لخّصلي

منـ ُذ سـنوا ٍت عديـد ٍة حد َثـ ْت حادثـ ُة سـ ّيار ٍة لل ّسـ ّي ِد (شـفارز) وزوج ِتـ ِه، نت َجـ ْت عـْنهـذِهالحادثـِةوفـاُةزوجِتـِه،كمـاُأصيـَبهـَوإصابـًةخطيـرًة،ومـْنذلـَكالحيِن وهّـ َو يجلـ ُس فـي ُكرسـّ ٍّي متحـ ّر ٍك، أل يسـتطي ُع الحركـ َة، و ُهـ َو يعيـ ُش ا آل َن مـ َع اب ِنـ ِه الطفـِلالوحيـِدفـيشـقٍةبالـّدوِرالرضـِّيفـيمدينـٍةصغيـرٍةوفقيـرٍة،وقـِدازداَدْت
حاول أن ترسم صورة عن عاملةالنظافة:أسرتها.بيتها، هل لديها أطفال؟ عمرها، صحتها...
لقـِداعتـاَدأْنيـرىالّنـاَسمسـرعيَنمهروليـَنإلـىأعماِلِهـْم،كمـااعتـاَدأْنيرى
ر ّبــا ِت البيــو ِت وهــ َّن يتســ ّو ْق َن، ويشــتر ي َن الخبــ َز مــ َن المخبــ ِز، كذلــ َك العصافيــ َر اّلتـيراَحـْتتصـوُصبأصـواٍتعاليـٍةمبتعـدًةعـِنالقطـِطاّلتـيكاَنـْتتترّبـُصبهـا بغيـَةاقتناِصهـاوافتراِسـها،ثـّميجـيُءفـيالّشـارِعمسـرًعاكلـٌبوقـْدوضـَعالجريـدَة فـي ف ِمـ ِه؛ لكـي يعط َيهـا ل ّسـ ّي ِد ِه، كذلـك رأى حمامـ ًة وهـ َي بجـوا ِر العصافيـ ِر تأنـ ُس
بصيا ِحهـا وضجي ِجهـا.
علـىالجهـِةاألخـرىمـَنالمنـزِلكاَنهنـاَكمنـزٌلبـِهالعديـُدمـَنالمكاتـِب، وأماَمـُهرصيـٌف،تأتـيكَّليـوٍمعاملـُةنظافـٍةتقـوُمبتنظيـِفهـذاالّشـارِع،وكذلـَك ال ّرصيـ ِف. كا َنـ ْت هـذ ِه العاملـ ُة ترتـدي دو ًمـا مابـ َس خضـرا َء، سـوا ٌء أ كا َنـ ْت فـي الّشـتاِءأْمفـيالّصيـِف،لقـْدكاَنـِتالعاملـُةتنّظـُفكَّلباطـٍةعلـىِحـدٍةبإتقـاٍن وإمعـاٍن،وكأَّنهـاتقـوُمبتنظيـِفغرفـِةمعيشـٍةفـيبيِتشـخٍصنبيٍل،كاَنـْتباطاُت الّشـارِعمـَنالجرانيـِت،وكاَنـْتذاَتألـواٍنمختلفـٍة؛فواحـدٌةلوُنهـاأسـوُد،تليهـا

1. الحرب العالمية الثانية. * من المجموعة القصصية "العالم من خال قلوبهم"، للكاتبة ليندا فون كيزر، ترجمة أشرف أحمد، المركز القومي للترجمة.
   نظر ٌة خارجَ النّافذةِ ليندا فون كيزر
   لقـْداسـتيقَظالّسـّيُد(شـفارز)هـذاالّصبـاَحمبّكـًرابعـَدليلـٍةسـّيئٍة؛لـْميسـتطْع فيهـاالّنـوَم؛وذلـكمـْنشـّدِةاألرِقواألحـاِمالّسـّيئِة،ثـَّمتحـّرَكبكرسـِّيِهالمتحـّرِك تجـاَهالمطبـِخ،حيـ ُثأعـَّدلنفِسـِهفنجاًنـامـَنالقهـوِة،وذهـ َببكرسـّيِهالمتحـّرِك
   تجـاَهالّنافـذِةالُمطّلـِةعلـىالّشـارِع؛كـييراقـ َبحركـَةالمـاّرِةفـيالّشـارِع.
