التحقيق الصحفي ووظائفه
تؤدي وسائل الإعلام دوراً كبيراً وحيوياً في حياة الناس، حيث ينظرون إليها باعتبار أنها تعكس العالم المحيط بهم، فكل إعلام لا بد أن تكون له غاية أو هدف محدد يسعى للوصول إليه، لذلك تتخذ معظم الدول من وسائل الإعلام وسيلة لتحقيق أهدافها التي تسعى إليها، فالإعلام يؤسس لتلبية احتياجات وتحقيق أهداف وطموحات محددة للمجتمع الذي يصدر عنه، كما يسهم في إيصال رسائل صناع القرار في ضوء تلك الاحتياجات والرغبات، غير أن ذلك يكون من خلال إحساس القائمين على الصحف بأهمية تناوله وفق تحديد الأهداف وترتيب الأولويات في ضوء الموازنة بين الإمكانات والواجبات
وتعد عملية تحديد الأهداف في الصحف من المراحل المتقدمة التي ترسم في ضوئها السياسات، وتتحدد على أساسها عملية النشر من عدمه، ومن ثُمَّ فإن ذلك يؤثر، بشكل مباشر، في خطوات تنفيذ سياسة الصحيفة، فالأهداف لا بد أن تكون واضحة وواقعية لدى الصحيفة بحيث تصبح قابلة للتنفيذ، وأن تكون متجانسة مع القيم الفكرية والاجتماعية لمجتمع الصحيفة.
وأوضحت بعض الدراسات الإعلامية أن الحكم على نجاح القائم بالاتصال يتم من خلال نجاحه في تحقيق أهدافه التي يسعى إليها، وهناك من يُرجع فشل الاتصال إلى عدم القدرة على ربط المادة التي يقدمها بالأهداف، أو لسوء فهم الفرد نفسه لتلك الأهداف، ومن ثم تفسير الاستجابة التي يهدف إليها المصدر بشكل خاطئ، لأن الاتصال يهدف في النهاية إلى تحقيق التأثير في الآخرين
تعريف الأهداف:
تعرف الأهداف بأنها "أغراض يرغبها الإنسان وينظم سلوكه من أجل تحقيقها.
وتعرف أيضاً بأنها "الحالات المرغوبة التي تسعى المنظمة [أو الأفراد ] إلى تحقيقها.
ويذكر سعيد الصيني أن "الأهداف. هي الخطة التي تحدد المسؤوليات والواجبات وتختلف عن الوظائف في أن الأهداف والواجبات تمثلها الرغبة التي نرسمها لعمل محدد، ويكفي أن تكون في الذهن وربما لم يتم تنفيذها بعد أو لن يتم تنفيذها، أما الوظائف فهي رصد لما هو موجود في الواقع ، أو ربما أنها لم تكن موجودة في الخطة بتاتاً.
تعريف الوظيفة
عرف سعيد الصيني الوظيفة " بأنها الانعكاسات الظاهرة الملموسة في "() الواقع للأهداف التي قد تكون كامنة في الذهن أو تكون معلنة.
أما الوظيفة عند سيد ساداتي فهي "ما يلقى على أجهزة الإعلام من مهام وواجبات ومسؤوليات تشكل في مجموعها نظاماً إعلامياً متكاملاً له منطلقاته وأهدافه وتوجهاته ووسائله، وهي في جملتها لا تخرج عن إيصال المعلومات والحقائق والآراء والمواقف والعواطف والاتجاهات إلى الناس تنويراً وإرشاداً وتوجيهاً، أو مراقبة البيئة وربط الاستجابة بها ونقل الثقافة من جيل إلى جيل


