كيف نشأت فكرة الخلافة في بني العباس توفى رسول الله وليس يؤثر عنه خبر مكشوف فيمن يتولى خلافة المسلمين بعده، وكان العباس بن عبد المطلب قد أشار على على بن أبي طالب أن يدخل على رسول الله علم وهو مريض فيسأله الخلافة عن بعده فإن كانت فيهم وإلا أوصى بهم من سيكون خليفة فامتنع من ذلك على قائلاً إنه إن منعنا إياها لا ننالها أبداً. توفى رسول الله العلم والحال ما ذكرنا فمال الجمهور الإسلامي إلى مبايعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد المناظرات التي جرت بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة. ولم يكن فيهم من أعمامه إلا العباس بن عبد المطلب وكان من بنى أعمامه جماعة رأسهم وذو الفضل والسابقة فيهم على بن أبي طالب ومع أن العباس كان في ذلك الوقت أسن بنى هاشم لم يكن من هذه الفئة القليلة من يقدمه على على بن أبي طالب لما لعلى من المزايا الكثيرة التي بيناها فيما سبق. وبايع أبا بكر على ملأ من الناس. عاش على والعباس في عهد أبي بكر، ثم بايعا عمر لما عهد إليه أبو بكر بالخلافة وظلا مدة حياته محترمين مطيعين إلى أن استخلف ثالث الخلفاء عثمان عفان بعد مناظرات بن طويلة بين رجال الشورى الذين عهد إليهم عمر اختيار الخليفة من بعده، وفي أواخر خلافة عثمان توفى العباس بن عبد المطلب تاركاً عقباً كثيراً أشهرهم عبد الله بن عباس وهو ثاني أولاده ولم يعلم أن أحداً كان يتطلع إلى الخلافة أو يأمل أن تكون بعد مضى ست سنوات من خلافة عثمان وجدت حركة فى بعض النفوس تتجه إلى١٢ الدولة العباسية نقل الخلافة عثمان من بن عفان إلى علي بن أبي طالب وقام بأمر ذلك دعاة انتشروا في الأمصار الإسلامية الكبرى وهى الكوفة والبصرة والفسطاط، فنسبوا إليه أموراً منها ما هو غير صحيح، ومنها ما هو صحيح وقد فعل أسلافه مثله فلم يقدر أن يطعن فيهم طاعن وساعدهم لين عثمان وخوفه من فتح أبواب الفتنة على ما قصدوا إليه. عثمان فأشكاهم عثمان من جميع ما شكوا منه، لا ولذلك أسباب لسنا بصدد بيانها الآن. ففضل الصلح مع معاوية على شروط و اشترطها لنفسه ولأتباعه وتنازل عن الخلافة مفضلاً . جمع كلمة وظل معاوية يسوس الناس بما عرف عنه من لين العريكة وسخاوة اليد، أدلى معاوية بالخلافة لابنه يزيد فلما تولاها هبت أعاصير الفتنة في المدينة ومكة والكوفة. فأما المدينة فثارت تطلب عزل يزيد وتولى كبر الثورة بعض أبناء الأنصار ولكن هذه الثورة قمعت بشدة مسلم بن عقبة المرى الذى أوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة، وأما مكة فعاذ بها عبد الله بن الزبير طالباً الخلافة لنفسه . ولم تقم شيعة أبيه بشيء من المساعدة بل ظلوا فى مساكنهم آمنين مطمئنين ولسان حال الحسين لا ألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتنی زادی وعظم أمر ابن الزبير ودخل في دعوته أهل الحجاز ومصر والعراق وأبى أن يبايعه رجال بني هاشم الذين كانوا بمكة كمحمد بن على المشهور بابن الحنفية وعبد الله بن عباس وغيرهما فاضطهدهم وحبسهم . ظهر في تلك الأوقات