لخّصلي

تبدأ مشاهد الفيلم في المطار حيث تقوم درية ومدحت بوداع ابنهما كريم الذي سيسافر إلى أوروبا للدراسة ، وبعد وداع الابن، عاد الزوجان إلى بيتهما لتطلب درية من زوجها الجلوس لمناقشة أمر علاقتهما الزوجية، ومن خلال الحديث تطلب درية الانفصال عن زوجها لأنها لم تشعر معه على حد زعمها بالسعادة: عمرك ما كنت

معي لا كزوج ولا أب لابني.

عشرون عاما وهي صابرة حتى یکبر ابنها کریم ويسافر للدراسة، والآن تريد درية أن تسترد حريتها.. حريتها المسلوبة من قبل زوج لا يشعر بها إلا كقطعة أثاث في المنزل، 20 سنة مرت عمري ما كنت

معك سعيدة ومن حقي أن أعيش بالطريقة التي أحبها.. الست لهاکیان ولها حقوق.. وعايزاك تطلقني وكل واحد منا يعيش بالطريقة التي

بحبها.

ينهال مدحت على درية ضربة.. التي تقوم بالاتصال مع أخيها

الذي يحضر إليها لياخذها .

ثم يعيدنا المخرج إلى بداية العلاقة بين درية ومدحت، فمدحت رجل يعمل في السلك الدبلوماسي، متحلل من جميع الأخلاق، بعاشر النساء ويشرب الخمور، وكان هذه الأعمال هي التي تجعل من الرجل أوروبيا متحضرا، لا مصرية محافظة، ودرية فتاة بسيطة من عائلة محترمة والدها مستشار، وماتت أمها وهي صغيرة، تدرس في مدرسة محترمة ولم تنه تعليمها بعد، ومن أول مرة يدق باب بيت والدها من هذا الرجل الدبلوماسي يوافق الأب ويحرمها من تعليمها إذ يقول موجها كلامه إلى مدحت: الأمر الآن بيدك.. بدك إياها تكمل تعليمها أم لا والمسكينة صاغرة لا تستطيع أن تعترض، وهل في زمانها هناك فتاة تعترض على رأي أبيها وتخرج عن أمره وعن طوعه، وتساق الفتاة درية بثوب الزفاف إلى أوروبا... ليبدأ مدحت (الزوج) ومن المطار يمارس عليها الهيمنة، ويأخذ بتعليمها كيف تتعامل مع موجودات الطائرة قائلا لها: أنت أول مرة بتركي طيارة وأنت الآن ستصبحين في أوروبا، فيجب عليك أن تتماشي مع الحياة فيها، وتعرفين طريقة

التعامل مع الناس هنا.
وكان أول منظر تقع عليه عينا هذه الصبية المسكينة صديقة مدحت الأجنبية الذي يضعها في زاوية من المكان الذي يجلسون فيه وياخذ في تقبيلها دون أي إحساس المشاعر تلك الفتاة القادمة من بيئة حافظة، ودون مراعاة لرباط الزوجية الطاهر . .

وتصر )درية( على العودة إلى مصر، ورفض هذا الواقع من زوجها المستهتر وحياة السكر والليل التي يعيشها هذا الرجل، وتعود إلى مصر وهي حامل بابنها کریم.. ولكن الأب الظالم يثور في وجه ها، ويبين لها أنه لا يوجد عندنا بنات تطلب الطلاق، ويطلب من أخيها فؤاد أن يحجز لها على أول طائرة مسافرة إلى مكان زوجها. وفعلا تستجيب الفتاة الأمر أبيها إذ لا مجال للمناقشة وخاصة في غياب الأم.. الصدر الحنون، وأمام إمرأة أب لا يهمها كل مشاعر هذه الفتاة وكل همها أن تتخلص منها، وأن لا تبقى أمامها في البيت..

تعود.. وتصبر على الحياة مع هذا الزوج المتحلل من أدنی الأخلاق والعرف، وترزق بکریم.. الذي أصبح همها أن تربيه تربية صالحة لتصل به إلى بر الأمان، عشر سنين تقضيها الزوجة في أوروبا إلى أن جاء التطهير الذي طال أبناء الطبقات المتحكمة في رقاب الشعوب أبي عام 1952 بعد ثورة يوليو في مصر، ويخرج من السلك الدبلوماسي ولكن لم يزل على علاته نساء وخمر وليل...

