بعد نحو 4 ساعات من التحقيق تُرك الرئيس السابق لرابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور عصام خليفة بسند إقامة. وكان قد استُدعي للتحقيق معه في قسم المباحث الجنائية المركزية على خلفية دعوى قدح وذمّ تقدّم بها رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب.ساعات ثقيلة مرّت على زملاء خليفة الذين أتوا للتضامن معه أمام قصر العدل في بيروت. فبعد مرور نحو ساعتين بدأ الشكّ يراود بعضهم، متسائلين عن سبب عدم خروجه وإذا كان التحقيق بدأ معه أو ما زال ينتظر خارج قاعة التحقيق بهدف إذلاله؟ هل هناك نيّة بـ"فركة أذن" وتخويفه كما هو حاصل حالياً في موجة القمع التي بدأت تجتاح البلد؟ ولماذا تمّ استدعاؤه إلى قسم المباحث الجنائية ولم يكتفِ المدعي العام التمييزي سمير حمّود بتكليف أحد مساعديه أو إحالته إلى محكمة المطبوعات؟ فهل تهمة القدح والذمّ جناية؟ صحيح أنّ صلاحيات المدعي العام تخوّله سلك هذا المسار القانوني، لكن أليس من الأجدى التعاطي مع شخص مثل خليفة بطريقة لا تعبّر عن وجود نوايا لإذلاله وإخضاعه؟ ولماذا قرّر أيوب الاقدام على سابقة لم يشهدها تاريخ الجامعة في تقديم دعوى وجرجرة أستاذ جامعي إلى التحقيق؟في المقلب الآخر، راح بعض زملاء خليفة يقولون على سبيل المزاح إنّ التحقيق معه قد يحتاج إلى سنوات لا إلى ساعات وأيام، لاسيّما إذا قرر فتح محفظته وإبراز المستندات. فهو المؤرّخ الذي يعرف جيداً كيفية التعامل مع الوثائق وطرق حفظها وأرشفتها. أما البعض الآخر فراح يتذكر أيام النضال في سبعينيّات القرن الماضي، وأنّ خليفة كان أحد أبرز رموز الحركة الطلابية وقد تمّ اختياره كأول رئيس للاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية في العام 1971.ويعتبر رئيس رابطة قدامى أساتذة الجامعة اللبنانية الدكتور عصام الجوهري، في حديثه إلى "المدن"، أن وقفتهم ليست مع طرف ضد آخر، بل هي للتضامن مع الجامعة اللبنانية التي باتت على مائدة محاصصة القوى السياسية. الجوهري فضّل عدم تناول أيوب بشكل مباشر، لافتاً إلى أنه طالما كل شيء في الجامعة خاضع للمحاصصة فمن الممكن أن يكون رئيس الجامعة قد خضع لهذه البيئة. واستغرب ما وصلت إليه قضايا الجامعة اللبنانية التي واكبها منذ تأسيسها، وأنه لم يسبق في تاريخ هذه المؤسسة أن مثل زميل لهم أمام القضاء. وهذا دليل على عدم وجود ثقة بالهيئات الأكاديمية الموجودة.في ظل هذه الأسئلة والمخاوف التي تناولها المتضامنون، خرج خليفة من قسم الجنايات برفقة عناصر الشرطة القضائية ليمثل أمام المدعي العام، ليعود بعد نحو نصف ساعة إلى مكتب التحقيق من جديد.ووفق خليفة، بدأت الخلافات مع أيوب عندما تقدّم الدكتور عماد الحسيني بدعوى ضده في قضية تزوير شهادة الدكتوراه، لكن القضاء لم يبتّ المسألة. ثم تفاقمت الأمور بعد هذه السابقة، وبدأ خليفة وزملاؤه يسألون عن عدم إقدام أيوب على عرض الشهادة واطروحة الدكتوراه على مجلس الجامعة وعلى القضاء لتنتهي القضية.وكان خليفة قد استدعي إلى النيابة العامة المالية منذ ثلاثة أيام على خلفية اتهامات طاولت أيوب بتحصيل أموال غير مستحقة من الجامعة. وكشف خليفة عن تقديمه وثائق للقاضي علي إبراهيم، بما في ذلك محضر مجلس الجامعة بتاريخ 18 نيسان 2018 الذي تقرر فيه منح أيوب أربع درجات، طبعاً، لا يتّهم خليفة أيوب بالسرقة وإنما باستغلال النفوذ، لاسيما أن هذا الأمر لم يقدم عليه أي رئيس للجامعة في تاريخها. أما إذا كان يعتقد بأن أيوب لا يستحق هذه الدرجات فردّ خليفة أن القضاء سيقول كلمته.بعد 4 ساعات من التحقيق تناولت جميع التصريحات الإعلامية التي أدلى بها خليفة أخيراً، خرج الأخير ليقول إن لكل سؤال كان له الجواب المناسب والمثبت بالمستندات. خرج ضاحكاً كما لو أنه أراد القول إن مسيرة اصلاح الجامعة اللبنانية لم تنهكه رغم مرور نحو نصف قرن على مطالبته بها. وقضيته ليست ضد شخص معين بل مبدئية، والجامعة الوطنية ملك للشعب والقانون اعطاه حق المساءلة. ورداً على استفسارات "المدن" عن الاتهامات الموجّهة إلى أيوب بشأن ملفات الفساد في الجامعة، أعاد تأكيد "وجود فساد كبير في الجامعة اللبنانية. نحن لا نطلق الاتهامات جزافاً". وختم على طريقته: "إذا كان البعض يهوّل علينا باللجوء إلى القضاء، نقول له لم نخف في الماضي ولن نخاف اليوم.