لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (29%)

أو لنقلْ: هي التي صاغتْ أوَّل هويَّة لجماعة في تاريخ الإنسان، إنَّ اللسان الواحد هو الذي جعل من كلِّ فئة من الناس "جماعة" واحدة، في المنعطفات أو المفاصل التاريخيَّة في حياة الجماعات، وهي منعطفات أو مفاصل ليستْ من نوع واحد، فقد يكون منعطفًا أو مفصلاً حضاريًّا إيجابيًّا تصَّاعد الجماعة، وقد يكون سلبيًّا تتعرَّض فيه للانكسار، وتغزوها رِياحُ التشتُّت والانطماس، وربَّما الغياب عن ساحة الفعل والتأثير، في كِلا الحالين تبرز قضية اللُّغة، وفي الغالب يتمُّ الربط بينهما ويتماهيان إلى درجةِ أنَّهما يكادان يُصبحان شيئًا واحدًا. وفي هذا السِّياق نستحضر بواكيرَ التحوُّل العربي من ضيق القبلية والبداوة إلى سَعة الحضارة والمدنيَّة، وكان أحدَ تجلياتها الواضحة الاتجاهُ الكبير نحو التدوين اللُّغوي، ونشاط الدِّراسات اللُّغويَّة والنَّحْوية، في إشارة واضحة وعميقة إلى التحوُّل في حياة أولئك الأعراب، وشعورهم بأنَّهم أصحابُ هويَّة. الصورة المقابلة صورتنا - نحن العربَ والمسلمين - بعد الحقبة العثمانيَّة، في طريقهم إلى التشرذم والتفكُّك تحت تأثير الانقطاع الحضاريِّ الطويل، وأيضًا تحت تأثير العقل الاستعماري الذي يُريد أن ينهب ويُهيمن ويستتبع، ويومها أيضًا برزت قضية اللُّغة، فقد قُدِّمت اللُّغة العربيَّة على أنَّها بديلٌ للفكر الذي غذاها (الإسلام)، وجُعل العنصران (عُنصرَا هوية الأمَّة)، فإنَّنا سنُركِّز على اللُّغة والهُويَّة، والعَلاقة القائمة بينهما، وإذا كنَّا قد نثرنا إشاراتٍ إلى عُمق تلك العلاقة، لنرصدَ الدوائر التي يلتقيان فيها، والقواسمَ المشتركة التي تجمع بينهما. إنَّ كلاًّ من اللُّغة والهُويَّة خاصية إنسانيَّة، فاللُّغة بالمفهوم الذي أصَّلناه في فقرة سابقة هي لغة الإنسان، فما يجمع بين فصيل من الحيوانات أو سِرْب من الطيور أو نحو ذلك، وإنَّما كانتا (اللُّغة والهُويَّة) خاصيتَين إنسانيتَين؛ وهذا ما يجعلنا نقول إنَّ كلاًّ منهما مرتبط بالعقل، وهذه دائرةٌ جديدة مرتبطة أشدَّ الارتباط بسابقتها، بمعنى أنَّهما قديمتان وُجدتَا مع وجود الإنسان على هذه الأرض، إنَّ الله – سبحانه وتعالى - ميَّز آدم – عليه السلم – بــــ "عِلْم الأسماء"[12]، وما الأسماء في حقيقتها إلاَّ نوع من اللُّغة التي تجعله قادرًا على التفكير فيما يحيط به، ثم إنَّ هذه العملية - عملية التعليم نفسِه لآدم - حدَّدت هُويته ومَيَّزته عن غيره من المخلوقات، فهو كائنٌ مختلف يعرف ما لا يعرفون، أعني: أنَّهما أشياءُ تندرج تحتها أجزاء، وهي أجزاء متداخلة لا يمكن فصلُ بعضها من بعض، اللُّغة تحتوي طرائقَ التفكير والتاريخ والمشاعر، وإرادة الناس وطُموحاتهم وشَكْل علاقاتهم، والهُويَّة أيضًا هي هذه العناصر في كُلِّيتها وتركُّبها. وهُمَا - إضافةً إلى ذلك - تاريخيتان، بمعنى أنَّهما محتاجتان إلى التاريخ أو الزَّمن حتى تتشكَّلاَ وتتعمَّقَا، فأوليتهما يُراد منها الإشارةُ إلى ملازمتهما للإنسان، وتاريخيتهما تُشير إلى ما تحتاجانِ إليه حتى تنضجَا. والمقصود من "الجمعيَّة" أنَّهما لا تعيشان داخلَ الفرد منعزلاً،اللُّغة والهُويَّة هما إذًا وجهان لشيء واحد، بعبارة أخرى: إنَّ الإنسان في جوهره ليس سوى لُغة وهُويَّة، وهذه الأشياء هي وجهه وحقيقته وهُويته، وفي ذلك الإنسان ومقوماته يقول الشاعر القديم ذلك البيتَ الذي نعرفه جميعًا:
وعلى الرغم من دوائر الالتقاء بين اللُّغة والهُويَّة فإن من المشروع أن نسأل: هل ثمةَ دوائرُ يفترقان فيها؟
والجواب: أنَّ ثمة مَن يضع حدودًا بينهما،


