لخّصلي

تتناول هذه المقالة الأخلاقيات في التربية الخاصة، مُعرّفةً إياها بمعاملة الناس بشكل صحيح، مع اختلاف الممارسين في تعريف السلوك الأخلاقي بناءً على نظرياتهم وفلسفاتهم. يُشدّد النص على أهمية التصرف المسؤول والمحترم من قبل مقدمي الخدمات تجاه الزملاء، والمنتفعين، وأسرهم، والمجتمع، وفقًا لقواعد أخلاقية واضحة. ويُبرز دور الدستور الأخلاقي في توجيه الممارسين، وحماية حقوق المنتفعين، وضمان جودة الخدمات، وتوفير إرشادات للمواقف الصعبة. وتُناقش المقالة العمليات الفعّالة التي تحكم الممارسة الأخلاقية، بما في ذلك التدريب قبل الخدمة وأثناءها، والتفاعلات الاجتماعية. كما تُشير إلى قصور الجامعات العربية في تعليم أخلاقيات مهنة التربية الخاصة وأخلاقيات البحث العلمي، مقارنةً بمبادرات دولية كالمبادرة الأمريكية (1983) التي وضعت معايير أخلاقية أساسية، منها الالتزام بتطوير قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة، والمحافظة على الكفاءة، وتقديم خدمات مفيدة، واتخاذ أحكام موضوعية، والتطوير الذاتي، والالتزام بالمعايير المهنية، وسعي لتحسين القوانين، والامتناع عن الممارسات غير الأخلاقية. وتختم المقالة بالإشارة إلى تبني هذه المعايير من قبل منظمات مهنية عالمية، ومكانتها كـ"ضمير" للتربية الخاصة، مع التأكيد على أهميتها في تحديد معايير الممارسة الجيدة وتدريب المعلمين.

الأسس الاخلاقية للتربية الخاصة

تتعلق الأخلاقيات بكيفية معاملة الناس لبعضهم البعض وبما هو صواب وما هو خطأ. ويختلف الممارسون من حيث تعريفهم للسلوك الأخلاقي تبعا للنظرية والفلسفة التي يتبنوها. وعلى الرغم من أن كل ممارس قد يتبنى جملة مختلفة من القيم والمبادئ المهنية التي يصدر أحكامه على ضوئها، فالأساس هو أن يتصرف الممارس بطريقة مسؤولة ومحترمة ويتعامل بثقة مع الزملاء والمشرفين والمنتفعين من الخدمات ومن خصائص المهن المرموقة أنها تعتمد على قواعد أخلاقية معلنة وواضحة للتصرف مع المنتفعين من خدماتهم وأسرهم، ومع زملائهم في المهنة، ومع المجتمع بوجه عام. ولا شك في أن الأخصائيين الذين يقدمون الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن يوظفوا المعرفة التي يمتلكونها بطريقة أخلاقية تتفق ورسالة مهنتهم. ويتم توضيح تلك الطريقة من خلال تبني ما يعرف بالدستور الأخلاقي للمهنة. فتعريف المهن المرموقة يستند إلى جملة من المعايير منها أن الممارسين لهذه المهنة يطبقون الدستور الأخلاقي لمهنتهم. والغاية الرئيسية من الدستور الأخلاقي في مجال التربية. الخاصة تزويد المعلمين وغيرهم من مقدمي الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة بموجهات للتصرف المهني اللائق في المواقف التي يتعرضون لها في الممارسات الميدانية علاوة على ذلك فالدستور الاخلاقي يطمئن المجتمع أن الخدمات التي يتم تقديمها ذات مستوى رفيع ويجدد مسؤوليات الممارس ويحمي حقوق المنتفع من الخدمات، ويشجع الممارسين على التصرف بطريقة مناسبة عند مواجهة صعوبات في العمل.

