لخّصلي

المقدمة

تعد دراسة البرامج التلفزيونية الاستقصائية من المواضيع المهمة، لما لهذا الفن من ارتباط وثيق بالحياة البشرية وتصويرها وتقديمها للمشاهد عبر الأشكال المختلفة، بهدف تزويد المشاهدين بمعلومات مفيدة ومترابطة وتحقيق رغبات وإشباع الجمهور لذا يعد النشاط الذي يقوم به الصحفي من بحث وتحري بهدف الوصول إلى الحقائق خدمة مصالح وحاجات ومتطلبات الجمهور وإعلام الجمهور بالمعطيات و الآراء و المواقف و التحليلات التي تعبر عنها الأطراف المعنية بالموضوع ، ومن خلال الحدث والمكان والأشخاص المشاركين والوصف والمعلومات الخلفية للحدث يمكن ان تقوم وبشكل عميق بإعادة النظر في ركام الأخبار ذات الاتجاه الواحد، والعمل بعقلية نقدية للكشف عن خفايا القضايا المطروحة وحالات الفساد من خلال جمع المعلومات الدقيقة عنها.

ومن هذا المنظور تعتبر تحقيقات تقصى الحقائق من أهم المساهمات التي تقدمها البرامج التلفزيونية الاستقصائية ، والتي تتطلب عمل ميداني تجمع فيه معلومات و تصريحات لمجموعة من الشخصيات والأطراف الفاعلة ذات العلاقة، لكشف الجوانب الغامضة والمتعلقة بجوهر القضية المطروحة للبحث والتقصي للوصول الى قرار او حل او رأي في القضية او الموضوع

المطروح للبحث والتحقيق.

ان ما يقوم به الصحافي من بحث وتحري لبيان وقائع حادث معين رغبة منه لنقلها للجمهور في صور مطابقة للواقع ، يعد هذا النشاط ضمن الأنشطة الاستقصائية والتي يطلق

عليها تسمية البرامج الاستقصائية.

وتختلف أساليب إنتاج البرامج التلفزيونية الاستقصائية عن البرامج التلفزيونية الأخرى فالصحافي الاستقصائي يهدف إلى سرد القصة كما هي وليس كما يرويها الناس ويتوقع المتلقي أن تحتوي على أكبر قدر من الدقة والموضوعية والعمق من مضامين العمل الصحافي اليومي بأنواعه ، ويمكن القول انه يتعامل مع أدلة خاصة ومصادر غير معلنة وتسريبات وحقائق

غير كاملة مهمة الصحافي المتقصي ان يبحث عنها.

فالصورة ومكوناتها وزوايا تصويرها وشكلها وحجمها والأضواء والحركات وإيماءات الشخصيات والصوت كلها عناصر يتم توظيف لغرض إظهار الحقيقة وكشف الأسرار

البرامج التلفزيونية الاستقصائية

تعد الصحافة الاستقصائية investigative journalism ، هي أعلى مراتب المهنية الإعلامية وفي الوقت نفسه هي أصعبها ... ويجسد التحقيق الاستقصائي دور السلطة الرابعة لوسائل الإعلام في المجتمعات، أو ما يمكن تسميته بوظيفة المراقبة التي تنتهجها وسائل الإعلام في إطار من الاحترافية المطلوبة من المؤسسات الإعلامية وقد لجأت إليه الصحافة أولا وعدته مجالا واسعا للتعمق في تقديم الأحداث ، ومعالجة القضايا ومن مختلف جوانبها، وانتشر هذا المصطلح بحيث لم يعد يقتصر على الصحافة المكتوبة من الجرائد والمجلات ، وانما أخذت الكثير من القنوات التلفزيونية والإذاعية تقدم تحقيقات استقصائية بأساليب متنوعة ، حيث انتبه القائمون على الاعلام المرئي لاسيما في القطاع الخاص الى اهمية التميز في تقديم المادة الإخبارية ولم يقتصر تركيزها على البرامج الحوارية المثير قبل تعدتها لاختراق ما يمكن وصفه بالممنوعات من ولادة هذا النوع من البرامج ارتبطت بموضوع احتدام المنافسة بين وسائل الإعلام بشكل عام والمنافسة الشديدة التي تواجهها عشرات المحطات الفضائية الاخبارية المتخصصة بشكل خاص ، واصبحت القنوات التلفزيونية تنافس الصحافة المكتوبة في انتاج وبث هذه النوعية من البرامج ، التي حازت على رضى الجمهور ونال البعض منها على جوائز دولية، ان تحقيق التكامل بين الشكل والمضمون من جهة وبين استغلال الامكانات الفنية لجهاز التلفزيون _خاصة وان التلفزيون يجمع بين الصوت والصورة والحركة واللون، والبث الحي ، كوسيلة إعلامية ذات كيان فني مميز بين وسائل الاتصال من جهة اخرى، يتطلب الكثير من المهارة أثناء صياغة وانتاج المواد الاعلامية ، و هنا يكمن التحدي الذي يواجهه انتاج البرنامج التليفزيوني: كيف يمكنك أن تروي موضوعات معقدة لجمهور لا تعرفه و لا تراه بصورة تجعله مندمجاً و منفعلاً معك في مدة قصيرة جداً لا تتعدى الدقائق ٦٠ ان الجانب الأكبر من عمل البرامج الاستقصائية شديد الصعوبة ويتطلب توافر مهارة كبيرة لتطبيق الجوانب الفنية التي تتمثل ، في : كتابة النصوص، واستخدام التسجيلات الصوتية

