أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين َالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم َصِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}. والصلاة والسلام على سيدنا محمد, الذي بعثه الله رحمة للعالمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين. والصلاة والسلام على أهل بيت رسول الله الذين ساروا بسيرته، وتمسكوا بالثقلين من بعده, فوقفوا في وجه الظالمين والكافرين والمستكبرين في كل العصور. نتناول فيها جميعاً ما يهمنا كمؤمنين من أتباع الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) والقرآن الكريم, وكما أسلفنا في الجلسة السابقة ما تمتاز به مثل هذه الاجتماعات هو: أن نتناول فيها القضايا من واقع الشعور بالمسئولية بجدية واهتمام وعمل؛ إن كنا صادقين في التمسك بالقرآن الكريم والرسول وأهل بيته (صلوات الله عليه وعليهم). يتحرك والوحي بعد لم يكتمل إنزاله إليه، فإن كنا من أتباع أهل البيت الذين رأسهم الإمام علي (عليه السلام) الذي قال له الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله): ((ستقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)). وكذلك الأئمة الصادقون من أولاده ممن ساروا بسيرته. لنقل لأنفسنا وللناس جميعاً من حولنا: يجب أن نستشعر أن علينا أن نستأنف حياة جديدة، وأن نقول لزمن اللامبالاة، وسألنا كل واحد منا: هل أنت مسلم؟ هل أنت مؤمن؟ هل أنت مؤمن بالله وبرسوله وبكتابه؟ هل أنت مؤمن بهذا القرآن العظيم؟ لأجاب كل واحد منا: نعم. ولما رضي أي واحد منا لنفسه أن يقال بأنه غير مؤمن بهذا كله. فإذا كانت هذه حقيقة نحن نقر بها فإنها ميثاق بيننا وبين الله سبحانه وتعالى: {وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}(المائدة: من الآية7) هل أحد منا يمكن أن يقول: سمعنا وعصينا؟. وكلنا نشهد على أنفسنا بأننا لا نستطيع أن نقول إلا سمعنا وأطعنا. إذاً بين أيدينا الكتاب الكريم, لأنه كما قال الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) فيه: ((فيه نبأ ما قبلكم, بعد أن نكون قد قطعنا على أنفسنا عهداً بأن نلتزم به, وأن نثق به ككتاب من عند الله سبحانه وتعالى، من عند الله {الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الفرقان: من الآية6) الذي يعلم ما بين أيدينا وما خلفنا، لنعود بجدية إلى التمسك بالقرآن الكريم كما يريد الله سبحانه وتعالى منا إذ يقول: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الأنعام:155) لننظر هل القرآن الكريم له نظرة حول ما يحدث؟ هل له موقف حول ما يجري في هذا العالم؟ هل يريد منا أن نتحمل مسئولية ما؟ هل يريد منا أن نعمل عملاً ما؟ هل يريد أن يكون لنا موقف من كل ما يجري؟ من كل ما يحدث؟. كل ذلك في إطار قاعدة نريد أن نسير عليها جميعاً هي: أن نهتدي بالقرآن، ولنسير على هداه باستقامة وثبات. القرآن الكريم فيه رسم الله سبحانه وتعالى لعباده الطريق التي توصلهم إلى رضاه وجنته، فعندما يقول في كتابه الكريم: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الأنعام:155) نجد في هذه الآية المباركة أنه وصف هذا الكتاب أنه هو الذي أنزله, كل ما تعنيه كلمة: {مُبَارَكٌ} هي في القرآن الكريم، ولمن يسيرون على نهجه تتحقق على أعلى وأرقى مستوى. لأن الله سبحانه وتعالى الذي أنزل هذا الكتاب الكريم هو الملك, من يعلم بما يمكن أن يجري في هذه الحياة، وما يمكن أن يحدث على يديها من فساد في هذه الأرض. كيف يمكن أن يكون هناك ملك للسماوات والأرض, ثم يقف من الجميع موقف اللامبالاة، ومجرد الترفيه على أنفسهم في أوقات الشدة! لا. من قال عن نفسه سبحانه وتعالى في سعة تدبيره: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (السجدة:5) في اليوم الواحد يدبر ما لا يدبر العباد مثله إلا في ألف سنة، إذاً فهذا الكتاب الذي أنزله من عنده سبحانه وتعالى هو نزل من عند ملك،