لخّصلي

قضايا نق دية في النثر (1) الأدبي حفل القرن العشرين بمتغيرات وثورات عدة على المستوى الإبداعي وولادات أجناسية أدبية أعادت تشكيل خارطة القراءة والتلقي على نحو جديد. والناظر في الأجناسية الأدبية مدرك أن الأدبي ثمة تغييرا في منصات الأهمية في الأنواع حين أصبحت القصة القصيرة والرواية ترتقيان الاهتمام مقابل إنزواء الشعر وتراجعه. الأدبي تعود بدايات القصة والرواية كما يراها النقد الحديث: "فنا مجلوبا من الغرب" عند احمد شوقي من خلال روايته (عذراء الهند) التي عدت باكورة أعماله في هذا الميدان, آخر الفراعنة) عام 1898 ثم كتب شوقي محادثات (شيطان بنتاءور المقامة منها إلى الفن الروائي, وأخيرا اختتم شوقي أعماله الروائية بـِ إلى أو أن قصة إلى القصة, وقصة "سارة" للعقاد 207 الأدبي تراجع القصيدة وانحدار الاهتمام بها, ويولد انجذاب جديد بين المتلقي والقارئ من جهة وهذين الفنّين الأدبي ين من جهة اخرى, لتشتعل الساحة قصصية وروائية و وتزاحم القصص والروايات في كسب قلوب القراء وجمهور الناس , الفرق بين القصة القصيرة والرواية: أن على مراوحة بين سرد وحوار. هذا التلاقي بينهما أوجد حاجة ملحة على تقع في أكثر من مائة صفحة من القطع المتوسط , بل إلى التكثيف والإيجاز والاختزال, إلى الإطالة والإسهاب والاستطراد والإفاضة. بمعنى الحياة, أوسع 208 تتعمد القصة الاقتصاد في رسم الشخصيات والأحداث أو ضروري, إلى وتسير بالقارى زمناطويلا ومكانا بعيد في حين تتجه القصة هدف محدد وحيد أن المتعددة للقصة وأشهرها: القصة الطويلة : وهي أقرب للرواية منها للقصة بحيث تتجاوز صفحاتها عشرين صفحة وتصل غالبا على فكرة مرحلة أض يق من مراحل الحياة تتوسع فها وتطيلها ليس كما الرواية التي تتناول الحياة كلها. القصة الطويلة تنتمي أكثر ما إلى والرواية , لتصبح قصة 209 القصة القصيرة: وهي من أشهر أشكال ا القاص والقارئ على مع كونها اقرب وبذلك القالب والأصوات عادة في الرواية. الأصوات تفعل فعلها, والشكل يبدو مشدودا وثيقا, لذلك يمكننا نتجادل مختلفين حول : , ثم يقدم لنا كيجان نادرا, ما يتجاوز عشرة آلاف كلمة, كلمة, أن يتراوح بين 1500 يُقرأ في جلسة واحدة, ولكن مع وقت ووزن كافيين 210 كل مبادئ القصة القصيرة قريبة من: الاندماج والتوحد, المزاج, كما معنى الكلمات, وكذلك إيقاعها وهذا القصة اللمحة القصة البرقية القصة " الخاطراتية" أو القصة " القولة". إلى نصف صفحة. : التكثيف في القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والالتِفافُ, يف والماء وقد كل وكثَّفه وقد يشكل هذا التعريف اللغوي صدمة لبعضنا , التعريف اللغوي في نظرنا لا يبعد قيد أنملة عن هذا الفهم الاصطلاحي كما سنتبين, كثيرا عبر الإكثار من دلالاته التكثيف في الاصطلاح: نشير أولا أن يقع عند فرويد نجد قصة قصيرة في مفارقة عجيبة قد تكون عبارة عن فراغ نقطي هكذا: . دون 88 ابن منظور, التكثيف يقصد بالتكثيف عند علماء النفس تتصاهر أن كثر من أ المكبوتة في اللاوعي لتعبِّر عن نفسها في لم ح لتة "لا واحد أما . التكثيف في القصة فهو اقرب ما يكون تقنية إ إلى تصار وته وإيحاء ؛ أوسع ودلالة متولدة, ر اختزال في اة الاتكاء على التكثيف بغير أد قبل فقد تكون المدينة تدل على التوسع واستيعاب المتضادات والحلا القطع : وهو تقنية يميل فيها الكاتب أو