   هـذِهالمدينـُةفقـًرابعـَدالحـرِب1.
   17
   
   أخـرى ذا ُت لـو ٍن أحمـ َر، ثـ َّم أخـرى ذا ُت لـو ٍن أحمـ َر متقاطـ ٍع مـ َع ال ّلـو ِن ا ألسـو ِد.
   وهكـذاّحّتـىنهايـِةاًلمنـزِلاّلـذييحتـويعلـىالمكاتـ ِب.فـيالبدايـِةًكاَنـ ْت باطـاُتالشـارِعمتسـاويةوملسـاَء،ولكـْنمـَعمـروِرالّزمـِنأصبَحـْتخشـنةوغيـَر متسـاويٍة،واعتقـدالّسـّيُد(شـفارز)أَّنـهرَّبمـاكثـرُةالّنظافـِةاّلتـيقاَمـ ْتبهـاعاملـُة الّنظافــِة،قــْدأَّد ْتإلــىهــذا؛إْذإّنهــاكاَنــ ْتتنّظــُفكَّلحجــٍرعلــى ِحــَدٍة،كمــا كاَنـ ْتتعـرُفكَّلحجـٍر،وكأّنهـاعلـىعاقـٍةحميمـٍةبـكٍّلمنهـا.لقـْدرأىالّسـّيُد (شـفارز)باطـاِتالّشـارِعبأعيـِنعاملـِةالّنظافـِة،اّلتـيراَحيتابـُعكَّلتحّركاِتهـافـي
   كانـِتالباطـاُتمسـتديرًةوكبيـرًة،وكاَنعلـىعاملـِةالّنظافـِةأْنتنّظُفهـابحركـٍة دائرّيـٍة،حّتـىتجمـَعالقمامـَة ِمـْنحوِلهـا،ثـَّمتغرُفهـابجاروِفهـا،لقـِداسـتغرَقكُّل ذلـ َك مـ َن العاملـ ِة سـاع ًة ونصـ َف ال ّسـاع ِة ك َّل صبـا ٍح. ثـ َّم ترحـ ُل العاملـ ُة حاملـ ًة جارو ًفـا وجـرد َل الميـا ِه ومق ّشـ ًة وخرقـ ًة باليـ ًة لتن ّظـ َف بهـا القـاذورا ِت. بعـد ذلـ َك يتحــ ّر ُك ال ّســ ّي ُد (شــفارز) داخــ َل مســك ِن ِه، فيوقــ ُظ اب َنــ ُه كــي ُي ِعــ َّد َلــ ُه ا إلفطــا َر،
   ويذهـ َب إلـى المدرسـ ِة.