النص الأصلي

اللُّغة أقدمُ تجليات الهويَّة، أو لنقلْ: هي التي صاغتْ أوَّل هويَّة لجماعة في تاريخ الإنسان، إنَّ اللسان الواحد هو الذي جعل من كلِّ فئة من الناس "جماعة" واحدة، ذات هويَّة مستقلة، ويزداد الاهتمام باللُّغة والهويَّة معًا، ويشيع الحديث عنهما، في المنعطفات أو المفاصل التاريخيَّة في حياة الجماعات، وهي منعطفات أو مفاصل ليستْ من نوع واحد، فقد يكون منعطفًا أو مفصلاً حضاريًّا إيجابيًّا تصَّاعد الجماعة، أو تثب فيه نحو الحضارة والتقدُّم، وقد يكون سلبيًّا تتعرَّض فيه للانكسار، وتغزوها رِياحُ التشتُّت والانطماس، وربَّما الغياب عن ساحة الفعل والتأثير، في كِلا الحالين تبرز قضية اللُّغة، وقضية الهويَّة، وفي الغالب يتمُّ الربط بينهما ويتماهيان إلى درجةِ أنَّهما يكادان يُصبحان شيئًا واحدًا.
 وفي هذا السِّياق نستحضر بواكيرَ التحوُّل العربي من ضيق القبلية والبداوة إلى سَعة الحضارة والمدنيَّة، هذه النقلة التي أحدثَها الإسلامُ، وكان أحدَ تجلياتها الواضحة الاتجاهُ الكبير نحو التدوين اللُّغوي، ونشاط الدِّراسات اللُّغويَّة والنَّحْوية، في إشارة واضحة وعميقة إلى التحوُّل في حياة أولئك الأعراب، وشعورهم بأنَّهم أصحابُ هويَّة.
 الصورة المقابلة صورتنا - نحن العربَ والمسلمين - بعد الحقبة العثمانيَّة، وموت الرجل المريض، وفيها يبدو المسلمون عامَّة، والعرب منهم خاصَّة، في طريقهم إلى التشرذم والتفكُّك تحت تأثير الانقطاع الحضاريِّ الطويل، والسُّبات الذي امتد قرونًا، وأيضًا تحت تأثير العقل الاستعماري الذي يُريد أن ينهب ويُهيمن ويستتبع، ويومها أيضًا برزت قضية اللُّغة، وإن كانت الظروف مختلفة، فقد قُدِّمت اللُّغة العربيَّة على أنَّها بديلٌ للفكر الذي غذاها (الإسلام)، وجُعل العنصران (عُنصرَا هوية الأمَّة)، على أنَّهما نقيضان، ولسْنَا في معرض العوامل التي كانت وراءَ ذلك.
 وحتى لا نخرج من إطار الموضوع، فإنَّنا سنُركِّز على اللُّغة والهُويَّة، والعَلاقة القائمة بينهما، وإذا كنَّا قد نثرنا إشاراتٍ إلى عُمق تلك العلاقة، فإنَّنا سنضعهما هنا تحت المجهر؛ لنرصدَ الدوائر التي يلتقيان فيها، والقواسمَ المشتركة التي تجمع بينهما.
 إنَّ كلاًّ من اللُّغة والهُويَّة خاصية إنسانيَّة، فاللُّغة بالمفهوم الذي أصَّلناه في فقرة سابقة هي لغة الإنسان، لا يشاركه فيها كائنٌ آخر، وكذا شأن الهُويَّة، فما يجمع بين فصيل من الحيوانات أو سِرْب من الطيور أو نحو ذلك، ليس بالتأكيد هُويَّة.
 وإنَّما كانتا (اللُّغة والهُويَّة) خاصيتَين إنسانيتَين؛ لأنَّ الإنسان وحدَه هو الذي يملك الوعي، والشُّعور بالذات، وبالآخر، وهذا ما يجعلنا نقول إنَّ كلاًّ منهما مرتبط بالعقل، وهذه دائرةٌ جديدة مرتبطة أشدَّ الارتباط بسابقتها، هما إذًا خاصيتان عاقلتان.
 وهما أيضًا أوَّليتان، بمعنى أنَّهما قديمتان وُجدتَا مع وجود الإنسان على هذه الأرض، إنَّ الله – سبحانه وتعالى - ميَّز آدم – عليه السلم – بــــ "عِلْم الأسماء"[12]، وما الأسماء في حقيقتها إلاَّ نوع من اللُّغة التي تجعله قادرًا على التفكير فيما يحيط به، والتعامل معه، ثم إنَّ هذه العملية - عملية التعليم نفسِه لآدم - حدَّدت هُويته ومَيَّزته عن غيره من المخلوقات، فهو كائنٌ مختلف يعرف ما لا يعرفون، ولديه خصائص ليستْ فيهم.
 وكلٌّ منهما كذلك كُلٌّ مركَّب، بلغة الفلسفة والمنطق؛ أعني: أنَّهما أشياءُ تندرج تحتها أجزاء، وهي أجزاء متداخلة لا يمكن فصلُ بعضها من بعض، اللُّغة تحتوي طرائقَ التفكير والتاريخ والمشاعر، وإرادة الناس وطُموحاتهم وشَكْل علاقاتهم، والهُويَّة أيضًا هي هذه العناصر في كُلِّيتها وتركُّبها.
 وهُمَا - إضافةً إلى ذلك - تاريخيتان، بمعنى أنَّهما محتاجتان إلى التاريخ أو الزَّمن حتى تتشكَّلاَ وتتعمَّقَا، وتأخذَا الأبعاد اللازمة، ولا يَتنافى هذا مع ما قُلناه من أنَّهما أوَّليتان، فأوليتهما يُراد منها الإشارةُ إلى ملازمتهما للإنسان، وتاريخيتهما تُشير إلى ما تحتاجانِ إليه حتى تنضجَا.
 ثم إنَّهما جمعِيَّتان، والمقصود من "الجمعيَّة" أنَّهما لا تعيشان داخلَ الفرد منعزلاً، إلاَّ في صورة ساذجة، لا تجعل منهما مستحقتَين لاسميهما.
 
