لخّصلي

تُحلل هذه المقالة رواية "ألعاب الجوع" من منظور ماركسي، مُبرزةً كيف تُجسّد الرواية جوانب نظامنا الرأسمالي. تُظهر الرواية بوضوحٍ شديد التقاء الطبقة والعرق والجنس مع السلطة السياسية، خاصةً من خلال الألعاب نفسها، حيث تتأثر احتمالية الفوز بالمنطقة الاجتماعية والاقتصادية للمشاركين، مُجسدةً بذلك أسطورة الجدارة الرأسمالية. موت رو يُظهر قمعًا طبقيًا وعَرقيًا، مُمثلاً بإعدامات خارج نطاق القانون، خاصةً مع تصوير الكابيتول على أنه أبيض في الغالب، ومناطق معينة كتمثيل للجنوب العالمي. تُبرز الرواية دور وسائل الإعلام في جهاز الدولة الأيديولوجي، مُحوّلةً إنجازات كاتنيس لصالح التركيز على حياتها العاطفية، وهذا يُشبه طريقة تعامل وسائل الإعلام مع نساء مشهورات. كما تُركز المقالة على دور الحدود في تقسيم المجتمع وتأجيج "سردية نحن ضدهم"، مُشبهةً المناطق في ألعاب الجوع بالدول في العالم الحقيقي، مع تركيز الثروة في الكابيتول، مُعكسةً بذلك عدم المساواة العالمية. تُناقش المقالة أيضًا استخدام الحرب كأداة من أدوات الرأسمالية، مُشيرةً إلى مبدأ الصدمة. وأخيرًا، تُختتم المقالة بالتأكيد على أن الرأسمالية نظامٌ قمعيّ لا يمكن إصلاحه، بل يجب إلغاؤه.

إن معارضة هذا الاستخدام الشائع لـ"ألعاب الجوع" هو استخدام ماركسي . تُتيح "ألعاب الجوع" منظورًا قيّمًا لدراسة جوانب نظامنا الرأسمالي الحالي .

تُقدّم "ألعاب الجوع" تقاطعًا واضحًا بين الطبقة والعرق والجنس والسلطة السياسية، مع دراسة العلاقات العقارية. ويمكن ملاحظة ارتباط جميع هذه المواضيع ارتباطًا مباشرًا بالرأسمالية.

أحد أسهل الأمثلة التي يمكن التعرف عليها على وضع الطبقة التي تحدد في المجتمع هي الألعاب نفسها. ليست الألعاب مجرد حدث مربح يبدو أنه مخصخص، ويستفيد منه أفراد مثل الرعاة ومصممي الأزياء ، ولكن احتمالية الفوز تتأثر بسمات مثل المنطقة. تتجلى هذه النقطة الثانية بوضوح من خلال تكريمات المهنة ، وهي طبقة متوسطة رمزية، توصف بأنها كلاب حضن للكابيتول، وأشخاص تم تدريبهم طوال حياتهم للنجاح في الألعاب، والذين، بسبب طبيعة مناطقهم الثرية، لديهم إمكانات أكبر بكثير للرعاة. يمكن رؤية التدريب من خلال عدسة الدروس الخصوصية أو التعليم ، وقد يُنظر إلى الرعاية على أنها تشبيه للمساعدات الأبوية في ظروف مثل التدريب الداخلي غير مدفوع الأجر ، حيث قد يعاني أولئك الذين ينتمون إلى خلفيات الطبقة العاملة. لذلك، قد تبدو الألعاب عادلة على المستوى السطحي، بينما في الواقع يتم تحديدها إلى حد كبير على أساس الخلفية، على غرار أسطورة الجدارة الرأسمالية .