قضايا نق دية في النثر (1)
التكثيف في القصة
الأدبي حفل القرن العشرين بمتغيرات وثورات عدة على المستوى الإبداعي
, وولادات أجناسية أدبية أعادت تشكيل خارطة القراءة والتلقي على نحو جديد. والناظر في الأجناسية الأدبية مدرك أن
الأدبي ثمة تغييرا في منصات الأهمية في الأنواع حين أصبحت القصة القصيرة والرواية ترتقيان
منصة إلى
الاهتمام مقابل إنزواء الشعر وتراجعه.
الأدبي تعود بدايات القصة والرواية كما يراها النقد
الحديث: "فنا مجلوبا من الغرب"
إلى
أبجدية
متواضعة لا يمكن
أن
تعدّ قصة
_رواية أو
وأن
سميت كذلك
_
؛ عند احمد شوقي
فقد كانت تجربته
الروائية الأولى
من خلال روايته (عذراء الهند) التي عدت باكورة أعماله في هذا الميدان, إذ كتبها عام
1897
م, ثم كتب بعدها روايته الثانية بعنوان (لادياس
أو
آخر الفراعنة) عام
1898
م, ومن ثم
جاءت رواية (دل وتيمان
أو
آخر الفراعنة) في العام اللاحق, ثم كتب شوقي محادثات (شيطان بنتاءور
)
عام
1901
م, وهي أقرب
إلى
المقامة منها
إلى
الفن الروائي, وأخيرا اختتم شوقي أعماله الروائية بـِ
(ورقة الآس) عام
م 1911
, ولسنا هنا في مقام تقديم الأدلة
أن
هذه الأعمال لا
يمكن تأصيلها فنا روائيا
وفق معطيات الحدود الماهوية لجنس الرواية, وجاءت بعد ذلك " العبرات
للمنفلوطي التي تعد أقرب
إلى
إعادة تشكيل
أو
تعريب لقصص غربية. الحق
أن
قصة
" لهيكل زينب "
_
وهي أقرب
الرواية منها إلى
إلى
القصة, وقصة "سارة" للعقاد
تقصان افتتاحية الأدب العربي على الفن الروائي والقصصي.
207
وجاء الربع الأخير من القرن العشرين ليعلن ارتقاء القصة والرواية قمة الهرم التعبيري
الأدبي
مقابل
تراجع القصيدة وانحدار الاهتمام بها, ويولد انجذاب جديد بين المتلقي والقارئ من جهة وهذين الفنّين
الأدبي
الأدبي ين من جهة اخرى, لتشتعل الساحة
ة بأسماء اعلام جديدة
قصصية وروائية و وتزاحم
القصص والروايات في كسب قلوب القراء وجمهور الناس , والمثقفين خاصة.

الفرق بين القصة القصيرة والرواية:
ليس من شك في
أن
القصة والرواية تنطلقان من بذرة التشكيل نفسها , وتشتركان في العناصر
المحددة كالشخصية والحوار والأحداث والصراع والحب
كة والعقدة والحل والزمان والمكان , وتقومان
على مراوحة بين سرد وحوار. هذا التلاقي بينهما أوجد حاجة ملحة
على
إقامة ملامح التفريق بينهما,
ولعل أهم الفروق بين القصة والروية:

يغلب على الرواية
أن
تقع في أكثر من مائة صفحة من القطع المتوسط , أما القصة القصيرة
فيغلب الا تزيد عن عشرين صفحة , بل
بعض النقاد لا أن
يراها تجتاز عشر صفحات.

تميل القصة القصيرة
إلى
التكثيف والإيجاز والاختزال, أما الرواية فهي على الجهة النقيضةإذ
تميل
إلى
الإطالة والإسهاب والاستطراد والإفاضة.

تنطلق القصة القصيرة زيارة للحياة , اما الرواية ف
هي الحياة نفسها, بمعنى
القصة تقوم أن
على أفكار جزئية وخواطر عابرة كما لو أنها تتناول جزءا
أو
لحظة
أو
مرحلة قصيرة من دورة
الحياة, في حين تعتزّ الرواية أنها تقوم في التناول على مرحلة
أوسع
قد تصل حدّ الحياة
نفسها.
208

تتعمد القصة الاقتصاد في رسم الشخصيات والأحداث
والحوار وتتجنب كل ما
هو غير هام
أو
ضروري, أما الرواية فتتوسع في رسم الشخصيات والأحداث والحوار
.

تتعدد الأبعاد الزمنية والمكانية في الرواية وتطول وتتشعب, أما القصة فتميل
إلى
الثبات
الزمني والمكاني والإيحاء, كأن الرواية تستطرد في قشور الزمان والمكان الخارجية
وتسير
بالقارى زمناطويلا ومكانا بعيد
إلى
غير وجهة
في حين تتجه القصة
إلى
اختصار الزمان والمكان
والرحلة
إلى
هدف محدد وحيد
.