وإذا تمعنا في التعريفين السابقين نجد أن التعريف الثاني (الساداتي) يعتبر أكثر عمومية من الأول، حيث يؤكد على أن الوظائف الإعلامية هي الواجبات والمهام والمسؤوليات التي ينبغي على وسائل الإعلام أن تقوم بها، أما تعريف (الصيني) فيفرق بين الأهداف والوظائف، فالهدف جهد ذهني لا يمكن إدراكه إلا لصاحب الهدف نفسه، أما الوظيفة فهي جهد عملي يمكن إدراكه ورصده من قبل الآخرين.
وبناءً على ذلك فإنه يمكن إيضاح المقصود بشكل مفصل من خلال الفصل بين الوظائف والأهداف، إذ إن الوظيفة رصد لما تقدمه وسائل الإعلام في الواقع، فهي آليات وميكانيكيات لتحقيق الأهداف.
وحيث إن الوظائف هي الوسائل التي يتم من خلالها تحقيق الأهداف التي تسعى الوسيلة أو القائم بالاتصال إلى تحقيقها، فإن المؤلف سوف يقصر حديثه في هذا الفصل على أهداف التحقيق الصحفي باعتبار أن هذه الأهداف سوف تؤدي إلى التعريف بالوظائف التي يسعى القائم بالاتصال من خلالها إلى تحقيق تلك الأهداف.
إضافة إلى ذلك فإن معد التحقيق الصحفي عندما يختار موضوعاً أو يعرض مشكلة أو قضية ما، فإنه يحدد أهدافه من عرض أو مواجهة هذه المشكلة، فكل صحفي له أهداف تختلف باختلاف الهدف من معالجة التحقيق الصحفي، وهذا يعود، في جانب منه، إلى سياسة الصحيفة، وإلى طبيعة الجمهور الموجه إليه التحقيق، فبناءً على الهدف الذي يضعه معد التحقيق يحدد محاور التحقيق والمصادر التي سوف يستقي منها معلوماته، هل هي مصادر بشرية أم وثائقية؟
أهداف التحقيق الصحفي:
لا توجد - حسب اطلاع المؤلف على الدراسات الإعلامية أهداف محددة للإعلام عامة وللصحف أو للتحقيق الصحفي بشكل خاص، إذ إن الأخير يمثل أحد فنون التحرير الصحفي الذي لم تحدد له أهداف تفصيلية محددة، إنما توجد إشارات في بعض الدراسات التي تناولت فنون التحرير الصحفي لتلك الأهداف بشكل مختصر، حيث يرى هاني محمد علي، أن للتحقيق أهدافاً متعددة لخصتها مؤسسة (Thomson) فيما يلي
۱ - شرح وتحليل الموضوعات والكشف عن أبعادها ودلالاتها.
۲ - عرض موضوعات تهم الرأي العام.
3 الكشف عن الفساد.
٤ - توقع مسار الموضوع في المستقبل.
ه - التسلية والإمتاع.
في حين يرى فاروق أبو زيد أن أهداف التحقيق الصحفي تتمثل في الآتي:
١ - إقناع القارئ بأهمية وخطورة القضية أو المشكلة المطروحة.
۲ - كسب الرأي العام لصالح القضية المطروحة.
ويذكر جمال عبدالعظيم ثلاثة أهداف للتحقيق الصحفي تتلخص في
الآتي :
١ - التنبيه
وذلك من خلال سعي التحقيق الصحفي إلى تنبيه المسؤولين والرأي العام، وتركيز اهتمامهم على أوضاع سلبية معينة، كالتنبيه لخطورة استمرار فساد مالي أو إداري أو أخلاقي في جهة ما، أو التنبيه على ممارسات معينة.
۲ - المطالبة باتخاذ إجراءات:
ويكون ذلك من خلال عرض التحقيق الصحفي لأوضاع سلبية والمطالبة باتخاذ قرارات أو تبني مواقف عملية محددة بشأن قضية أو مشكلة ما، فالتحقيق لا يكتفي بالكشف أو التنبيه فقط، وإنما يطالب باتخاذ موقف تجاه ما يطرح في متنه.
3 - الدفاع عن موقف جماعة سياسية معينة:
وذلك من خلال تعبير التحقيق الصحفي عن موقف الجماعة السياسية الذي تنتمي إليه الجريدة، فالتحقيق يهدف هنا إلى تأييد موقف أو رأي أو قرار أو رفضه ومهاجمته، والمطالبة باتخاذ قرارات ومواقف عكس ما اتخذته السلطة السياسية، وهذا النوع من الأهداف شائع في الصحف السياسية التي تعبر عن الأحزاب والحكومات.
وترى أسماء حافظ أن هدف التحقيق الصحفي العام هو تحقيق المصلحة العامة، وأن تحقيق هذا الهدف مرتبط بتجاوب الرأي العام مع ما ينتهي إليه التحقيق من نتائج وحلول ، وهذا يؤكد الدور الذي يؤديه التحقيق في عقل وفكر وسلوك القراء.
وبعد أن تذكر أسماء حافظ أن هدف التحقيق الصحفي الأساس هو تحقيق المصلحة العامة تعود وتذكر أن التحقيق يؤدي مجموعة فرعية من الأهداف والوظائف في نفس الوقت، وهي الإعلام والإخبار والشرح والتفسير والتعليق والتثقيف والتوعية والتعليم والتسلية ،والترفيه وتقديم الفكر الراقي، ودعم القيم والمبادئ، وتوثيق الروابط الاجتماعية، والمساهمة في متطلبات التنمية والتطوير والتحضر الاجتماعي
ومع أهمية هذا الطرح إلا أنه لم يقدم تحديداً دقيقاً لماهية أهداف التحقيق ولا لوظائفه التي ينبغي أن يقوم بها.
وإذا نظرنا إلى أهداف التحقيق المذكورة آنفاً مثل التسلية والإمتاع والشرح والتحليل نجد أن بعضها يصنف من قبل العديد من الدراسات الإعلامية على أنها وظائف وليست أهدافاً، كما أن الإقناع يصنف أحياناً ضمن الأهداف، وأحياناً ضمن الوظائف، فلا توجد قاعدة يمكن الاستناد إليها في تحديد الأهداف والوظائف.
ونخلص من ذلك إلى أنه لا يوجد في الدراسات الإعلامية تحديد دقيق لأهداف الصحافة، ومن ثُمَّ أهداف التحقيق الصحفي فما يعتبر أهدافاً عند البعض يعتبره البعض الآخر وظيفة والعكس.
وانطلاقاً مما تقدم فإن المؤلف يرى أن التحقيق الصحفي بوصفه فناً من فنون التحرير الصحفي لا يخرج في وظائفه وأهدافه عن وظائف الصحافة الأساسية وأهدافها، إلا أن التحقيق الصحفي يقوم بها بكفاءة وفاعلية أكبر،
ومن أهم هذه الأهداف التي سنتناولها بالتفصيل :
1 الشرح والتحليل.
٢ - التنبيه.
٣- النقد والتقويم.
٤ النهوض الثقافي.
ه - التسلية والترفيه


