لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

بين الأحداث العالمية المتلاحقة والتحولات الجيوسياسية المتسارعة، يجد العالم العربي نفسه يوميا أمام تقاطعات معقدة بين صراعات الخارج وأزمات الداخل، وبين تجاذبات متجددة حول معاني الهوية والانتماء. ومعها تتشابك قضايا اليمن وسوريا وباكستان والهند، فصوت الشعب يعلو بالانتقاد والسخرية من حال البلد اليومية، هذه المقالة تحاول تقديم قراءة شاملة لما تحمله تلك التطورات من دلالات، وانعكاساتها على الشعوب والهويات والخطاب العام. مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، شهدت المنطقة تصعيداً غير مسبوق حيث شاركت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في شن هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على أهداف إسرائيلية، وأيضاً على حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" وبعض القطع الحربية التابعة لها في البحر الأحمر. الإعلان اليمني جاء دفاعاً عما سموه "مظلومية الشعب الفلسطيني"، خرج الرئيس الأمريكي ليعلن بشكل أحادي أن الحوثيين "استسلموا" وتوقفوا عن مهاجمة السفن باستثناء تلك المتجهة إلى إسرائيل، وانعكس فيه افتراق واضح بين الموقف الأمريكي – الذي بات يعمل وفق اعتبارات مصلحته الذاتية – والإسرائيلي الذي يظهر أنه يخسر جزءاً من الدعم الغربي التقليدي لصالح حسابات جديدة. رغم الضربات الشديدة التي تلقتها الجماعة اليمنية من قوات التحالف، ما أدى لتعطل خطوط الطيران الدولية إلى إسرائيل وخسائر اقتصادية ومعنوية جسيمة. وسط تآكل صورتها عالمياً وتراكم الانتقادات حتى من دول أوروبية كانت حتى الأمس القريب من أقوى داعميها. يبدو أن معادلة الصمود والمقاومة أصبحت قيد المراجعة المستمرة على مستوى الخطاب والسياسات في المنطقة. القوة الأوروبية الثانية بعد أمريكا في دعم إسرائيل، وهو كلام لم يكن ممكناً حتى وقت قريب ضمن السياق الألماني المثقل بثقافة الذنب والدعم غير المشروط لإسرائيل. مع بروز أصوات تطالب بالاعتراف بفلسطين وتنتقد إيران إسرائيل في العلن، منها فنلندا وهولندا وإسبانيا، داخل الكيان الإسرائيلي نفسه تتزايد الأصوات المنتقدة لسياسات نتنياهو. محذراً من أن مستقبل إسرائيل على المحك وأن البلاد في أخطر أزمة منذ تأسيس الكيان في 1948. يعلون دعا للعصيان المدني واعتبر الأزمة الحالية مفصلية: "إما العودة لدولة ديمقراطية ليبرالية أو الاستمرار في مسار فاشي فاشل". هذا التصدع يدل على اهتزاز الإجماع الإسرائيلي الداخلي، مع تشرذم متزايد بين صقور اليمين الديني-الصهيوني وبقية أطياف المجتمع، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحمد الشرع – الذي يوصف سابقاً بالإرهابي وكان موضوعاً على قوائم الملاحقة والجائزة المالية – في قصر الإليزيه. هذا الحدث علامة بارزة على تغير جذري في التعاطي الغربي مع الملف السوري، حيث يتحول من العزلة التامة إلى محاولة إعادة الإدماج، كما تعهد بضمان عدم تهديد المقاتلين الأجانب لأي دولة في الإقليم، وإيجاد حلول قانونية لمن تبقوا منهم في سوريا خاصة بعد تزاوجهم وإنجابهم من السوريات. فإن هذه الخطوة تعتبر انتصاراً رمزياً كبيراً للنظام السوري وتعبيراً عن تغير آليات الحسابات الأوروبية حيال سوريا بعد ما أظهرت