لخّصلي

إن التطورات والتغیرات السریعة والمتلاحقة التي یواجهها الإنسان في شتى المجالات تحـتم علیه ألا یقف نموه الثقافي والمهني عنـد حـدود معينة، وأن یسـعى دائمـا إلـى تجدیـد وتطـویر قیمـه ومعارفـه واتجاهاته ومهاراته العلمیة والمهنیة،وا ٕ ذا كان هـذا الأمـر عـام بالنسـبة لجمیـع أصـحاب المهـن، فهـو أكثر إلحاحا بالنسبة للمدرس، ومن أبرز العوامل التي تجعل من تأهیل المدرس ضرورة ملحة ما يلي : :
- مهنـة التعلـیم هـي المسـئولة عـن إرسـاء التجدیـد والتغییـر فـي المجتمـع وتوجیـه الثقافـة وبنـاء المجتمع العصري القادر على مواجهة التحدیات المحیطة به،- یحتل التعلـیم فـي المجتمعـات الحدیثـة وزنـا كبیـرا فـي تـدعیم البنـاء الاقتصـادي والاجتمـاعي، وهـو بـذلك یعـد قـوة لا یسـتهان بهـا فـي إحـداث التطـور والتقـدم، كمـا یمثـل العنصـر المحـوري فـي تكـوین المـوارد البشـریة، ونقطـة الارتكـاز فـي التحـول الصـحیح نحـو التنمیـة الشـاملة، فلـم یعـد التعلـیم فـي الوقـت الـراهن خدمـة تقـدمها الـدول لأبنائهـا، فهـو مشروع استثماري بكل معاني الكلمة .وانطلاقـا مـن الـدور الـذي یؤدیـه النظـام التربـوي داخـل المجتمـع، فـإن الهـدف مـن إصـلاحه هـو خلق التفاعل الإیجابي مع المحیط الاجتماعي والثقافي وتقویة الشعور بالمسـئولیة فـي مسـایرة التغیـرات والتكیف مع المستجدات، لذا أصبح التأهيل الداتي للمدرسين ضـرورة یتطلبهـا أي إصـلاح، إذ لا یجـب الاكتفـاء بإصلاح المنهاج وتوفيروسـائل حدیثـة للتعلـیم.- ضـرورة تأهیـل المدرسين تنبـع أساسـا مـن التطـورات التـي تحـدث فـي البنیـة المعرفیـة وتقنیـات التعلـیم وطرائقـه المختلفـة، إلـى جانـب تعـدد أسـالیب ونظم العلاقات والأدوار في شتى مناحي العملیة التعلیمیة.و قــد اضــطرت الكثیــر مــن الــدول فــي ســنوات ســابقة إلــى توظیــف مدرسين لتغطیة العجز الموجـود عنـدها، بسـبب التزایـد الكبیـر فـي عـدد المتمدرسـین و توظیـف عـدد كبیـر مـن المدرسـین ذوي التأهیـل السريع والـذین لـم یستفیدوا في بعض الأحیان حتى من التكوین الأولي الضروري. لهذا نجدها في الإصلاحات التربویة الأخیرة قـد أعطـت أهمیـة خاصـة للتأهیـل الذاتي للمدرسين، واعتبرتـهم أحد الأقطاب الأساسیة التي یجب إعطائها عنایة خاصة لتحقیق أهداف الإصلاح التربوي الجدید. وتسـعى هـذه الدراسـة إلـى محاولـة الوقـوف علـى مـا إذا أدى التكـوین عـن بعـد بوصـفه الأسـلوب المعتمــد لتنمیــة المــوارد البشــریة -ممثلــة فــي معلمــي المدرســة الابتدائیــة وأســاتذة وتـأهیلهم بمـا یتوافـق ومتطلبـات الإصـلاح التربـوي الجدیـد.لم یتلق كثیر من المعلمـین فـي أثنـاء إعـدادهم مـا یـؤهلهم لأداء وظـائفهم المیدانیـة أداء كـاملا، فبعضـهم یعجـز عـن العطـاء العلمـي المنتظـر، ومـن ثـم ینبغي أن یتم تكوینهم على ما فاتهم في أثناء الإعداد.