:أولاً: الشرح والتحليل
يعد الشرح والتحليل في المجال الصحفي على جانب كبير من الأهمية في التعرف على خلفيات القضايا والموضوعات، كما أن له دوراً كبيراً في التأثير وتكوين الآراء حولها، لذا تقوم الصحف بنشر الأخبار وطرح كثير من القضايا والموضوعات التي تشغل اهتمام الناس، وكثيراً ما تكون هذه القضايا متعددة ومتنوعة وتتناول كل مجالات الأنشطة الإنسانية، ونظراً لأن ذلك يحتاج إلى شرح وتحليل ومناقشة وإلى فهم وإدراك وتفسير للعلاقات المتشابكة في جوانب حياة الإنسان المختلفة، كان التحقيق الصحفي من بين أهم الفنون الصحفية تميزا في القيام بهذا الدور؛ وذلك لمقدرة هذا الفن على إشباع حاجات القراء في معرفة الإجابة عن تساؤلاتهم المختلفة.
ومع أن الصحافة تعيش اليوم تحدياً كبيراً مع التلفزيون والوسائط الإلكترونية لعجزها عن مجاراة هذه الوسائل في مجال نقل الأحداث حال وقوعها، إلا أن الصحف نجحت بشكل ملحوظ، في استخدام شكل مهم يغطي الأحداث عبر الشرح والتفسير وتوضيح الحقائق من خلال تحقيق صحفي مفصل يرضي فضول القارئ الذي سمع أو شاهد الحدث.
وعلى ضوء ماسبق يرى محمود أدهم أن ما وراء الخبر وما يمكن أن يطلق عليه تعزيز الخبر وشرحه وتفسيره بعد نشره وتأكيد ذلك النشر يتجه ويرتبط ارتباطاً قوياً بفنين تحريريين قبل ارتباطهما بغيرهما وهما فن التحقيق الصحفي وفن المقال الصحفي، ولكن التحقيق يقف في المقدمة من اهتمام الصحافة بما وراء الخبر لأن للتحقيق من الخصائص التحريرية ومن المادة المعلوماتية والواقعية المهمة وكذا من مادة الرأي المتجمعة، بالإضافة إلى طرقه الفنية ومن الصور المصاحبة له ما يجعله محل اهتمام العدد الأكبر من القراء، خاصة هؤلاء الذين لا تجذبهم المقالات بأنواعها، وبذلك يكون اعتماد الصحفيين عليه أولاً في تقديم ما وراء الخبر، بعد أن تكون الإذاعة أو التلفاز قد قدمت الخبر نفسه وبذلك يكون اعتماد الصحيفة عليه أكثر من اعتماد غيرها من وسائل النشر، حيث يكون لمحرريها الوقت المناسب للحصول على هذه الإضافات كلها التي يكتمل بها التحقيق.
وعلى ذلك فإنه بالرغم من أهمية المعلومات وأنها تعتبر الركيزة التي يقوم على أساسها الأفراد بصياغة قراراتهم ومواقفهم، إلا أنها غير كافية، فالصحف لابد أن تقوم بتحليل الأحداث والمشكلات وتفسير الأنباء والكشف عن أبعادها الاجتماعية والاقتصادية ودلالاتها السياسية، إذ إن كثيراً من القضايا والأخبار والأحداث لا يمكن فهمها دون معرفة خلفياتها وتطوراتها.
إن الشرح والتحليل اللذين يقوم بهما التحقيق الصحفي يخدمان حاجة حيوية لدى القراء مستهلكي المادة الإخبارية في وسائل الإعلام عامة والصحافة خاصة.
وفي هذا الصدد يرى منير حجاب " أن قارئ اليوم أصبح غارقاً في بحر متلاطم من المعلومات، لذلك فإن وسائل الإعلام تحتاج إلى أن توسع من دائرة اهتمامها بالرأي والتعليق والتفسير، وأن تربط بين القطع المتناثرة من الأخبار والمعلومات وتضعها في إطار منطقي مفهوم يساعد الفرد على تكوين الرأي الصائب واتخاذ الموقف المناسب في عالم تتصارع فيه التيارات والاتجاهات، وتتوالى فيه المتغيرات والمستجدات.
أما محمد البادي فيرى أن للشرح والتحليل جوانب سلبية على القراء تتمثل في زيادة التماثل أو التطابق بين أفراد المجتمع وأنها تقلل من فرص إحداث التغيير الاجتماعي، وأنها قد تضعف من قدرة الأفراد على النقد وبالتالي زيادة شعورهم السلبي بالاعتماد على الغير
وما يراه الدكتور البادي من تأثير الشرح والتفسير) على قراء التحقيق الصحفي ومن ثَمَّ سلبيتهما من خلال تقليلهما لفرص إحداث التغيير الاجتماعي وإضعاف قدرتهم على النقد غير الدقيق، فالتحقيق الصحفي له دور كبير في المجتمع ينبع من الأهمية التي تُعطى له فمن خلال ما يقدمه التحقيق من معلومات وتفسيره لها يساعد، كما تؤكد كثير من الدراسات الإعلامية على خلق اتفاق عام بين فئات المجتمع الواحد ويقوم بحثها على المشاركة في بناء مجتمع أكثر تطوراً ... وحث الناس وجعلهم قابلين لإمكانية مناقشة وتعديل الأفكار والاتجاهات والقناعات التي لديهم إضافة إلى تحقيقه للتماسك الاجتماعي ثم دعم الضبط الاجتماعي والمعايير الخاصة بذلك ودعم الإجماع حول القضايا والمواقف المختلفة.
ولا شك أن التحقيق الصحفي يستطيع أن يقوم بهذا الهدف على مستوى عال من الكفاءة، نظرا لما يتوافر لهذا الشكل التحريري من إمكانات لا تتحقق لسواه، سواء من خلال حيوية الموضوع الذي يغطيه، أو عبر اتساع المساحة التحريرية المخصصة له، الأمر الذي يسمح باجتذاب العديد من المشاركين الذين يتولون شرح أبعاد القضية وتوضيحها أو المشكلة المطروحة وعرض كافة وجهات النظر ووصف القضية أو المشكلة أو الحدث من كافة جوانبه وهو ما يجعل الجمهور يرى الحقيقة من جميع زواياها، فشرح القضية بدقة واكتمال يمكن على الأقل، أن يمنع تطور الأمور إلى الأسوأ.
ثانيا: التنبيه:
كانت الحاجة إلى المعرفة هي أساس وجود الصحافة فهي تشبع حاجات الإنسان إلى معرفة ما يدور حوله، كما أنها تحيط الجمهور علما بما يحدث من وقائع وأحداث، وقد أصبح الإنسان في عصرنا الحاضر أكثر اهتماماً بهذا الجانب، فالأخبار والمعلومات اليوم تنطوي على كثير من الحقائق التي تؤثر على حياة الناس ويبنون من خلالها قراراتهم التي يتعين عليهم اتخاذها، إما لدرء أخطاء أو لتجنب حوادث أو لجلب منفعة .
وتقوم الصحف من خلال التحقيق الصحفي بنشر وتحليل المعلومات والآراء التي يحتاجها القراء وتوظيفها لبلورة ما يجري في المجتمع من مشكلات وفهمها وإدراكها على مختلف المستويات الشخصية والاجتماعية وهو ما يساعد المتلقي على تحديد استجابته وموقفه من القضايا المعروضة في متن التحقيق والتصرف إزاءها عن علم ومعرفة.


