لخّصلي

البنوك التجارية: نشأة، خصائص، ووظائف

تعد البنوك التجارية مؤسسات مالية هامة في أي دولة، و تلعب دورا أساسيا في النمو الاقتصادي. هذا المبحث يقدم عرضًا شاملا لنشأة البنوك التجارية، وتعريفها، وخصائصها، إضافة إلى الوظائف التي تمارسها.

نشأة البنوك التجارية: لم تكن نشأة البنوك التجارية في صورتها الحالية مباشرة، بل مرّت بتطور طويل بدأ بممارسات بدائية للتمويل مثل مؤسسات الإيداع عند كبار التجار والمرابيين والصاغة في العصور القديمة. ظهرت مهنة الصرافة كحرفة مستقلة مع استخدام النقود في المجتمعات القديمة، و تعود جذورها إلى العصر اليوناني القديم، وفي العصر الحديث ترجع إلى أواخر القرون الوسطى في شمال إيطاليا.

تعريف البنوك التجارية: تعدّدت التعريفات الخاصة بالبنوك التجارية بسبب اختلاف خصائصها ووظائفها. من أهم هذه التعريفات "المصرف التجاري هو المنشأة التي تقبل ودائع الأفراد والهيئات والمؤسسات تحت الطلب أو لأجل وتستخدمها في منح القروض، أهم ما يميزها هو قبولها للودائع تحت الطلب والحسابات الجارية، مما يؤدي إلى خلق النقود."

الخصائص المميزة للبنوك التجارية:

• تختلف أهداف البنوك التجارية عن البنك المركزي، فالبنوك التجارية تسعى إلى الربحية بينما يهدف البنك المركزي إلى مصلحة الاقتصاد الوطني.
• تتعامل البنوك التجارية بشكل مباشر مع الأفراد، بينما يتعامل البنك المركزي بشكل غير مباشر من خلال تعامله مع البنوك التجارية.
• تتميز البنوك التجارية بخلقها لودائع جديدة من خلال الإقراض والاستثمار، مما يؤدي إلى زيادة المعروض النقدي.
• تلجأ البنوك التجارية إلى مصادر متنوعة للتمويل، بينما تلجأ البنوك المتخصصة إلى أسواق رأس المال المحلية والدولية للحصول على تمويل.

أهداف البنوك التجارية: تسعى البنوك التجارية لتحقيق عدة أهداف، أهمها:

• الربحية: تتمثل في تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح من خلال زيادة الإيرادات وخفض التكاليف.
• السيولة: قُدرة البنك على تلبية طلبات العملاء من السحب من الأرصدة النقدية المودعة.
• سلامة المركز المالي: التأكد من قدرة البنك على تجنب الخسائر التي قد تُؤدي إلى إفلاسه.

الوظائف التقلیدیة للبنوك التجارية:

• قبول الودائع: تلعب الودائع دورًا أساسيًا في موارد البنوك التجارية.
• خلق نقود الودائع: تمارس البنوك التجارية هذه الوظيفة عن طريق منح قروض تزيد قيمتها عن قيمة الودائع الأولية، مما يؤدي إلى زيادة المعروض النقدي.
• منح الائتمان: تقدم البنوك التجارية أنواعًا مختلفة من القروض قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل.
• القيام بالخدمات نيابة عن العملاء: إصدار خطابات الضمان، تحصيل الشيكات والكمبيالات، وسداد الديون نيابة عن العملاء.

تطوّر وظائف البنوك التجارية: مع التطور المستمر في النشاط المصرفي، تطورت أيضًا وظائف البنوك التجارية والخدمات التي تقدمها.

