لخّصلي

بعد هذه الدراسة املفصلة للسجل التارخييلقضية اجلزر الثالث طنب الكربى وطنب
الصغرى وأبوموسى، هناك حاجة إىل إلقاء نظرة فاحصة عىل االستنتاجات القانونية التي
يمكن استخالصها من هذا السجل. ويتطلب هذا العمل دراسة األدلة القانونية التي ددمتها
دولة اإلمارات العربية املتحدة وإيران، يف ضوء املبادئ القانونية الدولية وأحكام القضايا
الدوليةالتيتطبقغالبًايفحسمالدعاوىاملتنازعة عىل السيادة. كام يتضمن هذا الفصل
تقويًاملسلوككلمندولةاإلماراتالعربيةاملتحدةوإيران،وما إذا كان مثل هذا السلوك
ا،يبحثهذاالفصلاألساليبمتوافقًامعالقانونالدويلأومتعارضًامعه.وأخريً
1واإلجراءات املتاحة بموجب القانون الدويل حلل النزاعات الشبيهةهبذا النزاع.
وجيب أن نشري هنا إىل أن دستور دولة اإلمارات العربية املتحدة، وهي دولة احتادية
مستقلة ذات سيادةأديمتيف2كانون األول/ديسمرب ،1971 ينص عىل أن "االحتاد"
مسؤولعنالسياسةاخلارجيةواألمنوالدفاع.كامينصالدستورأيضًاعىلأن»يامرس
االحتاد يف الشؤون املوكولة إليه بمقتىض أحكام هذا الدستور السيادة عىل مجيع األرايض واملياه
اإلدليمية الوادعة داخل احلدود الدولية لإلمارات األعضاء«، وأن »متارس اإلمارات األعضاء
السيادة عىل أراضيها ومياهها اإلدليمية يف مجيع الشؤون التي ال خيتص هبا االحتاد بمقتىض هذا
الدستور«. وكانت إمارتا الشاردة ورأس اخليمة وافقتا عىل أن تؤول للدولة االحتادية اجلديدة
املسؤولية النهائية عن تأكيد حقودهام يف تبعية جزيرة أبوموسى وجزيريت طنب الكربى وطنب
الصغرى والتفاوض بشأهنا والدفاع عنها، عىل أن يتم التشاور مع اإلمارتنيدبل عقد أي
اتفاق أو معاهدة تؤثر يف اإلمارتني. كام احتفظت كل إمارة بحقودها يف ملكية املوارد الطبيعية
والثروات املوجودة يف كل منها ويف املياه اإلدليمية حول اجلزر التابعة لها

إن املبادئ القانونية الدولية األساسيةالتي يتم بموجبها اكتساب السيادة اإلدليمية
واملطالبة هبا هي: التقادم أو احلق القائم عىلاحليازة املتواصلة والسلمية، والرتسيخ
التارخييحلق امللكية، والضم، واملتامخة،والتنازل،واالحتالل،واإلخضاع بقوةالسالح
3)الفتح(.وإن األحكام األساسية الصادرة بشأن دضايا مثل دضية جزيرةباملاس عام
1928)الواليات املتحدة األمريكية ضد هولندا(، ودضية الوضع القانوين جلرينالند
الرشديـة عام1933 )الدنمــارك ضد النرويــج(، ودضيـــة منكوير وإيكرهيوس
Ecrehos andMinquiers عام 1953)فرنسا ضد اململكة املتحدة(، ودضية الصحراء
الغربية عام 1975)املغرب ضد إسبانيا(، كل هذه األحكام تفرس لنا وزن هذه املبادئ
ومدى مقبولية كل منها. وبناء عليه فسوفنتناول هذه املبادئ والقضايا يف سيادها املالئم
عند تقويم الدعاوى القانونية لدولة اإلمارات العربية املتحدة وإيران يف املطالبة بتبعية جزر
طنب الكربى وطنب الصغرىوأبوموسى.
