لخّصلي

ـ نشأة علم السكان وتطوره: لقد وصل فرع " الديموغرافيا " والدراسات السكانية الى ما وصلت اليه اليوم بعد مرحلة من النشأة والنمو. بحيث من الصعب حسب المختصين أن نرجع بهذه الدراسات الى أبعد من ذلك. حيث جرت العادة في تلك المرحلة على نشر مثل هذه القوائم أثناء حدوث الوفيات بسبب الأوبئة والطاعون والحروب . كما جرت العادة على تسجيل كذلك أسماء الأطفال عند تعميدهم في الكنائس. أما )جون جرونت( فقد ركز كل اهتمامه على العلاقات الاحصائية في جداول الوفيات والمواليد، وبذلك يكون أول من وضع أساس الديموغرافيا. ــ بالفعل لقد لاحظ أن الوفيات تفوق الولادات في المدينة، - كما شغل نفسه بحساب نسبة المواليد ونسبة الوفيات في المدينة والريف، ــ كما لاحظ كذلك أن الولادة لم تصبح مجرد حادث بيولوجي بل هو حادث اجتماعي يخضع للعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة، في نفس الوقت، حادث اقتصادي يخضع للحالة الاقتصادية العامة السائدة. بحيث تبعه بعد ذلك عدد كبير من الباحثين منهم )سوسميلش جوهان 1707/1767( في منتصف القرن 18، الذي نشر دراسة سكانية أطلق عليها اسم ــ اللاهوت النفساني ــ ووصل من خلالها الى عدة وضع عدة ملاحظات هامة منها: 1ـ زيادة نسبة المواليد البنين على نسبة المواليد البنات. 2ــ ارتفاع نسبة الوفيات عند الذكور أكثر من الاناث وبعد ذلك يعود التوازن العددي بين الرجال والنساء. 3ــ كما لاحظ اختلاف نسب الوفيات باختلاف الفئات العمرية، وأدرك أن هناك باستمرار زيادة في المواليد على الوفيات. ــ علاقة عدد السكان الاجمالي بمعدلات الزواج والمواليد والوفيات ــ وعلاقة معدل المواليد بمعدل الزواج أما في القرن 19 فان أهم دراسة سكانية ظهرت في هذه الفترة هي دراسة )توماس مالتوس فليست اذن دراسة) مالتوس( كتابة ديموغرافية تعني بالمواليد والوفيات وجداول الحياة عناية احصائية فقط لكنها تهتم بإظهار العلاقة بين الغذاء والسكان، كما درسوا كذلك الظروف المحلية وعلاقتها بهجرة السكان في بداية القرن 20. الولادات، تعريف علم السكان: هناك الكثير من التعريفات لعلم السكان الا أننا سوف نختصرها في بعض التعريفات التي نراها أقرب الى الحقيقة والمنطق. ‌أ ــ علم السكان هو الدراسة الاحصائية للسكان، وتشمل هذه الدراسة الحجم والنمو والكثافة، التكوين والتوزيع وغير ذلك من الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية وأسباب أي تغيرات في هذه العناصر وعواقب هذه التغيرات. ‌ج ــ تعريف هيئة الأمم المتحدة: تم وضع هذا التعريف سنة 1958 ثانيا: مجالات علم السكان 1 ــ المجال الأول : السياسات السكانية تتبع كل دولة سياسة محددة لتنظيم سلوك سكانها من الناحية الديموغرافية )حاضرا ومستقبلا( وتشمل هذه السياسة مجموعة من الاجراءات والمخططات والبرامج التي تستهدف التأثير في المتغيرات السكانية والتركيب الهيكلي للسكان من الناحية الكمية والنوعية بما يلائم حاجات المجتمع ومتطلبات نموه ورفاهية مواطنيه. والتوزيع المكاني المتوازن للسكان وتنظيم حركة وتوزيع القوى العاملة ومساهمة المرأة في نشاط الاقتصادي وتمكينها اجتماعيا. بهذا فلا بد أن تكون لكل دولة سياسة سكانية واضحة و محددة ، من خلال أثار المتغيرات السكانية لا من حيث ما اذا كانت تشمل عقبة أمام التنمية الشاملة أم لا ، و انما بوصفها مؤشر لتخطيط القوى البشرية ، خاصة في المجتمعات النامية التي تتصف بارتفاع معدل النمو السكاني السنوي ، -المجال الثاني: تسيير الموارد البشرية أهمية العنصر البشري ومدى تأثيره على الكفاءة الانتاجية. فما هو مفهوم تسيير الموارد البشرية؟ تعريف الموارد البشرية: ان الموارد البشرية هي المحور الأساسي الذي تدور حوله التنمية في كل المستويات والوسيلة المحركة التي تحقق أهدافها. وقد تعني الموارد البشرية جميع سكان الدولة المدنيين منهم والعسكريين )العمال البطالون ، الخ( فهي اذن دراسة السياسات المتعلقة بالاتيار والتعيين والتدريب ومعاملة الأفراد في جميع المستويات والعمل على تنظيم القوى العاملة في المؤسسة وخلق روح تعاونية بينها للوصول بالمؤسسات الى أعلى طاقتها الانتاجية. أي أنها الادارة المتخصصة بكل الأمور المرتبطة بالعنصر البشري، مثل البحث عن مصادر القوى البشرية واختيارها وتصنيفها وتدريبها وتهيئة المناخ الانساني الملائم الذي من شأنه أن يدفع الى بذل أقصى طاقاتهم داخل المؤسسة. وظيفتها: تتمثل في اختيار العاملين ذوي الكفاءات المناسبة وتسيير جهودهم وتوجه طاقاتهم وتنمية مهاراتهم وتحفيزهم م تقييم أعمالهم والبحث عن مشاكلهم وتقوية علاقات التعاون بينهم وبين زملائهم ورؤسائهم وبذلك تساهم في تقيق الهدف الكلي للمؤسسة من حيث زيادة الانتاج) المردودية(. - المجال الثالث: التخطيط يمكن تعريف التخطيط بأنه منهجا يتضمن عدة اجراءات لتحقيق غايات أو أهداف
