خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
اتكأ الفلاسفة في صوغ نظريتهم في الشعر على طروحاتهم الفلسفية، وأيضا على فهمهم للشعر العربي وتقاليده الجمالية، إضافة إلى الخصائص التي تلبست بها ترجمة كتاب "فن الشعر" الأرسطي التي اعتمدها الفلاسفة، وهذا ما جعل تصوراتهم تتسم بخصوصيات تجلت في تداخل المفهوم والمهمة؛ أي في تفاعل البنية والوظيفة والتشكيل والتأثير في تصورهم للشعر ، وهذا ما جعلهم يحددون طبيعة الشعر من خلال مصطلح التخييل مستفيدين مما أقره أرسطو، وأيضا أفادوا كثيرا مما فهموه من التراث العربي، فما أضافه الفلاسفة هو إبداع تمخض عن تأويل جديد لتصور أرسطو، ولكن إذا كان الفلاسفة يصطلحون بالتخييل والمحاكاة معا؛ أي يصطلحون بهما مجتمعين أو منفردين فإنهما لا يتقابلان بدقة إنما يشكلان مستويين متتاليين في النظر إلى حقيقة الشعر، فالمحاكاة تكشف عن الموضوع المحاكَى من خلال ثنائية العمل الفني والموضوع. أما التخييل تحدده صلته بمخيلة المبدع(على مستوى الإبداع) وصلته بمخيلة المتلقي(على مستوى التلقي)، ويمثل التخييل أسلوبا منطقيا في إيصال معرفة أو إيصال تأثير معين إلى المتلقي. ويعد حد الشعر من أهم القضايا التي اهتم بها النقاد والفلاسفة، فقد "أثار [حد الشعر]. جدلا كبيرا بينهم لما يفرضه من زوايا نظر متعددة تتصل بمستواه الجمالي، وقيمه التشكيلية والدلالية، وربما هذا ما جعل قضية ضبط مفهوم جامع ومانع للشعر أمرا صعبا، وقد تجلى ذلك في الاختلاف القائم في طبيعـة النظر إلى هذا الفن، فكل طرف حدد مفهومه وفقا لتصوره، وستسعى هذه المحاضرة إلى تبيان مفهوم الشعر انطلاقا من موقع فكري محدد هو فكر الفلاسفة المسلمين، وبخاصة أنهم أسهموا بشكل كبير في تطور حركة النقد الأدبي، وذلك من خلال ترجمة وشرح بعض الكتب اليونانية نحو: فن الشعر والخطابة والمقولات لأرسطو. وتقديم هذه الكتب إلى النقاد إلا أن عمل الفلاسفة لم يتوقف عند حد الترجمة والشرح، إنما تعدى إلى دراسة بعض القضايا، ومن أشهر هؤلاء الفلاسفة : الفارابي، ومن أبرز القضايا التي تناولها الفلاسفة بالدراسة والتحليل قضية حد الشعر. - حد الشعر عند الفلاسفة:
حاول الفلاسفة بدورهم المساهمة في ضبط حد الشعر، ذلك أن قضية وضع الحدود وضبط المفاهيم مسألة صعبة، وبخاصة إذا تعلق الأمر بحصر ماهية الشعر، ويعود ذلك الأمر إلى طبيعة هذا النشاط الإبداعي، وخصوصيته التي تأبى عن الحصر في مقولة جامعة ومانعة.