وعلى ذلك تسعى الصحف - من خلال التحقيق الصحفي- إلى تنبيه المسؤولين والجمهور إلى الأوضاع السلبية أو الأخطار التي تواجه المجتمع، أو إلى وجود فساد إداري أو مالي؛ ومن هنا فإن التنبيه الذي يقوم به التحقيق يمثل أحد الأسس الفاعلة لحماية المجتمع من الفساد والمخالفات وهذا من الأهداف التي ينبغي أن تسعى الحكومات لدعمها عبر تشجيع الصحافة ومساندتها في تناول هذا الجانب من خلال التحقيق الصحفي، فهو يمثل عونا لها في تسليط الضوء على أي شكل فاسد أو خطر يمكن أن يحدث.
وعليه فإن مصلحة المجتمع من أهم الأمور التي لابد أن يراعيها معد التحقيق وأن يعمل على تحقيقها، وهي تتمثل في الحفاظ على الدين وحمايته، وعلى النفس والعقل والعرض والمال؛ خصوصاً وأن الإعلام الغربي أحيانا يوظف هذا الفن الصحفي في إثارة قضايا ومشكلات تؤثر على مصالح المجتمعات العربية والإسلامية فعندما يقوم هذا الإعلام بتغطية أي حدث سواء أكان عربياً أم إسلامياً فإنه يعرضه من وجهة نظره وبشكل يوحي بأن هذه الأحداث تتم لغير صالح الناس في هذه الدول مما يثير البلبلة والمشكلات ويعرض مصالحهم للضرر.
وعلى ضوء ما سبق فإن وسائل الإعلام الجماهيرية ومن بينها الصحافة كما - تؤكد كثير من الدراسات - لها أثر كبير على المتلقين في تشكيل وجهات نظرهم ورؤيتهم للقضايا والمشكلات التي تواجه المجتمع، فمن خلال تركيز التحقيق الصحفي على قضايا معينة، وتجاهل أخرى تحدد الصحف أولويات أفراد المجتمع في الاهتمام بالقضايا المتعلقة بقطاعات متعددة ومتنوعة
في المجتمع.
ثالثاً: النقد والتقويم:
يعد التحقيق الصحفي من أهم الوسائل الصحفية المؤهلة لممارسة النقد في ظل تفاعل الصحافة مع قضايا وهموم ومشكلات المجتمع، فالصحف من خلال طرحها لعدد من القضايا والمشكلات تسهم إلى حد كبير، في نقد الممارسات الخاطئة التي تحدث في المجتمع.
وهذا دور كبير يمارسه التحقيق الصحفي إذا أحسن استخدامه، فيصبح قوة كبيرة في بناء المجتمع وتطويره والنهوض به في مختلف المجالات، فكل مجتمع ولاسيما المجتمع النامي يحتاج إلى تعبئة جهوده الوطنية من أجل التنمية، وهذا يستدعي كشف كل ما يعوق التنمية، وكشف أشكال الفساد والمحاباة والمحسوبية وعدم الكفاءة والفشل في إدارة المشاريع وتنفيذها، فالنقد وطرح الحلول الناجحة الذي يقوم به التحقيق الصحفي وظيفة أساسية لتقدم المجتمع ورقيه.
وتؤدي ممارسة التحقيق الصحفي للنقد والتقويم إلى وقاية المجتمع من الانحرافات وتحديد الممارسات السلبية، سواء أكانت من الأفراد أم من غيرهم من خلال تسليط الضوء عليها، ثم بعد ذلك وضع الحلول الناجعة عبر ما يقدم في متن التحقيق من آراء وحلول تؤدي إلى تقويم هذه الممارسات،
وهي عملية أصبحت وسائل الإعلام الجماهيرية وفي مقدمتها الصحافة وبخاصة في الآونة الأخيرة، تحرص على تفعيلها كي تسهم في إنماء الوعي لدي المتلقين عبر النصح والتثقيف والعمل على نشر المعارف والمعلومات البناءة التي تفيد في مكافحة مختلف القضايا كظواهر العنف والإرهاب والمخاطر الكامنة في تعاطي المخدرات وغيرها من القضايا .