ربما تكون اللحظة الأكثر لفتًا للانتباه في دورة الألعاب الرابعة والسبعين هي وفاة رو ، مما يُظهر لنا أن القمع الطبقي ليس هو المهم فقط. إن تكريمات المهنة ، المسؤولة عن وفاة رو، من البيض بشكل متجانس، وهذا يقترن بتصوير الكابيتول ، وخاصة في الأفلام، على أنه أبيض في المقام الأول. علاوة على ذلك، فإن العرض المتكرر للشخصيات السوداء من المنطقة 11، بالإضافة إلى أن إنتاجها الرئيسي هو الزراعة ، والأعمال الفنية الكنسية ، تسمح لنا بوضع منطقة رو على أنها تمثيل لولايات أمريكا الجنوبية. لذلك، هناك حجة يمكن طرحها مفادها أن وفاة رو قد تُفسر على أنها تمثيل للإعدام خارج نطاق القانون، أو أعمال إرهاب تفوق العرق الأبيض الأوسع نطاقًا، وهي سمة متكررة في المجتمعات الرأسمالية الحديثة والتاريخية . تتركز السلطة ليس فقط في المناطق ذات الأغلبية البيضاء ولكن أيضًا مع البيض، مما يتوافق مع مجتمعنا . وقد يأخذ الفحص الأكثر هيكلية في الاعتبار كيف يعمل المعتدي الأبيض على إعاقة النمو من خلال العنف هنا، ويشترك في أوجه التشابه مع الاستغلال الاستعماري والطريقة التي يعمل بها على تسريع الغرب ذي الأغلبية البيضاء على حساب الجنوب والشرق العالميين.

تظهر الطبقة بوضوحٍ شديد في "ألعاب الجوع"، على نحوٍ لا نجده دائمًا في مجتمعنا. ففي مجتمعنا، غالبًا ما تحاول وسائل الإعلام، كجزءٍ من جهاز الدولة الأيديولوجي، إخفاءَ التفاوت ، ولا تُمثّل الجماليات الطبقةَ بوضوحٍ تام، إذ غالبًا ما تُقدّس الطبقات المتوسطة الجماليات البروليتارية أو تستولي عليها . تُظهر لنا "ألعاب الجوع" تجاوزاتٍ برجوازيةً مُقززةً حرفيًا . وبهذه الطريقة، يُمكن اعتبار "ألعاب الجوع" كشفًا عمّا هو مُستترٌ عادةً، مما يُسهّل الوصول إلى ثورةٍ بروليتارية .

إن دور وسائل الإعلام في جهاز الدولة الأيديولوجي هو سر مكشوف في ألعاب الجوع، من بث الألعاب، إلى الاقتراح الذي ابتكرته المقاطعة 13. يأتي أقوى تطبيق للإعلام في السرد القمعي "العشاق المتقاطعين النجوم" الذي يرسمه بين كاتنيس وبيتا . يتم فرض هذا السرد بشكل أساسي على الزوجين، على الرغم من أن بيتا أكثر موافقة بشكل ملحوظ من كاتنيس. هذا هو تعزيز إعلام الكابيتول للنظرة الذكورية الأبوية ، وقوة كاتنيس كتقدير، وشجاعة تطوعها يتم تجاهلها لصالح التركيز على حياتها العاطفية وجنسها. يمكن رؤية محو مماثل للموهبة والتركيز المفرط على النشاط الرومانسي مع المشاهير في ظل الرأسمالية مثل تايلور سويفت ، التي تنتقد النظام الأبوي علانية في الرجل وإيما واتسون ، التي تعرضت لانتقادات شديدة لكونها شريكة لنفسها. ومن خلال الترويج لرواية مفادها أن الاستخدام الأساسي للمرأة هو الرومانسي أو العائلي، تستطيع وسائل الإعلام الرأسمالية أن تستمر في العمل غير مدفوع الأجر المتمثل في رعاية الأطفال وتعزيز التسلسل الهرمي داخل المنزل.

تشكل العلاقات العقارية القلب النابض للرأسمالية، من السرقة الاستعمارية إلى الملكية الخاصة ، وهي لا تشكل محور العلاقات العقارية الرأسمالية فحسب، بل إن استقرار الرأسمالية كنظام بأكمله يتمثل في الحدود .

في ظل الرأسمالية، تعمل الحدود، سواء كانت حرفية أو افتراضية، على تقسيمنا، من خلال تأجيج سردية "نحن ضدهم" ، ويجسد جدار ترامب وسياج أوربان هذا الأمر. يعرض كل من أوربان وترامب حركة فاشية من الجماليات في السياسة، ويختاران جعل حدودهما حرفية للغاية. بدلاً من الدول، تحتوي ألعاب الجوع على مناطق ، وهي مجزأة ثقافيًا وجسديًا. في كلتا الحالتين، يهدف هذا التقسيم إلى صرف الانتباه عن الرعب العام، من خلال التركيز على بذل قصارى جهدك لدائرتك المباشرة، بدلاً من التركيز على المجموعة والعالم وبانيم على التوالي. يركز مواطنو أمريكا على المواطنين الذين يتفوقون على اللاجئين، بدلاً من الثورة العالمية ، يركز مواطنو المناطق على فوز منطقتهم بالألعاب، بدلاً من إنهاء الألعاب. يتطلب إنهاء هذه الهيمنة تضامنًا عبر الحدود، والذي يُرى بشكل أفضل من خلال تعاطف كاتنيس مع رو.

