لخّصلي

تمهيد:
في عالم الأعمال والاقتصاد، تُعد مؤشرات الملاءة المالية واحدة من العوامل الأساسية التي تحدد استقرار الشركات وتؤثر بشكل مباشر على قيمتها وعلى الاقتصاد بشكل عام، فهي تمثل القدرة التشغيلية والمالية للشركة على تلبية التزاماتها المالية في الوقت المناسب وإدارة المخاطر بفعالية، مما يجعلها عاملاً أساسياً في استمرارية الأعمال ونجاحها في البيئة الاقتصادية المتغيرة.
وتتكون مؤشرات الملاءة المالية من مجموعة متنوعة من العناصر والمؤشرات التي تعكس الوضع المالي للشركة، مثل نسب الديون والسيولة والتسديدات المستحقة والتحمل المالي وغيرها، التي تلعب دوراً حاسماً في تقييم القدرة التنافسية والاستدامة المالية للشركة، وعندما تكون هذه المؤشرات في مستويات متوازنة، يكون للشركة القدرة على استخدام مواردها بكفاءة والاستثمار في النمو والتوسع دون التعرض لمخاطر مالية غير متحكم فيها. ومن ثم، تتحسن سمعة الشركة بين المستثمرين والمحللين الماليين، مما يؤدي إلى زيادة الثقة والاهتمام بها وبالتالي زيادة قيمتها في السوق على الجانب الآخر.
وعندما تظهر مؤشرات الملاءة المالية للشركة في وضع ضعيف، مثل ارتفاع نسب الديون مقارنة بحجم رأس المال أو قلة السيولة، يمكن أن تثير بعض المخاوف بين المستثمرين، بشأن استقرار الشركة وقدرتها على تلبية التزاماتها المالية في المستقبل، مما ينعكس سلباً على قيمتها في البورصة وعلى ثقة المستثمرين فيها.
لذا تواجه الشركة العديد من القرارات الاستراتيجية والمالية، التي تحدد قيمتها وذلك بما يتوافق مع الأهداف المسطرة والمرسومة، ولعل من أبرز هذه القرارات التي تهتم بها الادارة المالية، وتقوم باتخاذها هي القرارات المتعلقة بهيكل المالي، وحيث تسعى الشركات للحصول على الأموال لتلبي احتياجاتها المالية من أجل تسيير عملياتها ووسيع أنشطتها، وبالتالي عليها أن تختار بين مصدرين أساسين ألا وهما: إما اللجوء الى اقتراض الأموال أو عن طريق التميل الداخلي، إلا أنه في عقود سابقة كانت مهمة توفير الأموال اللازمة للشركة، من المهام الصعبة خاصة في ظل ندرة الأموال وتفاوت درجة تكلفتها، ودرجة المخاطرة المصاحبة لكل مصدر من مصادر التمويل.
وبالتالي، يمكن القول أنّ الملاءة المالية للشركات المدرجة في البورصة تعكس العلاقة الوثيقة بين القوة المالية والقيمة السوقية، حيث تلعب دوراً حاسماً في جاذبية الشركة للمستثمرين، وتحديد تقييمها السوقي واستقرارها على المدى الطويل، لذا تتباين الشركات المدرجة في البورصة الجزائرية عن تلك المدرجة في البورصات العالمية في عدة جوانب، والتي تؤثر بدورها على مؤشرات الملاءة المالية وبالتالي على قيمة الشركات.
فمن خلال النظر إلى حجم السوق وحجم التداولات، فإن البورصات العالمية غالبًا ما تكون أكبر بكثير من البورصة الجزائرية، مما يعكس تنوعًا أوسع للشركات المدرجة وتداولات أعلى.
وهذا التنوع يؤثر على مجموعة المؤشرات المالية، حيث قد تجد الشركات في البورصات العالمية مجالات مختلفة مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية والتصنيع، بينما تتمركز الشركات في البورصة الجزائرية في قطاعات معينة مثل التأمينات والبنوك والسياحة، مما يعكس اختلافات في مؤشرات الديون والسيولة وغيرها من المؤشرات المالية.
ومن المهم أيضًا أن نأخذ بعين الاعتبار التنظيمات المالية والقوانين التي تحكم الشركات المدرجة، فهي تختلف من بلد لآخر، مما يؤثر على التقارير المالية المطلوبة ومعايير الإفصاح. وبالتالي، يمكن أن تؤدي هذه الفروقات إلى اختلافات في تقييم المستثمرين وثقتهم في الشركات، مما ينعكس في قيمتها على البورصة وفي النهاية على قيمتها المالية الكلية.