الفرق بين أصناف القصة وأشكالها:
بعد
أن
انتهينا في محاولة سريعة التفريق بين القصة القصيرة والرواية صار لزاما
نفرق بين أن
الأشكال
المتعددة للقصة وأشهرها:

القصة الطويلة : وهي أقرب للرواية منها للقصة بحيث تتجاوز صفحاتها عشرين
صفحة وتصل غالبا
إلى
تسعين الصفحة, وتقوم على الإسهاب والإطالة في رسم
الشخصيات وتفصيل الأحداث وبناء الحوار والصراع, وتفترق عن الرواية أنها تقوم
على فكرة
أو
مرحلة أض
يق من مراحل الحياة تتوسع فها وتطيلها ليس كما الرواية
التي تتناول الحياة كلها.وغير خاف على احد
أن
القصة الطويلة تنتمي أكثر ما
تنتمي
إلى
بدايات التاليف القصصي العربي في النصف الأول من القرن العشرين حتى
الربع الأخير منه حين كانت ذاكرة القارئ ما زالت في مفتتحه
ا صوب القصة
والرواية , ثم أخذت القصة الطويلة إما في الضمور والتقلص
والانكماش
لتصبح قصة
209
, قصيرة
أو
" التحدب" والهلهلة والإطالة لتصبح رواية في آخر عقدين من القرن
العشرين, ولا يعني هذا أنها قد اندثرت وانقرضت وما عادت موجودة.

القصة القصيرة: وهي من أشهر أشكال ا
لقصة وأكثرها قربا
إلى
القاص والقارئ على
حدّ سواء, وتقوم على التكثيف والإيجاز و وتبتعد عن التفصيلا غير الضرورية في
رسم الشخصيات والأحداث والحوار؛ هي واقعة بين بين: بين التكثيف والإطالة,
مع كونها اقرب
إلى
التكيف والإيجاز
,
أ وهي طبعا
قصر من القصة الطويلة
.
ويخ
تلف النقاد والدارسون في إحصاء عدد كلماته وصفحاتها والجلسة الزمنية
لقراءتها
,
ولعل أوضح المحاولات على تحديد القصة و"تحجيمها" نجده عند
: أليكس كيجان الذي يرى القصة
«
هي القصة التي تُكتب بأحاسيس الشاعر من
ناحية اللغة, بدقة الشاعر وإحكامه, وبذلك القالب والأصوات
وإيقاع الكلمات,
حيث تبدو هذه المكونات مألوفة, وقسيما أساسيا من تأثير العمل, أكثر مما يلاحَظ
عادة في الرواية. في القصيدة: الكلمات المجردة/الظاهرية لا تحمل المعنى الكامل
فعليا, بل إنها تتفاعل, الأصوات تفعل فعلها, وكذلك كيفية توزعها على الصفحة
(جغرافيا النص)
. تحاول القصيدة
أن
تبدع شذرة من الحقيقة,
تنفذ ببصيرتها وأن
لتكون إنسانية, والشكل يبدو مشدودا وثيقا, لذلك يمكننا
أن
نتجادل مختلفين حول
"المعنى الدقيق طويلا
: , ثم يقدم لنا كيجان
«
القصة القصيرة نوع من السرد, نادرا,
ما يتجاوز عشرة آلاف كلمة,
أو
يقل عن
500
كلمة,
ومن الشائع
أن
يتراوح بين
1500
كلمة و
5000
كلمة. يُقرأ في جلسة واحدة, ولكن مع وقت ووزن كافيين
لتحريك القارئ والتأثير فيه. ويقتضي نوعا من الضيق والتركيز في إنتاج التأثير
210
المنفرد. معنى القصة, بتعبير شائع, إحداث تغيير من خلال الأحداث,
رفض أو
التغيير ضمن حالة ف
ردية. كل مبادئ القصة القصيرة قريبة من: الاندماج والتوحد,
اللغة, النبرة, المزاج, الأصوات, كما معنى الكلمات, وكذلك إيقاعها
"
5
,
وهذا
أمام يضعنا
تح
ديد أكثر صرامة أيامنا هذه
حين نرى القصة القصيرة تزيد عن
الصفحة ونصفها في الكتابة الحاسوبية بخطّ مواصفاته الدنيا حجم"
Arial 14
"
وبهوامش "عادية" ولا تجتاز عشر صفحات وتُقرأ في جلسة واحدة , وتقع مع
قصص قصيرة غيرها ضمن المجموعة القصصية.