والتخطيط الكفء يعني اتخاذ قرارات رشيدة في رسم السياسات المختلفة وتنفيذها. يحاول أن يحيط بكل الأحداث الموجودة في موقف معين. فنحن نهتم بالظروف العامة بالبيئة والعمل والناس والحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في المجتمع. والخطة الصالحة أو الكفاءة هي التي تنجح في تحقيق التكامل بين كل هذه الجوانب. والواقع الاجتماعي هو نقطة البدئ في عملية التخطيط بما فيه الواقع الديموغرافي. أي أن البعد الديموغرافي له مكانة مهمة في عملية التخطيط بحيث لا يمكن الاستغناء عن العدد في مجال التخطيط. مـــــــحاضرة 3: مصادر المعطيات الديموغرافية التعداد السكاني ـــ الحالة المدنية ـــ المسوح الديموغرافية مقدمة السكان هم مجموع الناس الأحياء الموجودين في حدود بلد معين في لحظة معينة، أما الاحصاء الديموغرافي أو السكاني، وتأتي أهمية الاحصاء السكاني من أنه يدرس السكان الذين هم مصدر كل النشاطات الاقتصادية وغير الاقتصادية من ثقافية وصحية واجتماعية وغيرها. وهو مجتمع باق لكن أعضاءه يتغيرون، فالأفراد فيه يدخلون هذا المجتمع بالولادات وينسحبون منه بالوفيات، لابد أن يكون هناك عدد من مصادر للمعلومات ان عدد السكان في لحظة زمنية، كل هذه المعلومات يتم الحصول عليها بواسطة التعداد السكاني. ما التغيرات التي تطرأ على المجتمع السكاني باستمرار بواسطة الولادات والوفيات والتي تؤدي الى التغير في عضوية هذا المجتمع. ونظرا لأهمية هذه التغيرات تطلب أغلب الدول تسجيل هذه الاحداث الحيوية مباشرة عند وقوعها وفي مكان وقوعها. وهو ما يدعى بالإحصاءات الحيوية التي تشمل أيضا احصاءات الزواج والطلاق وهي التي تمثل نظام الحالة المدنية. بذلك فمن أهم مصادر المعلومات عن السكان نجد التعداد السكاني والحالة المدنية للسكان . أولا: التعداد السكاني تعريف التعداد العام للسكان والإسكان: ـــ يعرف التعداد بأنه العملية الشاملة لجمع وتجهيز ونشر البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بكل الأفراد في بلد ما أوفي جزء محدد منه في لحظة زمنية معينة. ــ كما يمكن تعريف التعداد أيضا بأنه عملية جمع وتنسيق ونشر المعلومات والمعطيات السكانية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بكل الأشخاص في البلد أو في غيرها من المناطق المحددة في وقت معين. فهو اذن عملية عد جميع السكان على مستوى الوطن ونتحصل عليه عن طريق زيارة مباشرة لكل شخص أو أسرة في المجتمع وهي عملية كبيرة ومعقدة، وتجرى أغلب الدول تعداداتها على فترات منتظمة كل 5 أو 10 سنوات حسب امكانيات كل بلد المادية والفنية. ثانيا: لمحة تاريخية يعتبر التعداد السكاني من أهم المصادر لدراسة السكان وخصائصهم وتغيراتهم، ثم عمت هذه الظاهرة كل بلدان أوروبا في نهاية القرن 19. أما في الجزائر فقد أجرى أول تعداد عام للسكان والسكن مباشرة بعد الاستقلال أي في سنة 1966 وآخر تعداد أجرته كان في سنة2022. ثالثا: أهمية التعداد السكاني تعد التعدادات السكانية أولى وأهم المصادر لجمع البيانات الجاهزة والمعلومات حيث يتم جمع المعلومات عن عدد السكان وتوزيعهم وتركيبهم، ــ يوفر التعداد الحقائق الأساسية بالنسبة للإدارة والسياسة الحكومية لتنظيم خططها المستقبلية على أساس المعلومات والبيانات التي يوفرها التعداد. ــ التعداد مفيد في التجارة والصناعة حيث تتوقف التقديرات التي يمكن الثقة بها عند طلب المستهلكين على السلع والخدمات التي تتزايد باستمرار. رابعا: خصائص التعداد السكاني يمكن جمع خصائص التعداد في النقاط التالية: 1-يخص التعداد منطقة جغرافية معينة ومحددة. 2ـ يشمل التعداد جميع الأشخاص في المجتمع )المواطنون والأجانب(. 3-ان التعداد تقوم به السلطات المركزية بالتعاون مع السلطات المحلية. 4 ـ المعلومات التي يتم تسجيلها ينبغي أن تخص لحظة زمنية معينة. 5ـ التعداد بمعناه الدقيق هو تسجيل للمعلومات المختلفة عن كل شخص من السكان وليس تلخيصا للمعلومات. تمر عملية التعداد السكاني بالخطوات التالية: مرحلة التخطيط مرحلة التخطيط: هي المرحلة الاولى في عملية التعداد ويتوقف عليها نجاح العملية، والوصول الى أهدافها، ويستلزم التخطيط تحديد تكاليف وتوفير الميزانية واختبار الأسئلة التي ستوجه الى السكان وتحديد المناطق الجغرافية. مرحلة تنفيذ التعداد: تعتبر عملية التنفيذ خطوة اساسية من اهمها التأكد من شمولية التعداد بحيث لا يمكن نسيان أي شخص من المجتمع كما لا يسمح بالتكرار في العد. مرحلة اخراج التعداد: يتم اخراج نتائج التعداد في صورة دفاتر منشورة حتى تتحقق الفائدة المرجوة منه ويعرف تقرير التعداد بكراسات التعداد Les cahiers du recensement