فالصحافة، من خلال الأشكال التحريرية التي تقدمها، ومن ضمنها التحقيق الصحفي كما تذكر بعض الدراسات لها دور مهم في وقاية المجتمعات من الانحراف وشروره بما تملكه من إمكانات متعددة إذا أحسن استخدامها فبمقدورها أن تؤثر إيجابيا في هذا المجال، وفي المقابل فإن الصحافة إذا قصرت في أداء دورها أو خرجت عن هذا الدور المهم فإنها قد تكون أحياناً سبباً في نزوع بعض الأفراد إلى الانحراف، ذلك لأن للصحافة دوراً تأثيرياً على القراء وتستطيع أن تنفذ إلى عقولهم وعواطفهم وتخاطبهم بما تريد، كما يمكنها أن توفر لهم المواد الصحفية التي تتجاوب مع أذواقهم وميولهم القرائية وأن ترشد هذه الميول بما يتفق وبناء الفكر الواعي المستقيم غير المنحرف
وعليه فإن النقد الذي يقوم به التحقيق الصحفي لا يمكن التهوين من شأنه فالصحف يجب أن تكون لمجتمعاتها بمثابة الندوات المفتوحة للأفكار، وأن تقدم وجهات النظر المختلفة بعكس ما يراه البعض من أن مهمة الصحافة الأساسية هي تقديم الأخبار وتحليل الأحداث وشرحها وتفسيرها، فالصحيفة الجيدة تكرس أفضل جهودها لتحقيق هذه الغاية.
وعلى ضوء ذلك، فالصحيفة التي تفشل في تحقيق أو أداء هذا الدور يمكن أن تحدث آثاراً سيئة في المجتمع من جانبين :
الجانب الأول هو الشعور بالإحباط النفسي في الوجدان العام للمجتمع،
أما الجانب الثاني فهو دفع القراء إلى الإعراض وعدم التجاوب واللامبالاة ثم البحث بعد ذلك عن مصادر صحفية بديلة تحقق لهم هذا الدور، فالصحافة يجب أن تقوم بمسؤولياتها من خلال تقديم مضمون جيد ومتنوع ونوعية عالية من المعلومات والمناقشات التي يحتاج إليها المجتمع.
إن تحديد الأخطاء ومعالجتها بدلاً من السكوت عنها، أمر بالغ الأهمية في الحياة الاجتماعية، لذلك فإن التحقيق الصحفي لابد أن يتخذ من النقد وسيلة فعالة لتحقيق وظيفته الاجتماعية في المجتمع، وأن يكون ذلك بنزاهة وحرية كاملة، وأن يكون النقد المقدم عبر التحقيقات الصحفية بناءً وبعيداً عن الاعتبارات الشخصية والذاتية وبأسلوب حكيم يبني ولا يهدم.
وعلى ذلك فإن النقد والتقويم، أحد الدروع الأساسية لحماية المجتمع وصيانته من الفساد والمخالفات، ومن إساءة استخدام السلطة، وهو من الأهداف التي يجب أن تهتم بها الصحف من خلال التحقيقات الصحفية، حيث يؤكد صالح أبو إصبع أن هذا الهدف يمثل "عوناً للمجتمع في كشف أشكال الفساد التي يمكن أن تحدث، والصحف بذلك تلعب دوراً مسانداً للحكومة في تأدية دورها على أكمل وجه، كما أنها تلعب دوراً أساسياً للدفاع عن مصالح الناس.
وعليه فإن قيام التحقيق الصحفي بهذا الهدف يؤدي إلى توفير الحقائق اللازمة والهادفة من أجل توضيح مختلف وجهات النظر حول القضايا المطروحة في متن التحقيق وتوفير الأدلة اللازمة والمطلوبة لدعم الاهتمام والمشاركة الشعبية على نحو أفضل بالنسبة لكل الأمور التي تهم المجتمع محليا وقومياً.