اللُّغة والهُويَّة هما إذًا وجهان لشيء واحد، بعبارة أخرى: إنَّ الإنسان في جوهره ليس سوى لُغة وهُويَّة، اللُّغة فِكرُه ولسانه، وفي الوقت نفسه انتماؤه، وهذه الأشياء هي وجهه وحقيقته وهُويته، وشأن الجماعة، أو الأمَّة هو شأن الفرْد، لا فرق بينهما، وفي ذلك الإنسان ومقوماته يقول الشاعر القديم ذلك البيتَ الذي نعرفه جميعًا:


وعلى الرغم من دوائر الالتقاء بين اللُّغة والهُويَّة فإن من المشروع أن نسأل: هل ثمةَ دوائرُ يفترقان فيها؟
والجواب: أنَّ ثمة مَن يضع حدودًا بينهما، أو لنقل: إنَّ بعضهم يرى الهُويَّة أكثرَ في غير اللُّغة[14].


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

عاصر اهتماما با...

عاصر اهتماما بالغا بتربٌة الطفل فى سنٌن عمره المختلفةوٌعد هذا امتدادا لاهتمام الدولة بتربٌة وتنشبة أ...

ثالثاً، هيكل ال...

ثالثاً، هيكل التكاليف يجب تحليل هيكل التكاليف داخل الشركة وبخاصة علاقة التكاليف بكل من حجم الإنتاج و...

Nervous system:...

Nervous system: • ANS regulates everyday requirements of vital body functions without conscious part...

وبالرغم من غيوم...

وبالرغم من غيوم السماء كان منظرا جميلا من اسراب البط البري الذي يحلق على صفحة السماء وتقلبات الطقس م...

Приступая к изу...

Приступая к изучению этого вопроса, нужно обратить внимание на то, что самодержавие решило взять на ...

يعد التوافق الن...

يعد التوافق النفسي من المفاهيم المهمة في علم النفس فبلغ اهتمام بعض المختصين بمفهوم التوافق أقصى حد ل...

التعميم: قد يُع...

التعميم: قد يُعتبر الكتاب متعممًا في بعض الحالات، حيث يمكن أن يعكس صورة مجتمعية محددة دون النظر إلى ...

1-Experience Ev...

1-Experience Every workplace these days focuses on experience, and this is truly clear these days. F...

تكمن مشكلة البح...

تكمن مشكلة البحث فًي عزوف المستثمرٌين عن االستثمار فً المجاالت التً ٌكون ً سلبٌاً على استثماراتهم و...

اسمُه الكامل إر...

اسمُه الكامل إرنست ميلر همينغوي، من مواليد عام 1899 للميلاد، ويعدّ من أشهر كتاب القصة والرواية الأمي...

- غمر نور النها...

- غمر نور النهار الكون و استيقظت آن بدأت بتأمل شجرة الكرز. تأملت عيني آن العاشقة لبساتين المرتفعات ا...

فنظرت مليا في م...

فنظرت مليا في مرآة خزانة الملابس فارتَعتُ. ما كل هذه التجاعيد حول عيني؟ وما هذا الظهر الذي تقوس وانح...