أو المرئية وصياغة الإسكربت.

مفهوم البرامج التلفزيونية الاستقصائية

البرنامج التلفزيوني الاستقصائي واحد من أهم الأشكال البرامجية ، فهو يجمع بين عدد من الفنون التحريرية في آن واحد ، إذ يجمع بن الخبر والحوار والرأي ، وهو من أصعب البرامج التلفزيونية ، حيث يتطلب مقدرة وكفاءة عالية من المحرر، وأن يكون ذا خبرة ومراس . ويعرف كيف يحصل على الأخبار والمعلومات ، وكيف يجري الحوارات ، وكيف يفسر أو يعلق على ما يقال من أراء اذا كان تعريف البرنامج التلفزيوني بشكل عام هو فكرة أو مجموعة أفكار تصاغ في قالب تلفزيوني معين، باستخدام الصورة والصوت بكامل تفاصيلها الفنية، لتحقيق هدف معين فأن البرنامج التلفزيوني الاستقصائي يكون عملية تقصي ما وراء الفكرة أو مجموعة الافكار، يلتقطها الصحافي فتشكل رأس الخيط وتبدأ المهمة الصعبة ، المتمثلة في رصد كل ماله علاقة بالموضوع والبحث عن الأسباب والعوامل الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو الفكرية التي تكمن وراء الخبر أو القضية أو المشكلة أو الفكرة أو الظاهرة التي يدور حولها مضمون البرنامج ، والربط بين ما يتجمع لديه من آراء ومعلومات واستنتاجات ليقدمها للمشاهد فهو يبدأ من النقطة التي تنتهي عندها القصة الإخبارية ، فإذا كان الخبر يجيب بصورة مختصرة ومبسطة على الأسئلة الستة المعروفة ، فإنه يستقصي ما وراء الخبر أو الحدث ليقدم أبعاده وتجلياته وانعكاساته من خلال الاستقصاء

والبحث والتحليل والتفسير .

إن البرنامج الاستقصائي التلفزيوني هو عمل علمي مهني يتطلب ساعات وايام وأسابيع طويلة من البحث والاستقصاء مستخدما تقنيات الاستكشاف والتحليل بعلمية ومهنية عالية الى البحث عبر الكمبيوتر والانترنت والعمل الدقيق من خلال آليات علمية وتقنية مدروسة للكشف عن المستور واستعراض الحقائق لتوعية الجمهور بهدف الخدمة العامة للمجتمع. ويوصف البعض البرنامج التلفزيوني الاستقصائي ، بأنه تقرير عن حدث ما، وذلك لأنه يحاول وصف الحادث بطريقة يظن المشاهد معها أن الصحافي قد عاش تلك الأحداث، او انه عملية تنقيب في ابعاد الموضوع الذي يجمع بين الاهمية والغرابة والإثارة، بما يكشف عن الحقائق المخفية سواء كان هذا الإخفاء قد تم بقصد أو كان عن غير قصد ، مع استخدام الفنون الاعلامية والتلفزيونية كافة من الخبر والحديث والحوار والمادة الفلمية والصور الثابتة والرسوم البيانية، وغيرها من المواد التي تكشف جوانب الموضوع وتجذب انتباه الجمهور

او الرأي العام حول القضية الموضوع الذي يتناوله البرنامج .. ويرتبط البرنامج بشخصية محرره ، لذا يجب على المحقق الصحفي أن يكون مثقفا ماما ، واسع الاطلاع ومهنيا، لأنه يصنع بناء متكامل الجوانب يعبر فيه عن إمكانياته ومهاراته ، كما ويحتاج هذا النوع الى امكانات تقنية ومهارات عالية لتقديمه بشكل جيد ومقنع.