مبحث الأول : البنوك التجاریة – ماھیتھا وخصائصھا
تعتبر البنوك التجاریة أھم المؤسسات المالیة في أي دولة فھي تأتي في الدرجة الثانیة بعد البنك
المركزي من حیث ترأس قمة النظام المصرفي, كما أن النمو والتقدم مقرونین أساسا بالبنوك التجاریة، لذلك خصصنا ھذا المبحث لعرض مختلف التعاریف والخصائص الممیزة للبنوك التجاریة وكذلك مختلف الوظائف التي تمارسھا قبل أن تتأثر بالتغیرات والتطورات التي طرأت على الساحة الدولیة في الآونة
الأخیرة.
المطلب الأول: نشأة وتعریف البنوك التجاریة
تعتبر البنوك التجاریة قدیمة النشأة، وقد مرت بعدة مراحل لتصل إلى ماھي علیھ الآن وھذا ما سیتم عرضھ في ھذا المطلب.
أولا : نشأة البنوك التجاریة :
لم تكن نشأة البنوك التجاریة في صورتھا الراھنة وإنما كانت بفعل التطور الطویل الذي قام على
أنقاض مجموعة من النظم البدائیة التي كانت تتولى عملیات الائتمان في صورتھا الأولى حیث عرف العالم القدیم مؤسسات الإیداع منذ أوائل العصور القدیمة, "وكان یتولى عملیة الائتمان كبار التجار والمرابین والصاغة ولقد حلت محلھا فیما بعد البنوك الحدیثة."1 حیث ظھرت مھنة الصرافة كحرفة قائمة بذاتھا مع ظھور النقود واستخدامھا من قبل المجتمعات وترجع ھذه الحرفة إلى عھد الإغریق قدیما، وفي
العصر الحدیث فھي ترجع إلى أواخر القرون الوسطى أین نشأت في شمال إیطالیا. 1. كبار التجار: حیث كانوا موضع ثقة التجار وباقي الأفراد وكانوا یساعدون بأموالھم على تنشیط التجارة فأتمنھم الأفراد واستودعوھم النقود وكانوا یحصلون في مقابلھا على شھادات إیداع تثبت
لھم ذلك نظیر عمولة یحصل علیھا التجار المودع لدیھم. 2. المرابون: كان المرابون العادیون یستخدمون أموالھم الخاصة في عملیات الإقراض ویتقاضون
مقابل ذلك مبلغا من النقود – بما یسمى ربا-. 3. الصاغة: كان الأفراد یتجھون إلیھم في البدایة للكشف عن عیار النقود المعدنیة ثم تطور الأمر
بعد ذلك فكانوا یبیعون العملات المعدنیة من كل الأنواع, و بدأوا یحصلون على أموال بصف ودیعة لدیھم في مقابل شھادات إیداع، وبذلك اكتسبوا مھنة أخرى ھي أعمال الصرافة, وكان أھم تطور عرفتھ ھذه الحرفة ھو لجوء أصحاب الأموال المودعة لدى الصیارفة إلى استخدام أوامر الصرف أو الصكوك للوفاء بالتزاماتھم, وھذا التطور یعتبر بمثابة وظیفة نقدیة كانت الخطوة
الأولى في نشوء المصارف التجاریة. تلك ھي النظم التي مھدت لنشأة البنوك التجاریة وتظھر الفروق واضحة بین البنوك الحدیثة
والنظم السابقة، فالبنوك لا تقف عند حد حراسة ودائع العملاء كما كان یفعل كبار التجار أو منح القروض من أموالھا الخاصة كما یفعل المرابون وإنما تقوم بكل ھذه الأعمال إضافة إلى منح قروض من ودائع العملاء ومن ودائع أخرى تخلقھا البنوك.
"ویعود الأصل الحدیث للمصارف التجاریة إلى عھد النھضة في إیطالیا، حیث تأسست بعض
المصارف في فینیسیا 1157م، جنوة 1407م، واقتصر العمل الرئیسي لھذه المصارف على تجارة المعادن النفیسة"1, وبعدھا تمت المطالبة في القرن السادس عشر بإنشاء بنوك حكومیة تقوم بحفظ الودائع والسھر على سلامتھا ففي عام 1587م تم إنشاء أول بنك حكومي في البندقیة باسم " Piazza di Rialta Banco delpa " وكان غرضھ الأساسي ھو حفظ الودائع وتحویلھا عند الطلب من حساب مودع إلى حساب مودع آخر وكذلك إجراء المقایضة بین الكمبیالات التجاریة, وتطورت وظائف البنوك من قبول الودائع وإقراض الأموال إلى خلق النقود للمساھمة في زیادة النشاط الاقتصادي وھكذا نشأت البنوك وتكونت بوصفھا مؤسسات مھمتھا توفیر الائتمان وقامت إلى جانبھا بنوك عدیدة أخرى یقدم كل منھا
إئتمان من نوع معین. "ثم شھد القرن التاسع عشر تعدیل في إنشاء البنوك وذلك بتكوین بنوك متخذة شكل شركات
مساھمة وذلك راجع إلى الثورة الصناعیة في الدول الأوروبیة، والتي أدت إلى نمو الشركات التي كانت بحاجة إلى بنوك كبیرة بغرض عملیات التمویل؛ إضافة إلى تأسیس بنوك متخصصة في الائتمان العقاري و الصناعي وكذلك الزراعي"2.
ثانیا : تعریف البنوك التجاریة : تعددت التعاریف الخاصة بالبنوك وذلك نظرا لاختلاف الخصائص الممیزة لھا وتعدد وظائفھا
بشكل عام.
ي
"ویعود أصل كلمة بنك إلى الكلمة الإیطالیة )Banco( التي كانت تعني في البدایة المصطبة التي

