لخّصلي

1 - مرحلة الاتصالات الأولية والجوانب الإدارية والإجرائية إن مرحلة الاتصالات الأولية تبدأ مع المرشد أو المعالج من أول اتصال بينه وبين الأسرة في علاقة عاملة Working Relationship أي في علاقة فاعلة ومتماسكة بالقدر الذي يسمح بإمكانية التغيير إلى أفضل . ويكرر الباحثون والممارسون على السواء من العاملين في مجال إرشاد وعلاج الأسرة التأكيد على أهمية الاتصالات الأولية بين الأسرة والمعالج أو المرشد في ترك انطباع أولى عند كل طرف عن الطرف الآخر ، وإما أن يكون هذا الانطباع إيجابياً يصب في صالح العملية الإرشادية أو العلاجية ، وإما أن يكون سلبياً لا يخدم هدف المعالج من تحسين أوضاع الأسرة ، وتشهد سو والروند - سكنر Sue Walrond - Skinner أن نجاح المرشد النفسي أو المعالج النفسي في إنجاز هذه المرحلة الأولية يحدد بدرجة كبيرة نتائج العلاج كله 198135 , walrand Skinner ) وعلى الرغم من أن عملية انخراط المرشد أو المعالج مع الأسرة تختلف من معالج إلى آخر ومن أسرة إلى أسرة ، بل ومع المعالج الواحد حسب ظروف كل أسرة ، إلا أن هناك جوانب عامة يحرص عليها المعالج لتبدأ عملية الإرشاد أو العلاج البداية الصحيحة . قد يأتي الاتصال الأول بين الأسرة والمرشد إما بصورة مباشرة عن طريق أحد أفراد الأسرة أو عن طريق طرف ثالث كان يكون جهة التحويل التي حولت الأسرة إلى مرشد أو معالج أسرى . فكثيراً ما تبدأ الأسرة أو العضو الذي حددته الأسرة كمريض استشارة جهة طبية أو نفسية ، أو طب نفسية بمفرده ، ثم رأت هذه الجهة تحويل المريض وأسرته إلى مرشد أو معالج من أصحاب التوجه الأسرى . وفي هذه الحال على المرشد أن يتصل بجهة التحويل ويستفسر عن ظروف ودواعي الإحالة إليه ، فيما لو رأى أن تقرير الإحالة ينقصه بعض المعلومات أو يحتاج إلى المزيد من الاستيضاح . وعلى المرشد أيضاً أن يعرف من الجهة التي قامت بالتحويل معلومات عن الأسرة ، ومدى تعاونها ، وانطباعاتها عندما علمت بأمر التحويل إلى المرشد الأسرى ، وكل ما يمكن أن يفيد المرشد في فهم الأسرة وظروفها وإمكانياتها . وعلى المرشد الأسري أن يعرف أيضاً هل التحويل إلى الإرشاد الأسري كان برغبة الأسرة أم بنصيحة من جهة التحويل . وهناك قسم كبير جداً من الممارسة يتم باتصال الفرد الذي يحتاج إلى المشورة أو المساعدة بالمرشد مباشرة ، كما يحدث في المؤسسات كالمدارس والمصانع أو أي تجمعات كالإدارات الحكومية . وفى هذه الحالات يتوقع الفرد أن تقدم له خدمة إرشادية أو علاجية بمفرده ، ولكن المرشد ذو التوجه الأسري يمكن أن يقنعه بضرورة الاتصال بالأسرة وإرشاده أو علاجه ضمن إرشاد الأسرة وعلاجها . وبعد عملية الإقناع على المرشد أن يتصل مباشرة بالأسرة . ويتصل المرشد بالأسرة هاتفيًا أو عن طريق كتابة رسالة تحريرية يدعوهم إلى اللقاء به .وفي بعض المجتمعات تجرى الترتيبات اللازمة ليزور المرشد الأسري الأسرة في منزلها حيث تعقد المقابلة الأولى . ويتحمس لهذا الإجراء بعض المنظرين أو الممارسين ، وحجتهم في ذلك أن ذهاب المرشد إلى الأسرة في منزلها من شأنه أن يكسبه الألفة معهم بسرعة ، وأن يهون عليهم مرحلة القلق التي يشعرون بها عندما يعرفون أنهم بصدد الدخول في عملية إرشادية أو علاجية ، وحتى يستطيع المرشد أن يقف على بعض المعلومات أو الإشارات والعلامات الدالة على ديناميات التفاعل في الأسرة ، والتي ربما لا تظهر بنفس الوضوح إذا ما قدمت الأسرة إلى المرشد . وعلى أية حال فإن المرشد يتصرف في حدود معايير الثقافة وظروف المجتمع الذي يعيش فيه ، وكذلك ظروفه الشخصية والجهة