ثانياً الأندلس : المراد بلفظ الأندلس اسبانيا الاسلامية بصفة عامة اطلق هذا اللفظ في بادىء الأمر على شبه جزيرة ايبيريا كلها على اعتبار أنها كانت جميعها في يد المسلمين ثم أخذ لفظ أندلس يقل مدلوله الجغرافي شيئا فشيئا تبعا للوضع السياسي الذي كانت عليه الدولة الاسلامية في شبه الجزيرة حتى صار لفظ الأندلس آخر الأمر قاصرا على مملكة غرناطة الصغيرة وهي آخر مملكة اسلامية في اسبانيا وكلمة اندلس اشتقها العرب من كلمة واندلوس وهي اسم قبائل الواندال الجرمانية التي اجتاحت أوربا في القرن الخامس الميلادي واستقرت في السهل الجنوبي الاسباني وأعطته اسمها ثم جاء العرب وعربوا هذا الاسم إلى أندلس وبعد سقوط مملكة غرناطة وانتهاء الحكم الاسلامي في اسبانيا سنة ١٤٩٢م، أطلق الاسبان اسم اندالوثيا على الولايات الجنوبية الاسبانية وهي المنطقة التي تشمل حتى اليوم ولايات قرطبة واشبيلية وغرناطة ومن أهم الآثار العربية الباقية في اسبانيا نذكر المسجد الاموي بعقوده المزدوجة في قرطبة وهو من أعظم المساجد الاسلامية في العالم وبجوار قرطبة نجد بقايا مدينة الزهراء التي بناها عبد الرحمن الناصر لتكون مقرا لخلافته الجديدة. وفي مدينة اشبيلية نجد المسجد الذي بناه الموحدون وفي مدينة غرناطة نجد قصر الحمراء وهو القصر الملكي لملوك بني نصر أو بني الأحمر في الحقبة الاسلامية الأخيرة في الأندلس ولقد استغل المسلمون طبيعة اسبانيا الجبلية في تكوين شبكة دفاعية قوية ، فجعلوا من سلاسل الجبال ووديان الأنهار التي تقطعها في خطوط مستعرضة من الشرق إلى الغرب أو العكس خطوطا دفاعية ضد أي هجوم يقع عليها من المسيحيين في الشمال فقامت على هذه الوديان مدن هامة كانت بمثابة قواعد عسكرية لهذه الخطوط فمدينة سرقسطة مثلا كانت مركزا للخط الدفاعي الأول في الشمال وهو نهر الابرو ولهذا كانت سرقسطة تسمى بالثغر الأعلى وتليها جنوبا مدينة طليطلة التي كانت مركزاً للخط الدفاعي الثاني وهو نهر التاجو ولذا سميت بالثغر الأدنى وفي أقصى الجنوب نجد نهر الوادي الكبير الذي تقع عليه عواصم الأندلس مثل قرطبة واشبيلية وقادش ويعتبر جبل طارق قاعدة الوصل بين المغرب والأندلس ويقع هذا الجبل اقصى جنوب اسبانيا وكان يسمى قبل الفتح الاسلامي بأسماء عديدة اهمها الاسم الفينيقي أي الجبل المجوّف وبعد الفتح الاسلامي لاسبانيا اطلق المسلمون على هذا الجبل اسم الصخرة وفرضة المجاز وجبل الفتح وجبل طارق وهذا الاسم الأخير هو الاسم المعروف به حتى اليوم في جميع اللغات نسبة إلى فاتح الأندلس الشهير طارق بن زياد فتح العرب للمغرب : يعتبر الفتح العربي لبلاد المغرب ، نتيجة حتمية اقتضتها طبيعة الحركة الإسلامية لتصفية الامبراطورية البيزنطية المعادية للإسلام ، خصوصاً وأن المغرب في ذلك الوقت كان ولاية من الولايات التابعة لها ويفهم من كلام المؤرخين المعاصرين سواء أكانوا عرباً أو بيزنطيين أن سياسة التوسع العربي التي قام بها الأمويون في شمال افريقيا كانت تهدف في أساسها إلى غزو صقلية وجنوب ايطاليا وسواحل البحر الأدرياتي أو بعبارة أخرى غزو الامبراطورية البيزنطية من ناحية الغرب إلى جانب الحملات العربية التي كانت سائدة عليها من ناحية الشام وآسيا الصغرى من جهة الشرق كي يتم للمسلمين بذلك تطويق القسطنطينية والاستيلاء عليها وتبدأ حملات المسلمين في شمال افريقيا بعد استيلائهم على مصر مباشرة بقيادة عمرو بن العاص . إذ قام هذا القائد بغزو اقليمي برقة وطرابلس سنة ٢٣هـ لتأمين حدود مصر الغربية من خطر الروم أو البيزنطيين الذين كانوا يحكمون المغرب الأدنى ،