یجلس علیھا الصرافون، ثم أصبحت فیما بعد تعني المنضدة التي یتم فوقھا تبادل العملات وفي الأخیر أصبحت تدل على المكان الذي یتم فیھ المتاجرة بالنقود."1
إن إطلاق اسم البنوك التجاریة كان من قبل الاعتیاد كون ھذه البنوك إقتصر نشاطھا في البدایة
على تمویل الأنشطة التجاریة وتقدیم القروض القصیرة الأجل إلا أن التوسع الكبیر والتطور الذي لحق بأعمال الصیرفة ألزم البنوك التجاریة أن توسع في نشاطھا ھي الأخرى ودفعھا للتعامل مع سائر القطاعات، ویفصل البعض تسمیتھا بنوك الودائع* إشارة إلى أن ھذه الأخیرة ھي المصدر الرئیسي
لتمویل ھذه البنوك، و ھناك جملة من التعاریف الخاصة بھذا النوع من البنوك وھي: "المصرف التجاري ھو المنشأة التي تقبل ودائع الأفراد والھیئات والمؤسسات تحت الطلب أو
لأجل ویتم استخدامھا في منح القروض، وأھم ما یمیزھا عن غیرھا من البنوك ھو قبولھا للودائع تحت
الطلب والحسابات الجاریة وینتج عن ذلك ما یسمى بخلق النقود."2 كما تعرف البنوك التجاریة على أنھا "مؤسسات إئتمانیة غیر متخصصة تقوم بتلقي ودائع الأفراد
القابلة للسحب لدى الطلب أو بعد أجل قصیر والتعامل بصفة أساسیة في الائتمان قصیر الأجل."3 ما یضیفھ ھذا التعریف ھو أن البنوك التجاریة غیر متخصصة في مجال معین وتتعامل بالائتمان قصیر الأجل، وتبین الدلالات السابقة أن البنوك ترتبط بوظیفتین أساسیتین وھما حفظ الأموال، وإجراء
التعاملات المالیة التي تتضمن القیام بأعمال الوساطة بین المودعین والمقترضین. كما "یعتبر بنكا تجاریا كل منشأة تقوم بصفة معتادة بقبول الودائع تدفع عند الطلب أو لأجل وفتح الإعتمادات وتحصیل الصكوك المصرفیة من العملاء أو علیھم, ومنح الخدمات لكافة العملاء ولا تقتصر
على خدمة قطاع معین من العملاء دون الآخر".4 فالتشریعات في الدول المختلفة تنظم أعمال المصارف والجھاز المصرفي ككل, ونظرا لاختلاف
ھذه التشریعات إختلفت التعاریف المتعلقة بالبنوك والشكل القانوني وطبیعة النشاء
ویمكن تقدیم تعریف شامل للبنوك التجاریة على أنھا مؤسسات مالیة تقبل مختلف أنواع الودائع وتقوم بتقدیم قروض قصیرة ومتوسطة وطویلة الأجل, وتقوم بتقدیم الخدمات لكافة العملاء وھدفھا الأساسي ھو تحقیق الربح مع درجة مخاطرة صفر.
وتعتبر البنوك التجاریة أكثر الأنواع إنتشارا في دول العالم وزادت أھمیتھا بسبب مساھمتھا في
عملیة التنمیة الاقتصادیة, فقد اتجھ التطور المصرفي عموما إلى إتساع نطاق العملیات التي تقوم بھا البنوك التجاریة فلم تعد تقتصر على مزاولة العملیات السالفة الذكر, وإنما اتجھ التطور المصرفي إلى اضطلاع البنوك التجاریة بكثیر من أوجھ النشاط التي تتوفر علیھا "بنوك الأعمال", كتزوید الصناعة
بالقروض طویلة الأجل, وكذلك شراء السندات الحكومیة وغیر الحكومیة.
المطلب الثاني: الخصائص الممیزة للبنوك التجاریة وأھدافھا
ھناك العدید من الخصائص التي تتمیز بھا البنوك التجاریة عن باقي المؤسسات المالیة الأخرى أو البنوك غیر التجاریة وھذا ما سنتعرض لھ في ھذا المطلب.
أولا : خصائص البنوك التجاریة :