وقد حاول الفلاسفة في تعريفهم للشعر التأكيد على أظهر ناحية فيه، وأوضح خاصية يرونها تتناسب مع وجهة نظرهم القائمة على الأرسطية العربية المبنية على المحاكاة والتخييل، إذ وعوا ظاهرة التخييل بالقياس إلى التصديق البرهاني، والإقناع الخطابي وغيرها، إذ نجد الفارابي (339هـ) يعرف الشعر بقوله: «والأقاويل الشعرية هي التي من شأنها أن تؤلف من أشياء محاكية للأمر الذي فيه القول. فإن محاكاة الأمور قد تكون بفعل وقد تكون بقول» . نعاين من خلال هذا النص أن الفارابي نظر إلى الشعر وعده محاكاة وهذه الرؤية "لا تنفصل عن رؤيته له بوصفه فرعا من فروع المنطق؛ أنه يعتمد على المحاكاة؛ والفارابي يفرق بين ما يسميه المحاكاة بفعل، أما المحاكاة التي تكون بالفعل فهي «ضربان: أحدهما: أن يحاكي الإنسان بيده شيئا ما مثل أن يعمل تمثالا يحاكي به إنسانا بعينه أو شيئا غير ذلك أو يفعل فعلا يحاكي به إنسانا ما، أو غير ذلك، والمحاكاة بقول: هو أن يؤلف القول الذي يصنعه ويخاطب به من أمور تحاكي الشيء الذي فيه القول، وهو أن يجعل القول دالا على أمور تحاكي ذلك الشيء» . وعليه فالمحاكاة عنده ضربان: محاكاة بفعل، وتتجسد بدورها في نوعين، النوع الأول: يتجلى في النحت، أما النوع الثاني: هو محاكاة من حيث الفعل؛ أي أن يقوم بفعل يحاكي به فعل إنسان آخر. أما المحاكاة بقول وهي أن يعمد الشاعر إلى أقاويله فيجعلها دالة على أمور تحاكي ذلك الشيء
كما ميز الفارابي بين الشعر الذي يقوم على المحاكاة، وبين فنون أخرى التي بدورها تقوم أيضا على المحاكاة كالتمثيل والنحت، والذي يميز الشعر عن هذين الفنين أنه يعتمد القول، واللغة فيه لغة خاصة تتسم بالمحاكاة. وهذا يعني أن هذين الفنيين يتفقان مع الشعر في المحاكاة، غير أن كلا منهما له وسيلته الخاصة والمميزة في تحقيق المحاكاة، أما الرسام يستعمل الخطوط والألوان. كما تعني المحاكاة في الشعر عند الفارابي المشابهة والمماثلة، أي ليس المقصود منها مطابقة الواقع أو تقليده؛ لأن الأقاويل الشعرية عنده تتركب «من أشياء شأنها أن تخيِّل في الأمر الذي فيه المخاطبة حالا ما، أو شيئا أفضل أو أخس، وذلك إما جمالا أو قبحا أو جلالة أو هوانا أو غير ذلك مما يشاكل كل هذه» فالشاعر عند الفارابي يعيد صياغة الواقع بحيث يبدو في صورة أفضل أو أسوأ مما هو عليه، فيضيف إليه حسنا أو قبحا أو قيمة ما من شأنها أن تجعله متجاوزا لهذا الواقع الحقيقي. فإنه قد فرق بين المغلّط والمحاكي، فالقول المغلط هو ضرب من إيهام أن الموجود غير موجود، وأن غير الموجود موجود، فهو عملية خداعية القصد منها تضليل المتلقي، أما القول المحاكي فإنه لا يوهم النقيض، وإنما الشبيه كالحال التي تعرض للناظر في المرائي والأجسام الصقيلة.