الوقائع آثار انهيار الدولة السورية على الاتحاد الأوروبي نفسه؛ فرنسا اليوم باتت تضغط باتجاه دعم استقرار سوريا في حين لا تزال بعض الدول الإسلامية والعربية تفرض خطوطاً حمراء ضد الحكومة السورية، وهذا يضع الشرع وحكومته في موقف تفاوضي أقوى ويعيد رسم خريطة النفوذ والحسابات داخل سوريا والإقليم. منذ رحيل الاستعمار البريطاني، تشهد المنطقة التنازع على 222 ألف كيلومتر مربع يسكنها غالبية مسلمة وإثنية مختلطة. معظم الحروب الأربعة بين الدولتين (1947، مع نشوب حرب جديدة وسقوط خمس طائرات هندية في غضون ساعات والتصعيد داخل كشمير، خاصة ضمن مشروع طريق الحرير الجديد. خلافاً للعقيدة الهندية التي تحصر استخدام النووي في الرد على هجوم نووي أول فقط. هذا التناقض يزيد من احتمال انفجار نزاع غير محسوب مخاطره. للصراعات الهندية-الباكستانية انعكاسات عميقة على دول الخليج بسبب وجود ملايين العمال من الهند وباكستان وبنغلادش، فضلاً عن المخاوف من انفجار ديموغرافي أو أزمات داخلية في حال تفجرت حرب موسعة. الذي يتهمه كثير من المسلمين بممارسة اضطهاد قاس وقوانين عنصرية ضد الأقلية المسلمة. داخل الجزائر، من غلاء الأسعار إلى البطالة وتدهور الخدمات العامة. تحولت قضية استيراد وقرعة "كباش العيد" إلى مادة ساخرة رافضة؛ هل من المنطق أن تقف الدولة لتوزع كباشاً مستوردة عبر سحوبات، ويحتفي الإعلام الرسمي بذلك كمنجز؟ جاءت الانتقادات حادة من مواطنين يرفضون أن يُستبدل حق العمل والكرامة والتمكين الاقتصادي بمنحة أو صدقة أو كبش "رمز للذل" كما عبّر العديد بوضوح. ودولة يصير أقصى أحلام شبابها وظيفة أو مسكن، وتزداد حدة المفارقات مع المقارنات الدولية أو الإقليمية. الحديث عن عدالة الجزائريين يعرج بسرعة على مفارقات النظام القضائي: أربعة شبان حكم عليهم بالسجن 12 سنة بسبب المضاربة في "الموز"، هذا التفاوت يعكس منطقاً مختلاً في التعامل مع القانون، تواصل الخطاب الرسمي حول "الإرهاب" في الجزائر منذ ثلاثة عقود، غالباً من مناطق معينة وبطرق نمطية متكررة. وخلق أجواء تشل الاستثمار والتغيير الجذري. كلا الطرفين ينجرف إلى استنساخ صراعات هووية لا أزمة حقيقية فيها، فهي عرو-أمازيغية إسلامية، بنت تراكمات اللغة والدين والهجرة والزمن والجغرافي. وهوية أعمق من كل تفريعات اللغة أو الثقافة. ويظل الاختبار الحقيقي في السلوك والمعاملة لا في "نقاء النسب" أو "نقاء اللغة". يتردد في كلام الجزائريين المهمومين بأحوال بلادهم أن "ذكر الله يُطمئن القلوب". التحدي الحقيقي أمام المجتمع الجزائري – وسواه من المجتمعات العربية – هو كيفية إنهاء الحكم "المافياوي" العسكري وبناء نظام جديد يولي الأولوية للعدل والكرامة، لا الصراعات الهوياتية الفارغة أو سياسات الترقيع والخوف الدائم. تحقيق هذا التحول لا يكون إلا بقبول التعددية والاختلاف وفصل الدين عن الاستثمار السياسي، ومن ساحة السياسة الدولية إلى يوميات المواطن الجزائري، المشهد متشابك والمعارك ملتهبة بين قوى تتصارع من أجل النفوذ واستمرار الأنظمة، وشعوب تصارع الفقر والقمع وسرديات التخويف وصراعات الهويات الفرعية. ويبقى الدرس الأهم دوماً: لا فرق بين عربي وأمازيغي ولا بين أبيض وأسود ولا بين السني والشيعي إلا بمقدار ما يحمل كلٌّ للناس من عدل وخير ورحمة.