   هكـذا كا َن البرنامـ ُج اليومـ ُّي لل ّسـ ّي ِد (شـفارز) منـ ُذ عاميـ ِن. وفـَي ذا ِت صبـا ٍح
   نظـ َر ال ّسـ ّي ُد (شـفارز) خـار َج ال ّنافـذ ِة كعاد ِتـ ِه، ولك ّنـه لـ ْم يـ َر عاملـة ال ّنظافـ ِة، م ّمـا أصا َبـ ُه بال ّذهـو ِل؛ لقـ ِد اعتـا َد ال ّسـ ّي ُد (شـفارز) أ ْن يـرى هـذ ِه ال ّسـ ّيد َة ك َّل صبـا ٍح، ســواٌءأكاَنذلــَكشــتاًءأْمصيًفــا،لقــْدأعَطــْتحياَتــُهمعًنــىوقيمــًة،كاَنيشــعُر
   ما المعنى والقيمة اللذين أعطتهما عاملة النظافة لحياة السيد شفارز؟
   وبــد ًل مــن هــذ ِه ال ّســ ّيد ِة ال ّنشــيط ِة جــا َء عامــ ُل ال ّنظافــ ِة ا ّلــذي كان ين ّظــ ُف
   ًًََََََِّّّّّْ المجلـس المحلـي، وسـكب المـاء فـي الشـارع مـرة واحـدة، ومـرر عليـه المسـاحة،
   وفــيخــاِلاثنتــيعشــرَةدقيقــًةانتهــىمــْننظافــِةالّشــارِع،ولــميعجــ ْبهــذا
   ََُُّّ ُّ َْ
   العامـل المهمـل السـيد (شـفارز)، ولـم تـأ ِت عاملـة النظافـ ِة فـي الغـ ِد، وكذلـك لـم
   18
   ال ّشـار ِع دون أن تشـع َر بـه.
   بهمـا دوَن غيـِرِه.
   تـأِتبعـدغـٍد.
   الصف ال ّثاني عش َر
   
   الِق َّصُةالقصيرُة
   ما الّذي يص ّوره لك اهتمام السيد شفارز بعاملة النظافة؟ هل الأمر يستحق؟.
   وراَحالّسـّيُد(شـفارز)يفّكـُر:مـاذاعسـاُهأْنيكـوَنقـْدحدَثمـَعهذِهالّسـّيدِة؟ هـْلترَكـ ِتالعمـَل،ولـنتعـوَدمـّرًةأخـرى؟هـل ُطـِرَد ْتمـنالعمـِل؛ ألّنهـاكاَنـ ْت تؤّديـِهبإتقـاٍنزائـٍدعلـىالحـِّد؟عنـَدذلـَكرجـاابَنـُهأنيسـأَلعـنهـذِهالّسـّيدِة.
   فذهـ َب ال ّطفـ ُل إلـى بـ ّوا ِب ال ِعمـار ِة ال ُمقابلـ ِة ذا ِت المكاتـ ِب الكثيـر ِة، فأخبـ َر ُه البـّواُببـأَّنالعاملـَةمريضـٌة،وأعطـاُهعنواَنهـا.عنـَدذلـَكقـّرَرالّسـّيُد(شـفارز)أْن يرسـَل لهـا ابَنـُه؛ لكـي يخبَرهـا بأّنـه يفتقُدهـا فـي عمِلهـا، وأّنـه ُيقـّدُر عمَلهـا تقديـًرا كبيــًرا،ثــَّماشــترىالســّيُد(شــفارز)عســًاوقربــًةللّتدفئــِةوبع ًضــامــنالكعــ ِك َوُعلـَبشـاٍيطّبـٍّي،وأعطاهـاجميًعـالبِنـِه،كـييهدَيهـاإلـىعاملـِةالّنظافـِةفـي بيِتهـا،كمـاأّنـُهلـمينـ َسأْنيصنـَعبطاقـًةداخـَلهـذِهالهديـِة،مكتوًبـاعليهـااسـُمُه
   ذهـ َب البـ ُن بالهد ّيـ ِة إلـى منـز ٍل سـكن ٍّي بالـ ّدو ِر الخامـ ِس؛ مقـ ِّر سـك ِن عاملـ ِة ال ّنظافــ ِة، فكا َنــ ْت راقــد ًة علــى ســر ي ِرها، فاقــد ًة ك َّل رغبــ ٍة فــي الحيــا ِة أو العمــ ِل، ُتعانـيالّسـعاَلّوارتفـاَعدرجـِةالحـرارِة،كذلـَككاَنـْتُتعانـيمـنصعوبـِةالّتنّفـ ِس