امناألسانيدواألدلةالقانونيةاملوثقةاكبريًددمتإمارتاالشاردةورأساخليمةددرً
التيتدعم حقهام منذ أول مطالبة خطية معروفة ددمها حاكم القواسم الشيخ سلطان بن
صقر القاسمي يف عام.1864 وكانت الدراسة التي أعدهافريق دانوين إنجليزي ـأمريكي
مكون من أم إي باثريست Bathurst .E.M ونورثكت إييل Ely Northcutt ومؤسسة
كوارد تشانس Chance Coward القانونية يف عام ،1971 بعنوان أحقية الشارقة بجزيرة
أبوموسىMusa Abu of Island the to Title s’Sharjah، وهي الدراسة التي أمر هبا
حاكم الشاردة، دد عرضتالكثري من املستندات الرسمية التي تثبت احلق القانوين إلمارة
الشاردة يف ملكيةجزيرة أبوموسى. وباإلضافة إىل ذلك، كانت مئات الوثائق الواردة يف
دراسة صادرةيف عام1981بعنوان السيادة اإلقليمية عىل جزيريت طنب الكربى وطنب
الصغرىIslands Tunb the Over Sovereignty Territorial، أعدهتامؤسسة فنسو

وإلكينز Elkins and Vinson القانونية ومقرها مدينة هيوستن بوالية تكساس األمريكية
بتكليف من حاكم إمارة رأس اخليمة، دد ثبتتعىل النسق نفسه احلق القانوين إلمارة رأس
اخليمة يف ملكية جزيريت طنب الكربى وطنب الصغرى. وتضمنتالدراسةأيضًا18
وثيقة ددمها حاكم رأس اخليمة إىل جامعة الدول العربية عام.1971 وتوجد هذه الوثائق
املؤيدة هلذا احلق والكثري من املستندات األخرى ضمنوثائق احلكومة الربيطانية املسامة
سلسلة جيوبوليتيك اجلزيرة العربيةSeries GeopoliticsArabian حتت عنوان:اجلزر
الواقعة يف جنوب اخلليج العريب:أبوموسى وطنب الكربى وطنب الصغرى Lower The
Tunbs the and Musa Abu :Islands Gulf. وإذا مجعناكلهذهالوثائقمعًا،فإهنا
متثل أدلة دانونية تثبت استخدام ووجود وإدارة وظهورسلطة القواسم يف الشاردة ورأس
اخليمة عىل جزيرة أبوموسى وجزيريت طنب الكربى وطنب الصغرى منذ مطلع القرن
4الثامن عرش وما بعده.
التقادم
تظهر األدلة التارخيية أن القواسم يف الشاردة ورأس اخليمة دد امتلكوا جزيرة
أبوموسى وجزيريت طنب الكربى وطنب الصغرى، واستخدموا هذه اجلزر ومارسوا
سلطتهم عليها بأسلوب سلمي منذ مطلع القرن الثامن عرش وأواسطه.وسيم كنهم هذا
األمر، كام سيمكن دولة اإلمارات العربية املتحدة من املطالبة بحقها القانوين يف تبعية اجلزر
هلا عىل أساس مبدأ التقادم أو احلق القائم عىل احليازة املتواصلة والسلمية. وكام ذكر جيه
بريريل يف كتابه قانون األمم، »دد تعمل احليازة املستمرة منذ أمد طويل إما عىل إثبات وجود
5حق دانوين ال يمكن إظهار أصله املحدد بددةأو إزالة احلق السابق لطرف آخر ذي سيادة«.
وبينام ال يوجد سند ملكية مكتوب أو معاهدة خطية إلظهار األصل املحددبددةحلق
القواسم يف تبعية اجلزرهلم، فإن هذا احلق يعود إىل مطلع القرن الثامن عرش وأواسطه. وفي

عام ،1864 أكد الشيخ سلطان بن صقر )1803ـ1866(، شيخالقواسم، الذي كان مقره
يف إمارة رأس اخليمة يف ودت سابق وأصبح مقره يف إمارة الشاردة، أكد يف رسالته إىل
املقيم السيايس الربيطاين بييل Pelly أنأبوموسىوطنبالكربىظلتاملكًالعائلتهعىل
مدى أجيال. وتؤرخ هذه املعلومة الستخدام هذه اجلزر وتبعيتها لعائلة القواسم والقبائل
املوالية هلا منذ مطلع القرن الثامن عرش وأواسطه، عندما أحكمالقائد العسكري، رمحة بن
مطرالقاسمي، دبضته عىل رأس اخليمة واملناطق التابعة هلا، ثم عىل لنجة وما حوهلا.