التي يعمل بها وظروف الأسرة أيضاً . وكل الاحتمالات قائمة ومفتوحة ، وعلى المرشد أن يتخير أحسن الظروف والملابسات التي تجعل من اللقاء الأول لقاء ناجحاً تحرص الأسرة بعده على مداومة حضور الجلسات والانخراط الجدي في العملية الإرشادية . وإذا كتب المرشد رسالة إلى الأسرة فعليه أن يذكر فيها بصراحة أنه يريد أن يلتقى بأفراد الأسرة كلهم لا ليجمع منهم معلومات عن المريض " أو لفهم مناخ العلاقات في الأسرة ، ولكن لأن هناك خطأ في تفاعل الأسرة معاً ، وأن انحراف المريض وعلته جزء من علة الأسرة ذاتها ، وبالتالي فالأسرة مدعوة كمسترشدة أو متعالجة ، وأكثر من ذلك فإن الدعوة ينبغي أن توجه إلى كل فرد مؤثر أو له دور في حياة الأسرة حتى ولو لم يكن مقيماً في المنزل مع الأسرة من الأجداد أو الأعمام أو الأحوال ، حيث إن العملية الإرشادية تتناول طبيعة العلاقات ومراكز القوى في الأسرة . وينبغي على المرشد أن يتأكد من جدية التحويل ( في حال الأسر المحولة من جهة معينة ) وأن يتأكد من الفرد الذي جاء يطلب المشورة ووجد أن حالته تستدعى رؤيته وتشخيصه وإرشاده من خلال أسرته . وكثيراً ما يرحب الفرد بهذا التوجه حيث لا يبدو أنه فقط " السيء " أو المنحرف " أو " المريض " أو سبب متاعب الأسرة ، بل إن الأمر موزع على الجميع وما هو إلا ضحية الأسرة وليست الأسرة ضحيته . وعلى المرشد أن يستفيد من ترحيب المريض وأن يتخذه منفذاً للدخول إلى الأسرة وفهمها فهماً جيداً وذلك مقابل أنه برأه من تهمة الإساءة إلى الأسرة ، مما يصنع بينهما تحالفاً سنشير إليه فيما بعد عند الحديث عن مرحلة التفاعل . وعلى المرشد بعد أن يكتب للأسرة أو يهاتفها ويتلقى موافقتها على الاشتراك في الإرشاد أو العلاج أن يحدد مكان عقد الجلسة الأولى أو اللقاء الأول بالأسرة ، وقد ذكرنا أن البعض يفضل أن يذهب المرشد إلى منزل الأسرة ليضفي جواً من الاجتماعية والانتناس على اللقاءات بدلاً من جو الخوف والقلق ، خاصة الأسر المترددة أو الخائفة أو حتى المقاومة . ولعل النقطة الأخيرة هذه والخاصة بمقاومة الأسرة لهذا النوع من الإرشاد والعلاج هي التي تدعو البعض إلى القول بعدم ذهاب المرشد إلى منزل الأسرة بحجة التغلب على ترددها ومقاومتها ؛ لأنه ليس من المفيد أن نحرج الأسرة ونضطرها إلى الموافقة تحت ضغط الزيارة على الاشتراك في الإرشاد . بل المطلوب أن تأتى الأسرة إلى المعالج في مكان عمله ؛ لأن في ذلك دليل على رغبة الأسرة النابعة من قناعتها بالمشاركة في العملية الإرشادية ، وتكون قد تأكدت من رغبتها في المشاركة الطوعية مما يطمئن المرشد على تجاوبها معه في العمل . وأيا كان المكان الذي ستعقد فيه الجلسة الإرشادية الأولى فإن على المرشد أن يكون قد حدد من الذي سيحضر المقابلة ، ولا يصح في هذا الصدد أن يسأل الأسرة ، عمن سيحضر فهو الذي يحدد - بعد معرفته لأفراد الأسرة النووية ، ولأفراد الأسرة الممتدة ولأفراد أسرتي الأصل – من سيحضر ، لأن اللقاء ينبغي أن يضم بجانب أفراد الأسرة المقيمين معاً كل من يمكن أن يكون له علاقة باتخاذ القرار في الأسرة . كما ينبغي أن يكون لدى المرشد قبل المقابلة الأولى فكرة عامة عن مشكلة الأسرة معتمده أيضاً على المعلومات التي استقاها من تقرير الإحالة أو من جهة الإحالة أو من فرد الأسرة الذي جاءه يطلب المعونة أو من أي مصادر أخرى . وعلى المرشد أن يكون يقظاً ومركزاً في اتصالاته مبديا الجدية والتعاطف ، وباختصار عليه أن يكون مسيطراً على الموقف في هذه المرحلة حتى تنتقل هذه الروح إلى الأسرة وتستمر قوة الدفع طوال العملية الإرشادية .