وعليه فالإيهام بشبيه الشيء هو الذي يحدد خاصية الشعر التي لا تتمثل في رسم نقيض الشيء أو النقل الحرفي له بل تتمثل في تقديم مثيلات له، وذلك عن طرق إدراجه في علائق فنية تدخله عالم المحاكاة الشعرية. لأنها توقع في ذهن السامع المحاكي للشيء بدلا من الشيء نفسه؛ لأن صميم عملها هو إعادة تركيب تلك الصور على نحو يشابه ما كانت عليه في الواقع أو يخالفه، والمشابهة تختلف عن المطابقة، ووصف الأقاويل البرهانية بالصدق؛ لأنها مطابقة للواقع. ولكن على الرغم من ذلك يمكن القول إن القول الشعري لا يهدف إلى بيان صحة اعتقاد ما، إنما يراد منه التأثير في المتلقي لإحداث انفعال معين كالانبساط أو الانقباض. وقد اقترنت المحاكاة عند الفارابي بالتشبيه من ناحية وبالتخييل من ناحية أخرى، والمحاكاة بمعنى التشبيه تتسع لتشمل عملية التأليف الشعري كلها. وهذه العملية تعتمد على الاستخدام الخاص للغة، إذ يقوم على التصوير والتمثيل، إذ يقول الفارابي: « فقوام الشعر وجوهره عند القدماء هو أن يكون قولا مؤلفا مما يحاكي الأمر وأن يكون مقسوما بأجزاء ينطق بها في أزمنة متساوية ثم سائر ما فيه فليس بضروري في قوام جوهره، وإنما هي أشياء يصير بها الشعر أفضل» . نعاين من هذا النص أن الشعر يقوم على عنصرين أساسيين هما : المحاكاة والوزن، والتقسيم المتساوي الأجزاء يعني الوزن، وعليه فجوهر الشعر عند الفارابي هو المحاكاة، وبهذا فالفارابي نظر إلى القول الشعري فوجد جوهره هو المحاكاة، والمحاكاة التي أرادها ليست تكرارا ساذجا للحقائق، وإنما هي إعادة تشكيل تخييلي للواقع. كما نعاين من خلال النص السابق أيضا أن الفارابي أسقط القافية من حد الشعر، ولم يجعلها من جوهره، فهو يريد حسب تصور مصطفى الجوزو أن يكون ذا نظرة عالمية شاملة إلى القول الشعري لا تختص بالعرب بل بجميع الأمم. أما ابن سينا (370/428هـ) فقد عرف الشعر بقوله: « كلام مخيل مؤلف من أقوال موزونة متساوية وعند العرب مقفاة »( )، وقد شــرح تعريفــه بقوله: « ومعنى موزونة أن يكون لها عدد إيقاعي ومعنى كونها متساوية هو أن يكون كل قول منها مؤلفا من أقوال إيقاعية فإن عدد زمانه مساو لعدد زمان الآخر، و"المخيل هو الكلام الذي تذعن له النفس تنبسط فيه النفس، أو تنقبض عن أمور من غير روية، وفكر، واختيار، وبالجملة تنفعل له انفالا نفسانيا غير فكري سواء كان المقول مصدقا به أو غير مصدق » . وهذا يعني أن الشعر بنية لغوية من فعل القوة التخيلية عند الشاعر، ويمكنها أن تؤثر في القوة المتخيلة للمتلقي، حيث ينفعل هذا الأخير ويتخذ وقفة سلوكية خاصة، تظهر في فعل أو انفعال قادته إليه مخيلته التي تأثرت بالتخييل الشعري ، وعليه فالتخييل استجابة نفسية تلقائية غير واعية ولا متعقلة، فهذه الاستجابة النفسانية غير المتروي فيها هي التي تترتب عليها الأفعال الإنسانية والسلوك الإنساني بصفة عامة؛ لأن أفعال الإنسان كثيرا ما تتبع تخيلاته أكثر من علمه حتى، ولو علم أن الأمر الذي يخيل إليه ليس مطابقا للحقيقة التي يراها، أو تعظيم، أو تهوين، أو تصغير، أو نشاط" فهذا الانفعال تتحدد باعتباره انفعال نفساني غير فكري، أي أنه انفعال "تنبسط فيه النفس، أو تنقبض عن أمور من غير روية، واختيار" وبذلك فهو يوظف كلمة " التخييل " بدلا من لفظة " المحاكاة"، لأن التخييل هو النتيجة النفسية للمحاكاة، وابن سينا يؤسس الشعر على التخييل، والوزن، كما تحدث ابن سينا عن خاصية المحاكاة فعرفها بقوله: «المحاكاة هي إيراد مثل الشيء وليس هو هو، فذلك كما يحاكي الحيوان الطبيعي بصورة هي في الظاهر كالطبيعي، ولذلك يتشبه بعض الناس في أحواله ببعض ويحاكي بعضه بعضا ويحاكون غيرهم فمن ذلك ما