النص الأصلي

بين الأحداث العالمية المتلاحقة والتحولات الجيوسياسية المتسارعة، يجد العالم العربي نفسه يوميا أمام تقاطعات معقدة بين صراعات الخارج وأزمات الداخل، بين محاولة انتزاع حق الشعوب في الوجود والكرامة، وبين تجاذبات متجددة حول معاني الهوية والانتماء. في هذا السياق المضطرب، تأتي فلسطين، وغزة بالتحديد، كجرح غائر لا يغيب عن العين ولا عن الوجدان، ومعها تتشابك قضايا اليمن وسوريا وباكستان والهند، لتصوغ مشهداً دولياً يعج بالتقلبات والمخاطر. أما في الجزائر، فصوت الشعب يعلو بالانتقاد والسخرية من حال البلد اليومية، في صورة تعكس البون الشاسع بين تطلعات الأفراد وواقع أنظمة الحكم.


هذه المقالة تحاول تقديم قراءة شاملة لما تحمله تلك التطورات من دلالات، وانعكاساتها على الشعوب والهويات والخطاب العام.


مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، شهدت المنطقة تصعيداً غير مسبوق حيث شاركت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في شن هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على أهداف إسرائيلية، وأيضاً على حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" وبعض القطع الحربية التابعة لها في البحر الأحمر. الإعلان اليمني جاء دفاعاً عما سموه "مظلومية الشعب الفلسطيني"، ورفضاً للجرائم المرتكبة بحق غزة.


في المقابل، خرج الرئيس الأمريكي ليعلن بشكل أحادي أن الحوثيين "استسلموا" وتوقفوا عن مهاجمة السفن باستثناء تلك المتجهة إلى إسرائيل، واعتبر هذا الاتفاق انتصاراً أمريكياً. ولكن الحقيقة أكثر تعقيداً: الاتفاق جاء بعد أشهر من المفاوضات السرية في عمان، وانعكس فيه افتراق واضح بين الموقف الأمريكي – الذي بات يعمل وفق اعتبارات مصلحته الذاتية – والإسرائيلي الذي يظهر أنه يخسر جزءاً من الدعم الغربي التقليدي لصالح حسابات جديدة.


رغم الضربات الشديدة التي تلقتها الجماعة اليمنية من قوات التحالف، إلا أنها صمدت واستمرت في استهداف إسرائيل بطائرات وصواريخ، ما أدى لتعطل خطوط الطيران الدولية إلى إسرائيل وخسائر اقتصادية ومعنوية جسيمة. هنا ينقلب ميزان الخسارة ليبدو أن إسرائيل هي أكثر المتضررين على المدى الطويل، وسط تآكل صورتها عالمياً وتراكم الانتقادات حتى من دول أوروبية كانت حتى الأمس القريب من أقوى داعميها.


أما أمريكا فبحسابات سياسية براغماتية، ترى أن ضمان أمن سفنها والخروج من استنزاف المواجهة بات أولوية، حتى وإن جاء ذلك على حساب دعمها التقليدي للكيان الإسرائيلي. وفي نهاية المطاف، يبدو أن معادلة الصمود والمقاومة أصبحت قيد المراجعة المستمرة على مستوى الخطاب والسياسات في المنطقة.


لأول مرة منذ عقود يبرز تململ في أوروبا من سياسات إسرائيل. مستشار ألمانيا، القوة الأوروبية الثانية بعد أمريكا في دعم إسرائيل، يصدر تصريحات ناقدة ويعبر عن انزعاجه مما تقوم به إسرائيل في غزة، معبّراً عن القلق والمخاوف، وهو كلام لم يكن ممكناً حتى وقت قريب ضمن السياق الألماني المثقل بثقافة الذنب والدعم غير المشروط لإسرائيل.


في المملكة المتحدة، نجد انشقاقات داخل حزب المحافظين، مع بروز أصوات تطالب بالاعتراف بفلسطين وتنتقد إيران إسرائيل في العلن، وتراجع بعض من كانوا داعمين تقليديين للكيان الإسرائيلي عن مواقفهم. وكذلك ست دول أوروبية، منها فنلندا وهولندا وإسبانيا، وقّعت على بيانات تنديد ورفض للسياسات الإسرائيلية في غزة و"سياسات التجويع".


صحيفة Financial Times – وهي من أهم صحف العالم ذات الثقل الاقتصادي – تؤكد في افتتاحيتها أن صمت الغرب المهين إزاء كارثة غزة يزيد التواطؤ ويورّط أوروبا وأمريكا أخلاقياً في الجريمة، وتدعو لتحرك جدّي لكبح جماح نتنياهو.