• إن ما یمیز البنوك التجاریة عن البنك المركزي ھو اختلاف ھدف كل منھما فالبنوك تسعى إلى تحقیق أكبر قدر ممكن من الأرباح بینما یھدف البنك المركزي إلى تحقیق مصلحة الاقتصاد القومي.


• تتعامل البنوك التجاریة مباشرة مع الأفراد من خلال قبول الودائع وتقدیم القروض أما بالنسبة للبنك المركزي فذلك یتم بشكل غیر مباشر من خلال تعاملھ مع البنوك التجاریة والسوق النقدیة والمالیة.
  أما فیما یخص البنوك التجاریة والبنوك المتخصصة فھناك عدة خصائص ممیزة نذكر منھا: 1- قیام البنوك التجاریة بتجمیع المدخرات للزبائن في صورة ودائع وھي بذلك كباقي المؤسسات الوسیطة" ومع ذلك فإن المصارف التجاریة ھي الوحیدة بین المؤسسات المالیة الوسیطة التي تسمح لزبائنھا أن یحتفظوا بودائعھم بصورة ودائع جاریة, تحت الطلب.."1 وتكون ھذه الودائع معرضة للسحب في أي وقت وذلك بواسطة الصكوك كما یمكن تحویل ملكیتھا أیضا, وبذلك یترتب على البنوك التجاریة التزامات مالیة نتیجة قبولھا للودائع الجاریة وبالتالي ھي جزء من عرض النقود وھذا
  مالا تتصف بھ المؤسسات المالیة الأخرى.
  2- یغلب على نشاط البنوك التجاریة الطابع القصیر الأجل فمعظم نشاطھا یخرج من مجال سوق رأس المال ویندرج تحت مجال سوق النقد, بینما "تتمیز البنوك غیر التجاریة في أنھ یغلب على نشاطھا الطابع المتوسط وطویل الأجل"1 ویندرج نشاطھا بصفة رئیسیة في مجال سوق رأس المال فھي تعمل
  في مجالات الصناعة والزراعة والمجال العقاري, لذلك فإن مواردھا تتمیز بطابع متوسط الأجل بما
  یتناسب مع طبیعة استخدام ھذه الموارد.
  3- تتمیز البنوك التجاریة بخاصیة تولید ودائع جاریة جدیدة من خلال عملیات الإقراض والاستثمار في
  الأوراق المالیة, والودائع الجاریة الجدیدة المشتقة تشكل نقود لم تكن موجودة أصلا, وتستمد صفة النقود كونھا قابلة للسحب بالشیك, وبذلك یكون جزء من ودائع البنوك التجاریة یتداول كنقود, وھي تعتبر كجزء من عرض النقود, وبالتالي فأي زیادة في الودائع الجاریة ھي زیادة في كمیة المعروض النقدي, "أما المؤسسات المالیة الأخرى فإن القروض التي تمنحھا لا یترتب علیھا تأثیرات واضحة على عرض النقود لأن الأموال التي تتعامل بھا في مجال الائتمان لا تنشئھا ھذه المؤسسات وإنما
  تأتي من اقتراضھا لھا."2 4- أما في مجال توفیر الموارد الأساسیة نجد أن المبالغ المقترضة من البنك المركزي تمثل مصدرا ھاما
  من مصادر تمویل البنوك غیر التجاریة على عكس البنوك التجاریة حیث تمثل القروض من البنك المركزي نسبة ضئیلة من مواردھا, كذلك فإن البنوك المتخصصة تلجأ إلى أسواق رأس المال المحلیة و الدولیة للحصول على معونات وقروض طویلة ومتوسطة الأجل بخلاف البنوك التجاریة.
  ثانیا : أھداف البنوك التجاریة :
  ھناك عدة أھداف تسعى البنوك إلى تحقیقھا "فھي عبارة عن مشروعات رأسمالیة ھدفھا الأساسي تحقیق أكبر قدر ممكن من الأرباح بأقل تكلفة وذلك بتقدیم خدماتھا المصرفیة."3 1- ھدف الربحیة: "ربح المصرف ھو الفائض الصافي بین إیراداتھ الكلیة وتكالیفھ الكلیة, ویتم تعظیم
  الربح إذا حاول المصرف تعظیم إیراداتھ"4, أو من خلال تخفیض التكالیف