اذن البرنامج التلفزيوني الاستقصائي، هو عملية تحري وبحث واستقصاء، في واقعة أو مشكلة او قضية او حادثة ومعرفة الاسباب والدوافع الخاصة بها، والاستماع الى كل الآراء في هذه الواقعة أو الحادثة او القضية، قد يصل الى الحكم في النهاية او يكتفي بعرض جوانب هذه الواقعة او الحادثة فقط ، وهو كفن قد يشتمل على بقية الفنون الصحفية الاخرى كالخبر او الحديث او الراي او الاستفتاء او البحث ، ويهدف الى تقديم معلومات و آراء متعددة عن الحدث نظرا لأهميته لجمهور المحطة وغالبا ما يعتمد على المقابلات التلفزيونية مع شخصيات مرتبطة بهذا

الحدث.

خصائص البرنامج التلفزيوني الاستقصائي

تتميز البرامج التلفزيونية الاستقصائية ببعض الخصائص والملامح العامة التي يمكن تلخيصها

كالآتي:

١- البحث في العمق في المسائل الخطيرة والتي تؤثر على المصلحة العامة والمواضيع ذات

الأهمية الأكبر التي تهم قاعدة شعبية أوسع كالفساد والرشاوى والتجاوزات على المال العام ، لذا يتطلب استقصاء الخيوط المحيطة بالقضية وإجراء مقابلات مع مصادر مختلفة والحصول

على وثائق ومعلومات وإحصائيات موثقة وتكثيف المعلومات وتبسيطها وتوضيحها.

• إنها عملية طويلة تحتاج للتخطيط والبحث والتنقيب في المعلومات والتأكد من صحتها

عن طريق المصادر المختلفة ، وقد تأخذ المؤسسة الصحفية على عاتقها البحث والكشف عن

بعض الحقائق السرية أو المخفية والتي يعتقد أن هناك أناس لا يريدون الكشف عنها.

• تتعامل البرامج التلفزيونية الاستقصائية مع أدلة خاصة ومصادر غير معلنة، أو تسريبات

وحقائق غير كاملة لذا تستخدم مهارات البحث العلمي والاستجواب مع مصادر المعلومات

كمحاولة للوصول إلى مق الحقيقة عن طريق الاستبيانات أو دراسة البيانات المتوفرة أو

التحقيقات الجنائية او الحسابية، ابتغاء تجلية حقيقتها أمام الرأي العام وصناع القرار.

‎٤ - عادة ما يكون هناك آلية معينة في نشر المعلومات وتوضيحها للجمهور ، منها استخدام أسلوب إعادة تمثيل الأحداث والوقائع التي لا يستطيع كادر العمل الحصول على الصورة الأصلية أو الحقيقية للحدث المراد الكشف عن غموضه اللقطات القريبة، وإعادة العرض بشكل مختصر لأهم فقرات البرنامج.

‎ه يجمع معد البرنامج كل ما توصل إليه في شكل قصة مترابطة الأجزاء تجمع ما بين لقاءات مسجلة ومواد مصورة ومواد أرشيفية وجرافكس يبسط المعلومات والإحصائيات. ويراعي البرنامج في إنتاجه وتنفيذه معايير الإنتاج عالي الجودة من حيث التصوير والإخراج والمونتاج إلى جانب مراعاة المعايير الصحفية المهنية من حيث تحري الدقة في المعلومات

‎ومصادرها.

‎أهمية الصحافة الاستقصائية

‎1 - لطالما كانت التحقيقات الاستقصائية تجسد دور "السلطة الرابعة لوسائل الإعلام في المجتمعات التي عليها واجب جعل باقي السلطات الحكومية تتحمل مسؤولية أعمالها بما في ذلك الأخطاء والتجاوزات والجرائم التي قد ترتكبها، فهي تكتسب أهميتها من قدرتها على الإدارة الديمقراطية للشأن العام، ما يجعل هذا النوع الإعلامي هو الذي يحدد قوة ومكانة الإعلام في أي

‎مجتمع.

‎٢- ولعل رغبة الاستقصائيين في تغيير العالم بمجرد تحقيق واحد - وإن اصطدم هذا الطموح

‎بالواقع - تبقى مؤشراً على أهمية التقصي ودوره في المجتمع وتحسين حياة أفراده، وبالتالي تعد الصحافة الاستقصائية أعلى المراتب المهنية الإعلامية، ولكن في الوقت نفسه أصعبها، وهنا يتوجب دائماً تذكر نصيحة "كن بيزيو": إن التحقيق الصحفي الذي يقوم به الصحفي قد لا يغير

‎العالم، ولكنه قد يجعل العالم يريد أن يتغير، عبر إثارة الرغبة لديه في ذلك."