وبناء على ما سبق، فواجب الصحف تجاه القراء هو إطلاعهم على الأمور المهمة التي تمس حياتهم ومصالحهم وأن تكون بمثابة الرقيب على الممارسات الخاطئة، فالمشكلات التي تعترض المجتمع تتطلب مواجهة حاسمة من قبل مؤسسات المجتمع ومن ضمنها الصحافة التي ينبغي عليها أن تتعرض لها بالحوار والرأي والمناقشة والعرض والتحليل لتوفر إحساساً لفئات المجتمع بها، مما يعني أن هذا سيؤدي إلى مواقف إيجابية يكون لها تأثيرها في توجيه سلوك الناس وتحويل توجهاتهم وسلوكهم نحو البحث عن حلول لهذه المشكلات.
رابعاً: النهوض الثقافي:
التثقيف هدف مهم من أهداف التحقيق الصحفي، وهو هدف محوري لجميع أجهزة الإعلام والثقافة إطار واسع للعديد من المعطيات والنوعيات الثقافية، فالتعريف بالتراث وبالآداب والفنون والمعارض جميعها معطيات ثقافية تجد الصحف نفسها ملزمة بتقديمها لجمهورها، أو لخدمة توجهات هذا الجمهور والاحتفاظ به باعتبار أن الثقافة حاجة يسعى إليها الناس ويرتبطون بمن يقدمها لهم.
ويعني النهوض الثقافي نشر الأعمال الثقافية والفنية بهدف المحافظة على التراث عن طريق توسيع آفاق الفرد وإيقاظ خياله وإشباع حاجاته الجمالية وإطلاق قدراته على الإبداع، حيث يتم بذلك المحافظة على الإرث الثقافي والحضاري للمجتمع، والتحقيق الصحفي بهذا يعد من أقدر أشكال التحرير الصحفي على طرح القضايا الثقافية من جميع جوانبها. ويسعى التحقيق الصحفي من خلال التثقيف كما الأشكال هي الأخرى لوسائل الإعلام المختلفة - إلى تكامل المجتمع من خلال تنمية وحدة الفكر بين أفراده، وتثبيت القيم والمبادئ والاتجاهات، والعمل على صيانتها والمحافظة عليها، وتطبيع الناس على عادات وتقاليد المجتمع، مما يهيئ الفرد للتعامل مع الناس والتكيف مع البيئة.
ويعمل التحقيق الصحفي من خلال هذا الهدف على التعبير عن الثقافة السائدة في المجتمع والكشف عن الثقافات الفرعية والثقافات النامية ودعم القيم الشائعة والمتمثلة في قيم التواصل الاجتماعي وما يرتبط بها من عادات وعلاقات اجتماعية بين مختلف فئات المجتمع، وكذلك قيم التواصل الفكري عن طريق اللغة والكلمة وعادات المثقفين والمتعلمين في التواصل مع بعضهم ومع غيرهم، بالإضافة إلى قيم العادات المرتبطة بالكيان البيولوجي والصحة والبقاء، وأيضاً قيم العادات الاقتصادية وما يرتبط بها من عمل وإنتاج، وأخيراً قيم وعادات التعامل مع الثروة القومية.
وإضافة لما سبق يعمل التثقيف من خلال التحقيق على نقل التراث الثقافي من جيل إلى آخر، فوسائل الإعلام تكتسب أهميتها من حاجة كل مجتمع إليها في إحداث تطور آمن ومتوازن لكل أجياله المتعاقبة، فالدور الثقافي لهذه الوسائل ومنها الصحافة لا يتوقف عند سن معينة كما هو في التعليم إنما هو مستمر في إمداد القراء بالمعلومات والآراء والخبرات والمعارف وهو ما يحقق التنمية الثقافية المتواصلة.