التي تحتوي على جداول احصائية بسيطة ومركبة مبوبة حسب السن والجنس بالإضافة الى الخصائص السكانية الأخرى. سادسا: أهداف التعداد السكاني: يمكن حصر أهداف التعداد في النقاط التالية: -التعرف على المميزات الجوهرية لحظيرة السكن وتوزيعها المكاني. ــ التعرف على المستوى التعليمي والتكويني والأمية. سابعا: أنواع التعدادات السكانية أثناء التعداد السكاني نجد نوعين من السكان، السكان الحاضرين أثناء اجراء التعداد مهما كانت صفتهم) مقيمين أو غير مقيمين في ذلك المكان( فيتم احصائهم وهو ما يسمى بالتعداد الفعلي. أما التعداد النظري فهو عد السكان حسب مكان الاقامة أي يتم احصاء الأشخاص الذين يقيمون في ذلك المكان الذي يتم فيه التعداد. لكن في هذه الحالة قد يصعب تحديد مكان الاقامة المعتاد خاصة بالنسبة للأشخاص الذين لديهم أكثر من مسكن. الكثير من الدول تفضل التعداد الفعلي لسهولة اجراءه وقلة الأخطاء به وترتفع درجة الاقبال على العد والتعاون مع العدادين. ثانيا: الحالة المدنية تعتبر سجلات الحالة المدنية المصدر الثاني المهم من مصادر المعلومات السكانية بعد
التعداد السكاني. وتشمل هذه السجلات على احصاءات الولادة والوفيات والزواج والطلاق والتي تسجل بصورة مستمرة في أغلب الدول. ــ التعريف بالحالة المدنية ان المقصود بنظام الحالة المدنية هو التسجيل القانوني والاحصائي للمعلومات عن الحوادث الديموغرافية الحيوية كالولادات والوفيات. والتسجيل ينبغي أن يكون مستمرا وإلزاميا وشاملا لجميع الحوادث. لمحة تاريخية: بذلك فان ونظرا لتفشي الأمية في أغلب هذه الدول فان معطيات الحالة المدنية تفتقد في مجملها الى الدقة كما هو الحال بالنسبة لتاريخ الميلاد مما ينقص من أهميتها كمصدر موثوق للمعلومات الديموغرافية.

محاضرات علم السكان:
محــــــــــــاضرة 1:
أولا: مفهوم علم السكان
قبل أن نقدم تعريفا دقيقا لعلم السكان ارتأينا أن نقدم للطلبة في البداية نبذة تاريخية حول نشأة هذا العلم.
ـ نشأة علم السكان وتطوره: لقد وصل فرع " الديموغرافيا " والدراسات السكانية الى ما وصلت اليه اليوم بعد مرحلة من النشأة والنمو. لقد بدأت الدراسات السكانية تظهر في القرن السابع عشر، بحيث من الصعب حسب المختصين أن نرجع بهذه الدراسات الى أبعد من ذلك. وكانت نشأة هذه العلم الجديد على يد المفكر )جون جرونت 1620/1674( الانجليزي الذي نشر في سنة 1662 كتابا صغيرا بعنوان ـ ملاحظات طبيعية وسياسية قائمة على أساس قوائم الوفيات. وكانت هذه القوائم متعلقة بوفيات مجموعة سكانية لا يزيد عددها على نصف مليون نسمة بالقرب من مدينة لندن، حيث جرت العادة في تلك المرحلة على نشر مثل هذه القوائم أثناء حدوث الوفيات بسبب الأوبئة والطاعون والحروب ...لكن كثيرا ما أهملت بعد ذلك.
كما جرت العادة على تسجيل كذلك أسماء الأطفال عند تعميدهم في الكنائس. غير أن هذه القوائم أثارت انتباه )جون جرونت( وصديقه )وليام بيتي 1623/ 1687( فأنشأ عليها دراسة سكانية أطلق عليها اسم ــ الحساب السياسي ــ لقد كانت هذه التسمية من وحي )بيتي( المهتم بالمسائل السياسية. أما )جون جرونت( فقد ركز كل اهتمامه على العلاقات الاحصائية في جداول الوفيات والمواليد، وبذلك يكون أول من وضع أساس الديموغرافيا.
ــ بالفعل لقد لاحظ أن الوفيات تفوق الولادات في المدينة، بينما يحدث العكس في الريف

ومعنى هذا أن مدينة لندن تحافظ على عدد سكانها) أو تنمو( باستقبال المهاجرين من الريف اليها.

• كما شغل نفسه بحساب نسبة المواليد ونسبة الوفيات في المدينة والريف، وبذلك لم يعد الموت في نظره مجرد نهاية طبيعية للكائن الحي، بل أصبح حادثا يتكرر في انتظام معين وبنسبة معينة في مجموعة سكانية ما.
  ــ كما لاحظ كذلك أن الولادة لم تصبح مجرد حادث بيولوجي بل هو حادث اجتماعي
  يخضع للعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة، بل أكثر من ذلك فهو، في نفس الوقت، حادث اقتصادي يخضع للحالة الاقتصادية العامة السائدة.