‎في أثينا القديمة كان أفلاطون يحاجج بأن أفضل وسيلة للتوصل إلى الحقيقة هي إجراء مناقشات حية لا يستبعد منها أو يحجب عنها أي حقيقة أو حجة، وكان يؤمن بأن هذه المناقشات ضروربة إذا أرادت أي حكومة أن تخدم شعبها جيداً، والواقع أن التحقيقات الصحفية تنبع من هذا

التقليد القديم لأثينا المبني على حرية تعبير الرأي وحرية الحديث كوسيلة لضمان أقصى حد من المشاركة في الحكم، فالتحقيقات الصحفية تعبر عمن لا رأي لهم، لذا لا يتردد صحفيو اليوم من طرق الباب الأكثر مغامرة في عالم الصحافة، لأنهم حين يبدؤون في العمل على تحقيق استقصائي فإنهم يطلقون رحلة كشف المستور والغوص في عمق الأحداث وتتبع التفاصيل الدقيقة التي توصل إلى معلومات غير متوفرة على سطح المشهد."

٤- وإذا كان العتب على صحافة اليوم لتحولها إلى صحافة "مصالح"، فإن الصحافة الاستقصائية ترفع كاهل الاتهام عنها لتخصصها بمصالح العامة على حساب شؤون الخاصة، ما يشكل رداً على الكثير من المراجع التي وضعت اللوم عليها، ومنها كتاب أخبار الأرض المسطحة" الذي يسلط الضوء على حقيقة تحول الصحافة إلى مجرد jurnalism ، واضعاً الكثير من اللوم على تكتلات وسائل الإعلام الأكثر حرصاً على وضع مصالح المعلنين على رأس قائمة أولوياتها، لأن التقصي يركز على إنتاج مواد ذات جودة جيدة صحفياً وإذاعياً وإلكترونياً على حد سواء، ويحمي الأخبار اليومية من الحالة المرثية لها من خلال فرصة وجود صحافة التحقيقات الاستقصائية الضامنة للبقاء وسط هذا العالم المتغير.

وظائف الصحافة الاستقصائية

• 
  

  المطالبة بالتغييرات السياسية والإصلاح السياسي.

  
  


• 
  

  تشجيع الشفافية والمساءلة القانونية في الوظيفة العمومية.

  
  


• 
  

  زيادة مصداقية وسائل الإعلام لدى المجتمع لعرضها الظلم الواقع على المجتمع.

  
  

تعزز من دور وسائل الإعلام كوكيل عن المجتمع.

• تزيد المنافسة بين وسائل الإعلام.

تحقق زيادة مبيعات لوسائل الإعلام التي تنتهج هذا النهج وتدر أرباحاً كبيرة نتيجة إقبال المعلنين.

• 
  

  توسيع نطاق حرية الصحافة باستكشاف مختلف المناطق والبحث عن الحقائق فيها.

  
  


• 
  

  تحسين مهارات الصحفيين وصقل مواهبهم وزيادة ثقة الجمهور بوسائل الإعلام.

  
  


• 
  

  تعزيز التنمية الاقتصادية في المجتمع عن طريق الرقابة على الأموال العامة.

  
  

خلاصة مراحل تطور الصحافة الاستقصائية:

يمكن تلخيص المراحل التي مرت بها الصحافة الاستقصائية على النحو التالي:

. المرحلة الأولى: الجذور عبر الممارسات في الصحافة التقليدية وتمثلت في المواد الصحفية الت ي عالجت الظواهر الغامضة، وهذه كانتحاضرة منذ القدم في التجربة الصحفية الأمريكية مثل كـ شف صحيفة "الأحداث العامة عام ۱٦٩٠ تعرض الجنود الفرنسيين للتعذيب الوحشي على أيدي الق بائل الهندية الحمراء المتحالفة مع الجيش البريطاني في الأراضي الأمريكية.

المرحلة الثانية: الصحفيون المنقبون عن الفساد وهي حركة صحفية بدأت عام ۱۹۰۱، وبرز ت كفوة مهمة عام ۱۹۰٦ ، ثم بلغت قمة النجاحعام ۱۹۱۱ ، وتبددت عام ۱۹۱۲.

المرحلة الثالثة: انطلاق مفهوم الصحافة الاستقصائية: وكانت هذه في مرحلة السبعينيات وفيها تشكلت هيئات واتحادات خاصة بالصحافة الاستقصائية، وتم فتح تخصصات أكاديمية في المجال. ٤. المرحلة الرابعة ترسيخ حضور الصحافة الاستقصائية وتمثل ذلك في أواخر الثمانينيات وبدا ية التسعينيات بزيادة دور الحاسوب والإنترنتوتوظيفهما كأدوات لجمع البيانات وتحليلها، وتوظي ف مناهج البحث العلمي.