يصدر عن صناعة، لذلك فمن المحاكاة ما يكون عاديا، ومنها ما يكون صناعيا (فنيا)، ومنها ما يكون بقول، ومنها ما يكون بفعل، وهذه الأخيرة «يمكن أن يمال بها إلى قبح وأن يمال بها إلى حسن. فإن هذه المطابقة يمكن أن يمال بها إلى الجانبين فيقال بوثب الأسد المقدام فالأول مهيأ للذم، والثاني للمدح، فالمطابقة تستحيل إلى تحسين وتقبيح بتضمين شيء زائد. » . وعليه فابن سينا "يقرن المحاكاة بعملية التشبيه، هذه العملية التي يقوم على أساسها التأليف الشعري، فهي لا تعني نقل الشيء كما هو ولكنها تورد شبه الشيء ومثله فترقى به إلى مستوى التصوير الفني وهو ما ينتج عنه التذاذ النفس وانبساطها بالمحاكاة" . وكما نعاين أن المحاكاة تشكل مقوما جوهريا في تحديد مفهوم الشعر عند ابن سينا فهي تتعلق بعملية التخييل، التي تسمح بتشكيل الواقع تشكيلا فنيا، وليس نقلا حرفيا وتقليدا للواقع، أما ابن رشد (ت 595هـ) فقد أقر -بدوره -بأهمية الوزن في الخطاب الشعري، والمحاكاة عنده تدل على التشبيه في غالب الأحيان والتشبيه عنده أيضا يرادف التخييل، ومن ثم يصبح كل من المحاكة أو التخييل أو التشبيه دالا على استخدام الصور البلاغية من تشبيه، واستعارة وكناية؛ إذ يقول: « أصناف التخييل والتشبيه ثلاثة" اثنان بسيطان وثالث مركب منهما، أما الاثنان البسيطان، فأحدهما تشبيه شيء بشيء وتمثيله به، وأما النوع الثاني: فهو أخذ الشبيه بعينه بدل التشبيه وهو الذي يسمى الإبدال في هذه الصناعة. وينبغي أن تعلم أن في هذا القسم تدخل الأنواع التي يسميها أهل زماننا استعارة وكناية . وأما القسم الثاني فهو أن يبدل التشبيه، مثل أن تقول الشمس كأنها فلانة. والصنف الثالث من هذه الأقاويل الشعرية هو المركب من هذين»( ). نعاين من خلال هذا النص أن المحاكاة عنده ترادف التخييل في ذات الوقت الذي ترادف فيه التشبيه وبالتالي فإنها تبقى محصورة في نطاق الصور البلاغية التي يغلب عليها التشبيه وتليه الاستعارة، وقد تأتي عنده المحاكاة مقـــترنة بالتخييل، ويتضح هذا من قوله: «ويجب على الشاعر أن يلزم في تخييلاته، ومحاكياته الأشياء التي جرت العادة باستعمالها في التشبيه وألا يتعدى ذلك في طريقة الشعر» ( ). وهذا يعني أنه يرفض الغلو والإغراق الذي يقود إلى الخروج عن المألوف أي الابتعاد عن التشبيه الذي يحقق نوعا من الغموض الإيجابي؛ وربما ذلك حفاظا على علاقة التواصل بين المبدع والمتلقي الذي دائما يكون دائما طرفا في العملية الإبداعية. وذكر ابن رشد أن هناك نوع آخر من المحاكاة يقع بالتذكر «وذلك أن يورد الشاعر شيئا يتذكر به شيء آخر مثل أن يرى إنسان خط إنسان فيتذكره فيحزن عليه إن كان ميتا أو يتشوق إليه إن كان حيا. ».( )، ويمثل لهذا النوع من المحاكاة بعدة أبيات شعرية،
وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بالخَيْفِ مِن منًى فَهَيَّجَ أَحزانَ الفـُؤَادِ وَمَـا يَدْري
دَعَا بِـاِسمِ لَيْلَى غَيرَهـا فَكَأَنَّمَـا أَطارَ بِلـيلَى طَائِرا كَانَ فِي صدْري