داخل الكيان الإسرائيلي نفسه تتزايد الأصوات المنتقدة لسياسات نتنياهو. وزير الدفاع السابق موشي يعلون وصف حكومته بالنازية وشبّه نتنياهو بهتلر، محذراً من أن مستقبل إسرائيل على المحك وأن البلاد في أخطر أزمة منذ تأسيس الكيان في 1948. يعلون دعا للعصيان المدني واعتبر الأزمة الحالية مفصلية: "إما العودة لدولة ديمقراطية ليبرالية أو الاستمرار في مسار فاشي فاشل".


هذا التصدع يدل على اهتزاز الإجماع الإسرائيلي الداخلي، مع تشرذم متزايد بين صقور اليمين الديني-الصهيوني وبقية أطياف المجتمع، ويعكس أزمة قيادة وثقة غير مسبوقة تنذر بتحولات عميقة.


في تطور لافت، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحمد الشرع – الذي يوصف سابقاً بالإرهابي وكان موضوعاً على قوائم الملاحقة والجائزة المالية – في قصر الإليزيه. هذا الحدث علامة بارزة على تغير جذري في التعاطي الغربي مع الملف السوري، حيث يتحول من العزلة التامة إلى محاولة إعادة الإدماج، ولو ضمن خطوط حمراء.


شرع أوضح في تصريحاته أن سوريا منفتحة على المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع، وأن حكومته ملتزمة باتفاقيات المعابر وتسعى للاستقرار، مؤكداً أن استقرار سوريا ليس مهماً للداخل فقط بل للمنطقة بأسرها. كما تعهد بضمان عدم تهديد المقاتلين الأجانب لأي دولة في الإقليم، وإيجاد حلول قانونية لمن تبقوا منهم في سوريا خاصة بعد تزاوجهم وإنجابهم من السوريات.


رغم الهجوم الشرس الذي تعرض له ماكرون من اليمين الفرنسي والمتشددين بسبب استقبال شخصية وصفوها بالإرهابية، فإن هذه الخطوة تعتبر انتصاراً رمزياً كبيراً للنظام السوري وتعبيراً عن تغير آليات الحسابات الأوروبية حيال سوريا بعد ما أظهرت الوقائع آثار انهيار الدولة السورية على الاتحاد الأوروبي نفسه؛ عبر الهجرة ومشاكل اليمين المتطرف.


فرنسا اليوم باتت تضغط باتجاه دعم استقرار سوريا في حين لا تزال بعض الدول الإسلامية والعربية تفرض خطوطاً حمراء ضد الحكومة السورية، وهذا يضع الشرع وحكومته في موقف تفاوضي أقوى ويعيد رسم خريطة النفوذ والحسابات داخل سوريا والإقليم.


القضية الكشميرية هي المحرك الأبدي للصراعات الهندو-باكستانية. منذ رحيل الاستعمار البريطاني، تشهد المنطقة التنازع على 222 ألف كيلومتر مربع يسكنها غالبية مسلمة وإثنية مختلطة. معظم الحروب الأربعة بين الدولتين (1947، 1965، 1971، و1999) نشبت من أجل كشمير، وبقيت محدودة دون التوسع لاستخدام السلاح النووي.


اليوم، مع نشوب حرب جديدة وسقوط خمس طائرات هندية في غضون ساعات والتصعيد داخل كشمير، يبرز السؤال: هل نقترب من أول مواجهة نووية مباشرة بين قوتين نوويتين في العالم؟


الهند تتفوق على باكستان عدداً وعتاداً وميزانية (80 مليار دولار للدفاع مقابل 10 مليارات لباكستان)، وتلقى دعماً غربياً متنامياً لاستخدامها كخط دفاع ضد الصين. في المقابل، تتحالف باكستان مع الصين كعمق استراتيجي واقتصادي، خاصة ضمن مشروع طريق الحرير الجديد.


وقد أعلنت العقيدة النووية الباكستانية أنها لا تستبعد استخدام السلاح النووي "دفاعياً" في حال تعرضت لتهديد وجودي، خلافاً للعقيدة الهندية التي تحصر استخدام النووي في الرد على هجوم نووي أول فقط. هذا التناقض يزيد من احتمال انفجار نزاع غير محسوب مخاطره.