ويف الفرتة 1801ـ1809اعرتف الربيطانيون بالشيخ سلطان بن صقر القاسمي
حاكًامعىلرعاياهوأتباعهيفالساحلنيالعريبوالفاريس.وكان الربيطانيون عىل علم بأن
سكان هذه السواحل دد استخدموا هذه اجلزر وامتلكوها من دون أي اعرتاض، وخاصة
أن صيادي اللؤلؤ من رأس اخليمة دد استخدموا جزيرة طنب الكربى. وهناك أدلة
متوافرة تثبت أن هذه اجلزر دد استخدمت من دبل دبائل الساحل العريب وأن هذه القبائل
دد امتلكتها دبل مطلع القرن الثامن عرش وأواسطه، وعىل األدل منذ مطلع القرن السابع
عرش وأواسطه. ويف الوادع، فإن القواسم هم الذين حيتمل أن يكونوا دد حكموا هذه
القبائل خالل تلك الفرتة. وحتى يف ودت سابق، كان العرب يقطنون يف جزيرة طنب
الكربى ويف جزء من مملكة هرمز التي حكمها العرب يف مطلع القرن السادس عرش وربام
يف القرن اخلامس عرش. وبناء عليه، فلو كان هناك أي حق فاريس سابق، فإنه كان سيزول
بفعل هذه احليازة املتواصلة منذ ودت طويل من دبل العرب. وعىل الرغم من ذلك، وكام
سيظهر لنا من هذا الفصل، فإنه مل يكن هناك أي حق فاريس يفهذهاجلزر لكي تتم إزالته.
كاناستخدامالقواسمهلذهاجلزروامتالكهمهلاسلميًاومندونأياعرتاضمنذ
أواسطالقرن الثامن عرش، عقب وجودنادر شاه لفرتة وجيزة عىل الساحل العريب،
وتواصل حتى عام .1971 وكانت هناك بعض اخلالفات بني القواسم حول استخدام هذه
اجلزر، ولكن تم حلها بحلول عام 1835عىل أدل تقدير، عن طريق اتفادية لتوزيع اجلزر
لكي تستخدمها األفرع املختلفة من العائلة ورعاياهم. وتم ختصيص جزيريت أبوموسى
وطنب الكربى للفرع األكرب من العائلة يف الشاردةورأس اخليمة، بينام خصصت جزيرة
6للفرع التابع للعائلة يف لنجة.رِصَ ي
وعندما انفصلت رأس اخليمة عن الشاردة يف عام ،1868 آلت ملكية جزيرة طنب
الكربى إىل رأس اخليمة بينام آلت جزيرةأبوموسى إىل الشاردة. وودعت بعض التحديات
بشأنسلطة الشاردة عىل أبوموسى يف سبعينيات القرن التاسع عرش من دبل دبائل تنتمي
إىل إمارات أخرى ودبائل منلنجة أيضًا،غريأنهذامليكرسسلسلةاحليازةاملتواصلة.
وشهدتسلطةرأساخليمةعىلطنبالكربىتعديًامندبلرعايايتبعونللقواسمالذين
حيكمون لنجة يف سبعينيات القرن التاسع عرش وثامنينياته، غري أن هذه التعديات تم حلها
سلميًا.وكانت اعرتاضات متقطعة من دبل فارس/إيرانعىل سلطة رأس اخليمة عىل
جزيريت طنب الكربى وطنب الصغرى وسلطة الشاردة عىل جزيرة أبوموسى دد ودعت
خالل الفرتة 1887ـ ،1971 غري أهنا كانت نادرة ولفرتات وجيزة وغري مؤثرة.
