لخّصلي

وظائف الفن
1 - الوظيفة التكنيكية
حيث يتخذ الفن فيها صورة نشاط صناعي حر ويحيا فيها الفنان في عالم الصور الجمالية مكتفيا بممارسة النشاط الفني لذاته من دون أن تنسب إليه أي وظيفة أخلاقية أو عاطفية أو دينية أو سياسية وبذلك يقتصر الموسيقار على التفكير بلغته الخاصة والتي يصطنعها عندما يعمد إلى صياغة أنغامه وكذلك المصور بلغة الألوان والأشكال.
ولا شك أن مدرسة الفن للفن التي ظهرت في القرن الماضي إنما كانت صدى لهذه النزعة الأرستقراطية في الفن إذ وقع في ظن أصحابها من أمثال أوسكار وايلد ووليم بليك وغيرهما أن الفن نشاط نوعي تلقائي خاص هو الذي يسمح للفنان أن يحيا حياة أخرى مغايرة لحياة السواد الأعظم من الناس.
ولكن الخطأ الذي وقع فيه أصحاب هذه المدرسة إنما ينحصر في أنهم أرادوا أن يتخذوا من هذا المعيار الأرستقراطي الذي التزمه بعض الفنانين قاعدة عامة مطلقة يطبقونها على النشاط الفني كله.

2- الوظيفة الكمالية
حيث المقصود هنا أن على الفن أن ينسينا الحياة وذلك بأن يصرفنا إلى اللهو أو اللعب أو الترف أو غيره حيث معنى ذلك أن تأمل الجمال هو ضرب من التسلية أو المتعة وسط مشاغل الحياة وهمومها لأنه يمدنا بلذة تتيح لنا الفرار من الألم ومتاعب الحياة اليومية.

3- الوظيفة المثالية أو الوظيفة الأفلاطونية
تكون فيها مهمة الفن العمل على تجميل الواقع حيث يحاول الفنان إضفاء لباس جميل على الواقع يستمده من خياله الخصب ونوازعه السامية وخير مثال على هذا الفن روايات الفروسية وقصص البطولة وغيرها.
فالملاحظ في هذا النوع من الفن أن الإشباع الخيالي يأخذ محل النشاط العملي المقترن بالتوتر حينها يكون الإنتاج الفني مثل القناع الذي يخفي به الإنسان عجزه عن العمل وذلك باللجوء إلى المثل العليا والاحتماء بالمبادئ الإنسانية البراقة.

4- الوظيفة التطهيرية أو العلاجية
مهمة هذه الوظيفة هي تطهير أنفسنا من الانفعالات عن طريق ما أطلق عليه أرسطو قديما اسم "الكاثر سيس Katharsis" وهو أن تجيء المأساة فتحدث استبعاداً أو طرداً لما لدينا من مشاعر الخوف والرأفة والحب وما إلى ذلك من مشاعر عنيفة بأن تستوعب في نطاق خيالي غير ضار كل ما لدينا من حاجة إلى الشعور بمثل تلك الانفعالات، ففي هذه الحالة يقوم الفن بوظيفة إيجابية مهمة وهي التحرير أو تسهيل خروج هذه الانفعالات وهو ما سنتحدث عنه أو نذكره لاحقا في البحث.

5- الوظيفة التكرارية أو التسجيلية
حيث تكون المهمة هي تسجيل الواقع بقصد الحفاظ عليه بغض النظر هل هذه النزعة طبيعية أم حيوية أم واقعية أم وجودية ففي كل هذه الحالات يكمن الغرض من الفن تكرار الوقائع وزيادة حدتها من دون تعديلها.
"وهكذا قد يكون الفن مجرد أداة موضوعية يصوغ فيها الفنان حياته الخاصة دون أدنى تحيز أو قد يكون مجرد مظهر من مظاهر الأنانية وعبادة الذات أو قد يكون تعبيراً عن رغبة الفنان في إعادة قصة حبه من أجل التمتع بما فيها من سعادة للمرة الثانية"
أعتقد أنني أتفق تماماً مع لالو في تقسيمه لأوجه اتصال الفن مع الحياة الخمسة ففي رأيي الفن لا يمكن أن يكون الحياة نفسها، ولكن ذلك لا يعني أنه ليس من الحياة في شيء، لأنه من المؤكد أن الفن يُعبّر عن جوانب الحياة المختلفة وذلك واضح في تقسيم لالو، ولكنني أختلف معه في الوظيفة الثانية وهي الوظيفة الكمالية، فأنا أعتقد أن الفن ليس شيئا كمالياً فهو على الأقل يستخدم في التطهير من الانفعالات، وفي بعض الأحيان العلاج من الأمراض النفسية، ففي رأيي يجب تسميتها بالوظيفة الجمالية، فالله جميل يحب الجمال، وهو الشيء الذي لم يؤكد عليه لالو في هذا التصنيف، فعلى الرغم من أهمية الفن في هذه الوظائف الخمس السابقة الذكر، أعتقد أن وظيفة الفن الأساسية هي الوظيفة الجمالية، وعلى الرغم من شمول هذه الوظائف، إلا أنني أعتقد أنها لم تشمل جميع جوانب الحياة.
وإذا كان من العبث البحث عن نقطة معينة تشكل بداية الحركة الفنية الحديثة إلا أننا نعزو الفضل في بدايتها لفنان بعينه کسیزان مثلا ولكن إذا أردنا التحدث عن المدارس الفنية لنلقي الضوء على أبعادها الثقافية والنفسية، فمن المتعارف عليه أن الفن الحديث يبدأ مع الانطباعية فإلى المدارس الفنية الحديثة