الأقصوصة: نجد تناقضا وتناحرا بين آراء النقاد حول
القصوصة التي يغلب عليها
عد الأقصوصة قصة قصيرة تجته
إلى
السردية أكثر لتكون أقرب
إلى
القصة في قصرها
وغيجازها وأقرب
على
الحكاية والرواية في اتكائها على السرد اكثر , وقد وضع (
وولتر جيمس ميلر) جدولة للمقارنة بين الأقصوصة والرواية في دراسته" الأقصوص

القصة القصيرة جدا
وهي تحدث أحدث اشكال القصة القصيرة واكثرا مطلبا من
القاصين طالبي الحداثة وانفتاح القصة على القصيدة والشعرية
من جهة , والخبر
الصحفي من جهة أخرى. والقصة القصيرة جدا كونها في أولى مراحل ولادتها المبكرة
ما تزال علامات كثرة حول تسميتها وماهيتها ؛ فمن الدارسين و
النقاد يميل
إلى
تسميتها هذا الاسم أي القصة القصيرة جدا وهي التسمية الشهرى , ومنهم من يسميها
212
القصة اللمحة
أو
القصة البرقية
أو
القصة " الخاطراتية"
أو
القصة " القولة". في اتجاه
جدلي آخر تبرز الأسئلة عن طولها الزمني وعدد كلماتها وهذا لم يقطع فيه الرأي
بعد,
وأن
كنا نميل
إلى
عدها قصة خاطرة تستغرق ثوانيِ معدودة ولا تجتاز الدقيقةو
نصف صفحة. إلى 7 8وتتراوح بين "صفر" من الكلمات
: التكثيف في القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا
كثف التكثيف في اللغة: نجد في لسان العرب"
الكَثافةُ
:
الكثرة
والالتِفافُ,
والفعل
كثُفَ
يَ
كْثُف
كَث
افة,
والكث
يف
اسم
كَثْرته
يوص
ف
به
العسكر
والماء
والسحاب
,
ويقال
اسْتكثف :
الشيءُ
اسْتِكثافاً,
وقد
كثَّفْته
أَنا
تكْثيفاً
ابن .
: سيده
والكثِيفُ
والكُثاف
الكثير,
وهو
أَيضاً
الكثير
المُتراكِبُ
المُلْتَفُّ
من
كل
شيء,
كثُف
كَثافة
وتكاثَف
.
وكثَّفه
:
كثَّره
وغلَّظه
"
8 8
.
وقد يشكل هذا التعريف اللغوي صدمة لبعضنا ,
على اعتبارة
أن
التكثيف في نظر كثيرين مرادف للإيجاز والإيحاء لا التكثير , لكن
التعريف اللغوي في نظرنا لا يبعد قيد أنملة عن هذا الفهم الاصطلاحي كما سنتبين,
لأن التكثيف صورة فذة وتحايل بأن يبدو اللفظ القليل
كثيرا عبر الإكثار من دلالاته
وتحديب الصورة.
التكثيف في الاصطلاح:
نشير أولا
أن
مصطلح التكثيف في مرجعيته الأساس مصطلح نفسي
يقع عند فرويد
ضمن المستويات الأربع التي يستعين بها اللاشعور في مواجهة المواقف:
87
نجد قصة قصيرة في مفارقة عجيبة قد تكون عبارة عن فراغ نقطي هكذا: .......... دون
أن يكتب صاحبها أي كلمة.
88
ابن منظور, لسان العرب, مادة ( ك ث ف )
213

الإزاحة
Displacement

التكثيف
Condensation

Symbolization الرمزية

Projection الإسقاط
يقصد بالتكثيف عند علماء النفس
تتصاهر أن
تتضافر و
كثر من أ
فكرة من
الفكرات
المكبوتة في اللاوعي لتعبِّر عن نفسها في
سياق
و أ
لم ح
ف أو
لتة "لا
ش
عورية"
واحد
ة
أما .
التكثيف في القصة فهو اقرب ما يكون
تقنية إ إلى
ز واخ يجا
تصار وته
ذيب
وإيحاء ؛ لأن
التكثيف القصصي اختزال الفكرة
أو
الموقف
الح أو
أقل دث في
الفاظ مم
كنة و
أوسع
معنى
ودلالة متولدة, واقتطاع واجتزاء في السرد ليتو
ا سع
لقارئ
فيه, وإ
يحاء
أو
ر اختزال في
سم
الشخصيات تؤدي الدور المطلوب منها في جوّ نفسي
عبيري وت
موجز.
يستعين الكاتب عند
اة الاتكاء على التكثيف بغير أد
أ
تقن و
ية من تقن
يات التكثيف نوجزه
ا بالآتي:

تعدد الدلالات : وتكون عبر استعانة الكاتب بكلمات تحمل غير بعد ودلالة وعنة , وتنتقل
, فيه الكلمة حرة من معنى لآخر
ويترك للمتلقي والقارئ
أن
يدرك المعاني الأخرى والخفية
والدلالات الـ"ما ورائية" لما هو كائن ,
ونجد من ذلك في قصة" حدثتني مدينتي فقالت": "
قبل
أن
أكون مدينة كنت رجلا, كان لي ثلاثة أبناء أحبهم ويحبونني, كنت أخلص لهم
المودة وأخضع لإرادتهم وكذلك يفعلون...أذكر ذلك اليوم القاتم عندما رزئت
9بأوسطهم"
ولننظر في عبارته" قبل
أن
اكون مدينة كنت رجلا" هذه العبارة تفتح شهية الدلالات والمعاني
89
عبد الكريم النملة,تجليات الطرق الخلفية, مجموعة قصصية, ط
1
, دار أزمنة للنشر والتوزيع,
,ص 2012
29
214
الخفية لتزيد رقعة السرد أكثر مما هو قائم على اعتبار ما يمكن
أن
تولده كلمة مدينة وكلمة
رجل من دلالات ؛ فقد تكون المدينة تدل على التوسع واستيعاب المتضادات والحلا
م الشتى
والتغير والتسارع والآلية
والابتعاد عن العاطفة و ويكون الرجل للدلالة على ثبات الموقف
أو
الجراة
أو
التوحد , وقد يكون معنى " ما وراء" ذلك من فهم حداثي للمدنية وضياع الإنسان
فيها.

القطع : وهو تقنية يميل فيها الكاتب
إلى
ضروري , تكثيف الحوار عبر قطع كل ما هو غير
أو
الابتعاد عن الاعتيادي المفهوم من طيات الحوار, ومن ذلك عدم ذكر اطراف الحوار
والاكتفاء بعلامة الترقيم الشرطة (

) ,
أو
أن
يكتفي طرف الحوار بقوله: بخير , ردا على
من يسأل :كيف حالك؟ بدلا من إجابته: أنا بخير وصحة وعافية.
التبئيرك وهو
أن
يجعل الكات
ب صورة الشخصية
أو
أيا من ملامحها
ف في بؤرة مركزية واحدة
لا يستطيل
في رسم تلك الشخصية
وأن
تكن رئيسة
, وإنما يجعل عين السرد والمصمرة " الكاميرا" ترتكز بؤرتها
الضيقة على نقطة جوهرية ما, لتكون عين القارئ معه موسعة دائرة المشهد وميطة بكل ما يكون من
أشعة زيد
امتداد هذا الحقل,ففي القصة القصيرة" نرجسية":
أخذ يتفحصني بعيني صقر..ثم رشقني بسؤال مباغت:

ِن ....؟
أنت م
أجبته بالنفي..
تشق وجهه ابتسامة ماكرة ثم يردف:
215
م كره العمى) !!
ّ
(ياخي هذيلا ما طيقهم..أكره
" 0 9
نجد قوله" تشق وجهه ابتسامة ماكرة"
لتكون البؤرة ع
ا لى
لابتس
ا
مة الما
كرة التي تشق الوج
ه دون
أن
يقدم تفاصيل بصرية للوجه, على اعتبار
أن
البؤرة وهي
الا
بتسا
مة على ا
لوجه
تقدم حقلا مش
هديا
أوسع
يبصره القارئ وفق معطياته الثقافية والاجتماعي
ة
والح
د
سية.

الاختزال المكامي, وهو
أن
يعمد الكاتب
إلى
حصر ا
لمكا
ن
وفق
هدف واح
د محدد هو موضوع
القصة و
شخصياتها
دون تفريع
أو
إسهاب, ويعني ذلك
أن
ا
لاختز
ال
ني المكا
لا
م يستطرد في رس
المكان مثلما هو عليه, بل يعمد الكاتب
إلى
قص أي
جز
ني خارج ء مكا
ح
دود الشخصية,
وأن
يجعل المكان مقيسا على ضيق لبقصة نفسها
.

التسارع الزمني:
و وه
أن
يزيد الكاتب في
ا السرعة
لمطلو
بة لج
ريان الح
داث والحوار , عما
هو
غير ضروري زمني , فلا يكون الزمن إلا لحظات وثو
ان,
مع الاكتفاء
ب
ت
ثبيت الزمن عند ن
قاط
القصة الساخنة التي تستدعي الوقوف حقا.