وتتحقق الإیرادات من خلال العملیات التي یقوم بھا البنك, وھي بذلك قد تكون فوائد على
القروض التي یمنحھا, أو العمولات التي یحصل علیھا مقابل الخدمات المصرفیة المقدمة أو عوائد الموجودات من الأصول المالیة المختلفة, وعلى ھذا فإن من مصلحة البنك زیادة حجم عملیاتھ لأن ذلك
یعني زیادة في حجم الإیرادات. ھذا من جانب الإیرادات, فبالنسبة لجانب التكالیف ھناك نوعین من التكالیف یتحملھا البنك ھما
التكالیف الإداریة التشغیلیة والتكالیف التجاریة المالیة, وتشمل التكالیف الإداریة التشغیلیة كل بنود التكالیف التي یتحملھا البنك بوصفھ مشروعا بصرف النظر عن طبیعة نشاطھ, حیث یتعین علیھ دفع الأجور والمرتبات ...إلخ, أما النوع الثاني من التكالیف فتتمثل في الأعباء التي یتحملھا البنك بوصفھ
وسیطا مالیا وتتمثل أساسا في الفوائد التي یدفعھا على الودائع التي یتلقاھا. وفي أثناء قیام البنك بنشاطھ یواجھ احتمال حدوث أحد النتائج التالیة:1

• تحمل خسارة فعلیة أو دفتریة بسبب وجود دیون معدومة أو مشكوك في تحصیلھا. - تحقیق ربح رأسمالي فعلي بسبب ارتفاع الأسعار السوقیة لبعض الأصول.
  ولذلك یتطلب على البنك لتحقیق أقصى ربح أن تكون معظم توظیفاتھ في أصول قلیلة السیولة عالیة الربحیة. 2- ھدف السیولة: یقصد بسیولة البنك قدرتھ على مواجھة كل طلبات السحب من الأرصدة النقدیة المودعة, حیث یھدف البنك من استعداده لتلبیة طلبات عملائھ من السحب إلى الاحتفاظ بدرجة ثقة عالیة, فالثقة في البنك التجاري ھي أساس وجوده, لذلك فإن محاولة التوفیق بین عاملي الربحیة والسیولة تلزم البنك الاحتفاظ بجزء من موارده في صورة نقدیة لمواجھة اعتبارات السیولة والجزء الباقي یوظفھ في استثمارات مختلفة لإشباع عامل الربحیة, ونجد أن ھناك مفھومین یطبقان للسیولة المفھوم التقلیدي والمفھوم الحدیث, فالمفھوم التقلیدي یقسم الأصول وفقا لدرجة سیولتھا تنازلیا كما یلي:


• الأصول النقدیة تامة السیولة: تتكون من النقود و الودائع تحت الطلب ویكون معدل العائد علیھا معدوم.


• الأصول شبھ النقدیة: منھا الأوراق التجاریة- الكمبیالات والسندات الاذنیة- ویكون معدل العائد علیھا منخفضا.


• الأصول المالیة: كالسندات والأسھم و یكون معدل العائد مرتفعا نسبیا.