رجل أراد أن ينتفع من وراء هذه الفتن ويجعل لنفسه مركزاً في البلاد العراقية، مستعيناً بما تضمره قلوب أهل الكوفة من التشيع لأهل البيت، فذهب إلى الكوفة لابساً ثوب التشيع ناعياً على من قتل الحسين بن١٤ الدولة العباسية ركان عقلاء أهل الكوفة يسمونه الكذاب لكثرة ما كان يصدر عنه من الأكاذيب التي تؤثر عادة في أنفس الغوغاء. وأرسل إلى محمد بن على وهو مضطهد محبوس بمكة جندًا يخلسونه من شدته فنجحوا واجتمع هذه السنة بمكة أربعة ألوية لواء لابن الزبير ولواء لبنى أمية، ومالأه أكثر أشراف أهل العراق لما ظهر لهم من أكاذيب المختار وسوء طويته، وبذلك كانت الغلبة لمصعب. وقال: إنه تغيب وسيرجع، هم الأسباط ليس بها خفاء سبط سبط إيمان وبر وسبط غيبته كربلاء وسبط لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمها اللواء اضطربت أفكار الشيعة بعد موت محمد بن على، فمنهم من استمر على ولائه وقال بغيبته ورجعته كما قلنا ومنهم من تولى بعده ابنه أبا هاشم ويقال لهذا الفريق والذي قبله الكيسانية ؛ ومنهم من تولى بعد الحسين ابنه علياً المعروف بزين العابدين وهو ممن بايع يزيد بن معاوية وعبد الملك مروان ولم يعرف عنه أنه طلب الخلافة لنفسه، الإمام من بعده الحسن، ثم الحسين ثم على وهكذا لا بد للأمة من إمام منصوص عليه، كان أكبر ولد العباس في ذلك الوقت على بن عبد الله بن عباس وهو الذي انتشر منه العباسيون. وكان قد فارق الحجاز وأقام بالحميمة التى أقامه بها بنو أمية والتي أنزله بها الوليد بن عبد الملك. وقد ظهرت فكرة انتقال الخلافة إلى ولد العباس منذ على هذا، أما بقية الشيعة فإنهم بعد وفاة على زين العابدين افترقت بهم الطرق فمنهم من تولى بعده ابنه محمداً الباقر زاعمين أنه الإمام بعد أبيه. ومنهم من قال إن الخلافة حق لكل فاطمی اتصف بصفات العلم والشجاعة والسخاء ومن هؤلاء من قام بمساعدة زيد بن على بن الحسين، وهم المعروفون بالشيعة الزيدية . وكانت وفاة على بن عبد الله ومحمد الباقر في زمن متقارب بالحميمة، فانتقل ولاء الكيسانية إلى محمد بن على بن عبد الله بن عباس لأن أباه أوصى إليه وانتقل ولاء الإمامية إلى جعفر الصادق بن محمد الباقر، ولم يفعل أنصار الأئمة شيئاً ليرجعوا الخلافة إلى ذوى الحق فيها حسب رأيهم. فإنه رأى أن نقل السلطان من بيت إلى بيت لا بد أن يسبق بإعداد أفكار الأمة إلى هذا النقل وأن كل محاولة فجائية لا بد أن تكون عاقبتها الفشل فرأى أن يسير في المسألة بالأناة المصحوبة بالحزم، ورأوا أن أحسن منطقة يبثون فيها الدعوة هى الكوفة وبلاد خراسان. أما الكوفة فهى مهد التشيع لأهل البيت من قديم يمكنهم أن يأووا إليها ويجعلوها نقطة مواصلاتهم. الملك الثاني : أن البلاد الفارسية كانت ذات تاريخ وملك قديمين ولذلك فائدة كبيرة في حياة النفوس وقد عاملهم بنو أمية معاملة السادة للعبيد، فكان العنصر العربي بينهم هو صاحب الكلمة العليا والنفوذ السائد ولا يتولى من ليس منهم شيئاً من الولايات العامة، قال أبو بكر . بن محمد ولكن عليكم بخراسان،