لخّصلي

يشكّل العمل على تعزيز التلاحم الوطني والمجتمعي أحد أهم الأهداف التي تحرص القيادة الرشيدة في دولة الإمارات على تحقيقها، إدراكاً منها بأنه الأساس لبناء مجتمع قوي مستقر على المستويات كافة، وهذا ما عبّرت عنه بوضوح مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- بشأن تعزيز التلاحم الوطني والمجتمعي، التي جاءت في خطاب سموه في الذكرى الثامنة والثلاثين لـ "اليوم الوطني" في ديسمبر 2009، بهدف تنمية المجتمع وبناء الإنسان وتحقيق التكافل والتكامل الاجتماعي في مجتمع الإمارات.

لهذا، فإن متابعة تنفيذ أهداف هذه المبادرة، والوقوف على ما حقّقته خلال السنوات القليلة الماضية، يمثّلان أولوية رئيسة، وهذا كان محور الاجتماع الأول للجنة العليا للمبادرة بعد إعادة تشكيلها، الذي انعقد في قصر الرئاسة في أبوظبي مؤخراً، حيث ناقش متطلّبات خطة العمل في المرحلة المقبلة، ودراسة المشروعات التي يمكن أن تسهم في تحقيق أهداف المبادرة حتى عام 2014، كما عرض بعض التجارب العالمية في مجالات العمل المرتبطة بتعزيز القيم الاجتماعية والوطنية، وكيفية الاستفادة منها.

هناك العديد من الجهود التي بذلت وتبذل لترجمة أهداف هذه المبادرة، ونشر مبادئها بين أفراد المجتمع، وهذه الجهود شاركت وتشارك فيها مختلف مؤسسات الدولة، الحكومية والخاصة، أبرزها مشروع "القوافل الثقافية" الذي تنظّمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع سنوياً، ويتوجّه بفعالياته إلى مختلف المناطق في الدولة، بهدف نشر القيم الثقافية والوطنية والمجتمعية وترسيخها، ونشر مفاهيم العمل الجماعي والعمل التطوعي وآليات تعزيز الترابط والتكافل بين أفراد المجتمع، وتعميق مفهوم الأسرة، وإحياء قيم التكافل الاجتماعي والشراكة المجتمعية، وتمكين المرأة وتعبئة الطاقات الوطنية الشابّة والمحافظة على التواصل بين الأجيال، وهي منظومة القيم التي لا شك في أنها تسهم في تحقيق التلاحم الوطني والمجتمعي، وتجعل المجتمع قادراً على تجنّب أي تأثيرات سلبية قد تنتجها الثقافات الوافدة.

تؤمن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات بأهمية تعزيز قيم التلاحم الوطني والمجتمعي، لتصبح ثقافة عامة، تنعكس بشكل إيجابي في العلاقات والتفاعلات المختلفة بين فئات المجتمع كافة، بما يرسّخ قيم التماسك الأسري والتكافل الاجتماعي، ويعمّق أواصر الوحدة بين أبناء الوطن جميعاً، وتترجم القيادة الرشيدة هذه القناعة في سياساتها وتوجيهاتها ومبادراتها المختلفة كلها، التي تستهدف تنمية الإنسان الإماراتي، وتوفير مقوّمات العيش الكريم له في المجالات كلها، وهذا هو الذي ينتج حالة الولاء المطلق للقيادة، والالتفاف التامّ حولها، وتأييد قراراتها كلها، لأن الجميع على قناعة بأنها تضع الوطن والمواطن في مقدّمة أولوياتها. إن هذا التقدير المتبادل بين القيادة والشعب يعكس في أحد معانيه المهمة ما تتمتع به دولة الإمارات من تلاحم وطني ومجتمعي، يترسّخ يوماً بعد الآخر، هذا التلاحم يمثّل الضمانة القوية والراسخة لأمنها واستقرارها على المستويات كافة.