• الأصول الحقیقیة: المباني والأراضي والعقارات وتدر معدلات مرتفعة من العائد

ونجد المفھوم الحدیث لدرجة سیولة الأصول یربط درجة السیولة بعلاقة طردیة مع سرعة زمن
تحول الأصول إلى نقد, وبعلاقة عكسیة مع مقدار الخسارة النقدیة التي یتحملھا الأفراد عند تحویل الأصول إلى نقد.
"وھنا تظھر أھمیة دور السوق الثانویة في عملیة تداول الأصول القائمة, وعلى ذلك قد تتوفر لأصل معین درجة عالیة من السیولة في مجتمع لا یوجد بھ سوق ثانویة."1 3- ھدف سلامة المركز المالي للبنك: إن البنوك التجاریة لا یمكنھا استیعاب خسائر تزید على رأس المال المملوك, فأي خسائر ھنا تعود على أموال المودعین وبالتالي إفلاس البنك, لذلك تفضل البنوك التجاریة التنویع في محفظتھا المالیة غیر أن ذلك قد یھدد سلامة المركز المالي لھا عندما تقوم بشراء أصول مالیة شدیدة التقلب في قیمتھا, ولعل ھذه ھي الأسباب التي أدت إلى سیادة نظریة القروض التجاریة لفترة طویلة, وبموجب ھذه النظریة تقوم البنوك التجاریة بالاستثمار في أدوات الدین قصیرة الأجل التي تنشأ عن عملیات تجاریة حقیقیة ولكن مع تطور ونمو السوق المالیة أصبح من السھل تحویل الكثیر من الأوراق المالیة إلى نقود بسرعة وبدون خسارة في قیمتھا, وقد یرجع ضعف سلامة المركز المالي كما أشرنا إلى شراء أصول شدیدة التقلب في قیمتھا السوقیة أو قبول ضمانات غیر كافیة لتیسیر تقدیم القروض تحت تأثیر الرغبة في تحقیق فرص الربح.
ونجد أن الھدف الأساسي الذي یسعى إلیھ البنك التجاري ھو تعظیم الربح أما السیولة والآمان فیتحققان من خلال تشریعات وتوجیھات البنك المركزي التي تقلل من احتمالات التعرض للعسر المالي.
المطلب الثالث : الوظائف التقلیدیة للبنوك التجاریة
ھناك العدید من الوظائف التي ظھرت مع ظھور البنوك التجاریة, ومع تطور الفن المصرفي تطورت معھ ھذه الوظائف, وسنستعرض في ھذا المطلب الوظائف التقلیدیة للبنوك التجاریة. أولا : قبول الودائع :
"من أبرز وظائف البنوك قبولھا للودائع تحت شروط معینة, والودیعة تمثل التزاما على البنك بصفتھ المودع لدیھ لصالح المودع صاحب الحق في الودیعة."2
" ویقصد بالودائع السیولة المسلمة للبنك من طرف أشخاص طبیعیین أو معنویین."