خامساً: التسلية والترفيه
تعد التسلية والترفيه من الأهداف ذات الأهمية في وسائل الإعلام ومنها بطبيعة الحال الصحافة بما في ذلك التحقيق الصحفي؛ خصوصاً في ظل تعقد الحياة والضغوط الكبيرة التي يعيشها الإنسان، وما أفرزه عصرنا من مشكلات يومية، ويعمل التحقيق الصحفي، من خلال ذلك على الابتعاد بالإنسان عن هذه الضغوط، من خلال تقديم جوانب مسلية وممتعة في الحياة، بعيداً عن اهتماماته الأخرى، مثل الموضوعات المتعلقة بالأحداث الغريبة والطريفة، أو المتعلقة بنجوم المجتمع.
وفي هذا الصدد تؤكد بعض الدراسات أن الترفيه يحقق للإنسان بعض الإشباعات النفسية والاجتماعية، ويزيل التوتر الإنساني على مستوى الأفراد والجماعات في أي مجتمع كان، ومع هذه الأهمية للترفيه، إلا أنه ينبغي التأكيد على عدم استغلاله لإلهاء الناس وإبعادهم عن التفكير في قضاياهم الأساسية.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Traffic Padding...

Traffic Padding: inserting some bogus data into the traffic to thwart the adversary’s attempt to use...