أهم العوامل التي أدت إلى ظهور الصحافة

الاستقصائية يمكن تحديد أهم العوامل التي أدت إلى ظهور التقصي وتطوره وازدهاره، على

النحو التالي:

۱. ازدياد الطابع المعقد للكثير من القضايا و الظواهر والمشكلات، وبروز الحاجة الماسة إلى تشخصيها وتحليلها، وتفسيرها وتقييمها، والبحث عن حلول لها ولاسيما مع التطورات السياسية. .. ارتفاع المستوى التعليمي والثقافي للمتلقي المعاصر، وتنوع وتعدد حاجاته الإعلامية

وازدیاد خبراته الاتصالية.

ازدياد اهتمام الفكر الاجتماعي بمعالجة الأحداث والظواهر والقضايا والمشكلات في مختلف المجالات، وبروز فكر الضمير الاجتماعي و القيم الأخلاقية للمجتمع ومحاربة الرذيلة والفساد. . ظهور الصحافة النوعية الجادة وتطور المجالات العامة والمتخصصة الأكثر مقدرة على إشباع الحاجات الإعلامية لمتلق نوعي مثقف ومهتم من خلال تقديمها معالجات جدية

موضوعات جدية. ه تزايد أهمية الدور الذي يؤديه الإعلام في حياة الفرد والمجتمع، وتحولها إلى فعالية فكرية إبدا عية قادرة على الإسهام في مواجهة المشكلات وتطورات معالجتها وتفسيرها، وتقديم الحلول لها.

ما هي سمات الصحفي الاستقصائي؟ يعتبر الصحفي الاستقصائي من أطراف العملية الاتصالية التي تتمثل في داخل المؤسسات الاستقصائية ذات الأوجه الاستطلاعية والتي تسعى إلى تحديد مجموعة من المهام الصحفية أو المهارات التي تساعد على البحث المتعمق في داخل القضايا الإخبارية التي تثير اهتمامات الجمهور والرأي العام في ذات الوقت.

نبذة عن سمات الصحفي الاستقصائي

يتسم الصحفي الاستقصائي في قدرته على الوصول إلى المصادر الإعلامية والصحفية السرية التي يتم من خلالها الكشف والإطاحة بمجموعة من القضايا التي تحقق المنافسة الشديدة ما بين الوسائل الإعلامية الأخرى وما بين مجتمعات إعلامية على أن يتم من خلالها الوصول إلى المنافسة الصحفية في داخل الحملات الإعلامية، وخاصة التي يتم إعدادها في

الصحف الاستقصائية.

وعليه يكون من الضروري التركيز على أن الصحفي الاستقصائي يركز على ضرورة القيام بمجموعة من الواجبات أو المهام الكبرى التي تساعد على إجراء بعض الأدوات الرقابية المدنية التي تؤكد على أهمية العمل الاستقصائي الصحفي، على أن تكون كافة القصص الصحفية الاستقصائية قادرة على تحديد المتطلبات أو المعلومات الإعلامية التي يتم جمعها وهو ما يسهم في تحديد الممارسات الصحفية والاستقصائية، التي يتعين على الأقسام إجراء خطابات صحفية أو تغطية أو معالجة إعلامية.

كما لا بد من التأكيد على أهمية الحصول على المعلومات الإعلامية بصور إعلامية

وصحفية كبيرة ومحكمة قادرة على السيطرة على كافة المصادر الإخبارية، وهو ما يسهم

في منح المحررين أو الصحفيين العاملين بالصحافة الاستقصائية، وخاصة في تقديم الفرص

الابتكارية والإبداعية التي تعتبر بمثابة جزء رئيسي بالنسبة للجمهور الإعلامي القارئ.

بالإضافة إلى ذلك فإنَّ الصحفي الاستقصائي يتملك العديد من الصفات التي تجعله قادرة على الوصول إلى تصحيح الأعمال أو الأنشطة الصحفية المخصصة، وذلك على اعتبار أنها بمثابة طرف اتصالي يؤكد على ضرورة حماية الضمير العام، بالإضافة إلى التصدي إلى كافة الأخطاء والمغالطات التي ترتبط بالنظام الاجتماعي، بالإضافة إلى المؤسسات

العامة الإعلامية.