فالودائع تمثل الجزء الكبیر من موارد البنوك التجاریة والتي تمارس بھا البنوك نشاطاتھا. لھذا نجد الودائع في جانب الخصوم وتكون إما بشكل نقود تكون تحت تصرف البنك أو على شكل
قیم منقولة یدیرھا البنك لصالح زبونھ, وتنقسم الودائع إلى:
1- ودائع تحت الطلب –الحساب الجاري-: ھي الودائع التي تودع لدى البنك دون شرط ویستطیع صاحبھا أن یسحب منھا في أي وقت, ویحتفظ بھا العملاء في البنوك لاستخدامھا في المعاملات وسحب شیكات علیھا, ولا یدفع البنك فائدة على ھذا النوع من الودائع غیر أن بعض التشریعات في بعض الدول
تق ّر على البنوك بدفع فوائد عند وصول ھذه الودائع مبلغا معینا.
2- ودائع الأجل: تودع لدى البنك التجاري ولا یجوز لصاحبھا سحبھا أو سحب جزء منھا إلا بعد انقضاء المدة المتفق علیھا مع البنك, وھذا ما یمكن البنك من إستثمارھا لمدة تتناسب مع مدة سحبھا, وبذلك یحصل صاحب ھذه الودیعة على فوائد.
3- ودائع تحت إشعار: ھي الودائع التي لا یمكن لصاحبھا السحب منھا إلا بعد إخطار المصرف بفترة زمنیة متفق علیھا.
4- ودائع التوفیر: یعتبر ھذا النوع من الودائع الأكثر استقرارا بالنسبة لحریة البنك ما یسمح باستثمارھا في الأجل المناسب ذاك أن مبالغ التوفیر یتم وضعھا عادة لمدة طویلة.
ویقوم البنك المركزي في الغالب بتحدید نسبة الفائدة التي تدفعھا البنوك على الودائع, فیتم تحدید
حد أدنى وحد أعلى یتم بینھما تحدید سعر الفائدة.
و تتبع البنوك التجاریة العدید من الاستراتیجیات لتنمیة ودائعھا و قدرتھا في ذلك لیست مطلقة بل
ھناك عدة عوامل تتحكم فیھا.
ثانیا : خلق نقود الودائع :
تعتبر ھذه الوظیفة من العملیات المصرفیة غیر العادیة, وتعتمد عملیة خلق نقود الودائع على
القاعدة التقلیدیة الإنكلیزیة القائلة بأن "القروض تخلق الودائع- Loans make deposits – "1
ونقصد بعملیة خلق الودائع ھو قیام البنوك التجاریة مجتمعة بتقدیم قروض إلى عملائھا تزید
قیمتھا كثیرا عن قیمة الودائع الأولیة, وھي بھذا تزید من العرض الكلي للنقود, ویرجع ذلك إلى قیام
منح الاتمان : تمان قصیر الأجل ھو الذي ی ّكون الجزء الأكبر من الائتمان الإجمالي الذي تمنحھ البنوك التجاریة"1,
وتتبع البنوك التجاریة سیاسات خاصة بالإقراض من خلال التنویع في القروض الممنوحة )قروض قصیرة الأجل ومتوسطة وطویلة الأجل(, بحیث تتماشى مع نوعیة الودائع والضمانات المقدمة لھا, وعند رسمھا لھذه السیاسات تضع في اعتبارھا سلامة الودائع لدیھا واحتیاجات عملائھا وكذلك حصولھا على
إیراد یكفي تغطیة مختلف نفقاتھا. ومن أھم أشكال الائتمان الذي تمنحھ البنوك التجاریة مایلي:
1- القرض النقدي: ھو عقد یتحقق عن طریق تقدیم أموال إلى المستفید والذي یتعھد بدفع الفائدة وقیمة القرض سواء من خلال أقساط دوریة أو التسدید مرة واحدة وذلك حسب الشروط المقررة في العقد.
2- الدفعمنتحتالحساب:أيأنالبنكیسمحللعمیلأنیصبححسابھمدینافيحدودمبلغمعین. 3- فتح الاعتماد: ھو أن یضع البنك تحت تصرف العمیل -المستفید – مبلغ معین من المال وذلك لمدة محددة, دون إلتزام العمیل بالسحب, وإذا قام ھذا الأخیر بالسحب من الحساب استحق علیھ
سعر الفائدة ابتداءا من تاریخ السحب. وھناك أنواع من القروض تمنحھا البنوك التجاریة تكون مضمونة بضمان عیني أو
شخصي كأن یقدم المقترض سندات حكومیة أو أسھم أو وثائق تأمین كضمان عیني أما الضمان الشخصي فیكون عن طریق كفالة شخصیة من المدین لشخص آخر.
4- خصم الأوراق التجاریة: حیث یستطیع المستفید بدلا من إنتظار مدة استحقاق الورقة التجاریة - كمبیالة أو سند إذني– أن یتقدم بھا إلى البنك ویحصل على المبلغ المذكور بعد خصم مبلغ الفائدة التي یستحقھا البنك مقابل تخلیھ عن أموالھ لمدة معینة.
ذلك إضافة إلى أنواع أخرى من الإئتمان كالائتمان الإیجاري والائتمان المقدم للتجارة الدولیة.
رابعا : الوظائف الأخرى :
إضافة إلى الوظائف السابقة تقوم البنوك التجاریة بمجموعة من الوظائف أھمھا: - القیام بالخدمات نیابة عن العملاء: كإصدار خطابات الضمان التي یطلبھا العملاء وتحصیل
الشیكات والكمبیالات وسداد الدیون نیابة عنھم, وإنجاز عملیات التحویل النقدي بین العملاء

ي

• بیع وشراء العملات الأجنبیة: حیث تھتم البنوك التجاریة بھذه العملیة بغرض توفیر قدر كافي
  لمواجھة حاجات العملاء الیومیة, وكذلك تحقیق الأرباح من خلال الفرق بین أسعار الشراء وأسعار البیع.
  تعتبر الوظائف المذكورة سابقا من أھم الوظائف التي ظھرت مع بدأ ظھور البنوك التجاریة إلا
  أنھ من خلال التطور المستمر للنشاط المصرفي والمحیط الإقتصادي الخاص بالبنوك تطورت معھ كذلك وظائف البنوك والخدمات التي تقدمھا