ضَرَبَ يَدَهُ عَلى الطّاوِلَةِ في غُرْفَتِه. ضَرْبَةٌ قَويَّةٌ وَصَلَ صَوْتُها إِلى أُذُنِ الأَبِ الَّذي يَقْرَأُ جَريدَتَهُ كَعادَتِه. فتَفاجَأَ وَأَدارَ رَأْسَهُ إِلى مَصْدَرِ الضَّرْبَة، ضَرْباتٌ مُتَسارِعَةٌ يُنْهيها صُراخٌ قَويّ: "لَمْ أَعُدْ أَحْتَمِل!" "ماذا يَجْري؟"، قالَها الوالِدُ وَهوَ مُتَوَجِّهٌ إلى الصَّبيّ. "مُنْذُ الصَّباحِ لا أَنْجَحُ بِأَيِّ أَمْر! عِنْدَما كُنْتُ أَلْبِسُ ثيابي، هيَ تَظُنُّ أَنَّني أَقْصِدُ ذَلِك. لَمْ أَجِدِ المِحْفَظَة، يَبْدو أَنَّني أَوْقَعْتُها وَأَنا أَرْكُض. وَشَديدَ الجوع! أَرَدْتُ أَنْ أَتَّصِلَ بِكَ لِتُقِلَّني، وَالآنَ، أُحاوِلُ حَلَّ الفَرْض، ضَحِكَ الأَبُ مُسْتَخِفًّا. "يا عَزيزي، اُعْذُرْني لأَنَّني أَضْحَك، إِنْ أَرَحْتَ ضَميرَكَ بِلَوْمِ الآخَرينَ فَلَنْ تَجِدَ الحَلَّ أَبَدًا. المُضْحِكُ أَنَّ كُلَّ شَخْص، غالِبًا، هوَ سَبَبُ مُشْكِلَتِهِ وَمِفْتاحُ حَلِّها. اُنْظُرْ إِلى غُرْفَتِكَ الفَوْضَويَّة، أتَنْتَظِرُ أَنْ تَجِدَ أَيَّ قِطْعَةٍ بَيْنَ هَذِهِ القِطَعِ المَرْميَّةِ يَمينًا وَيَسارًا؟ رَتِّبْ أُمورَكَ تَصْلُحْ حَياتُك! أَصَعْبٌ أَنْ تُنَظِّمَ حَياتَكَ وَأُمورَكَ الصُّغْرى الَّتي تَتَطَلَّبُ القَليلَ مِنَ الجُهْدِ وَالمَسْؤوليَّة؟" "التَّعَبُ وَالوَقْتُ هُما المَسْؤولان. "صَحيحٌ أَنَّ الوَقْتَ يُصارِعُ الإِنْسان، لَكِنَّ العَقْلَ قادِرٌ عَلى تَقْسيمِهِ وَتَنْظيمِه؛ وَلَحْظَةُ النَّجاحِ يَكونُ التَّعَبُ قَدْ زالَ بِزَوالِ الفَوْضى". "يَكْفيكَ أَنْ تُقارِنَ بَلَدَيْن، والثّاني لا يَلْتَزِمُ بِالقَوانينِ وَتَحْكُمُهُ الفَوْضى؛ نَظَرَ الصَّبيُّ وَفي عَيْنَيْهِ عَلاماتُ الرِّضا والِاقْتِناع. "لا تَيْأَسْ يا بُنيّ،