والجدير بالذكر أن كافة المؤسسات الصحفية الاستقصائية العالمية الكبرى تؤكد على ضرورة تنظيم القصص الإخبارية الاستقصائية على المستويات الإقليمية أو القومية، وهو ما يساهم في قضاء مجموعة من الوقت في البحث والتحري عن كافة القضايا أو الموضوعات أو المعلومات الخفية والتي تم إخفاؤها بشكل متعمد على أن تستلزم مجموعة من القدرات الكبيرة التي تساعد على العمل على تحقيق المصلحة العامة

كما لا بد من التأكيد على أن العمل الاستقصائي يؤكد على ضرورة التدقيق في داخل الملفات أو السجلات أو الوثائق والمستندات بنسبة كبيرة يتم بواسطتها الوصول إلى الأمور الضرورية التي تكون واضحة بالنسبة للعمل الاستقصائي

سمات الصحفي الاستقصائي

الصبر والقوة الاستقصائية تقديمها في حيث يقصد بها السمة التي يتعين على المؤسسات الصحفية اختبارات واضحة تسعى إلى التركيز على إجراء بعض المهارات أو الخبرات التي تكون ذات نقاط غير واضحة أو غامضة يتم من خلالها الوصول إلى كافة الموضوعات الإخبارية من خلال جهد مضاعف يتم تحقيقه من قبل الصحفي الاستقصائي القائم على إعداد تقارير أو

تحقيقات أو مقالات أو قصص إخبارية استقصائية كما يتم في هذه السمة الوصول إلى المزيد من المعلومات الإعلامية الحساسة بغض النظر عن أهميتها، إلا أن مفهوم الصبر والمثابرة في داخل الأعمال الاستقصائية، تركز على التوصل إلى الحقائق، بالإضافة إلى تقديم المسؤولين أو الفاعلين أو الفاسدين لمفهوم العدالة أو الحرية الديموقراطية، كما يعتبر الصبر من الدوافع الأخلاقية التي لا بد من توافرها لكافة العاملين على إعداد الفنون الصحفية الاستقصائية

المرونة

ويقصد بها السمة التي يتم من خلالها الاحتفاظ بكافة القوائم التي تم إعدادها؛ من أجل التركيز على كافة الاتجاهات الإعلامية الصحفية ذات النقاط المختلفة، والتي تكون ضرورية؛ من أجل تغيير المسارات التحقيقية في العمل الاستقصائي

الأساليب الإقناعية

حيث تشير إلى السمة التي لا بد من إتباعها لمجموعة من المداخل أو المحددات التي يتم بواسطتها التعامل مع الصحف الاستقصائية، وخاصة في إقناع المصادر الإخبارية بالكشف عن كافة الحقائق والوثائق، على أن تكون ذات مهارات مرتبطة بالقدرة على البحث الدقيق لكافة الاضطرابات أو الأنشطة المقدمة في العمل الاستقصائي، إلا أن فن الإقناع يعتبر من أهم السمات أو الصفات البارزة في الصحافة الاستقصائية ..

الشجاعة

ويقصد بها التحلي بالشجاعة التي تتم أثناء عملية التعرض للتهديد البدني البدني أو المقاضاة أو فرض عقوبات صحفية أو مهنية أو قانونية، وهو ما يساعد على تقديم التحقيقات

من خلال التعامل مع المواقف المحرجة الصحفية

الضوابط الأخلاقية للصحفي الاستقصائي:

الشفافية التي تعني تقديم المعلومات والوقائع والأرقام والإحصاءات والخلفيات بكل أمانة ووضوح، وفي أي وقت لجميع الناس والأفراد، فالمحقق الصحفي في بحثه عن الحقيقة لا يتردد في وضع كل ما يتوافر له من اكتشافات في متناول الرأي العام. العدل: يأخذ بعين الاعتبار جميع الآراء والشهادات ويختار منها الصحيح والسليم. التوازن لأن المعلومة انعكاس لوجهات نظر عدة، فعلى الصحفي الاستقصائي احترام

التوازن مع الأشخاص، كما مع المؤسسات المعنية بالحدث أو الموضوع. ه النزاهة: عليه أن يعتمد مبدأ النزاهة والكمال بعدم توجيه النتائج وتجزيئها، وألا يكون

ثرثاراً وبخاصة في بداية التحقيق، كما ليس عليه الإعلان عن نقاط التحقيق المركزية بل واجبه اعتماد مبدأ

الكتمان. . الحياد أن يكون محايداً فلا يؤيد أو يهاجم أي رأي أو موقف يراه قريباً إلى آرائه أو

متعارضاً معها. الموضوعية: أن يكون موضوعياً لأن في غياب الموضوعية لا وجود للحقائق، ومن

دون حقائق لا وجود لتحقيق استقصائي.

الابتعاد عن الذاتية التي تعد عدوة الموضوعية فأغلبية الصحفيين يشركون أنفسهم في القضية عبر ضمير المتكلم الشخصي أو الإكثار من (نون) الجماعة الدالة على الفاعلين.