  بهذا تكون أبحاث) جون جرونت( فتحا جديدا في الدراسات الاحصائية، بحيث تبعه بعد ذلك عدد كبير من الباحثين منهم )سوسميلش جوهان 1707/1767( في منتصف القرن 18،
  الذي نشر دراسة سكانية أطلق عليها اسم ــ اللاهوت النفساني ــ ووصل من خلالها الى عدة وضع عدة ملاحظات هامة منها:
  1ـ زيادة نسبة المواليد البنين على نسبة المواليد البنات.
  2ــ ارتفاع نسبة الوفيات عند الذكور أكثر من الاناث وبعد ذلك يعود التوازن العددي بين الرجال والنساء.
  3ــ كما لاحظ اختلاف نسب الوفيات باختلاف الفئات العمرية، وأدرك أن هناك باستمرار زيادة في المواليد على الوفيات.
  كما استخرج من الاحصائيات التي كانت تحت يديه علاقات سكانية عديدة منها :
  ــ علاقة عدد السكان الاجمالي بمعدلات الزواج والمواليد والوفيات ــ وعلاقة معدل المواليد بمعدل الزواج
  ــ كما وجه انتباه الباحثين الى نسب الخصوبة وعلاقتها بسن الزواج...الخ
  أي أنه ربط بين عدد المواليد وعدد كبير من العلاقات الاجتماعية والصحية والنفسية.
  أما في القرن 19 فان أهم دراسة سكانية ظهرت في هذه الفترة هي دراسة )توماس مالتوس
  1766/1834( حول العلاقة بين الموارد الاقتصادية وعدد السكان.
  بهذا يكون قد فتح) توماس مالتوس( بدوره بابا جديدا في البحث في المسائل السكانية وعلاقتها بالوضع الاقتصادي للبلد.
  فليست اذن دراسة) مالتوس( كتابة ديموغرافية تعني بالمواليد والوفيات وجداول الحياة عناية احصائية فقط لكنها تهتم بإظهار العلاقة بين الغذاء والسكان، وكانت أول صيحة تدعو الى ضبط النسل، كما كانت أول نظرية سكانية بمعنى الكلمة. )راجع نظرية مالتوس في المحاضرة الخامسة(
  وازداد الاهتمام في القرن 19 بموضوع الهجرة وأثرها في المجموعات الانسانية. كما اشتد الاهتمام أيضا بموضوع توزيع السكان على سطح الأرض وعلاقة ذلك بالأقاليم الجغرافية وأصبح هذا فرعا خاصا من الجغرافيا يسمى بالجغرافيا البشرية )رائد هذا التخصص هو الباحث الالماني راتزل ومدرسته الحديثة(
  كما اتجه اهتمام المؤرخين أيضا بموضوع تاريخ السكان فدرس كل من جاكسون في
  
  أمريكا 1853 وايوجين كولسخر 1932 في روسيا موضوع الهجرة في التاريخ أثرها في الحياة الاجتماعية والسياسية في البلاد المفتوحة للهجرة.
  كما درسوا كذلك الظروف المحلية وعلاقتها بهجرة السكان في بداية القرن 20. ومن الموضوعات السكانية التي أثارت انتباه الباحثين وساهمت في تحديد موضوع علم السكان نجد أثر الصناعة وتضخم المدن وتدفق السكان من الريف الى المدن ولأثر كل ذلك على الأحوال الصحية للعمال.
  الخاتمة: انطلاقا مما سبق ذكره يمكن أن القول بأن علم السكان يهتم بالمجموعات السكانية) غير الحيوانية( بالتالي فهو دراسة التحولات والظواهر التي تطرأ على
  المجموعات الانسانية والتي تخص النمو الكمي والكيفي لهذه المجموعات تحت تأثير بعض الممارسات الاجتماعية وهي الزواج، الطلاق، الولادات، الوفيات والهجرة.
  تعريف علم السكان: هناك الكثير من التعريفات لعلم السكان الا أننا سوف نختصرها في بعض التعريفات التي نراها أقرب الى الحقيقة والمنطق.
  ‌أ ــ علم السكان هو الدراسة الاحصائية للسكان، وتشمل هذه الدراسة الحجم والنمو والكثافة، التكوين والتوزيع وغير ذلك من الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية وأسباب أي تغيرات في هذه العناصر وعواقب هذه التغيرات.
  ‌ب ــ هو العلم الذي يدرس حجم وتوزيع وتكوين السكان وما يطرأ على ذلك من تغير وعوامل هذا التغير )حركة السكن( وهذه يمكن أن تحدد بالمواليد والوفيات وتتأثر به.
  ‌ج ــ تعريف هيئة الأمم المتحدة: تم وضع هذا التعريف سنة 1958
  تعرف هيئة الأمم المتحدة علم السكان على أنه الدراسة العلمية للسكان من حيث الحجم والبناء والنمو.
  محـــــــــــاضرة 2:
  ثانيا: مجالات علم السكان
  تستعمل الديموغرافيا في عدة مجالات نذكر في هذ المحور بعض منها التي نراها مهمة ولها صلة مباشرة بهذا التخصص.
  1 ــ المجال الأول : السياسات السكانية
  تتبع كل دولة سياسة محددة لتنظيم سلوك سكانها من الناحية الديموغرافية )حاضرا ومستقبلا( وتشمل هذه السياسة مجموعة من الاجراءات والمخططات والبرامج التي تستهدف التأثير في المتغيرات السكانية والتركيب الهيكلي للسكان من الناحية الكمية والنوعية بما يلائم حاجات المجتمع ومتطلبات نموه ورفاهية مواطنيه. فالسياسة السكانية لا تقتصر على معالجة مشكلة الزيادة السريعة في عدد السكان ولكنها تشمل أيضا برامج لتنشيط نمو السكان في بعض البلدان وتنظيم هجرة السكان وحركتهم، والتوزيع المكاني
  المتوازن للسكان وتنظيم حركة وتوزيع القوى العاملة ومساهمة المرأة في نشاط الاقتصادي وتمكينها اجتماعيا.