وتبقى الحياة نكدة في مصر، وتصر درية على الطلاق، وترفع السوري عند محام شرعي، وفي ذلك الوقت تجد لها وظيفة كمترجمة في إحدى الصحف، وعمر الأيام وترى درية خلال ترددها على المحاكم ما لا يقبله عقل ولا یرضی به دین، وهي تنتظر دورها للدخول إلى القاضي. فترى في ممرات المحكمة المرأة التي يتخلى عنها زوجها وهي أم لطفلين، وتطالب أن يفرض لهما نفقة من الزوج حتى تستطيع أن تعيش عيشة كريمة مع طفليها، ولكن ذلك لم يحصل حتي رمت نفسها في أحضان الشيطان، وعادت إلى القاضي وأعلمته أنها ليست بحاجة إلى النفقة ولا إلى الأولاد، ولكن الزوج يصر على أن يبقى الأولاد مع امهم هربا من مصاريفهم ورعايتهم. وتلك المرأة الكبيرة التي تركها زوجها وتطلب منه نفقة لتعيش، ولكنها تخسر دعواها وتستأنف ويأتيها ملك الموت قبل أن يحكم لها بنفقة. كل هذا تراه درية.. التي انكبت على دراسة الشريعة الإسلامية، لترى الفرق الشاسع بين ما جاء في الشريعة وما جاء في القانون الوضعي الذي تأخذ به المحاكم في مصر، ويصدر على درية حكم بالطاعة، وأخذ البوليس يبحث عنها التلميذ ذلك الأمر، وتهرب من بيتها وتلجا إلى مكان يرتاده الفنانون اليمارسوا هواياتهم في الرسم بعيدا عن الضوضاء بوساطة أخيها فؤاد وفي هذا المكان تتعرف على رؤوف صديق فؤاد اخيها، وتنشأ بينهما علاقة وذ، في حين لا تنسى درية أنها على ذمة رجل آخر، وأنها لا يمكن أن تخونه. وستبقى تنتظر الفرج من المحكمة.

ويفهم رؤوف قضيتها، ويطلب منها تغيير المحامي، لياخذها إلى محام متمرس هو احمد العدوي المحامي عم رؤوف، وتشرح له قضيتها،ويرى المحامي بخبرته انه من الصعب أن يحكم لها، واخبرها أن القانون لا يفرق بين المرأة وزوجها إلا في حالة من الحالات الآتية

|. العجز الجنسي

2 هجر فراش الزوجية.

3. 
   

   الجنون.

   
   


4. 
   

   معاملة المرأة معاملة سيئة ويعتدي عليها بالشتم والضرب.

   
   


5. 
   

   أن يكون الزوج معتوها.

   
   

ولكنها(درية) ترفض رفضا تاما أن تبوح بأي سر من أسرار بيت الزوجية وترفض اللجوء باتهام زوجها بأي اتهام رخيص من هذه الاتهامات أو أن تنزل إلى مستوى مخالف تربيتها، وعلى الرغم من

تشجيع صديقاتها لها ولكنها ترفض ذلك رفضا قاطعا.

وتأخذ محاورة المحامي في الشريعة وما يراه مالك في التفريق بين الزوج وزوجته، ولكن المحامي يقول لها: الشريعة حاجة والقانون

حاجة ثانية، وتستغرب درية من هذا الظلم الواقع على المرأة، ولا منتصف لها، كيف تحاكم بقانون وضع سنة 1929 وهي في سنة 1965 ، لقد تغيرت كثير من المفاهيم خلال هذه المدة الطويلة ولكن التشتكي كما تشاء، ولتقل ما تشاء، وسيبقى القانون قانونا يلزمها ويلزم غيرها. ويلوم أصحاب مدحت صاحبهم، لماذا هو متمسك بها، وكيف يرضى العيش مع امرأة ترفضه فقال لهم: أنا مش عاوزها کست أنا عاوزها في البيت كأي حاجة... أي حاجة

ويأتي يوم المحاكمة بحضور كل من الطرفين والشهود، ويبدا القاضي : باستجوابها، ويأتي الزوج بشهود زور، يشهدون على الزوجة أنها مريضة بمرض عصبي يجعلها متوترة دائما، وهذا ليس غريبا في امرأة على مشارف سن اليأس، وبعد مرور هذه الفترة ستعود إلى طبيعتها كما يقول الزوج

وتحاول الزوجة أن تتمسك بأنه يعاملها معاملة سيئة وشهدت معها صديقتها في الجريدة، وأن الزوج هاجر لها، والزوج يضحد ذلك بحجة أنه أخذ حكما عليها بالطاعة ولم تنفذه، ويؤجل القاضي القضية عدة أيام للنطق بالحكم.

وفي اليوم الموعود للحكم وبعد أربع سنوات من المعاناة في المحاکم، ينطق القاضي بالحكم برد دعوى المدعية وتغريمها أجور المحاماة وسط ذهول السيدة درية، وقول المحامي لها نستطيع أن نستأنف الحكم وتصرخ اربع سنين تاني... وينتهي الفيلم ليبين لنا الظلم الواقع على المرأة في القانون، ويجلب انتباه المشرعين إلى هذا الظلم وضرورة تغييره، والنظر إلى المرأة بأنها مخلوق كالرجل لها أحاسيسها وشعورها، ولها كيانها وتواجدها في المجتمع مثل الرجل تماما. ويستطيع المخرج المرحوم سعيد مرزوق أن يبرز هذه المشكلة أمام المجتمع، حتی تنصف المرأة ولا تبقى تحت رحمة رجل متسلط مثل مدحت.