   وضيـٍق فـي الصـدِر. ُ
   إ ّنهـا لـ ْم تشـت ِر طعا ًمـا منـذ عـ ّد ِة أ ّيـا ٍم، ولـ ْم يكـ ْن لهـا أقـار ُب كـي يشـتروا لهـا
   طعاًمـا،حّتـىطـرَقال ّصبـُّيالبـا َب،وأحضـَرلهـاالهدّيـَة،ولـمتكـْنتعـرُفمّمـْن
   َََََََُّّّّْْ هـذهالهديـة،اعتقـدتأنهـافـيحلـٍم،ثـمفتحـتالكرتونـة،ورأ ِتالبطاقـةالخاصـة
   بال ّسـ ّي ِد شـفارز، وا ّلـذي كا َن مكتو ًبـا عليهـا "ال ّسـ ّيد ُة ذا ُت الـ ّردا ِء ا ألخضـ ِر! إ ّننـي
   أحـُدالُمعجبيـَنالّصامتيـَن،إّننـيأراِككَّليـوٍمتعمليـَنبنشـاٍط،وأعجـُببإتقاِنـِك
   َأَِّأ ًٌَُّ
   العمــلواعتناِئــِكبالحجــار،إننــيمِحــبلهــا،خصوصــاالجرانيــتالحمــَر،
   َأََأ َأَُِّْْ وكذ ِلــك الســود، وك ِذلــك الحجــار المشــِطوفة فــي الجنــاب، حتــى وإن كانــت
   غيـَرُمريحـٍةفـيأثنـاءاّلّسـيِرعليهـا،بالّرغـممـنأّننـيلأسـتطيُعالّسـيَرمنـذعـّدِة
   ًُُُّأَِّّ
   أعـواٍم، ولكننـي أرى جيـدا، حيـث أسـكن فـي الجهـِة الخـرى مـن الشـارع. إن
   هـذهاألحجـاّرتفتقـدِكمثلـيتماًمـا،أرجـوأْنتشـَفيبسـرعٍة،وتعـودٍيإلـىعمِلـِك بســرع ٍة، إ َّن عامــ َل المجلــ ِس المحلــ ّي لــ ْم َي ُقــ ْم بعم ِلــ ِه بحــ ٍّب وإتقــان مث ِلــ ِك. مــ َع
   19
   وتمّنياُتـُهلهـابالّشـفاِء.
   
   الصف ال ّثاني عش َر
   تم ّنياتـي لـ ِك بال ّشـفا ِء العاجـ ِل."
   عنَدمــاقــرأِتالعاملــُةالّرســالَةفرَحــْتبهــا،وغمَرهــاشــعوٌرُمريــٌح،وراَحــْت تقـوُللنفَِسـها: َمـْنكاَنيعتقـُدهـذا؟ َمـْنكاَنيفّكـُرأَّنهنـاَكأناًسـاُيقـّدروَنعملـي، ويحترمونـُه؟!ونهَضـْتمـنسـريِرها،ووضَعـِتالمـاَءعلـى(البوتوجـاز)كـيتصنـَع منـهمـاًءسـاخًنافـيقربـِةالّتدفئـِة،وكذلـكوضَعـ ْتمنـهفـيفنجـاٍنكبيـٍربع ًضـا مـ َن ال ّشـاي ال ّط ّبـ ِّي، ووض َعـ ْت بـ ِه ملعقـ ًة مـ َن العسـ ِل، ورا َحـ ْت تشـر ُب ال ّشـا َي، وتستنشـُقنكهَتـُه، َوُتحـّد ُثنفَسـهاقائلـًة:إّننـيأرقـُد ُهنـامريضـًةفاقـدَةالّرغبـِةفـي الحيـا ِة!! بي َنمـا يوجـ ُد أنـا ٌس بجـواري يح ّبوننـي، ويقـ ّ ُدرو َن مـا أقـو ُم بـه مـن عمـ ٍل، إ ّن هـذ ِه الحيـا َة تسـتح ُّق أ ْن أحياهـا، إ ّننـي ل ُبـ َّد أ ْن أشـفى، كـي أعـو َد إلـى عملـي
   وأصدقائـي!!.