  كما تهدف هذه السياسة الى تحسين مستوى معيشة السكان ورفاهيتهم، وتضييق الفجوة الحضارية بين الريف والمدينة وكل ما يتعلق بالسلوك الديموغرافي بشكل عام.
  بهذا فلا بد أن تكون لكل دولة سياسة سكانية واضحة و محددة ، و من الضروري دمج السياسة السكانية في خطة التنمية الشاملة ، بحيث يتم الاهتمام في كل قطاع ، من خلال أثار المتغيرات السكانية لا من حيث ما اذا كانت تشمل عقبة أمام التنمية الشاملة أم لا ، و انما بوصفها مؤشر لتخطيط القوى البشرية ، و الترابط بين السياسة السكانية و التنمية الشاملة يتطلب تعزيز سياسة التنمية و تطويرها لتتعزز قدرة المج على استيعاب الولادات الحالية و المتوقعة في المجتمع، خاصة في المجتمعات النامية التي تتصف بارتفاع معدل النمو السكاني السنوي ، و هذا بدوره يؤدي الى خلق ظروف اقتصادية و اجتماعية تشجع التحول الى أسرة أصغر حجما.
  -المجال الثاني: تسيير الموارد البشرية
  ان ادارة الموارد البشرية تعد اليوم من أهم الوظائف الادارية في أي منشأة، وهي الأن لا تقل أهمية عن باقي الوظائف الأخرى: كالتسويق والانتاج والمالية، وذلك لما ظهر من
  أهمية العنصر البشري ومدى تأثيره على الكفاءة الانتاجية. فما هو مفهوم تسيير الموارد البشرية؟
  تعريف الموارد البشرية:
  ان الموارد البشرية هي المحور الأساسي الذي تدور حوله التنمية في كل المستويات والوسيلة المحركة التي تحقق أهدافها.
  وقد تعني الموارد البشرية جميع سكان الدولة المدنيين منهم والعسكريين )العمال البطالون ، المرأة الماكثة والمعوقون ...الخ(
  أم تسيير الموارد البشرية هو التسيير الذي يقوم بشؤون الاستخدام الأمثل للموارد البشرية على جميع المستويات قصد تحقيق الأهداف المسطرة.
  فهي اذن دراسة السياسات المتعلقة بالاتيار والتعيين والتدريب ومعاملة الأفراد في جميع المستويات والعمل على تنظيم القوى العاملة في المؤسسة وخلق روح تعاونية بينها للوصول بالمؤسسات الى أعلى طاقتها الانتاجية. أي أنها الادارة المتخصصة بكل الأمور المرتبطة بالعنصر البشري، مثل البحث عن مصادر القوى البشرية واختيارها وتصنيفها وتدريبها وتهيئة المناخ الانساني الملائم الذي من شأنه أن يدفع الى بذل أقصى طاقاتهم داخل المؤسسة.
  وظيفتها: تتمثل في اختيار العاملين ذوي الكفاءات المناسبة وتسيير جهودهم وتوجه طاقاتهم وتنمية مهاراتهم وتحفيزهم م تقييم أعمالهم والبحث عن مشاكلهم وتقوية علاقات التعاون بينهم وبين زملائهم ورؤسائهم وبذلك تساهم في تقيق الهدف الكلي للمؤسسة من حيث زيادة الانتاج) المردودية(.


• المجال الثالث: التخطيط
  يمكن تعريف التخطيط بأنه منهجا يتضمن عدة اجراءات لتحقيق غايات أو أهداف
  
  مرغوب فيها. والتخطيط الكفء يعني اتخاذ قرارات رشيدة في رسم السياسات المختلفة وتنفيذها.
  ويرى " كارل مانهايم" أن التخطيط هو أسلوب منظم للتفكير، يحاول أن يحيط بكل الأحداث الموجودة في موقف معين. فنحن نهتم بالظروف العامة بالبيئة والعمل والناس
  والحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في المجتمع. والخطة الصالحة أو الكفاءة هي التي تنجح في تحقيق التكامل بين كل هذه الجوانب.
  والواقع الاجتماعي هو نقطة البدئ في عملية التخطيط بما فيه الواقع الديموغرافي. أي أن
  البعد الديموغرافي له مكانة مهمة في عملية التخطيط بحيث لا يمكن الاستغناء عن العدد في مجال التخطيط.
  مـــــــحاضرة 3:
  مصادر المعطيات الديموغرافية
  التعداد السكاني ـــ الحالة المدنية ـــ المسوح الديموغرافية مقدمة
  السكان هم مجموع الناس الأحياء الموجودين في حدود بلد معين في لحظة معينة، سواء كانوا مقيمين في ذلك البلد أو جاؤوا اليه بصورة مؤقتة.
  أما الاحصاء الديموغرافي أو السكاني، فهو الدراسة الاحصائية للسكان وخصائصهم وفعاليتهم وتغيراتهم من حيث التكاثر والوفاة والانتقال والعوامل التي تؤثر فيها والنتائج التي تنشأ عنها.
  وتأتي أهمية الاحصاء السكاني من أنه يدرس السكان الذين هم مصدر كل النشاطات الاقتصادية وغير الاقتصادية من ثقافية وصحية واجتماعية وغيرها.
  والمجتمع السكاني هم المجتمع البشري على الكرة الأرضية، وهو مجتمع باق لكن أعضاءه يتغيرون، فالأفراد فيه يدخلون هذا المجتمع بالولادات وينسحبون منه بالوفيات، ولذلك فهو في تغير دائم من حيث التركيب وأن مدة العضوية في هذا المجتمع لا تزيد عن مائة عام في أقصى الحالات الا قليلا )نعني بذلك أمل الحياة عند الولادة(.