السلام عليكم ور...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم ذهب إلى دورة القرآن وتعلمت القرآن ثم عدت إلى منزلي ومكتبي قلي...

يجمع نظام التكا...

يجمع نظام التكاليف بجوار المحاسبة على الفعليات،التوفيق في ظروف حدوثها وأسبابها ومدى الكفاءة في التنف...

نطاق البحث يركز...

نطاق البحث يركز هذا البحث على تحليل الأطر القانونية والمؤسساتية لعدالة الأحداث، مع دراسة النماذج الد...

نفيد بموجب هذا ...

نفيد بموجب هذا الملخص أنه بتاريخ 30/03/1433هـ، انتقل إلى رحمة الله تعالى المواطن/ صالح أحمد الفقيه، ...

العدل والمساواة...

العدل والمساواة بين الطفل واخواته : الشرح اكدت السنه النبويه المطهرة علي ضروره العدل والمساواة بين...

آملين تحقيق تطل...

آملين تحقيق تطلعاتهم التي يمكن تلخيصها بما يلي: -جإعادة مجدهم الغابر، وإحياء سلطانهم الفارسي المندثر...

Network archite...

Network architects and administrators must be able to show what their networks will look like. They ...

السيد وزير التر...

السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يجيب عن أسئلة شفوية بمجلس النواب. قدم السيد مح...

حقق المعمل المر...

حقق المعمل المركزي للمناخ الزراعي إنجازات بارزة ومتنوعة. لقد طوّر المعمل نظامًا متكاملًا للتنبؤ بالظ...

رهف طفلة عمرها ...

رهف طفلة عمرها ١٢ سنة من حمص اصيبت بطلق بالرأس وطلقة في الفك وهي تلعب جانب باب البيت ، الاب عامل بسي...

قصة “سأتُعشى ال...

قصة “سأتُعشى الليلة” للكاتبة الفلسطينية سميرة عزام تحمل رؤية إنسانية ووطنية عميقة، حيث تسلط الضوء عل...