والـذي حمـل عنـوان تنمیـة المـوارد البشـریة فقـد كـان الهـدف مـن ورائـه هـو إبـراز التوجـه الجدیـد فـي التعامـل مـع الإنسـان، واعتبـاره مـوردا أساسـیا لا یمكـن الاسـتغناء عنـه فـي أي مؤسسة وقد شمل هـذا الفصـل العناصـر التالیـة، افتتحنـا الفصـل كالمعتـاد بإعطـاء جملـة مـن التعریفـات للمـوارد البشـریة، لننـوه بعـدها بأهمیتهـا ونـذكر أهـم أهـداف وخصـائص تنمیـة المـوارد البشـریة، مبـرزین الــدو ر الأساســي للتكــوین فــي تنمیــة المــوارد البشــریة، كمــا أوضــحنا الإســتراتیجیة المعتمــدة فــي تكــوین و تنمیة الموارد البشریة، لنتحدث بعدها عن أهمیة إدارة الموارد البشـریة وتطورهـا، لنقـدم أخیـرا فـي نهایـة هذا الفصل أبرز نظریات التنظیم.تحقیق نوع من التغییر في المعرفة أو المهارة، والذي من شأنه تعزیز كفاءة المتكون.وفي ظل التطورات الحاصلة على المستوى العالمي من تقدم علمي وتكنولوجي، فقد فرض ذلك على المجتمعات ضرورة التكیف مع هذه التغیرات ومواكبتها، ولا سبیل لذلك سوى أن تلجأ إلى تأهیل المعلمین المشتغلین بالقطاع، حیث اضطرت كثیر من الدول في سنوات سابقة إلى توظیف عدد كبیر من المعلمین دون مؤهلات علمیة، لذلك جعلت من تأهیل المعلمین أسلوبا أساسیا لتغطیة جوانب النقص الموجودة عندهم. لذا سنحاول من خلال هذا الفصل إبراز أهمیة التأهیل كأسلوب من أسالیب تنمیة الموارد البشریة،وا ٕ ذا كان یشكل ضرورة لازمة في جمیع المهن والوظائف والقطاعات فإنه في مهنة التعلیم یشكل ضرورة أكثر إلحاحا.إن تأهیل المعلمین یشكل الأداة الرئیسیة للتطور النوعي للتعلیم جنبا إلى جنب مع التوسع الكمي. فقــد بــدأ المهتمــون بــالتعلیم فــي كــل أنحــاء العــالم یــدركون أن تــوفیر الأعــداد الكافیــة مــن المعلمین فقط لا یحل مشكلات التعلیم، ولكن المهم أیضا هو توفیر النوع الملائم من المعلمین ذلك أن نوعیة التعلیم ترتبط باعتبـارین أساسـیین همـا: المنـاهج الدراسـیة والمسـتوى العلمـي للمعلمـین
إن تأهیـل المعلمـین مـن شـأنه أن یفـتح آفاقـا واسـعة أمـام ابتكـارات المعلمـین وا ٕ بـداعهم فـي تجریـب طرائــق تــدریس مســتحدثة، ووضــع بحــوث تجریبیــة والتصــدي لــبعض المشــكلات التــي تعــاني منهــا 1 الأجهزة التعلیمیة. -یكسب تأهیل المعلمین معارف و مهارات واتجاهات ذات علاقة مباشرة بالعمل مما یطور أدائهم. -یكسب الفرد ثقة بنفسه وقدرة على العمـل مـن دون الاعتمـاد علـى الآخـرین، ویـدعم احترامـه لنفسـه واحترام الآخرین له. -یكسب الفرد خبرات جدیدة تؤهله إلى الارتقاء وتحمل مسـؤولیات أكبـر، وربمـا قـد تكـون مسـؤولیات قیادیة. -ینمي التأهیل لدى الفرد المرونة والقدرة على التكیف في حیاته العملیة. -التأهیــل بوصــفه جهــدا منظمــا مخططــا یرتكــز علــى تحســین الأداء الحــالي والمســتقبلي للأفــراد والجماعات على حد سواء. -عــن طریــق التأهیــل یمكــن تخفــیض النفقــات فزیــادة المهــارات والكفــاءات تــؤدي إلــى تقلیــل نســبة الأخطاء بالعمل. -یساهم التأهیل في تسهیل الإشراف، فالمعلم المتكون جیدا تقل نسبة أخطائه
تطبیــق المفــاهیم التعلیمیــة والتربویــة المرتبطــة بالتنمیــة المهنیــة، والتعلــیم مــدى الحیــاة والتربیــة المسـتدیمة، وضـرورة ذلـك لإعـداد وتأهیـل المعلمـین لمواجهـة التغیـرات المسـتقبلیة التـي قـد تواجههـا المهنة. -تغیـر النظـرة إلـى المعلـم مـن كـون دوره ینحصـر فـي عملیـة التـدریس إلـى أنـه قـد أصـبح المحـرك والمساهم في عملیة تنمیة وتطویر المجتمع،