  ولمعرفة الحالة التي يكون عليها السكان في أية فترة من فترات أو لحظة من اللحظات لأي قطر من الأقطار، لابد أن يكون هناك عدد من مصادر للمعلومات ان عدد السكان في لحظة زمنية، والتفصيلات الأخرى الخاصة بالمجموعات التي يتألف منها والخصائص الديموغرافية التي يتميز بها ...كل هذه المعلومات يتم الحصول عليها بواسطة التعداد السكاني.
  ما التغيرات التي تطرأ على المجتمع السكاني باستمرار بواسطة الولادات والوفيات والتي تؤدي الى التغير في عضوية هذا المجتمع. ونظرا لأهمية هذه التغيرات تطلب أغلب الدول تسجيل هذه الاحداث الحيوية مباشرة عند وقوعها وفي مكان وقوعها. وهو ما يدعى
  بالإحصاءات الحيوية التي تشمل أيضا احصاءات الزواج والطلاق وهي التي تمثل نظام الحالة المدنية.
  بذلك فمن أهم مصادر المعلومات عن السكان نجد التعداد السكاني والحالة المدنية للسكان .
  أولا: التعداد السكاني
  تعريف التعداد العام للسكان والإسكان:
  Le recensement général de la population et de l’habitat
  ـــ يعرف التعداد بأنه العملية الشاملة لجمع وتجهيز ونشر البيانات الديموغرافية
  والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بكل الأفراد في بلد ما أوفي جزء محدد منه في لحظة زمنية معينة.
  -فالتعداد اذن هو عملية احصائية لها قيمة كبيرة لكل البلد، وهو المصدر الأول للحقائق السكانية اللازمة للتخطيط الاجتماعي والاقتصادي على المستوى الوطني والعلمي.
  ــ كما يمكن تعريف التعداد أيضا بأنه عملية جمع وتنسيق ونشر المعلومات والمعطيات السكانية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بكل الأشخاص في البلد أو في غيرها من المناطق المحددة في وقت معين.
  فهو اذن عملية عد جميع السكان على مستوى الوطن ونتحصل عليه عن طريق زيارة مباشرة لكل شخص أو أسرة في المجتمع وهي عملية كبيرة ومعقدة، ويتم التعداد السكاني في تاريخ محدد، وتجرى أغلب الدول تعداداتها على فترات منتظمة كل 5 أو 10 سنوات حسب امكانيات كل بلد المادية والفنية.
  ثانيا: لمحة تاريخية
  يعتبر التعداد السكاني من أهم المصادر لدراسة السكان وخصائصهم وتغيراتهم، وهو أول العمليات الاحصائية المهمة التي فكر فيها الانسان منذ القدم لأغراض الخدمة العسكرية والضرائب والعمل. وأول بلد فكر وقام بهذه العملية نجد الصين ثم مصر وذلك 2000سنة ق م. كما عرف التعداد السكاني عند الرومان كذلك ولنفس الأهداف العسكرية والسياسية.
  لكن اختفت هذه العملية بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية مباشرة لتعد تظهر من جديد سنة 1666 في كندا ثم في الولايات المتحدة والدول الإسكندنافية سنة 1790 وكذلك في فرنسا سنة 1810 أين أجرى " بونابرت " أول تعداد للسكان، ثم عمت هذه الظاهرة كل بلدان أوروبا في نهاية القرن 19. أما في الجزائر فقد أجرى أول تعداد عام للسكان والسكن مباشرة بعد الاستقلال أي في سنة 1966 وآخر تعداد أجرته كان في سنة2022.
  ثالثا: أهمية التعداد السكاني
  تعد التعدادات السكانية أولى وأهم المصادر لجمع البيانات الجاهزة والمعلومات حيث يتم جمع المعلومات عن عدد السكان وتوزيعهم وتركيبهم، فهو مصدر أساسي للبيانات السكانية اللازمة عن السكان لأغراض ادارية والكثير من نواحي البحث والتخطيط الاقتصادي والاجتماعي.
  ــ يوفر التعداد الحقائق الأساسية بالنسبة للإدارة والسياسة الحكومية لتنظيم خططها المستقبلية على أساس المعلومات والبيانات التي يوفرها التعداد.
  ــ تعد معرفة التوزيع السكاني على رقعة الدولة ووحدتها الجغرافية ضرورة من ضرورات التخطيط الاقتصادي والاجتماعي.
  ــ التعداد مفيد في التجارة والصناعة حيث تتوقف التقديرات التي يمكن الثقة بها عند طلب المستهلكين على السلع والخدمات التي تتزايد باستمرار.
  رابعا: خصائص التعداد السكاني
  يمكن جمع خصائص التعداد في النقاط التالية:
  1-يخص التعداد منطقة جغرافية معينة ومحددة.
  2ـ يشمل التعداد جميع الأشخاص في المجتمع )المواطنون والأجانب(.
  3-ان التعداد تقوم به السلطات المركزية بالتعاون مع السلطات المحلية.
  4 ـ المعلومات التي يتم تسجيلها ينبغي أن تخص لحظة زمنية معينة.
  5ـ التعداد بمعناه الدقيق هو تسجيل للمعلومات المختلفة عن كل شخص من السكان وليس تلخيصا للمعلومات.
  خامسا: مراحل اجراء التعداد
  تمر عملية التعداد السكاني بالخطوات التالية:
  مرحلة التخطيط مرحلة التخطيط: هي المرحلة الاولى في عملية التعداد ويتوقف عليها نجاح العملية، والوصول الى أهدافها، ويستلزم التخطيط تحديد تكاليف وتوفير الميزانية واختبار الأسئلة التي ستوجه الى السكان وتحديد المناطق الجغرافية.