نعاين من خلال هذا الخطاب نوعا من التداعي والعودة إلى مواقف مخزنة في الذاكرة عمل على إثارتها بعض المواقف الآنية التي يعيشها الشاعر، فصور انفعاله بأي من هذه الأشياء أو المواقف السابقة المخزنة في الذاكرة، وهذه الفكرة قد تحدث عنها ابن سينا؛ إذ يقول: «والثالث التذكير، وهو أن يورد شيئا يتخيل معه شيء آخر كمن يرى خط صديق له مات فيتذكره فيأسف » . وبهذا فابن رشد يقر بأهمية الوزن والمحاكاة في الخطاب الشعري؛ فالشعر عنده يجب أن يجمع بين المحاكاة والوزن معا، فهما يحققان التميز للقول الشعري عن الأقاويل المنثورة الأخرى، ومن المناسب أن يسمى صاحبها متكلما من أن يسمى شاعرا( ). وبهذا "تدل المحاكاة على الصياغة الجمالية المؤثرة للغة في الشعر التي يتميز بها عن سائر الأقاويل" . واستعمل في هذا الشأن مصطلح "التغيير" ويتخذ من الكلام العاديّ أو القول الحقيقيّ منطلقاً نحو الشعرية، وذلك إذ يرى أن القول الحقيقيّ إذا غيِّر « سمِّي شعراً أو قولاً شعرياً، ووُجِد له فعل الشعر»( ). وعليه فإن مفهوم المحاكاة عند ابن رشد يقترب من مفهومها عند الفارابي ومفهوم التخييل عند ابن سينا،
-المصادر والمراجع المعتمدة في المحاضرة:
اتكأ الفلاسفة في صوغ نظريتهم في الشعر على طروحاتهم الفلسفية، وأيضا على فهمهم للشعر العربي وتقاليده الجمالية، إضافة إلى الخصائص التي تلبست بها ترجمة كتاب "فن الشعر" الأرسطي التي اعتمدها الفلاسفة، وهذا ما جعل تصوراتهم تتسم بخصوصيات تجلت في تداخل المفهوم والمهمة؛ أي في تفاعل البنية والوظيفة والتشكيل والتأثير في تصورهم للشعر ، وهذا ما جعلهم يحددون طبيعة الشعر من خلال مصطلح التخييل مستفيدين مما أقره أرسطو، وأيضا أفادوا كثيرا مما فهموه من التراث العربي، فما أضافه الفلاسفة هو إبداع تمخض عن تأويل جديد لتصور أرسطو، ولكن إذا كان الفلاسفة يصطلحون بالتخييل والمحاكاة معا؛ أي يصطلحون بهما مجتمعين أو منفردين فإنهما لا يتقابلان بدقة إنما يشكلان مستويين متتاليين في النظر إلى حقيقة الشعر، فالمحاكاة تكشف عن الموضوع المحاكَى من خلال ثنائية العمل الفني والموضوع. أما التخييل تحدده صلته بمخيلة المبدع(على مستوى الإبداع) وصلته بمخيلة المتلقي(على مستوى التلقي)، ويمثل التخييل أسلوبا منطقيا في إيصال معرفة أو إيصال تأثير معين إلى المتلقي.
ويعد حد الشعر من أهم القضايا التي اهتم بها النقاد والفلاسفة، فقد "أثار [حد الشعر]...جدلا كبيرا بينهم لما يفرضه من زوايا نظر متعددة تتصل بمستواه الجمالي، وقيمه التشكيلية والدلالية، وكيفيات انتاجه" ، وربما هذا ما جعل قضية ضبط مفهوم جامع ومانع للشعر أمرا صعبا، وقد تجلى ذلك في الاختلاف القائم في طبيعـة النظر إلى هذا الفن، فكل طرف حدد مفهومه وفقا لتصوره، وأبعاد تجربته. وستسعى هذه المحاضرة إلى تبيان مفهوم الشعر انطلاقا من موقع فكري محدد هو فكر الفلاسفة المسلمين، وبخاصة أنهم أسهموا بشكل كبير في تطور حركة النقد الأدبي، وذلك من خلال ترجمة وشرح بعض الكتب اليونانية نحو: فن الشعر والخطابة والمقولات لأرسطو...، وهذه العملية بدورها أسهمت في تقريب، وتقديم هذه الكتب إلى النقاد إلا أن عمل الفلاسفة لم يتوقف عند حد الترجمة والشرح، إنما تعدى إلى دراسة بعض القضايا، ومن أشهر هؤلاء الفلاسفة : الفارابي، ابن سينا، وابن رشد. ومن أبرز القضايا التي تناولها الفلاسفة بالدراسة والتحليل قضية حد الشعر.
وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بالخَيْفِ مِن منًى فَهَيَّجَ أَحزانَ الفـُؤَادِ وَمَـا يَدْري
دَعَا بِـاِسمِ لَيْلَى غَيرَهـا فَكَأَنَّمَـا أَطارَ بِلـيلَى طَائِرا كَانَ فِي صدْري
نعاين من خلال هذا الخطاب نوعا من التداعي والعودة إلى مواقف مخزنة في الذاكرة عمل على إثارتها بعض المواقف الآنية التي يعيشها الشاعر، فصور انفعاله بأي من هذه الأشياء أو المواقف السابقة المخزنة في الذاكرة، وهذه الفكرة قد تحدث عنها ابن سينا؛ إذ يقول: «والثالث التذكير، وهو أن يورد شيئا يتخيل معه شيء آخر كمن يرى خط صديق له مات فيتذكره فيأسف » . وبهذا فابن رشد يقر بأهمية الوزن والمحاكاة في الخطاب الشعري؛ فالشعر عنده يجب أن يجمع بين المحاكاة والوزن معا، فهما يحققان التميز للقول الشعري عن الأقاويل المنثورة الأخرى، فالأقاويل الموزونة من الأحرى أن تسمى أقاويلا من أن تسمى شعرا، ومن المناسب أن يسمى صاحبها متكلما من أن يسمى شاعرا( ). وبهذا "تدل المحاكاة على الصياغة الجمالية المؤثرة للغة في الشعر التي يتميز بها عن سائر الأقاويل" .
كما ذكر بعض العناصر التركيبية التي من شأنها أن تسهم في إضفاء صفة الشعرية على الكلام، واستعمل في هذا الشأن مصطلح "التغيير" ويتخذ من الكلام العاديّ أو القول الحقيقيّ منطلقاً نحو الشعرية، وذلك إذ يرى أن القول الحقيقيّ إذا غيِّر « سمِّي شعراً أو قولاً شعرياً، ووُجِد له فعل الشعر»( ). وعليه فإن مفهوم المحاكاة عند ابن رشد يقترب من مفهومها عند الفارابي ومفهوم التخييل عند ابن سينا، وكلهم أقروا أن المحاكاة (أو التخييل) هي العنصر الرئيس الذي يميز الشعر عن النثر، باجتماعها مع الوزن. وهذا التصور يؤكد تأثير التقاليد الجمالية للشعر العربي فضلا عن المنطلقات الفكرية للفلاسفة.
-المصادر والمراجع المعتمدة في المحاضرة:
1-الأخضر الجمعي: نظرية الشعر عند الفلاسفة الإسلاميين، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، دت.
2-أرسطو طاليس: في الشعر: تحقيق وترجمة شكري عياد، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، دط، 1967م.
3 - ألفت الروبي:
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
"النمنم" حسب قصص الجدات والأهل، شخصية الرعب الأخطر، وهو يظهر بين آونة وأخرى، آكل لحوم بشرية من طراز ...
لقد حقق قسم بحوث أمراض البذور إنجازات بارزة تعزز من الأمن الغذائي وتدعم القطاع الزراعي في مصر. فقد ت...
Introduction Global warming is one of the most pressing environmental issues of our time. It refers ...
في إيطاليا، سبق عصر النهضة الأصلي "نهضة ما قبل النهضة" الهامة في أواخر القرن الثالث عشر وأوائل القرن...
لاحظات هامة: • لا تنقضي شركة التوصية البسيطة بوفاة أحد الشركاء الموصين (غير المتضامنين) أو بالحجر عل...
يطلق مصطلح الفن الإسلامي على جميع الفنون التي تم إنتاجها في البلدان التي كان الإسلام فيها هو الدين ا...
This rule places minimum responsibility on the seller, who merely has to make the goods available, s...
Macbeth, set primarily in Scotland, mixes witchcraft, prophecy, and murder. Three "Weïrd Sisters" ap...
يشارك القسم بشكل فعال مع مكون تربية الأرز بمعهد المحاصيل الحقلية في تطوير أصناف أرز متحملة للأمراض، ...
(٣) أسرار نجاح العمل أما نجاح العمل فيتوقف على بذل القوى في محالِّها وأوقاتها الملائمة بالحكمة وحسن ...
بدايات سورة الحج تتحدث عن من يصد عن سبيل الله تتحدث عن من جعل أهم هدف وغاية له الصد عن سبيل الله سبح...
أفادت مصادر طبية بمقتل 78 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على غزة منذ فجر اليوم بينهم 38 من منتظري المساعدا...