وعىل وجه اخلصوص، تظهر األدلة أنه دبلالفرتة 1878ـ1887وخالهلا وما بعدها،
عندما كان حكام لنجة من القواسم يترصفون عىل أساس أهنم مسؤولون لدى فارس،
كانت أبوموسى ختضع لسيادة حاكم الشاردة وليس حلاكم لنجة. وجاء يف دراسةملؤسسة
دةيف عام ،1971 ما يأيت:كوارد تشانس ورشكاه القانونية، واملعة
من اخلطأ أن نفرتض أو نقول إن دضية جزرطنب )التي يبدو أهنا خضعت لشكل من
)التي احتلتهارِصَ يأشكال اإلدارة املشرتكة بني رأس اخليمة ولنجة( ودضية جزيرة
القوات الفارسية يف عام1887( مشاهبة لقضية أبوموسى، التي ظلت حتت احليازة
واإلدارةاحلرصيتنيحلاكم الشاردة وحده

يربهن هذا االدتباس عىل أن األدلة املتوافرة عن جزيريت طنبالكربى وطنب
الصغرىليست واضحة مثل األدلة اخلاصة بجزيرة أبوموسى. وعىل الرغم من ذلك، فإن
التمحيصاملتأين لألدلة يظهر أن طنــب الكربى كانت ختضـع دبـل الفرتة 1878ـ1887
وخالهلا وبعدها لسيادة حكام القواسم عىل الساحل العريب. وبموجب االتفادية التي تم
التوصل إليها دبل عام ،1835 كانت طنب الكربى حمجوزة لكي تكون حتت ملكية وإدارة
حاكم الشاردة ورأس اخليمة، إىل جانب جزيريت أبوموسى وصري بونعري. وهذا مثبت
بموجب الرسالة التي أرسلها الشيخ سلطان بن صقرالقاسميإىل املقيم السيايس الربيطاين
بييل يف عام .1864 ودد أدر الشيخسلطان، الذي حكم مع ابنه الشيخ خالد منطقة لنجة يف
أواسطمخسينيات القرن التاسع عرش، أنه دد استخدم جزيرة طنب الكربى لكي ترعى فيها
املوايش اململوكة للرعايا التابعني للقواسم يف لنجة. وعندما تويف الشيخ سلطان وانتقلت
طنب الكربى إىل حاكم رأس اخليمة، أعاد احلاكم اجلديد تأكيد حق القواسم املوجودين يف
الساحل العريب يف تبعية طنب الكربى هلم، وطالب بوضع هناية الستخدام اجلزيرة نفسها
من دبل رعايا لنجة اخلاضعني للقواسم.
إن حق حاكم رأس اخليمة يف منع اآلخرين من استخدام اجلزيرة ووضع اجلزيرة نفسها
امنأراضيهأدرمهاثالثة حكام متتالني من حكام لنجة يف ثالث رسائل بوصفهاجزءً
أرسلوها إليه. وتم إرسال رسالتني من هذه الرسائل دبل أن يصبح احلكام القواسم ملنطقة
ويف8
لنجة مسؤولني لدى فارس يف عام ،1878بينام أرسلت الرسالة الثالثة يف ودت الحق.
هذا السياق، ذكرت دراسة مؤسسة فنسون وإلكينز أنه »عىل الرغم من أن شيوخ لنجة دد
يكونون تولوا إدارة الشؤون املتعلقة بجزيرة طنب الكربى )أي استخدام اجلزيرة لرعي
املوايش( فإهنم فعلوا هذا بمعرفة ودبول حكام الساحل املتصالح من القواسم، الذين يعدون
9املالك األساسيني للجزيرة بوصفهم أعيان شيوخ عائلة القواسم«.
وذكر بريريل يف كتابه قانون األمم، أن »ملكية األرض تكون يف ممارسة سلطة الدولة
أو إظهارها عىل األرض المعنية أو فيما يتعلق بها«.وفي الوادع، كما يشير في الكتاب نفسه

أدر احلكم الصادر يف دضية جزر باملاس حق هولندا يف تبعية اجلزر هلا عىل أساس »إظهارها
املتواصل والسلميلسلطة الدولة«. وعىل النسق نفسه، أدر احلكم الصادر يف دضية
جرينالند الرشدية حق الدنامرك يف ملكيتها عىل أساس »املامرسة السلمية واملتواصلة
لسلطة الدولة عىل هذه اجلزيرة«
.