  مرحلة تنفيذ التعداد: تعتبر عملية التنفيذ خطوة اساسية من اهمها التأكد من شمولية التعداد بحيث لا يمكن نسيان أي شخص من المجتمع كما لا يسمح بالتكرار في العد. ثم بعدها تصميم الاستمارة التي تشمل على مجموعة أسئلة التي يراد جمع الاجابات حولها ثم اجراء مقابلات مع جمهور المبحوثين وهذا يكون بواسطة العدادين وأخيرا جمع المعلومات ومعالجتها.
  مرحلة اخراج التعداد: يتم اخراج نتائج التعداد في صورة دفاتر منشورة حتى تتحقق الفائدة المرجوة منه ويعرف تقرير التعداد بكراسات التعداد
  Les cahiers du recensement
  
  التي تحتوي على جداول احصائية بسيطة ومركبة مبوبة حسب السن والجنس بالإضافة الى الخصائص السكانية الأخرى.
  سادسا: أهداف التعداد السكاني: يمكن حصر أهداف التعداد في النقاط التالية:
  ــ الحصول على معطيات جديدة خاصة بالمميزات الاجتماعية والديموغرافية وظروف السكن للأسر.
  ــ التعرف على الخصائص الديموغرافية والتوزيع المكاني للسكان وعلى التطور الديموغرافي وظروف المعيشة الاجتماعية.
  -التعرف على المميزات الجوهرية لحظيرة السكن وتوزيعها المكاني.
  ــ التعرف على حجم هيكلة التشغيل والبطالة.
  ــ التعرف على المستوى التعليمي والتكويني والأمية.
  سابعا: أنواع التعدادات السكانية
  أثناء التعداد السكاني نجد نوعين من السكان، السكان الحاضرين أثناء اجراء التعداد مهما كانت صفتهم) مقيمين أو غير مقيمين في ذلك المكان( فيتم احصائهم وهو ما يسمى بالتعداد الفعلي. أما التعداد النظري فهو عد السكان حسب مكان الاقامة أي يتم احصاء الأشخاص الذين يقيمون في ذلك المكان الذي يتم فيه التعداد. لكن في هذه الحالة قد يصعب تحديد مكان الاقامة المعتاد خاصة بالنسبة للأشخاص الذين لديهم أكثر من مسكن. كما أن السكان المهاجرين لا يصرحون بمكان اقامتهم الحقيقية ظنا منهم أنهم سوف يرحلون الى مكان اقامتهم الأصلية.
  الكثير من الدول تفضل التعداد الفعلي لسهولة اجراءه وقلة الأخطاء به وترتفع درجة الاقبال على العد والتعاون مع العدادين.

ثانيا: الحالة المدنية
تعتبر سجلات الحالة المدنية المصدر الثاني المهم من مصادر المعلومات السكانية بعد

التعداد السكاني. وتشمل هذه السجلات على احصاءات الولادة والوفيات والزواج والطلاق والتي تسجل بصورة مستمرة في أغلب الدول.
ونظرا لأهمية الاحصاءات الحيوية كمصدر هام من مصادر الاحصاءات السكانية فقد اهتمت اللجنة الاحصائية ولجنة السكان في الأمم المتحدة منذ أوائل الخمسينات بتطوير هذه الإحصاءات. فقد وضعت توصيات تتعلق بإجراءات التسجيل ونماذج من الاستمارات القياسية التي تقدم فيها المعلومات وذلك لضمان تسجيل جميع الحوادث الديموغرافية وعلى أساس موحد لتوفي احصاءات دقيقة لأغراض وطنية ودولية وامكانية مقارنتها على النطاق الدولي.
ــ التعريف بالحالة المدنية
ان المقصود بنظام الحالة المدنية هو التسجيل القانوني والاحصائي للمعلومات عن الحوادث الديموغرافية الحيوية كالولادات والوفيات...كما يشمل أيضا جمع المعلومات واعدادها وتحليلها وعرضها عن تلك الواقعات، والتسجيل ينبغي أن يكون مستمرا وإلزاميا وشاملا لجميع الحوادث.
لمحة تاريخية:
تعود أصول عملية جمع البيانات الى العصور الوسطى حيث جمعت في ذلك الوقت بعض الاحصائيات الحيوية من طبقات سكانية معينة ثم أصبح نظام الحالة المدنية نظاما عالميا ومع ذلك لم تتمكن الا مجتمعات قليلة من اقامة نظم كاملة للتسجيل الحيوي. بذلك فان
مصالح الحالة المدنية حديثة العهد نسبيا ولا تشمل نل السكان في الدول السائرة في طريق النمو.
ونظرا لتفشي الأمية في أغلب هذه الدول فان معطيات الحالة المدنية تفتقد في مجملها الى
الدقة كما هو الحال بالنسبة لتاريخ الميلاد مما ينقص من أهميتها كمصدر موثوق للمعلومات الديموغرافية.
أما في الجزائر تعود الحالة المدنية الى حوالي سنة 1882 في الشمال حيث ظهرت في بعض المدن وبدأ العمل بها تدريجيا أما في مناطق الجنوب فقد ظهرت فيها الحالة المدنية ابتداء من سنة 1905. وحاليا تتم شهادات الحياة المدنية في المكان الذي تحدث فيه الظاهرة.