للصراعات الهندية-الباكستانية انعكاسات عميقة على دول الخليج بسبب وجود ملايين العمال من الهند وباكستان وبنغلادش، فضلاً عن المخاوف من انفجار ديموغرافي أو أزمات داخلية في حال تفجرت حرب موسعة. أما الإمارات فتوجه نقداً كبيراً بسبب تحالفها العميق مع النظام الهندوسي المتطرف بزعامة مودي، الذي يتهمه كثير من المسلمين بممارسة اضطهاد قاس وقوانين عنصرية ضد الأقلية المسلمة.


داخل الجزائر، تعكس الحياة اليومية حزمة معقدة من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية؛ من غلاء الأسعار إلى البطالة وتدهور الخدمات العامة. تحولت قضية استيراد وقرعة "كباش العيد" إلى مادة ساخرة رافضة؛ هل من المنطق أن تقف الدولة لتوزع كباشاً مستوردة عبر سحوبات، ويحتفي الإعلام الرسمي بذلك كمنجز؟


جاءت الانتقادات حادة من مواطنين يرفضون أن يُستبدل حق العمل والكرامة والتمكين الاقتصادي بمنحة أو صدقة أو كبش "رمز للذل" كما عبّر العديد بوضوح. وراء هذه التفاصيل تبرز صورة أشمل: تدمير للوعي الاجتماعي، ودولة يصير أقصى أحلام شبابها وظيفة أو مسكن، وتزداد حدة المفارقات مع المقارنات الدولية أو الإقليمية.


الحديث عن عدالة الجزائريين يعرج بسرعة على مفارقات النظام القضائي: أربعة شبان حكم عليهم بالسجن 12 سنة بسبب المضاربة في "الموز"، بينما متهمون بالفساد أو بتعذيب وقتل مدنيين من رموز النظام السابق يُطلق سراحهم أو يقضون سنوات قليلة خلف القضبان. هذا التفاوت يعكس منطقاً مختلاً في التعامل مع القانون، حيث يبدو النظام مصمماً أساساً لحماية الطبقة الحاكمة وتصفية حساباتها أكثر من كونه أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية.


من المفارقات المستمرة أيضاً، تواصل الخطاب الرسمي حول "الإرهاب" في الجزائر منذ ثلاثة عقود، مع سرديات عن استسلام "إرهابيين" أسبوعياً، غالباً من مناطق معينة وبطرق نمطية متكررة. الهدف الباطن هو إدامة حالة الخوف وتعطيل تفاعل الناس مع واقعهم السياسي والاجتماعي، وخلق أجواء تشل الاستثمار والتغيير الجذري.


برز في الخطاب الجزائري السائد صراع حاد حول معنى الهوية والنسيج الوطني إثر تصريحات متطرفة من أطراف عدة. بعض المثقفين والسياسيين هاجموا الأمازيغية واعتبروها "مشروعاً صهيونياً فرنسياً"، بينما ردت قيادات مثل لويزة حنون بأن "الجزائريين كلهم أمازيغ"، مساوية في التطرف والغاء الآخر. كلا الطرفين ينجرف إلى استنساخ صراعات هووية لا أزمة حقيقية فيها، اللهم إلا ما يضخمها النظام لتشويه القضايا الكبرى.


وأحيانا يتحول النقاش إلى أسئلة حول أصول أسماء أو استعمال مصطلحات "أمازيغي" و"بربري"، مع استدعاء روايات تاريخية (مثل شهادة محي الدين عميمور عن تعريب مصطلح الأمازيغية على مستوى الدولة زمن الشاذلي بن جديد)، أو دفع النقاش لمنطق القوميات الإقصائية؛ عربية أم أمازيغية، شيوعية أم قومية.


الحقيقة أن الهوية الجزائرية، مثل سائر هويات المغرب الكبير، لها طابع تعددي معقد، فهي عرو-أمازيغية إسلامية، بنت تراكمات اللغة والدين والهجرة والزمن والجغرافي. وإن انزلاق السياسيين والمثقفين إلى سجال "إلغاء" تاريخي متطرف لا يصب في مصلحة المجتمع، بل يغذي الانقسامات ويعيد إنتاج سردية المستعمر حول "الهويات المتناحرة".


