لخّصلي

فكر في المباريات الكبرى التي كانت بالنسبة إليه بالإسبانية (كران ليخاس)، وفكر في نفسه: «هذا هو اليوم الثاني الذي لم أطلع فيه على نتائج الألعاب، ولكن يجب أن تكون لدي الثقة ب (ديماجيو) العظيم الذي يفعل كُل شيء على الوجه الأكمل، أيمكن أن يكون الألم الناتج عنه مثل نقرة الديك المقاتل في كعب إنسان؟ لا أظن أنني أستطيع أن أحتمل ذلك، أو أحتمل فقدان عينٍ أو كلتا العينين، وأواصل القتال كما تفعل الديوك المقاتلة، فأنا أفضّل أن أكون ذلك الحيوان في أعماق البحر المظلمة»، فإذا جاءت أسماك القرش، وفكر: «هل تعتقد أن دي ماغيو العظيم سيبقى مع سمكة المدة الطويلة نفسها التي سأمضيها مع هذه السمكة؟ أنا متأكد من أنه سيمكث تلك المدة وأكثر، ما دام أنه شاب وقوي، إضافة إلى أن والده كان صياد سمك، وعندما آلت الشمس إلى الغروب، وَمِرفقاهُما مرتكزان على خط رسم بالطباشير على المنضدة، وكل واحد منهما يحاول إنزال يد الآخر إلى المنضدة، وكان هناك رهان كثير عليهما، وغيروا المحكمين كل أربع ساعات بعد الساعات الثماني الأولى؛ المحكمون من النوم. وسال الدم من تحت أظافر يده وأظافر يد الزنجي، ويخرجون منها، ويراقبون، وكان ظل الزنجي ضخمًا، يحاول أن يبذل جهدًا جَبَّارًا، وقد استطاع مَرَّةً أن يزحزح يد الشيخ الذي لم يكن شيخا يوم ذاك وإنما (سنتياغو البطل ثلاث بوصات تقريبا عن الخط، ولكن الشيخ رفع يده إلى الأعلى ليعود إلى التعادل التام مرةً أخرى، كان متأكدا حينذاك أنه سيتغلب على الزنجي الذي كان رجلا لطيفًا ورياضيا عظيمًا، وعند انبلاج ضوء النهار، وفيما كان المتراهنون يطالبون بأن تكون النتيجة التعادل، وكان الحكم يهز رأسه موافقا، أطلق الشيخ مجهودًا، كانت المباراة قد بدأت صباح يوم من أيام الأحاد، وانتهت صباح يوم الإثنين، لأنه كان يتعين عليهم الذهاب إلى الميناء للعمل في تحميل أكياس الشكر، أو للعمل في شركة (هافانا) للفحم الحجري، ولكنه أنهاها على أية حال قبل أن يضطر
ولوقت طويل بعد تلك المباراة، ولكن لم يراهنوا بكثير من المال، وقد فاز هو كذلك بسهولة تامة؛ وبعد ذلك انخرط في مباريات قليلة ثم توقف بالمرة، لقد قرر أنه يستطيع التغلب على أي فرد إذا أراد، وراقب ظلها الذي أفزع مجموعات الأسماك الطائرة، وقال: مع وجود هذه الكثرة من الأسماك الطائرة هنا، ومال إلى الخلف شادا الخيط معه ليرى ما إذا كان من الممكن كسب أي شيء منه على حساب سمكته، ولكنه لم يتمكن، وبقي الخيط على توتره وارتعاشه، وفكر في نفسه: «لابد أن السفر بالطائرة أمر عجيب جدا، يستطيعون رؤية الأسماك بوضوح ما لم يُحلّقوا على علو

كم أود أن أحلق على ارتفاع مائتي قامة على مهل؛ وحتى من ذلك الارتفاع، رأيت
الكثير من هناك تبدو الدلافين أكثر اخضرارًا، وباستطاعتك أن ترى المجموعة كلها وهي تسبح فلماذا نجد أن للأسماك الشريعة الحركة جميعها في التيار الداكن ظهورًا قرمزية، وعادةً خطوطا أو بقعا قرمزية اللون؟ طبعا يبدو الدولفين أخضر؛ ولكنه عندما يأتي ليتغذى - وهو جائع حقا - تظهر خطوط قرمزية على جانبيه، ألا يمكن أن يُعزى بروز هذه الخطوط
إلى الغضب أو إلى السرعة الفائقة؟». وكانت تتلوى، وتخبط ذيلها بضراوة في الهواء، لقد قفزت سمكة الدولفين تلك مرة تلو الأخرى بطريقة بهلوانية من خوفها، فارتد الشيخ إلى مؤخر القارب، وأمسك بالحبل الكبير بيده اليمنى وذراعه، وعندما صارت
وهي تب، وتتخبط، ورفع السمكة الذهبية الصقيلة ببقعها الأرجوانية إلى مؤخر القارب، حتى قام الشيخ بضربها بهراوته

على رأسها الذهبي اللامع إلى أن ارتعشت، وهمدت. وأعاد وضع طعم جديد سمكة سردين أخرى على الشّصّ، ورمى به إلى البحر، ومسحها على سرواله،