لخّصلي

يعد التلوث في لبنان من الأزمات المستعصیة التي تعیشھا البلاد، فالسنوات الأخیرة كانت شاھدة على العدید
من المشاكل البیئیة المستفحلة مع وجود المطامر غیر الصحیة والتي یزید انتشارھا على طول الشاطئ اللبناني، وأزمة بحیرة القرعون، وتلوث نھر اللیطاني وما یسببھ من ارتفاع في نسبة الإصابات بمرض السرطان، ھذا عدا عن ريّ المزروعات بالمیاه الملوثة، وغیرھا من المشاكل البیئیة المتعلقة بالمیاه والتي تتغاضى الدولة عن إیجاد حلول لھا رغم أنّ بعضھا لا یتطلب سوى قرار سیاسي، كتشغیل محطات التكریر
للمیاه الآسنة الجاھزة للعمل.
وفي ظل غیاب أي ثقافة بیئیة تحمي الثروة المائیة، لا تزال الكارثة البیئیة تتفاقم عاماً بعد عام، خصوصاً بعدما ضربت لبنان أزمتان بیئیتان في الأشھر الأخیرة لا تقلان خطورة عن بعضھما البعض، أولھما حادثة التسرّب النفطي الذي امتدّ على مساحة أكثر من 40 كیلومتراً من الشاطئ، وحادثة نفوق عشرات الأطنان من
الأسماك في بحیرة القرعون. بدءاً من نقص الثقافة البیئیة عند المواطن ورمي النفایات في مزاریب الصرف الصحي، مروراً بالمبیدات
الزراعیة المستعملة، والمصانع المنتشرة على طول ضفاف الأنھر وما تحدثھ من صرف صناعي، وصولاً إلى الدولة نفسھا التي تساھم في زیادة نسبة التلوث كرمي نفایات المطامر في البحر دون معالجة، وتغاضیھا عن تفعیل المخالفات البیئیة، كلھا عوامل تعدّ المساھم الرئیسي في زیادة نسبة تلوث المیاه في لبنان.
ویرى مدیر برنامج إدارة المناطق البحریة الساحلیة في الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبیعة )IUCN(، زیاد سماحة أنّ المواطن ھو المسؤول الأول عن التلوث في لبنان، بعیداً عن تقصیر الدولة، فرمي زیوت السیارات داخل المجاري، إضافةً إلى رمي النفایات والصرف الصحي داخل الأنھر والتي تصبّ في البحر ھي مسؤولیة المواطن والدولة معاً. وینقسم التلوث المائي إلى نوعین رئیسیین، الأول ھو التلوث الطبیعي، ویظھر في تغیر درجة حرارة الماء، أو زیادة ملوحتھ، أو ازدیاد المواد العالقة. والنوع الآخر ھو التلوث الكیمیائي، وتتعدد أشكالھ كالتلوث في میاه الصرف الصحي، والتسرب النفطي والتلوث بالمخلفات الزراعیة كمبیدات
الحشرات والمخصبات الزراعیة. وعلى مشارف فصل الصیف، ومع غلاء أسعار المسابح الخاصة نظراً لتدھور العملة الوطنیة، تكتظ
المسابح الشعبیة بزوارھا، إذ یقصد المواطنون في عطلة نھایة الأسبوع الشواطئ المنتشرة على طول الساحل للاستمتاع بالمیاه المصنّفة ملوّثة بمعظمھا. ورغم تحذیرات المركز الوطني للبحوث العلمیة من بعض الشواطئ إلاّ أنھا تبقى المنفذ الوحید لمحدودي الدخل، فقضاء یوم كامل على شاطئ خاص، یتطلب دفع مبالغ
طائلة توازي مصروف أسبوع لھذه العائلات. یعتبر شاطئ الرملة البیضاء نموذجاً حیاً لما یحدث على الشواطئ اللبنانیة الأخرى، فالشاطئ الممتد على
ساحل العاصمة یتعرض للتلوث بشكل مباشر عبر مصب للصرف الصحيّ یفرغ المواد الملوثة دون أي تكریر، وصنف المركز شاطئ الرملة البیضاء بالملوث جداً. وبعیداً عن مشكلة شاطئ الرملة البیضاء والتي تعود لسنوات طویلة، دون إیجاد أي حلّ لھا، فقد شھد لبنان خلال الأشھر الماضیة حادثة تسرب نفطي ما زالت تداعیاتھا البیئیة تصیب الشواطئ، ورغم مرور عدة أشھر على الحادثة إلا أنّ 90 بالمئة من المیاه الجنوبیة ما زالت بمعظمھا تحت تأثیر التلوث، بإستثناء بعض الأماكن خصوصاً المسابح والفنادق، بینما المنطقة الواقعة تحت نطاق محمیة صور والشاطئ البحري قد جرى تنظفیھ، بینما باقي المناطق لا تزال تحت أثر ذلك التلوث، بحسب مدیر المركز اللبناني للغوص،
یوسف الجندي