الرسالة الأعمق هنا أن الدين (الإسلام) يبقى جامعاً أساسياً، وهوية أعمق من كل تفريعات اللغة أو الثقافة. لا أحد اختار أصله، ويظل الاختبار الحقيقي في السلوك والمعاملة لا في "نقاء النسب" أو "نقاء اللغة".


يتردد في كلام الجزائريين المهمومين بأحوال بلادهم أن "ذكر الله يُطمئن القلوب". ليست المسألة إيماناً فردياً فقط، بل حالة اجتماعية تعكس القلق الجماعي والتوترات الممتدة. الدين هنا ليس عنوان هوية عابرة بل قوة تأسيسية في الأخلاق والانتما، ولو أن منطق الهيمنة أو الإقصاء لا يمتُّ لهذا الجوهر بصلة.


بعيدًا عن غبار السجالات المعطلة، التحدي الحقيقي أمام المجتمع الجزائري – وسواه من المجتمعات العربية – هو كيفية إنهاء الحكم "المافياوي" العسكري وبناء نظام جديد يولي الأولوية للعدل والكرامة، التعليم والعمل والصحة والطاقات الشابة، لا الصراعات الهوياتية الفارغة أو سياسات الترقيع والخوف الدائم.


تحقيق هذا التحول لا يكون إلا بقبول التعددية والاختلاف وفصل الدين عن الاستثمار السياسي، وبث روح المشاركة الجماعية في القرار والتغيير.


من غزة واليمن إلى سوريا فباكستان والهند، ومن ساحة السياسة الدولية إلى يوميات المواطن الجزائري، المشهد متشابك والمعارك ملتهبة بين قوى تتصارع من أجل النفوذ واستمرار الأنظمة، وشعوب تصارع الفقر والقمع وسرديات التخويف وصراعات الهويات الفرعية.


لن تخرج المنطقة من أزماتها إلا عندما يتوقف القادة عن تمزيق المجتمعات بحروب القومية والدين، ويعود الصوت للجماهير ليفرض على النخب أولوية حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.


ويبقى الدرس الأهم دوماً: لا فرق بين عربي وأمازيغي ولا بين أبيض وأسود ولا بين السني والشيعي إلا بمقدار ما يحمل كلٌّ للناس من عدل وخير ورحمة. فالوحدة الحقيقية هي وحدة الحلم في الحرية، ووحدة المصير تجاه المستقبل، ووحدة العمل لبناء الأوطان على أسس الكرامة والإنصاف والعقلانية.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

La vitesse de c...

La vitesse de corrosion d’un métal dans un milieu corrosif dépend à la fois des caractéristiques de ...

هناك عدة نظريات...

هناك عدة نظريات فسرت السعادة من أهمها ما يلي: ومنه فنظرية السعادة الحقيقية لسليجمان Seligman (دو...

التعريف بالقانو...

التعريف بالقانون التجاري أولاً المقصود بقانون المعاملات التجارية ءن الفئه القانوي 0 ، القانون التجار...

Definition of a...

Definition of a meaningful cognitive deficit الداللة ذو اإلدراكي العجز تعريف -2 يو س التقييم النفس ع...

1-Entrepreneurs...

1-Entrepreneurship is the process of forming an idea or an institution characterized by creativity t...

إليك التفسير ال...

إليك التفسير العلمي لكل عبارة: 1. حين يمر الضوء بين وسطين مختلفين فإنه ينكسر: الضوء ينكسر (أي يغير...

Santiago symbol...

Santiago symbolizes hope and challenge in his fishing journey at sea. A: Santiago never gave up. Ev...

لقد تغيرت معايي...

لقد تغيرت معايير النجاح في سوق العمل بشكل جذري. خلال السنوات القليلة الماضية، شهدنا طلباً متزايداً ع...

حادي عشر: تعريف...

حادي عشر: تعريف الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المعاقين: تعدد تعاريف الخدمة الاجتماعية في مجال رعاي...

This study inve...

This study investigated the relationship between knowledge and stigma related to schizophrenia, aimi...

Hi Youssef eh e...

Hi Youssef eh ela5bar Wana b edit el cv bta3y b3d mrf3to shoft sodfa el cv bta3ak mn bara kdaa Elbas...

كرة القدم ليست ...

كرة القدم ليست مجرد رياضة، بل هي شغف يجمع الناس من مختلف الثقافات والخلفيات. إنها هواية مليئة بالحما...