اهمية الحالة المدنية:
تتمثل أهمية التسجيل في الحالة المدنية في اعتباره مصدرا هاما وأساسيا ومباشرا للمعطيات السكانية حول عوامل النمو وتغير السكان وخاصة عوامل المواليد والوفيات والهجرة. هذا من جهة كما تساعدنا على قياس التغيرات في السكان بين فترات مختلفة سواء في حجم السكان أو توزيعه، تكوينه في حجم الأسرة وتكوينها بالنظر الى حوادث الزواج والطلاق والتبني والانفصال والهجرة ولا شك في أن هذه المعطيات تفيد في التعرف على اتجاهات التطور حاليا وفي المستقبل. الأمر الذي يمكن الاعتماد عليه في وضع الخطط والبرامج المناسبة.
وظائف الحالة المدنية:
يمكن تحديد وظيفتين أساسيتين لنظام الحالة المدنية في:
ـــ الوظيفة الادارية: تعتبر عقود الولادة والوفيات والزواج ... التي تصدرهم مصالح الحالة المدنية أثناء حدوث أي ظاهرة ديموغرافية الدليل الشرعي والقانوني للحادثة الديموغرافية سواء من حيث تاريخ الميلاد أو الحدث أو المكان، اسم الشخص المعني وكل المعلومات الضرورية المتعلقة بالظاهرة.
ــ الوظيفة الاحصائية: بحيث تفيدنا الحالة المدنية بالإحصائيات المتعلقة بالظواهر
الديموغرافية سواء كانت احصائيات سنوية أو خلال الاشهر أو أسبوع. وها يسمح لنا بملاحظة تطور هذه الظواهر خلال الزمن.
استنتاج: ان الحالة المدنية لا يمكن الاستغناء عنها، فلها أهمية كبرى بالنسبة للفرد والمجتمع والدولة ككل فهي مصدرا هاما للمعطيات السكانية حيث تساعدنا على قياس تغيرات السكان بين فترات مختلفة سواء في حجم السكان أو حجم الأسر.
مــــــــــحاضرة 4:
علاقة علم السكان بالعلوم الأخرى:
أولا: علاقة علم السكان بالاقتصاد
يعتبر علم الاقتصاد علما يهتم بدراسة الموارد البشرية المادية وحاجيات الانسان الاقتصادية ومدى كفايتها وتوزيعها للإنتاج. ويعتبر" مالتوس " من أول الباحثين الذين ربطوا بين السكان والاقتصاد من وجهة رياضية قادته الى اعتبار الفقر واليأس نتيجة لعدم التوازن بين سرعة نمو السكان ونمو الموارد الغذائية. فالدراسات الديموغرافية المعاصرة تهدف الى التأثير في نوعية الموارد البشرية وتفجير امكانياتها لتوائم بينها وبين مخططات التنمية وحاجات المجتمع من أجل تعميق التقدم الاقتصادي والاجتماعي. كما أن التخطيط الاقتصادي يعتمد أساسا على الدراسات السكانية فالوقائع الديموغرافية التي يقدمها علم السكان في إطار التحولات الاقتصادية والاجتماعية تعتبر أساسية في عملية التخطيط للتنمية الاقتصادية.
كما تجدر الاشارة هنا الى ظهور فرع الديموغرافيا الاقتصادية التي تهتم بدراسة السكان من وجهة نظر اقتصادية أي علاقة السكان بالمسائل الاقتصادية ولا سيما البحث في كيفية تلبية الحاجات الاقتصادية للسكان وتوفير مستوى لائق للحياة البشرية. لذا لا يمكننا أن نتكلم عن اقتصاد ناجح لا يملك رصيدا معرفيا في الديموغرافيا لأن عمله يتوقف بالدرجة الأولى على البنية الديموغرافية للمجتمع.
ثانيا: علاقة علم السكان بالتاريخ
لقد اتجهت عناية المؤرخين بموضوع تاريخ السكان حيث درس "بوليوس لوخ" موضوع توزيع السكان في أوروبا عصر الإمبراطورية الرومانية والعصور الوسطى ودرس كل من
" جاكسون تريز" في سنة 1893 بأمريكا و "يوجين كولسنجر" في 1932 بروسيا موضوع الهجرة في التاريخ وأثرها في الحياة الاجتماعية ثم السياسية في البلاد المفتوحة للهجرة.
بل ان التاريخ نفسه يهتم بالدراسات السكانية حيث يوقفنا على تطور النمو السكاني وتغيراته وأحوال السكان في كل حقبة زمنية والعوامل التي تلازم تحركات السكان. فالسكان بالنسبة للتاريخ هم الحياة اليومية الاجتماعية.
ثالثا: علاقة علم السكان بالإحصاء والرياضيات
يستعين الباحث في علم السكان في دراساته على السكانية على الأرقام فهو يعتمد أساسا على الطرق الرياضية والاحصائية. وتعود الجذور الأولى لهذه العلاقة الى التوقعات الاحصائية التقريبية لعدد السكان في فترة معينة للفارسية والهندية، وذلك اعتمادا على عدد القبور، اذ يرجع تاريخ الإحصائيات الأولى في أوروبا خلال القرن 16 لحساب تسجيلات نمو السكان. الا أن هذه التسجيلات لم تكن منتظمة خصوصا في فترة الحروب، الأمر الذي لم يساعد على معرفة درجة نمو السكان.
وفيما يتعلق بعلاقة الاحصاء بعلم السكان نلاحظ قدم الاهتمام بهذا الموضوع حيث استخدمت الاحصائيات في دراسة شؤون السكان المختلفة في المجتمع، كما كانت دراسة " جون جرونت" وإحصاءاته مثلا عمليا لهذه العلاقة الوثيقة بين السكان والاحصاء من حيث دراسة معدلات المواليد والوفيات وغيرها. وتعتبر دراسة " جرونت" أحد الدعائم التي استندت اليها الدراسة العلمية للسكان في نشأتها وتطورها، اذ اعتبره البعض ليس فقط مؤسسا لعلم الاحصاء بل مؤسسا أيضا للدراسة العلمية للسكان.