هناك تقاطع واضح بين الطبقة والحدود. يعد عدم المساواة الجغرافية أمرًا محوريًا، وعلى نطاق دولي، تتركز الثروة بشكل عام في الشمال والغرب ، نتيجة للاستعمار، وعلى المستوى الوطني، تتمتع المملكة المتحدة بتركيز هائل للثروة والسلطة في لندن ، حيث تضم 22٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة وبرلمان وستمنستر . داخل ألعاب الجوع لكولينز، يوجد تركيز مماثل للثروة والسلطة في مبنى الكابيتول، والذي من المرجح أن يطابق اسمه مبنى الكابيتول الأمريكي ، بالاقتران مع عدم المساواة بين المقاطعات. يتم تفضيل المقاطعة الأولى والثانية والرابعة على غيرها مثل المقاطعة الحادية عشرة والثانية عشرة . بتحليل هذا كاستعارة جغرافية، يمكننا دراسة كيفية استخدام المقاطعات الأكثر ثراءً لإنتاج السلع الفاخرة مثل المجوهرات بينما تُستخدم المقاطعات الأكثر فقراً للمواد الخام مثل الفحم والأخشاب مما يعكس نظرية النظم العالمية لواليرشتاين . يرتبط أسلوب الاستخراج هذا ارتباطًا مباشرًا بالرأسمالية، كما حللها لينين عند مناقشة العلاقة بين الإمبريالية ودافع الربح.

عند مواجهة أزمة الثورة، يلجأ الكابيتول إلى الدفاع الكامل عن نفسه من الحصار، وقد يرمز هذا إلى الحمائية . غالبًا ما يُستخدم هذا التكتيك بالتزامن مع التوجه نحو سياسات أكثر استبدادية، ويُطبّق للحفاظ على بقاء الرأسمالية. ترامب مثال معاصر على ذلك، نظرًا لحربه التجارية المستمرة مع الصين ، ورغبته في إعادة الصناعات إلى الولايات المتحدة . هذه الإجراءات ليست سوى نتاج طبيعي لنظام معرض للأزمات.

النتيجة الطبيعية لرسم الحدود وإذكاء التوترات بينها هي الحرب، وهي أداة تستخدمها الرأسمالية لأغراض مختلفة. في حالة تاتشر، استُخدمت حرب فوكلاند لتعزيز صورتها وخلق مشهد سياسي. وفي حالة بلير، استُخدمت حرب العراق كوسيلة للسيطرة على الموارد والاستفادة المالية من الدول الغربية. ينتقد مبدأ الصدمة كلا الحربين، موضحًا أنهما كانتا ساخرتين واستُخدمتا لدفع رأسمالية السوق الحرة إلى الأمام. تتطابق الألعاب مع كيفية استخدام الحرب كـ "صدمة" في ظل الرأسمالية. إنه حدث مذهل، حيث يُرسل شباب الطبقة العاملة إلى حتفهم، ويلعب فخر المنطقة دورًا رئيسيًا، وترتبط الموارد مباشرة بالألعاب من خلال تيسيرا ومكافآت المنتصرين ، وكل ذلك في النهاية لصالح الكابيتول.

يبدو للوهلة الأولى أن الرأسماليين، ومجلس النواب، يمتلكون كل السلطة. تؤثر جماعات الضغط من الشركات، مثل لجنة أليك (ALEC) ، بشكل مباشر على تغييرات هائلة في السياسات الاجتماعية ، وتسيطر الدولة على الشرطة والجيش. يحكم الكابيتول مواطنوها حصريًا ، ويستحوذون على الغالبية العظمى من الثروة . ومع ذلك، عند التدقيق، يتضح التناقض: عملنا يقويهم، وعملنا يمكن أن يضعفهم . تُظهر لنا كاتنيس هذا، تمامًا كما يُظهر لنا النص ككل أن الرأسمالية، المصممة لتكون ديستوبية وقمعية وشمولية، لا يمكن إصلاحها، بل يجب إلغاؤها. يخيم شبحٌ ليس على أوروبا فحسب، بل على العالم أجمع. لقد خذلتنا الإصلاحية، ويدعو إلى إلغائها.