وينبغي أن يكون هناك جملة من العمليات الفعالة التي تحكم الممارسة الأخلاقية لإعطاء معنى للمعايير المهنية ولتحسين مكانة المهنة في المجتمع. وتوجه هذه العمليات الممارسين من خلال التدريب قبل الخدمة والتدريب أثناء الخدمة ومن خلال التفاعلات الاجتماعية مع الممارسين الآخرين في الميدان. وقد تكون هذه العمليات منبثقة عن القوانين وهي تصبح عندئذ الزامية وقد تكون منبثقة عن معتقدات المتخصص حول ما يمثل الأفضل لمهنته وللأشخاص الذين يتلقون خدماتها .‏

ويتوقع من الجامعات التي تقدم برامج تطوير مهني وتنفذ بحوثا علمية أن تفعل ذلك وفق اخلاقيات المهنة وأخلاقيات البحث العلمي. لكن الواقع في الجامعات العربية غير ذلك حيث نادرا ما يتم تعريف الطلبة بأخلاقيات مهنة التربية الخاصة بشكل مباشر وعند النادرا ما تشكل الجامعات لجانا لأخلاقيات البحث العلمي ولذلك تجد أن الطلبة الباحثين لا يأتون على ذكر هذه الأمور بالرغم من أهميتها. وبالمثل، لا تعالج المنظمات والمجالس ذات العلاقة بمهنة التربية الخاصة في الدول العربية القضايا المتصلة بأخلاقيات المهنة بشكل منهجي منظم

وقد توالت الدعوات في العقدين الماضيين لتطوير معايير PARADAREAS للممارسة الأخلاقية في التربية الخاصة. وتمثل أول جهد منظم في هذا الخصوص بمبادرة المجلس الأمريكي للأطفال ذوي الحاجات إلى تبني )Council for Exceptional Children )1983( الخاصة جنب مع . جملة دستور اخلاقي للتربية الخاصة جنبا إلى . من المعايير للممارسة المهنية المرموقة في هذا الميدان. وشملت المبادئ الأخلاقية الأساسية التي حددها المجلس ما يلي:

1. يلتزم العاملون في ميدان التربية الخاصة بتطوير القدرات التمر التعليمية ونوعية الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة إلى أقصى حد ممكن.
   2 يحرص العاملون في ميدان التربية الخاصة على تشجيع وبلوغ مستوى عال من الكفاءة والتكامل في ممارستهم لمهنتهم.
   3 ينفذ العاملون في ميدان التربية الخاصة أنشطة تعود بالنفع على الأشخاص ذوي الإعاقة، وأسرهم، والزملاء في العمل، والطلبة المتدربين.


2. يتخذ العاملون في ميدان التربية الخاصة أحكاما مهنية موضوعية في ممارساتهم.


3. يسعى العاملون في ميدان التربية الخاصة إلى تطوير معرفتهم ومهاراتهم فيما يتصل بتعليم الأشخاص ص ذوي الإعاقة.
   6 يعمل العاملون في ميدان التربية الخاصة وفقا لمعايير مهنتهم وسياساتها.


4. يسعى العاملون في ميدان التربية الخاصة إلى تحسين القوانين والإجراءات المتبعة في تقديم خدمات التربية الخاصة والخدمات الأخرى المساندة.


5. لا يشجع العاملون في ميدان التربية الخاصة ولا يشاركون في ممارسات غير أخلاقية أو غير قانونية ولا يخالفون المعايير المهنية المتفق عليها.

وكان لمثل هذه المبادرة أهداف متنوعة من أهمها أنها تقدم معايير الممارسة الميدانية وتدريب المعلمين. وقد تبنت المنظمات والجمعيات المهنية في أمريكا ودول العالم المختلفة تباعا تلك المعايير أحيانا كما هي دون تعديل وأحيانا أخرى بصور معدلة ومكيفة. وكما أشيار هيلر فالدستور الأخلاقي يعمل بمثابة الضمير للتربية الخاصة حيث أنه يبين مواصفات الممارسة الجيدة والصحيحة.