(مجتمعنا رأينا) إلخ. .. كتمان الأسرار: على الصحفيين الاستقصائيين أن يحافظوا على الأسرار كي يحموا مصادرهم، فغالباً ما يواجهون المخاطر من جراء الكشف عن معلوماتهم

١٠. الالتزام والثقة فالصحافة الاستقصائية الناجحة تتطلب قدراً كبيراً من الالتزام والثقة داخلا لمؤسسة الصحفية وخارجها، بين الصحافي ومصادر الأنباء، وبين المراسلين في فريق التحقيق.. والمحرر، وبين المحرر وصاحب المؤسسة الذي يدفع الأجور وهو المستوى الأعلى من المؤسسة الصحفية، أي على مستوى الناشر أو صاحب الوكالة وهنا يكمن المصير النهائي للصحافة الاستقصائية، ولاسيما أن هذا النوع الصحفي مكلف

جدا، إذ قد يمتد تحقيق واحد مدة أشهر من دون نتيجة مضمونة. ۱۱. اكتساب ثقة القراء: أن يعرف أن التحدي الكبير الذي يواجهه هو "اكتساب ثقة القراء" أولاً عبر تقديم التحقيقات غير المشوهة للحقيقة والمضللة للرأي العام.

اخلاقيات البحث عن المعلومات فيما يتعلق بالبحث عن المعلومات، فأخلاقيات العمل الاستقصائي تشمل هنا، ما يلي:

۱. على الصحفي الامتناع عن الحصول على المعلومات غير المشروعة، فسرقة المعلومات من مصادرها أمر يعاقب عليه القانون، ولاسيما إذا كانت مصنفة سرية.

٢. يجب التفريق بين نشر أصل الوثائق التي صنفت على أساس أنها سرية، وبين نشر مضمون هذه الوثائق

ونشر أصل الوثيقة السرية أو صورة عنها، إذ يعاقب عليه القانون، لكن نشر مضمونها فإنه

جائز ولاسيما أن للصحفي الحق في كتمان مصدر معلوماته على الصحفي الابتعاد عن انتحال الشخصية، وهنا يجب الانتباه إلى طبيعة الشخصية المنتحلة، فانتحال

صفة رسمية مثل شرطي أو موظف هو أمر معاقب عليه، لكن القانون في الوقت ذاته

لا يعاقب على

انتحال صفة مريض أو عامل أو مواطن ذي مصلحة مثلاً، إلا إذا كان العمل الذي يقوم به

بموجب.. الشخصية المنتحلة يعاقب عليه قانونياً مثل انتحال صفة متسول، فالتسول يعاقب عليه

قانوناً. على الصحفي الامتناع عن تصوير أي شخص دون الحصول على إذنه بالتصوير، وكذلك . الحصول على إذنه بالنشر ، مع العلم أنه يحقل لصحفي تصوير الشخصيات العامة أو أحداثها دون إظهار تلك الشخصيات بمظهر يحط من احترامها وسمعتها وكرامتها.

ه على الصحفي تحري الحقيقة والمعلومات الصحيحة، والقانون ينظر أيضاً إلى مقدار الجهد الذي يبذله الصحفي بحسن نية في السعيوراء المعلومات؛ إذ يجب على الصحفي بذل العناية والحرص، وواجب التدقيق والتمحيص عن المعلومات، وهذا أحد أهم معايير حسن النية التي يسعى القضاء إلى استظهارها خلال نظره في أي قضية إعلامية معروضة عليه.

٦. يحظر على الصحفي قبول رشاوى مهما كان مصدرها أو نوعها، فالرشوة جريمة يعاقب عليها القانون بغض النظر عما إذا كان الصحفيراشياً أو مرتشياً، وهنا يجب الانتباه إلى مسألة شراء المعلومات"، وهو القالب الذي توضع فيه الرشوة عادة في الصحافة الاستقصائية وهنا يتحمل الصحفي مسؤولية المخاطرة في اتباعها إذا تمكنت النيابة العامة من إثبات قيام الصحفي بها.

في ظل التحديات والمتغيرات التي تشهدها الساحة الاعلامية الدولية لا يزال الاعلام العربي يحاول جاهدا الوقوف على أرضية صلبة تمكنه من المساهمة في توازنات القوى الإعلامية العالمية، وبسبب ضعف الإمكانيات المادية وقلة الخبرة لدى كثير من الأجهزة الإعلامية فان الصحافة الاستقصائية ليست بمنائ عن كل تلك الصعوبات والعقبات التي تواجهها تلك الوسائل الإعلامية والعاملين فيها حيث انها تتطلب خبرات متراكمة ودعم مالي وانسجاما بين المؤسسة والراغبين في خوض غمار العمل في هذا النوع من الصحافة.

العقبات التي تواجه الصحافة الاستقصائية العربية:

هناك مجموعة من العقبات التي تواجه الصحافة الاستقصائية وهي مبيئة على النحو الآتي: . وجود نقص في المعلومات وصعوبة الحصول على الوثائق. معارضة أصحاب شركات الإعلام لنشر القصص المثيرة للجدل. - الخوف من العقوبة من قبل ذوي المصالح السياسية أو التجارية. . التهديدات للسلامة الشخصية.

ه الوقت غير الكافي لإنهاء المهام الصحفية الاستقصائية.

٦، عدم وجود الميزانية الكافية للسفر أو للمصاريف. الإرهاق والخوف من الفشل، والدعاوى القضائية، ما قد يدفع إلى ضعف التوجه نحو هذه

الصحافة.

مفهوم التحقيق التقليدي والاستقصائي والفرق بينهما وفق المدرسة التقليدية:

التحقيق التقليدي :

هو فن يقوم على التحري، والبحث، والدراسة لواقعة أو حدث، أو فكرة أو مشكلة، أو قضية أو ظاهرة تشغل أو اهتمام جزء منه في وقت معين ، وفي مكان محدد ، بحيث يشرح ويفسر الأسباب والدوافع الخاصة بها، ويبحث في الأسباب والعوامل السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الفكرية أو الحضارية التي تكمن وراء موضوع التحقيق الذي يدور حول سلسلة من التساؤلات والاستفهامات

التي تحتاج إلى إجابة، ومشكلات تحتاج إلى حلول سعياً لإصدار حكم في النهاية يتضمن حلولاً للمشكلات، أو إجابة عن التساؤلات، أو عرض موقف المحرر، أو الاكتفاء بعرض

جوانب معينة.

التحقيق الاستقصائي:

هو من أهم الفنون الصحفية، ويجمع بين عدد من الأنواع والفنون التحريرية في آن واحد

حيث يجمع بين الخبر والحديث والرأي، ما يجعله من أصعب الفنون التحريرية، إذ يتطلب مقدرة وكفاءة عالية من المحرر ، فالغرض الأساسي من التحقيقات الاستقصائية هو تقديم خدمة للمجتمع و

الصالح العام ووضع السلطة موضع المساءلة، ومن ثم تحقيق القيمة العليا للصحافة من خلال تأدية دورها كمراقب على عمل الحكومة، لذلك يعد المحقق أو الصحفي في قسم التحقيقات من أهم صحفيي الجريدة، وحتى يكون الصحفي في هذا القسم لا بد أن يكون خبرة ومراس في مجال الصحافة حيث يكون قد تعلم وعرف كيف يحصل على الخبر، وكيف يجري الحوارات واللقاءات الصحفية، وكيف يفسر أو يعلق على ما يقال من آراء، وكيف يوزان بينهما ليقدم في النهاية تحقيقاً صحفياً يفسر الواقعة أو الحادثة أو القضية موضع التحقيق.

الفرق بين التحقيق التقليدي والاستقصائي: ربما يعود الخلط لدى الصحفيين بين التقرير "الريبورتاج" والتحقيق والاستقصاء و الموضوع الإخباري إلى ترجمة المصطلحات ، فالدلالة اللغوية لكلمة "التحقيق" تشير إلى السعي لليقين من الأمور والوقوف على حقيقة الخبر، وهي الدلالة التي يشير إليها تعريب مصطلح "الريبورتاج" REPORTAGE (معنى الترجمة

الحرفية تقرير ، لكن تستخدم في الأوساط الصحفية للدلالة على التحقيق)، وهذا التعريب يعود بالتحقيق إلى وظيفته الجوهرية في اللغة العربية واللغات الأوروبية التي تستخدم هذا المصطلح للدلالة عن الفن التحريري الذي يتناول خبراً أو قضية أو فكرة بنوع من الشرح والتحرير والتفصيل وسرد البيانات والمعلومات والآراء ووجهات النظر المختلفة للوصول الى قرار أو حل أو رأي في القضية أو الموضوع المطروح .

وبالتالي فالتحقيق عبارة عن قضية عمومية، والظواهر العامة كزيادة نسب الطلاق في المجتمع، أو تأخر سن الزواج بين الشباب أو غلاء المهور، وأصول التربية هي تحقيقات وفق المدرسة التقليدية التي تتناولها بشكل سطحي من منظور ديني وآخر اجتماعي ومثله نفسي وربما اقتصادي ، عبر رأي خبير ومشارك في كل منها

فيما ترفض الصحافة الاستقصائية هذه المواضيع لعدم ارتباطها بفكرة الإصلاح

وكشف الحقيقة والفساد والمساءلة والمكاشقة والشفافية.